التناول الجمعة الثانية من الخماسين المقدسة

Large image

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين .تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان وإلي دهر الدهوركلها آمين.
اليوم الجمعة الثانية من الخماسين المقدسة،وفي هذا الأسبوع كله نجد الكنيسة تركزعلى كيفية التمتع بالقيامة من خلال اتحادنا بجسدالمسيح، أثناء رحلة القيامة تعطي لنا تفاصيل عن كيف تكون القيامة لها فعل في حياتنا،أشياء كثيرة تجعلنا نتمتع بالقيامة في حياتنا منها التناول،لماذا؟ لأن القيامة هي انتقال من موت إلى حياة،انتقال من خطية إلى بر،أنتقال من سلطان عدو الخير إلى حرية،كيف ينقل لي هذا الفعل؟،كيف أنتقل من الموت إلى الحياة؟،من الخطية إلى البر،من سلطان عدو الخير إلي الحرية، من الضعف إلى القوة،كيف ينقل؟ قال لك أنا أعطيك سر هذا الانتقال بالاتحاد بجسده ودمه، لأن ربنا يسوع المسيح هو رئيس الحياة،فنحن عندما نأخذ جسده ويختلط بنا ويمتزج بنا فنكون أخذنا رئيس الحياة داخلنا،عندما يدخل رئيس الحياة داخلنا ويكون داخلنا موت فماذا يحدث؟تحدث حياة من هنا يا أحبائي يحدثنا ويقول لنا "من يأكل جسدي ويشرب دمي له الحياة الأبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير،جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق، من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا أثبت فيه"،وقال أيضاً "من يأكلني يحيا"،وكأنه يريد أن يقول لك هل تريد أن تعيش؟،هل تريد أن تحيا؟،هل تريدالحياة الأبدية؟،هل تريد القيامة؟ اتحد بي،الإنسان يا أحبائي من بداية الخليقة كان يأكل من يد الله، كانت وسيلة شعوره بالوحدة والحب والحياة والألفة،لازال إلى اليوم يا أحبائي أن الأم أو الأب يكون من قمة سعادتهم أنهم يطعموا أبنائهم،كذلك الله من قمة سعادته بالإنسان ومن قمة سعادة الإنسان بالله أنه كان يطعم آدم،فمن بدأ يشعر بالغيرة من هذا؟عدوالخير،قال مثلما هو يأكل من أيدي الله أنا أجعل آدم يأكل من يدي، وللأسف حدثت المشكلة وبدأ آدم يقع في الفخ وأكل من يد الشيطان،الله يريد أن يعالج هذه القصة،فقال أنا سوف أعيد الإنسان مرة ثانيه يأكل من يدي،وهذا ما نحن فيه الآن يا أحبائي،ما الذي نحن فيه الآن؟،من أين نأكل؟ نأكل من يده،من الذي يناولنا في القداس؟ المسيح،فمن الذي نأخذ جسده؟ المسيح، نأخذه هو، هو بنفسه،نأخذه ويعطي لنا قوة، حياة، قيامة ينقلنا من حالة إلي حالة.
هذه ياأحبائي كيفيةالتمتع بالقيامة؟ أحيانا يقول الإنسان القيامة موضوع لا أشعر به، فالتجسد نعرف أن المسيح أخذ جسد،لكن القيامة كيف تنقل لنا؟الكنيسة قالت كيف تنقل لنا،هل هناك أحد يستطيع أن يتمتع بالقيامة دون الاتحاد بجسد المسيح ودمه،هيا لتأكل من يده،هيا لتعود مرة أخرى لحالة الفردوس،هيا لتعود مرة أخرى إلى حالة الحب والوحدة،وعندما تأكل جسم المسيح يدخل فيك،أنت نفسك تتحول إليه،أنت عندما يسكن فيك جسد المسيح وتأكله يختلط بدمك، بأعضائك، بجسدك،بكيانك،يصير لك فكر المسيح وحياة المسيح، ويصير جسدك مخلوط بجسم المسيح،لذلك نقول له عندما نتناول من أسرارك ترفع عقولنا لمشاهدة جلالك،عند تحول الخبزوالخمر إلى جسدك ودمك تتحد نفوسنا بألوهيتك،وهبت لنا أن نأكل جسدك علانية، أهلنا أن نمتزج بطهارتك سرا،وهبت لنا أن نشرب كأس دمك ظاهراً أهلنا للاتحاد بك خفية،هذا ما يحدث في التناول،اتحاد به، امتزاج بطهارته،نتحول إلى ألوهيته،هذا بحسب تعبيرات الكنيسة في قسمة يا حمل الله، هذايا أحبائي ما نعيشه،لذلك يا أحبائي نحن نمتزج بطهارته سرا، نحن نختلط بألوهيته،نحن نكون واحد في المسيح يسوع، وهذه غاية خلقتنا، غاية خلقتنا أن نكون واحد، لذلك ربنا يسوع المسيح في بستان جثسيماني قبل الصليب في صلاته الوداعية قال على هذه الغاية،قال أن يكون واحدا فينا،يريد أن يعيدنا مرة أخرى في وحدتنا مع الله،لأن الخطية أحدثت الانقسام، لذلك أبونا آدم أكل من يد الشيطان وانفصل، أكل من يد الشيطان وحزن،أكل من يد الشيطان وابتعد، أكل من يد الشيطان واختفى، فنحن اليوم عندما نتناول هل نحزن؟!لا بل نفرح، قمة الفرح في ألحان التوزيع في القداسات،لماذا؟لأنها من المفترض أن تكون لحظة بهجة للمؤمنين وليست لحظة هرج أومرج أوكلام،هي لحظة ثبات وتقديس واحتفال،مثل أناس كانوا يعملون طوال الشهر والآن جاء وقت تحصيل الأجرة يكونواسعداء،فهذه يا أحبائي لحظة المكافأة،فهي مكافأة بعطية لا نتخيلها ولا نتصورها فتكون الفرحة التي فينا كبيرة جدا لأن العطية أكبر من خيالنا،لذلك يا أحبائي إذا كنا نريدأن نتحد بالقيامة،وأن القيامة تترجم فينا فعليا،فهيا نتناول،لكن لابد بالطبع أن يسبق التناول توبة،وأن تصلي وأنت تقول له يا رب فكني من أي خطية،لكي أتهيأ أن أتحد بك، تتناول وأنت مشتاق،تتناول وأنت تحب أنت تنقى من كل عيوبك، وجسد المسيح ودمه يطهر من كل خطية، يطهر، نحن لم نأتي يا أحبائي على أننا قديسين نستحق أن نتناول لا نحن خطاه، ولا نستحق أن نتناول،لكن نحن نريد أن نتقدس،نحن نريد أن نتوب،نحن نعيش مغلوبين وأموات بخطايا لكن رافضين هذا الأمر،ونريد أن نتحول من موت إلى حياة، لذلك يا أحبائي يعلمنا الآباء أن القداس كله عبارة عن كلمتين صغيرتين هما "أجعلنا مستحقين" فقط،بمعنى أن القداس يحولنا من حالة عدم الاستحقاق إلى حالة الاستحقاق، إنسان جاء مشتاق، إنسان جاء تائب، إنسان جاء نادم على خطاياه، يقول له يارب اجعلني مستحق،لا يوجد أكثر من كلمة كيرياليسون في القداس،لا يوجد أكثر من كلمة انعم لنا بغفران خطايانا في القداس، ليغفر لنا خطايانا،ياربارحم.
الكنيسة تركز على بعدين في القداس فكثيرا تقول يارب أرحم، وكثيرا تقول نؤمن،أؤمن وأعترف وأصدق،نؤمن أن هذا هو بالحقيقة آمين،آمين آمين آمين أؤمن أؤمن أؤمن،ويرد الشماس عليه بنفس الكلام،لماذا؟ لكي يقول لك أنت لابد أن تعلم ماتفعله، و ماتأخذه،ومايفعله بك،ولكي تعلم لابد أن تكون تائب،قل كثيراً يارب ارحم، وقل كثيراً أؤمن، فهذا ما يحدث في القداس،لذلك ياأحبائي الذي يتذوق القداس يأتي ليتوب في القداس لايشتت،لا يعتبر أن القداس هو التناول فقط،فالقداس ليس التناول فقط،فلاأحضر في آخروقت من القداس وأريد أن أتناول،بقدر شعورك بأنك غير مستحق بقدر شعورك أنك تأتي وتحضرالقداس،فتحضر ألحان، تحضر طلبات مرفوعة،كلما ترى بخور مرفوع أرفع قلبك لفوق،ستحضر قراءات والآيات تقوم بتنقيتك،وتنقية أفكارك،تأتي مغلوب بهموم،فتضع همومك على المسيح، فتخرج في منتهى الفرح،تخرج شاهد للمسيح، تخرج وداخلك نوروقوة،الكاهن في نهاية القداس يقول العبارة التي نقولها ونحن لا نشعر بها أبدا عندما يقول لك "امضوا بسلام"بمعنى أذهبوا انتشروا بين الناس،أذهبوا إلى الشوارع، البيوت، الجيران امضوا بسلام، هيا أبدأوا بالعمل لسنا انتهينا لا نحن سنبدأ،يقال ياأحبائي أن الحياة الأرثوذكسية والحياة في المسيح يسوع تبدأ بعد القداس، لماذا؟ لأنهم بعد القداس تحولوا من الضعف إلى القوة وأشخاص غلبوا أجسادهم، غلبوا أوجاعهم، وأتوا مبكراً وصائمون، مشتاقين، سبحوا،رنموا،وأخذوا خبزالخلود،ماذا يعملواعندمايخرجوا،لذلك ياأحبائي إذا دخل إنسان حزين، وخرج حزين فهناك شئ خطأ،يأتي مكتئب ويخرج مكتئب فهناك شئ خطأ،يأتي مهموم ويخرج مهموم فهناك شئ خطأ،يأتي وهو يشعر أنه سيء وخاطئ ويخرج أيضاً وهويشعرأنه سيء وخاطئ فهناك شئ خطأ،لابد أن يحدث له تحول وإلا يكون لا يعلم ماذا أخذ، أويكون لم يشارك في الفعل الذي يفعله.لذلك ياأحبائي نريد أن نفرح بالقيامة، نفرح بحياتنا في المسيح،هيا نعيش جوهرالمسيح،هيا نعيش من داخل المسيح، هيا نعيش جوهر الفعل، هيا لتأخذ نصيبك، لنا نصيب يا أحبائي لنا نصيب،لنا نصيب أننا نتقدس في المسيح يسوع، عندما تأتي لتأخذالمسيح داخلك ستجد أن المسيح امتزج بك،ستجد نفسك أصبحت مختلفة،لذلك يا أحبائي التناول لم يؤخذ بحواس جسدية،التناول بالإيمان،لذلك التناول ليس موضوع عقلي، لابل أمرإيماني،لابد أن أصدق،لابد أن أؤمن، لابد أن أعترف،وعد من ربنا يسوع يا أحبائي أن جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق، لأن من الممكن شخص يقول لكأن هذا رمز، أن هذامعنوي وأن....،..... هو قال "من يأكلني يحيابي"، هوقال "هذا هو خبز الله النازل من السماء المعطي حياة إلى العالم، هو قال ذلك،لذلك انتبه أن فعل التناول أحياناً لا نصدقه.
هذا الفصل من بشارة معلمنا يوحناأصحاح٦، الأعداد الأخيرة من عدد 54 إلى ٥٨ستجد أنه بعدما قال يسوع هذا الكلام يقول لك وللوقت انصرف جمعا كثيراً من تلاميذ من حوله، عندما قال هذا الكلام جموع كثيرة لم تصدق وذهبت، ما الذي يقوله هذا؟،ما هذا الكلام الغريب؟،في الحقيقة يا أحبائي الأمر يحتاج إيمان، لكنه قال لهم هذا الكلام قبل أن يفعلوا، لكن نحن عملوا مع تلاميذه وتركوا في كنيسته،وقال أصنعوه لذكري، وذكري هنا لا تعني كلمة تذكار أو تكرار حدث، لا ذكري معناها أن نفس الحدث يحدث،التذكاريكون تذكار في حالة الموت، تقول هذا تذكار ....، تذكار ....، تذكار رحيل .....،الذكري الأربعين ل ......، ذكرى الشخص في حالة الموت لكن إذا كانت حية لا تكون اسمها ذكرى،لذلك التعبير العربي ضعيف في الذكرى،لكن باليوناني معناها حدوث نفس الحدث ذاته، فكيف يتحقق حدوث نفس الحدث ذاته؟مثلما في العهد القديم جعل تابوت العهد يكون فيه مثلاً المن الذي من السماء،شخص يقول لك هل هذا هو المن؟أم صورة للمن؟،يقول لك هذا هو المن،هذاالمن نفسه،ما الذي نأخذه علي المذبح؟هذا شبهه أمه و. هو هو هو هذا هو الجسد المحي،هذا هو نفسه هذا هو الذي أخذه من سيدتنا وملكتنا كلنا والدة الإله القديسة الطاهرة مريم، جعله واحداً مع لاهوته، هذا هو، هذا هو،هذا هو الذي أنت تأخذه،قل أؤمن أؤمن أؤمن،عندماأنت تؤمن بهذا الفعل ماذا يفعل داخلك؟ يفعل قيامة، يفعل تغيير، يفعل تحول، يفعل انتصار، يفعل قوة، يفعل فرحة.
لذلك يا أحبائي سر قوة الكنيسة، وسر قوة المسيحين في القداس، المضطهدين أصبحوا يندهشواعلى كيفية إقبال المسيحين على الموت،وكيف أنهم لم يخافوا؟، وكيف مع كل هذه التهديد اتوا كل هذا الدم ولازالت هناك مسيحية؟!، كانوا يندهشون، كان من المفترض عندما يبدأوا بقتل عشرون، ثلاثون، مئة،إذن إنتهى الأمروكلهم سيخافون، لكن أبدا.
فبدأوا يرسلوا معهم جواسيس ليروهم كيف يعيشوا،وكيف يفكروا،ولماذا مصرين إذا كانت الدولة تقاوم،وإذا كان هناك ذبح،دم ومع كل ذلك لماذا مصرين؟!فبدأوا يسألوا عن هؤلاء الناس،فجاء إليهم تقارير قالوا فيهاهناك شيء يفعلوه يجعلهم ليسوا مثل باقي الناس،قالوا ماهو؟،قال أشياءيفعلوها مبكراً، يصلوا فيها، ويسبحوا فيها، وبعد ذلك يأكلون شيء،فنحن لانعرف ما هذا الشيءالذي يأكلوه، فبدأوا يراقبوا هذا الموضوع الذي هو طبعا القداس،بدأوا بكل قوتهم يقاوموا القداس، وقالوا العبارة المشهورة"أن القداس يقيم المسيحيون والمسيحيون يقيمون القداس" هم يفعلوه وهويفعلهم،هم يقيمون القداس والقداس يقيم المسيحون، لدرجة أنهم بدأوا يركزوا اضطهاداتهم علي لحظات القداس بالذات،يقوموا بمراقبتهم، لذلك لا تندهش إذاذهبت وجه قبلي عند أجدادنا تجد هناك سراديب،تجد فيها أماكن مخفية من الكنائس، حيث تجد في خلف الهياكل الشرقية ممرات للهروب ليس لهروب الأشخاص، بل لأنهم يخافوا علي الذبيحة، إلى هذا الحد القداس يقاوم!،أقول لك لا أحد يعرف قيمة القداس إلا عدو الخير،لذلك الكسل كله يأتي في القداس ويمنعك من حضور القداس، وإذا حضرت يمنعك من التركيز في القداس، لماذا؟لأنه يعرف قيمته،يجعلك لا تصدق نفسك، تقول هل أنا أتناول الآن؟،هل أنا فهمت شيء من الكلام الذي كان يقال؟،فماذا أفعل؟لقد أتيت يارب سامحني وأتناول،لكن ما يليه،أقول لك انتبه،أحد القديسين قال لك أنا لا أظن أن عدو الخير ضحك علي في خطية واحدة مرتين، لا فهولا يضحك علي كل مرة،لكن طالما أنا وقعت في خطية سوف انتبه،فإذا كنا نحضر بدون تركيزيقول لك لا فالكاهن يؤكد ويقول لك "أين هي قلوبكم"، "ارفعوا قلوبكم"، نقول "هي عندالرب"،وتبدأ تسبح وتشكر، تشكر وتسبح إلى أن تدخل في جزء التأسيس في القداس، وتشعر أن المسيح يجلس في وسطنا الآن،ويأخذ، يبارك،يقدس، يشكر،يقسم،يوزع،إلى أن تدخل إلى التناول وأنت تظل تقول له "يارب إني غير مستحق أن تدخل تحت سقف بيتي"، "يارب أنت لم تستكنف من دخول بيت الأبرص"، "أنت لم تمنع الخاطئة من تقبيل قدميك"،أعطني يارب، أسمح لي،أسمح لي بالتناول.لذلك يا أحبائي الوعد لنا من ربنا يسوع هو وعد قوي، وعد ممتلئ نعمة، ممتلئ بركة، تخيل إذا كنا بدون التناول فكيف كان شكل حياتنا؟،نظل في خطايا، في خطايا، تزيد الخطايا، تزيد ولا تقل،الخوف والقلق يزيدوا لايقلوا،والاضطراب والحزن يزيدوا لا يقلوا،تخيل أنت كمية تراكمات الحزن والاضطراب والكآبة طوال الوقت، لكن لا المسيح ياأحبائي وضع لنا الحل،قال لنا أتحدوا بي،عندما تتحدوا بي تأخذوني،تأكلوني،وحينئذ يتحول حزنكم إلى فرح، يا لفرحنا يا أحبائي بالوليمة السماوية،يالسرقوتنا ونصرتنا،كيف تكون في وسطنا حزين؟،أو إنسان يشعرأنه مثقل بخطايا طالما هو يعلم أن سر الغفران موجود، فهو سرالغفران، سر الخلود، سر الفرح. ربنا يعطينا يا أحبائي أن نتمتع بالقيامة من خلال اتحاد فعلي بجسده ودمه يكمل نقائصناويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.

عدد الزيارات 1537

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل