الجمعة السابعة من الخمسين المقدسة

Large image

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين . تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور كلها آمين.

الأسبوع الأخير يا أحبائي من الخماسين المقدسة والذي فيه تجهزنا الكنيسة وتهيئنا لاستقبال عطية الروح القدس، فيوم الأحد القادم سيكون عيد العنصرة، عيد حلول الروح القدس، الذي ننتظر فيه عطية الآب، قال "الذي يؤمن بي تجري من بطنه أنهار ماء حي"، وأنهار الماء الحي هي إشارة إلى عمل الروح القدس في النفس، كثير من الوقت نتكلم عن الروح القدس ونحن غرباء عنه، كثيراً نسمع عن الروح القدس ونسأل ما هو الروح القدس؟، لكن ماذا أفعل لكي يكون لي علاقة بالروح القدس؟، كيف أشعر بالروح القدس؟.
سأقول لك ثلاث نقاط صغيرة تجعلك مهيأ لعمل الروح القدس، ثلاث نقاط مهمين جدا:
١- كراهية الشر وكراهية الخطية.
٢- الفطام عن العالم.
٣- شركة الثالوث.
أولا : كراهية الشر والخطية :
لا تستقيم أبدا محبة الخطية مع الروح القدس، لا يستقيم أبدا إنسان يسعي ويتلذذ بالخطية وأن الروح القدس يعمل فيه أو يكون له أي علاقة بالروح القدس، تقول لي هل يعني ذلك أنه لابد أن نكون قديسين ولا نفعل خطايا أبدا؟!، يقول لك ليس شرط أن تكون لا تفعل خطايا لكن أن تكون كاره للخطايا، ليس شرط أن تكون لا تفعل خطايا لكنك رافض للخطايا، من الممكن أن تكون تفعل خطايا لكنك تندم على خطاياك، تفعل الخطية لكن بضعف، وتظل تقول إرحمني، تقول سامحني، تقول قويني، تقول أعني، أنت تهرب من الخطية، مثلما قال الكتاب "كونوا كارهين الشر"، كراهية الشر يا أحبائي هي بداية محبة الروح القدس، بمجرد أن تصل لهذه الدرجة تجد الروح القدس يبدأ يفعل في داخلك، لماذا؟ لأن الروح القدس اسمه قدس بمعنى يقدس، روح قدس يقدس فهو لا يشترك مع الظلم أبدا، نكره الخطية يا أحبائي، جميعنا يوجد بنا ضعفات ليس أحد فينا كامل، وممتلئين بالضعف، لكن نقول ارحمني، ممتلئين بالضعف، وممتلئين بالأمراض، لكن لا يوجد شخص يحب المرض ولا شخص فينا يسعي للمرض، الروح القدس يريد مننا هذا، لا تحب المرض ولا تسعى للمرض، فالخطية مرض، هل يوجد أي شخص يحب المرض ويسعى إليه؟!، نقول لا هذا غير موجود، أقول لك أنت أيضا كن على مستوى الروح القدس، كن هكذا على مستوى الخطية لا تحب الخطية ولا تسعى للخطية، وإن سقطت في الخطية، وإن كان يأتي إليك مرض لكن أنت لا تسعى إلى المرض ولا تحب المرض، تعامل مع الخطية على أنها مرض، أشكو منها دائما، قم بأخذ علاج دائم لها، صلي كثيراً، أطلب كثيراً، تضرع كثيراً لكي تشفى من أي ضعف في حياتك، لكنني لا أقول لك أن تكون كامل وبغير خطية، لكن رفضك للخطية هو مؤشر قوي جدا أن يأتي الروح القدس ويستقر ويفرح وينشط بالعمل في داخلك، لكن تعالى نتخيل العكس، شخص يسعى للخطية، يتلذذ بالخطية، يتودد للخطية، يرغب في الخطية، ماذا يفعل الروح القدس؟ لا يقدر، فالروح القدس لطيف جدا، لا يفرض نفسه على أحد أبدا، الروح القدس يريد أن الشخص يقول له كلمة "هلم تفضل وحل في". شخص يظل يرحب ويقول له تفضل، تفضل، تفضل.
كراهية الخطية افحص نفسك، وأبحث عن الخطية التي تعطل عمل الروح عنك، أفحص نفسك وابحث لماذا؟ لماذا؟، لماذا توجد حالة غربة بينك وبين الروح القدس؟، لماذا المسافة الكبيرة التي بينك وبين الروح القدس؟ تجدها الخطية، إذن ماذا نفعل؟! أقول لك أرفضها، تئن من الخطية، تئن من الخطية، أرفضها، أطلب باستمرار توبة ورحمة ونعمة ومعونة باستمرار، وطبعا لابد أن تعرفها ، لابد أن تكون عارف نقطة ضعفك :
ذاتك، الشهوات ،المال، عدم المحبة، يوجد كراهية، .... ، .... ، .... إلخ
إذن أبدأ قل: وماذا بعد؟ لقد عرفت، ماذا أفعل بعد أن عرفت؟، لا أنا لابد أن أكون حذر، فأنا لابد أن أطلب التوبة، ولابد أن أصرخ إلى إلهي، ولابد أن أتشفع بالقديسين، ولابد أن أصلي كثيراً، ولابد أن أقول كثيراً كلمة يا ربي يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطئ، كراهية الخطية، فعندما تصل لهذه النقطة يبدأ الروح القدس يسكن ويحل وينشط.
ثانيا : الفطام عن العالم :
عدم محبة العالم، لا يمكن أن الروح القدس يعمل بنشاط في شخص وهو يريد أن يمتلك الدنيا كلها، وأي شيء يراه قلبه يتعلق به، يريد سيارة، منزل، أن يسافر، أن يكون معه نقود، ويريد أن يتنزه ....، ويأكل .....، ويعمل .....، كل ذلك ليس خطأ، لكن المشكلة في قيوده ومحبته، كل هذا من الممكن أن تفعله وأنت تسود عليه، وتفعله من أجل أنك تأخذ به معني لحياتك، لكن إذا كان يسود عليك ويسيطر عليك ويكون محبة مقيدة، وتكون أنت مربوط لأسفل تجد الروح القدس لا يستطيع أن يعمل معك أبدا، لماذا؟ لأن "محبة العالم عداوة إلي الله"، الكتاب قال ذلك، فالكلام ليس كلامي يا أحبائي، لأن محبة العالم ومحبة الله لا يجتمعوا الأثنين صعب، لذلك الكتاب يقول لنا والكنيسة كل قداس تقول لنا "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم لأن العالم يمضي أما الذي يصنع مشيئة الله هذا يثبت إلي الأبد".
شخص يقول لي يا أبونا نحن نعيش في العالم، نحن لابد أن نعيش، ولابد أن ناكل، أقول لك عش وكل وأشرب لكن أعتبر العالم وسيلة وليس غاية، أعتبر أن أمور كثيرة هي أداة توصيل، لكن الجسد هذا وسيلة، العمر هذا وسيلة وليس غاية، العمل هذا وسيلة ليس غاية، المال هذا وسيلة وليس غاية، العالم بكل ما فيه يا أحبائي هو وسيلة وليس غاية، أنت ترتدي الملابس لكي تستر جسدك، أنت تأكل لكي تأخذ طاقة لكي تحيا، لكن للأسف يا أحبائي الإنسان قد انخدع وجعل الوسائل غايات، أصبحت الملابس هدف، النزهة هدف، الطعام هدف، والمال هدف، يقول لك لا بذلك يكون عدو الخير قد نجح في أنه يحول الوسيلة إلى غاية، لا تحب العالم، أنظر إلي العالم على أنه وسيلة، باستمرار لا تجعل روح العالم تدخل داخلك، مثلما شبه القديسين العالم إذ يقول لك إذا كان هناك مركب بها ثقب وهذا الثقب يظل يدخل منه المياه، فتغرق المركب، هكذا العالم أيضاً يدخل إلى داخل مركبك، يغرقك، قم بمراقبة نفسك جيداً جداً، إلى أي درجة ارتباطك بالعالم؟، مدى تمسكك بأمور العالم، تقول لي كيف أترك؟ أقول لك أنه لا يمكن أنك تحب العالم وتحب الله، لابد أن يكون من داخلك شعور بالزهد في أمور كثيرة، لابد أن تعرف أن العالم لا يعطيك قيمة، مثلما كان يقول "لست أريد شيئا من العالم لأن العالم أفقر من أن يعطيني"، أفقر من أن يعطيني، عندما تسأل أحد القديسين وتقول له ماذا يمثل العالم بالنسبة لك؟ يقول لك أصلي له، ما العالم بالنسبة لك؟ العالم بالنسبة لي أرى فيه الله، الكون كله يمجد الله، العالم هذا الله أبدع خلقه من أجل أن يعلن قدرته في الإنسان هذا هو العالم، الهواء والبحر والصحراء والخضرة والسماء ترى فيهم مباهج عمل الله، فعندما ترى العالم بأعين المسيح، وتراه بالأعين الإلهية يكون عالم جميل، لكن إذا رأيته بالشكل البشري الذي يأخذك من الله تجده يبعدك كثيراً، فأين الروح القدس مع محبة العالم؟! لا يوجد.
لذلك يا أحبائي المسافة بيننا وبين الروح القدس هي نفس المسافة بيننا وبين خطيئتنا، المسافة بيننا وبين الروح القدس هي مسافة محبتنا للعالم أو ابتعادنا عن العالم، كلما ابتعدنا عن العالم كلما تقرب مسافة الروح القدس، كلما كرهنا الخطية كلما تقرب المسافة بيننا وبين الروح القدس لماذا؟ لأنه لا يعمل مع الخطية، هو لا يعمل مع محبة العالم.
ثالثا: شركة الثالوث :
ما هي شركة الثالوث؟ لا يمكن أن يكون لك علاقة بالروح القدس بدون الآب والابن أبدا، الآب والابن والروح القدس، فالثلاثة يوصلوا لبعض، الثلاثة يعرفوك ببعض، الثلاثة يكشفوا لك بعض، الثلاثة يوصلوك لبعض، كل شيء صنعه الآب بالإبن عن طريق الروح القدس، فأنت في كل صلوه تقول بسم الآب والابن والروح القدس، أنت في كل صلوه أنت تتودد للثالوث، أنت تقول "المجد لك مع أبيك الصالح والروح القدس لأنك أتيت"، المجد لك فإن هذا الابن مع أبيك الصالح الآب والروح القدس لأنك أتيت، تتحدث مع الثالوث، شركة الثالوث القدوس هي التي تعرفك ماذا تعني الروح القدس، علاقتك بالابن كفادي ومخلص، علاقتك بالآب كأب سماوي حنون محب، علاقتك بالروح القدس كمرشد ومعزي، الله الآب أبوك، والابن هو مخلصك وفاديك، والروح القدس هو مرشدك ومعزيك، إذن انت عن من منهم تقدر أن تستغني؟! وأيهما أكثر من الثانية؟!، وأي منهم تستطيع أن تعيش بدونها؟!، لا يوجد فالثلاثة هم سر حياتك، شركة الثالوث في العبادة، تجد نفسك تقول أجيوس ثلاث مرات، تجد نفسك ترشم الصليب بسم الآب والابن والروح القدس، تجد نفسك تتحدث كثيراً على المجد لك مع أبيك والروح القدس، تجد كثير من العبارات في الكنيسة تتحدث عن الروح القدس، عندما تتحدث في قانون الإيمان تجد جزء عن الآب، جزء عن الابن، جزء عن الروح القدس، بالحقيقة نؤمن بإله واحد الله الآب ضابط الكل خالق السماء والأرض، وبعد ذلك نقول هذا الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من الروح القدس، وبعد ذلك نعم نؤمن بالروح القدس الرب المحيي المنبثق من الآب، حينئذ وأنت تقول قانون الإيمان أنت خاطبت الآب وخاطبت الابن وخاطبت الروح القدس، وأنت ترشم الصليب على نفسك أنت خاطبت الآب وخاطبت الابن وخاطبت الروح القدس، شركة الثالوث القدوس، أن يكون لك علاقة بالآب أبوك، والابن فاديك ومخلصك، والروح القدس مرشدك ومعزيك، هذا يجعل الروح القدس يدخل في حياتك بشكل سلس، تجعل الروح القدس من داخلك يعمل من خلال عمل الثالوث الكلي في حياتك لأنه لن يعمل بمفرده، لأنه غير موجود بمعزل عن الآب والابن ، ولا الأبن موجود بغير الآب والروح القدس، ولا الآب موجود بغير الابن والروح القدس، مثلما يتحدثوا عن الشمس التي لا تستطيع أن تفصل نورها من شعاعها من حرارتها، الشعاع والنور والحرارة هم واحد، لا يوجد شخص يستمتع بحرارة الشمس بدون ضوئها، ولا يوجد شخص يستمتع بضوء الشمس بدون حرارتها، هكذا الروح القدس، الروح القدس يا أحبائي أنت تستمع به من خلال عمل الآب والابن، الروح القدس شركته لا تكون أبدا بمفردها، لذلك يا أحبائي الإنسان الذي يكره الخطية، والإنسان الذي لا يحب العالم يكون مسكن الله، يكون مثل أمنا السيدة العذراء عندما يقول "لأن الآب أختارك والروح القدس ظللك والابن تنازل وتجسد منك" الثلاثة، اختيار من الله، روح قدس يظلل، ابن يسكن، هذا يا أحبائي عمل الثالوث، شركة الثالوث.
إذن نحن يا أحبائي في هذه الفترة التي فعلتها الكنيسة بحكمة شديدة لكي تهيأ المؤمنين لعطية الروح القدس الذي سوف نأخذه، فيوم الأحد يا أحبائي هو عطية العطايا، هو العطية العظمى، هو غاية محبة الله للإنسان، أن يعطيه روحه، وأن يسكن فيه، لذلك يا أحبائي نحن من المفترض أن الكنيسة تتعامل مع العشرة أيام الذين بين الصعود وحلول الروح القدس بإكرام جزيل، لأن السيد المسيح قال لهم "لا تبرحوا أورشليم حتى تنالوا قوة من الأعالي"، فهؤلاء العشرة أيام وقت ترقب وانتظار لعطية عظمى، المفترض أنه بحسب التعبير العالمي أننا نحضر شيء مثل stop watch)) وتظل تقلل من الزمن المتبقي ونحن كلنا ترقب كم متبقي من الوقت؟! كم متبقي من الوقت على أخذ العطية العظمى التي هي عطية الروح القدس؟، وبمقدار اشتياقك وبمقدار انتظارك، وبمقدار توددك للروح القدس سوف تعرف معنى عطية الروح القدس، لأنه من الممكن أن شخص لا يفهم في الألماس وشخص آخر يعطيه هديه ألماس يقول لك ما هذه القطعة الصغيرة التي أحضرها لي، لأنه لا يفهم معناه، لكن الذي يعرف ما معنى الروح القدس، يعرف ما معنى اليوم الخمسين، الذي يعرف معنى الروح القدس يعرف معنى عيد العنصرة.
لذلك يا أحبائي ليتنا في هذه الأيام نصلي كثيراً كلمة "هلم تفضل وحل فينا"، قم بترديدها كثيراً، كل فترة من الزمن رددها في داخلك، كل فترة تقول هلم تفضل وحل في، هلم تفضل وحل في، ..... ، لكي تهيئ نفسك وأنت داخل الكنيسة وأنت تأخذ عطية العطايا، عطية الروح القدس.
ربنا يعطينا يا أحبائي أن يكون لنا ترقب واشتياق وانتظار لعطية الروح القدس وأن نكون مستحقين لها وأن يكون فاعل في داخلنا.
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.

عدد الزيارات 1592

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل