لِمَاذَا إِخْتَار الله مَوْت الصَّلِيب

Large image

يَقُول مُعَلِّمنَا بُولِس الرَّسُول فِي رِسَالته لأِهْل غَلاَطِيَّةَ { فَحَاشَا لِي أنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ } ( غل 6 : 14 ) .. لِمَاذَا إِخْتَار الله مَوْت الصَّلِيب وَلَمْ يَخْتَر طَرِيقَة أُخْرَى لِيَمُوت بِهَا ؟ إِنْ كَانَ الْمَسِيح يُرِيد أنْ يَفْدِينَا فَلِمَاذَا الصَّلِيب بِالذَّات ؟ كَي نَعْرِف ذَلِك فَلاَبُد أنْ نَعْرِف أوَّلاً طُرُق المُوْت الَّتِي كَانَ مُمْكِنْ يَمُوْت بِهَا الطُرُق الَّتِي كَانَ يُمْكِنْ لِلْمَسِيح أنْ يَمُوْت بِهَا
1/ مُوْت طَبِيعِي :-
مِثْل أي إِنْسَان يِمْرَض بِأي مَرَض حُمَّى أوْ ...... أوَْيَنْتَقِل مِنْ هَذَا العَالم لِمَاذَا لَمْ يَمُت مَوْتاً طَبِيعِيّاً ؟ لأِنَّهُ لَمْ يَمُت لِنَفْسه بَلْ مَاتَ فِدَاءً عَنَّا .. سَيَكُون قَدْ مَاتَ مَوْتاً لَهُ وَلَيْسَ مَوْتاً عَنَّا .. لَوْ كَانَ قَدْ شَاخ وَكِبِر فِي الأيَّام ثُمَّ مَاتَ مَوْتاً طَبِيعِيّاً سَيَكُون قَدْ مَاتَ مَوْتاً خَاص بِهِ أوْ قَدْ عَاشَ فِتْرَة طَوِيلَة فَهُوَ يَسْتَحِق أنْ يَمُوْت .. لَوْ كَانَ قَدْ مَاتَ فِي حَادِثٍ مَا سَيُقَال أنَّهُ قَدْ مَاتَ مَوْتاً .. الْمَسِيح مَاتَ فِي عُمْر ثَلاَثَة وَثَلاَثُونَ عَاماً وَبِضْعَة أشْهُر أي فِي مُنْتَصَف شَبَابه وَبِطَرِيقَة خَارِجَة عَنْهُ لأِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِق المُوْت بَلْ نَحْنُ .
2/ مُوْت بِالرَّجم :-
طَرِيقَة مَشْهُورَة لِلمُوْت عِنْدَ اليَهُود .. فَلِمَاذَا لَمْ يُرْجَم ؟ بَعْد الْمَسِيح بِفِتْرَة قَصِيرَة مَاتَ إِسْتِفَانُوس بِالرَّجم فَلِمَاذَا لَمْ يَمُت الْمَسِيح بِالرَّجم رَغم أنَّهُ فِي أحَد المَرَّات أرَادَ اليَهُود أنْ يَرْجِموه ؟ وَنَقُول لَهُ هَا قَدْ أتَت لَكَ الفُرْصَة لِتَمُوْت عَنَّا مَادُمْت قَدْ أتَيْت لِتُخَلِّصْنَا وَتَمُوْت عَنَّا لَكِنَّهُ رَفَض الرَّجم لأِنَّ الرَّجم طَرِيقَة بِلاَ شَك تُؤدِي إِلَى أُمور تُخَالِف تَدْبِير الفِدَاء لأِنَّهُ بِالطَبْع سَتُكْسَر عِظَامه وَالمَفْرُوض أنَّ عَظْم مِنْ عِظَامه لاَ يُكْسَر ( يو 19 : 36 )مِثْلَ خَرُوف الفِصْح ( عد 9 : 12) وَالمَزْمُور يَقُول { يَحْفَظُ جَمِيعَ عِظَامِهِ } ( مز 34 : 20 ) لِذَلِك عِنْدَمَا أتوا إِلَى الصَلِيب وَأرَادُوا أنْ يَعْرِفُوا إِنْ كَانَ قَدْ مَاتَ أم لاَ .. وَجَدوه قَدْ مَات لَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ مَات كَانُوا سَيَكْسَرُون سَاقَيْهِ كَي يَمُوْت خَنْقاً لأِنَّ الجَسَد كَانَ مُحَمَّل عَلَى رِجْلَيْهِ وَعِنْدَمَا تُكْسَر يَتَحَمَّل الجَسَد كُلَّه عَلَى اليَدَيْنِ الَّلَتَان لاَ تَتَحَمِّلاَه فَيَمُوْت مُخْتَنِق لِذَلِك الرَّجم يَتَعَارَض مَعَ التَدْبِير الإلهِي .. قَدْ نَقُول لِمَاذَا يَارْبَّ الحَرْفِيَّة ؟ يَقُول هَذِهِ لَيْسَت حَرْفِيَّة لأِنَّهُ لَوْ إِنْكَسَرَت عِظَامِي فَهَذَا يَعْنِي أنَّ الكِنِيسَة تَنْكَسِر{ لأِنَّنَا أَعْضَاءُ جِسْمِهِ مِنْ لَحْمِهِ وَمِنْ عِظَامِهِ }( أف 5 : 30 ) .. فَكَسْر عِظَامه يَعْنِي كَسْر الكِنِيسَة .
3/ مُوْت بِإِلْقَائه مِنْ أعْلَى الجَبَل :-
أرَادَ ذَلِك اليَّهُود مَرَّة لَكِنَّهُ إِجْتَازَ مِنْ وَسَطِهِمْ لأِنَّهُ بِذَلِك أيْضاً مُعَرَّض لِكَسْر عِظَامه وَهَذَا لاَ يَتَفِق مَعَ التَدْبِير الإلهِي .. وَمَعْرُوف أنَّ أُورشَلِيم مَدِينَة كَائِنَة عَلَى جَبَلٍ لِذَلِك كَانَ بِهَا أمَاكِن مُرْتَفِعَة فَمُجَرَّد أنْ يُلْقَى مِنْهَا إِنْسَان يَسْقُط مَيِّت .. الْمَسِيح مِنْ تَدْبِيره الإلهِي كَانَ يَخْتَار طَرِيقِة مُوْته .. الصَّلِيب .. لِذَلِك لَمْ يَمُت مَوْتاً طَبِيعِيّاً أوْ بِالرَّجم أوْ مُلْقَى مِنْ أعْلَى الجَبَل حَتَّى أنَّهُ أثْنَاء المُحَاكَمَة أرَادَ بِيلاَطُس أنْ يَتْرُكَهُ لِليَّهُود فَقَالُوا لَهُ بِخُبْثٍ لاَ يَلِيق أنْ نَقْتُل أحَداً لأِنَّ الْمَسِيح أرَادَ كَنِيسَة غِير مَقْسُومَة أوْ غِير مُنْفَصِلَه لِذَلِك تَخَيَّل إِنْسَان إِنْفَصَل عَنْ الكِنِيسَة الجَسَد فَهُوَ يَجْعَل جُزء مِنْ جَسَد الْمَسِيح مَكْسُور .. حَتَّى أنَّ الكَاهِن بَعْد أنْ يَقْسِم الجَسَد فِي القُدَّاس يَعُود وَيَضُمه مَرَّة أُخْرَى لِيَعُود مَرَّة أُخْرَى غِير مُنْقَسِم .. أيْضاً فِي العَهْد القَدِيم فِي ذَبِيحَتَيَّ الإِثم وَالخَطِيَّة كَانَ الكَاهِن يَقْطَع الذَّبِيحَة أجْزَاء وَيَضَعْهَا عَلَى المَذْبَح ثُمَّ يَعُود وَيَجْمَعْهَا مَرَّة أُخْرَى لِذَلِك لاَبُد أنْ تَكُون الذَّبِيحَة كَامِلَة غِير مُنْقَسِمَة لأِنَّهَا تُشِير لِلكِنِيسَة جَسَد الْمَسِيح .. لِذَا عِنْدَمَا يَنْفَصِل وَاحِد عَنْ الكِنِيسَة يَكُون بِذَلِك قَدْ قَسَّم جَسَد الْمَسِيح وَكَسَره .. فَإِحْفَظُوا أنْفُسَكُمْ أعْضَاء فِي الكِنِيسَة .
4/ مُوْت قَطع الرَقَبَة بِحَد السِيف :-
وَهيَ طَرِيقَة مَشْهُور بِهَا الرُّومَان .. لأِنَّ الْمَسِيح كَانَ لاَبُد أنْ يَخْضَع لِطَرِيقَتَانِ فِي المُوْت إِمَّا لِطَرِيقِة اليَهُود وَهيَ الرَّجم أوْ الصَلْب .. أوْ لِطَرِيقِة الرُّومَان وَهيَ قَطع الرَقَبَة بِالسِيف إِذاً أمَامَنَا ثَلاَثَة طُرُق :-
أ‌- طَرِيقِة الرُّومَان قَطع الرَقَبَة وَهيَ لِلمُوَاطِنَة الرُّومَانِيَّة وَهيَ طَرِيقَة رَاقِيَة لأِنَّهُ لَيْسَ بِهَا عَذَاب بَلْ فِي ثَوَانٍ مَعْدُودَه يَمُوْت الإِنْسَان .
ب‌- طَرِيقِة اليَهُود الرَّجم وَهيَ لِلمُوَاطِنَة اليَهُودِيَّة لِمَنْ عَلَيْهِمْ عُقُوْبَة مُخَفَّفَة .
ج- طَرِيقَة لِليَهُود الصَلْب وَهيَ لِلعَبِيد وَالمُجْرِمِين وَالغُرَبَاء بِهَا قِمَّة الإِنْتِقَام وَالإِزْدِرَاء .
لِذَلِك فِي إِسْتِشْهَاد بُطْرُس وَبُولِس وَجَدْنَا أنَّ بُولِس الرَّسُول قُطِعَت رَقَبَتَهُ بِالسَيْف لأِنَّهُ تَمَتَّع بِالمُوَاطَنَة الرُّومَانِيَّة .. بَيْنَمَا بُطْرُس الرَّسُول لأِنَّهُ يَهُودِي مَاتَ مَصْلُوب مُنَكَس الرَّأس .. لأِنَّ المُوَاطِن الرُّومَانِي لَهُ إِعْتِزَاز بِالنَّفْس حَتَّى فِي مُوْته إِذاً لِمَاذَا لَمْ يَمُت الْمَسِيح بِقَطع الرَقَبَة ؟ لأِنَّ الرَّس هُوَ الْمَسِيح وَالجَسَد هُوَ الكِنِيسَة فَإِنْ قُطِعَت رَأسه يَكُون الْمَسِيح الرَّأس قَدْ إِنْفَصَل عَنْ الكِنِيسَة الجَسَد .. لاَ .. هُوَ أرَادَ أنْ يَكُون مُتَصِل بِالكِنِيسَة وَإِنْ كَانَ مُتَألِم لِذَلِك رَفَض أنْ يَمُوْت بِقَطع الرَقَبَة وَيَظْهَر ذَلِك فِي رِسَالَتَيّ بُولِس الرَّسُول لأِهْل أفَسُس وَأهْل كُولُوسِّي فَرِسَالِة أفَسُس مَوْضُوْعَهَا الْمَسِيح رَأس الكِنِيسَة وَرِسَالِة كُولُوسِّي مُكَمِّلَة لَهَا وَمَوْضُوْعهَا الكِنِيسَة جَسَد الْمَسِيح أرَادَ الْمَسِيح أنْ يَمُوْت مُوْت الصَّلِيب لِمَاذَا ؟ لأِنَّهُ مُنْذُ تَجَسُّدِهِ وَهُوَ عَالِم بِكُلَّ مَا سَيَأتِي عَلِيه عَالِم أنَّهُ سَيَمُوْت مَصْلُوب بِإِرَادَتِهِ الحُرَّة وَقَدْ قَالَ { وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ } ( يو 12 : 32 ) أي أنَا أعْلَم إِنِّي سَأُصْلَب{ هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِالْمُوْتِ }( مت 20 : 18) العَجِيب أنَّهُ سَمَح أنْ يَشْتَرِك فِي مُوْته اليَهُود وَالرُّومَان مَاتَ بِمَشُورِة اليَهُود وَبِأيدِي الرُّومَان مَاتَ بِمَشُورِة اليَهُود لأِنَّهُ ذَبِيحَة مُقَدَّسَة فَلاَبُد أنْ تَكُون بِيَد كَهَنَة لِذَلِك إِشْتَرك رُؤسَاء الكَهَنَة فِي مَشُورِة مُوْتِهِ وَمَاتَ بِيَد الرُّومَان لأِنَّهُ حَمَل آثَام كُلَّ البَشَر إِذاً مَاتَ عَنْ كُلَّ البَشَر وَتَمَّ فِيهِ النَّامُوس .
إِشَارَات مَوْته فِي العَهْد القَدِيم :-
الحَيَّة النُحَاسِيَّة .. عَصَا هَارُون .. كُلَّهَا أشْيَاء رَأسِيَّة .. لِذَلِك أشْيَاء كَثِيرَة فِي الكِتَاب تُشِير لِلصَّلِيب .. المَاء المُر ألْقَى بِهِ مُوْسَى النَّبِي عُود خَشَب فَأصْبَح حُلو .. أشْيَاء كُلَّهَا فِيهَا إِشَارَة وَاضِحَة لِلصَّلِيب .. أيْضاً فِي حَرْب عَمَالِيق كَانَ مُوْسَى النَّبِي يَرْفَع يَدَيْهِ فَيَغْلِب عَمَالِيق يُخْفِض يَدَيْهِ يَنْهَزِم أمَامَهُمْ ( خر 17 : 11) .. يَدَيْهِ المَرْفُوعَة إِشَارَة لِلصَّلِيب فِي الكِتَاب المُقَدَّس كَانَ دَائِماً صَاحِب البَرَكَة هُوَ الثَّانِي وَلَيْسَ الأوَّل مَنَسَّى وَأفْرَايِم .. فَارِص وَزَارَح .. يَعْقُوب وَعِيسُو وَ لِمَاذَا ؟ فَارِص وَزَارَح كَانَا تَؤَمَان وَكَانَ فَارِص هُوَ الأوَّل لَكِنْ تَزَاحَمْ مَعَهُ وَنَزَلَ أوَّلاً .. لِمَاذَا البَرَكَة لِلثَّانِي ؟ لأِنَّهُ يُوْجَد آدَم الأوَّل رَأس الخَلِيقَة وَآدَم الثَّانِي الْمَسِيح إِنْتَقَلِت البَرَكَة إِليه وَصَارَ رَأس الخَلِيقَة وَبِكْرَهَا وَأصل بَرَكِتهَا مِنْ ضِمْن الأشْيَاء الَّتِي إِخْتَار الله فِيهَا مُوْت الصَّلِيب أنَّهُ مِنْ أكْثَر الطُرُق الَّتِي تَتْرُك آثَار وَعَلاَمَات عَلَى الجَسَد .. لَوْ كَانَ مَرَضَ بِمَرَضٍ عَادِي وَمَات سَوْفَ لاَ يَتْرُك دَلِيل أوْ عَلاَمَة لَكِنَّهُ أرَادَ أنْ يَتْرُك عَلاَمَات بِجَسَده حَتَّى عِنْدَمَا يَقُوم يَكُون بِنَفْس الجِرَاحَات الَّتِي مَاتَ بِهَا إِذاً هُوَ هُوَ نَفْس الشَخْص الَّذِي مَاتَ لِذَلِك الصَّلِيب تَرَكَ عَلاَمَات فِي الجَسَد لِتُؤكِد أنَّ الَّذِي دُفِنَ هُوَ هُوَ الَّذِي قَامَ .. لَوْ كَانَ قَدْ مَاتَ بِمَرَضٍ عَادِي فَمَا الَّذِي يُثْبِت أنَّ الَّذِي مَاتَ هُوَ هُوَ الَّذِي قَامَ ؟ مَا العَلاَمَة عَلَى ذَلِك ؟ لِذَلِك كَانَ لاَبُد أنْ يَمُوْت مَوْتاً لِذَلِك وَضَعَ يَدْ تُومَا عَلَى جِرَاحَاته كَي يُؤكِد قِيَامَتَهُ .. أيْضاً كَانَ مُوْت الصَّلِيب مُوْت مُشَهَّر كُلَّ العَالم رَأه مُعَلَّق عَلَى خَشَبَة .. كُلَّ مَنْ يُرِيد أنْ يَرَاه رَأه الصَّلِيب يُحَقِّق أنَّهُ يَكُون مَيِّت قَائِماً أي وَاقِفاً لأِنَّهُ يَقُول فِي سِفر الرُؤيَا{ خَرُوفٌ قَائِمٌ كَأنَّهُ مَذْبُوحٌ } ( رؤ 5 : 6 ) .. مُوْت الصَّلِيب يُحَقِّق أنَّهُ يَمُوْت مُرْتَفِع عَنْ الأرْض{ وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ } .. مَاتَ مُرْتَفِع كَي يَجْذِب عُيُونَنَا إِلَى فَوْق وَكَي يَتَحَدَّى جَاذِبِيِة الأرْض أي كَي يَرْفَع عَنَّا ثِقَل جَاذِبِيِة الشَّهَوَات وَمَحَبِّة العَالم أيْضا مَعْرُوف أنَّ الشَّيْطَان هُوَ رَئِيس مَمْلَكِة الهَوَاء أوْ رَئِيس سُلْطَان الهَوَاء أي الهَوَاء هُوَ مَمْلَكَته وَأرَادَ الْمَسِيح أنْ يَهْزِم الشَّيْطَان فِي مَمْلَكَته أوْ بِلُغَتنَا العَامِيَّة عَلَى أرْضه فَعُلِّق عَلَى خَشَبَة كَي يَقْبِض عَلَى الشَّيْطَان فِي مَمْلَكَته وَيَسْحَقه فِي مَمْلَكَته الْمَسِبح مَاتَ مَصْلُوب كَي يَرْفَع عَنَّا اللَعْنَة .. الخَطِيَّة جَلَبِت لَنَا اللَعْنَة وَمُوْت اللَعْنَةهُوَ مُوْت الصَّلِيب .. { مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّق عَلَى خَشَبَةٍ } ( غل 3 : 13 ) كَي يَرْفَع عَنَّا اللَعْنَة بُولِس الرَّسُول يَقُول { الْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأِجْلِنَا } (غل 3 : 13) .. وَيَحْكِي التَقْلِيد اليَهُودِي أنَّ مُوْسَى النَّبِي وَإِبْرَاهِيم أبو الأبَاء سَيَقِفَان عِنْدَ بَاب الفِرْدُوس لِيَشْفَعَا عَنْ اليَهُود كُلَّهُمْ مَا عَدَا كُلَّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَة .. أي كُلَّهُمْ سَيَدْخُلُون المَلَكُوت عَلَى حِسَاب مُوْسَى وَإِبْرَاهِيم مَا عَدَا المَصْلُوب .. كَمْ هُوَ مَلْعُون المَصْلُوب وَلَيْسَ لَهُ أي حَقٌّ فِي الشَفَاعَة عَنْهُ لِذَلِك نَقُول أنَّهُ مِنْ أسْبَاب إِخْتِيَار الْمَسِيح لِمُوْت الصَّلِيب أنَّهُ مَوْت مُؤلِم .. لَهُ رِحْلَة طَوِيلَة مَعَ الألَمْ .. آلاَم النَّفْس وَآلاَم الجَسَد .. { وَهُوَ آتٍ بِأَبْنَاءٍ كَثِيرِينَ إِلَى الْمَجْدِ أنْ يُكَمِّلَ رَئِيسَ خَلاَصِهِمْ بِالآلاَمِ } ( عب 2 : 10 ) .. { وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا } ( أش 53 : 5 ){ مَعَْ كَوْنِهِ ابْناً تَعَلَّمَ الطَّاعَةَ مِمَّا تَأَلَّمَ بِهِ } ( عب 5 : 8 ){ مِنْ أجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِيناً بِالْخِزْيِ } ( عب 12 : 2 ) إِخْتَار الطَرِيقَة المُؤلِمَة كَي يُبَارِك الألَمْ وَيَرْفَع عَنَّا آلاَمْنَا وَيُعْطِي عَزَاء لِلمُتَألِمِين الْمَسِيح مَاتَ بِطَرِيقَة بِهَا مُؤامَرَة وَظُلْم كَي يَرْفَع عَنْ المَظْلُومِين ظُلْمُهُمْ وَيُعَزِّيهُمْ .. الصَّلِيب لَهُ قَاعِدَتَان مُتَعَارِضَتَان رَأسِيَّة وَأُفُقِيَّة .. الرَّأسِيَّة تَرْبُط الأرْض بِالسَّمَاء وَالأُفُقِيَّة تَرْبُط الشَّمَال بِاليِمِين .. أي أنَا صُلِبت بِمِحْوَرِين صَالَحْت الأرْضِيِين بِالسَّمَائِيِين وَالشَّعْب مَعَ الشُّعُوب .. صَالَحْنَا فِي نَفْسِهِ { وَيُصَالِحَ الاِثْنَيْنِ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ مَعَ اللهِ بِالصَّلِيبِ قَاتِلاً الْعَدَاوَةَ بِهِ . فَجَاءَ وَبَشَّرَكُمْ بِسَلاَمٍ أنْتُمُ الْبَعِيدِينَ وَالْقَرِيبِينَ } ( أف 2 : 16 – 17 ) القِدِيس يَعْقُوب السُرُوجِي يَقُول أنَّ السُقُوط حَدَثَ بِثَلاَثَة أشْيَاء .. شَجَرَة بِهَا ثَمَرَة وَحَدَثِت غِوَايَة أي الشَّيْطَان أغْوَى حَوَّاء .. إِذاً .. شَجَرَة .. ثَمَرَة .. غِوَايَة .. ثَلاَثَة أشْيَاء .. الصَّلِيب بِهِ نَفْس الثَّلاَثَة .. شَجَرَة أي الصَّلِيب .. وَثَمَرَة أي الإِبن الْمَسِيح وَغِوَايَة أي غُوَايِة لِلشَّيْطَان .. الإِبن هُوَ الثَمَرَة المُعَلَّقَة عَلَى الشَجَرَة الصَّلِيب أغْوَى الشَّيْطَان لِيَأكُلَهَا وَبِالفِعْل الشَّيْطَان لَمَّا رَأى الْمَسِيح مُعَلَّق عَلَى الصَّلِيب أُغْوِيَ وَأرَادَ أنْ يَبْتَلِعَهُ لَكِنْ الْمَسِيح قَبَضَ عَلِيه وَابْتَلَعَهُ هُوَ { لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ أي إِبْلِيسَ } ( عب 2 : 14 )وَبَدَلاً مِنْ أنْ يَنْزِل بِهِ لِلجَحِيم قَبَضَ هُوَ عَلِيه وَأخْرَج الَّذِينَ مَاتُوا عَلَى رَجَاء القِيَامَة { جَاءَ الشَّيْطَان لِيَأكُل مَنْ لَهُ سُلْطَان المَوْت فَأكَلَهُ } .. بِجَمَال الثَمَرَة إِصْطَاد الْمَسِيح المَوْت وَالَّذِي شَجَّع الشَّيْطَان عَلَى ذَلِك حَقَارِة الصَّلِيب عِنْدَمَا كَانَ الْمَسِيح عَلَى الأرْض لَمْ يَقْتَرِب إِليْهِ الشَّيْطَان لأِنَّهُ كَانَ يُقِيم أموَات وَيُتَوِّب النَّاس لَكِنْ عِنْدَمَا رَأى الْمَسِيح فِي مَظْهَر الضَعْف عَلَى الصَّلِيب أرَادَ أنْ يَقْتَنِصه فَقَبَضَ عَلَيْهِ الْمَسِيح الصَّلِيب جَعَلَ الْمَسِيح بِنَفْسه هُوَ الذَّبِيحَة وَهُوَ الكَاهِن .. هُوَ المُقَدَّم وَهُوَ المُقََدِّم{ هَذَا الَّذِي أصْعَدَ ذَاتَهُ ذَبِيحَة مَقْبُولَة عَلَى الصَّلِيب عَنْ خَلاَص جِنْسِنَا . فَاشتَمَّهُ أبوهُ الصَّالِح وَقْتَ المَسَاء عَلَى الجُلْجُثَة }( لَحْن يُقَال فِي السَّاعَة السَّادِسَة مِنْ يَوْم الجُمْعَة العَظِيمَة ) لِذَلِك نَقُول أنَّ الْمَسِيح حَوَّل الصَّلِيب مِنْ اللَعْنَة إِلَى البَرَكَة .. الصَّلِيب يُعَلِّمنَا رَفْع اليَدَيْن وَالألَمْ بِفَرَح وَالصَّلاَة المَقْبُولَة لِذَلِك الكِنِيسَة أخَذِته عَلاَمَة .. { فَحَاشَا لِي أنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ } .. الْمَسِيح حَوَّل الصَّلِيب مِنْ عَلاَمِة مَوْت إِلَى عَلاَمِة حَيَاة .. مِنْ عَلاَمِة ضَعْف إِلَى عَلاَمِة قُوَّة لأِنَّهُ صُلِبَ بِإِرَادَتِهِ وَلَيْسَ عَنْ ضَعْف لِذَلِك نَقُول فِي صَلاَة البَصْخَة { قَبَلَ الآلاَم بِإِرَادَتِهِ }( مَا يَقُوله الكَاهِن فِي خِتَام الطِلْبَة ) .. فِي القُدَّاس الغِرِيغُورِي { لأِنَّكَ فِي الَّليْلَةِ الَّتِي أسْلَمْتَ فِيهَا ذَاتَك بِإِرَادَتِكَ وَسُلْطَانَك وَحْدَكَ }( مَا قَبْلَ الرُشُومَات ) .. لِذَلِك قَالَ لِبِيلاَطِس { لَمْ يَكُنْ لَكَ عَلَيَّ سُلْطَانٌ الْبَتَّةَ } ( يو 19 : 11 ) .. كَانَ الصَّلِيب عَلاَمِة خِزْي لَوْ كَانَ الْمَسِيح مُخْطِئ لَكِنَّهُ صَارَ عَلاَمِة فَخْر لأِنَّهُ مَاتَ وَصُلِبَ بِإِرَادَتِهِ عِوَضً عَنَّا .. إِخْتَارَ طَرِيقَة مَوْته وَسَاعِة مَوْته وَقَامَ نَاقِضً أوْجَاع المَوْت فَحَقَّقَ لَنَا الفَخْر وَالقُوَّة لِذَلِك نَقُول لَهُ فِي أُسْبُوع الآلاَم { لَكَ القُوَّة وَالمَجْد وَالبَرَكَة } جَمِيلَة النَّفْس الَّتِي تَقِف أمَام الصَّلِيب تَتَأمَّله .. جَمِيل الإِنْسَان الَّذِي يُصَلِّي أمَام صُورِة الصَّلِيب .. الَّتِي تَقُول مِثْل بُولِس الرَّسُول{ لأِنِّي لَمْ أَعْزِمْ أنْ أَعْرِفَ شَيْئاً بَيْنَكُمْ إِلاَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوباً } ( 1كو 2 : 2 ) الصُورَة المَحْبُوبَة لِلمُتَنَيِّح أبُونَا بِيشُوي كَامِل هِي صُورِة الْمَسِيح المَصْلُوب وَتَحْت أقْدَامِهِ المَجْدَلِيَّة تَبْكِي .. النَّفْس الَّتِي تَتَأمَّل كَثِيرَاً آلاَم الْمَسِيح تُشْفَى مِنْ آلاَم الخَطِيَّة وَتَزِيد مَحَبِّتهَا لِفَادِيهَا وَمُخَلِّصْهَا وَتُقَلِّل العَدَاوَة مَعَ الله وَتُزِيد العَدَاوَة لِلخَطِيَّة لِذَلِك نَقُول { إِرْسِمِي جُرْحُه أمَامِك ، وَاحْتَمِي فِيهِ عِنْدَمَا يَهِيجُ عَلَيْكِ العَدُو }( قِسْمِة " أيُّهَا الإِبن الوَحِيد " ) إِغْمِض عَيْنَيْكَ لِلَحْظَة وَتأمَّل صُورِة المَصْلُوب وَسَيَهْرَب مِنْكَ عَدُو الخِير رَبِّنَا يِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

عدد الزيارات 4069

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل