الجمعة الأولى من الخمسين المقدسة

بسم الآب والأبن والروح القدس إله واحد آمين . تحل علينا نعمته وبركته الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور كلها آمين.
إنجيل هذا الصباح يا أحبائي فصل من بشارة معلمنا مار مرقس الرسول والكنيسة تظل خمسين يوم تثبت فينا روح القيامة، وتعطينا طريق التمتع واللقاء ليسوع القائم كل يوم، حيث يقال أنه إذا كانت قراءات الكنيسة في فترة الصوم تركز علي التوبة، فقراءات الكنيسة في فترة الخماسين تركز علي الثبات في المسيح.
سنتناول نقطة صغيرة جدا اليوم، باكر جداً في أول الأسبوع ذهبوا إلي القبر، إذ أشرقت الشمس قالوا بعضهن لبعض من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر، بالطبع هم ذاهبون لكي يضعوا أطياب علي الجسد المائت فهذا تفكيرهم، معهم أطياب لأنهم لم يكرموا جسده يوم الجمعة ليلا، فالوقت أصبح مساء، والعرف اليهودي بما أنه أتى ظلام الليل يكون اليوم انتهي فلا يفعل شيء، فلم يستطيعوا أن يفعلوا شيء لأنه قد دخل عليهم يوم السبت، لأن رب المجد يسوع أسلم الروح يوم الجمعة الساعة التاسعة، فعندما وصلوا ليكفنوه أصبحت الساعة خامسة، يكون اليوم أنتهي، لا يصح أن يفعلوا شيء فذهبوا في أول فرصة لكي يطيبوا جسده يوم الأحد صباحا، ذاهبين بمشاعر كلها وفاء، كلها حب، كلها إخلاص لكن لديهم عقبة كبيرة، عقبات كثيرة تواجه الأنسان الذي يريد أن يثبت في المسيح، مثل طبعهم كنساء، الظلام باقي، الخوف، الحجر، إذا غلبوا طبعهم كنساء، غلبوا خوفهم، الوحدة الذين هم فيها، لكن هناك شئ هم يشعرون أنه ليس في أيديهم، أنهم سوف يجدوا حجر كبير على باب القبر، وهذا الحجر من الممكن أن يفعل حاجز كبير بين الإنسان وبين القيامة، فمن الممكن أن يكون هذا الحجر أمامنا كلنا، ويمنعنا من التمتع بالقيامة، من يدحرج لنا الحجر؟!.
من هذا الحجر؟ الحجر ثلاثة أشياء :
١- الخطية .
٢- الخوف .
٣- عدم الإيمان .
هؤلاء الثلاث أشياء يجعلوا الإنسان بعيد تماما عن روح القيامة، وعن التلامس مع القيامة.
أولا : الخطية :
الخطية يا أحبائي حجر علي قلب الإنسان يمنعه من رؤية القيامة أو التلامس مع روح القيامة، حجر الخطية حاجز كبير جدا بين الإنسان وبين الله، الخطية تفصل الإنسان عن الله، القديسين قالوا أن الخطية هي العمى، القديسين قالوا أن الخطية هي الموت، القديسين قالوا أن الخطية هي الجهل، الخطية هي الحاجز بين الإنسان وبين الله، حجر، فداخل قلب كل شخص فينا يا أحبائي يوجد خطية تجعل القيامة بالنسبة له مستحيلة، حجر، مثل الأنانية، روح العالم، شهوات العالم، غرور العالم، الخطية حجر ثقيل داخل قلب الإنسان، كثيراً يا أحبائي الإنسان لا يتمتع بالمسيح، غير متمتع به، لم يرى المسيح، هل لأن المسيح محتجب؟ أبدا، هل لأن المسيح غائب؟ أبدا، هل لأن القيامة لم تحدث؟ أبدا، الحجر هذا هو عوائق كثيرة عند الإنسان نفسه، تمنعه أن يتمتع بنعمة وبركة القيامة، أو نعمة وبركة الحياة في المسيح يسوع، من يدحرج لنا الحجر؟ أحجار كثيرة تقابلنا في حياتنا، ويمكن أن تكون كل مرحلة لها الحجر الخاص بها، فالطفل يختلف عن الشاب عن الشيخ عن الرجل عن المرأة، احجار كثيرة تنتظرنا، ويمكن أن تكون أنت الآن في مرحلة حجر معين وعندما تدخل المرحلة التي تليها تجد حجر آخر مختلف، الخطية لا تبطل يا أحبائي إلا في المسيح يسوع، الحجر لن يزول إلا إذا عرف الإنسان كيف يتحرر منه بقوة المسيح القائم من الأموات، قال ذلك "ها إن يد الرب القائم لم تقصر عن أن تخلص ولم تثقل أذنيه عن أن تسمع ولكن خطاياكم صارت حائلا بيني وبينكم"، ما هذا؟ حائل، حاجز. ما هذا الحاجز؟ هذا هو الحجر. حاجز بين الله وبين الإنسان، مهمتك في هذه الحياة أنك تعرف هذا الحجر، وتطلب من القادر أن يدحرجه، وباستمرار هذا يكون أنين قلبك، من يدحرج لنا الحجر؟ باستمرار تقول له متي تترأف علي يارب؟ متي هذا الحجر يزول؟ متي هذه الخطية ترفع؟ متي سلطان هذه الخطية يزول من قلبي؟ متي أستطيع أن أقول أني غير متكل علي المال؟ متي أستطيع أن أقول أني بنعمة المسيح غالب لشهواتي؟ متي أستطيع أن أقول أني أنا ما أنا؟ متي أستطيع أن أقول أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيا؟ متي يزول هذا الحجر؟.
الحجر يا أحبائي مانع لبركات كثيرة عنا، يجعلك تتعامل مع المسيح كمائت، الحجر يجعلك تتعامل مع المسيح كأنه بلا قدرة، الخطية تفعل هذا، الخطية تجعل الإنسان يشعر أن المسيح لا يستطيع أن يخلصني منها، ويظل هذا الحجر يكبر داخل قلب الإنسان، يكبر ولا يقل، وتظل العوائق تزيد والتحديات تكبر، ويظل الإنسان يري القيامة بفكر وروح وقلب المستحيل، من يدحرج لنا الحجر، الخطية، تريد أن تتمتع بالمسيح القائم قدم توبة، تريد أن تتمتع بالمسيح القائم باستمرار أطلب من قلبك، معلمنا داود كان يقول "اقترب إلى نفسي. فكها."، دحرج الحجر بقوتك، دحرجه بكلمة منك، دحرجه بإرادتك الإلهية.
ثانيا : الخوف :
الخوف هذا حاجز كبير في علاقتنا بالله، يزعزع الثقة، يمنع الإنسان من بركات كثيرة في حياته، الخوف فإنك تخاف على جسدك، على مالك، على وقتك، تخاف من الغد، علي صحتك، علي أولادك، تخاف، والخوف هذا غريزة الله وضعها في الإنسان لكن وضعها في الإنسان كنعمة وليس كنقمة، وضعها في الإنسان كمساعد وليس كمعطل.
لماذا وضع الله فينا الخوف يا أحبائي؟ من محبته لنا، لكي يحافظ بالخوف على حياتنا فقط، لكي عندما يرى الإنسان أمامه خطر يقول لا أنا لا يصلح أن أقف أمام القطار، لا فأنا أخاف، يخاف، إذا كان هناك شخص يريد أن يقبل علي خطوة فيها تهور مثلاً يلقي بنفسه من الدور العاشر يخاف، يقول لنفسه لا لن أستطيع، يقول له أنت متضايق يقول لك معذرة سأحتمل أني متضايق، لو الإنسان ليس لديه الخوف نجد كثيراً يقوموا بعمليات انتحارية، فالخوف هو حافظ لنا، هو مبقي لحياتنا، هذا قصد الله، الخوف نافع للحياة، هو خوف حب، لكن الإنسان أخذ هذا الخوف وبدلاً من أن يشكر به الله، وبدلاً من أن يحافظ به على حياته كوزنة أعطاها الله له، أخذ الخوف ليبعد به عن الله، وأصبح يبعد عن الله بفكره، بقلبه، بحواسه، وكل أمر يخاف، يخاف أن يساعد الآخرين من ماله يقول لا أخاف أن ينتهي المال وغداً ماذا أفعل، يخاف، يخاف إذا صام أن تضعف صحته، يشعر بالقلق علي الأولاد ويأتي إليه خيالات صعبة، يقول لك أنا أشعر بالقلق والخوف عليهم جدا، يخاف، خوف، خوف، خوف يجعل الإنسان يعيش ولا يستطيع أن يتمتع بالمسيح القائم، حجر شديد جداً، الخوف حجر كبير جداً داخل قلب الإنسان، هؤلاء النسوة كانت لديهم مشاكل كثيرة أنهم يستيقظون مبكرا، ويذهبون والظلام باق، بالإضافة إلى أنهم بمجرد أن يظهروا تبعيتهم لهذا الشخص الذي كانت البلد كلها ضده، البلد كلها شهدت عليه أنه يستحق الصلب، فكيف نقول نحن أننا أتباعه ونحن نساء، فالخوف من تبعية المسيح، الخوف من طبعهم كنساء، الخوف من الظلام، الخوف من مقابلة الحراس، الخوف من اللصوص، الخوف من أنهم ذاهبين خارج المدينة، الخوف من منطقة القبور أساسا، والوقت مازال في الفجر، مخاوف كثيرة يا أحبائي يمكن أن تهدد حياة الإنسان، وكل شخص فينا لديه مخاوفه، مثلما كنا نقول أن الخطية لها مراحل فالخوف أيضاً له مراحل، الطفل من الممكن أن يخاف من مجرد الظلام، يمكن أن يخاف من امتحان صغير، فهذا طفل، ولكن عندما يكبر الطفل من ماذا يخاف؟ لديه مخاوف أخرى مثل صحته، أولاده، أمواله، أخاف، أخاف، هل لا يوجد خوف إلى الله؟، هل لا يوجد خوف أن أفقد الأبدية؟ هل لا يوجد خوف من هلاكي؟، هذا هو الخوف الذي يريد أن يضعه فينا الله، يقول لك أجعل لديك مخافة الله الخوف الضار يعطل الإنسان من رؤية القيامة.
ثالثاً : عدم الإيمان :
حجر كبير جداً داخل قلب الإنسان، هل عندما نذهب نرى المسيح قام؟! لا، لا يمكن، كيف يقوم؟!، فنحن أنزلناه ودفن، عدم الإيمان يا أحبائي عدم تصديق المواعيد، عدم اليقين بالقدرة الإلهية، الحسابات البشرية عدم إيمان، القيامة تتعارض تماماً مع العقل، شخص مات أصبح ميت وإنتهى الأمر، لكن الإيمان يا أحبائي هو "الثقة بما يرجى، والإيقان بأمور لا ترى"، يقولون أن من أكثر النساء والمريمات التي كان لديها يقين القيامة هي أمنا العذراء مريم، فهي لم تذهب إلى القبر، وتعلم أن ابنها سيقوم، لم تذهب، من يدحرج لنا الحجر، ماذا نفعل في عدم الإيمان، من الممكن أن يكون لديك عدم إيمان في قدرة الله علي غفران الخطايا، من الممكن أن يكون لديك عدم إيمان بأنه يوجد أبدية، وأن وجدت فلديك عدم إيمان أن تدخل إلى الأبدية، لدي عدم إيمان أنني من الممكن أن أعيش في سلام، لدي عدم إيمان أن الله يدبر لي الخير، لا أنا أريد أن أدبر لنفسي، أريد أني أنا الذي أرى، عدم إيمان، أعيش بعقلي، أعيش بأفكاري، أعيش بيقيني أنا، أقول لك هذا حجر كبير يمنعك من التمتع بالقيامة، تريد أن تؤمن بالقيامة لا بد أن يكون لديك يقين أنه يوجد من يدحرج الحجر، فمن هو الذي يدحرج الحجر؟، هل يسوع أم الحراس أم التلاميذ أم نحن كنساء، من الذي يدحرج الحجر؟ ليست مسئوليتك أنك تعلم من الذي يدحرج الحجر، لكن أنت لابد أن يكون لديك ثقة أنك ستقابله، كيف ستقابله؟، ومن الذي يدحرج؟، ومتي؟، هذا عمله هو الإلهي العجيب.
لذلك يا أحبائي رب المجد يسوع قام والحجر موجود، بمعنى أنه ليس الحجر تزحزح وبعد ذلك المسيح قام - لا - فالمسيح قام والحجر موجود، لكن جاء الملاك دحرج الحجر من أجل يقين القيامة فقط، لكي نصدق نحن، فدحرج الحجر بعدما قام ليس قبل أن يقوم، حتى أن الذي يأتي ليشاهد بعد ذلك يري القبر فارغ.
الإيمان يا أحبائي عندما تأتي إليك عوائق في قلبك علي أنني كيف أعيش مع الله، كيف أتوب، كيف أدخل السماء، كيف أعيش غداً، كيف، كيف، اجعل لديك يقين أن الله يدبر هذه الأمور، إيمانك لذلك قال "هذه الغلبة التي نغلب بها العالم إيماننا"، إيمانك العجيب الذي يجعلك تصدق كل شيء، صدق مواعيد الله، صدق الآية، صدق أنه ضامن لك، صدق أنه ضامن لخطواتك، وصدق أنه لديه استعداد لتأمين الغد، فهو خالقك ورازقك، عدم الإيمان هو حجر كبير في حياة الإنسان، صدق دائما أن المسيح قام، ستذهب عند القبر تجد الحجر مدحرج، وتجد المسيح قام وخرج ويكلمك ويقابلك يقول لك من تطلبون؟، من تريدون؟، يريد أن يرى أن تأتي إليه بأي مستوي من القلب ومن الفكر.
كل يوم يا أحبائي نواجه هذه الخبرة، كل يوم في حياتنا هو يوم اختبار قيامة المسيح في حياتنا، وكل يوم يمكن أن يكون لديه الحجر الخاص به، لكن كل يوم له الذي يدحرج حجره، اجعل لديك هذه الثقة، ثلاث أشياء تمثل أحجار ثقيلة في حياتنا، الخطية .. الخوف .. عدم الإيمان، ويمكنك أنت باتحادك بالمسيح تغلبهم، وتجد هذه الخطية مثلما قال لك الخطية لن تسودكم، الخوف يقول لك أنا هو لا تخافوا، عدم الإيمان يقول لك آمن فقط.
ربنا يعطينا يا أحبائي أن نتمتع بقيامته ونثبت فيه.
يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين .