بين يعقوب والمسيح ج2

Large image

الهروب من الشر :
=====================
لما بارك إسحق إبنه يعقوب خرج يعقوب ودخل بعده عيسو أخيه وقال لإسحق قد أحضرت ما طلبته فباركني الأن يا أبي .. فقال إسحق قد باركتك .. أجابهُ عيسو لا يا أبي .
من سفر التكوين بركاته على جميعنا أمين .. [ وحدث عندما فرغ إسحق من بركة يعقوب ويعقوب قد خرج من لدن إسحق أبيه أن عيسو أخاه أتى من صيده .. فصنع هو أيضاً أطعمةً ودخل بها إلى أبيه وقال لأبيه ليقُم أبي ويأكل من صيد ابنهِ حتى تُباركني نفسك .. فقال له إسحق أبوه من أنت .. فقال أنا ابنك بكرك عيسو .. فارتعد إسحق ارتعاداً عظيماً جداً .. وقال فمن هو الذي اصطاد صيداً وأتى به إليَّ فأكلت من الكل قبل أن تجئ وباركتهُ .. نعم ويكون مباركاً ] ( تك 27 : 30 – 33 ) .
كان يمكن لإسحق أن يقول قد خدعني شخص سأتراجع عن كلامي .. لكننا وجدناه يقول " نعم يكون مُباركاً " .. هذا يعني أن الروح هو الذي يقود الأحداث .. [ فعندما سمع عيسو كلام أبيه صرخ صرخةً عظيمةً ومُرةً جداً وقال لأبيه باركني أنا أيضاً يا أبي .. فقال قد جاء أخوك بمكرٍ وأخذ بركتك .. فقال ألا إن اسمهُ دُعيَ يعقوب .. فقد تعقبني الآن مرتين .. أخذ بكوريتي وهوذا الآن قد أخذ بركتي ] ( تك 27 : 34 – 36 ) .. عيسو استهان بالبكورية ولكنه لم يُدرك أن البركة والبكورية مرتبطين معاً .
[ ثم قال أما أبقيت لي بركةً .. فأجاب إسحق وقال لعيسو إني قد جعلتهُ سيداً لك ودفعت إليه جميع إخوته عبيداً وعضدتهُ بحنطةٍ وخمرٍ .. فماذا أصنع إليك يا ابني .. فقال عيسو لأبيه ألكَ بركة واحدة فقط يا أبي .. باركني أنا أيضاً يا أبي .. ورفع عيسو صوتهُ وبكى .. فأجاب إسحق أبوه وقال له هوذا بلا دسم الأرض يكون مسكنك وبلا ندى السماء من فوق .. وبسيفك تعيش ولأخيك تُستعبد ولكن يكون حينما تجمح أنكَ تُكسر نيرهُ عن عُنقك ] ( تك 27 : 36 – 40 ) .
موقف صعب لماذا بركة واحدة ؟ لأن ربنا يسوع من كم نسل جاء ؟ أتى من نسل واحد وهو من نسل إسحق .. الأمر يسير في اتجاه واحد .. ماذا حدث بعد ذلك ؟ .. [ فحقد عيسو على يعقوب من أجل البركة التي باركهُ بها أبوه .. وقال عيسو في قلبه قرُبت أيام مناحة أبي .. فأقتُل يعقوب أخي ] ( تك 27 : 41 ) .. قال عيسو أن أبوه قد كبر في العمر فليقتُل يعقوب حتى ينال هو البركة قبل موت أبيه .. حِيَل بشرية للأسف تُزيد الفجوة ولا تحل المشكلة .
[ فأخبرت رفقة بكلام عيسو ابنها الأكبر .. فأرسلت ودعت يعقوب ابنها الأصغر وقالت له هوذا عيسو أخوك مُتسلٍ من جهتك بأنه يقتُلك .. فالآن يا ابني اسمع لقولي وقم اهرب إلى أخي لابان إلى حاران وأقم عنده أياماً قليلةً حتى يرتد سخط أخيك .. حتى يرتد غضب أخيك عنك وينسى ما صنعت به ] ( تك 27 : 42 – 45 ) .. رفقة تقول " أيام قليلة " لأن رفقة تحب يعقوب ولا تستطيع الإبتعاد عنه لكن حيلتها جعلته يبتعد .. هي تخيلت أنها أيام قليلة لكن يعقوب ظلَّ عشرون سنة عند لابان وماتت رفقة قبل عودة يعقوب .
دخلت رفقة لاسحق وقالت له قصة بينما قالت ليعقوب اهرب .. [ ثم أُرسِل فآخذك من هناك .. لماذا أُعدم اثنيكما في يومٍ واحدٍ ] ( تك 27 : 45 ) .. رفقة عقل مدبر .. ثم قالت لاسحق [ مللت حياتي من أجل بنات حث .. إن كان يعقوب يأخذ زوجة من بنات حث مثل هؤلاء من بنات الأرض فلماذا لي حياة ] ( تك 27 : 46 ) .. دخلت على إسحق بقصة .
[ فدعا إسحق يعقوب وباركهُ وأوصاه وقال له لا تأخذ زوجةً من بنات كنعان .. قم اذهب إلى فدان أرام إلى بيت بتوئيل أبي أمك وخذ لنفسك زوجةً من هناك من بنات لابان أخي أمك .. والله القدير يُباركك ويجعلك مُثمراً ويُكثِّرك فتكون جمهوراً من الشعوب .. ويُعطيك بركة إبراهيم لك ولنسلك معك لترث أرض غربتك التي أعطاها الله لإبراهيم .. فصرف إسحق يعقوب فذهب إلى فدان أرام إلى لابان بن بتوئيل الأرامي أخي رفقة أم يعقوب وعيسو ] ( تك 28 : 1 – 5 ) .
يعقوب يهرب من الشر والهروب من الشر يُذكرنا بهروب ربنا يسوع من وجه هيرودس .. [ قم وخذ الصبي وأمه واهرب إلى مصر ] ( مت 2 : 13) .. هيرودس يتعقب يسوع ليقتله ورسالته لم تُكتمل فهرب .
طاعة يعقوب لوالديه :
=========================
دعا إسحق يعقوب وقال له إذهب إلى فدان أرام إلى لابان بن بتوئيل وخذ لنفسك زوجة من هناك .. يعقوب شخصية هادئة مُطيعة .. أطاع رفقة أمه والأن يُطيع إسحق أبيه .. [ وأنَّ يعقوب سمع لأبيه وأمه وذهب إلى فدان أرام ] ( تك 28 : 7 ) .. نحن نأخذ أجزاء مُضيئة من حياة الشخص .. أبونا يعقوب كان مُطيع كالمسيح له المجد كان مُطيع للعذراء مريم ويوسف البار كما قال عنه الكتاب [ وكان خاضعاً لهما ] ( لو 2 : 51 ) .
لم يُعاتب إسحق يعقوب إبنه بكلمة بل أكد لعيسو بركة يعقوب وقال له ستكون بلا دسم الأرض مسكنك وبلا ندى السماء من فوق و ....... ونادى يعقوب وقال له [ الله القدير يُباركك ويجعلك مُثمراً ويُكثِّرك فتكون جمهوراً من الشعوب .. ويُعطيك بركة إبراهيم لك ولنسلك معك لترث أرض غربتك التي أعطاها الله لإبراهيم .. فصرف إسحق يعقوب ] .. الله تمم إرادته عن طريق أشخاص وكأن الله يقود الأمور ويُحركها فسمح أن يعقوب يُبارَك بهذه الطريقة لأنه وعده بالبركة من بطن أمه .. [ الكبير يُستعبد للصغير ] ( رو 9 : 12) .
الموت والقيامة :
===================
يعقوب مُدلل وليس ذو مسئولية وطبعه رقيق ويعلم أنه خرج بمشكلة وأن عيسو شرس ويتعقبه وأيضاً يعقوب يشعر بالذنب مما فعله بعيسو .. [ فخرج يعقوب من بئر سبعٍ وذهب نحو حاران .. وصادف مكاناً وبات هناك لأن الشمس كانت قد غابت ] ( تك 28 : 10 – 11) .. الطريق صار ظلمة ولم يستطع يعقوب إكمال المسير فنام .. [ وأخذ من حجارة المكان ووضعهُ تحت رأسهِ فاضطجع في ذلك المكان ] .. نجد هنا بعض العبارات السرية وهي " الشمس كانت قد غابت " .. و " أخذ حجارة " .. و " اضطجع ".
[ ورأى حُلماً وإذا سُلم منصوبة على الأرض ورأسها يمس السماء .. وهوذا ملائكة الله صاعدة ونازلة عليها .. وهوذا الرب واقف عليها فقال أنا الرب إله إبراهيم أبيك وإله إسحق .. الأرض التي أنت مُضطجع عليها أُعطيها لك ولنسلك ويكون نسلك كتراب الأرض وتمتد غرباً وشرقاً وشمالاً وجنوباً .. ويتبارك فيك وفي نسلك جميع قبائل الأرض .. وها أنا معك وأحفظك حيثما تذهب وأردك إلى هذه الأرض لأني لا أتركك حتى أفعل ما كلمتك به .. فاستيقظ يعقوب من نومه وقال حقاً إن الرب في هذا المكان وأنا لم أعلم .. وخاف وقال ما أرهب هذا المكان .. ما هذا إلا بيت الله وهذا باب السماء .. وبكَّر يعقوب في الصباح ] ( تك 28 : 12 – 18 ) .
هذا مشهد الصليب .. الشمس غائبة وهو اضطجع ورأى سُلم منصوب للسماء واستيقظ وبكَّر وأخذ وعد بالرجوع .. موت وقيامة .. يعقوب رسم صورة حية لعمل المسيح على الصليب .. [ ولما كان المساء ........ وضعهُ في قبرٍ كان منحوتاً ] ( مر 15 : 42 – 46 ) .. لذلك قال " أخذ حجارة " .. أمور تُمهد لعمل المسيح على الصليب .. [ أنا اضطجعت ونمت ثم استيقظت ] ( مز 3 : 5 ) .. هذا ما فعلهُ أبونا يعقوب .. والسُلم المنصوب للسماء هو الصليب الذي صالح الأرض بالسماء وجعل رؤية الأمور السماوية مُتاحة للأرضيين وصنع تواصُل .. والإنسان المطرود من حضرة الله وجد وسيلة تصِله بالسماء وهي الصليب .. هل تريد أن تتمتع برؤية الله والملائكة ؟ بالصليب .. يقول بعض الآباء أن السُلم هو العذراء مريم التي صارت طريق للصلح بين السماء والأرض .
مشاهد الكتاب مملوءة عزاء وبهجة وفرح .. تأمل المشهد وادخل عمقه وتمتع بالبركة .. [ وأخذ الحجر الذي وضعهُ تحت رأسهِ وأقامهُ عموداً وصب زيتاً على رأسهِ ] ( تك 28 : 18) .. ما هو الزيت ؟ هو الروح القدس الذي حل بعد القيامة ..
1/ الشمس غابت 2/ أخذ حجر 3/ اضطجع
4/ بكَّر في الصباح 5/ صب زيت
مشاهد الموت والقيامة وحلول الروح القدس رأيناها في أبينا يعقوب .
دعا يعقوب ذلك المكان بيت إيل أي العُلية أي الكنيسة .. ما هي الكنيسة ؟ هي صليب وقيامة وعمل الروح القدس .. الكنيسة هي حجر صُبَّ عليهِ زيت .. ومن هنا أتت فكرة تدشين المذبح .. عندما يُصب زيت على حجر يُدشن ويسكن الروح القدس ذلك المكان ولم يعد بعد حجارة بل صار موضع سكنى الله .. بيت إيل .
[ ونذر يعقوب نذراً قائلاً إن كان الله معي وحفظني في هذا الطريق الذي أنا سائر فيه وأعطاني خبزاً لآكل وثياباً لألبس ] ( تك 28 : 20 ) .. أبونا يعقوب رجل بسيط يريد أن يأكل ويلبس فقط أي يريد أن يحيا حياة بسيطة وعندما عاد قال تذكرت هذا المكان .. أنا خرجت بعصاي وكان طلبي حياة بسيطة ملبس وطعام فقط .. صغير أنا عن جميع ألطافك يا الله .. [ ورجعت بسلام إلى بيت أبي يكون الرب لي إلهاً .. وهذا الحجر الذي أقمتهُ عموداً يكون بيت الله وكل ما تعطيني فإني أُعشِّرهُ لك ] ( تك 28 : 21 – 22 ) .. بيت لله .. أي أقام كنيسة .
ذلك العصر كان مشهور بالعبادات الوثنية فكان معروف أن الوثن له مقر .. وحتى أولاد الله تأثروا بذلك الفكر وتخيلوا أن الله في مكان العبادة فقط ولذلك عندما ذهب أبونا إبراهيم إلى مصر لم يُصعد ذبيحة وعندما عاد إلى حاران أصعد الذبيحة .. وكذب لأنه يعلم أن مصر ليس بها الله بل موجود في حاران .. هذا فكر أخذوه من الفكر الوثني أن الله محدود في مكان .
حجر وَضَع يعقوب عليه رأسه ونام ورأى به رؤية سماوية .. وصب عليه زيت .. مادام يعقوب مُدلل في بيت أبيه كانت بركات كثيرة تنتظره لكنه كان محروم منها وعندما خرج من بيت أبيه نالها .. عندما كان يضع ثقته في والديه كان السُلم موضوع ولم يراه لكن عندما خرج من اطمئنان والديه ووضع رأسه على حجر في العراء رأى رؤية سماوية .
ليتك لا تضع اطمئنان لنفسك بمن حولك .. أحياناً يريد ربنا يسوع أن يدخل وأنت لا تعطيه الفرصة بارتباطك بمن حولك .. إخلي المكان ليسوع وسترى بركات كثيرة تنتظرك المهم أن تشعر أنك أنت والله فقط في العالم .. أحياناً يسمح الله لك بتجارب لتعرف أن سلامك في الله وعزاءك في الله وليس في رفقة وإسحق .. لن تسمع صوت الله وترى السُلم كما فعل مع يعقوب وتنال بركة مادمت مع رفقة وإسحق .
[وها أنا معك وأحفظك حيثما تذهب وأردك إلى هذه الأرض لأني لا أتركك حتى أفعل ما كلمتك به ] .. هذه كلها وعود الله له .. ونلاحظ أن الله لم يُعاتب يعقوب بكلمة واحدة عما فعله مع أخيه .. نعم قد يكون عاقبهُ فيما بعد لكن الأن ليس وقت عتاب لأن يعقوب كانت حالته النفسية مُرَّة .. بينما فيما بعد قال له الله أنت خدعت ستُخدع وتختبر ما فعلتهُ مع أخيك وأبيك .. معاملات الله معنا جميلة وقوية .. [ الإتكال على الرب خير من الإتكال على البشر .. الرجاء بالرب خير من الرجاء بالرؤساء ] ( مز 118 : 8 – 9 ) .. ضع ثقتك في الله .
ترك أبونا يعقوب الحجر وسار في طريقه .. الحجر كان بالنسبة ليعقوب سُلم للسماء وصوت الله وبيت الله ورؤيا .. بعد مدة لو مر شخص آخر على هذا الحجر ماذا يُمثل له ؟ لا شئ .. الأمور الروحية تختلف من شخص لآخر .. من يعرف قيمتها ؟ من يعرف قيمة الكنيسة ؟ هو من تذوقها وتذوق مواعيد الله والبركة .. ماذا تُمثل لي الكنيسة والمذبح ؟ كثيرون المذبح بالنسبة لهم مكان مثل أي مكان وآخرون المذبح بالنسبة لهم سماء .. [ إذا ما وقفنا في هيكلك المقدس نُحسب كالقيام في السماء ] .. بركات وملائكة وقديسين والله و ...... والذي لم يستمتع بمذاق هذه البركات يكون المذبح بالنسبة له مكان عادي .
يُحكى عن المتنيح البابا كيرلس السادس أنه عندما تصدُر أي حركة من شخص في المذبح أو كان شماس يخلع ملابس الخدمة ويضعها على المذبح كان ينتهره لأنه كان يشعر أنه في السماء وليس في مكان أرضي .. بينما آخر يتخيل أن المذبح ما هو إلا حجر .. لا .. هذا موضِع سُكنى الله .
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
له المجد دائماً أبدياً آمين

عدد الزيارات 1555

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل