يوسف ولقاء اخوته

Large image

تم ثلاث لقاءات بين يوسف وإخوته :
الأول : كان يوسف جاف جداً مع إخوته .
الثاني : أراد أن يعرف مشاعرهم تجاه بعض .. ومشاعرهم تجاه بنيامين أخوه .. شقيقه .
الثالث : أعلن لهم ذاته .
عندما حدث جوع في الأرض لم يفكر إخوة يوسف في الذهاب إلى أرض مصر للحصول على القمح ولكن الذي طلب منهم هذا أبوهم يعقوب .. إن الله أحياناً يسمح أن يكون هناك جوع في الأرض لكي نذهب إلى يوسف .. ويوسف في الكتاب المقدس يرمُز إلى ربنا يسوع المسيح .. فالله ممكن أن يجعل هناك مجاعة في حياتي وتشتد جداً فلا نجد منفذ إلا يوسف – أي الله – .. ” ليس بأحد غيرهِ الخلاص “ ( أع 4 : 12) .. تخيل الإنسان والمجاعة شديدة عليه وهو لا يرضى ولا يرغب أن يذهب ليوسف .
إخوة يوسف ذهبوا إليه بعد سنتين من المجاعة وكان عمره في ذلك الحين تسعة وثلاثون عاماً .. لأنه بِيعَ وعمره سبعة عشر عاماً .. وتقابل مع فرعون وعمره ثلاثون عاماً .. نرى أيضاً الابن الضال تقابل وذهب إلى أبيه عندما احتاج .. وإخوة يوسف ذهبوا إلى مصر عندما احتاجوا .
الله يحاول أن يجتذبنا إليه بكل الطرق .. إحتياج .. تجربة .. لأن لو الإنسان إكتفى لا يحتاج إلى يوسف .. عندما جاء إخوة يوسف له وعندما سجدوا أمامه لم يعرفوه ولكنه عرفهم وتذكر الحلم القديم الذي شاهده .. ولكنه تنكر لهم وتكلم معهم بجفاء ولم يصفح عن نفسه مثلما يفعل معنا الله عندما نذهب إليه في البداية .
لماذا يارب تتكلم معنا بجفاء ؟ لأننا نذهب إليه لمجرد احتياج أرضي .. يرغب الله أن نسجد له سجود التوبة والحب .. عكس سجود إخوة يوسف المبني على الخوف .. إسأل نفسك كيف تسجد أمام الله وبأي مشاعر ؟
رغب يوسف أن يعرف هل تغير إخوته الذي إنفصل عنهم منذ إثنان وعشرون عاماً .. فسألهم وقال لهم أنتم جواسيس ليعرف حقيقة ما بداخلهم .. وهنا نسأل أنفسنا هل الزمن يغيرنا أم إننا كما نحن ؟ وجد يوسف إخوته كما هم دون تغيير ولكنه تحنن .
طلب منهم يوسف الذهاب إلى أبيهم ويأتوا بأخيهم بنيامين ويأخذ منهم واحد يُحبس حتى الحضور بالأخ الأصغر .. هنا تذكروا أخوهم المفقود يوسف الذي طرحوه في البئر .. هنا عرفوا خطيتهم وما فعلوه في أخوهم ولم يرحموه .. بدأوا يتحدثون فيما بينهم ويُقروا بأن هذا هو ذنب أخوهم يوسف .. وعندما سمع كلامهم يوسف ” تحوَّل عنهم وبكى “ ( تك 42 : 24 ) .. لم يتحمل أحزان إخوته .
يضعنا الله في موقف صعب وعندما يجد ضمائرنا تُبكتنا وبدأنا نلوم أنفسنا تبدأ مراحمه تتحرك .. كل هذا إشارة إلى مراحم ربنا يسوع عندما يقول ” سأعطيكم مراحم داود الصادقة “ ( أع 13 : 34 ) .. بعدها أخذ يوسف شمعون وقيِّده أمام أعينهم .. ورجع الإخوة لأبوهم لطلب بنيامين لكنه رفض فسكتوا .. وعندما انتهى القمح الذي أخذوه من يوسف في المرة الأولى فكروا في الرجوع له ثانيةً .
إخوة يوسف في مجاعة وأخوهم عنده مخازن من الخيرات .. فالقديس يوحنا ذهبي الفم يقول ” أنت ابن أكابر .. وأتعجب عليك وأنت تقف على أول الشوارع تشحذ لقمة وأنت تملُك في نفسك مفتاح مخازن الحياة “ .
حاول يهوذا أحد الإخوة إقناع أبوهم يعقوب بأخذ بنيامين .. فاقتنع يعقوب وقال لهم خذوا بنيامين ومعه هدايا للرجل – أي يوسف – .. نحن كذلك نتعامل مع الله على أنه " الرجل " أي غريب وننسى إنه إلهي وأبي وحبيبي الذي يبحث عني ويشتاق إليَّ .. نحن نُهدر من الوقت والجهد كثيراً دون الذهاب إليه .
ذهب إليه إخوته مرة ثانية ومعهم بنيامين ومعهم أيضاً الفضة التي كان قد وضعها لهم يوسف في القمح في المرة الأولى .. ومعهم الفضة الجديدة التي هي ثمن للقمح الجديد الذي يحتاجونه .. يقول الآباء القديسين عن هذا إنها إشارة للعهدين القديم والجديد .
ذهبوا أولاً لوكيل البيت .. وهذا الوكيل إشارة إلى الكهنوت وقالوا له ما حدث أنهم وجدوا الفضة داخل القمح وها هم الآن لكي يردوا الفضة القديمة والفضة الجديدة للحصول على القمح الجديد .. فقال لهم الوكيل سلام عليكم .. لا تخافوا – هذا ما يقوله الكاهن دائماً – .. فأخرج لهم شمعون أي " يسمع " وبهذا فهو أخرج لهم الوصية المكتوبة والمحبوسة .. إن عمل الكاهن أن يُوقظ الوصية وكلام الله داخل الإنسان .. وهذا ما فعلهُ الوكيل أن يُخرج شمعون المحبوس داخلي .
جاء يوسف وقدم لهم مائدة طعام .. فسلموا عليه وسجدوا إليه على الأرض وقدموا له الهدايا .. بدأ يوسف يسأل عن سلامتهم وسلامة أبيهم .. ثم رأى أخيه بنيامين .. فأخذ مكان وبكى .
لم يبكي يوسف وهو في السجن .. لم يبكي عندما ظُلِم .. ولم يبكي عندما باعوه .. لكنه الآن يبكي .. هذه هي أحشاء رأفات إلهنا .. دخل يوسف المخدع وبكى هناك ليُكمل شفاءهم ونقائصهم وتوبتهم .. ثم غسل وجهه وخرج وتجلَّد .
قدم لإخوته مائدة طعام .. وأكل هو وحده .. والمصريين أكلوا بمفردهم .. أراد الله أن يوحِّد هذه المائدة .. متى يأكل الجميع على مائدة واحدة ؟ في الفصح .. ” فصحنا أيضاً المسيح قد ذُبِحَ لأجلنا “ ( 1كو 5 : 7 ) .
يقول الآباء القديسين على يوسف عندما بكى وغسل وجهه وتجلَّد إشارة ليسوع المسيح في البستان عندما بكى ثم تجلَّد وخرج على الصليب ( الذبح ) .. هنا نجد أن يوسف أقرب إلى مائدة المصريين عن مائدة إخوته العبرانيين لأنه هو الفصح اليهودي الذي رفضوه .
حتى الآن تقابل يوسف مع إخوته مرتين .. الأولى كان عددهم عشرة .. والثانية كان عددهم إحدى عشر .. في المرة الأولى هذا دليل على ظهور الرب يسوع لتلاميذه ولم يعرفوه .. واللقاء الثاني وهم " 11 " عندما ظهر لهم وكان معهم توما .. يوسف أظهر في المرة الثانية اهتمامه ببنيامين ويسوع في الظهور الثاني أظهر اهتمامه بتوما .
وعندما جاء وقت الخروج وضع لهم الفضة معهم ثم وضع يوسف كأس الفضة الذي كان يشرب فيه في أمتعة بنيامين .. ثم قال لهم أن هناك شئ ما إختفى في البيت وعلينا بالتفتيش .. فبدأ من كبيرهم إلى صغيرهم حتى وجد الطاس في عِدل بنيامين .. خروا على وجوههم وطلبوا من يوسف أن يتنازل ويعطي لهم بنيامين الذي أراد أن يأخذه منهم بسبب وجود الطاس معه .
هنا تأكد يوسف أنهم لم يتخلوا عن أخوهم .. ودافعوا عنه بحب .. بدأ يهوذا يقول ليوسف خذني أنا عِوضاً عن بنيامين .. لأن أبي متعلق بأخي هذا ولن أستطيع الرجوع إليه بدونه .. عندما وجد يوسف محبة إخوته صرخ وقال لإخوته أنه يوسف .. صرخ عندما رأى التضحية والبذل .
ربنا يسوع عندما يجد إنسان يقف أمامه لا ينفذ عقوبة معه .. أصعب ما فينا إننا نلوم الآخرين ولا نضع أنفسنا مكانهم .. هنا أعلن يوسف نفسه لإخوته وطلب منهم أن يقتربوا إليه وقال لهم ” أنا يوسف أخوكم الذي بعتموه إلى مصر .. والآن لا تتأسفوا ولا تغتاظوا لأنكم بعتموني إلى هنا لأنه لاستبقاء حياة أرسلني الله قُدَّامكم “ ( تك 45 : 4 – 5 ) .. رفض يوسف أن يكون هذا الإعلان أمام الناس وقال للجميع – أي الخدم المصري – أن يخرجوا خارجاً وأعلن ذاته بينه وبينهم .
ربنا يسوع لن يُعلن لي ذاته إلا بيني وبينه سراً في خفاء وفي المخدع .. ترى دموعه وتعرف حنانه .. هنا بدأ إخوته أيضاً في البكاء .. من يقف في الخارج ويسمع صوت بكاء إثنى عشر شخص يتصور أن هناك كارثة في الداخل .. أما الداخل فهو في مجد .
وفي النهاية طلب منهم الذهاب مرة أخرى إلى يعقوب ليأتوا به إليهِ ..... وللحديث بقية
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
له المجد دائماً أبدياً آمين

عدد الزيارات 4533

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل