شخصية مفيبوشث

Large image

مفيبوشث
عادة إذ يستريح الإنسان ويستقر ينسى الماضي بآلامه ويتجاهل مشار الغير، أما داود النبي والملك صاحب القلب الكبير فنجاحه واستقراره دفعه بالأكثر إلى بحثه عن راحة الآخرين. لقد أراحه الله من جميع أعدائه، بعد موت شاول ويوناثان بحوالي ١٥ سنة لم ينس داود عهده مع يوناثان (١صم ٢٠: ١٤-١٧)، فبدأ يسأل إن كان قد بقى أحد من بيت شاول لكي يصنع معه إحساناً من أجل يوناثان. سمع عن مفيبوشث بن يوناثان، الأعرج الرجلين، فاستدعاه ليرد له حقول جده شاول ويقيمه ضيفاً دائما يأكل معه على مائدتة كأحد أفراد أسرته.
١ – داود يستدعي مفيبوشث ١-٦
٢ – داود يرد له حقول شاول ٧-١٣
١ – داود يستدعي مفيبوشث
من العادات القديمة أن يقتل الملك الجديد كل نسل الملك السابق لئلا يقاوموه ويطلبوا المُلك لأنفسهم (٢مل ١:١١)، أما داود النبي فأدرك أنه لم يستلم المُلك من يد إنسان بل من الله، ولأنه لم يضع قلبه على المجد الزمني بل مجد الله لذا لم يخف على كرسيه ولا طلب قتل نسل شاول، إنما على العكس إذ استقر بدأ يبحث عمن بقى من نسل شاول ليصنع معه معروفاً (٢صم ١:٩).
استُدعى صيبا عبد شاول ووكيله قبل موته، فامتثل أمام داود الملك وأخبره بينه يوجد بعد ابن ليوناثان أعرج الرجلين (٢صم ٣:٩)، وأنه في بيت رجل غني يدعى ماكير بن عمِّيئيل في لودبار بجلعاد شرق الأردن ["ماكير" معناه "مُبتاع"].
"صيبا" اسم آارامي يعني "غصناً" ، كان خادماً أو عبداً للملك شاول. حُرر ربما في وقت تغلب الفلسطينيين على شاول. وكان أباً لعائلة كبيرة واقتني عبيداً.
٢ – داود يرد له حقول شاول
كان داود النبي والملك نبيلاً للغاية في تعامله مع مفيبوشث، كريماً في عطائه له:
‌أ. تحدث معه وهو صبي صغير السن وأعرج كإنسان معجب به، يُسر بالحديث معه، ذي كرامة ... لقاء داود معه كان أثمن بكثير وأعظم من الحقول التي رُدت إليه، إذ أعطاه مايريح نفسه الداخلية ويشبعها، الأمر الله لا تقدر كل مقتنيات العالم أن تهبها للإنسان. هذا مادفع القديس بولس أن يطالبنا بتقديم قلبنا (الحب) للمحتاجين قبل تقديم الأموال أو العطايا المادية. يقول الرسول: "وإن أطعمت كل أموالي وإن سلمت جسدي حتى إحترق وليس لي محبة فلا أنتفع شيئاً" (١كو ٣:١٣).
‌ب. يبدو أن مفيبوشث كان خائفاً أن يقتله الملك، لذا طمأنه داود قائلاً له: "لا تخف، فإني لأعملن معك معروفاً من أجل يوناثان أبيك" (٢صم ٧:٩).
‌ج. لم يأت ليدان بل ليفرح ويأمن ويخلص
‌د. مازرعه يوناثان من حب وإخلاص وأمانة في صداقته لداود يجنيه ابنه مفيبوشث بعد موت أبيه بسنوات.
‌ه. قدم داود حباً عملياً له: "أرد إليك كل حقول أبيك" (٢صم ٧:٩)، وطلب من صيبا (يبدو أنه رجل طماع وخبيث أراد فيما بعد عندما طُرد داود أن يغتصب هذه الممتلكات) أن يعمل هو وبنوه وعبيده في حقول شاول لحساب حفيده مفيبوشث.
‌و. أخيراً حسبه كأهل بيته: "وأنت تأكل خبزاً على مائدتي دائما" (٢صم ٧:٩) ... لم يحتمل مفيبوشث هذا الكرم الشديد والحب المتدفق والرقة غير المتوقعة حتى وهو أعرج" سجد وقال: من هو عبدك حتى تلتفت إلى كلب ميت مثلي؟!" ٢(صم ٨:٩).
سبق أن سجد داود ليوناثان بكونه ولي العرش (١صم ٤١:٢٠)، وها هو ابن يوناثان يسجد لداود كملك.
داود في سخائه يرمز للسيد المسيح ، الذي يدعونا إليه لنلتقي معه كأحباء؛ ينزع عنا الخوف، ويرد إلينا ما فُقد منا (الطبيعة الصالحة التي خلقنا عليها) كما وهبنا أن نجلس على مائدته السماوية نتناول جسده ودمه المبذولين سر خلاص وتمتع بالحياة الأبدية.
المقيم المسكين من التراب الرافع البائس من المزبله هذا نصيبنا فى ملكنا السماوى يريد أن نقيم معه أن نأكل على مائدته نفوسنا الصغيرة المشوهه المطروده الذليله (يكون للذلليل رجاء )نفوسنا التى قطعت الرجاء فى العلاقه مع داود وظنت أن داود عدواً لها ماذا تصع حين تدرك أنه يبحث عنا ويطلبها ليكرمها إنه يعمل من أجل بره وصلاحه ليس من أجلنا وإن كانت أثامنا تشهد علينا إعمل من أجل إسمك إختار المذدرى وغير الموجود إنه إله الضعفا معين من لا عون له رجاء من لا رجاء له
العجب أنت تسال عنى وأنا ظننت أنك نسيتنى أنت تطلب تقابلنى وأنا هارب من وجهك أنت تريد أن تكرمنى وأنا أظن أنك تريد أن تقتلنى كيف كان هذا اللقاء وكم به من عجائب وحب وكرامه
ياللكرامه التى يريد أن يعطيها الله لاولاده يدعونا تعالوا خذوا كلوا رثوا كونوا معى فى بيتى أجعلكم من عائلتى من خاصتى المقربين المحبوبين
الثالوث يدعوك أن يقيم عندك وأنت تتردد الملائكه ترفعك على أجنحتها وأنت تتنهد
أحيانا الإنسان لا يصدق العطيه من وفرتها ويستكثر على نفسه ولا يعلم أن هذا سخاء العاطى وليس إستحقاق –ونحن نتقدم للتناول نتعجب من تنازل وموهبه الله حتى نكاد نتراجع (نقول غير مستحق ولكنى محتاج)
القداس يتلخص فى كلمه إجعلنا مستحقين – أعطيتنا ما تشتهى الملائكه أن تتطلع عليه
الإله يعطى مأكلاً بالحقيقة –موهبه ليس لها مثيل
الكاهن فى القداس يخاطب الله (إمنحنى أن أفهم ما هو عظم الوقوف أمامك)
كان صيبا يطمع في اغتصاب أملاك مفيبوشث بن يوناثان غير مكتف بأن يقوم هو وبنوه وعبيده بإدارتها، وقد وجد الفرصة سانحة لإثارة داود ضد مفيبوشث حتى يصدر داود أمره بنقل الملكية إليه عوض مفيبوشث.
لقد أدرك صيبا أن داود رجل حكيم وقوي، وأن الضيقة التي يجتازها عابرة، وأن الانتصار حليفه في النهاية، لذا أسرع إلى اللقاء معه وسط الضيقة حينما كان داود على قمة جبل الزيتون حيث قدم له حمارين مشدودين عليهما مائتا رغيف خبز ومئة عنقود زبيب ومئة قرص تين وزق خمر. قال له أن الحمارين لبيت الملك كما أن الأكل والشرب لمن يصاب بإعياء في البرية ...
سأل داود عن مفيبوشث و في مكر أجاب صيبا: "هوذا هو مقيم في أورشليم، لأنه قال: اليوم يرد لي بيت اسرائيل مملكة أبي" (٢صم ٣:١٦). هكذا شوه صيبا صورة سيده أمام داود الذي قدم كل إحسان وحب وتكريم لمفيبوشث. كلمات صيبا غير مقبولة، لأنه لم يكن ممكنا لمفيبوشث الأعرج أن يستلم الحكم من أبشالوم بكل جماله وقوته وسلطانه الذي عرف كيف يغتصب الحكم من داود الملك. لكن داود كان مهتماً بأمور كثيرة وعاجلة، مدركاً أن مفيبوشث لن يمثل خطراً عليه أو على ابنه، وإنما في عجلة وبغير تدقيق اغتاظ وحسب مفيبوشث خائناً وناكراً للجميل، وأصدر قراره لصيبا: "هوذا لك كل ما لمفيبوشث" (٢صم ٤:١٦). سجد له صيبا وقال: "ليتني أجد نعمة في عينيك يا سيدي الملك" (٢صم ٤:١٦).
لقد سمح الله لداود أن يجتاز هذه التجربة القاسية، وهو شعوره بخيانة مفيبوشث ضده، الأمر الذي لم يكن يتوقعه قط، وكان ذلك لخيره وبنيانه من جوانب كثيرة، مهنا:
‌أ. كان لابد لداود أن يشرب من ذات الكأس التي ملأها بيده، فقد خان رجله الأمين أوريا الحثي ونام ضمره زماناً، لذا أراد الله أن يذوق داود مرارة الخيانة، وهاهو يذوقها بخيانة ابنه له، وأيضاً أخيتوفل، وهوذا مفيبوشث وغيرهم كثيرون. الذين أحسن إليهم يسيئون إليه أكثر مما أساء إليه الأعداء!
‌ب. استخدم الله هذه التجربة لخيره، فقد كان داود ومن معه في حاجة إلى هذه الهدية، التي قدمها صيبا له. الله يعولنا بكل الطرق، عال إيليا بغراب، وعال داود ورجاله خلال خبث صيبا وخداعه!
اكتشف داود فيما بعد خداع صيبا له، وتعلم ألا يصدر أحكامه بعجلة. لقد أدان مفيبوشث وغضب عليه وحرمه من ممتلكات جده ظلماً. شمعي وصيبا يلتقيان بداود
أرسل شمعي وصيبا لمقابلة داود، الأول سب عند هروبه من أورشليم (٢صم ١٦: ٥-١٣)، والثاني كذب عليه حينما ادعى أن مفيبوشث يطمع في الكرسي الملكي (٢صم ١٦: ١-٤). خرج الأول معه ألف رجل من بنيامين وجاء الثاني معه بنوه الخمسة عشر وعبيده العشرون. خاضوا الأردن ليلتقوا بالملك.
رأى أبيشاي أن الوقت مناسب للانتقام من شمعي، أما داود فحسب أن الوقت هو وقت فرح وتضميد جراحات واتساع قلب للجميع، وقت حب وسماحه وعفو!
ماأعجب شخصية داود، مع كل نجاح أو نصرة لا يطلب سلطة وإن نالها لا يسئ استغلالها، بل يحول السلطة إلى حب ورعاية: يري في الكرسي الملوكي مجالاً للجمع والمصالحة والاتحاد لا لإثارة تصديع وانشقاقات. بعفوه عن شمعي كسب كل سبط بنيامين بل واستراحت قلوب الأسباط الأخرى من أجل هذه الروح السمحة!
إن كان هذا بالنسبة للملك، فماذا نقول عن الأسقف أو الكاهن أو أي قائد روحي؟! الكهنوت أبوة ورعاية وليس سلطة ودكتاتورية! الكهنوت حب في المسيح وليس عجرفة وكرامة زمنية!
إن شرف الكهنوث عظيم، لكن إن أخطأ الكهنة فهلاكهم فظيع.
لايخلص الكاهن لأجل شرفه، إنما إن سلك بما يليق بشرفه.
القديس إرونيموس
٤ – مفيبوشث يلتقي بداود
نزل مفيبوشث من بيته في جبعة بنيامين إلى أورشليم ليلتقي بالملك داود، حيث لم يعتن برجليه ولا بلحيته منذ ترك داود الكرسي، فوجد باب الملك مفتوحاً أمامه! كان قلب داود مفتوحاً وأبواب قصره مفتوحة للجميع حتى بالنسبة لمقاوميه والمسيئين إليه. التقى بشمعي الذي سبه وصيبا الذي خدعه وها هو يلتقي بمفيبوشث الذي أوضح الأمر أمامه مؤكداً أن صيبا خدعه إذ أخذ أحد الحمارين وتركه وهو أعرج بلا مطية (٢صم ١٦: ١-٤). لقد عاتبه داود عن عدم خروجه معه، لكنه ترك له المجال للدفاع دون أخذ حكم مسبق، وحينما أدرك أن صيبا قد وشى بسيده صفح عن مفيبوشث وحكم بتقسيم الحقول – ربما قصد محاصيل الحقول – بين مفيبوشث وصيبا. لم يحكم ضد صيبا ولا طرده من خدمته لأنه صنع معه معروفاً وقت شدته.2صم 28:19
تأثر مفيبوشث من كلمات داود وحواره الملك فأعلن اهتمامه بمجئه لا برد نصف الممتلكات إليه. حسب رجوع الملك إلى أورشليم لا يقارن بأية مكاسب أخرى.
كان داود رمزاً للسيد المسيح الذي جاء إلى عالمنا خلال مزود بقر بلا أبواب ومتاريس، مفتوح للجميع لكي ندخل ونحاوره، وإذ نسمع صوته نحسب مجيئه إلى أورشليمنا الداخلية أفضل من كل بركة أو مكسب نناله! حلوله فينا أعظم من أن يقارن بأية بركة مهما كانت قيمتها! مسيحنا يسكن في قلوبنا بيشبع كل احتياجاتنا.
نحب الله ليس لعطاياه ولكن له نسجد له يكفينى حبك ويغنينى أنى إبنك أنت تشبع أعماقى وأنت كفايتى وشبعى إن أعطيت فهذا حق وإ، أخذت فهذا حق
ما أجمل النفس الشبعانه ما اجمل النفس التى تعرف ما تريد الذى لى فى السماء معك لا أريد شيئاً على الأرض –أنت نصيبى كفايتى وشبعى –كان نصيب اللاوى هو الرب ولا يرث أرضاً لأنهم موهوبون له موهبه
أريد خلاصك سلامك غفرانك
من يقتفى أثارك لن يضل قط ومن إمتلكك شبعت كل رغباته
معك لا نحتاج لشىء ننسى أنفسنا لأنك أنت الكنز أنت المعطى جميع الخيرات
كيف نطلب غيرك وكيف نطلب ما لأنفسنا وأنت أعطيتنا كل شىء

عدد الزيارات 6450

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل