ابونا إسحق كرمز للمسيح ج2

Large image

الإبن الوحيد الحبيب :
======================
يقول سفر التكوين .. ﴿ وحدث بعد هذه الأمور أن الله امتحن إبراهيم فقال له يا إبراهيم . فقال هأنذا . فقال خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحق واذهب إلى أرض المريا وأصعده هناك محرقة على أحد الجبال الذي أقول لك . فبكر إبراهيم صباحاً وشدَّ على حماره وأخذ اثنين من غلمانه معه وإسحق إبنه وشقق حطباً لمحرقةٍ وقام وذهب إلى الموضع الذي قال له الله . وفي اليوم الثالث رفع إبراهيم عينيه وأبصر الموضع من بعيدٍ . فقال إبراهيم لغلاميه إجلسا أنتما ههنا مع الحمار . وأما أنا والغلام فنذهب إلى هناك ونسجد ثم نرجع إليكما . فأخذ إبراهيم حطب المحرقة ووضعه على إسحق إبنه وأخذ بيده النار والسكين . فذهبا كلاهما معاً . وكلم إسحق إبراهيم أباه وقال يا أبي . فقال هأنذا يا ابني . فقال هوذا النار والحطب ولكن أين الخروف للمحرقة . فقال إبراهيم الله يرى له الخروف للمحرقة يا ابني . فذهبا كلاهما معاً . فلما أتيا إلى الموضع الذي قال له الله بنى هناك إبراهيم المذبح ورتب الحطب وربط إسحق إبنه ووضعه على المذبح فوق الحطب . ثم مدَّ إبراهيم يده وأخذ السكين ليذبح إبنه . فناداه ملاك الرب من السماء وقال إبراهيم إبراهيم . فقال هأنذا . فقال لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئاً . لأني الآن علمت أنك خائف الله فلم تُمسك إبنك وحيدك عني . فرفع إبراهيم عينيه ونظر وإذا كبش وراءه مُمسكاً في الغابة بقرنيه . فذهب إبراهيم وأخذ الكبش وأصعده محرقة عوضاً عن إبنه . فدعا إبراهيم إسم ذلك الموضع يهوه يرأه . حتى إنه يُقال اليوم في جبل الرب يُرى . ونادى ملاك الرب إبراهيم ثانيةً من السماء وقال بذاتي أقسمت يقول الرب . أني من أجل أنك فعلت هذا الأمر ولم تُمسك إبنك وحيدك أباركك مباركةً وأُكثِّر نسلك تكثيراً كنجوم السماء وكالرمل الذي على شاطئ البحر . ويرث نسلك باب أعدائه . ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض . من أجل أنك سمعت لقولي . ثم رجع إبراهيم إلى غلاميه . فقاموا وذهبوا معاً إلى بئر سبعٍ . وسكن إبراهيم في بئر سبعٍ ﴾ ( تك 22 : 1 - 19) – قصة – لكن كلها أسرار ورموز .. تتكلم عن المسيح أكثر جداً مما تتكلم عن إسحق .. يبدو إسحق أنه بطل القصة لكن حقيقةً ربنا يسوع الفادي والراعي هو بطل القصة .. بالطبع هي ليست قصة لكنها واقع .
﴿ خذ ابنك وحيدك الذي تحبه ﴾ .. من هو وحيدك حبيبك ؟ هو الإبن الحبيب للآب .. الإبن الوحيد الجنس .. الذي في حضن الآب هو خبر .. الإبن المحبوب .. هذا صوت أتى من السماء ليعلن لنا ﴿ هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت ﴾ ( مت 3 : 17 ) .. وقال عنه يوحنا الحبيب ﴿ الآب يحب الإبن ﴾ ( يو 3 : 35) أنه الإبن المحبوب من الآب .. ﴿ الإبن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبَّر ﴾ ( يو 1 : 18) .
﴿ أصعده هناك محرقة ﴾ .. " محرقة " أي تأخذ حطب ونار وتضع إبنك في النار وتشعله مع الحطب بالنار وتتركه حتى يحترق بالكامل .. ما هذا ؟ هذه ذبيحة الصليب .. الإبن عُلق على الصليب حتى أسلم الروح – هذه محرقة – أي يمر بمراحل الألم كمراحل المحرقة .. حتى متى ؟ حتى آخر نفس حتى أسلم الروح .. النار لن تنتهي قبل أن ينتهي هو .. الألم لن ينتهي قبل أن ينتهي هو .. هذه هي المحرقة .. هذا هو الصليب .. محرقة الصليب .. لم يقل له خذ إبنك وحيدك حبيبك فقط لي وصمت بل وقال وقدمه لي محرقة .
إسحق القائم في المسيح :
======================
ذهب إلى جبل المريا الذي قلنا أنه جبل الجلجثة وبنى عليه الهيكل .. ﴿ وذهب إلى الموضع الذي قال له الله وفي اليوم الثالث رفع إبراهيم عينيه وأبصر الموضع من بعيدٍ . فقال إبراهيم لغلاميه إجلسا أنتما ههنا ﴾ .. واضح أن إبراهيم رأى شئ في اليوم الثالث حتى أنه تشدد قلبه وتكلم مع غلاميه وإبنه بجدية .. ماذا رأى ؟ رأى الموضع من بعيد .. ﴿ وأما أنا والغلام فنذهب إلى هناك ونسجد ثم نرجع إليكما ﴾ .. كيف يرجع كليهما والله قال لأبينا إبراهيم قدمه لي محرقة .. ماذا رأى ؟ رأى القيامة .. الموضع هناك من بعيد .. القيامة أمامه في اليوم الثالث .. ﴿ إبن الإنسان يُسلم إلى أيدي الناس فيقتلونه وبعد أن يُقتل يقوم في اليوم الثالث ﴾ ( مر 9 : 31 ) – إيمان – نرجع إليكما .. لذلك معلمنا بولس الرسول جعل أبونا إبراهيم في قمة رجال الإيمان ليس لأنه قدم إبنه ذبيحة بل لأنه أيقن أنه سيعود به .. ﴿ بالإيمان قدم إبراهيم إسحق وهو مجرب .. قدم الذي قبل المواعيد وحيده ﴾ ( عب 11 : 17) .
الله قال له بنسلك تتبارك جميع قبائل الأرض ( أع 3 : 25) وكان إسحق وقت تقديمه ذبيحة لم يتزوج بعد فكيف إذاً يكون له نسل ويُبارك ؟ ﴿ قدم الذي قبل المواعيد وحيده الذي قيل له إنه بإسحق يدعى لك نسل إذ حسب أن الله قادر على الإقامة من الأموات أيضاً﴾ ( عب 11 : 17 – 19) .. لذلك قال ( في اليوم الثالث ) .. ماذا حدث ؟ حدث أنه إنفتحت بصيرته الداخلية ورأى روح القيامة فأيقن إبراهيم أن إبنه سيعود له .. لو ربطنا الأحداث نجد ربنا يسوع يقول ﴿ أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي ﴾ ( يو 8 : 56 ) .. ما هو يومه ؟ ﴿ أبصر الموضع من بعيدٍ ﴾ .. رأى القيامة .. رأى وتهلل .. بهجة القيامة .. إذ حسب أن الله قادر على القيامة .. رأى وحسب إبنه هو المسيح القائم .. لما رأى الموضع شعر أن أمر مهم سيحدث لذلك لا يليق أن يراه الغلامين لأنهما لن يستوعباه .. ﴿ فقال إبراهيم لغلاميه إجلسا أنتما ههنا مع الحمار وأما أنا والغلام فنذهب إلى هناك ونسجد ثم نرجع إليكما ﴾ .. من هما الغلامين ؟ من هما الغلامين الذين رأيا ترتيب كل هذه الأمور وعند اللحظة الحاسمة قال لهما إنتظرا ههنا ؟ هما الأمة اليهودية التي رأت كل النبوات لكن لحظة الصليب والقيامة والتجسد لم يستوعبوها لذلك قال لهما لتكونا بعيدين .
بعد تمام الأمور ورجوع أبينا إبراهيم بإسحق إبنه وجد الغلامان ينتظران .. ﴿ ثم رجع إبراهيم إلى غلاميه . فقاموا وذهبوا معاً إلى بئر سبعٍ ﴾ .. هذه هي عودة اليهود إلى المسيح في النهاية سيعرفوه بعدما رفضوه .. الذين لمسوا أحداث الصليب لكن لم يؤمنوا به سيعودون له في نهاية الأيام .. ﴿ القساوة قد حصلت جزئياً لإسرائيل إلى أن يدخل ملؤ الأمم ﴾ ( رو 11 : 25) .. نحن الأمم دخلنا في الإيمان بالمسيح واليهود لم يدخلوا حتى الآن لكنهم سيدخلون الإيمان في نهاية الأيام .
تركه الجميع لكن الآب لم يتركه :
==================================
الكل تركوا أبينا إبراهيم وظل هو وإسحق فقط في وقت الذبيحة .. هذا رمز لربنا يسوع الذي تركه الجميع حتى تلاميذه ساعة الصلب .. ﴿ تأتي ساعة وقد أتت الآن تتفرقون فيها كل واحد إلى خاصته وتتركونني وحدي وأنا لست وحدي لأن الآب معي ﴾ ( يو 16 : 32 ) .. هذا إبراهيم وكأن إسحق هو الذي يتكلم ويقول ستتركوني وحدي ولكني لست وحدي بل أبي معي .. ( ذهب كلاهما معاً ) .. ثم يقول أبونا إبراهيم ( نرجع إليكما ) .. كثيراً ما تكررت عبارة * كلاهما معاً * .
بعض الهراطقة قالوا أن اللاهوت إنفصل عن الناسوت وقت الصليب .. لكن هذا رد الإنجيل أن اللاهوت لم يفارق الناسوت حتى وقت الصليب بل .. كلاهما معاً .. مثل الحديد المتحد بالنار إذا طرقناه يتأثر الحديد بالطرق وليس النار لكن كلاهما لا ينفصل عن الآخر .. هكذا تألم الناسوت واللاهوت لم يفارقه .. الآب لم يفارق الإبن لذلك لا نفصل ذبيحة الآب عن ذبيحة الإبن .. ﴿ هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به ﴾ ( يو 3 : 16) .. لذلك قال معلمنا بولس الرسول ﴿ الذي لم يشفق على إبنه بل بذله لأجلنا أجمعين كيف لا يهبنا أيضاً معه كل شيئ ﴾ ( رو 8 : 32 ) .. إذاً ذبيحة الآب هي ذبيحة الإبن والإبن أطاع .
كلنا نعرف أن أبونا إبراهيم كان عمره مائة وعشرون سنة تقريباً وكان عمر إسحق خمسة وعشرون أو ثلاثون سنة تقريباً أي كان في سن الشباب وبقوته .. عندما يجد أبيه يقيده ويقدمه محرقة كان يمكنه أن يهرب ولن يستطيع إبراهيم أن يلحق به لأنه شخص مُسن .. لكن إسحق أطاع طاعة كاملة وترك أبيه يقيده بحب .. هذه ذبيحة المسيح ذبيحة حب كاملة .. أسلم ذاته مثل شاة تُساق للذبح لذلك عندما ربطه ووضعه على المذبح كان إشارة لربنا يسوع الذي ترك رجليه ويديه للمسامير .
