ابونا ابراهيم كرمز للمسيح ج2

إبراهيم يقع في سُبات ورعبة عظيمة :
=================================================
أبونا إبراهيم وقع عليه سُبات وكان الله قال له سأقيم معك معاهدة لذلك طلب منه أن يأتي بكبش وعجل وعنزة ويمامة وحمامة ويشق الحيوانات وكان أبونا إبراهيم يزجر الجوارح التي نزلت على الحيوانات المشقوقة لكن أبونا إبراهيم كان يزجرها وهذا رمز للراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن الخراف .
(أ) السُبات رمز لتسليم الروح :
====================================
ظل أبونا إبراهيم يزجر الجوارح حتى الغروب وتعب ووقع ونام .. ما معنى يقع ينام ؟ ﴿ ولما صارت الشمس إلى المغيب وقع على أبرام سُبات ﴾ .. الشمس غابت وإبراهيم نام هذه إشارة للحظة تسليم الروح على الصليب .. ﴿ وإذا رعبة مظلمة عظيمة واقعة عليه ﴾ (تك 15 : 12) .. عندئذٍ أفاق أبونا إبراهيم من سُباته ورأى ﴿ وإذا تنور دخان ومصباح نارٍ يجوز بين تلك القطع ﴾ ( تك 15 : 17) .. حدث سُبات أي موت صغير .. فقد وعي .. إغماء أي موت صغير .. رعبة مظلمة عظيمة واقعة عليه وكأنه يصف مشهد صلب المسيح .. ﴿ ومن الساعة السادسة كانت ظلمة على كل الأرض إلى الساعة التاسعة ﴾ ( مت 27 : 45 ) .
(ب) الدفن :
============
﴿ وأما أنت فتمضي إلى آبائك بسلامٍ وتُدفن بشيبة صالحة ﴾ ( تك 15 : 15) .. هذا مشهد الفداء .. مشهد تحطيم مملكة العدو وانتصار المسيح على الموت وقهر الموت .. إبراهيم وقع عليه سُبات ورعبة عظيمة .. قيل أنه رأى المستقبل وأنه سيكون أمة عظيمة – إذاً نشكرك يارب – لكن بعد ذلك قيل له أن هذه الأمة ستُستعبد في أرض مصر ربعمائة سنة .. تخيل عندما يعرف شخص مستقبل أولاده أنهم سيذلوا ويُستعبدوا ثم يتحرروا .. يقول الآباء من حكمة الله أنه لا يُرينا المستقبل لأنه بالتأكيد هناك أحداث صعبة سنمر بها وبالتالي سنخاف إن عرفناها .. لكن عندما تأتي الشدة ويعطينا الله نعمة تسندنا فيها وتمر ثم تأتي شدة أخرى ويرسل الله نعمة تسندنا سنتحمل لكن أن نرى شدائد حياتنا دفعة واحدة فهذا صعب جداً .. لذلك نشكره أنه يجعلنا نحيا اليوم ونفرح اليوم لكن إن عرفنا أنه ستأتي شدة بعد عشرة سنوات سنعيش في خوف عشر سنوات .
(ج) الظلمة رمز لإختفاء شمس البر عن الأرض :
==========================================================
أبونا إبراهيم وقع عليه رعبة وظلمة وسُبات ونتيجتهم مصالحة .. ﴿ ثم غابت الشمس فصارت العتمة ﴾ ( تك 15 : 17) .. الشمس هي رئيس الحياة .. هذه فترة إختفاء المسيح بالجسد في القبر .. فترة لم يحتملها التلاميذ وخافوا وأغلقوا أبواب العلية عليهم .
(ء) تنور الدخان ومصباح النار :
=====================================
ثم ﴿ وإذا تنور دخان ومصباح نارٍ يجوز بين تلك القطع ﴾ هذه هي القيامة .. لأن من علامات المعاهدة قديماً أن يمر المتعاهدين ممسكين بأيدي بعضهما البعض وسط الحيوانات المشقوقة ليعلنوا أنه إن خالف أحدهما المعاهدة يشقه الله من وسطه مثل هذه الحيوانات المشقوقة وهذه العبارة قالها ربنا يسوع عن العبد البطال لأنه خائن .. لم تستمر الظلمة بل صار عمود تنور دخان ومصباح نار .. النار والدخان رمزان للحضور الإلهي لأن هذا التشبيه الإلهي يستطيع البشر أن يحتمله .. الدخان كثيف والنار مرعبة وكما قال الكتاب ﴿ إلهنا نار آكلة ﴾ ( عب 12 : 29 ) .
عندما تحدث المعاهدة كان يجب أن يمر أبونا إبراهيم وسط الحيوانات المشقوقة .. لكن مع من ؟ هل مع كدرلعومر ؟ الله يقول لا .. معي أنا .. بل سأمر وحدي لأن عهدي يتوقف على بري وصلاحي أنا .. لأني أنا أمين ولن أجعل أمانتي تتوقف عليك يا إبراهيم لذلك سأمر وحدي .. صليبي عهد يرفع كل شخص والذي يخون سيظل عهدي معه .. عهدي مع كل خاطئ مهما خان وستظل ذراعاي مفتوحتان لكل البشر .. إذاً عهدي مع الله يتوقف على صلاح الله وليس على بري أنا .. الله يقول سأجوز وحدي في الوسط .. تنور دخان .. الدخان والنار تبدد الظلمة هكذا حلول ربنا يسوع يبطل الخطية .. والحيوانات المشقوقة رمز للكنيسة والمسيح يحل في وسطها .. هذا أيضاً رمز لما حدث مع التلاميذ في العلية حيث جاء المسيح وسطهم والأبواب مغلقة .
الفداء له شقان شق رعبة وظلمة وشق نار ودخان .. العتمة والظلمة خطوة رئيسية لظهور التنور والدخان .. الموت والقيامة متعاقبان والإثنان يخدمان خدمة الفداء .. ﴿ الذي أُسلم من أجل خطايانا وأُقيم لأجل تبريرنا ﴾ ( رو 4 : 25 ) .. عجباً يا الله الذي صنعت خلاص وسط الأرض كلها عندما بسطت يديك الطاهرتين على عود الصليب لذلك تصرخ كل الأمم المجد لك يارب .. أنت تريد إقامة عهد معنا عهد به دم .. مشاهد قد تبدو غامضة لأنها تحققت في المسيح .. رعبة .. ظلمة .. سُبات .. غياب الشمس .. كل هذا بدون وضع الصليب أمامي سيصير الأمر غامض .. إن لم أضع الصليب أمامي سأقول يؤجل فهمها لأنها إشارة للخلاص .
7/ شفاعة إبراهيم :
======================
قال الله ﴿ هل أُخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله ﴾ ( تك 18 : 17) .. لن أفهم هذه العبارة إلا في المسيح يسوع .. نعم إبراهيم هو حبيب الله وخليله لكن لن أفهمها إلا في المسيح يسوع .. هذه تشير لمعرفة الإبن لكل شئ .. الآب في الإبن والإبن في الآب والإثنان مشيئة واحدة .. الله يريد أن يستشير أبونا إبراهيم .. نعم هي قصة حقيقية لكن عبارة ﴿ هل أُخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله ﴾ تشير للإبن المسيح .. جيد أن نتشفع بأبينا إبراهيم ونقول له ﴿ من أجل إبراهيم حبيبك ﴾ .. الله أعلن لأبينا إبراهيم ﴿ إن صراخ سدوم وعمورة قد كثر وخطيتهم قد عظمت جداً ﴾ ( تك 18 : 20 ) .. أبونا إبراهيم قال لله لن أخالف رأيك .. قال الله سأرسل ملاكين لأحرق المدينة .. لكن لوط في المدينة .. ترك لوط إبراهيم ولم نسمع عنه إلا في معركة كدرلعومر عندما سُبيَ وفي سدوم وعمورة .. وكان الأمر قد مر عليه عشرون عام ولوط قاطع العلاقة مع أبينا إبراهيم ولم يشكره على ما فعله معه .. يبدو أن الأمر كان فيه مشكلة .. كان لوط وأسرته في سدوم وعمورة وتشفع إبراهيم عنهم لله .. هنا يعلن أن شفاعة المسيح لا تتوقف على برنا بل على صلاحه هو .
أبونا إبراهيم يقول لله ﴿ أديان كل الأرض لا يصنع عدلاً ﴾ ( تك 18 : 25 ) – دالة – يقول له إن كان في المدينة خمسون شخص بار .. ولم يجد .. جادل مع الله لو كان بها خمسة وأربعون بار .. أربعون بار .. حتى وصل العدد إلى خمسة أبرار .. أبونا إبراهيم جادل مع الله ستة مرات – شفاعة – إن كانت شفاعة أبونا إبراهيم إلى هذه الدرجة إذاً لنفرح لأن شفاعة الإبن كم تكون ؟!! إن كان الله يوافق أبونا إبراهيم فكم تكون شفاعة المسيح الإبن ؟!! جيد أبونا إبراهيم عندما يقول لله ﴿ إني قد شرعت أكلم المولى وأنا تراب ورماد ﴾ ( تك 18 : 27 ) .. جيد أن تتكلم مع الله بهذه الآية .. أفضل شئ يعطي الإنسان دالة عند الله هو الإنسحاق الخارج من أعماق الإنسان .. أُسجد له وقل له أنا تراب ورماد .. داود النبي يحنن قلب الله ويقول له ﴿ أعمال يديك يارب لا تتركها ﴾ ( مز 137 – من مزامير النوم ) .. أنا عملك لا تتركني .
أبونا إبراهيم يستمر في شفاعته حتى يصل العدد إلى عشرة أبرار والله يسمع له لكن لم يكن هناك عشرة أبرار .. إن كانت شفاعة أبينا إبراهيم التوسلية مقبولة أمام الله فكم تكون شفاعة الإبن يسوع الكفارية ؟!! ربنا يسوع شفاعته قوية لأنه مساوي للآب ومحبوب ويتشفع بدم نفسه يشفع كل حين عنا .. شفاعة دائمة وليست مؤقتة مثل شفاعة إبراهيم بل شفاعة بروح أزلي .. الله قبل شفاعة إبراهيم حتى أنه وصل إلى عشرة أبرار .. بينما شفاعة ربنا يسوع عن كل البشر .. ﴿ إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضاً ﴾ ( 1يو 2 : 1 – 2 ) .. صالحنا لنفسه .. وحد .. شفاعة أبينا إبراهيم في سدوم وعمورة كانت مقبولة والله سمع له لكن لم يجد العشرة أبرار .. بينما شفاعة الإبن يسوع لدى الآب أقوى ومقبولة فتمسك به وبشفاعته ومادمت أنت داخله لن يقدر أحد أن يفصلك عنه .
في أحد المرات كنت لدى سيدنا البابا لأنال بركته وكان الزحام شديد وكان هناك سيدة مريضة بمرض خطير وتريد نوال بركته هي أيضاً لكن كان لابد من تصريح للدخول وعندما رأتني تمسكت بي جداً لتدخل معي وكأننا واحد وهي جزء مني .. وبالفعل حاولت حتى دخلنا وأخذنا بركته معاً .. هكذا تمسك بالمسيح جداً وكن جزء منه لتضمن أن تدخل معه وكأنكما واحد .. ﴿ يثبت فيَّ وأنا فيه ﴾ ( يو 6 : 56 ) .. وعندما تقف أمام الآب ليس لك دالة أو بر ولكن وأنت داخل إبنه تأخذ كل ثقتة وقبوله أمام الآب .. تمسك بالإسم الحلو المملوء مجد الجوهرة كثيرة الثمن .. لنا شفيع .
8/ شفاعة لأبيمالك لصلاة إبراهيم :
========================================
بعد كل هذا نجد إبراهيم ولأنه بشر نزل جرار وكذب وقال عن سارة أنها أخته لأن أبيمالك أراد أن يأخذها .. وأبيمالك ليس هو إسمه وإنما لقبه مثل * فرعون * – لقب – وقال الله لأبيمالك لا تقترب إلى سارة .. وصلى أبونا إبراهيم عن أبيمالك وزوجته وجواريه .. ﴿ لأن الرب كان قد أغلق كل رحمٍ لبيت أبيمالك بسبب سارة إمرأة إبراهيم ﴾ ( تك 20 : 18) .. تمسك بشفاعة ربنا يسوع فتُشفى ولن تُخزى .. يصلي لك فتشفى ولترى معجزات المسيح .. ﴿ المحتاجون إلى الشفاء شفاهم ﴾ ( لو 9 : 11) .. كل من لمسه شُفيَ .
9/ ملء الزمان :
==================
أيضاً الوعد الذي أعطاه له بالنسل .. الله إفتقد إبراهيم وعمره مائة سنة .. والمائة رمز للملء والنهاية لأن بعد رقم مائة نجد مائة وواحد مائة وإثنان و ..... أي نحتفظ برقم المائة وتظل معنا .. حتى عند رقم المائتان وما بعدها نجد أننا نحتفظ فيها بالمائة لأن المائتان مضاعف للمائة فتقول مائتان وواحد مائتان وإثنان و ...... المائة سنة هي ملء الزمان .. يارب كان يمكنك أن تعطيه النسل قبل المائة سنة بكثير .. يقول نعم لكني إنتظرت ملء الزمان .. هذا هو ملء الزمان الذي أرسل فيه إبنه مولود من إمرأة .. ظل يعد لمجيئه حتى أتى في ملء الزمان هذا هو الملء أي الإعداد لمجيئه .. ﴿ وكان إبراهيم إبن مئة سنة حين وُلد له إسحق إبنه ﴾ ( تك 21 : 5 ) .. ملء الزمان الذي أعد الله فيه ملء التاريخ وملء الزمان ليأتي إسحق .. هكذا ملء الزمان والتاريخ ليأتي ربنا يسوع أعده الله بالوعود والنبوات واللغة والأحداث والرموز و ....... ليأتي المسيح .
10/ الطاعة الباذلة :
=======================
قال الله لأبينا إبراهيم ﴿ خذ إبنك وحيدك الذي تحبه إسحق واذهب إلى أرض المريا وأصعده هناك محرقة ﴾ ( تك 22 : 2 ) .. هذه إشارة لتقدمة الآب للإبن إبنه الوحيد حبيبه محرقة .. أي يحرق للنهاية .. الآب جعل الإبن يتألم للنهاية حتى تسليم الروح أي محرقة أي يحرق للنهاية وربنا يسوع إجتاز ألم وألم و ...... والآب يقدم الذبيحة .. أبونا إبراهيم كان يعلم ماذا سيفعل في إسحق لذلك أبونا إبراهيم يظهر فيه ربنا يسوع بقوة ولذلك قال له ﴿ وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض ﴾ ( تك 12 : 3 ) .. يبارك فيك وفي نسلك .. نسله يبارك الشعوب .. أي المسيح .. زكريا الكاهن أدركها بالروح وقال ﴿ ويذكر عهده المقدس القَسَم الذي حلف لإبراهيم أبينا ﴾ .. أي الأمر أتى من فوق قَسَمُه لإبراهيم .. ﴿ ليصنع رحمة مع آبائنا ويذكر عهده المقدس القَسَم الذي حلف لإبراهيم أبينا ﴾ ( لو 1 : 72 – 73 ) يذكره بالوعد .
معلمنا بولس الرسول لا يترك هذا الأمر بل يعلن لليهود أن البركة ليست لأهل الختان فقط .. أهل الختان يقولون أن إبراهيم هو أبونا نحن فقط لكن معلمنا بولس بمهارة يقول لهم هل أخذ إبراهيم الوعد بالبركة قبل الختان أم بعده ؟ قالوا قبل الختان .. إذاً البركة لنسل كل الأمم وليس لليهود فقط .. لأنه إن كان الأمر هو بركة جسد فكان بالأولى أن يأخذها إسماعيل لأنه إبن لإبراهيم أيضاً بالجسد ولكن لأنها بركة روح فكانت لإبن الوعد إسحق وليس لكل أولاد إبراهيم .. إذاً ليس كل أولاد إبراهيم هم أولاده .. ﴿ لا لأنهم من نسل إبراهيم هم جميعاً أولاد ﴾ ( رو 9 : 7 ) .. ﴿ لو كنتم أولاد إبراهيم لكنتم تعملون أعمال إبراهيم ﴾ ( يو 8 : 39 ) .. شخصية أبينا إبراهيم شخصية غنية ومفرحة .. أدخل داخلها وخذ نصيبك منها للإشتراك في بركته لأنك نسله بالحق .
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
له المجد دائماً أبدياً آمين