لا لليأس

Large image

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين . تحل علينا نعمته وبركته ورحمته الآن وكل أوان وإلي دهر الدهور كلها آمين .

فترة الصوم الكبير يا أحبائي هي من أقدس فترات السنة والهدف منها التوبة والرجوع إلى الله بكل القلب، ومن الممكن يا أحبائي أثناء الصوم يكون لدينا بعض الضعفات، ووقتها يدخل إلينا روح يأس أو فشل أو حزن، وتقول إنني صائم وأفعل الخطية، فما فائدة الصوم؟، هل الله يقبل صوم مثل صومي، وتجد الصوم تحول إلى شكل ميت، وهذه في الحقيقة يا أحبائي خدعة شيطانية شديدة جداً على الإنسان، أن يجعله يفعل الشيء الروحي لتسكين الضمير ولا يرجو منه أي نتيجة، لماذا هذا؟ كيف يكون الإنسان يصلي ويشعر أن هذا الموضوع ليس له أية فائدة، يصوم ويشعر أن هذا الموضوع ليس له أية فائدة، يفعل أفعال روحية على قدر ما يستطيع لكن في نفس الوقت لا يرجو نتيجة، لماذا؟ لأنني قمت بالتجربة قبل ذلك ولم يأتي بنتيجة وأنا مثلما كنت، فإذن أنا صائم فقط لكي لا أكون خرجت عن التقاليد الموروثة، وخرجت عن عادات كنت أفعلها منذ الصغر، فأنا صائم وكفى بذلك، كيف يا أحبائي يتعامل الإنسان مع هذا الموقف؟!، أقول لك افعل كل ما هو عليك واجعل لديك رجاء، أنت تفعل من أجل الله ليس من أجل نفسك، أنت تفعل لكي تكون أمين والله هو الذي يقوم بمكافأتك، لابد أن نكون مدركين جدا يا أحبائي أن الله لا يطالبنا بالنتائج، ولكن يطالبنا بالأمانة والجهاد والتعب، الله لا يطلب منك شئ فوق طاقتك لكنه في نفس الوقت يريد أن تبذل أقصى طاقتك، الله يريد أن يقدسك بالكمال، تكون ملكه حقيقي، قلبك ملكه، فكرك ملكه، ومشاعرك ملكه، بيتك ملكه، زوجتك ملكه، وأبنائك ملكه، كل ما تملك ملكه، الله يريد أن يملك على الحياة، ومن هنا يا أحبائي عليك أن تعيش بفكر مقدس، وتتمسك برجائك، وإن سقطت.
لذلك الكنيسة يا أحبائي تقرأ لنا في أحاد الصوم وتحدثك مرة عن الابن الضال، وتقول لك هيا ارجع مرة أخرى، المرة التي تليها تحدثك عن السامرية، تقول لك أن هذه السامرية تكرر سقوطها عدة مرات لكنها رجعت، فإن تكرر سقوطك عدة مرات أرجع، بعد ذلك يحدثك عن المخلع لكي يقول لك مهما طالت فترة المرض ومهما طالت فترة الخطية لا تيأس أبدا، ما هي الميزة لدى هذا الرجل المخلع؟، ما الذي جعل ربنا يسوع يتحنن عليه هو تحديداً ويلقيه في البركة أول شخص؟، أنه صبر 38عام ولم يرى أي نتيجة ولا أي تحسن لكنه جالس بجانب البركة، مهما كانت حالتنا يا أحبائي لا يوجد بها تحسن يجب أن تظل بجانب البركة، ما هي البركة؟ هي ينبوع النعم، الكنيسة، الأسرار، ينابيع الروح هذه هي البركة، ظل بجانب البركة، لا تترك الصلوات، لا تتركك الأصوام، لا تترك الكنيسة، لا تترك الكتاب المقدس، ظل بجانب البركة، وطالما إنت بجانب البركة سوف تشفى، وإن لم تكن شفيت الآن، ظل بجانب البركة لا تترك المكان، لا تترك الجهاد، لا تترك سلاحك الروحي أبدا، وعدو الخير يظل يعمل علي هذه النقطة، يقول لك أنت تصلي ولم تشعر، وتصوم بلا فائدة، وتذهب الكنيسة ولا يوجد نتيجة، يقول لك هذا يكفي، لا صوم ولا صلاة ولا كنيسة، وعش مثلما تكون وكفى لا تتعب نفسك، فقل له لا أبدا، أنا لا أفقد رجائي أبدا، لذلك نحن دائما نقول له يارب لا تقطع رجاءنا يا سيدي من رحمتك، يمكن أن يأتي إليك لحظات ضعف لكن طالما أنت متمسك برحمة ربنا أنت تعرف أن تتغلب على هذا الضعف، أنت لابد أن تعرف باستمرار أن أمام الله النعمة الوحيدة التي سوف تدخلك الملكوت هي رحمة ربنا، أنت لا تدخل باستحقاقاتك، أنا لا أدخل باستحقاقاتي، لا يوجد إنسان منا يستحق العطايا التي يعطيها الله له، لكن ماذا؟ لأننا لا نتكل على برنا بل على رحمتك هذه التي بها أحييت جنسنا، فعلى ماذا نتكل؟ على رحمته، أكثر كلمة الكنيسة تعلمها لك أن تقول يارب ارحم، كيرياليسون، يارب أرحم، ارحمني يارب، طالما أنك تقول ارحمني فأنت تسير في الطريق الصحيح، حتى وإن كنت تخطئ، طالما أنت متأسف في قلبك ونادم على كل فعل خطأ فعلته فأنت تسير في الطريق الصحيح حتى وإن كنت تخطئ.
على سبيل المثال عندما يأتي يا أحبائي أحد منا ليشتري شيء من عند البائع ولنفترض أنه يشتري طماطم أو برتقال يقول له أعطني إثنين كيلو ويبدأ في أن يضع البرتقال هكذا واحدة تلو الأخرى إلى أن يضع برتقالة فتأتي بالإثنين كيلو، فهل هذه البرتقالة الأخيرة هي التي أتت بالوزن المطلوب أم كل ما قبلها، نحن كذلك، أنت قد وضعت جهاد عند الله لكن الكفة لم ترجح بعد فهذا غير منسي أمام الله، هذا جزء من خطة جهادك، وجزء من خطة خلاصك، أقول لكم على أمر خطير جداً يا أحبائي بفرض أننا أتينا بنتيجة سريعة جداً وهائلة وممتازة والمرجوة، وجميعنا أصبحنا أبرار، وجميعنا أصبحنا بلا خطية، وقد نلنا كل ما نلناه، لا يوجد حروب في أجسادنا، وليس لدينا أطماع في العالم، وليس لدينا أي سقطات من أي نوع، تخيل نفسك في هذا الوضع، تخيل أنه من الممكن أن يصل بك لدرجة أنك لا تحتمل هذا البر، أقول لك عندما أكون جيد ولا يوجد لدي أي سقطات فهذا شيء جميل، لكن إذا كنت وأنا ممتلئ بالأخطاء أقوم بالإدانة للآخرين، إذا كان وانا ممتلئ بالضعفات ولا أترك أحد وشأنه، أما إذا كنت أنا بلا عيوب، فماذا أفعل في الآخرين؟!، أنا لن أترك شخص فأنا سوف أريد أن أحاكم وأعاقب الجميع، لذلك فالله يسمح أن يكون فينا هذه الضعفات، لكي تكون هي بذرة تواضعنا، لكي تكون هذه الضعفات بذرة رحمة مننا للآخرين، لكي عندما يقولوا لك على شخص فعل .... أو..... تقول ربنا يسنده، ربنا يساعده، وربنا يسامحه ويسامحني، ويغفر له ويغفر لي، لماذا؟ لأننا كلنا في الموازين إلى فوق.
لذلك يا أحبائي هذا الضعف يمكن أن يكون هو وقود محبتنا لله إننا نحتاج إلى الله، لأن لدينا ضعفات غير قادرين علي التخلص منها، فماذا نفعل؟ نصرخ لله، لذلك يا أحبائي الأخطر من الخطية هو اليأس، من الممكن أن الله لا يغضب منك إذا سقطت في الخطية لكن يغضب منك أكثر إذا رفضت التوبة، ومن الممكن أن الله يتحنن علينا بسبب خطايانا لكن من الممكن يغضب منا بسبب أننا يأسنا من رحمته، لأن الذي يفعل خطايا كثير وييأس معها كأنه يرسل إلى الله رسالة ويقول له أنت لا تغفر، كأنه يرسل إلى الله رسالة صعبة جدا يقول له أنت قاسي، أنت لا تغفر، وربما يقول له أنت لا تستطيع أن تغفر خطاياي لأنني خطاياي كبيرة قليلاً عن الآخرين، فأنت لا تغفر، أنت قاسي، أنت لا تستطيع أن تغفر، وهذه هي أكبر أهانه نقوم بتوجيهها إلي الله.
لذلك يا أحبائي اليأس أخطر كثيراً جداً من الخطية، الخطية التي تجلب علينا تواضع، الخطية التي تجعلنا نهرب إلى الله، الخطية التي تجعلنا نصرخ لله، فهي سبب برنا ليست سبب هلاكنا، لكن ما سبب الهلاك الفعلي؟ أن الإنسان يخطئ وييأس، لذلك يا أحبائي يقول لك "لأننا بالرجاء خلصنا"، فلا تقطع رجائك أبدا، مهما كان الحال لديك، علمنا الآباء دائما يقول لك دعك مثل الطفل الصغير الذي مهما أخطأ يذهب ويلقي بنفسه في حضن أبوه، في حضن أمه، ويكون شاعر بالأسف وفي نفس الوقت شاعر أنه مقبول، تخيل معي مشاعر الابن الضال عندما رجع وهو مرتمي في حضن أبوه، كان يشعر في هذه اللحظة بإحساسين متناقضين تماما، أنه سيء جدا جدا جدا، وأنه لا يستحق أبدا أبدا أبدا، لكن في نفس الوقت يشعر أنه محبوب جدا، وغالي جدا، وأبيه جميل جدا، ورحيم جداً، لابد أن نشعر بالإثنين مع بعضها البعض يا أحبائي، لابد أن نشعر أننا سيئين جدا فعلاً، قد تمسكنا جدا فعلا، بالآثام حبل بي وبالخطايا ولدتني أمي فعلا، الخطية هي جزء من طبعنا، فعلا ليس مولود امرأة يتزكى أمامه، فعلا كلنا تحت الضعفات، لابد لأن نشعر بهذا جيداً جدا، ونكون متذكرين أن خطايانا كثير كثير، لكن في نفس الوقت لابد أن نشعر أننا في إيدي رحيمة، لابد أن أشعر أنني مقبول من رحمة ربنا، أنا لست مرذول أبدا، لذلك يقول لك الخاطئ هو مجرم ولكنه غير مرذول، يقول لك عش بفكرك في الجحيم ولكن لا تيأس أبدا، قل دائما أنا غير مستحق لأي بركة الله يعطيها لي، لكن في نفس الوقت لا تيأس أبدا، لأنك لا تأخذ أي بركة بناءاً على استحقاقك لكن بناء على رحمته هو، بناء على أبوته هو، لذلك الكنيسه تريدنا في الصوم ألا نخرج منه إلا وقد جاهدنا ضد خطايانا، لا نخرج إلا ونحن رصدنا خطايانا وأصبحنا نئن منها ونقول يارب يارب ارفع عني ... ،... ، ... يارب طهرني، يارب أغسلني، يارب نقيني، يارب اشفيني من عيوبي، إشفيني من كبريائي، إشفيني من محبة العالم، إشفيني من العين الشريرة، إشفيني من محبة المال، إشفيني من الغرور والكبرياء والعظمة، إشفيني من حب التسلط، إشفيني من ذاتي، إشفيني من ضعفاتي، وكل شخص فينا مثلما قال الكتاب يعرف ضربة قلبه، كل شخص له ضربة، ستجد داخلك مشاعر عدم محبة تجاه شخص، ستجد هناك أمور كثيرة أنت خبأتها داخلك، مثلما قال له "هناك خطية رابضة عند الباب وإليك اشتياقها"، كل إنسان فينا لابد أن يبحث عن الخطية الرابضة عند الباب وإليه اشتياقها، ما النقطة التي مربوط منها، ما هي الخطية الرابضة الماكثة المستقرة داخلك وأنت تصمت عليها، وهذا هو أخطر ما يكون، هل هناك يا أحبائي شخص يتفق مع لص يختبئ داخل منزله؟!، هناك تواطؤ بين شخص آتي ليسرقك وأنت تسهل له الحال!، لا فالخطية لابد أن تقاومها حتى إذا كان هذا اللص داخل منزلك، حتى إذا كان لكنه يكون مختبئ منك لكن أنت لن تسكت عليه، هل تعرف أنه في المكان .... و تصمت لا، فلابد أن تصرخ، أن تفعل كل ما في طاقتك، لكي يخرج هذا اللص، أيضاً الخطية هكذا، "في وسطك حرام يا إسرائيل"، أخرج الذي بداخلك وأكشفه أمام الله، وثق أن الذي لا تقدر عليه أنت أن تتركه على الله، هل نحن نقدر على هذه الضعفات؟! فهي ضعفات في الطبع الإنساني البشري، الله هو الذي أعطاك النعمة والقوة التي تعرف أن تتوب بها، كل غنى الله لنا يا أحبائي، كل قوة الله لنا، الكتاب المقدس بكلمته، الصليب بعمله الخلاصي، القديسين بقوتهم، اسم ربنا يسوع المسيح بجبروته، كل هذا من أجل خلاص الإنسان من أجل نقاوة الإنسان وبره.
فلا تمضي علينا فترة الصوم يا أحبائي هكذا، لا بل لابد أن نخرج من الصوم وقد ولد فينا الإنسان الروحي الجديد، لابد أن نخرج من الصوم ونحن فعلا فعلا وضعنا كل ضعفاتنا أمام الله، وضعنا رجائنا فيه هو، وأود أن أقول لك صدقني الذين يجاهدون كثيراً حتى إذا كان بدون نتيجة لهم كرامة كبيرة جداً لدى الله، أستطيع أن أقول لك ومن الممكن أن تكون عبارة غريبة عليك قليلاً أن الذين يسقطوا ويقوموا لهم كرامة أكثر أمام الله من الذين لم يسقطوا ولم يتوبوا لأنهم مثل الأشخاص التي تحارب في ميادين عنيفة، الذي يحارب في ميدان عنيف هذا يكلل، يقول لك أن المجاهد يكلل بكثرة جراحاته، الذي دخل ضد فريق سهل وغلب فهو غير الذي دخل ضد فريق صعب وغلب، اللاعب الذي يدخل فيه جول وبعد ذلك يظل يلعب ويظل يعوض هذه الأهداف هذا مجهوده وفرحة الانتصار لديه أكثر من الذي أنتصر بسهولة، لذلك يقول لك "طوبت الذين أخطأوا وبكوا وناحوا أكثر من الذين لم يخطئوا ولم يبكوا ولم ينوحوا"، أنت ضع ضعفاتك أمام الله وصارع باسمه، وثق أن الحرب للرب، وكل أمانة وكل جهاد وكل تعب ضد ضعفاتك مرصود لك عند الله كرامة، مرصود لك درجة، مرصود لك مكافأة.
إذن نريد أن ننتهي بهذا الصوم أننا لا نصمت على ضعفاتنا حتى وإن كنا لازلنا في ضعف، لا تكن مغرور بالنتيجة لأن عند الله المقياس غير ذلك تماماً، الله ينظر إلى القلب، الله ينظر إلى اشتياق القلب، الله ينظر إلى الاستعداد، ينظر إلى التعب، ينظر إلى الأمانة.
لذلك يا أحبائي ونحن في فترة الصوم المقدس نقدم أقصى ما لدينا، من أتعاب جسد ومن روح صوم حقيقية، من فطام من خطية، من كراهية للخطية، من صرخات وأنات إلى القادر أن ينقذنا، ظل بجانب البركة، لا تترك البركة أبدا لأن سر شفاءك ليس أنك تترك البركة، سر شفائك إنك تظل بجانب البركة، والبركة في التعريف الروحي يا أحبائي يعلمنا القديسين أنها هي الكنيسة، ظل بجانب البركة لكي تضمن شفائك، وكلنا قادمين لكي نكون بجانب ينبوع الشفاء، ويقول لك "كانوا مطروحين حول البركة مرضى بأنواع أمراض كثيرة" عمي وعرج و.... أمراض كثيرة كلنا يا أحبائي قادمين لله ولكل شخص فينا ضعفات مختلفة، لا أحد يدين الآخر لأن الذي يقول لأخيه يا أعرج يقول له معذرة أنت لم تعي أنك لا تبصر، والذي يقول لأخيه أنت لا تبصر يقول له أنت أيضا لا تسمع، فكل منا لديه ضعفه، كلنا مرضى بأنواع أمراض كثيرة، جئنا لنترجى رحمته، كلنا مرضى جئنا لنترجى الشفاء، لم نأتي لكي ندين بعض، لم نأتي لكي نقول لكل أحد ما هو مرضه، كلنا قادمين لكي نلتف حول الطبيب الحقيقي، لكي نأخذ سر شفائنا، الذي يقال عن الجسد والدم "يعطى عنا خلاصا وغفرانا للخطايا وحياة أبدية لكل من يتناول منه".
ربنا يعطينا يا أحبائي في فترة الصوم توبة حقيقية وروح جهاد أمينة، الله ينظر إليها فيرفع ويشفي.
يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.

عدد الزيارات 1574

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل