بين العقيـــدة و الطقــس

Large image

أحياناً ما يكون الفارق بين العقيدة والطقس مبهماً بالنسبة لنا0ولكن هذه هى كنيستنا وهذا هو إيماننا ولابد أن نكون على درايه تامة بكل الطقوس والعقائد التى فى كنيستنا المجيدة لكى نقدر أن نعيش هذا الإيمان بشكل سليم يقول معلمنا بولس الرسول لتيموثاوس تلميذه " إعكف على القراءة والوعظ والتعليم "( اتى 4: 13 ) فما هو الفارق ؟ القراءة تعنى المعرفة الفكرية 0والوعظ أى يعظ الشعب أمّا التعليم فهو شىء آخر غير الوعظ 0وأجمل ما فى كنيستنا القبطية أنّ تعليمها عظات وعظاتها تعليم0التعليم به فهم وإستيعاب00أمّا الوعظ فهو تطبيق التعليم فإذا تحدّثنا عن التجسّد وأسبابه فهذا تعليم 0أمّا لو تكلّمنا عن بركات التجسّد فهذا وعظ وكنيستنا تحوى بداخلها العقيدة والطقس والتعليم والوعظ ومؤسسها هو الرب يسوع ذاته منذ أن كان على الأرض توجد مشكلة فى جيلنا وهى أنّ كثيرين لا يريدون معرفة العقيدة أو الطقس بل يريدون كلمات روحية فقط00ومن هذا المنفذ تسلّل بعض الذين هم بلاعقيدة أو طائفة قائلين " إننا نتكلّم عن يسوع فقط بدون التعرّض لطائفتك سواء أرثوذكس أو كاثوليك أو بروتوستانت " ونحن نقول أنّ هذا الفكر سوف يهدم شيئاً هاماً لأنّ الحياة لابد أن تكون مبنية على عقيدة سليمة وفكر ورؤية سليمة بحسب المسيح 0لأنّ أساس الحياة الروحية الصحيحة حياة عقيدية ( فكرية ) سليمة فمثلاً : هناك طائفة فى الهند ( الهندوس ) تمارس تقشفات عنيفة وأصوام شديدة ولكن هذا ليس صوماً لله0 بل هم أصحاب فكرة إعتقدوا بها وآمنوا بها00فهذا ليس صوماً بل هو نظرية ويشبههم طائفة أخرى تسمّى النباتيين فهل هؤلاء صائمون ؟ بالطبع لا00لأنهم يفعلون هذا بإعتبار أنّ الأطعمة النباتية تقوّى من الصحة فقط وهناك من هو نباتى لأنّه لا يقبل أن يأكل حيواناً يموت0فهذه أيضاً نظرية فى الحياة وليست إيماناً0إنها مجرد فكرة صحية0أيضاً بعض إخوتنا المسلمين المتصوفين يصومون ويصلّون ويتعّبدون0فهل هؤلاء فكرتهم صحيحة روحياً بحيث أنّ العبادة تقبل أمام الله أم لا ؟ هذا أمر مهم فى حين أنّ الصوم فى الكنيسة يعتمد على إيمان وفكر وهدف معيّن وهكذا فقد يكون للصوم نفس الهيئة من الخارج ولكن الممارسة والهدف هو الفارق وهو نقطة الإختلاف ونقطة التميّزإذاً فكونى أعيش مع المسيح بدون فكر أو رؤية عقيدية فهذا خطأ لأنّ العقيدة هى التى تعرّفنى بأسلوب الحياة مع المسيح وقد يكون البعض منّا سطحياً كنوع من المحبة مع الآخرين ولكن هل المحبة تعنى أن أكون سطحياً ومتهاوناً بعقيدتى إذا تكلّمنا عن التوبة كلاماً جميلاً لكننا لم نتكلّم عن الإعتراف والتناول والغفران أو أى عقيدة يرتكز عليها خلاصك فهنا نكون قد أخطأنا فى حقك وإذا تكلّمنا عن دم المسيح الذى يغفر كل خطية ولم نذكر المذبح فأين نتقابل مع هذا الدم ؟ إذاً فكون الإنسان يتكلّم عن أمر ما ليس له أساس عقيدى فهذا نوع من الخواء ونتذّكر أنّ الأنبا ديسقوروس البطريرك الأسكندرى فضّل التعذيب عن أن يغيّر فى إيمانه وعقيدتة فى المسيح شيئاً0وجمع أسنانه التى سقطت وشعر لحيته المنتوف وأرسله إلى شعبه بالأسكندرية قائلاً لهم " هذه ثمرة إيمانى 0فأثبتوا على الإيمان حتى النهاية " وهكذا فالعقيدة ليست شيئاً ثانوياً أو جانبياً ولكنه أساس تبنى عليه الحياة الروحية ونحن نرى اليوم بعض الناس يقولون أنهم لا ينتمون لأى طائفة بل يتكلّمون عن المسيح فقط0فهؤلاء ذئاب فى ثياب حملان ويقدّمون السم فى العسل ويدعون " اللاطائفيين " وهو نوع من الخداع لأنهم يعرفون أفكار شعبنا وأبنائنا أنهم يرفضون الحوار مع الطوائف الأخرى فأتوا فى ثوب جديد00ثوب اللاطائفة وفى أحد المرات سأل نيافة الأنبا موسى اسقف الشباب هل هناك فارق بين " ضد الأرثوذكس ANTI- ORTHODOX " و " اللاأرثوذكس NON- ORTHODOX " ؟ وأيهما أخطر ؟ ثم أجاب قائلاً أنّ اللاأرثوذكس هم أخطر00لماذا ؟
لأنّ ضد الأرثوذكس ANTI –ORTHODOXهم واضحين إذ يرفضون مباشرة ما يخص إيماننا من الأسرار والكهنوت والذبيحة و000إلخ 0بينما اللاأرثوذكس NON-ORTHODOX يأتون بمظهر متخفّى لا يتناقش فى أى شىء0وتحت شعار أننا واحد فى المسيح يستدرجون البسطاء لإنكار الأسرار والكهنوت والشفاعة حتى يجرّدوهم فى النهاية من إيمانهم السليم0من كنيستهم ومن مسيحهم0
وهؤلاء عندما يأتون يقولون أننا كلنا إخوه فى المسيح0وعندما تستمع لهم تجد عبارات غريبة فى كلماتهم وإسلوب نفسى غريب فى العبادة وإذ تعرف أنّ " لغتك تظهرك " فإننا نتهم حينئذٍ تلك العقيدة التى أرادوا أن يخبئّوها و يخدعونا وهناك ثلاث كلمات هامة تقرّب لنا مفهوم ومعنى العقيدة والطقس0
ملحوظة : كلمة " طقس " مأخوذة من الكلمة اليونانية TAKSIS بمعنى نظام
فكرة وجدان ممارسة
عقيدة طقس
فكرة فى العقل تترجم لمشاعر فى القلب والوجدان تترجم إلى سلوك
ممارسة
عقيدة طقس
فكرة فى العقل يعبّر عن فكرة فى الوجدان والقلب يعبّر عن مشاعر سلوك
إذاً فالطقس هو ممارسة تعبّر عن وجدان ينبع من فكرة والعقيدة هى فكرة تُترجم إلى مشاعر فى الوجدان وتطبّق فى شكل ممارسة0
إذاً ما معنى عقيدة ؟
هى فكرة إعتقدت بها وثبتت فىّ وصرت أنا وهى واحداً0ودخلت معها فى عقد ولنأخذ الآن بعض مفردات هذا الإيمان العظيم00الفكرة والتطبيق أو العقيدة والطقس0
(1) الله موجود
وهذه فكرة أو رؤية يؤمن بها الكثيرون فى العالم أحياناً بلا تطبيق0ولكن هذه الفكرة وُلدت فى وجدانى فأحببت الله وإختلط حبه بمشاعرى وكيانى وتصرفاتى وافكارى فصار سلوكى فى مخافة الله وصرت أحيا فى هذا السلوك حتى ولو كنت بمفردىوهكذا فعندما طلبت زوجة فوطيفار من يوسف العفيف أن يفعل الخطية قال لها " كيف أفعل هذا الشر العظيم وأخطىء إلى الله " ( تك39: 9 ) 0وذلك لأنّه يؤمن بعقيدة ما وهى أنّ الله موجود وكائن فى كل مكان وهو يرى كل شىء0وعندما عاش يوسف هذه الفكرة وأحبها صارت ممارسة مقدسة له فرفض الخطية وهرب منها0
(2) الثالوث القدّوس
يعلّمنا الكتاب المقدس أنّ الله هو ثلاثة أقانيم فى واحد ، الآب والإبن والروح القدس إله واحد0وهذه الفكرة تتحد بمشاعرى ووجدانى فتُترجم لسلوك وحب للثالوث القدوس ومن ثمّ نطبقها كعاده رشم الصليب0 فنقول " بإسم الآب والإبن والروح القدس الله الواحد أمين " ، الله الآب ضابط الكل والإبن تجسّد من بطن العذراء مريم وخلّصنا والروح القدس نقلنا من التدبير الشمالى إلى التدبير اليمينى 0وهذا هو رشم الصليب 0هو فكرة طبقتها وعشتها فى حياتى وهنا تظهر حكمة كنيستنا القبطية أن تعرف كيف تمزج العقيدة بالطقس والطقس بالعقيدة0لأنّ العقيدة هى فكرة أو معلومات نمارسها ونعيشها بالطقس 0وهذا الطقس تمارسة الكنيسة فى كل ممارساتها 0الرشومات الثلاثة التى يرشمها الكاهن هى" بإسم الآب والإبن والروح القدس " يستخدمها الكاهن لتقديس كل الأسرار وكل الممارسات الكنسية0لأننا أحببنا الثالوث ودخل إلى أعماق الوجدان فمارسناه فى حياتنا المعاشة وهكذا ففى إختيار الحمل مثلاً يرشم الكاهن ثلاث رشومات على الحمل والقاروره أيضاً0وأى ماء يجعل رشم الثالوث يصير ماء مقدساً بفعل قوة الثالوث أيضاً نلمس الثالوث فى " اللهم إرحمنا " فالكاهن يحمل صليباً به ثلاث شمعات متساوية ويباركنا بهم وهذا المشهد يمثّل الثالوث0فهم ثلاثة فى واحد وكأنّ الأب الكاهن يبارك الشعب بنور الثالوث0وهم بنفس الوقت بفعل واحد وحركة واحدة لأنّ الثلاثة هم واحد وهكذا نرى أنها فكرة صغيرة لكنها تعبّر عن عقيدة0إذاً لا يوجد أى طقس فى الكنيسة إلاّ والغرض منه التعبير عن إيمان معيّن تحياه الكنيسة وتعيش فيه0
س : لماذا يمسك الكاهن والشماس معاً البشارة بعد أوشية الإنجيل ؟
يجب أن يمسك الكاهن والشماس معاً البشارة بعد أوشية الإنجيل ويدوران معاً حول المذبح0وهذا إشارة إلى كرازة الإنجيل ( البشارة ) 0ويمسك الكاهن بالبشارة مع الشماس لأنهم حملا بشارة الخلاص للعالم0ولأنّ فعل وتأثير الصليب قد إخترق العالم كله0ونور الكرازة يثبت فعل الصليب0
والكاهن يمثّل المسيح والشماس يمثّل يوحنا المعمدان السابق له والذى كان يعّد الطريق له0وأيضاً هذا الشماس يمثّل الأباء الرسل الذين تسلّموا البشارة من الرب يسوع له المجد ونشروا نورها للعالم كله0
شفاعة القديسين
نحن نؤمن أنّ العذراء هى والده الإله فهى قد ولدت لنا الله الكلمة بالحقيقة0ومادامت هى والده الإله إذاً فلها كل الإكرام 0فأم الملك هى ملكة0وهذه هى العقيدة00الفكرة ذاتها أنّ العذراء هى التابوت العقلى الحامل الله0ولكنها تابوت من نوع آخروصارت أم الله فى قلوبنا وصرنا نحبها وصارت لها مكانة فى قلوبنا وصارت قلوبنا تميل إليها فصرنا نتشفّع بها فى حياتنا ونصنع لها تمجيداً ونعيّد لها يوم 21 من كل شهر قبطى وهذه الممارسة تعبّر عن حب داخل الوجدان وهذا الحب نشأ من فكرة0والفكرة هى العقيدة والفعل هو الطقس ذاته وهكذا فلابد أن تعرف الأساس العقيدى لكل فعل فى الكنيسة 00فمثلاً عندما وجد الأباء أنّ بعض الفئات تهاجم العذراء أمنّا وتقول إنها إنسانة عادية لذلك فقد عمل البابا كيرلس الكبير على أن يردّ على هذه الفكرة الخاطئة عملياً 0فرّتب الثيؤطوكيات فى التسبحة وقام بوضع مقدّمة قانون الإيمان " نعظمّك يا أم النور الحقيقى " فى مجمع 00وهكذا فقد وضع تمجيد العذراء كطقس ليهاجم الفكر الخاطىء بالفكر السليم مع الفعل والحياة0وجعل فى كل كنيسة مذبحاً بإسم والده الإله وكذلك فى كل دير فمثلاً دير العذراء برموس هو فى الأصل بإسم القديسان الروميان مكسيموس ودوماديوس ( براموس = الروميان ) ولكن عندما بنيت كنيسة فى الدير بإسم العذراء فقط خطفت الأضواء فسمّى دير العذراء برموس وهكذا أيضاً فى دير السريان فهو بإسم القديس يوحنا كاما ولكن لوجود مذبح بإسم أم النور فقد سُمى دير العذراء السريان وقامت بعض الطوائف لتقول أنّ القديسون هم بشر عاديون مثلنا وأنّ الدينونة لم تحدث لتحكم ما إذا كانوا قديسين أم لا ! فردّت الكنيسة عليهم قائلةٍ أنّ هؤلاء أحبّوا المسيح من كل قلوبهم وبذلوا حياتهم من أجله حتى سفك الدم0والله لا ينسى تعب المحبة0فإذا كان كوب ماء بارد لا يضيع أجره فهل يأتى من يقول أنّ هؤلاء الذين وضعوا حياتهم من أجل المسيح لا يعُرف مصيرهم ؟ ولكى تثبّت الكنيسة فكرة حب الشهداء والقديسين فى أذهان أولادها قال الأباء بأن تقام الكنائس بأسماء القديسين حتى تثبت فكرة القديسين وفكرة شفاعتهم فى قلوب أبناء الكنيسة وصارت الفكرة تطبيقاً عملياً يعيشه أبناء الكنيسة من كل قلوبهم0
القداس الإلهى
القداس الإلهى هو قمة الصلوات الكنسية وهو يمثّل حضور المسيح بذاته فى وسط كنيستة0وقد رتبّتة الكنيسة تبعاً لوصية المسيح الذى أسسه يوم خميس العهد0وكسر الخبز وقال " خذوا كلوا هذا هو جسدى " ( مر14: 22 ) فيقول بعض المشككون هل يعقل أن تقول عن الخبز أنّه جسد المسيح ؟ فنجيب ونقول أنّ السيد المسيح هو الذى رتّب ذلك ولسنا نتجاسر أن نبتدع شيئاً من أفكارنا الخاصة0
ففى إنجيل يوحنا الإصحاح السادس أكدّ الرب يسوع عدة مرات على هذا الأمر 0ومن يصدّق أنّ الله صار جسداً00لماذا لا يصدّق أنّ الخبز والخمر يصيران جسد ودم المسيح0وهذه الفكرة قد قبلناها من المسيح وهى أنّ الخبز والخمر بالروح القدس يتحوّل إلى جسد الرب ودمه وهكذا نؤمن وهكذا نصدّق أنّ المسيح سيظل فى كنيستة حاضراً على المذبح كل يوم حضوراً حقيقياً فى صورة جسد ودم لذلك فالقداس هو طقس يعبّر عن وجدان وهو بدوره يعبّر عن فكرة0والمسيح نفسه قال" إصنعوا هذا لذكرى " وكلمة " ذكرى " هى فى اليونانية " أنامينيسيس anamenesis " وهى تعنى إستعاده الشىء بذاته – كما هو 0 وكأنّ المسيح يعد أنّه سيكون حاضراً بذاته فى كل مرة يقيم فيها المسيحيون هذا السر المقدس وهو لذلك أراد إستمرارية هذا الطقس قائلاً " إصنعوا هذا لذكرى" ( لو22: 19 ) 00وأمر به ليكون لنا به حياة لأنّه قال " هذا هو خبز الحياة النازل من السماء " ( يو6 )وكثير من القصص التى حدثت مع أبناءنا تؤكد ذلك فقد حدث أن إصطحب أحد الخدّام أولاده بمدارس الأحد لحضور القداس يوم الجمعة وبعد القداس وبعد أن تناولوا من الجسد والدم وفى طريق العودة قالت إحدى البنات الصغيرات للخادم " كانت حلوه قوى اللحمة اللى أكلناها النهاردة يا إستاذ ! " ونظر لها الأستاذ ولم يعط جواباً فقد رأت هذه الطفلة الصغيرة فى السن والعميقة فى الإيمان ما يعجز عن فهمه الفلاسفة وكثير من العلماء0
الصوم
الصوم هو إمتناع عن الطعام وتقديم الجسد ذبيحة حب لأجل المسيح الذى بذل حياته كلها لإجلنا على الصليب0وبرغم أنّه – فى الشكل الخارجى – إمتناع عن الطعام لكنّه يختلف جذرياً عن صوم باقى الديانات والمعتقدات كالهندوس أو النباتيين مثلاً0لأنّه بالنسبة لنا هو حب من القلب من أُناس أرادوا أن يعطوا المسيح من أجسادهم ذبيحة حية0وأرادوا ضبط جسدهم وشهواتهم فمارسوا الصوم كممارسة حب تقدّم لله والمسيح نفسه له المجد صام وأمرنا بالصوم0وأيضاً يذكر لنا الكتاب المقدس أنّه فى كثير من الأزمات كان الحل هو الصوم ( مثل صوم أهل نينوى – وصوم اليهود فى أيام أستير ) وبالصوم تخرج الشياطين كما قال لنا المسيح " هذا الجنس لا يخرج بشىء إلاّ بالصلاة والصوم " وهكذا فإنكّ لا تستطيع أن تصوم صوماً حقيقياً دون أن تدرك الهدف منه أو دون أن تدرك عمق عقيدة الصوم 0وأيضاً لا يليق أن تعتقد به دون أن تمارسه ونجد أنّ هناك كثير من الكتب قد تناولت العقيدة والطقس بطريقة معقدّة ولم تفسرها بل إهتمت بالممارسة دون تفسيرفى حين أنّه من الهام جداً أن تفهم لماذا تفعل هذا الشىء أو ذاك0لماذا نمارس الطقس ؟ إذا فهمت هذا جيداً فسوف تمارسه بطريقة روحانية لذلك إذا ألغينا الوجدان والمشاعر فإنّ العقيدة عندما تتحوّل إلى ممارسة دون حب فإنّها تفقد مذاقها الروحى كفعل حب موجّه نحو الله وأيضاً إذا كان الطقس يعبّر عن فكرة محبوبة من الوجدان يكون له مذاق روحى خاص 0
الميطانية
الميطانية فى شكلها الخارجى هى سجود للإرض ثم قيام مره أخرى 00وكلمة " ميطانيا " تعنى تغيير الفكروهى ممارسة كنسية أصيلة تعبّر عن حب وإنسحاق وتوبة ومذلّة حيث نقول أثناء ممارستها عبارات خاصة بالتوبة مثل " إرحمنى ياالله " – " لصقت بالتراب نفسى " 0وتأتينى مشاعر إنسحاق لكى يغفر لى الله وعندما يحُزن إنسان أخيه فإنّه يقبّل رأسه كوسيلة للإعتذار ولكن عندما يقبّل قدميه فهذا هو قمة الحب0وهذه هى الميطانية0هى تقديم توبة أمام الله وهى كفكرة محبوبة من الوجدان والقلب تمارس على شكل طقس00نقدّم فيها موت وقيامة0ونقدّم فيها أيضاً إعتذار لله0
لذلك فهى من الخارج حركة للجسد ولكنها تعبّر عن مشاعر ووجدان وهو فى الأصل يعبّر عن فكرة0
+ والميطانيا ليست شكلاً مظهرياً فقط بل هى تعبّر عن عقل متغير يطرح خطيته عند أقدام المسيح عند الصليب ثم يقوم مغفورة له خطاياه0هذه المشاعر لابد أن تكون فى قلوبنا عند ممارسة الميطانيات0
لذلك فلابد أن يكون هناك فهماً ووعياً عميقاً بكل أعمالنا الكنسية0
قانون الإيمان
وضعت الكنيسة فى قانون الإيمان كل أساسيات إيمان الكنيسة0لذلك فكل ممارسة كنسية يقال فيها قانون الإيمان للتأكّد من سلامة إيمان الشعب إذ فيه نعلن إيماننا بالثالوث والتجسّد والقيامة والدينونة والأبدية000إلخ من أجل هذا يُتلى قانون الإيمان فى صلاة رفع بخور عشية والقداس وصلاة الإكليل ومسحة المرضى والجنّازات وصلاة الثالث000وهكذا فكل ممارسات الكنيسة الطقسية يُتلى بها قانون الإيمان لأنّ الكنيسة مزجت العقيدة بالممارسات والممارسات بالعقيدة لتطمئن على سلامة إيمان أولادها0وإلاّ نكون قد أضعنا إيمان أثناسيوس وديسقوروس وكل آباء الكنيسة الذين قاسوا الشدائد لكى يوصلّوا لنا هذا الإيمان سليماً لذلك أرجو منِك اليوم أنّ كل فعل بالكنيسة يمارس أمامك كطقس يكون لديك مرجعه العقيدى لتمارسه لا كواجب أو فرض ولكن كفعل حب مقدّم لله0
الشورية
تؤمن الكنيسة أنّ المسيح إلهنا قد تأّنس وأخذ جسداً من العذراء مريم وتعلن ذلك فى القداس الإلهى حينما يأتى الشماس بالشورية إلى الأب الكاهن ( والشورية تشير إلى بطن العذراء وبها الفحم المتوهّج علامة على المسيح الإله 0النار الآكلة التى لم تحرق بطن العذراء ) فيضع الكاهن فى المجمرة بخوراً وهو يقول " تجسّد وتأّنس " - وكأننا نرى تجسّد الكلمة – ثم يقول " وعلّمنا طرق الخلاص " 0ونحن نشتّم رائحة بخور جميلة – رائحة خلاص فيدخل المسيح إلى أنفاسنا مع رائحة البخور كعربون للإتحاد فى الأبدية وهكذا فكل ممارسة نفعلها فى الكنيسة لها أصلها العقيدىفليعطنا الرب أن نرى الهدف والفكرة من وراء كل طقس نمارسة0حتى نمارسة بحب من كل القلب والوجدان نحو الله تبارك إسمه فيقبل منّا كل أعمالنا ويفرح بنا ويبارك علينا ربنا يسند كل ضعف فينا بنعمتة ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد أمين.

عدد الزيارات 4883

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل