كونوا بسطاء كالحيات بسطاء كالحمام

Large image

نِقرَا مِنْ سِفر مُلُوك أوَّل إِصحَاح 3 : 5 – 15 { فِي جِبْعُونَ تَرَاءَى الرَّبُّ لِسُلَيْمَانَ فِي حُلْمٍ لَيْلاً . وَقَالَ اللهُ اسْألْ مَاذَا أُعْطِيكَ . فَقَالَ سُلَيْمَانُ إِنَّكَ قَدْ فَعَلْتَ مَعَْ عَبْدِكَ دَاوُدَ أبِي رَحْمَةً عَظِيمَةً حَسْبَمَا سَارَ أمَامَكَ بِأمَانَةٍ وَبَرٍّ وَاسْتَقَامَةِ قَلْبٍ مَعَْكَ فَحَفِظْتَ لَهُ هذِهِ الرَّحْمَةَ الْعَظِيمَةَ وَأعْطَيْتَهُ ابْناً يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّهِ كَهذَا الْيَوْمِ . وَالآنَ أيُّهَا الرَّبُّ إِلهِي أنْتَ مَلَّكْتَ عَبْدَكَ مَكَانَ دَاوُدَ أبِي وَأنَا فَتًى صَغِيرٌ لاَ أعْلَمُ الْخُرُوجَ وَالدُّخُولَ . وَعَبْدُكَ فِي وَسْطِ شَعْبِكَ الَّذِي اخْتَرْتَهُ شَعْبٌ كَثِيرٌ لاَ يُحْصَى وَلاَ يُعَدُّ مِنَ الكَثْرَةِ . فَأَعْطِ عَبْدَكَ قَلْباً فَهِيماً لأِحْكُمَ عَلَى شَعْبِكَ وَأُمَيِّزَ بَيْنَ الْخِيرِ وَالشَّرِّ لأِنَّهُ مَنْ يَقْدُِرُ أنْ يَحْكُمَ عَلَى شَعْبِكَ العَظِيمِ هذَا . فَحَسُنَ الكَلاَمُ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ لأِنَّ سُلَيْمَانَ سَأَلَ هذَا الأمْرَ . فَقَالَ لَهُ اللهُ مِنْ أجْلِ أنَّكَ قَدْ سَألْتَ هذَا الأمْرَ وَلَمْ تَسْأَلْ لِنَفْسِكَ أيَّاماً كَثِيرَةً وَلاَ سَأَلْتَ لِنَفْسِكَ غِنًى وَلاَ سَأَلْتَ أنْفُسَ أعْدَائكَ بَلْ سَأَلْتَ لِنَفْسِكَ تَمْيِيزاً لِتَفْهَمَ الحُكْمَ . هُوَذَا قَدْ فَعَلْتُ حَسَبَ كَلاَمِكَ . هُوَذَا أعْطِيْتُكَ قَلْباً حَكِيماً وَمُمَيِّزاً حَتَّى إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِثْلُكَ قَبْلَكَ وَلاَ يَقُومُ بَعْدَكَ نَظِيرُكَ . وَقَدْ أَعْطَيْتُكَ أيْضاً مَا لَمْ تَسْأَلْهُ غِنًى وَكَرَامَةً حَتَّى إِنَّهُ لاَ يَكُونُ رَجُلٌ مِثْلَكَ فِي المُلُوكِ كُلَّ أيَّامِكَ . فَإِنْ سَلَكْتَ فِي طَرِيقِي وَحَفِظْتَ فَرَائِضِي وَوَصَاياي كَمَا سَلَكَ دَاوُدُ أبُوكَ فَإِنِي أُطِيلُ أيَّامَكَ . فَاسْتَيْقَظَ سُلَيْمَانُ وَإِذَا هُوَ حُلْمٌ . وَجَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَوَقَفَ أمَامَ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ وَقَرَّبَ ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ وَعَمِلَ وَلِيمَةً لِكُلِّ عَبِيدِه }" مجداً لِلثَّالُوث الأقدس " نَحْتَاج يَا أحِبَّائِي فِي حَيَاتنَا إِلَى حِكمة الحَيَّات وَبَسَاطِة الحَمَام .. قَدْ نَجِد فِي التعبِيرِين تَنَاقُض وَلكِنَّهُ التَنَاقُض الَّذِي تَمْنَحَهُ النِّعمة لِلحَيَاة المَسِيحِيَّة هذِهِ الحَيَاة الَّتِي تُعْطِي لِلإِنْسَان تَمَيُّز وَسُلُوك بِمَقَايِيس مُخْتَلِفة فَهيَ حَيَاة تَجْمَع المُتَنَاقِضَات كَمَا يُطْلِق عَلَيهَا الآباء القِدِيسُون " البَارَادُوكس " وَلِنَفْهمْ مَعنَى هذَا المُصطلح نَأخُذ الصَلِيب كَمِثَال .. فَالسَيِّد المَسِيح عَلَى خَشَبِة الصَلِيب المُقَدَّسة عُريَان .. مُتَألِّم .. ضَعِيف .. مُهَان .. مُحتقر .. وَفِي نَفْس الوقت قَوِي جِدّاً .. جَبَّار جِدّاً مُتَسَلِّط جِدّاً .. قَادِر جِدّاً .. غَافِر لِلخَطَايَا .. يَقبل التُوبة .. هذِهِ هِيَ الحَيَاة المَسِيحِيَّة نَرَى نَفْس المعنَى أيضاً فِي تَعَالِيم القِدِيس بُولِس حِينَ يَقُول { كَفُقَرَاءَ وَنَحْنُ نُغْنِي كَثِيرِينَ . كَأنَّ لاَ شَيْءَ لَنَا وَنَحْنُ نَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ } ( 2كو 6 : 10) .. فَالحَيَاة المَسِيحِيَّة تَجْمَع الضَعْف وَالقُوَّة .. البَسَاطة وَالحِكمة .. تَجْمع الجَسَدِي وَالرُّوحِي .. الفقر وَالغِنَى .. هذَا مِنْ عَمَل النِّعمة الَّتِي تَجْعل الإِنْسَان يَجْمع المُتَنَاقِضَات ..لِنُنَاقِش يَا أحِبَّائِي البَسَاطة وَالحِكمة كَمَا أوصَانَا رَبِّنَا يَسُوع المَسِيح لَهُ المجد مِنْ خِلاَل النِقَاط التَالِية :-

(1) بَيْنَ الحَمَامة وَالحَيَّة :-
مَنْ هِيَ الحَيَّة :-
الحَيَّة كَائِنْ حَي مَاكِر .. مُخَادِع .. لاَ تترُك لأِحد فُرْصَة أنْ يَخْدعهَا .. لاَ تُعْطِي الفُرْصَة لأِحد أنْ يَصْطَادهَا فِي فَخ .. مِنْ أعجب مَا تَفْعله الحَيَّة عِنْدَمَا تَشْعُر أنَّهَا بَدَإِت تَشِيخ إِنَّهَا تدخُل فِي مَكَان ضَيّق جِدّاً أقل مِنْ نِصف حَجمَهَا وَبِذلِك تِنْسِلِخ مِنْ جِلدَهَا القَدِيم وَيَنْمُو لَهَا جِلد جِدِيد وَبِالتَالِي تَتَجَدَّد فَتبدُو أصغر سِنّاً .. وَلِذلِك أخَذَ أبَاؤُنَا القِدِيسُون هذِهِ الظَّاهِرة وَتَأمَّلُوا فِيهَا وَطَالَبُونَا أنْ نَجْتَهِد فِي الدُّخُول مِنْ البَاب الضّيق الَّذِي يُسَاعِد عَلَى تجدِيد الحِيَاة لأِنَّنَا مِنْ خِلاَل البَاب الضَيّق نَخلع الإِنْسَان العَتِيق وَأعمَاله وَنَلْبِس الإِنْسَان الجَدِيد أيَضاً مِنْ ضِمْن حِكمِة الحَيَّة إِنَّهَا تَعلم أنَّ سِر حَيَاتهَا فِي رأسَهَا فَلِذلِك تُحَافِظ عَلَى رَأسَهَا مِنْ أي أعداء .. بَالنِسبة لَنَا الرَّأس هُوَ السَيِّد المَسِيح لَهُ المجد لِذلِك فَنَحْنُ نَحْتَفِظ بِهِ دَاخِلنَا مَهْمَا كَانَ الخَطر المُحِيط بِنَا .. أيضاً لَنَا فِكر السَيِّد المَسِيح فَعَلَينَا أنْ نَأخُذ مِنْ الحَيَّة حِكمِتهَا وَنَترُك مَا تَبَقَّى مِنْ صِفَاتهَا وَألاَّ نَنْسَى أنَّ بِدَايِة السُقُوط كَانَ الحَيَّة .
مَنْ هِيَ الحَمَامة :-
كَائِن حَي بِهِ بَسَاطة عَجِيبة لاَ يُدَبِّر شَرّاً وَلاَ مَكَائِد حَتَّى لَوْ إِختلف خِلاَفَاته وِدِيَّة سِلمِيَّة يُحِب أنْ يَعِيش فِي جَمَاعَات مُتَألِفة .. حِينَ نَرَاه يَأكُل نَجِده يَأكُل بِعِفَّة أي يَأخُذ إِحْتِيَاجه فَقط مَهْمَا كَانَ المعرُوض عَلِيه وَفِير جِدّاً .. لِذلِك فَالحَمَام يَعِيش فِي سَلاَم وَبَهجة .. وَنَذكُر هُنَا أنَّ نُوح البَّار حِينَ أرسل الغُرَاب لِيطمَئِن عَلَى سَلاَمِة الأرْض بَعْد الطُوفان لَمْ يَعُد الغُرَاب لأِنَّهُ وَجَدَ فِي الجُثث طَعَامه أمَّا حِينَ أرْسل الحَمَامة فَقد عَادت حَامِلة غُصْن الزَيتُون .
(2) مَا هِيَ البَسَاطة وَمَا هِيَ الحِكمة ؟
( البَسَاطة )
يَجِب عَلَينَا فِي البِدَاية أنْ نُمَيِّز بَيْنَ الحِكمة وَالخُبْث وَالمَكر .. الإِنْسَان الَّذِي يُرِيد أنْ يَعِيش البَسَاطة عَلْيهِ أنْ لاَ يَحْقِد عَلَى أحد .. لاَ يَمكُر .. لاَ يَغْدُر .. لاَ يُحَاوِل أنْ يُقَلِّل مِنْ قِيمة أحد لاَ يُحَاوِل أنْ يَأخُذ تَعْب أحد .. لاَ يُدَبِّر مَكِيدة لأِحد .. لاَ يَلْعن أحد .. إِنْسَان بَسِيط أي إِنْسَان مُحِب لأِعدَائه .. بِقلب نَقِي يَطْلُب عَنْ الجَمِيع .. قَلْب لاَ يَعْرِف حُدُود لِلمَحَبَّة .. مُبَارِك .. بَاذِل .. لاَ يَطْلُب مَا لِنَفْسه مُتَخِذاً مِنْ شَخْصِية رَبَّ المجد يَسُوع مَثَلاً وَقُدوة فِي بَسَاطِة القَلْب .. بَسَاطِة المظهر بَسَاطته فِيمَا يَأكُل .. بَسَاطته فِي تَعَامُلاَته .. طُول أنَاته .. كَثْرِة رَحمِته حَتَّى مَعَ المُسِيئِين إِليه .. عَدْم إِدانته لأِي أحد .. نَحْتَاج يَا أحِبَّائِي أنْ نَقْتَنِي فَضِيلة البَسَاطة وَخَاصَّةً إِنَّنَا فِي عَصْر لَيْسَ بَسِيطاً بِالمَرَّة فِي كُلَّ شِئ سَوَاء المَأكل .. المَظَاهِر .. الإِمكَانِيَات حِينَ تَسْكُنْ فَضِيلة البَسَاطة القلب تُعْطِي إِنْعِكَاسَات عَدِيدة فِي الحَيَاة مِثْلَ بَسَاطِة المَظهربَسَاطِة أدَاء كُلَّ الأُمور مَهمَا كَانِت صعبة لِذلِك الشخص البَسِيط إِنْسَان جَذَّاب .. نَقِي .. محبُوب .. مُرِيح مِلح لِلأرْض .. بَسِيط فِي فِكره .. يُعْلِن عَنْ مَشَاعِره بِبَسَاطة .. يُعْلِن مَحَبِّته .. صُورة جَمِيلة لِخَالِقه وَهذَا أمر هَام جِدّاً .. أيضاً يَبْدأ الإِنْسَان البَسِيط فِي تَذَوُّق حَيَاة الدَّهر الآتِي .. يَحِس أنَّ حَيَاته فِيهَا لَمْحة سَمَاوِيَّة يَحيَاهَا فِي طَاعِة الله أمَّا الشخص المَاكِر أوْ الأنَانِي أوْ المُتَكَبِّر يَجْعل كُلَّ مَنْ حوله يَنْفُرُونَ مِنْهُ .. لِذلِك يَقُول مُعَلِّمنَا بُولِس الرَّسُول لأِهل كُورنْثُوس { وَلكِنَّنِي أخَافُ أنَّهُ كَمَا خَدَعَتِ الحَيَّةُ حَوَّاءَ بِمَكْرِهَا هكَذَا تُفْسَدُ أذْهَانُكُمْ عَنِ البَسَاطَةِ الَّتِي فِي المَسِيحِ } ( 2كو 11 : 3 ) .. لِذلِك إِحذر أنْ يُلَّوِث العَالم بَسَاطَتك .. أيضاً الكَارِزُون وَأبَائنَا الرُّسُل عَاشُوا فِي بَسَاطة مِنْ حِيث وَسَائِل إِنتِقالهُمْ إِلَى أمَاكِنْ كِرَازَاتِهِمْ أوْ مِنْ حَيْثُ الأمَاكِن الَّتِي كَانُوا يَكرِزُونَ فِيهَا .. هذِهِ هِيَ البَسَاطة .. فَمَاذَا عَنْ الحِكمة ؟
( الحِكمة )
فِي الحَقِيقة لاَ نستَطِيع أنْ نُعَرِّف الحِكمة بِسُهُولة وَلكِنِّنَا نَستَطِيع أنْ نَقُول أنَّهَا رُوح التَميِيزكَمَا قَالَ الله لِسُلَيْمَان { هُوَذَا أعْطِيْتُكَ قَلْباً حَكِيماً وَمُمَيِّزاً حَتَّى إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِثْلُكَ قَبْلَكَ وَلاَ يَقُومُ بَعْدَكَ نَظِيرُكَ } .. الحِكمة فِيهَا رُوح إِفرَاز وَتَميِيز يُمَيِّز بِهَا الإِنْسَان الأُمور عَنْ بعضَهَا البعض فَمَثَلاً يَعرِف وَقت الكَلاَم وَوَقت الصَمت .. وَقت الإِحتِمَال وَوَقت العِتَاب وَقت المُوَاجهة وَوَقت الهُرُوب .. لَهُ مَشَاعِر مُنضَبِطة بِدُون تَعَلُّق .. لَديهِ مَال وَلكِنَّه لَيْسَ فِي قلبه يَعرِف كَيْفَ يَعِيش فِي العَالم وَلاَ يَعِيش العَالم دَاخِله .. يَعرِف كَيْفَ يَكُون الإِتِضَاع الحَكِيم وَلَيْسَ صِغر النَّفْس .. يَسْتَطِيع أنْ يَخْتَار أُمور حَيَاته المُختَلِفة سَألَ القِدِيس العَظِيم الأنبَا أنطُونيُوس تَلاَمِيذه عَنْ مَا هِيَ أعظم الفَضَائِل ؟وَجَاءَته إِجَابَات كَثِيرة مَنْ قَالَ الإِتِضَاع .. وَمَنْ قَالَ المَحَبَّة .. وَمَنْ قَالَ العَطَاء .. فَرَد الأنبَا أنطُونيُوس بَلْ إِنَّهَا الحِكمة وَالتَميِيز لأِنَّ بِالحِكمة نَعرِف كَيْفَ نُحِب .. وَكَيْفَ نَتَضِع .. وَكَيْفَ نَعبُد الله .. لِذلِك يَا أحِبَّائِي يَجِب أنْ تَكُون الحِكمة مُشتَهَى لَنَا لأِنَّ كَثِيراً مَا نُفْسِد أُمور كَثِيرة فِي حَيَاتنَا بِسَبب إِفتِقارنَا لِلحِكمة .. وَكَمَا يَقُول سُلَيْمَان الحَكِيم { وَلَدٌ فَقِيرٌ وَحَكِيمٌ خَيْرٌ مِنْ مَلِكٍ شَيْخٍ جَاهِلٍ ...... }( جا 4 : 13 ) وَإِذَا تَأمَّلنَا شَخصِية رَبِّنَا يَسُوع المَسِيح نَجِد كَمَال الحِكمة فَنَرَاه يَتَدَرَّج فِي إِظهَار لاَهوته فَبَدَأَ بِمُعجِزة عُرس قَانَا الجَلِيل مُتَدَرِّجاً فِي شِفَاء الأمرَاض وَإِخرَاج الشَّيَاطِين وَإِقَامِة الموتَى فَقد كَانَ رَبَّ المجد يَسُوع يُظهِر لاَهُوته بِقدر مَحَبِّة المُحِيطِينَ بِهِ .. أيضاً نَرَى حِكمِته فِي إِختِيَار تَلاَمِيذه .. فِي ذِهَابه إِلَى أمَاكِنْ مُعَيَّنة وَعَمْل مُعجِزَات فِي أمَاكِنْ دُونَ أُخرَى .. نَرَى حِكمِته فِي الحَيَاة وَسط أمكر شُعُوب العَالم الَّذِين أرَادُوا أكثر مِنْ مَرَّة أنْ يَصَطَادُوه بِكَلِمة ( مت 22 : 15 ) .. فَعِندَمَا أحضَرُوا إِليهِ المرأة الَّتِي أُمسِكت فِي ذَات الفِعل وَطَلَبُوا مِنْهُ مُحَاكمَتهَا لَمْ يَدِنهَا وَلَكِنْ طَلْب أنَّ البَار مِنْهُمْ يَبْدَأ بِرَجمِهَا أوَّلاً( يو 8 : 4 – 11 ) .. فَهُوَ لَمْ يَدِنهَا وَلكِنَّه سَامحهَا وَفِي نَفْس الوَقت لَمْ يُعْطِي فُرْصَة لِلمُشتَكِينْ عَلَيْهَا أنْ يَصِفُوه بِأنَّهُ مُشَجِّع عَلَى الفَسَاد بِأنْ يُظهِر لَهُمْ غُفرَانه لَهَا .. سُلُوك بِكَمَال الحِكمة أيضاً مِثَال آخر سَأل اليَهُود رَبَّ المجد يَسُوع عَنْ دفع الضَرِيبة فَلَوْ كَانَ رَد بِأنَّهُ يَجِب أنْ تُدفع لاتهموه بِأنَّهُ غِير وَطَنِي وَمُحِب لِلإِستِعمَار وَلَوْ كَانَ قَالَ لاَ يَجِب أنْ تُدفع كَانُوا إِتَهَمُوه بِأنَّهُ مُتَمَرِّد يُرِيد أنْ يَقُوم بِثورة وَلكِنَّهُ رَد بِحِكمة فَائِقة الحُدُود بِأنَّهُ { أعْطُوا إِذاً مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلهِ لِلهِ }( مت 22 : 21 ) يُحكَى عَنْ أحد الأبَاطِرة أنَّهُ كَانَ فِي زِيَارة لأِحد البُلدَان وَكَانَ مَطلُوب مِنْ كُلَّ الشَّعْب السُجُود أمَامه وَمِنْهُمْ أيضاً البطرِيرك مِمَّا أوقع البطرِيرك فِي حِيرة لأِنَّهُ لاَ يَسْجُد إِلاَّ لله وَحده وَلكِنَّهُ تَصَرَّف بِحِكمة إِذْ عِنْدَمَا إِقترب مِنْ المَلِك قَبَّله عَلَى قَلْبه قَائِلاً لَهُ { نَحْنُ نُؤمِن بِأنَّ يَد الرَّبَّ عَلَى قَلْب المَلِك فَلِذلِك فَأنَا أُقَبِّل اليَد الإِلَهِيَّة الَّتِي عَلَى قَلْب المَلِك } فَاغتَبَطَ المَلِك جِدّاً بِقُول الأب البَطرِيرك .. وَبِذلِك تَخَلَّص البطرِيرك مِنْ المَوقِف بِحِكمة نَادِرة وَسَبَّب فَرح لِقَلْب المَلِك أيضاً القِدِيس أبو مَقَّار حِينَ أرَادَ أنْ يَتَوَحد ظَلَّ يَدْرِس وَيُصَلِّي لأِجل هذَا المَوضُوع ثَلاَث سَنَوَات طَالِباً مِنْ الله أنْ يُرشِده هَلْ هذِهِ فِكرة مُبَارَكة مِنْ الله أمْ خِدعة مِنْ الشَّيطَان ؟هَكذَا يَا أحِبَّائِي نَرَى أنَّ الإِنْسَان الحَكِيم لَيْسَ مُتَهَوِراً وَلاَ مُنْدَفِعاً يَحْسِب وَيَنْظُر لِلنِهَاية قَبْل أنْ يَبْدَأ وَحَقاً قِيلَ عَنْ الحُكَمَاء { كَلِمَاتُ الحُكَمَاءِ تُسْمَعُ فِي الهُدُوءِ أكْثَرَ مِنْ صُرَاخِ المُتَسَلِّطِ بَيْنَ الجُهَّالِ } ( جا 9 : 17 ) .
(3) كَيْفَ نَقْتَنِي البَسَاطة وَالحِكمة ؟
وَنَتَسَاءل كَيْفَ يُمْكِنْ إِقتِنَاء الحِكمة ؟ يُمكِنْ إِقتِنَاء الحِكمة مِنْ خِلاَل:-
(1) الصَلاَة :-
فَالحِكمة هِيَ عَطِيَّة مِنْ الله .. هِيَ ثَمَرِة صَلَوَات وَعِشرة مَعَ رَبِّنَا .. حِينَ يَتَحِد الإِنْسَان بِالله يَكْتَسِب طَبعه البَشَرِي المَحدُود صِفَات الله غِير المَحدُود .. الإِنْسَان الحَكِيم طَالَمَا إِقتَنَى الحِكمة يَكُون إِقتَنَى كُلَّ الفَضَائِل .
(2) الكِتَاب المُقَدَّس :-
الخُضُوع لِلوَصِيَّة المكتُوبة { رَأس الحِكمة مَخَافِة الله } ( سِيرَاخ 1 : 16 ) كُلَّمَا يَقرأ الإِنْسَان فِي الكِتَاب المُقَدَّس بِرُوح التَعَلُّم تَنمو الحِكمة فِي دَاخِله وَيَزدَاد إِشتِيَاقه لَهَا الوَصِيَّة تُعَلِّم الإِنْسَان .. تُرْشِد الإِنْسَان .. تَسْمُو بِالإِنْسَان .
(3) المَشُورة :-
إِجعل المَشُورة فِي حَيَاتك{ طَرِيقُ الجَاهِلِ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيْهِ . أمَّا سَامِعُ المَشُورَةِ فَهُوَ حَكِيمٌ } ( أم 12 : 15) وَلكِنْ يَجِب أنْ نُمَيِّز مَنْ أستَشِيره أنْ يَكُون إِنْسَان مُحِب مُخلِص .. مُمتَلِئ نِعمة{ المُسَايِرُ الحُكَمَاءَ يَصِيرُ حَكِيماً وَرَفِيقُ الجُهَّالِ يُضَرُّ } ( أم 13 : 20 ) إِختَار بِدِقَّة مَعَ مَنْ تَسِير لأِنَّكَ سَوفَ تَتَأثَّر بِهُمْ .
(4) التَعَلُّم مِنْ الأخطَاء :-
لَيْسَ عِيباً أنْ نُخْطِئ وَأنْ نُصَحِّح أخطَائنَا وَأنْ نَتَعَلَّم مِنْهَا أيضاً مِنْ الحِكمة أنْ أتَعَلَّم مِنْ أخطَاء الآخَرِين الإِنْسَان الحَكِيم مُستَمِع جَيِّد يَسْتَفِيد مِنْ تَوجِيهَات الآخَرِين لاَ يَغْضَب مِمَّنْ يُوَبِخه بَلْ يُحِبَّه وَيَسْتَفِيد مِنْ تَوبِيخه رَبِّنَا يُعْطِينَا كُلَّ حِكمة وَبَسَاطَة رَبِّنَا يِكَمِّل كُلَّ نَقَائِصنَا وَيِسنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته وَلأِلهنَا المَجد إِلَى الأبَد آمِين

عدد الزيارات 3597

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل