لماذا الفداء

Large image

" فإنّ كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأمّا عندنا نحن المخلّصين فهى قوة الله ، لأنه مكتوب " سأبيد حكمة الحكماء وأرفض فهم الفهماء " أين الحكيم ؟ أين الكاتب ؟ أين مباحث هذا الدهر ؟ ألم يجهل الله حكمة هذا العالم ؟ لأنّه إذ كان العالم فى حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة ، إستحسن الله أن يخلّص المؤمنين بجهالة الكرازة لأنّ اليهود يسألون آية واليونانيين يطلبون حكمة ولكنّنا نحن نكرز بالمسيح مصلوبا0 لليهود عثرة ولليونانيين جهالة0 وأمّا للمدعوين يهودا و يونانيين فبالمسيح قوة الله وحكمة الله0لأنّ جهالة الله أحكم من الناس 0وضعف الله أقوى من الناس0} 1كو1: 18 – 25 { كان كل رجاء اليهود فى شخص المسيح هو أن يكون المسيح ملكا يرّد لهم الملك المفقود ويحررهم من قيود العبودية والإستعمار الرومانى ، وعندما علموا عند ميلاده أنّ نجم فى السماء أشار لمكان ميلاده وأنّ السماء إرتّجت لميلاده علموا أنّ المولود هو ملك اليهود وأنّه سّيرد لهم مملكة داود الساقطة فإبتدأوا يضعوا آمال كبيرة على المسيح ولكنهم وجدوه شخصية عادية جدا ، وعندما وجدوا المسيح مصلوبا على الصليب عثروا فيه وقالوا أنّ هذا المصلوب لا يمكن أن يكون ملكا لهم وإعتقدوا أنّه لا يستطيع أن يرّد الملك لإسرائيل حيث كانوا يطلبون ملكا أرضيا ولكن المسيح كان قد جاء ليردّ للإنسان مكانته الأولى ويردّ للإنسان الملك الروحى لا الأرضى وبهذا كان الصليب عثرة لليهود ، وأمّا اليونانيين فكانوا ناس عقلانيين وكانوا يطلبون الحكمة ويطلبون إلها يتكلّم بلباقة وبفلسفة عالية ولكنهّم وجدوا المسيح إنسانا عاديا يتكلم بأمثال بسيطة فسخروا من المسيح وإعتبروا الصليب جهالة ، فكان قمة الجهالة فى نظر اليونانيين هو صلب المسيح حيث أنّ الإله لا يمكن أن يشتم ويجرح ويصلب فإعتبروا الصليب جهالة وكل غنى الكنيسة ومجدها فى الصليب ، وهو رمز المسيحية وفخرها ، وعلى عكس الغير المسيحيين الذين يرفضون الصليب بشّدة فإنّ المسيحيين يتمسّكوا بالصليب بشدة ، ويمكن أن يتفق غير المسيحيين معنا فى أمور كثيرة إلاّ الصليب فيؤمنون مثلا بأنّ المسيح بلا عيب وأنّه حمل به من الروح القدس وأنّ المسيح إنسانا له سلطان على الأرض وفى السماء ويؤمنون أيضا بحكمته وفلسفته وسلطانه ومعجزاته وأمثاله لكنهّم لا يؤمنون أبدا بالصليب وذلك لأنّ الصليب كنز الكنيسة وكنز الكرازة وجوهرها كما أنّ عدم أعترافهم بالصليب بسبب إنكارهم عن المسيح صفة الكفارية والفدائية عن شعبه0والصليب هو الطريق الذى يستطيع الإنسان به أن يعيش على قواعد المسيحية0كما أنّ كل أفراح الصليب كامنة فى أحزانه وعار الصليب كامن فى مجده وكان يمكن لله أن يعّد طريقه يخلّص بها العالم أبسط من الصليب فكان يمكن أن يجدّد الله طبيعة الإنسان بأن يسامح آدم ويغفر له خطيته ، ولكن الله كان قد قال لآدم ( يوم أن تأكل من هذه الشجرة موتا تموت ) ولكن آدم أكل من الشجرة وبذلك أصبح الإنسان مستوجب الموت وكان الله لا يمكن أن يسامح آدم لأنّ هذا العهد بينه وبين الإنسان بألاّ يأكل من الشجرة كان أول عهد بين الله والإنسان فكان الله لا يستطيع أن يسامح الإنسان وبذلك دخل الموت إلى العالم وسقط الإنسان فى الخطية وأصبحت الخطية متوارثة من جيل إلى جيل وكما يقول بولس الرسول " من أجل ذلك دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت وهكذا إجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع " ( رومية 5: 12 ) وهذا الإنسان هو آدم وبذلك وقع على الكل حكم الموت وكان الحل هو أن يتغيّر الإنسان ليس من الخارج فقط بل يجب أن يكون التغيير فى جوهره وفى طبيعته وكما أنّه هناك مدربين يروضّون الوحوش ويدرّبوها ولكن أحيانا تعود هذه الوحوش إلى طبيعتها الوحشية وتفترس مدربيها كذلك فإن آدم كان دائما يعود إلى الخطية حيث أنّ الخطية أصبحت إحدى سماته ودخلت الخطية إلى طبعه فأصبحت طبيعة الإنسان شريرة ومخالفة لله لذلك كان الإنسان يحتاج لتغيير فى طبعه وفى جوهره0
وفى العهد القديم فسد طبع الإنسان وكان يحتاج إلى الفداء وكان يمكن أن يقول الله للبشرية مغفورة لكم خطاياكم فالله رؤوف ورحوم ولكن ذلك معناه أنّ الله أخطأ فى تقييم القضية فكان يمكن لله أن يقول للإنسان أنه إذا أكل من الشجرة سيحرمه من شىء معيّن ولا يقول أنّ العقوبة ستكون الموت وبذلك يصبح المعنى أنّ الله أعطى للإنسان عقوبة لا تتناسب مع الجرم ، وبالخطية أصبح الإنسان مديونا ولابد أن يكون الإنسان نادم على خطيته حتى يفى الله عنه الدين وبذلك أصبح الإنسان يحتاج لندمه وتوبتة هو وغفران الله له وسداده للدين الذى لا يستطيع الإنسان أن يفى به وحده بل يحتاج لمعونة الله حيث كانت الخطية غير محدودة لأنها كانت موجهّة إلى ذات الله غير المحدود ، والله لا يستطيع أن يفى عن الإنسان دينه بدون توبة وندم صادقين من الإنسان ، ولم تكن توبة الإنسان كافية حتى يفى الله بالدين نيابة عن الإنسان فإقترح الله على آدم حل مؤقت وهو أن يتوب آدم ويفى عنه كائن آخر بالدين بدلا منه وهذا الكائن هو الخروف أو الذبيحة حيث أنّ آدم عندما تعرّى فى الفردوس بسبب الخطية صنع الله له جلدا يلبسه وهذا الجلد مصنوع من الخروف أو الذبيحة وبذلك كانت الذبيحة وسيلة لصلح مؤقت بين الله والإنسان وأصبحت الذبيحة تحمل عن الإنسان ذنوبه و تنقّى الإنسان من شروره أمام الله ، و فكر الذبيحة معترف به فى كل الديانات سواء الشعوب الوثنية أو عند إخواتنا المسلمين الذين يعترفون بعيد الأضحى والذى تقدّم فيه ذبيحة أو خروف لله وكانت الذبيحة حل مؤقت لذلك كان يجب إيجاد حل نهائى لهذه القضية المعقّدة والتى كان حلها مستحيلا عند البشر ولكن الله لا يوجد عنده مستحيل فهو المتحكّم فى كل شىء فى الكون فى الأرض وما عليها والسماء والبحر وما فيهما ، وكان الحل هو تجسّد الله بغير إستحالة فوجد الله أنّ الخطية أحدثت إنفصالا بين الله والإنسان وأدخلت الموت إلى العالم وأصبحت غير محدودة وبما أنّ الخطية الغير محدودة صنعها إنسان كان يجب أنّ الذى يرفعها عن العالم يكون إنسانا ويكون غير محدود ويكون قدوس بلا خطية لذلك كان الحل هو تجسّد الله ، فلا ملاك ولا رئيس ملائكة ولا نبى ولا رئيس آباء إستطاع الله أن يوكّله على خلاص الإنسان بل تجسّد الله بغير إستحالة ليرفع عن الإنسان الخطية فقبل أن يصبح إنسانا و فضّل التألّم عن التنعّم وفضّل الشقاء عن الراحة وفضّل الصليب عن العرش الذى يحمله الكاروبيم ورضى أن ينفصل عن بهاءه ومجده وعظمته ليخلّص العالم ولا يتركه يهلك ولذلك فإن الجسد والدم الذخيرة الحية فى الكنيسة هما قوة الكنيسة وعظمتها وهما كفاّرة وفداء للشعب وأصبحت كل عثرة وكل جهالة فى الصليب مصدر فرح للإنسان لأنّ الله بالصليب صنع الخلاص فى وسط الأرض كلها وبسط يديه على عود الصليب لكى يحتضن الكل ويغفر للكل وأصبح الصليب لا يحدّه زمان أو مكان لذلك فإن ذبيحة الصليب ذبيحة ممتدّة إلى الأبد تشفع فينا أمام عرش النعمة وبالصليب أخذ الإنسان طبيعة جديدة فمثلا مارجرجس عندما وضعوه مع الفتاة الخاطئة وربطوهما معا إستطاع أن يغلب شهواته وإستطاع أن يغلب الخطية وإستطاعت الطبيعة الجديدة التى أخذها بالفداء وبالصليب أن تنتصر على طبيعة الإنسان الجسدانية الشهوانية ولذلك فيجب على الإنسان أن يتعلّم من الصليب ومن جراحات وآلام الصليب وأن يتعلّم من محبة الله الذى لم يكتفى بأن يقدّم لنا آية أو معجزة بل رضى أن يقدّم نفسه ذبيحة عنّا لأجل خلاصنا ورجوعنا إلى الله و المجد لله دائما أبديا أمين

عدد الزيارات 2628

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل