يعلمكم كل شىء

Large image

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين . تحل علينا نعمته وبركته الآن وكل أوان وإلي دهر الدهور كلها آمين.

تعيش الكنيسة يا أحبائي فترة ما بين عيد الصعود وما بين عيد حلول الروح القدس وهي فترة تسمى فترة ترقب، فترة انتظار، فترة اشتياق، ترقب وانتظار واشتياق للعطية العظمى، فقد كان الرسل بمثابة أشخاص جالسين لدرجة أن ربنا يسوع قال لهم لا تتركوا مكانكم، استقروا واثبتوا في الجلوس، تخيل معي أن شخص ينتظر شيء ما لمدة عشر أيام، يظل ينتظر، ماذا ينتظر؟ ينتظر العطية العظمى، وما هي العطية العظمى؟ هي الروح القدس، وهنا يقول لهم "إذا جاء الباراقليط الروح القدس الذي يرسله الآب بإسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم". ما هو الروح القدس هذا؟، ماذا يفعل فينا؟
قال لك هذا الذي يعلمك كل شيء، تخيل عندما أقول لك أن شخص سيأتي لك ليجلس معك وتقول لي ماذا يفعل معي؟ أقول لك هو يعرف كل شيء، تقول له ماذا تعني بكل شيء؟ هذه كلمة غريبة جدا، كلمة شاملة جدا، يعرفك كل شيء، بمعنى أنه يعلمني القراءة والكتابة، ويعلمني الحياة، ويعلمني ماذا أفعل مع أولادي، ويعلمني ماذا أفعل في عملي، ويعلمني ......إلخ، هل يعلمني كل هذه الأمور؟، عندما يلتحق شخص بعمل جديد لابد أن يتعلم العمل، عندما يجلس شخص مع شخص آخر ليعلمه مهمة ما فهو يخصص له جزئية معينة يعلمها له، حتى إذا كان يريد أن يتعلم الحروف، يتعلم لغة، يتعلم موسيقى، فهذا سوف يتعلم خبرة معينة، لكنه يقول سوف أعرفكم كل شيء، كل شيء.
هل نريد أن نتعلم كل شيء يا أحبائي؟! فلابد أن نخضع للروح القدس، لابد أن الروح القدس يشكل فينا، ويعلم فينا، ويحفر فينا، وتخضع له، وتقول له "هلم تفضل وحل فينا"، يعرفك كل شيء، فالذي يريد أن يعرف كيف يصلي يطلب من الروح القدس، الذي يريد أن يعرف كيف يقرأ الكتاب المقدس يطلب من الروح القدس، الذي يريد أن يعرف فضيلة ويشتهي أن يتعلمها مثل كيف يسامح، كيف يغفر، كيف يكون لديه روح وداعة، يطلب من الروح القدس، الذي يريد أن يكون بداخله روح عفة يطلب من الروح القدس، الروح القدس يعلمك كل شيء، أكبر عائق يا أحبائي يحرمنا من نعمة كبيرة جداً أن تكون علاقتنا بالروح القدس علاقة متوترة، كأنه غير موجود، فإذا كان المصدر الذي يعلمك كل شيء غير موجود فأنت بذلك - عذرا في التعبير - جاهل، غير متعلم، لا يوجد من يعلمني، لا تطلب مني شيء، وأنا غير متعلم، لا يوجد شخص يعلمني، الروح القدس يعلمكم كل شيء.
كثيراً يا أحبائي ما نقول أننا لا نعرف أن نتحدث في الصلاة، عندما أقف للصلاة أشعر بالملل، لا يوجد لدي كلام لأقوله، وإذا وقفت قليلاً بشعر بالملل، وأحيانا أتشتت، وأحيانا لا أقف، فأنا لا أعلم ماذا أفعل؟ أقول لك أطلب الروح القدس، الروح القدس يعلمك الصلاة، يعلمك ماذا تقول؟ قال لك الروح يشفع فينا بأنات لا ينطق بها، ماذا تعني يشفع فينا بأنات لا ينطق بها؟، بمعني أن الروح القدس يجعلك كيف تتحدث، وتتحدث لدرجة أنك لا تتكلم فقط، فأنت تئن، أنا أئن!، إنني لا أعرف أن أتحدث بكلمتين فقط، إنه الروح القدس، الروح القدس هو الذي يصلي داخلك.
لذلك يا أحبائي هناك فرق كبير بين صلاة الشفتين وصلاة الروح، فرق كبير جداً، فرق كبير بين أنك تصلي لمجرد الصلاة وبين صلاة الروح، بالروح تعني أن الروح القدس يصلي داخلك، ولكني لا أعرف الروح القدس هذا؟ أقول لك اطلبه، اطلبه، قل يا روح الله علمني، قل تفضل وحل في، قل انطق في، إعمل في لساني، واعمل في قلبي، واعمل في عقلي، أعمل في كياني، شكلني، شكلني بحسب قلبك، روح الله هو عمله يا أحبائي، فهو اسمه روح القداسة، نعم هو اسمه هكذا، اسمه الروح القدس، فعندما يدخل الروح القدس داخل شخص يقدسه، هذا هو عمله، اسمه هكذا، اسمه الروح القدس، فالروح القدس يقدس، قال لك يعلم كل شيء.
الذي يريد أن يقرأ الكتاب المقدس، يقول لك لكنني لا أفهمه والكتاب طويل والكلام كثير وأمور كثيرة، معظم الكلام أنا لا أفهمه، أقول لك الروح القدس هو الذي يعلمك، فالكلمة مكتوبة بالروح القدس، قال لك كتبه أناس الله القديسون مسوقين بالروح القدس، الذي كتب هو الروح القدس، فمن أكثر أحد يفهمك؟ الذي كتب، الروح القدس فهو أكثر من ممكن أن يفهمك ما هو مكتوب، هل من الممكن أن أقرأ وأطلب من الروح القدس أن يفهمني؟ نعم، نعم قف للصلاة، قف في صمت، وأغمض عينيك، وقل له يا روح الله فهمني، فهمني، فهمني ما المقصود بهذه الآية؟ وما المقصود بهذه الحادثة؟ وماذا تريد أن تقول لي؟ أنا كشخص، بظروفي، بعائلتي، بحالتي، بعمري، بوضعي، وضعي الاجتماعي، بوضعي في العمل، بدوري في المنزل، وضعي في الصعوبات التي أعيشها، يارب ماذا تريد أن تقول لي؟ الروح القدس يتكلم داخلك، فالروح القدس يعلمك الصلاة، والروح القدس يعلمك الإنجيل، تقرا الإنجيل والروح القدس يفهمك فتجد استنارة عجيبة جاءت إليك، وتجد الكتاب المقدس بالنسبة لك بدلاً من أنك كنت لا تعرف أن تفتحه تصبح لا تعرف أن تغلقه، لأن كان هناك حواجز بينك وبينه، لأنك لا تستطيع أن تستوعب، لأن الكلام غريب عليك، يقول لك بدلاً من أنك كنت لا تعرف أن تفتحه ستتحول إلي أنك لن تعرف أن تغلقه، لأن الكلام جميل، والمعنى رائع، والتطبيق يطبق لك على حياتك الخاصة أنت، ويعلمك أنت، ويوبخك أنت، ويجعل الكلمة تطبع داخلك فتكون لها فعل وتأثير، قال لك يعلمكم كل شيء ماذا تريد أن تتعلم؟
أريد أن أتعلم الصلاة.
أريد أن أتعلم الإنجيل.
أريد أن أتعلم العبادة.
العبادة بالروح والحق، العبادة بالروح، ربنا يسوع قال ذلك للسامرية، قال لها أنتم تسجدون لما لستم تعلمون، وهل هناك سجود، هناك عبادة، عبادة شكلية، عبادة صنمية، عبادة تقليد، وأنت تجلس الآن وأنت تصلي القداس تصلي بالروح والحق، وتسجد بالروح والحق، وتعبد بالروح والحق، سوف تختلف عبادتك نهائيا، إذا كنت تعبد بهذا الأسلوب، إذا صليت بهذا الأسلوب، إذا تضرعت بهذا الأسلوب، هذا يا أحبائي عمل الله فينا، الروح القدس يا أحبائي يشكل إنساننا الجديد الداخلي ستجد عبادتك عبادة مفرحة عبادة مثل تقدمة هابيل الصديق الذي كان يقدم أجمل ما لديه وهو مسرور. التقدمة المقبولة ليست عبادة قايين، تقدمة الفضلات، تقدمة كل ما هو ليس جيد، الذي يريد أن يقف يقول لله كلمتين فقط وهو غير منتبه، وهو نائم، وهو لا يريد ومتضرر، هذه تقدمة قايين بينما تقدمة هابيل مختلفة، العبادة التي بالفرح، يقول لك "فرحت بالقائلين لي إلى بيت الرب نذهب" العبادة الذي يقول لك "أدخلوا إلى حضرته بترنم"، العبادة الممتزجة بالحضور الإلهي، هذه يا أحبائي النعمة التي تنتظرنا في المسيح يسوع، هذا الذي يريد أن يفعله معنا ويفعله فينا، أن يكون الروح القدس هو الذي يعلمنا ليس أي شخص آخر، فالروح القدس يعلمك كيف تصلي، كيف تقرأ الإنجيل، الروح القدس يعلمك كيف يكون لك عبادة مستقيمة أمام الله، الروح القدس هو الذي ينقي قلبك من مشاعر ملوثة، من كراهية، من أن يكون لك تمييز بين البعض عن البعض الآخر، الروح القدس ينظف كل ذلك، ينظف، يجعلك الجميع، ليس لك عداوة مع أي شخص، وهذا ليس كلام بشري لأنه إذا كان على مستوى الإنسان لا يستطيع الإنسان وأشخاص أن يفعل هذا الكلام، فالإنسان مهما كان محدود، ستجد لديه أشخاص يميل إليهم لا يميل إليهم، أشخاص يشعر بالارتياح معهم ومع أشخاص أخرى لا يشعر بهذا الارتياح، لكن الروح القدس يغير فيك.
حينئذ يا أحبائي فترة العشرة أيام تحتاج أنني أجلس وأنتظر العطية العظمى لكي يكون تأثيرها في بحسب المرجو منها بحسب الكنيسة، ما المرجو منها؟ أن تصبح الكنيسة كلها قديسين، كلها بلا استثناء، لا يوجد عضو في الكنيسة ولا يكون عضو في جسم المسيح، والكنيسة عروسه، فعندما أكون أنا وأنت عضو داخل جسم المسيح لا يمكن أن عضو داخل جسم المسيح يكون عضو غير مقدس، الغير مقدس يا أحبائي هو الذي ينفصل عن الجسد لكن كلما أنا في الجسد فأنا مقدس، وبماذا أكون مقدس؟ أكون مقدس بالروح القدس، من هنا يا أحبائي يعلمكم كل شيء، الذي يريد أن يتعلم فضيلة، الذي يشتهي أن يكون لديه وداعه، تواضع، محبة للجميع، لديه روح عطاء نقية خالية من أي مظاهر ولا من أي شوائب ولا من أي رياء، أقول لك أنه لا يوجد ما يعلمك هذه الفضيلة إلا الروح القدس، ستجد الروح القدس يعلمك العطاء النقي، يعلمك المحبة النقية، يعلمك الغفران، كل فضيلة مصدرها الروح يا أحبائي لذلك يقول لك يعلمكم كل شيء، أدخل مدرسة الروح، ستجد الله يعطيك نعمة أنك تنمو في جميع الاتجاهات لأن الروح القدس عندما يعمل في جزء يغذي كل الباقي، عندما ينير لك روح الصلاة تجد الفضائل تفيض عليك، عندما ينير لك الإنجيل ستجد الإنجيل يشكل فيك إنسان جديد، عندما ينير لك الفضيلة ستجد الفضيلة تدفعك إلى الإنجيل وإلى المحبة وإلى الصلاة وإلى العبادة، قال "يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم".
بالطبع يا أحبائي التلاميذ عندما كلمهم ربنا يسوع على أنه سينطلق، قالوا له تنطلق! وإلي أين تذهب، نحن اعتادنا عليك، وأحببناك، وتمسكنا فيك، فأنت الذي غيرتنا، نحن مديونين لك بعمرنا وبحياة جديدة وكل شيء فينا، وتأتي الآن في منتصف الطريق وتقول لنا أنا سأنطلق!، إلي إين تذهب؟ وكيف تتركنا؟، نحن كما رأيتنا أحيانا في حال وأحيانا في حال آخر، والحال متعب جدا، وأنت قد رأيتنا عند الصليب الذي لم يكن منذ زمن بعيد فقد كان منذ أربعون يوم فقط، وأنت رأيتنا أننا نخاف، ومن بيننا الذي هرب والذي أنكر، وأنت تقول لنا أنطلق!، قال لهم خير لكم أن أنطلق، لماذا؟، كيف؟، قال لهم لكي أرسل إليكم الباراقليط، المعزي، الذي سيقوم بالدور الذي كنت أنا موجود فيه وأكثر، الذي يعلمكم كل شئ ويذكركم بكل ما قلته لكم، فيكون كل الكلام الذي قلته لكم لا ينسى، أي شخص فينا يا أحبائي يدخل في حديث مع شخص آخر ولا يزال يتذكره بعد شهر أو شهرين!، تصور أنك سمعت عظة من شهر ستجد نفسك متذكر منها كلمات قليلة، وهذا من شهر، ماذا إذا كانت من سنتين؟! تقول لا أتذكر، أقول لك ربنا يسوع ظل يعلمهم فترة طويلة تبلغ حوالي ثلاثة سنين، ولكن كل الذي أنت قلته لنا قد نسي، فلذلك نحن نريدك أن تظل معنا لكي تذكرنا بما قلته لنا، قال لهم الروح القدس سيذكركم بكل ما قلته لكم.
وهذا العجب يا أحبائي فعندما تأتي لتقرأ الكتاب المقدس وتجد شخص مثل معلمنا متي يكتب لك العظة على الجبل بالكلمة، كيف هذا؟ كيف حفظها؟، كيف حفظ كل هذا الكلام؟، الروح القدس يذكره، فمهما كان الشخص يتذكر لا يمكن يا أحبائي أن يتذكر كل هذه الأحداث، وكل هذه الأقوال باتفاق روح النبوة بين البشيرين كلهم، ليس ممكناً فما الذي ذكرهم؟، ما الذي ذكرهم ماذا قال عندما دخل بيت الفريسي، وبيت عينيا، وعند لعازر، وفي عرس قانا الجليل، ما الذي ذكرهم بكل هذا الكلام، وبكل هذه الأحداث، بكل هذه التفاصيل؟ إنه الروح القدس فهو يذكركم بكل ما قلته لكم، تريد أن تظل كلمة الله التي تقرأها محفورة بداخلك اجعل القراءة تكون بالروح، ستجد الآية خارجة بسهولة لأنها ليست خارجة من الذهن.
لذلك يا أحبائي كنيستنا لا تميل كثيراً أن الشخص يتعمد أن يحفظ، فهو يحفظ من تجاوب الكلام، من حلاوة الكلام، من استجابتك له، ومن تلذذك به ستجد نفسك تقوله، يمكن أن نفعل موضوع الحفظ هذا مع السن الصغير لكي نقدس أفكاره نقول له احفظ، لكن عندما تنضج لا يصح أن تظل تحفظ لا بل اجعل الحفظ يأتي مع التلاوة مع المحبة، فالروح القدس يذكركم بكل ما قلته لكم، أنظر ما يمكنه الروح القدس عمله معك، وكم أنت تحتاج إليه، ففي هؤلاء العشرة أيام أجلس في حالة ترقب، أجلس في حالة اشتياق، واجلس في حالة تخيل لهذه الساعة، واستمر في الطلب، واطلب، واطلب، أن الروح القدس يأتي فيك، ويجدك مستجيب، ويجدك سعيد، ويجدك قابل للتشكيل، وقتها يعلمك كل شيء، يعلمك روح الصلاة، يعلمك الإنجيل، يعلمك العبادة، يعلمك الفضيلة، ويكمل كل ما تشتاق إليه، وكل ما يطوق قلبك إليه، وكل ما عجزت عنه، الروح القدس قادر إن يفعله. هذه الفترة أحبائي فترة مقدسة جدا لدرجة أن آباء كثيرون وجيل كبير جدا في الكنيسه كان يقضيها في اعتكاف، عشرة أيام اعتكاف إلى أن ينالوا الروح القدس الذي يعطيهم انطلاق، كرازة، بشارة، قداسة، جرأة.
لاحظ التلاميذ بعد حلول الروح القدس، أقرأ سفر الأعمال وأنظر بعد حلول الروح القدس مدى الفرق، والاختلاف.
ربنا يعطينا يا أحبائي في هذه الفترة المقدسة أن نترقب ونتوقع ونترجى أن يحل فينا ويطهرنا من كل دنس.
يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.

عدد الزيارات 1582

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل