اعد لكم مكان الجمعة الأولى من شهر بؤونة

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين ، تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور كلها آمين.
الفترة التي نعيشها الآن ياأحبائي ما بين عيد الصعود وما بين عيد حلول الروح القدس هذه الفترة لها كرامة كبيرة جدًا في الكنيسة ويطلقون عليها فترة العشرة أيام،هؤلاء العشرة أيام يا أحبائي تكون الكنيسة كلها والمؤمنين في حالة ترقب، فهم آخذين وعد بأنهم سيأخذون عطية عظمى،آخذين وعد ألا يتركوا مكانهم،"لا تبرحوا أورشليم"،آخذين وعد أنهم يكونوا في حالة اعتكاف، في حالة صوم وصلاة في حالة طلبة وتضرع، في حالة ترقب شديد لعطية عظمى، هذه يا أحبائي الروح التي من المفترض أن تكون لدينا الآن ونحن ننتظر عطية الروح القدس ونحن ننتظر العطية العظمى، موعد الآب،العشرة أيام يا أحبائي يعلمنا الآباء أننا نكون فيهم في حالة رفع قلب باستمرار، وفي حالة اشتياق للعطية التي يريد الله أن يعطيها لنا،ويظل يعدنا بأنه ذاهب ليعد لنا مكان،عندما ترك السيد المسيح التلاميذ وكان أمر ليس سهلاً، عندما رأوه وهو ذاهب إلى فوق ويفارقهم فهذا أمر ليس سهلاً، وكأنهم يقولوا له نحن رأيناك وأنت تفارقنا وأنت على الصليب،رأيناك وأنت تفارقنا وأنت في القبر،لكننا تهللنا فرحا عندما وجدناك قد قمت،فعندما قمت قلنا بذلك إنتهى الأمرفهويجلس معنا للأبد، لن يموت مرة أخرى،قال لهم لا أنا لن أموت مرة أخرى، لكن أنا سوف أصعد،لكنك عندما تصعد فأنت بذلك تتركنا، قال لا أنا سأفعل معكم أمرين:-
١- أنا ذاهب إلى هناك لكي أطمئنكم على المكان وأعدلكم مكان.
٢-أرسل إليكم الروح القدس المعزي هو يذكركم بكل شيء.
إذا كنتم ترون أن صعودي خسارة،فالخسارة الحقيقية أنني أظل معكم،لأني لو لم أصعدلن أرسل لكم هذه العطية،لذلك يا أحبائي نحن في اشتياق وترقب لتحقيق هذا الموعد،ذاهب ليعد لنا مكان،ماذا حدث في الصعود؟ الصعود أن كل تدابير الخلاص التي فعلها ربنا يسوع المسيح معنا وأكملها بداية من التجسد وافتقاده لنا في أرض مشقتنا وفي شقاء طبيعتنا، بداية من أنه أتى إلى العالم واقترب منا جداً، بداية من أنه تمم كل تدابير الخلاص وتدابير الفداء إلى أن صلب ومات وقام وصعد، لماذاصعد؟ ليصعدنا معه،لماذا صعد؟ليترآى أمام الآب ممثلا للبشرية كلها التي بلا عيب، البشرية المفتدية،لقد أزيل حكم الخطية،وتمزق، وأصبح المسيح القدوس البار واقف أمام الآب ممثل عن البشرية ونيابة عن البشرية وكلنا موجودين فيه،بمعني أننا الآن مبررين لأن المسيح واقف أمام الآب يمثلنا، والمسيح بلا عيب،نحن في المسيح يسوع مبررين، ونحن في المسيح يسوع بلا عيب، أصعب موقف يا أحبائي أن الإنسان ينظر إلى نفسه خارج المسيح،أصعب شيء أن الإنسان يقيم نفسه بنفسه سيجد نفسه بعيد، لكن الجميل أني أنظر إلى نفسي داخل المسيح، أنا داخل المسيح أين أنا؟ أنا جالس عن يمين الآب، أنا في المسيح يسوع مكرم، أنا مكرم في المسيح يسوع، أنا موضع سرور الآب،لماذا؟ لأن الابن موضع سرور الآب، كل ما فعله المسيح يا أحبائي فعله من أجلنا،ونحن اشتركنا في جسد المسيح،والمسيح اشترك في جسمنا لكي تكون كل الأفعال التي فعلها نحن جزء منها، أنا قطعة من المسيح، أنا جزء من جسم المسيح الذي يقف الآن أمام الآب ،فأكون أين أنا الآن؟ أنا أقف أمام الآب،لذلك يا أحبائي الصعود يعيد لنا كرامتنا المفقودة، الإنسان بجهله وخطيته نزل إلى أسفل جحيم الأرض، إلى الأرض السفلى، الإنسان بجهله وخطيته نزل إلى أعماق الهاوية،والمسيح ببره صعد إلى أعلى السموات،فأين مكاننا الآن؟ في أعلى السموات، ونحن أين بالخطية؟ نحن في أسفل الهاوية،أين أنا؟ أنا في المسيح يسوع إذن أنا في أعلى السماوات.
هذا يا أحبائي الذي فعله المسيح في تدبير الفداء، يطمئنا،يطمئنا ويشفق ويتحنن علينا ويؤكد علينا أين نحن؟،عندئذ فالذي يكون غيرمصدق لهذا الكلام و كأنه غير مصدق تدبير الخلاص، كأنه غير مصدق الميراث الذي أعطاه لنا المسيح، قال لك "وأقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات"،فهذا الوعد يا أحبائي، وهذه الحقيقة ليس فقط وعد،عندما يرى الإنسان نفسه في المسيح يصبح كله رجاء، مهما كان خاطئ، مهما كان ضعيف، لكن أنا في المسيح يسوع أنا شخص آخر،ما أصعب أن نرى أنفسنا خارج المسيح،سنجد يأس وإحباط و حزن وهم وفشل،سنجد أموركثيرة خارج المسيح، لكن في المسيح كل ما فيك جميل مهما كان لديك عيوب، يقول لك "كلك جميلة يا حبيبتي كلك جميلة" ليس فيك عيب البتة، أقول له لكن أنا ممتلئ عيوب، يقول لك عيوبك المسيح حملها، عيوبك المسيح حملها ورفعها لكي يعطيك بره،لأن هذا هو صميم عمله،أن البار من أجل الأثمة،هذا يا أحبائي فعل الصعود الذي لابد أن نتمتع به،ونأخذ فعله وقوته وبركته، المسيح يقول لك أنت في، وأنا مكاني بجوارالآب،فبذلك أنت مكانك بجوار الآب، صعد ووعدنا أنه يعد لنا مكان،لكن وماذا بعد ذلك؟! قال لك أنا سوف آخذكم معي،ما الفائدة من أن يكون المسيح فوق بدوننا؟ما الفائدة يا أحبائي أن يبني شخص قصر جميل ويجلس فيه بمفرده،ينفق عليه كثيراً، كل مامعه، وفي النهاية تقول له هل ستحضرأولادك هنا؟ يقول لك لا، لا هذا مكان جميل لم يستحقوه،نقول له لا، لا أنت الذي لا تستحقه. ما هذا؟! ما الذي فعل كل ذلك لأجل نفسه؟!.
كذلك المسيح ياأحبائي، المسيح صعد إلى السماء ليس لكي هو يصعد إلى السماء، هو ساكن في الأعالي، هو كان في السماء، نزل من السماء من أجلنا،لماذا نزل؟!لكي يأخذنا معه،المسيح نزل يا أحبائي لكي يأخذنا معه، بهجة المسيح في خلاصنا،ومسرة المسيح في رجوعنا للفردوس الذي فقدناه ولمكانتناعند الآب،هذه يا أحبائي الكرامة التي نأخذها في المسيح يسوع، يقول لك تعالى أنا ماضي أعد لكم مكان،"في بيت أبي منازل كثيرة"،سوف تسمع كثيراً في هؤلاء العشرة أيام عن ما الذي يفعله المسيح لكي يأخذنا معه، لكي يرد لنا كرامتنا المفقودة.لذلك نحن الآن نضع كل أفكارنا فوق في السماء في المكان الذي نحتاج أن نذهب له، في المكان الذي ننتظره ونترقبه،أحياناً شخص يسبق أسرته ويسافر إلى مكان ما،ومن أول لحظة وهو يسافر في هذا المكان، هو يفكركيف يحضرالأسرة،ويفكرماذا يفعل لهم؟،أين يدرس أبنائه؟،وماذا هوسيعمل؟، وأين يسكنوا؟، كيف يطمئن عليهم؟،وكيف يطمئن على كل فرد؟،ويهتم بمصلحة الكل، ويظل يدبر إلى أن يأخذ الوعد أنهم سوف يأتون،يرسل لهم ويقول تعالوا يا للمسرة إذن.فنحن كذلك يا أحبائي المسيح صعد إلى السماء وظل يرتب لنا كل شيء،أرسل لنا تأشيرة الدخول، قال لنا قد أعددت كل شيءهيا تعالوا،فما الذي نفعله ونحن جالسين هنا؟ كلمة بسيطة جداً تعبرعن لماذا نحن هنا،نحن جالسين لنجمع عدتنا، نحن جالسين نجهز أنفسنا للرحلة، التأشيرة معنا، المكان موجود، الضمان موجود، الحياة الجميلة موجودة وكل شيء موجود،لماذا نحن جالسين هنا؟، ماذا نفعل هنا؟،نجهزأنفسنا فقط، نحن أشخاص تجهزأنفسها للسفر،الذين يجهزون أنفسهم للسفر يكونوا منشغلين بأمور عالية جداً،ليسوا منشغلين بالأمور القليلة الموجودة أسفل،لا يوجد شخص يهاجر البلد ويأتي إليه شخص يقول له شاركني في مشروع أنا لدي مشروع جميل،فيقول له لا، لا أشكرك، شكرا لك، تقول له أنه سيربحه كثيراً،يقول لك معذرة أشكرك أنا أغلق أعمالي،لن أفتح في أعمال جديدة، لا،لا،إذا كنت تريد أن تقدم لي خدمة حقا تقول لي على أعمال نفعلها هناك، هنا لا،فأنا أنهيت كل شيء.الذي يريد يا أحبائي أن يعيش في السماء عليه أن يفكر من الآن ماذا يفعل فوق، يتعلم التسبيح، يصنع له أصدقاء هناك، يصادق القديسين،يتدرب كثيراً على الوجود في حضرة الله،يجلس كثيراً مع الملائكة،يسبح،يبدأ يعرف ما الذي يأمن مستقبله الأبدي،هذا هو يا أحبائي موقفنا الآن،نحن موقفنا الآن يا أحبائي موقف أشخاص تشتاق للرحيل، وتجمع في متعلقاتها،تجمع في أثاث المنزل.هناك قصة جميلة في الكتاب المقدس توضح لنا هذا المعنى لكن للأسف عندما نأتي لنقرأ الكتاب المقدس والمسيح غائب عن أعيننا، فإننا نقرأه كحكاية، تتذكروا يوسف الصديق عندما كان في أرض مصر، وكانت هناك مجاعة وهو قد جمع خير كثير وجمع غلة كثير وحنطة كثير أصبحت لاستبقاء حياة كل البلاد الذين حوله،أصبح الخير كله عندي وسف،أصبحت الحياة كلها عند يوسف، أصبحت البهجة والسعادة والسرور عند يوسف،ولكن عند أبونا يعقوب وأولاده هناك جوع، فقر،موت ينتظرهم، ذهبوا ليوسف لكي يأخذوا حنطة،المهم أن يوسف كشف لهم نفسه وقال لهم لا ما الذي يجعلكم تجلسون هناك؟،أنتم تأتواإلي، اجمعوا متعلقاتكم وتعالوا، وقال لهم لا تحزنوا على الأثاث الذي سوف تتركوه،يريد أن يقول لهم حتي عندما تأتوا لا تحملوا أشياء كثيرة، كل الأشياء هنا جميلة،أتركوا كل شيء هناك ولا تحزنوا على شيء، أنا لا أريد سوى أنكم تأتوا، كل الأمور هنا جيدة،أنا هنا أجلس في قصر، لا تحضر شيء، أنا أريدك أنت، هذه القصة يا أحبائي توضح ما فعله المسيح،فيوسف يمثل المسيح الذي صعد كسابق من أجلنا،وأرسل ليحضرإخوته ويحضر أهله،ويقول لهم تعالوا ولا تحزنوا على الأثاث الذي تتركوه،تعالوا أجلسوا معي هذا ما حدث، فإن كل أسرة يوسف إخوته، ووالده أتوا وهم مطمئنين أنهم سيذهبوا إلى المكان الأفضل،مكان آمن، مكان ممتلئ بالخيرات.هذا يا أحبائي ما نفعله الآن،والذي فعله المسيح من أجلنا،يقول لك أنت تعيش في أرض جوع، متمسك بالجوع،أنت تعيش في أرض مهددة،أنت تعيش في مكان موت، تعالى للحياة، أنت تعيش في مكان مجهول، أنت تعيش في مكان غير آمن، تعالى.لماذا يا أحبائي ظروف الحياة دائما تلاحظ أن الله يظل يضيقها على الإنسان، رغم أننا نتوقع من الله أن يسعها،قال لا أنا أقصد ذلك لكي أجعلك تقول "في العالم سيكون لكم ضيق لكن ثقوا أنا قد غلبت العالم" أنا أقصد أنك من خلال آلامك في الحياة تفكر في ميراثك الأبدي، أنا أقصد من خلال المجاعة أنك تفكر في كيف تشبع، أنا أقصد أن أجعلك تعيش هنا في ضيق وفي ألم لكي تشتاق للراحة، ما هذا الكلام؟، قال لك هذا ما فعله المسيح معنا يا أحبائي، قال لك هيا تعالى، كل شيء قد أعد، أنا رتبت لك مكان،مكانك عندي ومكانك جميل،مكانك كله أمان، مكانك كله راحة،مكانك كله سلام.إذن نحن الآن يا أحبائي لابد أن يكون اشتياقنا الحقيقي في السماء،الكاهن في القداس يقول لكم أرفعوا قلوبكم، وأنتم تقولوا هي عند الرب،نحن كل شيء لنا فوق، فلماذا نجلس هنا نجهز بعض أشياء بسيطة، بمعنى أن شخص يقول لك متبقي لي بعض الأشياء القلائل،نحن هنا من اجل هذه القلائل،لا تربط نفسك ربطات جديدة ولا يكون الزمن الذي تجلسه هنا يزيد من ثقلك إلى أسفل،من المفترض أن يكون فرصة لارتفاعك إلى أعلى، هذه يا أحبائي الفترة التي نعيشها الآن،نحن نعيش فترة يا أحبائي نجهز أنفسنا ونعد أنفسنا لكي يكون لنا الميراث الأبدي الذي فعله معنا ربنا يسوع المسيح.لذلك نحن بكل إيمان و بكل فرح وبكل سرور نعيش،لماذا؟"لأن خفة ضيقاتنا الوقتية تنشأ لنا ثقل مجد أبدي"، الإنسان الذي لديه هذا الإيمان ياأحبائي يرى أمور الحياة ليس أنها أمور تضغط عليه، لكن هي أمور تؤهله بالأكثر لميراث ملكوت السماء، وكلما ضاقت الدنيا أكثر كلما يتأكد أكثر أن مكانه ليس هنا،هذا الإنسان يا أحبائي الذي عينه مفتوحة على ميراثه في السماء، لكن الذي عينه على الأرض كلما ضاقت الدنيا يتذمر،ضيق، شكوى حزن، ألم، مرار،لكن قل يا رب نحن حياتنا في يدك، أنت أبونا،وأنت أعطتنا كل شيء،ونحن لانريد شيء سوى أن يكون إيماننا ويقيننا معك أنت،حقا يمكن أن تقول أنه إذا كانت هناك ظروف معينة أفضل تكون الحياة جيدة،لكن إن لم يكن فهذابسماح منك،أنت ضابط الكل،أنت الذي عيون الكل تترجاك،أنت الذي تفتح ولا أحد يغلق وتغلق ولا أحد يفتح،أنت صاحب مفتاح مدينة داود، أنت الذي"من ذا الذي قال فكان والرب لم يأمر"،ثقتي كاملة فيك، وإيماني بك أنك تصنع معنا أكثر مما نسأل أو نفهم أو نفتكر،هذا هوياأحبائي يقيننا، الإنسان يا أحبائي الذي عينه وقلبه وأفكاره ومشاعره مشدودة فوق للسماء،تجد أن كثير من الأمور التي تحدث تحت لن تشغله كثيراً،لذلك قال أنا ذاهب لأعد لكم مكان، قال لك تعالى وجهز نفسك وجهز قلبك واجعل أشواقك باستمرار مرفوعة إلي فوق.ربنا يسوع المسيح الذي صعد إلى السماء ليجهز لنا مكان يجعلنا باستمرار نشتاق إلى فوق،ونتأكد من مكاننا، نجهز أنفسنا لكي يكون لنا الميراث، الميراث الذي لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل المحفوظ لنا في السماويات.ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.