انت هو المسيح ابن الله الحي

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين المجد للآب والابن والروح القدس الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور كلها آمين .
تقرأ علينا الكنيسة يا أحبائي في هذا الصباح المبارك فصل من بشارة معلمنا متى الإصحاح السادس عشر عندما "جاء يسوع إلى نواحي قيصرية فيلبس، كان يسأل التلاميذ قائلا من تقول الناس إني أنا ابن البشر، أما هم فقالوا قوم يقولون أنك يوحنا المعمدان، وقال آخرون إيليا، وقال آخرون آرميا أو واحد من الأنبياء، قال لهم وأنتم من تقولون إني أنا، فأجاب سمعان بطرس وقال أنت هو المسيح ابن الله الحي، فأجاب يسوع وقال له طوبي لك يا سمعان بن يونا إن لحما ودما لم يعلن لك هذا لكن أبي الذي في السموات".
في الحقيقة يا أحبائي إن معرفة ربنا يسوع المسيح هي مركز حياتنا المسيحية والتي تؤدي بنا إلى الحياة الأبدية، من هو المسيح بالنسبة لي؟، من يقول الناس إني أنا، أنا من؟ في الحقيقة قالوا له يقولون عنك أنك يوحنا، وقالوا يقولون عنك أنك إيليا، ويقولون عنك أنك ارميا، قال لهم أنا يقال عني أشخاص كثيرة جداً!، ما كل هذا؟! لكن أنتم تقولون من أنا؟، من تقولون أنتم إني أنا؟، الحقيقة أجاب بطرس وقال له أنت هو المسيح ابن الله الحي، في الحقيقة إعلان بطرس إعلان كان ينتظره ربنا يسوع المسيح أن يسمعه من تلاميذه، لأنه بلا شك ربنا يسوع المسيح وهو في حياته كبشر يتردد فيه الكثيرون، ربما إذا عرفوا أنه هو المسيح ابن الله ربما ليس فقط يتردد فيه الكثيرون لا بل يعثر فيه الكثير، لأنه من هو ابن الله هذا؟، من هو ابن الله الحي هذا الجالس في وسطنا يذهب، يأكل، يشرب، ينام، يتعب، من هذا الذي نقول عنه أنه المسيح ابن الله الحي؟!، لذلك ربنا يسوع المسيح عندما سمعها من بطرس أعطى له التطويب، قال له "طوباك، طوباك يا سمعان بن يونا إن لحما ودما لم يعلن لك"، ليس هناك أحد جلس معك وشرح لك وحلل لك وأفهمك قال لك بما أن ... إذن، تتذكر عندما رأيناه في الموقف ..... فمن يكون؟ فهو ...... لا لم يجلس معه أحد ليفهمه، لكن ما الذي جعله يقول هذا الكلام؟ إعلان، ما الذي جعله يقول هذا الكلام؟ المعرفة، ما الذي جعله يقول هذا الكلام؟ الاحتكاك، ما الذي جعله يقول هذا الكلام؟ ربنا يسوع المسيح نفسه عندما وجد استجابته، عندما وجد محبته، عندما وجد تودده أعلن له، قال له "إن لحما ودما لم يعلن لك هذا" نحن يا أحبائي لابد أن نعرف من هو المسيح بالنسبة لنا؟، وإذا كنا نقول هو المسيح ابن الله الحي فلابد أن تكون ليس من مجرد العقل لا فهي لابد أن تكون إعلان، ما معنى إعلان؟ بمعنى أنه لابد أن نقولها بقلوبنا، ما الفرق بين العقل والإعلان؟، ما الفرق بين المعرفة والإعلان؟ ، العقل هذا بالتحليل، بالمنطق، بالمذاكرة، لكن الإعلان هذا بالقلب، الإعلان هذا بالاستنارة، الإعلان هذا معرفة من الداخل ليس من السطح، الإعلان هذا عميق، الإعلان هذا تدريجي، الإعلان يمتد إلى الإنسان الخفي، الإعلان يمتد إلى جوهر الإنسان وإلى داخل الإنسان وإلى كيان الإنسان، هذا الفرق بين الإعلان والمعرفة ، قال له "إن لحما ودما .... لكن أبي الذي في السموات" إنه إعلان لذلك يا أحبائي الحياة المسيحية قائمة على الإعلانات، ما معنى إعلان؟ يعني التجسد هذا إعلان، الصليب هذا إعلان، الثالوث هذا إعلان، المجيء إعلان، السماء إعلان كل هذه الأمور يا أحبائي إذا كنا نضع ركائز حياتنا المسيحية على معرفة عقلية وليس إعلان تصبح حياتنا هشة، تصبح حياتنا مهتزة، ستجد المجيء والدينونة والتجسد والصليب موضع تردد وشك، وموضع فحص ليس موضع إيمان وتسليم وخضوع، لذلك قال له "طوباك يا سمعان بن يونا أن لحما ودما لم يعلن لك أبي الذي في السموات"، معرفة حياتية، معرفة عشرة، معرفة الله معرفة اقتراب، معرفة سجود، معرفة خضوع لابد يا أحبائي أن نختبر إعلان ربنا يسوع المسيح لنا في السماء، ما أجمل سفر الرؤيا عندما يبدأ بكلمة إعلان يسوع المسيح، إعلان، إعلان لشيء خفي، إعلان لشيء سري، يعلن فقط إلي المحبين والراغبين والصادقين والجادين، يفتح للإعلان، بمقدار ما نتودد إلى الله بمقدار ما يعلن لنا ذاته، بمقدار ما نكون أمناء وراغبين وشغوفين في معرفته هو يفتح لنا كنوز معرفته لذلك تجد شخص يعرف الله وشخص آخر يعرفه فقط بالعقل أو بالمنطق أو بالأفكار، لماذا؟ لأنه آخذ الأمر من على القشرة الخارجية، لذلك يصدم في أي شيء، ويعثر في أي شيء، وبمجرد أن الله لا يفعل له ما يريد يتضايق مجرد أن الله يرسل تجربة معينة يبدأ يتشكك في الله نفسه لماذا هذا؟ لأنه يريد الله الذي يخدمه هو، يريد الله الذي يحقق له رغباته، يريد الله الذي يفحصه بعقله، لكن إعلان ربنا ليس كذلك يا أحبائي، الله غير مفحوص ، إذا كان الله مفحوص لم يكن إله، إذا كان الله يدرك بالعقل لم يكن إله، لذلك هنا قال "طوباك يا سمعان بن يونا إن لحما ودما لم يعلن لك". فكيف يكون هذا الإعلان؟ قم واتبع ربنا يسوع المسيح، أذهب خلفه، أحضر كل المواقف التي يفعلها، وأحضر كل التعاليم التي يقولها، وافتح قلبك وآمن، وافتح قلبك وصدق، ستجد شعور قوي جدا يقول داخلك أنت هو المسيح ابن الله الحي، جربه وهو يغفر لك، جربه وهو ينير عقلك، جربه وهو يعطيك تواضع، جربه وهو يعطيك من كنوز خيراته، جربه وهو يعطيك سلام في حياتك، تقول من هذا؟ تقول هذا المسيح ابن الله الحي، تقول هذا ربي وإلهي ومخلصي يسوع المسيح، هذا ما آراه كل يوم، والذي أحب أن أجلس معه، والذي أحب أن أسمع له، والذي أحب أن أجلس تحت أقدامه، لذلك يا أحبائي إعلان ربنا يسوع المسيح هذا لا يأتي بالعقل، بل يأتي بالحب أحد الآباء القديسين يقول "إن أردت أن تعرف أسرار اللاهوت كيوحنا افعل مثله" ما هو مثله؟ أن تتكئ على صدر المخلص، من أين عرف يوحنا الأسرار؟ كان يجلس بجواره كثيراً، كان يتكئ على رأسه، كان يضع رأسه على كتفه، كان يجلس جانبه ويتودد إليه ويكون ملاصق له ويتبعه أينما يذهب، عندما تودد إليه، عندما تتبعه أينما يذهب، عندما وضع رأسه على كتفه، بدأ يفهم أسرار وأسرار وأسرار، لذلك أكثر شخص كلمنا عن لاهوت ربنا يسوع المسيح هو يوحنا، لماذا؟ قال لك لأن هذا سر معرفة اللاهوت، ما سر معرفة اللاهوت يا أحبائي؟ ما سر أنني أعرف الثالوث القدوس؟ لكي أعرفه جيداً أقترب من الله، أقترب منه، ومن فكره، ومن أفعاله، تودد إليه، أعبده بصدق وأمانة، أسجد كثير.
لذلك الآباء يقولون "أن اللاهوتي الحقيقي هو المصلي، من اللاهوتي الحقيقي؟ الذي يصلي كثير، الذي يصلي كثير يعرف، هذا هو الذي يقال له طوباك لأن لحما ودما لم يعلن لك هذا، كشف له الأسرار، قال له أنت المسيح ابن الله الحي، ابن الله الحي نعم، انتهبوا إلى أن المعرفة في عصر ربنا يسوع المسيح كانت معرفة سيادية، بمعنى أن الكل ينتظر ويتوقع المسيا، لكن أي مسيا الذي هم يتوقعوه؟ المسيا في خيالهم شخص عظيم جدا سوف ينتصر بهم في جميع الحروب، المسيا في نظرهم شخص يحررهم من أي عبودية، المسيا في نظرهم شخص سيأتي عليهم بأراضي كثيرة متسعة وفيرة سوف يرثوها وهي ليست لهم، المسيا بالنسبة لهم يعني انتصارات في الحروب وخيرات وتوسعات أرضية، وشخص يسحق جميع الأعداء، هذا هو المسيا. فهم يظلوا يقولوا هيا تعالى يا مسيا، خلصنا من الرومان، أوسع أرضنا، أغنينا، أعطينا، فهذا هو المسيا الذي في ذهنهم. لكن جاء ربنا يسوع المسيح بعكس ما تصوروا تماما، فقير بسيط متواضع هادئ، يدخل مع كتبة وفريسيين في حوارات، لا يريد أن يدخل في الأمور السياسية، فهل هو أنت حقا المسيا أم لا؟ لا بالتأكيد ليس هو، فكل العلامات التي تقول أنه هو المسيا ليست هي بالنسبة لهم، لماذا؟ لأنهم كانوا يفهموا المسيا بالمعنى الضيق، بالأرض والأعداء والميراث والغنى والعظمة والغلبة، لكن الحقيقة أن ربنا يسوع المسيح آتي ليهزم الأعداء الغير منظورين، أن ربنا يسوع المسيح جاء ليعطينا ميراث ملكوت السماء وليس هذه الأرض التراب، وأن مفهوم العظمة عند ربنا يسوع المسيح أن الذي يكون آخر الكل يصبح هو أول الكل، فهو قد غير المفاهيم، لذلك أعثروا فيه ولم يفهموه، لكن بطرس رغم أنه هو عكس المفاهيم الأرضية التي تقول أنه له هذه الصفات لكي يكون هو المسيا، لكن رغم أنه عكس هذه المفاهيم كلها إلا أنه أثبت لهم وأعلن وقال أنه هو المسيح ابن الله الحي، بالطبع من المؤكد أن هذا الاعتراف أفرح ربنا يسوع، وبالتأكيد اعتراف بطرس غير مفاهيم كثيرة في أذهان بقية التلاميذ نحن يا أحبائي إذا عاش إنسان واحد فقط بعشرة حقيقية مع الله يكون هو نفسه خير إعلان عن الله، إذا اختبر إنسان واحد حلاوة الله في حياته يكون هو خير معلم عن ما هي الحياة مع الله، ربنا يسوع يحتاج لنموذج مثل بطرس لكي يؤمن به الآخرين، لأنه هو قال لهم وهم مغلقين قلوبهم لن يدركوا.
نحن يا أحبائي الله أعطانا إعلان له، أعطي لنا إعلانه، نحن المحظوظين الذين أعلن لنا، نحن الذين أخذنا مسحة الروح، نحن الذين أخذنا السر المقدس، نحن الذين أخذنا مسحة الميرون، ماذا تفعل مسحة الميرون؟ تنير القلب، تنير العقل وتجعله يستوعب الأمور الروحية، تجعله لا يأخذ الامور الألهية بالتحليلات العقلية، نحن الذين أكثر أشخاص أعطيت لهم مواهب الروح القدس، ومعرفة الروح القدس أعطيت لنا، ولكن ماذا تفعل فينا معرفة الروح القدس؟ يعرفنا روح الله لأنه لكي تعرف من هو المسيح بدون الروح فذلك صعب، القديس يوحنا قال "لا يستطيع أحد أن يقول أن المسيح رب إلا بالروح القدس". فهل نحن أخذنا الروح؟ نعم أخذنا الروح، إذن نحن نستطيع أن نهتف ونقول أن المسيح رب بكل سهولة لأنه أعطي لنا الإعلان، إعلان يسوع المسيح، لحما ودما لم يعلن لك، فهذا الإعلان ساعد قلبك أن ينمو، افتح قلبك لهذا الإعلان لكي يثمر هذا الإعلان فيك، اعتراف بألوهيته، كرازة بألوهيته، تمجيد لألوهيته، افتح قلبك لكي لاهوت معرفة الله ومعرفة الثالوث تثمر في حياتك، سر يا أحبائي تعطلنا الكثير في حياتنا الروحية الكلمة التي قالها لليهود أنتم تسجدون لما لستم تعرفون، عندما نعرف جيداً نحن لمن نسجد، أتعلم معرفة الله ماذا تعمل فينا؟!، تجعلك لا توجد لحظة في حياتك أنت مبتعد فيها عن الله، قلبك ينبض بمحبته، فكرك دائما يكون ملتصق به، لسانك دائما يلهج فيه، حتى إن أكلت أو شربت أو نمت أو عملت في كل أمورك أنت في حالة وحدة بالله، لماذا؟ لإنه أعلن لك لأن الله بالنسبة لك ليس لحظات، لا بل حياة، الله بالنسبة لك ليس نظريات لا بل إعلان ومن هنا يا أحبائي نحن نحتاج جداً أن نفتح قلوبنا باستمرار لإعلان ربنا يسوع المسيح، ونطلب أن الله يعلن لنا ذاته، نطلب أن الله يكشف لنا حقائق، نطلب أن الله يعطينا القلب المفتوح لكي يرى عجائب، لكي هذه المعرفة تغير في مفاهيمي، تغير في حياتي، الحياة المسيحية يا أحبائي قائمة علي الإعلان، لذلك حتى الكنيسة قائمة على الإعلان، لماذا؟ كلها اسمها أسرار، أنت تجلس اليوم تصلي ولديك إيمان أن السماء تكون مفتوحة، ولديك إيمان ويقين أن الله يسمع، ولديك إيمان ويقين أن روح الله يحل في وسطنا، ويحل على القرابين ويقدسها ويطهرها ويحولها ويظهرها لنا، وبعدما يحول القرابين نتناول جميعاً، ونتناول كلنا قطعة صغيرة كأنها جزء طعام أرضي لكن إيماننا ويقيننا كله أنه جسد سماوي، فما هذا كله؟ كل هذا إعلان، لذلك يا أحبائي الحياة المسيحية قائمة على الإعلان، كذلك الطفل الصغير وهو يعمد، الطفل لا توجد به علامة ظاهرة أمام أعيننا خارقة للطبيعة، نحن نري طفل صغير أخلعنا ملابسه، وأنزلناه في ماء، وتجد الجميع يفرح ويتهلل، فما الذي حدث؟!، لا فإن هناك سر حدث، هناك تحول جوهري حدث، لأن هذا الولد كان مولود من التراب لكن الآن أصبح مولود من الروح، كان مولود من الجسد وأصبح مولود من الله، كان مولود وارث الموت الآن آخذ الحياة الأبدية، كان مولود منسوب لأبيه وأمه الآن منسوب للمسيح وللكنيسة، كان مولود ومعه خطية الآن آخذ بر وغفران خطايا، هل كل هذا حدث؟ نعم كل هذا حدث، كيف؟! بإعلان، بإعلان، أيضا أثنين يدخلوا الإكليل لكي يتزوجوا مازالوا هما أثنين، بعدما يتم سر الإكليل لا تمضي ساعة حتى يقول لك هما ليسوا إثنين هما أصبحوا جسد واحد، فكيف يصدق هذا الكلام؟ بالإعلان، الحياة المسيحية يا أحبائي إعلان، الإنجيل إعلان، اللاهوت إعلان، الحياة الأبدية إعلان، هذا الإعلان يحتاج أن نجلس طوال عمرنا طوال عمرنا نكتشف فيه، وأجمل ما في حياتنا يا أحبائي أنها في المسيح يسوع لا تدرك كمالها إلا في الأبدية، بمعنى أننا نظل نكتشف أشياء ونفرح نفرح نفرح نفرح ونقضي أجزاء كبيرة من الطريق لكن لا نبلغه، مثلما قال معلمنا بولس. "نحن ننظر الآن في مرآه"، بمعنى أننا سنأخذ الحياة الكاملة فوق، يا لبهجة يا لبهجة الإنسان الذي عاش في المسيح يسوع على الأرض عندما تكتمل معرفته في السماء، عندما يعرف كل أسرار اللاهوت، ويعرف كل أسرار التجسد الإلهي، ويعرف كل أسرار الحياة مع الله، ويعرف كل أسرار حقائق الحياة والأمور الغامضة، ويعرف كل أسرار تدابير الله مع البشر، لذلك السمائيين لا يكفوا عن تسبيحه وتمجيده لأنهم عرفوا أشياء مذهلة، لماذا؟ لأن الإعلان أكتمل نحن الآن يا أحبائي علينا أن نجتهد في هذا الإعلان، لا تترك الإعلان الذي يريد الله أن يعطيه لك، لأن هذا يتوقف عليه أمور كثيرة جدا في حياتك، لأنه إذا كانت حياتك بدون إعلان ستكون مجرد معتمد على مجموعه الأمور التي تراها بعينك، والأمور التي تراها بعينك لا تجعلك تتقدم كثير، لأنه قال لك هكذا "غير ناظرين إلى الأمور التي ترى بل إلى الأمور التي لا ترى لأن الأمور التي ترى وقتية وأما الأمور التي لا ترى فأبدية" ربنا يعطينا إعلان محبته وإعلان معرفته ونسعى فيها ونكتشفها فنمجده ونعترف به ليلا ونهارا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.