اباكم سر ان يعطيكم الملكوت الجمعة الثانية من بؤونة

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين . تحل علينا نعمته وبركته ورحمته الآن وكل أوان وإلي دهر الدهور كلها أمين .
إنجيل هذا الصباح المبارك يا أحبائي هو فصل من بشارة معلمنا لوقا إصحاح ١٢ يقول لنا "لا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت".
أريد أن أتحدث معكم في هذه الآية فقط، أن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت، نحن كثيراً ما يكون لدينا شك هل نحن نذهب إلي الملكوت؟، هل بالفعل هذا الوعد يخصنا؟، ويظل عدو الخير يتحايل معنا على هذه النقطة، ويجعلنا نشعر أننا خارج الملكوت، وبما أننا خارج الملكوت فلنسلك كحسب خارجي الملكوت، في حين أن الآية واضحة والقصد الإلهي واضح أن أباكم سر أن يعطيكم الملكوت، بمعني أنه يعطيه لنا وهو مسرور، بمعنى منحة يعطيها لنا وهو سعيد، أنه يعطيها لنا ليس وهو متضايق، لا يعطيها لنا وهو متردد، لا يعطيها لنا وهو ندمان، لا يعطيها لنا وهو لا يريد أن يعطيها فهو سر أن يعطيكم الملكوت.
أيضا نحن كل يوم نقول له اهدينا لملكوتك، نحن أيضا كل يوم نقول له ليأتي ملكوتك، هو يقول لنا أنه سر أن يعطينا الملكوت ونحن نقول له ليأتي ملكوتك فبذلك نحن تقابلنا، فبذلك نحن ذاهبون لمكان واحد ومتواعدين، كما قال في سفر عاموس "هل يسير إثنين معا إن لم يتواعدا"، نحن متواعدين مع الله لأنه أعطانا الوعد، ما هذا الوعد؟! أن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت، قال أيضا "تعالوا إلي يا مباركي أبي رثوا الملك المعد لكم قبل تأسيس العالم"، أباكم سر أن يعطيكم الملكوت، هل لنا هذه الثقة؟ هذا هو الأمر يا أحبائي الذي نحتاج أن نتناقش فيه مع أنفسنا كثيرا، هل أنا متأكد أنني من أبناء الملكوت؟ هل أنا بالفعل مثلما تقول عني الكنيسة من أبناء النور؟ "قوموا يا بني النور"، هل أنا بالفعل لي نصيب في الملكوت أم أنا خارج الملكوت، سر أن يعطيكم الملكوت، لابد أن نتأكد يا أحبائي أننا لنا ثقة، ولنا رجاء، ولنا دعوة ثابتة، وهذه الدعوة ليست بناءاً على كلام أشخاص، لا فهذا كلام صاحب الملكوت نفسه، كأن شخص قام بدعوتك إلى وليمة وأتي إلى منزلك ويقول لك تفضل بأخذ الدعوة ففي ماذا تشك؟، لماذا تنظر إلى الدعوة وتقول لعل تكون الدعوة مزيفة، إذا كانت مزيفة لم يكن جاء إليك من البداية، لم يكن أعطاك الدعوة، كان من الممكن جدا أن يتناساك أو يعتذر لك، أي شيء، لكن لا يعطيك دعوة وهو لا ينوي حضورك، نحن لابد يا أحبائي أن نثق أننا آخذين دعوة الملكوت، سر فهي ليست فقط دعوة، لا بل هو سر أن يعطيكم الملكوت، قد يقول أحدكم يا أبي الحديث مع قدسك مطمئن جداً أننا ذاهبين إلى الملكوت ، لابد أن تتأكد انك ذاهب إلى الملكوت، تقول لي أنا لست متأكد جدا يا أبي لأجل أعمالي، أقول لك أعمالك هذه نقطة أخرى لكن النقطة المهمة أنك لابد أن يكون لديك يقين انك معك التذكرة، لابد أن يكون لديك يقين أنك معك العلامة، لابد أن يكون لديك اليقين أنك مثل بني إسرائيل الذين كانوا جالسين في منزلهم ومطمئنين لأن على المنزل علامة الدم فهم لن يهلكوا، لماذا؟ لأن عليهم علامة الدم، لكن علامة الدم هذه أتت بالإيمان، كان من الممكن إذا كان هناك شخص لايوجد لديه إيمان بهذا الدم لم يكن ذبح خروف فصح، ولم يقم برش الدم على الباب والقائمتين، حينئذ الأمر متوقف على مدي تصديقك لهذه الدعوة، تصدق هذا الوعد، لابد أن تصدق أن أباك سر أن يعطيك الملكوت، إنه مسرور بهذا، مثلما نقول أن شخص قام بدعوتك إلى وليمة وهو فرح بهذه الدعوة، وكأنه يريد أن يقول لك إياك وأن تعتذر، لا فإن وجودك يهمني جدا، فأنت تحديدا وجودك يهمني جدا سوف يفرق معي كثيراً، وجودك سوف يفرحني، تخيل معي أن الله يقول لنا هذا، تخيل أن الله يقول لك وجودك في الملكوت سوف يفرحني، وجودك في الملكوت سيكون سبب سرور لي، تعالوا إلي رثوا، رثوا بمعنى أن هذا حقكم، هذا ميراث، أباكم سر أن يعطيكم الملكوت، فعندما لا أصدق أنا هذا الوعد فأكون أشكك في مواعيد الله، يصبح كلام الله بالنسبة لي كلام غير مصدق، كلام ليس له واقع، يكون كلام فقط، لا أبدا فمواعيده مثلما نقول عنها أنها مواعيد حقيقية وغير كاذبة، لابد أن نصدق هذا الوعد، لابد أن نكون على علم إننا آخذنا علامة الخلاص واسم الخلاص، لابد أن نكون متأكدين أن أبانا سر أن يعطينا الملكوت من يوم معموديتنا، من يوم نزولنا في بطن المعمودية ونحن أخذنا الصبغة، أخذنا الميلاد الجديد، يقول لك "وأنعم علينا بالميلاد الفوقاني بواسطة الماء والروح"، نحن تم ميلادنا بميلاد يسمى فوقاني، ماذا يعني فوقاني؟ تعني من فوق، أنعم لنا بالميلاد الفوقاني بواسطه الماء والروح، فأنا مولود من فوق وربنا يسوع قال ذلك "أنتم لستم من أسفل" أنت لست من تحت، من يوم معموديتنا يا أحبائي وأخذنا دعوة الملكوت، وأخذنا حق الملكوت، وأبانا سر أن يعطينا الملكوت، من يوم معموديتنا، من يوم رشمنا بالميرون أصبح لنا صبغة مقدسة، أصبح لنا الختم، أصبح لنا العلامة، أصبح من حقك أنك تدخل السماء، يقال أن ذات مرة البابا كيرلس السادس كان ذاهب ليصلي في كنيسة في إحدى قرى البلدان، وفي أثناء التناول أتت فتاه لديها حوالي 12أو ١٣سنة فقال لها ما اسمك؟ فقالت له اسمي دميانة، فتوقف البابا وسأل كاهن الكنيسة قائلاً له هل تعرف هذه الفتاة؟!، هل هذه الفتاة مسيحية؟، قال له نعم ياسيدنا إنها دميانة بنت عم جرجس فصمت قليلاً وقال له لكنها يا ابني ليست عليها العلامة، فعندما سألوا عم جرجس قال في الحقيقة هذه الفتاة عندما ولدت فكانت هناك حالة وفاة، وبعدها مرت الأيام وشعرنا بالخجل وهي قد تربت في مدارس الأحد، لكنها ليست معمدة فهل العلامة ظاهرة؟! نعم نحن علينا علامة مضيئة يا أحبائي، نحن رشمنا بميرون، نحن سكن فينا الروح القدس، هذا الذي يجعلنا ندخل السماء، إذن ماذا يحدث؟ يقول لك حافظ فقط على العلامة، أنا أعطيك دعوة وأقول لك هذه حفلة غالية جداً، قيمة جدا، هذه الدعوة تساوي مثلاً ١٠٠ألف أو ٢مليون جنيه، لكن إذا سمحت عندما تأتي لتدخل دعني أشاهد العلامة فقط ليس أكثر، أشاهد الدعوة، وعندما أشاهد الدعوة أقول لك تفضل بالدخول بل وأنحني لك أيضا، لكن إذا فقدت الدعوة كيف تدخل؟
نحن يا أحبائي إذا قمنا بقيادة الروح الذي بداخلنا، نحن أطفأناه، نحن طمسناه، نحن لم نسلك بمقتضاه، الدعوة قمنا بتقطيعها، وألقائها، ونسيناها، وأهملناها كيف ندخل؟! فيقول لك هنا أنا لا أعرفك، أنت ليس عليك ثياب العرس، أنت ليس لديك حق الدخول.
لذلك يا أحبائي أبانا سر أن يعطينا الملكوت وهو لم يعطيه لنا وهو متضايق لكنه مسرور، ولابد أن تكون متأكد من ذلك، المهم أني أسلك بحسب الملكوت، كما يقول الكتاب المقدس "سيروا في النور مادام لكم النور لئلا يدرككم الظلام"، فمن الممكن أن يكون اليوم في وقت النهار والشمس مشرقة لكن أنا أغلقت النوافذ، أنا الذي قمت بإظلام منزلي، أغلقت الستائر وهي كثيفة، أغلقتها، والنافذة مغلقه، والجو ظلام معتم، لكنه في الحقيقة الشمس مشرقة، من أين أتى الأمر؟ نحن يا أحبائي لدينا نور الإنجيل موجود، نور كلمة الله، حضور الله، حضور القدسين، حضور الكنيسة، حضور جسده ودمه، كل هذه نور لحياتنا، ولكن من الممكن أن أكون أنا الذي أظلمت مكاني، لذلك يا أحبائي لابد أن نكون متأكدين أننا أبناء الملكوت، وأن أبانا سر أن يعطينا الملكوت، هو مسرور بهذا، لابد أن أكون على معرفة ومتأكد أنني لي مكان في السماء، ومكاني جميل في السماء، لكن المهم أن أحافظ عليه، أن أباكم سر أن يعطيكم الملكوت، والله لم يقل شيء ولا يقوم بتنفيذه أبدا.
لذلك معلمنا بولس الرسول في العبرانيين قال انتبه فإن الله عندما أخرج بني إسرائيل من أرض مصر، أخرجهم لكي يدخلهم أرض الميعاد، جميعهم يريد أن يدخلهم أرض الميعاد، قال لك لكن عندما خرجوا من أرض مصر لكي يذهبوا أرض الميعاد يوجد كثيرين تشككوا في جودة أرض الميعاد، تشككوا في ميعاد الميراث، تشككوا في هل حقاً الله يعطينا أرضا تفيض لبنا وعسلا كما وعد، هل بالفعل؟!، هل أنا سأدخل، هل أنا سآخذ، هل فعلا؟!، هل هذا الكلام صحيح حقا، يوجد كثيرين تشككوا في الأمر. فماذا فعلوا؟! فعلوا ثلاثة أشياء :
١- رجعوا مرة أخري يتحدثوا عن أشياء جيدة في أرض مصر، أتتحدث عن أرض مصر أنها كانت جيدة؟! أنت كنت مستعبد.
٢- أصبحوا يتضايقوا من عدم الطعام والشراب في أرض الغربة التي هي البرية.
٣- تحدثوا عن الأرض التي هم ذاهبين إليها أنها أرض تأكل سكانها، أنها أرض رديئة.
بدأ يعود حنينهم لأرض مصر، بدأوا يتذمروا على رحلة البرية، بدأ كل واحد منهم يشكك في أرض الميعاد التي ذاهب إليها، وهذا ما يحدث بالضبط الآن يا أحبائي كل واحد فينا أحيانا يعجب بالعبودية التي يعيش فيها، هذه أرض مصر، ورحلة البرية وكوني أجاهد لكي أصل للسماء هذه رحلة سئيمة بالنسبة لي، وبالنسبة للسماء أنا لست ضامن لها، لا أعرف، يقول لك أشاعوا مذمة الأرض، أنها أرض تأكل سكانها، لذلك قال لك عندما أخرجهم الرب بنية أن يدخلهم أرض الميعاد قال لك بأكثرهم لم يسر الله، ولم يدخلوا، ليس لأن الله لا يريد أن يدخلهم، لا بل الله يريد أن يدخلهم لكنهم لا يريدون الدخول.
لذلك معلمنا بولس يقول في العبرانيين "فلنخف، أنه مع بقاء وعد بالدخول إلى راحته، يرى أحد منكم أنه قد خاب منه" هنا يقول لك أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت، يعود مرة أخرى يقول لك لكن عليك أن تخاف، مما نخاف؟! لأنه بالرغم من أن أبوك سر أن يعطيك الملكوت أنت قد تصبح الذي لا تريد الملكوت، فلنخف أن أبيك يكون قد سر أن يعطيك الملكوت وأنت تقول له أنا لا اريد هذا الملكوت، أنا لست أصدق الملكوت، أنا لا أعلم شيء عن الملكوت، ما هي وظيفتنا الآن على الأرض يا أحبائي؟ أن نتهيأ للملكوت، أن نستعد للملكوت، أن نشتاق للملكوت، هذا عملنا الأساسي، عملنا الأساسي يا أحبائي أننا باستمرار كل أحد فينا يتخيل مكانه في السماء، قد تقول أنا يبدو أن مكاني بعيد، مكاني صحراء، أنا أريد أن يكون مكاني أفضل، ولكي يكون مكاني أفضل ماذا أفعل؟ أزينه بالفضائل، أزينه بالأعمال الصالحة، أزينه بالتوبة، أزينه بالأعمال التي تليق بأبناء الملكوت.
لذلك أستطيع أن أقول لك أن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت، أريد أقول لك إياك أن تتشكك للحظة أنك مرفوض من الملكوت، لا أنت لست مرفوض من الملكوت وطالما نحن مازلنا على الأرض فالفرصة موجودة، ولكنني سيء يقول لك تب، فهو يريد أن يدخلك.
أحد الآباء القديسين كان يقول له هكذا: "أنت يا الله ليس لديك خسارة إلا هلاكنا" ليس لديك شيء اسمه خسارة إلا أن الإنسان يهلك، فيصبح هلاك الإنسان هذا أمر ثقيل على الله، ليس هدف ينتظره الله لنا متي نخطأ لكي يكتب آثامنا، لا أبدا أبدا فهو يكثر الغفران، فهو قال "كبعد المشرق عن المغرب أبعد عنا معاصينا"، المهم أن يكون لدينا روح التوبة، المهم أن نقول أرحمني، فتفتح لك الأبواب، أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت، صدق هذا الوعد، لذلك يقول لك لا تخف، لا تخف، فأنت الآن إذا أصبحت ابن للملكوت كيف تعيش في العالم؟ تعيش غالب للعالم، غالب لأوجاع العالم، أمور العالم تهون عليك، لماذا؟ لأنك إبن الملكوت، المال هين لديك، طلبات الحياة بسيطة، أنا أريد أن يكون لدي قوت وكسوة فقط، أنا لا أريد كثرة مقتنيات، أنا ليس لدي أطماع كثيرة في العالم، ليس لدي أشياء كثيرة أريدها، لماذا؟ لأن أنا أبي سر أن يعطيني الملكوت، فهو أعطاني ما هو أعلى بكثير، دائما الإنسان يا أحبائي الأشياء الكبيرة تفقده اهتمامه بالأشياء الصغيرة، فإذا تأكدنا بالفعل أن أبانا سر أن يعطينا الملكوت، فإن هذا العالم يا أحبائي بكل ما فيه سيصبح بالنسبة لنا هين جداً، ليست مكانتي تأتي من المال الذي معي، أو من البيت الذي أسكن به، أو من السيارة التي أريدها، أو ساعة، أو موبايل أبدا، مكانتي من عنده هو، لأنني ابن للملكوت، لذلك أباكم سر أن يعطيكم الملكوت، لذلك بعد هذا ماذا قال؟ قال لك الآية التي كان من الصعب أن يقولها لو لم يكن قال الأولى، قال لك "بيعوا أمتعتكم وأعطوا صدقة، واصنعوا لكم أكياس لا تفنى". إذا أخذنا هذه الآية فقط تكون صعبة، كيف يقول بيعوا أمتعتكم وأعطوا صدقة صعبة جدا، كيف نبيع أمتعتنا ونعطي صدقة، قال لأن أباكم سر أن يعطيكم الملكوت، إذا تأكدت أن السماء لك، إذا تأكدت إن مكانك جميل في السماء، أشياء كثيرة سوف تهون عليك في الأرض، لا يوجد صراع، لا يوجد نزاع، أنت لا تريد شيء لأنه قال لك هكذا "الذي لي في السماء ومعك لا أريد شيئا على الأرض".
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.