حمل خشبة الصليب :
=====================
وحمل إسحق الحطب .. ﴿ فأخذ إبراهيم حطب المحرقة ووضعه على إسحق إبنه﴾ .. كان يمكن أن يقول إبراهيم أن إسحق سيُقدم محرقة يكفيه هذا وأحمل أنا عنه الحطب .. لكن لا .. حمل إسحق الحطب لأنه رمز للمسيح الذي حمل الصليب حمل آثام شعبه لذلك قال أشعياء النبي ﴿ وتكون الرياسة على كتفه ﴾ ( أش 9 : 6 ) .. لم تكن رياسة كما نتخيل بل كانت رياسة حمل خطايا لذلك الكهنوت في الكنيسة كهنوت رعاية أكثر من كرامة .. يحمل مسئولية .
حديثه مع الآب :
=================
جيد أن إسحق دخل في حديث مع إبراهيم أبيه .. ﴿ وكلم إسحق إبراهيم أباه وقال يا أبي . فقال هأنذا يا ابني . فقال هوذا النار والحطب ولكن أين الخروف للمحرقة ﴾ .. هذا يذكرنا بحديث ربنا يسوع مع الآب في بستان جثسيماني ﴿ إن شئت أن تجيز عني هذه الكأس ولكن لتكن لا إرادتي بل إرادتك ﴾ ( لو 22 : 42 ) .. لذلك قال معلمنا بولس الرسول ﴿ سُمع له من أجل تقواه ﴾ ( عب 5 : 7 ) .. أي الإبن كان رمز للبشرية وكأنه يحمل آلام الجنس البشري كله الماضي والحاضر والمستقبل فسمع له من أجل تقواه .. لذلك إسحق رمز للمسيح في قوته وشبابه وطاعته حتى الموت وفي الغلامين الأمة اليهودية .

القيامة من الموت :
=================
في النهاية القيامة رجع إسحق حي .. أي بعد أن كان في خطوة التسليم للموت عاد حي .. ﴿ فناداه ملاك الرب من السماء وقال إبراهيم إبراهيم . فقال هأنذا . فقال لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئاً . لأني الآن علمت أنك خائف الله فلم تُمسك إبنك وحيدك عني . فرفع إبراهيم عينيه ونظر وإذا كبش وراءه مُمسكاً في الغابة بقرنيه ﴾ .. هذا الفداء .. الخروف عِوض إسحق .. تقدمة إبراهيم عِوض إسحق .. يُشير الآباء أحياناً إلى إسحق أنه رمز للمسيح وأحياناً أنه النفس البشرية .. الله لم يطلب من أبينا إبراهيم مال أو أرض أو عبيد أو .... بل طلب أمر صعب طلب إبنه والوصية تقول ﴿ تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ﴾ ( مت 22 : 37 ) .. قدم لله إسحاقك أي أجمل ما في حياتك .. الله يريد إسحق كل نفس .. أجمل ما فينا نقدمه له .. لذلك لا تتخيل أن أي تقدمة لله ليس لها قيمة بل هي مقبولة وكما يقول الآباء ﴿ ليس العطاء أن تعطي ما أحتاجه بل ما أنت تحتاجه ﴾ .. هذا هو العطاء الحقيقي .. أن تعطي أغلى ما عندك .. إعطي إسحق .
القيامة كانت بإسحق أنه رجع حي رمز للمسيح القائم .. الموت لم يقدر أن يمسكه .. ﴿ أين شوكتك يا موت .. أين غلبتك يا هاوية ﴾ ( 1كو 15 : 55 ) .. لذلك نقاط كثيرة كان يمكن أن تُقال عن الربط بين إسحق والمسيح .. عندما يقول إسحق يُربط فكَّر في المسيح .. إسحق يحمل الحطب فكَّر في المسيح .. إبراهيم مد يده بالسكين ليذبح إسحق ( الآب سُرَّ أن يقدمه محرقة ) .. كان إسحق بلا ذنب وحدث له ذلك هكذا ربنا يسوع لم يفعل خطية لكنه صار خطية لأجلنا ( 2كو 5 : 21) .
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
له المجد دائماً أبدياً آمين

عدد الزيارات 2991

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل