طوبى للمساكين بالروح الجمعة الاولى من شهر نسئ

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحدآمين .تحلعلينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكلأوان إلى دهر الدهور كلها آمين .
إنجيل هذا الصباح المبارك يا أحبائي فصل من بشارة معلمنا مار لوقا البشير الإصحاح٦،حينما كان ربنا يسوع المسيح يمضي الليل كله في الصلاة،ثم ذهب إلى تلاميذه وبدأ يتكلم معهم،وبالطبع كان هناك ضغوط كثيرة على تلاميذه، ضغوط من أنفسهم فكانوا يسألون أنفسهم هل الذي تركنا كل شيء وتبعناه هو يضمن لنا حياة،هل سنعود ثانيةللماضي الذي كنا نعيش فيه، ضغوط من المجتمع فقد كان هناك أشخاص ضد ربنا يسوع المسيح وبالتالي كانوا ضد التابعين له، لكن ربنا يسوع قام بتصحيح أفكارهم، وقال لهم أنكم ستكونوا أشخاص مختلفة لأن مصيركم ومكافأتكم ليست على الأرض،هيا لنطبق الكلام على أنفسنا نفس الوضع، أحيانا يأتي إلينا هذا الشك هل أنا مع السيد المسيح وأنا أسيرمعه في حياتي، وأعيش معه،مطلوب مني تنازلات في أمور كثيرة، لكن هل سيقوم بتعويضي،هل سأظل سعيد،هل أشعربالندم يوم ما على أنني تبعته،ومن الممكن أيضا أن من حولي يقولون ليلا تكون متدين كثيراً وكن شخص عادي،هنا ربنا يسوع قال لهم لا كن حذر، رفع عينيه إلى تلاميذه وقال لهم "طوباكم أيها المساكين بالروح لأن لكم ملكوت السموات، طوباكم أيها الجياع الآن لأنك ستشبعون،طوباكم أيها الباكون الآن لأنكم ستضحكون،طوباكم إذا أبغضكم الناس وأفرزوكم وعيروكم وأخرجوا اسمكم كشرير من اجل ابن الإنسان، افرحوا في ذلك اليوم وتهللوا فهوذا أجركم عظيم في السماء"، ربنا يسوع يا أحبائي يريد أن ينقلنا من حياة أرضية إلى حياة سماوية، من اهتمام أرضي إلى اهتمام سماوي، من حياة حسب الجسد إلى حياة حسب الروح، فيقول لنا إذا كنتم تعابى، متضايقين،مضغوطين،حزانى، جياع، مضطهدين طوباكم،نقلا لموضوع في أذهاننا للعكس تماما فماذا هو؟، بدلا مما كنت أقول لنفسي ماالذي يجعلني في هذا الحال؟،و لماذا لاأعيش مثلي مثل باقي الناس؟بدأ يقول لي لا فأنت طوباك،هذه الرسالة يا أحبائي لابد أن تأتي داخل قلوبنا، و كلمة الإنجيل تدق في قلبك وتقول لك طوباك.ولكني أعيش مضطهد، أنا لست آخذ لحقي يقول لك طوباك،أناأعيش ولست أتمتع بالدنيا مثل الباقين فالإنجيل يحاصرني، كلمة ربنا تقيدني هل أنت بذلك تشعرأنك محروم؟ أقول لك لا،فأنت طوباك، وأول تطويبه قال طوباكم أيها المساكين بالروح،ما هذا المساكين بالروح؟، هل الروح تكون مسكينة؟، يقول لك نعم الروح تكون مسكينة بمعني أنها روح خاشعة، روح منكسرة، روح منسحقة، روح غيرمتشامخة، غير متعالية، غير متكبرة، غير متغطرسة لأن في الحقيقة ياأحبائي أساس جحود الإنسان يأتي من كبريائه، أساس ضعف الإنسان يأتي من شعوره أنه قوي ويستطيع،على عكس المسكين بالروح الذي يقف أمام الله ويقول له تصرف أنت يارب، المسكين بالروح هوالذي باستمرار يقف أمام الله ويعلن ضعفه أمامه، المسكين بالروح الذي يقف أمام الله ويضع كل همومه أمامه في ثقة أنه يستطيع حلها، المسكين بالروح الذي لا يفكر كثيراً في قدراته وفي نفسه لذلك معلمنا داود يقول في المزمور "لأن الرب لا يسر بساقي الرجل"، مامعني ساقي الرجل؟ أي قدرته، قوته، إمكانياته الشخصية، الرب لا يسر بساقي الرجل بل يسر الرب بخائفيه وبالراجين رحمته، هذه هي الصفة التي تفرح الله، متى؟ عندما يكون الإنسان مسكين بالروح،ما الذي يجعل الإنسان يبتعد؟ ذاته، غروره، قدراته، نفسه،أنا أستطيع وأنا أعرف، لكن بمجرد أن يتواضع الإنسان يا أحبائي، وبمجرد أن يشعر الإنسان داخله أنه مسكين بالروح، نعم الله تنسكب عليه، يوجد مثل يقول لك "المياه لا ترتفع في العالي"، كذلك النعمة لا تسكن في المتكبرين، لا تستقر،فإذا وضعنا قليل من المياه في مكان تجدها في النهاية تستقر في أكثرمنطقة منخفضة، كذلك المسكين بالروح فنفسه هذه هي موضع استقرار للنعمة، النعمة تستريح داخله، لماذا؟ لأنه لايتكل على ذاته، ولا على قدرته، ولا على غناه، ولا على ذراعه، بل على الرب إلهه، من هنا ياأحبائي قال لهم أنتم والتلاميذ مساكين بالروح فطوباكم،أتريدون أن تتحولوا لأشخاص متكبرة وأقوياء، وتستطيعوا فعل هذا وذاك، لكنك سوف تفقد سماتك كمسكين بالروح،وحينئذ تفقد معها ملكوت السماء، تفقد ميزتك وقوتك،ماذا كانت خطية أبونا آدم من الأساس؟الكبرياء،يريد أن يصير مثل الله، مثل العلي، يريد أن يكون معادل لله، هذا يا أحبائي أساس مشكلة الإنسان في كبريائه وغروره وعناده وزيغانه، لكن عندما يكتشف الإنسان ضعفه وعندما يقول له ارحمني يارب فإني ضعيف، يقول لك نعم، هذا هو.لذلك معلمنا داود النبي ربط بداية معرفته بالله بالاتضاع،قال "قبل أن أتواضع أنا تكاسلت"،حين لم أكن متضع أنا كنت كسلان على أنني أجئ إليك،وكنت أحل أموري بفهمي،بذراعي، بإمكانياتي قبل أن أتواضع أنا تكاسلت،قال له طوباكم أيها المساكين بالروح، اسأل نفسك هل أنت مسكين بالروح،مسكين بالروح أم دائما تفكر في نفسك، دائما تشعرأنك سوف تفعل كل شيء وتشعر أنك أفضل من الجميع،وفقدت مزاياك بأنك مسكين بالروح،أرأيت المثل الذي قاله ربنا يسوع المسيح عن الفريسي والعشار،رأيت الرجل العشار، إنه يوجد لديه صفات سئيةكثيرة لكنه مسكين بالروح فقط، وقف من بعيد لم يشأ أن يرفع رأسه، وقال ارحمني أنا الخاطئ،مسكين بالروح يا أحبائي يستطيع أن يغتصب مراحم الله، يستطيع أن يفتح له أبواب الملكوت المغلقة لأنه مسكين بالروح،والذي يظل يقول أشكرك لأني لست مثل باقي الناس الخاطفين، الطامعين الزناة هذايغلق أمام نفسه أبواب المراحم،لأنه يعلن أنه مستحق للنعمة،فمن مستحق للنعمة؟!لا أحد مستحق النعمة إلا الذي يعطى هذه النعمة، بأعمالك لا، قال لك "وبأعمالي ليس لي خلاص"، لا من أعمال البر فعلناها بل بمقتضى رحمته،رحمته يعطيها لمن؟يعطيها للمتضعين،لذلك قال "إلى هذا أنظر".إذن لمن تنظر يارب؟ قال لك إلى المسكين المرتعب من كلامي إلى هذا أنظر،فهو يقول لتلاميذه طوباكم أيها المساكين بالروح لأنكم تركتم كل شيء وتتبعوني فالعالم كله ضدكم، كل الأشياء تركتموها من أجلي، العالم يضطهدكم، العالم يفتري عليكم، العالم يحاصركم،قال لهم طوباكم أيها المساكين بالروح،لماذا؟ لأنه يفعل هذه المقارنة دائما،دائما ينقلنا من الأرض للسماء، قال لك لأن لكم ملكوت السموات، الباكون الآن ستضحكون، إذا طردتم الآن وعيروكم قال لك أفرحوا لأن أجركم عظيم في السماء.الله يريد أن ينقل مركز تفكيرنا يا أحبائي للسماء، كل مكافأته سماوية، وكل كلامه ووعوده وعود سماوية، إذا كان الإنسان لا يصدق فلن يستفيد،إذا إنسان لايشتاق للحياة السماوية، كأنك تقول لأحد على هدية وهو لا يقدرها، تخيل إذا كان هناك شخص لايعرف الذهب ولايسمع عنه مطلقاً وتقول له إذا فعلت شيء ما سأحضر لك ميدالية ذهبية، هو لا يعرف هذا الذهب،لذلك يا أحبائي الله يريدنا له،يريدنا في ملكوته،يريدنا نتمتع به، طوباكم أيها المساكين بالروح.الإنسان يا أحبائي حياته تنحصر كثيراً في الغرور، في الذات، في الإمكانيات البشرية، إذا كان لديك إمكانيات مادية فأنت رجل جيد ومتفوق، لديك ذكاء،لديك منصب كبير، جيد كل هذا جيد،لديك علاقات قوية، كل هذا يجعل الإنسان يتكل على نفسه، والذي يتكل على نفسه مقدار ثقته في الاتكال على الرب يكون قليل،لذلك يقول لك "الاتكال على الرب خير من الاتكال على البشر، والرجاء بالرب خير من الرجاء بالرؤساء"، لذلك يقول لك طوبي لجميع المتكلين عليه، من الذي يتكل عليه يا أحبائي؟ المساكين بالروح،أسال نفسك هل أنا مسكين بالروح؟أنا من داخلي أشعر إنني متضع؟،الحقيقة بأمانة أمام الله هل أنا من داخلي مسكين بالروح؟مسكنة الروح ياأحبائي تقتنى بأن الإنسان يكون موجود باستمرار أمام الله، ويعلم ضعفاته جيدا،الذي يعرف ضعفاته جيداً جدا يقول هل إلى هذا المقدار يارب أنا ضعيف؟،إلى هذا المقدار يوجد بي كل هذه الضعفات وأنت تقبلني؟،مسكين بالروح، لا يتكبر، فعلى ماذايتكبر؟فهو يعرف الضعف الذي به،لا يشعرأنه أفضل من غيره بالعكس فمن الممكن أن يأتي له شعور الخطاة الذين أولهم أنا مثلما نقول في الصلاة، يشعر أنه من الممكن أن يكون غيري يسقط بدون تدبير، بدون إرادة، بدون اشتياق للسقوط، لكن أنا أسقط بتدبير وبإرادة وباشتياق للسقوط،فبذلك أنا أسوأ، عندما يكون يا أحبائي الإنسان مسكين بالروح فإن أبواب المراحم الإلهية تفتح أمامه، ومحبة الله تنسكب في قلبه،طوباكم أيها المساكين بالروح قد رأى التلاميذ بدأ يأتي إليهم تساؤلات داخلهم،فهو يجيب لهم على التساؤلات، رأى التلاميذ بدأوا يشعروا أنه من الممكن لا يستطيعوا أن يستمروا،ويرى الضغوط عليهم كثيرة فيفرحهم.نحن كذلك يا أحبائي لابد أن نأخذ مواعيد الله لنا، لابد يا أحبائي أن نتمسك بكلمة ربنا،لأن حياتنا بدون الوعود الإلهية ستضعف، كشخص يظل يتعب ولايعرف ماذا يأخذ؟!،لا بل أمسك في هذه الوعود، ومثلما نقول مواعيده حقيقية وغير كاذبة، مواعيد صادقة، مواعيد أمينة، هذه المواعيد التي تطمئن، قال لهم طوباكم أيها المساكين بالروح، أنظر إلى آبائنا القديسين قد تتنوع جميع فضائلهم ولكن يشتركوا في فضيلة الاتضاع، لأنه إنسان بدون اتضاع لا يستطيع أن يتذوق النعمة أبدا،القديسين يقولوا أن الاتضاع هو أرض حاملة لجميع الأثمار، كأن شخص لديه أرض بعد ذلك يفكر في أن يزرعها هذا أوذلك لكن المهم الأرض نفسها، كيف يفكر أن يزرع وليس لديه أرض،الاتضاع هو هذه الأرض، أرض حاملة جميع الأثمار، لذلك يقال"أن الاتضاع خلص كثيرين بلا تعب، وتعب كثير بلا اتضاع لا ينفع شيء"، تعب كثير بلا اتضاع تعني أن شخص يصوم كثير، ويعطي ربنا كثير، ويتعب كثير في الخدمة،تعب كثيرلكن بلا اتضاع، لاينفع شيء لأنه تعب لحساب الذات البشرية، والذات تتلذذ بأعمال التي تعطيها كرامة أمام الناس، لذلك هنا يقول لتلاميذه طوباكم أيها المساكين بالروح، أعود ثانية لأسأل نفسي هل أنا مسكين بالروح؟،أنا من داخلي أقف أمام الله وأقول له أنا ضعيف، أقول له ارحمني فإني خاطئ، المسكين بالروح يعرف يسجد، المسكين بالروح يعرف يقرع صدره، المسكين بالروح يعرف يتحدث أمام الله، المسكين بالروح يعرف يكسب الآخرين ومحبتهم، المسكين بالروح لايتعالى على الآخرين، لذلك تجد الجميع يستريح له، لماذا؟ لأن الناس تتعب من المتكبر، تنفر منه، تتضايق منه، لا ترغب أن تكمل حياتها معه، لكن الإنسان المسكين بالروح به علامات جاذبية شديدة، إنسان يفرح من حوله،لذلك يثبت الله فينا هذه التعاليم يا أحبائي، كلما تضغط عليك الدنيا، وكلما تتضايق، وكلما تشعر أن الظروف ضدك، وكلما تشعرأنك محصور في دائرة حزن اقرأ هذه المواعيد،عندما يقول لك طوباكم أيها المساكين بالروح،عندما يقول لك طوبى لكم أيها الحزانى الآن لأنكم ستضحكون،الإنجيل يعطينا وعود يا أحبائي، ويجعل نظرتنا لا تكن فقط نظرة إلى الأيام القليلة التي نحن نعيشها الآن،لا بل الوعود كلها وعود أبدية،المواعيد كلها مواعيد سماوية، وعلى الإنسان الذي يشتاق وينتظر ويستعد للحياة الأبدية أن يتلذذ بهذه المواعيد.ربنا يعطينا ياأحبائي أن نحيا مسكنة الروح بشعور حقيقي في داخلنا، وأن نعرف خطايانا،ونقربها،ونقف أمام ربنا مثلما نقول في القداس "الذي الكل مذلول وخاضع" نقف أمام الله بشعور الانسحاق بشعور أننا حقا مساكين بالروح، وبمجرد أن نكون مساكين بالروح يكون لنا ملكوت السماء ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائماأبديا آمين.