مفهوم الصوم

Large image

فلتحلّ علينا نعمته وبركته الآن وكل أوان ياأبائى وإخوتى أمين
الكنيسة اليوم تقول لنا أنّ هذا الأحد إسمه أحد الرفاع – وناس كثير تفهم أنّ الرفاع هو أن يتلذذ الإنسان بالمأكل ويملأ بطنه ويُشبع نقائص شهواته
كلمة " رفاع " تأتى من إرتفاع الكنيسة تقول لنا أن نرفع أيدينا عن المأكل والمشرب تمهيد للصوم
الرفاع هو إستعداد نفسى ، وقلبى وروحى حياة حسب الروح وليس حسب الجسد
أحد القديسين يقول " الذى لا يستطيع أن يكون روحانى فى جسدياته سوف يكون جسدانى فى روحياته "
وهذا يعنى أنّه حتى وإن صام يكون إهتمامه بالأكل والشرب مجرد تغيير نوعيات والغضب كما هو والشهوة كما هى والأنانية كما هى والتنويع فى الأكل موجود
الرفاع هو أن نبدأ نرتفع عن إنغماسنا فى حبنا للأكل والشرب الكنيسة تقرأ لنا اليوم متى 6 وهو جزء من الموعظة على الجبل والموعظة فى إصحاح 5 ، 6 ، 07
ففيها أساسيات الحياة المسيحية0أنا شخصياً وجدت أكثر من شخص غير مسيحى جاء للمسيح عن طريق الموعظة على الجبل ويقول الشخص أنا وجدت فيهم أمور فائقة لمعرفتى وفيهم تعاليم سامية جداً جداً يا ليتنا نبدأ الصوم من متى 5 ، 6 ، 7 0
فهو يُكلّمنا عن كيفية الصوم وكيفية إقتران الصوم بالصدقة وبالصلاة فلابد أنّ الصوم يكون مصحوب بالصدقة وبالصلاة
ونجد فى الصوم الذين لا يعملون حلويات يعملوها فى الصوم وكأنها عمليات تعويضية نحن لا نريد أن نكون مُستعبدين لشهوات الجسد " إنّ الجوع خير مُعين لتهذيب حواس الإنسان " ، الذى يجوع يكون إنسان مُنضبط
اتذكّر أننى كنت مع واحد فى زيارة لطبيب وهذا الشخص جسمه بدين والطبيب عندما رأه وبخّه جداً وقال له أكيد إن جسمك تعبان لأنك بتأكل كثيراً فأراه الطبيب الوجبة التى يتناولها وهى عبارة عن برتقالة وأشياء بسيطة جداً وقال له هذا هو الشفاء0الإنسان لابد أن يكون عنده ترشيد لإستهلاكه للأطعمة ونضبُط غرائزنا0
يُسمع عن القديسين أنهم كانوا يأكلون بقول ولا يأكلون أكلات شهية فيجب إن قُدّم لك طعاماً شهياً إفسده قليلاً فإن كان ساخن تناوله بعد أن يبرد وإن كان يحتاج إلى ملح تناوله كما هو
وكلنّا نعرف عن الأنبا أبرآم أنّه كان يقول : " أنا لا يصح أن أطاوع شهوتى فكان يترك الطعام ويقول أفسده قليلاً وتركه يبرد ومرّ يوم وإثنين وثلاثة حتى أنّ رائحته إبتدأت تنتشر وقال المفروض أنا لا أشتهى هذه الحماقات "
لقد زُرنا الصعيد ورأينا جسد أسقف وجسده لم يتحلّل يقولوا عن هذا الأسقف أنّه تنيّح فى ليلة عيد الميلاد وعندما تنيّح وجدوا فى قلايته عودين جرجير وخبزتين وفلافلتين وسيفطر بهم ليلة العيد
لذلك يا أحبائى ضبط النفس فى الأكل مفتاح لأمور كثيرة0ففى البطن الممتلئة بالأطعمة لا يوجد مكان لمعرفة أسرار الله0
ويقولوا القديسين " كل جهاد ضد الخطية يبدأ بالصوم أولاً "
ولذلك الكنيسة مُحبة للصوم وعاشقة للصوم0لأنها عرفت انّ الصوم مُفتاح للفضائل وعلامة إرتقاءهم عن الأكل والشرب
ويقول أحد القديسين " إذا إبتدأت بجهادك فى الصوم الروحى أظهرت بُغضتك للخطية وصرت قريباً من النُصرة "
لذلك يا أحبائى مجرد أنّ الإنسان يبدأ بالصوم فإنّه يزداد إشتياق لله فكلّما يقل إهتمام الإنسان بالجسد كل ما يزداد إهتمامه بالروح
الصوم دعوة من المسيح بيقول لك : إدخُل وإبدأ عهد جديد0عش طهارة كاملة إُضبط نفسك إرتفع إسمو إنظر ماذا سيفعل معك الروح القداس الذى كنت لا تسترح له تبدأ تشتاق له وتقول أنا غداً سأتناول فعندما تعيش حسب الروح وليس حسب الجسد فالروح يبدأ ينشط00ويبدأ سلطان الروح ينشط فى داخلى0فأنا أساساً ربنا مهيأنى أن أكون إنسان روحانى0
أحد القديسين يقول " إذا قسونا قليلاً على بطوننا تلّذذت قلوبنا وإنغلقت أفواهنا " ، لذلك لابد أنّ الإنسان يختار تعب الصوم ويشعر أنّه لذيذ00فلا تصوم وأنت كاره
بصدقه وصلاة لأنّ الفكر الروحى للصوم يتلّخص فى كلمة واحدة ، وهى حياة بدل من أنّ طعامها أكل وشرب يكون طعامها سماوى وهو الصدقة وأعمال الرحمة وغذاء الصلوات فأصبح طعامها سماوى
فلكى تفرح بالصوم إن كنت تُصلّى صلّى أكثر وتكون الصدقة أكثر ونعيش فى سلطان آخر غير سلطان الجسد
ونعيش كما يقول بولس الرسول إلى غلاطية :
" إسلُكوا بالروح ولا تُكملّوا شهوة الجسد "
الصوم هو لون من ألوان السلوك بالروح وندخل فيه فى مواجهة مع أنفسنا ومع شهواتنا ومع غرائزنا ولا نستطيع أن ندخل فى هذه المعركة إلاّ عن طريق التخلّص من شهوات الجسد وأبسط دليل للتخلّص من شهوات الجسد هو أنّ الجسد يريد أن يرتفع عن سُلطان الأطعمة0والشيطان كأنّه أخذ من معدتنا مقر له كأنهّا معركة
أحد القديسين يقول " إنّ البطن سيده الأوجاع " فإن نظرنا لإنسان صّوام نجده هادىء وعفيف أمّا لو إنسان أكول وشره نجده مُستعبد للشهوات الإنسان الذى لا يستطيع أن يقول لنفسه لا فى أكلُة لا يستطيع أن يقول لنفسه لا فى شهوة
نحن نريد أن نرتفع عن الخضوع للجسد وشهوات الجسد للروح
لذلك الجسد عندما خاضع يساعد على تقويّة الإرادة وتقويّة الفضائل فى الإنسان
أحد القديسين يقول " أنّ الإنسان لا يشبع حتى وإن أكل كل خيرات مصر "
القديس يوحنا الدرجى يقول " إنّ الشبع مصدره عمل روحانى الإكتفاء بالله أساسه فعل روحانى "
لذلك يا أحبائى الصوم مع الجسد هو بداية دخول فى عِشرة جديدة مع ربنا
الصوم الحقيقى يا أحبائى هو ليس صوم الأطعمة ولكن هو صوم الشر ، كما نقول فى القداس " ونحن أيضاً فلنصُم عن كل شر بطهارة وبر " ، فهذا هو الإنسان الذى تحبّه الكنيسة وهو بيدخل فى عِشرة جديدة مع ربنا
لذلك حسب الطاقة لابد أنّ الصوم يكون فيه فترة إنقطاع ويكون فيه إبتهالات وفيه مسكنه فيه أعمال محبة
مجرد فقط أنّ الإنسان يصوم يبدأ العقل فى التشّوق للعِشرة مع ربنا ويبدأ يدخل فى الطريق الضيّق للملكوت
أحد القديسين يقول " عّود نفسك أن تأكل ما تحتاجه وليس ما تشتهيه "
فالأطباء يحدّدون عدد السُعرات التى يحتاجها الإنسان فتجدها مثلاً 1200سُعره فى اليوم وهى نصف خبزة وواحدة زبادى وبرتقالة فقط وليس أكثر من ذلك0فهى حسبة طبية ولكن كيف يقتنع الإنسان بذلك ووجد الأطباء أنّ الذى يأكلّه الإنسان بين الوجبات هو ضعف الذى يحتاجه
نحن نُريد أن ننتقل من سلطان الجسد لسلطان الروح نحن لا نريد فقط أن نُعطى للجسد حاجته ولكن الصوم لابد أن يكون فيه إماته0وفيه فِعل حرمان لابد أن يكون فيه ذبح فيه إرادة للحرمان لأنّه إن صُمت ولا يكون عندك إرادة للحرمان ستتعب
صُم وأنت مُقتنع أنك مُحتاج كثيراً للصوم
فكما يُقال لك : أنّ هذا المركب سيوصلّك من هذا المكان لهذا المكان لابد أن يكون لك دافع كافى وعندما يكون فىّ دافع كافى يعرف الإنسان كيف يضبط نفسه
فإن أراد واحد أن يدخل كلية الشرطة فمن الشروط للدخول فيها هو وزن مُعيّن وهو أن يُناسب الوزن لطوله وكان الإختبار مُتبقّى عليه عشرة أيام ولابد أن يخس فيهم 8 كيلو فقالوا له أنّه لابد أن يُمارس رياضات كثيرة جداً مع قلّة الأكل وعندما أتى الوقت المُحّدد وجدوه مُقارب للوزن المُناسب فهو عنده دافع قوى
كم يكون دافع خلاص نفوسنا فبدلاً من أننى حاسس بالضعف وحاسس بالهزيمة ربح الملكوت أهم من أى أكلة الحياة حسب الجسد مذلّة الكنيسة بتدعونا للحياة حسب الروح أكيد فى ألم ولكن الصليب هو دواء الشهوة بكل معانيه
فما رأيك فى الإنسان الذى يُحمل نفسه صليب الجوع فلا تصوم بدون ألم وبدون تعب وتنام فإن الصوم سيكون ثقيل ومتُعب
لذلك نريد أن نقول أننا سنصوم مع ربنا يسوع لأنّه هو قائدنا فى هذا الصوم ولذلك كل ما الإنسان يهتم بأعمال الروح كل ما الإنسان يُخضع هذا الجسد المتمرّد المتسلّط ويبدأ يقتنع أن يصوم وأن يُصلّى ومعروف جداً أنّ الإنسان عندما يطيع الله ويكون فى صوم مقبول عند ربنا أكيد سيدخل فى حياته فعل جديد0وسيكتسب فضائل جديدة
ربنا يعطينا أصوام لكى نقترب منّه أكثر ولكى ننمو وكل شىء محسوب لنا وربنا يقول لنا كم مرّة قُلت لك إبدأ وكم مرّة قدّمت لك أدوية كثيرة ورفضتها
نرفع قلوبنا ونقول له أعطينا صوم روحانى إنقلنا من سلطان الجسد إلى سلطان الروح
ربنا يعلّمنا كيف نضع السكين على نفوسنا وعلى شهواتنا أبونا إبراهيم عندما وضع السكين على إبنه أعطاه الله خروف عِوضاً عنّه
فالذى لا يُقدّم ذاته عِوضاً عن المسيح لا يفرح بالمسيح الذى قدّم ذاته عِوضاً عنّا وبهذا نُبادل حُب بحُب وعِشق بعِشق ربنا يُعطينا صوم مقبول
ربنا يسند كل ضعف فينا ولإلهنا المجد دائماً أبدياً أمين

عدد الزيارات 1319

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل