معوقات التغيير

Large image

نقرا جُزء مِنَ رِسالة مُعلّمِنا بولس الرسول إلى أهل رومية إِصحاح 12 عدد 1 : 5 بركاته على جميعنا آمين :[ فأطلُب إِليكُم أيّهُا الإِخوة بِرأفِة الله أن تُقدّموا أجسادكُم ذبيحةً حيّة مُقدّسة مرضيّة عِند الله ، عِبادتكُم العقليّة 0 ولا تُشاكِلوا هذا الدهر ، بل تغيّروا عن شكلكُم بتجديد أذهانكُم ، لِتختبِروا ما هى إِرادة الله : الصّالِحة المرضيّة الكامِلة 0 فإِنّىِ أقول بالنعمِة المُعطاة لِى ، لِكُلّ مَنْ هُوَ بينكُمْ : أنْ لاَ يرتئىِ فوق مَا ينبغىِ أن يرتئىِ ، بل يرتئىِ إِلَى التّعقّل ، كما قسم الله لِكُلّ واحِدٍ مِقداراً مِنَ الإِيمان 0فإِنّهُ كما فِى جسدٍ واحِدٍ لنا أعضاء كثيرة ، ولكِن ليس جميع الأعضاء لها عمل واحِد ، هكذا نحنُ الكثيرين : جسد واحِد فِى المسيح ، وأعضاء بعضاً لِبعضٍ ، كُلّ واحِدٍ للآخرِ ] 0 ( رو 12 : 1 – 5 ) فلتحِلّ علينا نعمِته وبركِته مِنَ الآن وكُلّ أوان وإِلَى الأبد آمين فِى دعوة مِنَ الله بالروح القُدس أنّنا نتغيّر ، فالحياة التّى للإِنسان كُلّها قائِمة على التغيير ، مثلاً فِى الدراسة ننتقل مِنَ إِبتدائىِ إِلَى إِعدادىِ إِلَى ثانوى إِلَى جامعة ، الجسد يتغيّر النمو يتغيّر وخلايا الجسم تتغيّر ، كذلِك دم الجسم يتغيّر فلهُ دورة مُعيّنة فِى الجسم فالدم يتجدّد خِلال 5 أو 6 شهور 000وهكذا ينمو الجسم فتنمو الملامح وتتغيّر ، فإِذا كان هُناك تغيير على مُستوى الجسد فيليق أن يكون هُناك تغيير على مُستوى الروح والنِفَس ، فإِن كان الجسد يتغيّر فالنِفَس لابُد أيضاً أن تتغيّر ، فإِذا تخيّلنا عِند التغيير على مُستوى كُلّ الأمور إِلاّ مُستوى الروح والنِفَس فأكون ناضِجاً وأنتقِل مِنَ سنة لأُخرى وأتغيّر مِنَ طِفل إِلَى شاب إِلَى شيخ فكُلّ هذا يحدُث لهُ تغيير إِلاّ على مُستوى الروح والنِفَس ، فعِند التغيير على مُستوى الجسد لابُد مِنَ التغيير على مُستوى الروح ، لو أحببت أن أتغيّر فما هى مُعّوقات التغيير ؟ وما هى الأمور التّى تجعلنىِ واقِف بِلا تقدّم ؟
1- عدم مُحاسبة النِفَس 0
2- التساهُل والأعذار والتأجيل 0
3- الخطايا المحبوبة 0
4- قساوة القلب 0
ذات يوم جاء شاب للجلوس مع راهِب فِى الدير لكنّهُ ليس أب إِعترافه ، وأثناء حديث الشاب مع الراهِب كان صامِتاً فتعجّب الشاب مِنَ صمت الراهِب وقال لهُ لِماذا لا تُجيبنىِ ؟ فأجابهُ الراهِب مُنذُ فِترة طويلة وأنا لمْ أراك ، فردّ الشاب مُنذُ سنتين تقريباً ، فأجابهُ وقال مُنذُ سنتين وأنت كسابِقك فيجِب علينا التغيير ، فيُقال [ إِلَى أن نصِل إِلَى مِلء قامة المسيح لِكى تمتلِئوا إِلَى مِلء الله ] 0
1- عدم مُحاسبة النِفَس
التاجِر الّذى لا يجرِد متجرهُ بإِنتظِام والّذى لا يُراجِع نِفَسه وحِساباته فهو قريب مِنَ الخِسارة وبالعكس للتاجِر الناجِح الّذى يجرِد بإِنتظام ليرى مدى مكسبه أجلِس مع نِفَسىِ فأحصُرها وأُحاصِرها وأراجِع نِفَسىِ وأُقيّمِها ، ومُحاسِبة الحواس كالعين والقلب والأفكار والسلوك ، أمور كثيرة تحتاج إِلَى وقفة حازِمة فكُلّ هذا يتكشّف بِمُحاسبة النِفَس فيقول فِى مراثىِ أرميا [ يجلِس وحدهُ ويصمُت ] ، وتتساءل إِلَى متى تظل مربوط بالخطايا وإِلَى متى تكون فِى صِراعات مع نِفَسك ، فالّذى يعرِف ضعفه قريب مِنَ البرء ، فجِلوسك مع نِفَسك فِى ضوء عمل نعمة الله يُمكّنك مِنَ تشخيص مرضك وتقييم أمورك ، فعندئِذٍ تعرِف الخطأ والصواب ماهى السلبيات التّى تحتاج الحد منها ؟ والإِيجابيات التّى تحتاج أن تُنمّيها ؟ فسِرّ رِجوع الإِبن الضال كلِمة [ ورجِع إِلَى نِفَسه وقال كم مِنَ أجير عِند أبىِ يفضل عنهُ الخُبز وأنا هُنا أهلك جوعاً ] ، وأنا مِثله عِندما أعيش الخطيّة لكِن الله منحنىِ نِعمة العقل والتسبيح والشُكر ، فأنا لىِ أن أصير مِثل الملائكة ، لىِ أن أُسبّح وأُمجّد الله ، ولىِ أن أُكرِم الله فِى جسدىِ وأعضائىِ ، فهذهِ هى رسالتىِ وهذا هو عملىِ لِمعرِفة فائدة الجلوس مع النِفَس فإِنّك تعرِفها مِنَ حروبها ومِنَ أكثر الأمور التّى تُحارب بها هى الصلاة بل وأكثر جِلوسك مع نِفَسك ، يقول أحد الآباء القديسين[ أنّهُ سهل عليك أن تشقىِ وتعرق بالجسد مِنَ أن تجلِس مع نِفَسك ] ، فبِمقدار تأجيلك لِجلوسك مع نِفَسك يكون تغييرك بطيئاً أو يكاد يكون غير موجود ، يقول القديس مارِإِسحق [ اليوم الّذى لا تجلِس فيهِ مع نِفَسك ولو إِلَى ساعة لا تحسِبهُ مِنَ عِداد أيام عُمرك ] 0
2- التساهُل والتأجيل والأعذار
مرض مِنَ أخطر الأمراض التّى تكثُر فِى هذا الجيل ، فبوجود المُلحدين فِى صِراع شديد بين الخير والشر أنكروا الخير وعاشوا للشر ، فكانت أفكارهُم أنّ للإِنسان أن يُرضىِ دوافِعه لأنّ الله الّذى أعطاها للإِنسان ، ولكِن إِن كان الله قد خلق فينا الجِديّة فقد خلقها مِنَ أجل خلاص أنفُسنا أبانا إِبراهيم إِدّعى عن سارة أنّهال أُخته وعِندما علموا حقيقتها سألوه لِماذا ؟ فأجابهُم : إِنّىِ علمت إِنّىِ فِى مكان ليس فيهِ خوف الله ، فإِنّهُ كذب ووجد عُذراً لِكذبه فِى قصة صاحب الوزنة الواحدة لمْ يُتاجِر بِها ووجد لِنِفَسه عُذراً أنّ الرجُل صاحِب الوزنات قاسىِ وإِذا تأمّلنا فِى قصة القديسة مارينا الراهبة نجِدها أخفت حقيقتها كإِمرأة مُتخِذة زى الرِجال وعِند إِتهامهُم لها صمتت ولمْ تُدافِع عَنَ نِفَسها وقالت : إِنّىِ شاب وقد أخطأت ، وطُرِدت مِنَ الدير ثلاث سنوات مُعتنِيّة بالطفل حتى عادت ولكِن مع تنفيذ أحقر الأعمال وإِكتشفوا حقيقتها يوم نياحتها فخطأ كبير أن أمنح لِنِفَسىِ الأعذار ، ألِمْ يكُن يوسِف الصدّيق بأصعب الظروف ، وبالمِثل مارِجرجس ودانيال ، ألِمْ يكُنْ كُلّ هؤلاء بأصعب الظروف ، والكنيسة بِكُلّ نماذِجها أيضاً فهل كُلّ هؤلاء ضيوف شرف ؟فكثيراً ما نجِد نماذِج تُوبّخ الإِنسان مِثل متى العشّار الجالِس على مكان الجِباية فيمُر يسوع ويقول لهُ إِتبعنىِ فللوقت ترك كُلّ شىء وتبِعهُ ، وكذلِك بُطرُس ويعقوب حينما تركا شِباكهُما وتبِعاه يُقال على الخِصى الحبشىِ أنّهُ كان يقرأ الإِنجيل بِعدم فهم قائِلاً[ مِثل شاه تُساق للذبح وكنعجة صامِتة أمام جازيها ] ،فمرّ فيلُبّس الرسول وسألهُ [ عمنّ يتكلّم عَنَ نِفَسه أم عَنَ آخر ؟ ] ، وشرح لهُ أمور الكِتاب المُقدّس مِن التجسُدّ وحتى الصليب ، فبِبساطة أجابهُ [ هُوذا ماء ماذا يمنع أن أعتمِد الآن ؟ ] 0
3- الخطايا المحبوبة
هى التّى تربُط الإِنسان وتجعله يظُن أنّهُ حُر فهى تزّل الإِنسان وسببها داخِل القلب وليست فِى الظروف المحُيطة فهى تُعطّل النمو وتُشبه الحجر الّذى يُعطِلّ نمو النبات ، فلابُد مِنَ الصلاة مِنَ أجلها ، فهذا أكبر دليل يُثبِت الكُره للخطيّة ، فمِنَ أين لىِ أن أعرِف الشىء إِلاّ عِند طلبه ؟ ومِن أين لىِ أن أعرِف ضرورته إِلاّ عِند طلبه كثيراً ؟ فكثيراً ما تكون الخطايا المحبوبة مُعطِلة للنمو ، [ هُناك خطيّة رابِضة عِند الباب وإِليك إِشتياقها ] القديس أوغسطينوس كانت الخطايا محبوبة لديه أكثر مِنَ الله لكِن بدموع أُمّه وصوت الله بدأ يتحرك قلبه وكلّم الله قائِلاً [ إِنّىِ أجد فِى الخطيّة لذّة عَنَ أن أحيا معك ] ، فهذهِ مرحلة مِنَ مراحِل توبتنا 0
4- قساوة القلب
القساوة هى جدار عازِل يعوق التأثُر ودخول أى كلِمة للقلب ، فإِجعل قلبك مُتحرِك يحس بالكلِمة ومُستمِر فِى تقديم التوبة مِنَ أقوال البابا شنوده فِى قصيدة سوف أنسى [ إِنّ قلبىِ صار فِى صدرىِ مِثل صخر بل وكان أقصى ] ، [ إِن سمعتُم صوتهُ فلا تُقسّوا قلوبكُم ] فِى قصة القديسة بائيسة نجِد أنّها كانت مُطيعة لِصوت الله ولكِن بعد موت والديها أقنعها الآخرين أن تُحِولّ بيتها إِلَى بيت شر فلمْ يحتمِل القديس يحنِس القصير وذهب إِليها فظنّتهُ أنّهُ جاء لِيفعل الشر معها فجلس وقال لها[ لِماذا أهنتِ المسيح الّذى أحبِك ] وبكى وبكت بِجواره وتابت وقدّمت توبة عميقة وأخذ الله نِفَسها فِى ذات الليلة فنحنُ أيقونات الله الحيّة لِنسمع ونعمل ، فالكنيسة أنجبِت الكثير مِنَ القديسين ولازالت تُنجِب ، فلا تجعل قلبك قاسياً وأستجيب لِكُلّ ما تسمع ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فينا بِنعمِته ولإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين.

عدد الزيارات 1948

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل