تقديس المشاعر

Large image

المَشَاعِر هيَ عَطِيَّة مُقَدَسة لله وَهيَ مِنْ أجمل عَطَايا الله لِلإِنسان وَلِكي نَعرِف قِيمة المَشَاعِر تعالُوا نَتَخَيل أنفُسَنا بِدُون مَشَاعِر سَنَكُون فِي حالة جمُود بِدُون تَفاعُل بِدُون رَغَبات .. نَحيا معاً عَلَى مُستوى أقل مِنْ الحيوان لأِنَّ الحيوان لديهِ مَشَاعِر يُعَبِّر عَنْها المَشَاعِر هِيَ طاقة مُقَدَسة أعطاها الله لِلإِنسان وَمَيَّزه بِها لِكي تَكُون جُزء مِنْ تكوِينه وَمِنْ حياته وَهيَ مِنْ النَاحِية الرُّوحِيَّة مِنْ أسَاسِيات الحياة الرُّوحِيَّة أنْ يَكُون لِلإِنسان مَشَاعِر .. [ تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قلبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ ] ( مر 12 : 30 ) .. [ تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ ] ( مر 12 : 31 ) .. إِذا لَمْ يَكُنْ لديكَ مَشَاعِر فَكيفَ تَقِف فِي حضرة الله وَتُطِيل مَعْهُ الحدِيث .. لَوْ الإِنسان لديهِ مَشَاعِر بَلِيدة يُقال عَنْهُ إِنسان جَامِد غِير مُتَفَاعِل لَكِنْ الَّذِي لديهِ فِيض مَشَاعِر وَيعرِف كيفَ يُعَبِّر عَنْها يَكُون إِنسان مَشَاعره مُقَدَسة تخدِمه فِي عِلاَقته بالله وَالنَّاس .. إِذاً المَشَاعِر هِيَ عَطِيَّة إِيِجَابِيَّة مُقَدَسة فِي سِفر الأمثال [ لاَ تَفِضْ يَنَابِيعُكَ إِلَى الخارِج سَوَاقِي مِيَاهٍ فِي الشَّوَارِعِ ] ( أم 5 : 16) .. عندك ينبُوع مملؤ ماء لَكِنْ فِي أرض جافة .. لاَبُد أنْ تستغِل هذَا الينبُوع فِي مكانه الصَحِيح لَكِنْ لَوْ أهدرته فِي أرض جافة فِي الشَوَارِع فَلَنْ تستفِيد .. المَشَاعِر يَنَابِيع أعطاها الله لِلإِنسان لِيَتَمَتع بِها وَهيَ خِير لِمَنْ حوله .. المَشَاعِر هِيَّ هِيَّ أبنِي بِها نَفْسِي وَهِيَّ هِيَّ مُمكِنْ أدَّمر بِها نَفْسِي لَوْ بددتها فِي هذَا العُمر المَشَاعِر مُتَدَفِقة دَافِئة وَقَوِية جِدّاً لَكِنْ أجمل شِىء أنْ تُوَّجه بِطَرِيقة صَحِيحة.

1- مفهُوم المَشَاعِر:-
المَشَاعِر تنشأ عَنْ عَوَاطِفنا وَالعَوَاطِف هِيَ إِنفعال دَاخِل الإِنسان نحو شخص أوْ شِىء وَتِكرار الإِنفعال يَكُون حُب أوْ كُره .. إِذاً تِكرار الإِنفعال نحو شخص يَكُون مِيل أوْ حُب أوْ كُره أوْ إِبتعاد .. هذَا الأمر لَهُ عِلاَقة بِأمور وجدانِيَّة فِي الإِنسان وَبِعقله وَبِهرمُوناته وَبِكمياء الإِنسان .. كُلَّ هذَا يَكُون إِنفعال العَاطِفة .. هذَا شِىء جَيِّد لَكِنْ مِنْ الأُمور المؤسِفة أنَّ لُغتنا فَقِيرة فِي التعبِير فَمُجرَّد أنْ نَتَكَلَّم عَنْ الحُب يذهب الفِكر لِمفهُوم خَاطِئ لِذلِك اللُغة اليُونانِيَّة غَنِية جِدّاً بِها ثَلاَث كَلِمات تُعَبِّر عَنْ معنى الحُب وَهيَ :-
+ الإِيرُوس هُوَ الحُب الجِسدَانِي الشهُوانِي القَائِم عَلَى الجسد .. قَائِم عَلَى الأخذ وَالسيطرة .. وَغَالِباً مَا يَكُون هُوَ مفهُوم الحُب فِي ذِهن مرحلة المُرَاهقة .
+ الفِيلويُسَمَّى الحُب الإِجتماعِي وَهُوَ تبادُل مصلحة مصحُوب بِحُب جِسدَانِي شهوانِي يأخُذ وَيُعطِي مِثْل الصَدَاقة .
+ الأغَابِي الحُب الرُوحَانِي .. حُب عطاء فقط .
إِذاً المَسِيح أحَبَّ الكَنِيسة حُب أغَابِي هكَذَا الكَاهِن يُحِب شعبه حُب أغَابِي وَالشَّعْب يُحِب الكَاهِن حُب أغَابِي وَلاَبُد أنْ أُحِب مَنْ حولِي حُب أغَابِي .. لَكِنْ لَوْ لَوَّثنا المَفَاهِيم إِختلطت الأُمور فِي ذِهنِنا وَلِذلِك أيضاً كَانَ يُقام بعد القُداس وَلِيمة تُسَمَّى الأغَابِي فِي الكَنِيسة الأولى .. يَجِب أنْ أرقى بِمَشَاعرِي مِنْ دَرَجِة الإِيرُوس إِلَى دَرَجِة الفِيلو إِلَى الأغَابِي الإِنسان مُكَوَّن مِنْ أربعة أقسام :-
جسد نَفْس رُوح عقل
وَمِنْ مُكَوِنات النَفْس :-
الغَرَائِز وَالدوافِع التقدِير وَالأمن العَاطِفة
أي إِحتياج دَاخِل النَفْس طعام .. أُمومة ..
العَادات الإِتِجَاهات وَالأهداف
إِذاً العَاطِفة تُمَثِّل 5 % مِنْ تَكوِين الإِنسان فَهل يَلِيق أنْ يقُود الإِنسان 5 % مِنْ تكوِينه أم تكوِينه كُلَّه هُوَ الَّذِي يقُوده ؟ هل أنقاد إِلَى العَاطِفة دُونَ مُقَوِمات عقلِي وَنَفسِي وَرُوحِي وَجَسَدِي ؟
2- خطورة العَاطِفة:-
أ / الإِعجاب :-
قبل سِن العشرِين تُسَمَّى المرحلة الجِنسِيَّة الشَامِلة ( مرحلة المُراهقة ) أمَّا بعد سِن العشرِين تُسَمَّى المرحلة الجِنسِيَّة الأُحَادِيَّة .. فِي مرحلة المُراهقة أي شخص نُعجب بِهِ وَنَمِيل لَهُ مِنْ الجِنس الآخر وَبعد فِترة قَدْ تطول أوْ تقصُر نُعجب بِشخص آخر وَهكَذَا .. وَالإِعجاب يأتِي بِإِنفعال مُتَكَرِر وَتِكرار الإِنفعال يُوَّلِد عَاطِفة بِالإِنشغال وَالأمر يِكبر وَيَتَسِع الإِعجاب هُوَ إِنسان يُرِيد أنْ يُحَوِّل مَنْ حوله إِلَى مِلكِيَّة أوْ شِئ مِثْل إِنسان مُعجب بِشِئ لاَ يهدأ حَتَّى يمتلِكه .. الإِعجاب يُحَوِّل الأشخاص إِلَى سِلع .. الإِعجاب فِيهِ أنانِية وَبدلاً مِنْ أنْ يَكُون الآخر حُر لَهُ إِرادته وَكيانه الخاص يُحَوِّله المُعجب إِلَى شِئ يستعمِله وَيستغِله .. الإِعجاب هُوَ الإِمتلاك الأنانِي .. أُضبُط إِعجابك وَلاَ تُصَرِّح بِكَلِمة وَحَوِّله إِلَى إِعجاب عام وَلَيْسَ خاص .. أُعجب بِفِئة وَلَيْسَ بِشخص .
ب / الفردِيَّة :-
خطر جِدّاً أنْ يِرَكِز الإِنسان مَشاعره وَعَواطفه فِي شَخصِيَّة واحدة وَلاَ يرى سِوَاها فِي العالم كُلَّه فِي حِين أنَّ مرحلة المُرَاهقة هِيَ مرحلة جِنسِيَّة شاملة .. يَجِب فِي هذِهِ المرحلة أنْ لاَ يَكُون هُناكَ تخصِيص فِي عِلاَقة مَعَْ أحد فَلَوْ تعرَّضت لِمُجتمع يجمع الجِنسِين لاَ تُخَصِّص عِلاَقتك مَعَْ شخص وَاحِد بَلْ تعامل بِعُمُومِيَّة وَلَيْسَ خُصُوصِيَّة لأِنَّ الخصُوصِيَّة تُسِيء إِليكَ أنتَ قبل أي إِنسان آخر .
ج / الجوع العَاطِفِي :-
كَثِيرُون لديهُمْ مُشكِلة وَهِيَ أنَّهُمْ لاَ يشعرُون بِحُب أحد سواء مِنْ الأُسرة أوْ الأصدِقاء أوْ. فيبحثُون عَمَنْ يُحِبَهُمْ لأِنَّ الحُب إِحتياج فَيجِدُونَ أنَفُسَهُمْ فُقَراء فِي مستودعهُمْ العَاطِفِي فَيبحثُونَ عَمَنْ يملأه أحياناً يشعُر الإِنسان أنَّهُ فَقِير فِي المَحَبَّة .. فَكيفَ يشبع بِالعَاطِفة فِي هذِهِ الحالة ؟ الإِجابة هيَ أنَّ شرط العَاطِفة هُوَ العطاء وَلَيْسَ الأخذ فَإِذا أردت أنْ يُحِبَّك أحد حِبَّه أنتَ أولاً عَطاءك لِلحُب لَمِنْ حولك يجعلهُمْ يُحِبُّوك .. طِع وَحِب وَقَدِّم لِكي تُشبِع جوعك العَاطِفِي سِر الجوع العَاطِفِي أنَّ الإِنسان يَكُون شحِيح فِي الحُب العَاطِفِي لَكِنْ الإِنسان الفيَّاض بِالعَاطِفة يُحِبَّه مَنْ حوله وَيشبع فِي العَاطِفة لَوْ إِنسان شبعان عَاطِفياً مهما أغراه شخصٍ مَا لَنْ يتحرَّك لأِنَّ الكُلَّ فِي نظره وَاحِد وَلَيْسَ لديهِ خُصُوصِيَّة دَاخِله وَالَّذِي يُفَكِّر أنْ يُعطِي دَائِماً وَلديهِ إِنفتاح عَلَى الآخر لاَ يجوع عَاطِفياً .. أخطر شِئ المركَزِيَّة حولَ الذَّات وَأهَمِيَّة الذَّات وَأنْ يجعل نَفْسه هُوَ مِحور كُلَّ مَنْ حوله .. الَّذِي يعِيش هذِهِ المركَزِيَّة يُصَدِّق أي إِنسان حوله بينما المُشَّبع عَاطِفياً لاَ يُصَدِّق كَلاَم الخُصُوصِيَّة .. الجوعان عَاطِفياً إِذا تغيَّر الإِنسان المُتَعَلِّق بِهِ يترُكه وَيبحث عَنْ آخر يَتَعَلَّق بِهِ لَكِنْ لَوْ الحُب أغَابِي لَنْ يَتَغَيَّر وَلَنْ يترُك أحد أكبر خطورة أنْ يَكُون لديكَ جوع عَاطِفِي يجعلك تَمِيل إِلَى أي إِنجِذاب أوْ أي إِنفِعال .. لاَ تَكُنْ سَرِيع التَأثُّر أوْ قصبة تُحَرِّكها الرِيح .
3- ضَوَابِط العَاطِفة:-
أ / العقل :-
مِنْ تَكوِين الإِنسان جسد وَرُوح وِنَفْس وَعقل .. هذَا العقل لاَبُد أنْ يُفَكِر .. إِذا أُعجِبت بِإِنسان أوْ تعلَّقت بِهِ فَتَولَّد دَاخِلك عَاطِفة إِتِجاهه فهل تَسِير بِالعَاطِفة فقط أم تُفَكِر مَا هِيَ نِهاية هذَا التَعَلُّق ؟ وَلأِنَّنا هُنا فِي مُجتمع لَهُ مَبَادِئ وَتَقَالِيد وَعَادات فَلاَبُد أنْ يَكُون نِهاية هذَا التَعَلُّق إِرتِباط .. إِذاً لاَبُد أنْ نُحَكِّم عقلِنا مَا هِيَّ نِهاية الإِعجاب ؟ هل إِرتِباط ؟ يَا ليتَ .. لَكِنْ مَتى يَتِم الإِرتباط ؟ هل مَا زَالَ أمامه سَنَوَات ؟ مَا هُوَ عُمر هذَا الإِنسان هل هُوَ مُنَاسِب لِي ؟ مَا هِيَّ خطوات حياته المُستقبلة ؟هل الظرُوف تُغَيِّره ؟ هل المُجتمع يرضى عَنْه ؟ إِذَا كُنت أنَا غِير مُهَيَّأ وَهُوَ أيضاً غِير مُهَيَّأ لِلإِرتباط فَلِمَاذا نُبَدِّد عَوَاطِفنا فِي غِير حِينها ؟ إِذا كَانَ والدك يُوَفِر لَكَ بعض المال لِمُستقبلك فهل نأخُذه الأن وَنُبَدِّده وَمَاذا ستفعل فِي مُستقبلك بِدُونه إِذا بددتهُ الأن ؟ هَكَذا العَاطِفة إِذا بُدِدت فِي غِير وقتها سَتَجِف وقت الإِحتياج الحَقِيقِي [ لاَ تَفِضْ يَنَابِيعُكَ إِلَى الخارِج سَوَاقِي مِيَاهٍ فِي الشَّوَارِعِ ] ( أم 5 : 16)لاَبُد أنْ يَكُون لِلإِنسان ضَوَابِط تحكُمه .
ب / الرُّوح :-
الشبعان رُوحِياً وَالمملؤ بِرُوح الله وَرُوح الحِكمة وَلَهُ عِشرة مَعَْ الله لاَ يُمكِنْ أنْ يَتَذَبذب فِي عَوَاطِفه .. مَا سِر تَعَلُّق القِدِيسِين بِالله ؟ مَا الَّذِي يجعل الرُهبان وَالرَاهِبات لاَ يتعلقُون بِزوج أوْ زوجة ؟ لأِنَّهُمْ ملأوا مُستودعهُمْ العَاطِفِي بِمَشَاعِر إِلَهِيَّة فَتُقَدِّس الكيان كُلَّه .. إِذاً النَاحِية الرُّوحِيَّة مِيزان ضبط رَائِع .. الَّذِي مَشَاعره دَافِئة نحو الله الله يُعِينه وَيرفعه وَالإِنجِيل يُشبِعه وَمَشِيئة الله تفرَّحه فَلاَ يشعُر بِخوف أوْ إِضطِراب .
ج / الإِرتِقاء بِالعَاطِفة :-
يَجِب أنْ نرتقِي بِعَاطِفتنا وَلاَ نستعمِلها لِذَاتنا فقط بَلْ نُنَمِيها نحو الله وَنحو الآخرِين نحو الضُعفاء وَالمَسَاكِين وَالمُحتاجِين وَفِي حياة شَرِكة مَعَْ مَنْ حولِنا .. أعرِف أينَ المرِيض وَأذهب إِليه وَمَنْ هُوَ مُتعب ساعده وَمَنْ هُوَ مُحتاج إِسنِده وَ. هَكَذَا .. وَظِّف العَاطِفة فِي مكان مُقدس فِي قِراءة .. فِي مَوَاهِب .. فِي حياة شَرِكة .. تَخيَّل نَفْسك إِنَّك طاقة لاَبُد أنْ تستخدِمها فِي مكانها الصَحِيح .. عِندما ترتقِي فِي مَشَاعرك تَعِيش فِي نَقاوة كَامِلة مَعَْ مَنْ حولك عَلَى مُستوى العالم كُلَّه إِذا أرَادُوا أنْ يستخدِموا مرحلة سِنِيَّة فِي خدمات إِجتِماعِيَّة يِستخدِمُوا مرحلة ثانوِي لأِنَّ طاقِتها عالية .. وَمَا مِنْ قِدِيس إِلاَّ وَفِيهِ سِمة مُمَيِزة وَهيَ أنَّهُ بدأ حياته مَعَْ الله مُبَكِراً .. العذراء كانت صَغِيرة جِدّاً عِندما جاءها المَلاَك بِبُشرى مِيلاد المُخَلِّص .. فَكيفَ نَكُون نَحْنُ ؟لاَبُد أنْ نَكُون مُهيئِين لِلإِرتِقاء الرُّوحِي .
سؤال نِهائِي إِذا كُنت مُعجب بِإِنسانٍ مَا ماذا أفعل ؟
الإِجابة : يَجِب أنْ تضع مَشَاعرك فِي يد الله وَتُؤجِل الأمر إِلَى حِينه وَتُنهِي الأمر الآن لأِنَّهُ فِي يد الله رَبِّنا يِسنِد كُلَّ ضعف فِينا بِنِعمِته لَهُ المجد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

عدد الزيارات 3666

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل