سرخيس وواخس

Large image

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين . تحل علينا نعمته وبركته ورحمته الآن وكل أوان وإلي دهر الدهور كلها آمين.

اليوم تذكار اثنين قديسين شباب أصدقاء، ضباط في الجيش، أحدهما اسمه واخس والآخر اسمه سرجيوس، جاءوا أمام الوالي واعترفوا أمامه بالإيمان بالمسيح، فأرسلهم إلى والي آخر فعذبهم وأستشهد أحدهم في البداية الذي هو واخس، بينما سرجيوس صديقه أصبح حزين عليه إلى أن رأى رؤية أنه في مكان جميل، مطمئن، سعيد، فتعزت نفسه وتقوى وأيضا كان مصيره أنه تعذب كثيراً وفي النهاية نال إكليل الشهادة، اثنين من الشباب في مركز مرموق في حياتهم، ضباط، قد تجد أن الضباط يكون فيهم كبرياء أنه إنسان له سلطان، إنسان موضع احترام وتقدير من الجميع، لكن في الحقيقة لكي يعيش الإنسان مع المسيح لابد أن يكون لديه ثلاثة مقومات هامة جداً:
١- لابد أن يكون غالب العالم .
٢- لابد أن يكون لديه قوة إيمان .
٣- لابد أن يكون لديه إيمان بالحياة الأبدية.
أولا: غالب العالم :
نحن نعيش الآن يا أحبائي في صراع، في صراع ما بين أننا نكون مغلوبين لأنفسنا والعالم أم غالبين أنفسنا وغالبين العالم، وفي الحقيقة لن تستقيم حياتنا مع الله أبدا طالما نحن مغلوبين لأنفسنا وللعالم، لأن الكتاب المقدس واضح جداً عندما يقول "لا تحبوا العالم"، ولأنه لا يصح أن نجمع بين الإثنين، ولأن الإنسان عندما يكون مغلوب لنفسه ومغلوب للعالم تكون الحياة الروحية والحياة مع الله بالنسبة له من باب الأوهام، وهم بمعنى أنه من الممكن أن يسمع عظة، من الممكن أن يحضر الكنيسة، من الممكن يقول لك إلى هنا وكفى من أجل ظروفي، ما هي ظروفك هذه؟! في الحقيقة هو مغلوب من نفسه ومغلوب من العالم، لكي نبدأ أول نقطة في حياتنا مع المسيح بطريقة صحيحة لابد أن نغلب أنفسنا ونغلب العالم كيف أغلب نفسي؟ بمعنى أن يكون المسيح أهم مني، كيف أغلب نفسي؟ بمعنى أنه في بداية أول قرار في اليوم أنني عندما أستيقظ أصلي هذا أول قرار في اليوم، هذه أول بداية، بهذا بدأت أعرف ما معنى أن أغلب نفسي، هذا قرار الاستيقاظ، قرار الصلاة، يأتي يوم الجمعة أقرر أنني صائم، يقال لك نعم ولكن لا تبالي، فتقول لا بل أنا صائم، أبدا لابد أن أغلب نفسي، يوم بعد يوم بعد يوم يتكون لديك فكرة أنك غالب، والذي يغلب نفسه يعرف أن يغلب العالم، هيا نأخذ تدريب كيف نغلب أنفسنا، هذه النفس تريد الكسل، تريد الشهوة، تريد الأرض، تريد الذات، تريد السلطة، تريد المال، هذه رغبات الإنسان الطبيعية، لكي أعيش مع المسيح لابد أن أغلب نفسي، مثلما قال معلمنا بولس "أحيا لا أنا بل المسيح يحيا في"، الخطوة الأولى يا أحبائي هي أننا نحتاج أن نتمسك بإلهنا ونطلبها منه كثيراً أقول له أعطني غلبة على نفسي، الذي يغلب نفسه يعرف أن يغلب العالم، العالم يصبح صغير بالنسبة له، لكن يا سرجيوس أنت ضابط، أنت الكل يحترمك، هل يوجد مثلك؟!، يقول لك لا فهذا الكلام كله باطلا أمام حياتي للمسيح، المسيح أغلى بكثير.
فماذا يا أحبائي لو نضع أنفسنا في اختبارات فعلية كم هي كرامة المسيح في حياتي الفعلية؟!، ماذا يا أحبائي إذا قمنا بقياس أنفسنا هل أنا أخضع إلى الوصية أم أخضع لنفسي، من إلهي؟، من ناموسي؟، من سيدي؟، من الذي اجتهد أن أخضع له؟، غلبوا أنفسهم وغلبوا العالم، غالبين العالم، الإنسان يا أحبائي الذي يغلب العالم يكون العالم بالنسبة له صغير جداً، صغير جداً، شاهد أنت مباهج العالم كيف تخضع لها الشعوب، شاهد الإنسان يشتهي ....، ....، .... إلخ، الإنسان الذي يعيش في المسيح يا أحبائي يشبع، الإنسان الذي يعيش في المسيح تختلف أولوياته وتتبدل، كما قال القديس أوغسطينوس "من أمتلكك شبعت كل رغباته" لماذا كل الوقت تريد ....، ....، .... إلخ، ولماذا طوال الوقت غير سعيد، غير فرحان، غير راضي، بالطبع تجد الإنسان يدخل في موجة اكتئاب، وتجده دائما مزاجه ليس على ما يرام، لأنه في الحقيقة هو يحاول أن يشبع ذاته ويلذذها لكن هو يجري خلف سراب، لماذا؟ لأنها لن تشبع، لن يأتي عليها وقت وتقول هذا يكفي، فإذا قمنا بإستبدال عمل شخص بعمل آخر يأخذ فيه راتب أكثر بعشر مرات ستجده أيضا غير سعيد، لماذا؟ لأنه عندما تكثر الخيرات يكثر الذين يأكلونها، لأن الفكرة ليست في كم راتبك، ليست في كم دخلك، لكن بماذا في قلبك، فكرك، وتوجهاتك، وهذا الأهم والأصعب، تريد أن تجاهد بالفعل جاهد أنك تكون غالب لنفسك.
ثانياً: قوة إيمان :
الغالب نفسه وغالب العالم يستطيع أن يقول أنا أتبع سيدي وإلهي وربي ومخلصي يسوع المسيح، ولكنهم سيفعلون فيك عذابات كثيرة، نعم سيفعلون في هذا وحتى إذا فعلوا في أكثر من ذلك لأن كما ذكرنا في النقطة الأولى أنا غالب نفسي وغالب العالم يفعلوا ما يفعلوه لكن المسيح أهم، قوة الإيمان، يقول لك على الآباء الرسل "وكانوا يؤدون الشهادة بكل مجاهرة" بكل مجاهرة، انتبهوا ألا يشعر أحد مننا في يوم من الأيام أنه لا يستطيع أن يجاهر بأنه مسيحي، لا يستطيع أن يعرف الجميع أنه مسيحي، لا يستطيع أن يقول اسمه، لا أرجوك قل لنفسك هكذا أنا كل الصفات في يمكن أن تكون رديئة إلا إنني مسيحي، كل صفة في من الممكن أن يكون فيها ضعفات لكن نقطة القوة الوحيدة التي في أن اسم ربنا يسوع المسيح دعي علي، قوة، مجاهرة، ذهبوا وقالوا للملك نحن مسيحيين، قوة إيمان، كما قال معلمنا بولس "لأني عالم بمن آمنت"، أنا أعرف، أنا أعرف بمن آمنت، لذلك الكنيسة دائما تحب أن تتلو قانون الإيمان، وكلنا نقول معا "بالحقيقة نؤمن"، ما هذا؟! نحن نعلن إيماننا، نجاهر بإيماننا، نفرح بإعلان إيماننا، نفخر بإعلان إيماننا، هكذا هو المسيح يا أحبائي، الذي يتبع المسيح يا أحبائي يشبع ويفرح ويكتفي، فسر قوة الإنسان في المسيح يسوع.
ثالثاً: إيمان بالحياة الأبدية :
فأنا لماذا أكون غلبت نفسي؟، لماذا أنا أجاهر بالإيمان؟، هل لأني إنسان بائع نفسي وبائع عمري؟! لا أنا أعرف لماذا أنا أفعل هذا، لماذا؟ من أجل الحياة الأبدية، من أجل الميراث الأبدي، لأن أنا أنظر إلي أشياء أعلى بكثير من الأرض، لأن أنا أعرف "إن نقض بيت خيمتنا الأرضي فلنا بناء في السماء"، إيمان بالأبدية، كم نفكر في الأبدية؟، وكم نحن مهتمين بها؟، وأحاول وأجتهد أن أعرف مكاني هناك ما هو شكله؟، ولما اسعى؟، هذا الكلام لابد أن تفكر فيه كثيراً لأن تفكيرك في الأبدية سوف يحميك من أشياء كثيرة وأنت هنا على الأرض، سوف يهون عليك زمان الغربة، سوف يهون عليك أتعاب الحياة، سوف يجعلك تدوس بغنى، لست مقهور، مغلوب، محروم، متضايق لا بل انت من داخلك مقتنع بما تفعله، لماذا؟ من أجل الحياة الأبدية، أنك لك مكان، لك ميراث، لك سماء، لك أفراح تنتظرك، يوجد مشهد أسفل صعب جداً منظر الموت ومنظر الدم، نحن جميعاً تأثرنا على استشهاد أبونا سمعان الذي ذبح بشكل صعب جداً وقاسي، لكن انتبه هذا المنظر الذي أسفل لكن هناك منظر آخر سماوي لابد أن تكون أعيننا وقلبنا وثقتنا فيه، أنه على قدر قسوة المنظر الذي أسفل على قدر مجد و فرح وبهاء بالمنظر السماوي، واخس وسرجيوس ومئات الألوف من الشهداء، هذا المنظر إذا رأيته مشهد موجع للقلب، تقابلت معه فتاة في الطريق أشفقت عليه وظلت تبكي، وأسقته ماء، قال لها لا تبكي، اذهبي إلى هذا المكان الأمامي عند الميدان لكي عندما استشهد حاولي أن تأخذي جسدي، فهي أشفقت عليه والدم يسيل منه فأحضرت جزة صوف من حيوان وأخذت الدم في جزة الصوف، لم يهون عليها أن نقطة دم الشهيد تنزل على الأرض لأنه قيمة غالية، المنظر قاسي نعم لكن قم وشاهد المنظر السماوي ماذا يكون؟ المشهد السماوي يا أحبائي أن له مجد في السماء، له كرامة في السماء، و كل هذا المشهد القاسي الذي أسفل يهون لأنه ليس هو هذا المشهد الحقيقي، لكن المشهد الحقيقي هو مشهد الإكليل، المشهد الحقيقي هو انقضاء هذا الزمان الزائل، وانقضاء زمن الغربة على الأرض، وانقضاء الحياة الزمنية، لكن يفتح باب طاقة الحياة الأبدية، يفتح باب الحياة الجديدة، الجسد الجديد الممجد، هل يوجد لدينا إيمان بهذا الكلام أم لا؟.
لذلك يا أحبائي نجد جهادنا ضعيف، ضعيف جداً، وتجدنا بخلاء جداً لماذا؟ لأني أنا لا أعرف ما الذي سوف آخذه في النهاية؟، فلماذا أتعب؟، مثلما يعطوا لشخص راتب قليل فيقول لك أنا أعمل على قدر نقودهم، بمعنى أنه يتكاسل عن العمل، بينما هو يستطيع أن يعمل أكثر، يقول لك نعم بالطبع لكن إذا الرواتب أصبحت غير ذلك، فأنا أعرف وأستطيع.
نحن أيضا يا أحبائي إذا كان لدينا إيمان بالمكافأة، إيمان الحياة الأبدية، إيمان بالميراث الذي لنا قال لك "رثوا الملك المعد لكم قبل تأسيس العالم"، إذا كان لدينا إيمان بمكانتنا فوق في السماء أننا نحافظ عليها سوف يهون علينا أمور كثيرة، لذلك يا أحبائي هيا نعيش هؤلاء الثلاثة خطوات :
١- هيا نغلب أنفسنا والعالم، احذر أن تغلبك نفسك، احذر أن يذلك العالم أو يهينك، احذر أن تكون خاضع للعالم لا بل قل مع معلمنا بولس الرسول "العالم مصلوب لي وأنا للعالم" بمعنى أنه ليس يجذبني ولست أنا منجذب له.
٢- قوة الإيمان، أغلى نعمة فيك إيمانك بربنا يسوع المسيح، أجمل نعمة فيك إيمانك بربنا يسوع المسيح.
٣- إيمانك بالأبدية، أنني لن أعيش من أجل الأرض وهذا الزمن زائل، وأنا أتعشم أن يكون لي مكان في السماء، وأثق أن الله يجهز لي مكان في السماء لأنني ابنه، وقال "حيث أكون أنا هناك يكون خادمي"
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين .

عدد الزيارات 1669

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل