معه علي جبل التجلي

Large image

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين . تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان وإلي دهر الدهور كلها آمين .

تعيد الكنيسة يا أحبائي في هذا اليوم المبارك بعيد تجلي رب المجد يسوع علي جبل طابور، أخذ ثلاثة من تلاميذه بطرس ويعقوب ويوحنا وصعد بهم إلى جبل عال منفردين، بعد ذلك تغيرت هيئته وصارت ثيابه لامعه أبيض من الثلج، وجاء صوت من السماء يقول "هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا"، ومعلمنا بطرس قال له "جيد يارب أن نكون ههنا"، عيد تجلي ربنا يسوع هو استعلان لمجد لاهوته، من الممكن عندما نتأمل في أحداث عيد التجلي يحدث لنا غيرة من بطرس ويعقوب ويوحنا، نقول لماذا أنتم؟ ونقول كنا نشتهي أن نكون معه، نشتهي أن يأخذنا على الجبل ونصعد إلى فوق ويستعلن مجد لاهوته أمامنا، لكن في الحقيقة يا أحبائي تجلي ربنا يسوع المسيح وإعلان لاهوته لا يقتصر على بطرس ويعقوب ويوحنا فقط لكن إعلان مجد لاهوت ربنا يسوع المسيح خاص بنا جميعا، وجميعنا على دعوة أن يتجلى المسيح في حياتنا، جميعنا على دعوة أن نصعد معه على جبل عال منفردين، كلنا مدعوين، كلنا مدعوين يقول لنا تعالوا أريدكم بمفردكم، تعالوا من فضلكم واتركوا الأسفل قليلاً، تعالوا من فضلكم اصعدوا معي إلى فوق، واصعدوا معي إلى فوق بمفردنا، ربنا يسوع المسيح دعانا يا أحبائي، دعانا أن يتجلى فينا، دعانا أن نصعد معه علي الجبل منفردين، وصعود الجبل يعني ترك الاهتمامات العالمية، نحن نجلس في الأرض، مشغولين بالأرض، مهمومين بالأرض، متضايقين من الأرض، وهو يريد أن يأخذنا إلى فوق، يريد أن يصعد بنا إلى فوق، يريد أن يتجلى معنا فوق، فهل لم يكن ممكناً أن يتجلى أسفل؟، هل كان لا يمكن أن يتجلى في وسط أعداد غفيرة؟ يقول لك لا، لا يمكن ذلك.
الله يا أحبائي يريد أن يتجلى فينا على انفراد، الله يريد أن يتجلى فينا في خفاء، الله يريد أن يتجلى فينا ونحن في ارتفاع، الإنسان المهموم بالأرض، الإنسان الذي كل تفكيره أسفل، صعب أن يتجلى المسيح في حياته، الإنسان الذي يرفض الصعود إلى الجبل منفرداً مع ربنا يسوع المسيح يظل المسيح بالنسبة له إنسان عادي، مثلما قال عليه بعد القيامة تلميذي عمواس قال لهم من هو هذا؟ "قالوا إنساناً نبيا مقتدرا في القول والفعل أمام الله والناس"، الإنسان الجالس في أسفل يمكن أن يكون المسيح بالنسبة له نبي مقتدر في القول والفعل، لكن ليس إله، لكن ليس قادر على كل شيء، لكن ليس هو الذي تود أن تتبعه بكل قلبك، يريد أن يصعدك إلى فوق لكي تعرف مع من أنت تسير، لكي إذا رأيته يصلب لا تعثر فيه، لكي تصدق أنه هو الإله، أنه موضع مسرة الآب، الذي قال "هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا".
هذا يا أحبائي تجلي ربنا يسوع المسيح، الذي يريد أن يعلن مجد لاهوته في حياتنا، الله يا أحبائي لا يتأخر عن استعلان مجد لاهوته فينا أبدا، الدعوة موجودة، لكن نحن الذين نتأخر، نحن الذين نريد أن نظل أسفل، وهو يريد أن يأخذنا معه إلى فوق، نحن الذين نحب أن نعيش في وسط الزحام، وهو يحب أن يكون منفرد بنا، تريد أن يتجلى المسيح في حياتك اصعد معه إلى فوق، اصعد بعقلك، اصعد بقلبك، تجد الكاهن في بداية القداس يقول لك ارفعوا قلوبكم، ارفعوها، يقول لك "آنو إيمون طاس كارذياس"، (آنو) تعني اصعد، لذلك القداس كله أحيانا يسمى صعيدة، أو اسمه آنافورا، (آنافورا) بمعنى شيء يصعد إلى فوق، مثلما يقول لك نافورة شئ يصعد إلى فوق هكذا، اصعد قلبك إلى فوق، اصعد عقلك إلى فوق، ارتفع فوق هموم العالم، ارتفع فوق التفكير الروتيني الذي يخنق الإنسان، نعيش كل يوم لكي نعمل ونأكل ونشرب ومهمومين ومتضايقين لذلك المسيح لا يتجلى في حياتنا، الحياة مع الله يا أحبائي لا تتجزأ، ليس بعض الوقت مع الله والبعض الآخر بعيد عنه، لابد أن تكون في حالة وجود دائم حضرة الله، وأنت في العمل، وأنت في المنزل، وأنت تنام، وأنت تأكل، اصعد معه على جبل عالي، اصعد معه، الله يريد أن يتجلى في عقلك، الله يريد أن يتجلى في قلبك، الله يريد أن يتجلى لنا جميعاً، أمنا السيدة العذراء يعتبر المسيح تجلى في حياتها، قديسين كثيرين تجلى ربنا يسوع في عقلهم وفي قلبهم، ظهرت علامات المسيح فيهم، ظهرت سيرة المسيح فيهم، ظهر ضياء المسيح فيهم، وكأن كل أحد فيهم سمع نفس الصوت هذا ابني الحبيب له اسمع، فأصبح يسمع للمسيح، كل يوم يتأكد له نفس الصوت، هذا هو ابني الحبيب له اسمع، وكل شخص فينا الله يقول له نفس الكلام، ربنا يسوع المسيح يقول لك الله الآب يقول لك هذا هو ابني الحبيب له اسمع، الله يريد أن يعلن مجده فينا، الله يريد أن يسكن فينا، الله يريد أن يمكث عندنا، الله يريد أن يتجلى في ضمائرنا، عقولنا، قلوبنا، أفهامنا، الله يريد أن يتجلى لكي ما نكون شهود له، لكي ما نكون تابعين حقيقين له، نسجد له بالروح والحق، عندما تقف لتصلي وأنت علي جبل عالي ليس معناه أن تذهب في مكان فيه جبل عالي لا لكن يعني أن تصعد عقلك إليه، يعني أن تصعد قلبك له، يعني أن تغمض عينيك، يعني أن تكف عن الاهتمامات الأرضية، يعني أن تصعد بعقلك إلى فوق وتتخيل نفسك أمام عرش مجد نعمته، هكذا يصعد عقلك، وهكذا تصعد مشاعرك، حينئذ يتجلى المسيح في حياتك، حينئذ تستحق أن يعلن لك مجده، التجلي متاح لدينا يا أحبائي لكن نحن الذين كثيراً ما نتأخر عن الاستجابة له، نحن الذين مهمومين بأسفل كثيراً، ومشغولين بأسفل، الله يريد أن يتجلى في عقلك، تجد عقلك بدأ يحدث له وميض إلهي، نور إلهي، ينير لك فكرك، الأمور التي كنت تفكر بها ومنشغل بها بدأت تقل، عندما تصعد إلى مكان عالي، فالأمور التي توجد تحت تصغر، ما سر يا أحبائي أننا مهمومين بالأرض؟ أننا فكرنا تحت، فكل شيء يحدث تحت يخنقننا، يتعبنا، لأنها ظاهرة بحجمها الطبيعي، أصعد إلي أعلى سوف تصغر، إذا نظرت لنفسك من سبعة أو ثمانية أو عشرة سنين ستجد أكثر الأمور التي كانت تخيفك وتقلقك الآن لا تهمك، تقول لكني كنت أعيش منذ عشرة أعوام مهموم بها وكانت تضايقني جداً، تتعبني جداً، أقول لك الله يريدك أن تتعلم من الآن، يريدني أن اتعلم من الآن، لا تختنق بهموم الأرض، لا تكن مذلول بهموم الأرض، لا تنظر للأمور بهذا الحجم الذي يزعجك، اصعد، اطلع إلى فوق، اصعد إلى أعلى ولحظات التجلي هذه ستكون أجمل لحظات عمرك، لدرجة أنك لا تريد أن تنزل، إذن ماذا عن الهموم، العمل ، الأولاد ، ..... إلخ ستقول له جيد يارب أن نكون ههنا، تقول كل شيء سوف يرتبه الله، لتكن إرادة الله، "الأشبال احتاجت وجاعت أما طالبو الرب فلم يعوزهم أي شيء" ، لا يوجد شيء، إنتهى الأمر، أصبحت أكثر الأشياء التي تعطينا اهتمام وتعطينا هموم في حياتنا نجدها تقلصت جداً، الله يريد أن يتجلى في مشاعرك، يريد أن يتجلى داخل قلبك، ينير داخل قلبك، تجد نوره أشرق وجعلك ترى كل شيء بشكل أوضح، ظهرت، وضحت الأشياء البيضاء والأشياء السوداء والأشياء الزرقاء، ظهرت، وضحت الأشياء الأنصاف الحقائق، وضحت الأشياء الغير مرضية لله التي كنت في بداية الأمر يمكن أن تتعثر بها وتقول لا يوجد بها شيء خطأ فجميع البشر يفعلون هكذا، لا بل عندما يظهر نور المسيح تتضح الأوضاع الخاطئة، معرفتك للخطية تبدأ تجعلك أكثر حساسية للنقائص والصغائر الذي كنت تعتبره شيء بسيط قبل ذلك، الآن تقول أنه لا يليق، لا أبدا لن أفعل ذلك، لماذا؟ لأن المسيح تجلى في قلبك، لأن النور دخل إلى داخلك، لأنك علمت ما معنى أنك تغلب المال، وكيف تغلب نفسك، وكيف تربح السماء، عندما ينير المسيح القلب يا أحبائي ينير الطريق، كثير من البشر تضل في الطريق، كثير من البشر تختنق وتغلب من أنفسها، ومن المال، ومن الأرض، ..... إلخ.
لذلك في سفر ارميا يقول لك : "ليذل الرب جميع المرتبطين بالأرض"، الذي يرتبط بالأرض يذل، الذي يرتبط بالأرض يتعذب، ويحيا في شقاء الجحيم وهو بعد علي الأرض، وكأن ذلك عقوبة زمنية قبل أن يأخذ العقوبة الأبدية، لماذا؟ لأنه اختار طريق الأرض فيعيش فيه خائف، مرتعب، مذلول، مرتعش لماذا؟! لأنه يعيش متوهم بالأرض، الذي يرتفع إلى فوق تجده يقول لك "معك لا أريد شيء علي الأرض"، الذي لي في السماء، التجلي يا أحبائي يعرض علينا جميعاً، يسوع يريد أن يأخذنا منفردين ونصعد معه ويجلس معنا ويتجلى أمامنا، ونسجد أمامه ونقول له لا نريد أن ننزل من هنا، إذا قمت بفتح إنجيلك فسوف يتجلى المسيح ويحدثك بآية، واثنين، وعشرة، وسوف يحاصرك بالآية، وينير حياتك، ويتجلى في عقلك، ويتجلى في قلبك، التجلي موجود يا أحبائي ، لم يكن مرة فقط، لا فكان نموذج لكل نفس تبدي استعدادها أن تصعد معه، كان من الممكن أن ربنا يسوع يقول لبطرس ويعقوب ويوحنا اصعدوا معي إلى فوق، فيقولون له منشغلين أين نصعد؟، لا أنتظر قبل أن نصعد قل لنا أين المكان بالضبط؟، وهل فوق سوف نجد طعام أو شراب، كان من الممكن أن يرفضوا، ربنا يسوع يعرض علينا يا أحبائي أن نصعد معه علي الجبل منفردين، قل له أنا أحب أن أجلس معك علي انفراد يارب، ليتنا يكون لنا أوقات نسرقها، نجلس مع انجيلنا، أوقات نسرقها، نجلس أمامه ساجدين، أوقات نختلسها، أننا نكون مرضيين عنده، هذا يا أحبائي تجلي ربنا يسوع المسيح لنا، إنه يدعونا كل يوم، كل يوم يقول لكل أحد فينا تعالي اصعد معي منفرد على جبل عالي، تعالى أنا أريدك أن تعاين مجدي، تعالى أنا أريدك أن تسمع الصوت الإلهي هذا هو ابني الحبيب له اسمع، اسمع وصاياه، اسمع انجيله، اسمع كلماته، اسمع كنيسته، تعالى، تعالى التجلي لك أنت، تعالى أنا أود أنك تتذوق التجلي لكي تقول له جيد يارب أن نكون ههنا، أنا أحب أن أظل معك إلى الأبد، يقول لك لا أنت لك رسالة، انزل أكمل رسالتك وأنت رأيت عينة جميلة من المجد السماوي إلى أن تأتي وتصبح عندي وتبقي معي إلي الأبد، أكمل رسالتك علي الأرض لكن وأنت تكمل رسالتك علي الأرض يكون استعلان مجدي في حياتك، ونوري في حياتك، وكلمتي في حياتك، وأبقى معك إلى الأبد.ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.

عدد الزيارات 1636

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل