ما يميز الإيمان الأرثوذكسى

مِنْ المُمٍْكِنْ أنْ نَقُول أنَّ مَا يُمَيِّز الإِيمَان الأُرْثُوذُكْسِي هِيَ كَلِمَة مَأخُوذَة مِنْ سِفْر الأعْمَال وَهيَ ﴿ كَانُوا مَعاً ﴾ ( أع 2 : 44 ) .. فَأي مَجْمُوعَة مُتَحِدِّي فِي الإِيمَان وَالفِكْر وَالإِشْتِيَاقَات وَفِي طَرِيقِة العِبَادَة تُمَثِّل كِنِيسَة .. فَنَجِد أنَّ جَمَاعِة المُؤمِنِينْ كَانُوا بِقَلْب وَفِكْر وَاحِد .. وَلِهذَا فَكَلِمَة * كَانُوا مَعاً * تُسَاوِي الأُرْثُوذُكْسِيَّة .. فَمَا يُمَيِّز الإِيمَان الأُرْثُوذُكْسِي حَيَاة الشَرِكَة وَالوِحْدَة وَمَا يُمَيِّز الإِيمَان البُرُوتُسْتَانْتِي هِيَ كَلِمَة الإِنْفِرَاد أوْ الوِحْدَة الإِيمَان البُرُوتُسْتَانْتِي يَأخُذ مِنْ الفَرْدِيَّة .. أمَّا الإِيمَان الأُرْثُوذُكْسِي يَأخُذ مِنْ الجَمَاعِيَّة وَمِنْ المَعْرُوف أنَّ البُرُوتُسْتَانْت نَشَأ فِي مُجْتَمَع غَرْبِي وَالمُجْتَمَع الغَرْبِي يُؤلِّه الفَرْد .. كُلَّ فَرْد فِي هذَا المُجْتَمَع مَعَ نَفْسُه .. أي فِي حَالُه .. كُلَّ شِئ فِي هذَا المُجْتَمَع تَحْت مُسَمَّى وَاحِد وَهُوَ * أنَا * .. هذَا المُجْتَمَع الرَّأسِمَالِي الفَرْدِي لاَ يُوْجَد فِيهِ تَرَابُطْ أوْ مَوَدَّة أوْ تَرَاحُمْ حَتَّى بَيْنَ الأُسْرَة وَبَعْضَهَا .. فَالشَاب أوْ الشَّابَّة مُمْكِنْ أنْ يَتْرُك مَنْزِل وَالِدِيه وَيَذْهَبْ لِيَشُق طَرِيقُه بِنَفْسُه .. وَبِالتَّالِي المُجْتَمَع الفِرْدِي يُنَمِّي الفَرْدِيَّة وَلِهذَا نَجِد أنَّ المَنْشَأ الإِجْتِمَاعِي طَبَعْ عَلَى المَنْشَأ الدِّينِي فَنَجِد أنَّ البُرُوتُسْتَانْتِي يَعْبُد الله بِالطَّرِيقَة الَّتِي تَعْجِبُه .. لِدَرَجِة أنَّهُ يُوْجَد أُنَاس لاَ تُؤمِنْ بِالصُوم وَيُوْجَد آخَرُون يُؤمِنُوا بِالصُوم وَهذَا نَتِيجِة أنَّ كُلَّ شَخْص بَدَأ فِي تَفْسِير الإِنْجِيل بِطَرِيقَتُه .. فَالَّذِي مِنْهُمْ يُؤمِنْ بِالصُوم تَجِدُه يَقُول أنَّهُ يَصُوم وَقْت مَا يَحْتَاج أنْ يَصُوم .. وَيَصُوم بِطَرِيقَة مُخْتَلِفَة فَنَجِد أنَّهُ يَصُوم عَنْ الأشْيَاء الَّتِي يُحَبَّهَا .. وَلِهذَا نَجِد ألْف طَرِيقَة لِلصُوم كُلَّ هذَا نَتِيجَة لِلفَرْدِيَّة فَكُلَّ فَرْد لَهُ مَنْهَج وَلَهُ فِكْر .. وَالفَرْد فِي المُجْتَمَع الغَرْبِي لَيْسَ لَهُ مَرْجِعِيَّة أوْ فَرْد يَرْجِع إِلِيه أوْ مَجْمُوعَة يَعِيش فِي وَسَطِهِمْ .. هذَا المُجْتَمَع يَمِيل إِلَى فِكْر الأنَا أي يَعِيش مَعَ الله بِطَرِيقِة الأنَا .. فَتَجِدُه مُتَكَبِر وَفَرْدِي يَقُول أنَا وَالله وَلاَ يُؤمِنْ بِالقِدِّيسِينْ وَلاَ بِالكَهَنُوت وَلاَ يُوْجَد وَسِيط بَيْنُه وَبَيْنَ الله .. فَتَقُول لَهُ أنَّ التُوبَة تَحْتَاج إِلَى إِعْتِرَاف .. فَيُجِيب عَلَيْكَ وَيَقُول أنَا بَأعْتَرِف لله وَلاَ يُؤمِنْ بِأخْذ المَشُورَة .. وَيَقُول أنَّ رُوح الله الَّتِي بِدَاخِلُه هِيَ الَّتِي تُرْشِدُه وَأيْضاً لاَ يُؤمِنْ بِالقِدِّيسِينْ .. وَيَقُول أنَّ القِدِيس إِنْسَان مِثْلُه .. فَنَجِد أنَّ المَوْضُوع يَعْتَمِد عَلَى كَلِمَة * أنَا ثُمَّ أنَا * .. وَلِهذَا فَالبُرُوتُسْتَانْتِينِيَّة لَغَتْ رُوح الشَرِكَة فَالكِنِيسَة الأُرْثُوذُكْسِيَّة تَعْتَمِد عَلَى عِبَارِة * كَانُوا مَعاً * .. أي جَمِيع المُؤمِنِينْ يُمَارِسُوا كُلَّ الأُمور الكَنَسِيَّة مَعَ بَعْض .. فَمَثَلاً عِنْدَمَا نَصُوم نَجِد أنَّ كُلَّ الكِنِيسَة تَصُوم مَعَ بَعْض فَالكِنِيسَة تُحَذِّر أوْلاَدْهَا مِنْ الفَرْدِيَّة فَلاَ تَفْهَمْ الإِنْجِيل بِمُفْرَدَك .. وَأيْضاً إِذَا أرَدْت أنْ تَصُوم يَكُون تَحْت إِرْشَاد أب الإِعْتِرَاف وَلاَ تَعْتَمِد عَلَى فِكْرَك لِوَحْدَك .. وَأيْضاً نَجِد أنَّ القُدَّاس يُقَال فِي كُلَّ مَكَان وَفِي أي بَلَد بِنَفْس النَغَمَة فَيُوْجَد لِلقُدَّاس نَغَمَة وَاحِدَة وَكَأنَّ لاَ يُوْجَد فَوَاصِل وَصَارَ الجَمِيع كَنِيسَة وَاحِدَة مَعاً حَتَّى إِذَا كُنَّا لاَ نَعِيش مَعَ بَعْض فِي نَفْس المَكَان وَلكِنْ لَنَا فِكْر وَوُجْدَان وَاحِد وَهذَا هُوَ تَمَيُّز الإِيمَان الأُرْثُوذُكْسِي .. وَالكَنِيسَة تُمَجِّد الشَرِكَة وَتُحَارِب وَتُلْغِي الفَرْدِيَّة فَأي شَخْص لَهُ إِجْتِهَاد نَجِد أنَّ الكَنِيسَة تُوَظِّفُه لِصَالِح المَجْمُوعَة .. وَأي شَخْص عِنْدُه مَوْهِبَة فَنَجِد أنَّ الكِنِيسَة تَسْتَخْدِم هذِهِ المَوْهِبَة فِي خِدْمِة الآخَرِينْ وَبِهذَا كُلِّنَا نِبْنِي بَعْض .. وَنَجِد أنَّ الكِنِيسَة الأُولَى كَانَتْ قَائِمَة عَلَى أسَاس وَهُوَ ﴿ وَكَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكاً ﴾ ( أع 2 : 44 ) .. فَجَمَاعِة المُؤمِنِينْ كَانُوا يُرِيدُوا أنْ يَكُونُوا مَعَ بَعْض حَتَّى أمْلاَكِهِمْ وَمُقْتَنَيَاتِهِمْ كَانُوا يَضَعُونَهَا مَعَ بَعْض وَأصْبَح لاَ يُوْجَد فَرْق بَيْنَ مُمْتَلَكَات الإِنْسَان وَأخُوه .. وَأيْضاً فِي تَسَابِيح الكِنِيسَة نَجِد كَلِمَة * إِرْحَمْنَا * وَلَيْسَ * إِرْحَمْنِي * .. وَ * إِنْعِمْ لَنَا * وَلَيْسَ * إِنْعِمْ لِيَّ * .. وَعِنْدَمَا تُصَلِّي الصَّلاَة الرَّبَانِيَّة وَيَكُون الإِنْسَان بِمُفْرَدُه فِي حُجْرِتُه فَيَقُول ﴿ إِغْفِر لَنَا ذُنُوبْنَا كَمَا نَغْفِر نَحْنُ أيْضاً لِلمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا ﴾ .. وَلاَ نَقُول * إِغْفِر لِيَّ ذَنْبِي كَمَا أغْفِر أنَا لِلمُذْنِبِينَ لِي * .. فَحَتَّى إِذَا كَانَ الإِنْسَان يُصَلِّي بِمُفْرَدُه وَلكِنْ يُصَلِّي بِصِيغِة الجَمَاعَة ﴿ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ ﴾ ( يو 17 : 23 ) فَالإِنْسَان لاَ يَمْلُك الفَرْدِيَّة بَلْ يَحْيَا فِي وَسَطْ جَمَاعَة .. فَيَنْبُوع الفَرْدِيَّة أضَر الكِنِيسَة بَيْنَمَا يَنْبُوع الشَرِكَة أعْطَى الأمَان لِلكِنِيسَة .. فَلاَبُدْ أنْ يَكُون لِلإِنْسَان مَرْجَعِيَّة فَيَسْأل وَيَسْتَشِير .. فَقَدْ يَكُون هُنَاك خَطَأ مَا عِنْدَ الإِنْسَان وَلِهذَا فَالكَنِيسَة القِبْطِيَّة الأُرْثُوذُكْسِيَّة تَعِيش المَرْجَعِيَّة .. فَمُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول بَعْد 14سَنَة فِي الخِدْمَة يَقُول ﴿ صَعَدْتُ بِمُوجَب إِعْلاَنٍ وَعَرَضْتُ عَلَيْهِم الإِنْجِيل الَّذِي أكْرِزُ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ وَلكِنْ بِالإِنْفِرَاد عَلَى المُعْتَبَرِينَ ﴾ ( غل 2 : 2 )أي يَسْأل الرُّسُل عَنْ مَنْهَج كِرَازْتُه وَإِنْجِيلُه فَأعْطُوه يَمِين الشَرِكَة أي أنَّهُ يَسِير فِي خَطْ صَحِيح .. فَمِنْ الصَعْب أنْ يَعِيش الإِنْسَان بِفِكْرُه وَأيْضاً عِنْدَمَا تُرِيدْ الكَنِيسَة أنْ تَأخُذ قَرَار فَهذَا يَتِمْ عَنْ طَرِيق إِنْعِقَاد مَجْمَع مُقَدَّس .. فَمَثَلاً فِي مِصْر نُصَلِّي مِنْ أجْل النَّهْر وَالنَّاس الَّذِينَ يَعِيشُوا فِي أمْرِيكَا لَيْسَ لَهُمْ عِلاَقَة بِالنَّهْر وَبِالتَّالِي لاَ يَشْعُر الإِنْسَان الَّذِي يَعِيش فِي أمْرِيكَا بِهذِهِ الأُوشِيَة .. فَنَجِد فِي أمْرِيكَا يِصَلُّوا الثَّلاَث أوَاشِي مَعَ بَعْض فَيَقُولُوا ﴿ أُذْكُر يَارَب أهْوِيِة السَّمَاء وَثَمَرَات الحَقْل وَمِيَاه النَّهْر وَزُرُوع العُشْب بَارِكْهَا ﴾ .. فَالمُوسَمْ فِي أمْرِيكَا غِير المُوسَمْ فِي مِصْر وَبِالتَّالِي يُوْجَد إِخْتِلاَف فِي التَوْقِيتَات فَنَجِد وُجُود مَرْجَعِيَّة وَقَرَار مَجْمَعِي .. وَعِنْدَ إِخْتِيَار الأب الأُسْقُفْ لاَبُدْ أنَّ جَمِيع الأسَاقِفَة تُوَافِق وَيَتِمْ أخْذ تَصْوِيت وَلاَبُدْ أنْ يَحْضَر الأسَاقِفَة رِسَامِة الأُسْقُفْ الجَدِيد بِعَدَد لاَ يَقِل عَنْ 75 % مِنْ آبَاء المَجْمَع وَيَشْتَرِكُوا كُلُّهُمْ فِي وَضْع اليَد عَلَى الأُسْقُفْ المَرْسُوم فَالكِنِيسَة الأُرْثُوذُكْسِيَّة عَرَفِتْ مَدَى خُطُورِة الفَرْدِيَّة .. فَالفَرْدِيَّة أضَاعَتْ كَثِير مِنْ النَّاس مِثْل أرْيُوس وَنَسْطُور .. وَقَدْ كَانَ عِنْدَهُمْ مَعْرِفَة كَثِيرَة .. فَالكِنِيسَة تُصَلِّي وَتَقُول ﴿ حِل تَعَاظُمْ أهْل البِدَع ﴾( مَا يَقُولُه الكَاهِن فِي طِلْبِة * ثَبِّت أسَاس الكَنِيسَة * ).. فَالبِدَع أسَاسْهَا التَعَاظُمْ .. فَنَجِد أنَّ الشَّخْص يَتَعَالَى وَيَرْتَفِع فَوْقَ الكُلَّ فَيَعْمَل بِدْعَة وَيُرِيدْ أنْ تَسِير النَّاس بِفِكْرُه .. وَسَوْفَ نَتَحَدَّث عَنْ عَدَد مِنْ النِقَاط الهَامَّة وَهُمْ :-
1- أصْبَح الإِنْسَان البُرُوتُسْتَانْتِي يَفْهَمْ الإِنْجِيل بِمُفْرَدُه :-
كُلَّ شَخْص بُرُوتُسْتَانْتِي بَدَأَ يُفَسِّر الآيَة حَسَبْ هَوَاه وَيَفْهَمْ وَيُنَفِّذ الآيَة بِالطَّرِيقَة الَّتِي يَفْهَمْهَا .. عَكْس الكِنِيسَة الأُرْثُوذُكْسِيَّة الَّتِي تَأخُذ الآيَة حَسَبْ فِكْر الكِنِيسَة .. فَالقِدِيس أُوغُسْطِينُوس يَقُول ﴿ أنَا لاَ أعْرِف الإِنْجِيل إِلاَّ مَشْرُوحاً بِالآبَاء وَمُعَاشاً فِي القِدِّيسِينْ ﴾ .. وَلكِنْ إِخْوَتْنَا البُرُوتُسْتَانْت يَقُولُوا * أنَا لاَ أعْرِف الإِنْجِيل المَشْرُوح بِالآبَاء وَالمُعَاش فِي القِدِّيسِينْ بَلْ أعْرِف الإِنْجِيل المَشْرُوح بِي * .. فَإِذَا وَجَد آيَة صَعْبَة أوْ مَوْقِفْ يَصْعُب فِهْمُه لاَ يَرْجِع إِلَى أي فَرْد وَيَقُول أنَّ الَّذِي فَهَّمْ القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِي الفَمْ هُوَ رُوح الله وَأنَا فِيَّ رُوح الله هُوَ الَّذِي سَيُفَهِّمْنِي .. وَلاَ يَسْتَفِيد مِنْ كِتَابَات وَتَفَاسِير القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِي الفَمْ وَإِذَا قُلْت لَهُ أنْ يُعْطِي فُرْصَة لِرُوح الله أنْ تَعْمَل فِيهِ فِي ضُوء تَفْسِير القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِي الفَمْ فَيَقُول أنَّ القِرَاءَة لِيُوحَنَّا ذَهَبِي الفَمْ تُعْتَبَر جَرِيمَة فِي حَقَّ كَلِمَة الله لأِنَّكَ بِهذَا تُقَيِّد رُوح الله وَتُمَوِت الرُّوح الَّذِي دَاخِلَك .. فَأصْبَح هُنَاك فَرْدِيَّة فِي قَبُول أفْكَار الإِنْجِيل وَفِي تَدْبِير أُمور الخَلاَص وَأيْضاً عِنْدَ قِرَاءِة الإِنْجِيل يَعْتَمِد عَلَى أنْ يَفْتَح قَلْبُه وَيَسْكُب نَفْسُه وَيَقُول لِرُوح الله أنْ يِفَهِّمُه وَمَا يُعْطِيه لَهُ هُوَ الَّذِي يَجِبْ أنْ يَفْهَمُه .. وَبِهذَا الكِنِيسَة البُرُوتُسْتَانْتِيَّة تَجْعَل كُلَّ فَرْد يِعِيش بِمُفْرَدُه .. أي إِيمَان فَرْدِي .
2- المَعْمُودِيَّة مَا بَيْنَ الكِنِيسَة الأُرْثُوذُكْسِيَّة وَالكِنِيسَة البُرُوتُسْتَانْتِيَّة:-
بِدَايَةً الكِنِيسَة البُرُوتُسْتَانْتِيَّة لَغِتْ الأسْرَار .. فَمَثَلاً المَعْمُودِيَّة عِنْدَ البُرُوتُسْتَانْت هِيَ أنْ يَقْبَل الإِنْسَان كَلِمَة الله مُعْتَمِداً عَلَى مَا قَالَهُ القِدِيس يَعْقُوب الرَّسُول ﴿ شَاءَ فَوَلَدَنَا بِكَلِمَةِ الحَقِّ ﴾( يع 1 : 18) .. فَيَقُول لَك الوِلاَدَة هُنَا بِالكَلِمَة وَهذَا أيْضاً مَا تُؤمِنْ بِهِ الكِنِيسَة المِعْمَدَانِيَّة .. فَهذِهِ الكِنِيسَة تُهَاجِمْ المَعْمُودِيَّة وَتَقُول إِذَا حَضَر الإِنْسَان وَعْظَة وَتَحَرَّك قَلْبُه نَتِيجِة الكَلِمَة إِذاً فَهُوَ تَعَمَّد بِالكَلِمَة .. وَمِنْ هُنَا نَجِد مَدَى خُطُورِة أخْذ الآيَة وَفَهْمَهَا بِطَرِيقَة غِير صَحِيحَة وَقَدْ يَتِمْ إِقْنَاع مَجْمُوعَة بِهَا .. ثُمَّ تَظْهَر طَائِفَة .. كُلَّ ذلِك نَتِيجِة الفَرْدِيَّة فِي فَهْم الإِنْجِيل وَأيْضاً يَعْتَمِد الشَّخْص البُرُوتُسْتَانْتِي عَلَى آيَة أُخْرَى وَهيَ ﴿ مُطَهِّراً إِيَّاهَا بِغَسْلِ المَاءِ بِالكَلِمَةِ ﴾( أف 5 : 26 ) .. فَيَقُول الَّذِي طَهَّر الكِنِيسَة هِيَ الكَلِمَة وَأنَّ المَاء مُجَرَّد إِجْرَاء شَكْلِي .. وَيَعْتَمِد عَلَى مَا قَالَهُ القِدِيس بُولِس الرَّسُول لِسَجَّان فِيلِبِّي ﴿ آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوع الْمَسِيح فَتَخْلُص أنْتَ وَأهْلُ بَيْتِكَ ﴾ ( أع 16 : 31 ) .. وَلكِنْ إِذَا أكْمَلْنَا قِرَاءِة القِصَّة نَجِد أنَّ سَجَّان فِيلِبِّي إِعْتَمَد وَأيْضاً الآيَة الَّتِي تَقُول ﴿ مَنْ آمَن وَاعْتَمَدَ خَلَصَ ﴾ ( مر 16 : 16) .. وَهذَا هُوَ إِيمَان الكِنِيسَة الأُرْثُوذُكْسِيَّة فَالمَعْمُودِيَّة تَعْتَمِد عَلَى أسَاسِين وَهُمَا الإِيمَان ثُمَّ المَعْمُودِيَّة .. فَمَثَلاً إِذَا كَانَ هُنَاك شَخْص كِبِير السِنْ يُرِيدْ أنْ يَتَعَمَد فَأوَّلاً لاَبُدْ أنْ يُعْلِنْ إِيمَانُه ثُمَّ يَنْظُر إِلَى الغَرْب وَالغَرْب رَمْز مَمْلَكِة الشَّيْطَان وَالظُّلْمَة .. وَيَقُول لَهُ الكَاهِن * أنْتَ الآنْ لَمْ تَدْخُل فِي تِعْدَاد أبْنَاء المَلَكُوت .. أنْتَ الآنْ لَمْ تَعُد إِبْن لِلشَرْق .. أنْتَ الآنْ لَمْ تَعُد إِبْن لِلنُّور .. أنْتَ إِبْن لِلظُّلْمَة .. أنْتَ الآنْ تَحْيَا فِي مَمْلَكِة الشَّيْطَان * .. ثُمَّ يَقُول لَهُ أنْ يَقُول وَرَاءَهُ * أجْحَدَك أيُّهَا الشَّيْطَان وَكُلَّ أعْمَالَك النَّجِسَة وَكُلَّ جُنُودَك الشِّرِّيرَة وَكُلَّ حِيَلَك الرَّدِيئَة المُضِلَّة وَكُلَّ نِفَاقَك وَكُلَّ بَقِيِة سُلْطَان نِفَاقَك .. أجْحَدَك .. أجْحَدَك .. أجْحَدَك * ثُمَّ يَقُول الشَّخْص المُعْتَمِد وَرَاء الكَاهِن .. ثُمَّ يَرْشِم الصَّلِيب عَلَى وَجْهَهُ وَيَنْفُخ فِي وَجْهَهُ وَيَقُول* أُخْرُج أيُّهَا الرُّوح النَّجِس * .. ثُمَّ يَنْظُر إِلَى الشَرْق وَيَرْفَع المُعْتَمِد يَدَاه وَيَقُول وَرَاء الكَاهِن * أعْتَرِف لَك أيُّهَا الْمَسِيح إِلهِي وَبِكُلَّ نَوَامِيسَك المُخَلِّصَة وَكُلَّ أعْمَالَك المُعْطِيَة حَيَاة ..أُؤمِنْ بِإِله وَاحِد الله الآب ضَابِط الكُلَّ .. وَالإِبْن الوَحِيد وَقِيَامِة الجَسَد وَالكِنِيسَة الوَاحِدَة المُقَدَّسَة وَالدَيْنُونَة * .. ثُمَّ يَقُول الكَاهِن لِلإِنْسَان المُعْتَمِد هَلْ أمَنْت ثَلاَث مَرَّات ؟ فَيَرُد فِي كُلَّ مَرَّة وَيَقُول أمَنْت .. ثُمَّ يَنْزِل فِي جُرْن المَعْمُودِيَّة وَيَدْهِنُه بِالمَيْرُون .. ثُمَّ يَفْعَل الكَاهِن عَكْس النَّفْخَة الأُولَى يَنْفُخ فِي وَجْهَهُ وَيَقُول لَهُ * إِقْبَل الرُّوح القُدُس * .. فَبِالنَّفْخَة الأُولَى تَمَّ طَرْد الشَّيْطَان وَإِذَا لَمْ يَمْلأ المَكَان بِالنَّفْخَة الثَّانِيَة فَمُمْكِنْ يِرْجَع الشَّيْطَان وَمَعَهُ سَبْعَة أُخَر أشَر .. فَقَدْ تَمَّ تَنْظِيف المَكَان فَلاَبُدْ مِنْ مَلْئُه .
3- الكِنِيسَة الأُرْثُوذُكْسِيَّة تُقَدِّس المَادَّة بَيْنَمَا الكِنِيسَة البُرُوتُسْتَانْتِيَّة:-
تَحْتَقِر المَادَّة بَلْ وَتُهِينَهَا
فَالبُخُور .. الشُمُوع .. السُتُور .. الأيْقُونَات .. عَصِير الكَرْمَة وَالقُرْبَانَة كُلَّ هذِهِ المَوَاد يَقُول عَلَيْهَا الإِنْسَان البُرُوتُسْتَانْتِي أنَّهَا لاَ شِئ فَهْيَ تُرَاب .. فَكْيَفَ تَسْتَخْدِم هذِهِ المَوَاد أمَام عَظَمِة وَجَلاَلِة الله ؟ .. وَلكِنْ الكِنِيسَة الأُرْثُوذُكْسِيَّة فَهَمَتْ الدَّرْس فَالله عِنْدَمَا تَجَسَد بَارِك المَادَّة وَعِنْدَمَا تَجَسَد إِتَحَد بِالمَادَّة وَقَدَّسَهَا .. وَلكِنْ المَادَّة فِي الكِنِيسَة الأُرْثُوذُكْسِيَّة مُقَدَّسَة .. فَمَثَلاً الزِّيت العَادِي نُصَلِّي عَلِيه بَعْض الصَّلَوَات فَيُصْبِح زِيت مَسْحِة المَرْضَى .. وَأيْضاً المَاء العَادِي عِنْدَمَا يَرْشِم الكَاهِن عَلِيه ثَلاَث رُشُومَات الآب وَالإِبْن وَالرُّوح القُدُس وَيَنْفُخ فِيهِ يُصْبِح مَاء مُقَدَّس فَالكِنِيسَة تَسْتَخْدِم المَادَّة فِي كُلَّ أسْرَارْهَا .. وَمِنْ المَعْرُوف أنَّ لِكُلَّ سِر مَادَّة تُعْرَف بِإِسْم* مَادِّة السِر * مِثْل المَاء .. الخُبْز .. الخمْر .. الزِيت لأِنَّ الكِنِيسَة تُؤمِنْ أنَّ المَادَّة تَتَقَدَّس بِالْمَسِيح وَفِي الْمَسِيح .. وَأيْضاً فِي القُدَّاس نَسْتَخْدِم القَرَابِين وَعَصِير الكَرْمَة .. فَالقُرْبَانَة تَأتِي مِنْ نِتَاج الأرْض .. هذِهِ الأرْض المَلْعُونَة تَأتِي الآنْ بِثَمَر يُقَدَّم كَقُرْبَان ذَبِيحِة كَفَّارَة عَنْ العَالَمْ كُلُّه .. وَلِهذَا نَقُول فِي القُدَّاس﴿ نُقَرِّب لَك قَرَابِينَك مِنْ الَّذِي لَك ﴾ ( مَا يَقُولُه الكَاهِن بَعْد * آمِين .. آمِين .. آمِين بِمَوْتِكَ يَارَبُّ نُبَشِّر * ) .. لِكَيْ نَصْنَع بِهَا صُلْحاً مَعَك .. فِي كُلَّ هذَا نَجِد الإِنْسَان البُرُوتُسْتَانْتِي يَسْخَر مِنْ المَادَّة .
4- الكِنِيسَة البُرُوتُسْتَانْتِيَّة تَلْغِي التُرَاث وَالتَّقْلِيد:-
بَلْ تَلْغِي أي فِكْر آبَائِي فَهْيَ تُحِبْ أنْ تَبْدأ مِنْ الآنْ .. لاَ تُؤمِنْ مَثَلاً بِإِيمَان القِدِيس أثَنَاسْيُوس أوْ كِيرِلُس .. وَعِنْدَمَا يَقْرأ الإِنْجِيل يَفْهَمْ الثَّالُوث بِطَرِيقَتُه فَإِذَا تَحَدَّثْت مَعَهُ عَنْ وِحْدَانِيِة الثَّالُوث* الإِتِحَاد الأُقْنُومِي وَعَنْ جَوْهَر الثَّالُوث تَجِدُه مُشَوَش * وَذلِك لأِنَّهُ يَفْهَمْ بِطَرِيقْتُه .. وَنَجِد أنَّ الوَعْظ عِنْدَ البُرُوتُسْتَانْت يَعْتَمِد عَلَى وَعْظ رُوحِي لاَ يَتَحَدَّث عَنْ عَقِيدَة .. وَيَقُول دَائِماً أبْدأ مِنْ حَيْثُ أنَا بِالرَّغْم مِنْ أنَّ العَالَمْ كُلُّه يَقُول أبْدأ مِنْ حَيْثُ إِنْتَهَى الآخَرِينْ .. فَلاَ يَعْتَرِف بِمَا سَبَقَهُ وَيَرْفُض كُلَّ الخِبْرَات .. وَلكِنْ نَحْنُ مَدْيُونِينْ لِلقِدِّيسِينْ الَّذِينَ شَرَحُوا لَنَا الغَوَامِض وَسَلَّمُوا لَنَا الإِيمَان مَشْرُوح وَمُبَسَطْ .. فَمَثَلاً الَّذِي يَشْرَح الثَّالُوث وَيَرْجَعْ إِلَى أمْثِلَة مِثْل الشَّمْس وَالحَدِيد وَالنَّار هذِهِ الأمْثِلَة هِيَ الَّتِي قَالَهَا القِدِّيسِينْ حَتَّى نَفْهَمْ الإِيمَان .. فَالإِيمَان الأُرْثُوذُكْسِي يُعْطِي لِلإِنْسَان دَسَمْ وَاسْتِنَارَة وَخِبْرَات فَالإِنْسَان فِي الحَيَاة الأُرْثُوذُكْسِيَّة مَحْفُوظ بِالجَمَاعَة وَلكِنْ الإِنْسَان البُرُوتُسْتَانْتِي يَعْتَمِد عَلَى الفَرْدِيَّة .. فَإِيمَان الكِنِيسَة الأُرْثُوذُكْسِيَّة إِيمَان رَسُولِي .
5- الكِنِيسَة البُرُوتُسْتَانْتِيَّة لَغِتْ الشَّفَاعَة وَالأُبُّوَة:-
تَعْتَمِد عَلَى الآيَة الَّتِي تَقُول ﴿ لاَ تَدْعُوا لَكُمْ أباً عَلَى الأرْضِ ﴾ ( مت 23 : 9 ) .. إِذَا نَظَرْنَا إِلَى هذِهِ الآيَة فَلاَبُدْ أنْ نَعْرِف أنَّ هُنَاك جَمَاعَة كَانَتْ تُسَمَّى * الرَبِينْ * مُكَوَنَة مِنْ مُعَلِّم يَهُودِي وَ12 تِلْمِيذ لَهُ وَكَانُوا هؤُلاَء التَّلاَمِيذ يَجْلِسُوا مَعَ مُعَلِّمَهُمْ يِدْرِسُوا التَّوْرَاة وَيَسْتَقُوا مِنْهُ التَّعْلِيم وَمَمْنُوع أنْ يَكُون لَهُمْ وَلاَء لأِي شَخْص آخَر غِير مُعَلِّمَهُمْ .. وَكَانُوا يَقُولُوا لَهُ سَيِّدِي سَيِّدِي طَوَال الوَقْت .. وَلكِنْ رَبِّنَا يَسُوع لَمْ يُحِبْ هذَا المَوْضُوع وَلِهذَا قَالَ هذِهِ الآيَة .. فَالإِنْجِيل يَعْتَرِف بِالأُبُّوَة .. فَمَثَلاً بُولِس الرَّسُول يَقُول عَنْ تِيمُوثَاوُس ﴿ تِيمُوثَاوُس الإِبْن الصَّرِيح فِي الإِيمَان ﴾ ( 1تي 1 : 2 ) .. وَأيْضاً يَقُول فِي رِسَالْتُه إِلَى أهْل غَلاَطْيَة ﴿ يَا أوْلاَدِي الَّذِينَ أتَمَخَّضُ بِكُمْ ﴾ ( غل 4 : 19) .. وَأيْضاً يَقُول عَنْ أنْسِيمُوس ﴿ أنْسِيمُس الَّذِي وَلَدْتَهُ فِي قُيُودِي ﴾ ( فل 1 : 10) .. فَالكِنِيسَة كِنِيسِة أُبُّوَة وَأيْضاً الكِنِيسَة البُرُوتُسْتَانْتِيَّة لَغَتْ شَرِكَة القِدِّيسِينْ وَلاَ يَعْتَرِفُوا بِأي قِدِيس .. وَيَقُول لَك هَلْ ذَهَبْت إِلَى السَّمَاء ؟ فَتَقُول لاَ .. فَيَقُول لَك وَمَا الَّذِي يَضْمَنْ أنَّ هذَا القِدِيس فِي السَّمَاء ؟!! .. وَكَيْفَ تَنْزِل عَيْنَيْكَ مِنْ عَلَى الْمَسِيح وَتَنْظُر إِلَى إِنْسَان ؟ .. وَبِالتَّالِي يَجْعَلَك تَشْعُر أنَّكَ مُجْرِم وَأيْضاً يَقُول نَحْنُ لاَ نَعْبُد أشْخَاص فَإِلهْنَا إِله أحْيَاء وَلَيْسَ إِله أمْوَات .. وَلكِنْ نَجِد أنَّ الله إِسْتَخْدِم الآيَة وَقَالَ ﴿ أنَا إِله إِبْرَاهِيم وَإِله إِسْحَق وَإِله يَعْقُوب .. لَيْسَ اللهُ إِلهَ أمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ أحْيَاءٍ ﴾ ( مت 22 : 32 ) .. فَبِهذَا أعْلَنْ الله أنَّهُمْ أحْيَاء وَإِنْ مَاتُوا يَتَكَلَّمُوا بَعْد وَأيْضاً يَعْتَرِض عَلَى وُجُود وَسِيطْ بَيْنَ الإِنْسَان وَالله مُعْتَمِد عَلَى الآيَة ﴿ لاَ تَدْعُوا لَكُمْ أباً عَلَى الأرْضِ ﴾ (مت 23 : 9 ) .. وَلكِنْ إِذَا نَظَرْنَا إِلَى مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول عِنْدَمَا كَانَ إِسْمُه شَاوُل وَكَانَ فِي طَرِيقُه إِلَى دِمِشْق وَظَهَرَ لَهُ الرَّبَّ بِنُور وَقَالَ لَهُ ﴿ شَاوُل شَاوُل لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي .. صَعْب عَلَيْكَ أنْ تَرْفُسَ مَنَاخِس ﴾ ( أع 26 : 14) .. ثُمَّ قَالَ شَاوُل ﴿ يَارَب مَاذَا تُرِيدُ أنْ أفْعَل ﴾ ( أع 9 : 6 ) .. فَقَالَ لَهُ الرَّبَّ ﴿ قُمْ وَادْخُل المَدِينَة فَيُقَالَ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أنْ تَفْعَل ﴾ ( أع 9 : 6 ) .. وَعِنْدَمَا ظَهَرَ الله لِحَنَانْيَا قَالَ لَهُ ﴿ قُمْ وَاذْهَبْ إِلَى الزُّقَاق الَّذِي يُقَالُ لَهُ المُسْتَقِيم وَاطْلُبْ فِي بَيْتِ يَهُوذَا رَجُلاً طَرْسُوسِيّاً إِسْمُهُ شَاوُل ﴾ ( أع 9 : 11) .. * المَدِينَة * هُنَا تَعْنِي * الكِنِيسَة * .. وَ * الزُقَاق المُسْتَقِيم * تَعْنِي * الأُرْثُوذُكْسِيَّة * .. فَكَانَ مِنْ المُمْكِنْ أنَّ الله هُوَ الَّذِي يُعَلِّمْ شَاوُل وَيُعَمِّدُه وَلكِنْ الله أرْسَلَهُ إِلَى حَنَانْيَا وَهُوَ أُسْقُفْ أُورُشَلِيم .. فَالله يُرِيدْ أنَّ كِنِيسْتُه المُتَمَثِّلَة فِي الكَاهِن أوْ الأُسْقُفْ أوْ البَطْرِيرَك هِيَ الَّتِي تُعَلِّمْ .
6- إِلْغَاء الدُور الإِنْسَانِي فِي قَبُول الخَلاَص:-
مُعْتَمِد عَلَى الآيَة ﴿ بِالنِّعْمَةِ أنْتُمْ مُخَلَّصُونَ ﴾ ( أف 2 : 5 ) .. وَعِنْدُه فِكْر أنَّ الله عِنْدَمَا يُحِبْ أنْ يِتَوِب أي إِنْسَان فِي أي وَقْت سَيُتَوِبُه وَالإِنْسَان لاَ يَعْمَل أي شِئ وَيَذْكُر الآيَة الَّتِي تَقُول ﴿ لاَ بِأعْمَالٍ فِي بِرٍّ عَمِلْنَاهَا نَحْنُ بَلْ بِمُقْتَضَى رَحْمَتِهِ خَلَّصَنَا ﴾ ( تي 3 : 5 ) .. ﴿ مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ ﴾( رو 3 : 24 ) .. فَيَتَحَدَّث عَنْ الخَلاَص المَجَّانِي وَعَنْ الْمَسِيح الَّذِي أحَبَّك وَبَذَل ذَاتُه لأِجْلَك وَأي أعْمَال يَقُوم بِهَا الإِنْسَان مِنْ صُوم .. مَطَانْيَات .. تَدَارِيب رُوحِيَّة تُقَلِّل مِنْ قِيمِة دَم الْمَسِيح وَكَأنَّهُ غِير كَافٍ لِلخَلاَص وَالإِنْسَان يُرِيدْ أنْ يُكَمِّلُه بِبَعْض الأعْمَال .. وَيَقُول أنَّ أي أعْمَال جِهَاد تُعْتَبَر إِحْتِقَار وَتَقْلِيل مِنْ شَأن خَلاَص الْمَسِيح .. وَلاَ يَذْكُر الآيَات الَّتِي تَقُول﴿ تَمِّمُوا خَلاَصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ ﴾ ( في 2 : 12) .. وَأيْضاً ﴿ لَمْ تُقَاوِمُوا بَعْدُ حَتَّى الدَّمِ مُجَاهِدِينَ ضِدَّ الخَطِيَّة ﴾ ( عب 12 : 4 ) .. وَكَلاَم رَبَّنَا يَسُوع نَفْسُه ﴿ وَأمَّا هذَا الجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ ﴾ ( مت 17 : 21 ) .. وَأيْضاً ﴿ حِينَ يُرْفَعُ العَرِيسُ عَنْهُمْ فَحِينَئِذٍ يَصُومُونَ ﴾ ( لو 5 : 35 ) .. وَأيْضاً الآيَة الَّتِي ذَكَرَهَا مُعَلِّمْنَا بُطْرُس الرَّسُول ﴿ إِنْ كَانَ البَارُّ بِالجَهْدِ يَخْلُصُ فَالفَاجِرُ وَالخَاطِئُ أيْنَ يَظْهَرَانِ ﴾ ( 1بط 4 : 18) فَفِي قِرَاءَات الكِنِيسَة نَجِد أنَّ البُولِس يِرَكِّز عَلَى عَمَل النِّعْمَة بَيْنَمَا الكَاثُولِيكُون يِرَكِّز عَلَى دُور الجِهَاد لِلإِنْسَان .. وَالكِنِيسَة الأُرْثُوذُكْسِيَّة تُؤمِنْ بِالنِّعْمَة وَعَمَل الجِهَاد وَلاَ تُقَلِّل مِنْ شَأن النِّعْمَة .. فَالإِنْسَان يُظْهِر إِحْتِيَاجُه لِعَمَل النِّعْمَة بِالجِهَاد .. وَعِنْدَمَا نَذْكُر مُعْجِزِة إِلِيشَع النَّبِي عِنْدَمَا كَانَ يُوْجَد شَخْص وَمَعَهُ فَأس وَنَجِد أنَّ قِطْعِة الحَدِيد سَقَطَتْ فِي النَّهْر فَقَالَ الرَّجُل لإِلِيشَع﴿ آه يَا سَيِّدِي لأِنَّهُ عَارِيَةٌ ﴾ ( 2مل 6 : 5 ) .. وَنَجِد أنَّ إِلِيشَع إِسْتَخْدِم خَشَبَة فَطَفَا الحَدِيد عَلَى النَّهْر .. وَهكَذَا الفَأس بِدُون خَشَبَة أوْ حَدِيد لاَ يُعْتَبَر فَأس .. وَالخَشَبْ يَدُل عَلَى جِهَاد الإِنْسَان وَالحَدِيد يَدُل عَلَى عَمَل النِّعْمَة .. وَعِنْدَمَا سَقَطَتْ قِطْعِة الحَدِيد فِي النَّهْر تَعْنِي أنَّ الإِنْسَان سَقَطْ مِنْ النِّعْمَة .. وَعِنْدَمَا إِسْتَخْدِم إِلِيشَع الخَشَبَة تَعْنِي أنَّ الإِنْسَان عِنْدَمَا سَقَطَ مِنْ النِّعْمَة إِرْتَفَعَ بِالصَّلِيب .. وَكَلِمَة * عَارِيَة * الَّتِي قَالَهَا الرَّجُل لإِلِيشَع النَّبِي تَعْنِي أنَّهَا مُسْتَعَارَة أي لَيْسَتْ مِلْكِي .. وَأيْضاً النِّعْمَة هِيَ لَيْسَت مِلْك الإِنْسَان فَهيَ مِنْ قِبَل رَحْمِة الله فَالله يُعْطِي لِلإِنْسَان النِّعْمَة وَإِنْ كَانَ أمِين سَيُحَافِظ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أمِين سَتَسْقُطْ مِنْهُ وَهكَذَا الحَيَاة الأُرْثُوذُكْسِيَّة تِرَكِّز عَلَى جَانِبَيْنِ وَهُمَا الجِهَاد وَالنِّعْمَة .. فَيُوْجَد مَنْهَجِين لِلجِهَاد الرُّوحِي وَلكِنْ مِنْ الجَمِيل أنَّ الإِنْسَان يَكُون عِنْدُه إِلْتِزَام بِالمَنْهَجِين فَالقِدِيس أُوغُسْطِينُوس كَانَ كَثِيراً يِرَكِّز عَلَى عَمَل النِّعْمَة وَيُوْجَد قِدِيس آخَر هُوَ القِدِيس بِلاَدْيُوس الَّذِي كَتَبْ * بُسْتَان الرُّهْبَان * يِرَكِّز عَلَى جَانِبْ الجِهَاد .. وَلكِنْ إِتَّبِع أنْتَ مَنْهَج النِّعْمَة وَمَنْهَج الجِهَاد .. فَالمَنْهَج الأُرْثُوذُكْسِي مُتَزِنْ وَلاَ يَعْرِف التَطَرُّف رَبِّنَا يُعْطِينَا أنْ نَعْرِف كِنِيسِتْنَا وَأسْرَارْنَا وَنَعْرِف كَيْفَ نُجَاهِد وَنَعْرِف مَا هُوَ الطَّرِيق لِلجِهَاد القَانُونِي وَنَعْرِف كَيْفَ نَعِيش مَعاً وَنَكُون مَعاً مُتَحِدِي الفِكْر وَالقَلْب وَالعَقِيدَة رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه وَلإِلهْنَا المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين