صوم الحواس

الصُوم فِترة مُقَدَّسة الهدف مِنْهَا أنَّ الإِنسان يُضبُط نَفْسه وَفِكره وَشَهَوَاته كُلَّهَا عِندما نبدأ الصُوم نَقُول لإِنَفُسَنَا هُناكَ أشياء لاَ نأكُل مِنْهَا رغم أنَّ هذِهِ الأشياء مِنْ المُمكِنْ أنْ نَكُون نُحِبَهَا .. وَهذَا معناه أنَّنَا نُحِب رَبِّنَا أكثر مِنْ شهواتنا .. أنَّنَا نُحِب رَبِّنَا أكثر مِنْ أنَفُسَنَا أنَّنَا نُحِب رَبِّنَا أكثر مِنْ أي شِئ آخر .. فِعلاً إِنَّنَا نُحِب أنْ نأكُل أشياء كَثِيرة لَكِنْ مِنْ أجل رَبِّنَا نِضَحِّي وَنَقُول لِرَبِّنَا أنَّنَا نُحِبَّه أكثر مِنْ أي شِئ آخر وَأنَّ رَبِّنَا قبل نَفْسِي وَقبل شهوِتِي وَهُناكَ نِقاط مُهِمَّة جِدّاً وَهيَ أنَّ الصُوم هُوَ لَيْسَ مُجرَّد الصُوم عَنْ الأكل لأِنَّ الصُوم عَنْ الأكل هُوَ أمر سهل مِنْ المُمكِنْ أي شخص يفعله .. فَمَثَلاً هُناكَ أشخاص نباتِيين أي هُمْ الَّذِينَ لاَ يأكُلُوا اللحُوم .. فَهَذَا لاَ يعنِي أنَّهُمْ صَائِمُون .. فَمِنْ المُمكِنْ يَكُون يُمارِس رِجِيم أوْ خَائِف عَلَى صِحِتَّه مِنْ الدُهُون الَّتِي بِاللُحُوم .. أوْ هُناكَ مواد وَعناصِر بِاللُحُوم تُؤذِي القلب وَالصِحَّة وَالشرايين فَلِهذَا يأكُل الأكل النباتِي .. فَهَذَا لاَ يعنِي أنَّهُ صَائِم فَهُناكَ إِختِلاف فَالموضُوع لَيْسَ موضُوع أكل يمتنِع عنه وَيِعَوَّض عنه بِأنواع أُخرى .. فَالموضُوع هُوَ أعلى وَأعمق بِمَرَاحِل .. فَالصُوم هُوَ عمل رُوحانِي قبل مَا يُصبِح عمل جسدِي .. فَالصُوم لاَبُد أنْ يَكُون فِيهِ أنَّ الجسد يصُوم وَمَعْهُ خمس حاجات تصُوم أيضاً مَعْهُ .. فَالصُوم أوَّلاً بِالجسد وَمَعَ الجسد يصُوم أيضاً :-
1/ كَيْفَ يَصُوم الفِكر ؟:-
وَهذَا معناه إِنِّي لاَ أُدخِل إِلَى فِكرِي بِيض وَلحمة وَفِراخ ؟!! وَلَكِنَّهُ معناه أنْ يَكُون فِكرِي مُقَدَّس وَلاَ يُفَكِر فِي أشياء مِش كُوَيِسة وَيَكُون الفِكر مُقَدَّس وَمُتَحِد مَعَ رَبِّنَا وَيَكُون الفِكر نقِي .. مَا الفائِدة أنَّ الشخص يَصُوم عَنْ الأكل فقط وَيَكُون بِرأسه يأكُل أشياء أُخرى ( يأكُل الشَّر ) فَالصُوم لَيْسَ مُجرَّد تغيير أنواع الأكل الَّتِي نأكُلهَا .. فَالصُوم يَجِب أنْ يَكُون بِهِ صوم الفِكر .. فَفِي القُدَّاس نَقُول [ وَنَحْنُ أيضاً فلنصُمْ عَنْ كُلَّ شر بِطَهَارة وَبِر ] ( قِسمة لِلآب تُقال فِي الصُوم الكَبِير ) .. فَالصُوم يَكُون صوم عَنْ الشَّر وَالصُوم عَنْ الشَّر هُوَ الصُوم الَّذِي يُرِيده الله لَنَا .. أنْ نَصُوم عَنْ الأفكار الشِّرِّيرة وَيَكُون فِكر مُقَدَّس وَمُتَحِد مَعَ رَبِّنَا فَيَجِب أنْ يَصُوم الفِكر .. مُهِمْ جِدّاً الأشياء الَّتِي تدخُل فِي فِكر الإِنسان .. فَهل يلِيق فِي الصِيام وَيَكُون فِي الفِكر إِدانة النَّاس ؟!! وَيَكُون فِي الفِكر أفكار شِرِّيرة ؟!! تَتَعَمَّق فِي الأفكار كَعَمَلِية مضغ الطعام .. وَلَكِنْ هُنَا الأفكار الشِرِّيرة بِالمُخ وَيَكُون الإِسم فِي حالِة صُوم !!!فَهل يلِيق أنْ تَكُون المِعدة فِي حالِة صُوم عَنْ الأكل وَالفِكر لاَ يَصُوم عَنْ الأفكار الشِّرِّيرة ؟!!فَهل هذَا هُوَ يُسَمَّى صُوم ؟!! هل هذَا يلِيق بِصُوم رَبِّنَا يأمُرنا بِهِ أنَّنَا فِيهِ نَتَحِد بِالصُوم وَالصَلاة بِأنَّنَا ننال حياة مُقَدَّسة مَعَ رَبِّنَا بِأنْ تَكُون أفكارنا كَمَا هِيَ .. فَفِي حالِة الصُوم يَتِمْ الإِمتِناع عَنْ أكل مُعَيَّن .. إِذاً الموضُوع غِير الأوَّل أي لاَ يَتِمْ أكل أي شِئ .. وَكذلِك الفِكر فَلاَ يَتِمْ تغيير المِعدة فقط فَيَجِب تغيير الفِكر أيضاً .. فَلاَ يلِيق أي شِئ يدخُل بِفِكرِي .. كَمَا لاَ يلِيق بِأي أكل يدخُل بِفمِي .. فَمِنْ المُهِمْ جِدّاً مَعَ صُوم الأكل صُوم الفِكر .. وَأخطر شِئ فِي الإِنسان هُوَ الفِكر .. فَأي شِئ يقُوم الإِنسان بِفِعله يَكُون أساسها هُوَ الفِكر مِش مُمكِنْ الإِنسان يقُوم بِخطأ مُعَيَّن إِلاَّ إِذا إِبتدى بِفِكرة .. فَعِندما يقُوم شخص بِالسَرِقة يَكُون قبلها فَكَّر .. وَعِندما يقُوم شخص بِالإِشتِهاء بِقلبه إِلاَّ وَكَانَ قبلها فَكَّر .. فَأوِل مَرَاحِل الخَطِيَّة هِيَ الفِكر .. فَيَجِب أنْ نحفظ أفكارنا .. عِندما نقُوم بِتشبِيه الفِكر بِأنَّ الفِكرة الَّتِي تدخُل فِي أفكارنا تِنزِل عَلَى قُلُوبنا فَنرى أنفُسنَا ضُعَفَاء لأِنَّ القلب دخلهُ أفكار شِرِّيرة .. وَعِندما يدخُل القلب أفكار شِرِّيرة وَتدخُل حياتنا أشياء شِرِّيرة فَمعناه أنَّنَا تركنا أنْفُسنَا وَتركنا أفكارنا .. وَالَّذِي تركناه لِيدخُل إِلَى أفكارنا فَإِنَّهُ نزل إِلَى قُلُوبنا .. فَمَا هِيَ الأفكار الَّتِي دخلت إِلينَا ؟ هل هِيَ أفكار تلِيق بِالصَائِمِين وَتلِيق بِأولاد الله أم لاَ ؟فَمَثَلاً المفرمة عِندما نضع فِي فتحِة المفرمة لحمة تِنزِل لَنَا لحمة .. فَإِذا وضعنَا عجوة فَتِنزِل عجوة .. وَإِذا وضعنَا خُضار فَيِنزِل خُضار .. كَذلِك الفِكر الَّذِي نضعه فِي أفكارنا سيدخُل إِلَى قُلُوبنا فَإِذا وضعنا أشياء مُقَدَّسة فَتدخُل إِلَى قُلُوبنا أشياء مُقَدَّسة أمَّا إِذا وضعنا أشياء غِير مُقَدَّسة فَتدخُل إِلَى قُلُوبنا أشياء غِير مُقَدَّسة فَعِندما يسأل شخص الكَاهِن وَيَقُول لَهُ " كَيْفَ أنَقِّي قلبِي يَا أبُونَا ؟ " .. فَيَقُول لَهُ أبُونَا " نَقِّي فِكرك " .. فَعِندما يَكُون الفِكر نقِي يَكُون القلب نقِي .. فَأوِل شِئ فِي الصُوم مِنْ المفرُوض أنْ نُحَافِظ عليه – فِي الصُوم – هُوَ أنْ يَكُون الفِكر صَائِم .. بِمعنى أنَّ الفِكر لاَ يُفَكِر فِي الشَّر أي فِكر يرفُض الشَّر .. زي مَا أنَا برفُض الطعام الفِطارِي أرفُض الأفكار وَأرفُض الشَّر وَأرفُض الشُّرُور .
2/ صُوم العِين :-
كَيْفَ تصُوم العِين ؟ أوِّل إِتِصال بِالشَّر هُوَ الفِكر وَالعِين فَالَّذِي أوقع بِأبُونَا آدم وَأُمِنَا حواء هُوَ العِين فَعِندما نظرا لِلشَّجرة وجداها جَيِّدة لِلأكل وَبهجة لِلعُيُون وَشَهِيَّة لِلنظر ( تك 3 : 6 ) .. فَعِندما نظر بِعِينه وَفَكَّر بِفِكره نَتَجت الخَطِيَّة .. فَالعِين الصَائِمة وَالعِين المُنضَبِطة هِيَ الَّتِي تمنع نَفْسهَا عَنْ الشَّر .. هِيَ الَّتِي تصُوم عَنْ النظرة الرَدِيئة لأِنَّ رَبِّنَا يَسُوع المَسِيح قَالَ [ سِراجُ الجسدِ هُوَ العَيْنُ ]( مت 6 : 22 ) .. فَيَجِب أنْ نحفظ أعيُنَنَا وَنَحْنُ نسِير فِي الشَّارِع وَنَحْنُ نجلِس فِي البِيت وَنَحْنُ نجلِس وسط الأصدِقاء .. فَيَجِب أنْ نحفظها .. فَهُناك أربعة نِقاط :-
أ- عِندما نجلِس مَعَ أنفُسنَا نِحفظ الفِكر .
ب- عِندما نَسِير فِي الطرِيق نِحفظ العِين .
ج- عِندما نأكُل نِحفظ البطن أي بِدُون شراهة وَبِإِنضِباط .
د- عِندما نَتَحدَّث مَعَ النَّاس نِحفظ اللِسان .
ه- فَمَثَلاً دَاوُد النَّبِي .. إِنَّهُ رجُل بار وَقِدِيس وَلَكِنْ حدث معهُ مرَّة أنَّهُ نظر نظرة غِير مُقَدَّسة عِندما كَانَ يَتَمَشَّى عَلَى سطح منزِله .. وَإِذا إِمرأة وَهيَ تستحِم فَإِنَّهُ نَظَرَ لَهَا نظرة غِير مُقَدَّسة .. فَهُوَ ترك عِينه تنظُر هذِهِ النظرة فَإِنَّ عِينه دَخَلِت عَلَى فِكره وَأدِت إِلَى أنَّهُ إِرتكب خَطِيَّة .. فَإِنَّ دَاوُد النَّبِي لَمْ يحفظ عينيهِ فِي لحظة مِنْ اللحظات .. وَأيضاً أُمِنَا حواء وَأبُونَا أدم لَمْ يحفظُوا أعيُنَهُمْ فِي لحظة مِنْ اللحظات فَالعِين أساس الخطايا .. لِذلِك الإِنسان الَّذِي يُرِيد أنْ يَصُوم صُوم رُوحانِي يَجِب أنْ يِدَرَّب نَفْسه عَلَى حِفظ عِينه .. عَلَى صُوم عِينه .. فَالعِين عِندما تصُوم لاَ تُشاهِد مناظِر مِش كُوَيِسة فِي التِلِيفِزيُون وَتَكُون صَائِمة .. فَهَذَا لاَ يُسَمَّى صُوم فَإِنَّنَا نضحك عَلَى رَبِّنَا بِأنَّنَا بِنأكُل الأكل الصِيامِي وَنَكُون فِي دَاخِلنَا نشعُر بِغِير رِضى فَهَذَا لاَ يُسَمَّى بِالصُوم .. فَإِنَّنَا نَصُوم بِقُلُوبنَا لأِنَّنَا نُحِب رَبِّنَا وَحواسِنَا وَكُلَّ جُزء مِنْ جسمِنَا يُرِيد أنْ يِتَقَدَّس لِذلِك فَإِنَّ الصُوم هُوَ فُرصة لِتظبِيط أنفُسنَا .. فَإِذا إِنتهى الصُوم فَهَذَا معناه أنْ يَكُون حِفظنا لِحواسنا فِي فِترة الصُوم فقط ؟!! فَهَذَا غِير صَحِيح .. فَمَثَلاً إِذا كَانَ لدينا سيَّارة حصل لَهَا حادِث فَعِندما نذهب بِهَا إِلَى المِيكانِيكِي تَمُر بِمرحلة تُسَمَّى ( عمره ) لِيعِدِل كُلَّ جُزء فِيهَا وَيِصَلَّحهَا كُوَيِس جِدّاً حَتَّى تخرُج السيَّارة مِنْ هذِهِ العَمَلِيَّة جَمِيلة جِدّاً .. كَذلِك فِترة الصُوم .. فَهل أخُذ هذِهِ السيَّارة بعد العمره أكسَّرهَا مرَّة أُخرى أم أحَافِظ عَلِيهَا ؟ هَكَذَا نَحْنُ فِي فِترة الصُوم ندخُل فِي عمره فَكُلَّ جُزء مِنِّنَا غِير جَيِّد يَتِمْ تصلِيحه وَبعد كِده نِكُون كُوَيِسِين وَبِصُورة جَيِّدة .. فَفِي فِترة الصُوم يَجِب أنْ نحفظ الفِكر حَتَّى يَتِمْ التدرِيب عَلَى حِفظ الفِكر وَحِفظ العِين حَتَّى يَتِمْ التدرِيب عَلَى حِفظ العِين .. فَالصُوم لَيْسَ عِبارة عَنْ الصُوم عَنْ الأكل فقط بَلْ الصُوم عَنْ الشَّرَّ أحكِي لكُمْ حِكاية عَنْ حِفظ العِين .. فِيه قِدِيس إِسمه يِحنِس القَصِير فِي مرَّة أبُونَا البطرك طلبه لأِنَّه كان رَاجِل قِدِيس فَأبُونَا البطرك كَانَ يُرِيد أنْ يأخُذ مشورته فِي أمرٍ مَا .. فَقالُوا له أبُونَا البطرك يُرِيدك لأِنَّهُ يُرِيد أنْ يستشِيرك فِي أمرٍ مَا .. وَكَانَ القِدِيس يِحنِس رَافِض لأِنَّهُ كَانَ لاَ يُرِيد أنْ يِنزِل إِلَى العالم وَيترُك الدِير .. فَقالُوا له يَجِب أنْ تذهب لأِبُونَا البطرك لأِنَّهُ يُرِيدك .. فَقَالَ القِدِيس لِلرُهبان صَلُّوا مِنْ أجلِي حَتَّى يحفظنِي رَبِّنَا مِنْ شر العالم فَإِنِّي سَأذهب لأِبُونَا البطرك .. فَذَهَبَ القِدِيس يِحنِس القَصِير إِلَى أبُونَا البطرك وَجَلَسَ مَعْهُ وَعِندما عَادَ إِلَى الدِير قالُوا لَهُ مَا الَّذِي رأيته وَمَا الَّذِي فعلته ؟فَمَا هِيَ أخبار البلد وَأخبار المدِينة وَأخبار النَّاس .. فَمَا رأيك فِي العالم ؟ فَقَالَ لَهُمْ " إِنِّي لَمْ أرى إِلاَّ وجه أبِي البطريرك " .. فَهُوَ أثناء ذِهابه كان فِي حالة فَهُوَ إِنسان كَانَ يحفظ عِينه .. كَذلِك نَحْنُ أثناء سِيرنَا فِي الطرِيق يَجِب أنْ نحفظ أعيُنَنَا مِنْ أي نظرة مُمكِنْ تدخُل إِلَى الفِكر وَتُلُّوِث أفكارنَا وَبِالتالِي تُلُّوِث قُلُوبنَا الَّذِي هُوَ أهمْ شِئ .
3/ صُوم الأُذُن :-
كَيْفَ تَصُوم الأُذُن ؟ فَهيَ لاَ يدخُل لَهَا أكل فِطارِي .. لاَ .. الوِدان مُمكِنْ يدخُل لَهَا كَلاَم وِحش .. فَمَثَلاً الشخص الَّذِي يَصُوم بِالأكل وَيسمع أغانِي .. فَهُناكَ أشخاص يَتَسَألُون : مال الوِدن وَمال الصُوم فَإِنَّ الصُوم عِبارة عَنْ الأكل وَيَكُون الأكل بِالزِيت ؟!! وَلَكِنْ يَجِب صُوم الحواس .. يَجِب أنْ يَكُون كُلَّ جُزء بِنَا يَتَقَدَّس فِي الصُوم .. فَإِنَّنَا نُرِيد أنْ نُصلِح كُلَّ شِئ فسد بِدَاخِلنَا .. وَمِنْ المُمكِنْ أنْ تَكُون الوِدان تحتاج إِلَى تصلِيح فَإِنَّ الأشياء عِندما تدخُل إِلَى الوِدان لاَ تستمِر فِي الوِدان وَلَكِنَّهَا تدخُل إِلَى الأعماق فَتدخُل عَلَى الفِكر وَعَلَى القلب وَعَلَى الحواس وَتدخُل عَلَى اللِسان .. وَمِنْ المُمكِنْ الأشياء الَّتِي يَتِمْ سماعهَا يَتِمْ النُطق بِهَا .. وَمُمكِنْ يَكُون اللِسان ينطِق بِأغَانِي فَإِذا تَسَألنَا لِماذا يَتِمْ الغِناء ؟ فَنُلاَحِظ أنَّهُ عِندما يَتِمْ سَماع الأغَانِي وَعِندَ سَماع الأغَانِي يَتِمْ الحِفظ فَأصبحت تُرَدِّد الأغَانِي .. فَهَذَا لاَ يُسَمَّى صُوم فَالمفرُوض أنَّنَا نِحَافِظ عَلَى أنفُسَنَا وَنَكُون فِي نقاوة تامة وَبِر تام وَفِي عِفَّة كَامِلة فَهَذَا هُوَالصُوم الرُّوحانِي .. فَهَذَا الإِنسان الَّذِي يُرِيد أنْ يَصُوم حسب مَشِيئة رَبِّنَا وَبِحسب ترتِيب رَبِّنَا فَيَجِب أنَّ الأُذُن تَصُوم .. فَعِندَ الصِيام مِنْ المُمكِنْ نِلاَحِظ أنَّ الأُم تضع أكل غِير مُناسِب مَعَ بعضه .. فَتَقُول إِنِّي أُرِيد أنْ أخَلَّص الأكل الموجُود بِالثَّلاَجة فَمِنْ المُمكِنْ أنَّ عِندَ بِدَايِة الصُوم فَنأخُذ كُلَّ شرايِط الأغَانِي وَيَتِمْ التَّخَلُّص مِنْهَا أوْ يَتِمْ التسجِيل عليهَا بِأشياء أُخرى غِير الأغَانِي .. مَثَلاً عِظة أوْ تَرَانِيم أوْ قُدَّاس بِحيث أنْ تُصبِح كُلَّ الشرائِط الموجودة شرائِط مُقَدَّسة .. فَلاَ يَجِب أنْ نَكُون صَائِمِين بِالأكل فقط ( لاَ نضحك عَلَى رَبِّنَا ) فَالصُوم هُوَلَيْسَ بِالأكل فقط هُناكَ كَثِير جِدّاً مِنْ الحيوانات لاَ تأكُل إِلاَّ نُوع أوْ إِتنِين مِنْ الأكل .. فَالخرُوف يأكُل برسِيم وَتِبن فقط فَإِذا جِيبنَا لِلخَرُوف بِشِئ آخر فَلاَ يأكُله .. فَعِندما نضع لِلخَرُوف مِكَسَرَات ، زِبِيب ، لُوز ، بُندُق ، فَهُوَ لاَ يأكُلهُمْ .. فَهل الخرُوف أحسن مِنِّنَا ؟ فَهل هُوَ يِقدر أنْ يمنع نَفْسه عَنْ الأكل وَنَحْنُ لاَ نقدِر .. إِذاً الموضُوع هُوَ لَيْسَ موضُوع أكل .. فَالموضُوع أهم بِكَثِير .. فَالموضُوع هُوَ عِبارة عَنْ صُوم كَامِل .. فَالوِدن يَجِب أنْ تَصُوم .. مَفِيش حاجة إِسمهَا تصومِي وَإِنتِ بِتسمعِي أغَانِي وَإِنتِ بتفكرِي فِي حاجات مِش كُوَيِسة وَعينيكِ بِتشُوف أفلام مِش كُوَيِسة وَإِسمِك صَايمة .. إِحنا مِش حَا نِضحك عَلَى رَبِّنَا وَمِش حَا نِعمِل عمل بِالشكل بس .. عشان كِده أنَا بقُول إِنْ إِحنا لاَزِم نِحفظ نَفْسِينَا فِي فِترِة الصُوم أحكِي لكُمْ حِكاية عَنْ حِفظ الأُذُن .. فَالقِدِيس يِحنِس القَصِير ذات مرَّة نِزِل إِلَى البلد لِيَبِيع القُفف ( عمل يَدِيه ) وَطلب مِنَّه الأباء الرُهبان أنْ يَبِيع القُفف الَّتِي لَهُمْ أيضاً .. وَفِعلاً أخذ القُفف وَنزل إِلَى البلد وَكانت القُفف كَثِيرة جِدّاً عليه لِدَرَجِة إِنَّهَا كانِت تُقع مِنَّه لأِنَّه كان قَصِير .. وَهُوَ مَاشِي وَالقُفف كِتِيرة عليه وَهُوَ مِش قَادِر وَالقُفف شوية تُقع مِنّه يِوَطِّي يِجِيبهَا .. تُقع مِنَّه يِوَطِّي يِجِيبهَا وَكَانَ هُناك جماعة عرب راكبِين جِمال – وَهُمَّ كَانُوا يِحِبُّوا الرُهبان جِدّاً وَيِخافُوا مِنْهُمْ وَكَانُوا يَقُولُون عَنْ الرُهبان أنَّهُمْ قِدِيسِين يِعرفُوا رَبِّنَا – فَأوِّل مَا رأى جَماعِة العرب القِدِيس يِحنِس قَالُوا لَهُ تَفَضَّل يَا أبُونَا وَاِركب مَعَنَا .. فَوَافِق أبُونَا يِحنِس وَركب أحد جِمالهُمْ وَكانت القُفف مَعْهُ .. فَأوِّل مَا جلس عَلَى الجمل وَبدأوا فِي المَسِير كَانَ يُغمِض عينيهِ وَكَانَ يُصَلِّي الصلوات الخاصة لَهُ وَفِي نَفْس الوقت كَانُوا يَتَحَدَّثُون بِأحَادِيث غِير طَاهِرة .. وَكانت أُذُن القِدِيس يِحنِس تسمع إِليهِمْ وَكَانَ يُحَاوِل أنْ لاَ يسمع وَلَكِنْ أُذُنه كانت تسمع مَا يُقال مِنْ هؤلاء النَّاس .. وَهُوَ عِندما رأى إِنَّه لاَ يقدِر أنْ يغلِب أُذُنه فَنط مِنْ عَلَى الجمل وَرِجع إِلَى الدِير بِسُرعة وَهُوَ يجرِي .. فَعِندما وصل إِلَى الدِير سألهُ الرُهبان : هل بِعت القُفف بِهذِهِ السُرعة ؟ فَقَالَ لَهُمْ : إِنِّي نَسِيت القُفف فوق الجمل .. فَسَألوه عَنْ مَا جرى مَعْهُ فَقَالَ لَهُمْ : عِندما سمعتهُمْ يَتَحَدَّثُون بِأحَادِيث غِير طاهرة تركتهُمْ وَأتيت إِلَى الدِير بِسُرعة مَحَبِش وِدانه يدخُل لَهَا حدِيث وِحش .. إِنتِ بِتخَلِّي وِدَانِك يدخُل لَهَا حدِيث وِحِش وَالاَّ .. لأ .. إِوعِي تخلِّي وِدَانِك يدخُلهَا حدِيث وِحِش فَهُناكَ خطر .. لاَ يَجِب أنْ نسمع إِلَى هذِهِ الأنواع مِنْ الأحَادِيث .. فَيَجِب أنْ نقُوم بِسُلُوك يَتَفِق مَعَ أولاد الله .. فَيَجِب أنْ نَكُون مُنضَبِطِين فِي سلُوكنا مِنْ الدَّاخِل فَيَكُون سلُوكنا كَسلُوك أولاد الله .. فَيَقُول المزمُور [ طُوبى لِلرَّجُل الَّذِي لَمْ يسلُك فِي مشورة المُنَافِقِين . وَفِي طرِيق الخُطاة لَمْ يقِف ،وَفِي مجلِس المُستهزِئِين لَمْ يجلِس ] ( مز 1 – مِنْ مَزَامِير بَاكِر ) .. إِنتِ بِتقعُدِي فِي مجلِس مُستهزِئِين ؟!! إِنتِ بِتقعُدِي فِي أحادِيث تِتكَلِّم كَلاَم مِش كُوَيِس وَإِسمِك صَايمة ؟!! يُبقىَ صُوم إِيه ده ؟ فَهَذَا لاَ يلِيق .. فَنَحْنُ بِهذِهِ الطرِيقة نِعَذِّب أجسادنا .. فَهَذَا لَيْسَ صُوم فَإِنَّ رَبِّنَا يُرِيد أنَّنَا نقتنِي فضائِل وَنَتَقَدَّس فِي حياتنا وَنبتعِد عَنْ الأحَادِيث البطّالة .. فَعِندما نَتَعَرَّض إِلَى كَلاَم مِش كُوَيِس مِنْ أحد الأشخاص فَنَقُول لَهُ : لاَ نُحِب أنْ نَتَكَلَّم فِي مِثْل هذِهِ الأحَادِيث وَنُصِر عَلَى موقِفنا وَيَجِب أنْ يُحترم رأيِنَا .. فَلاَ نستمِر فِي مِثْل هذِهِ الأحَادِيث .. فَبِهذِهِ الطرِيقة أذاننا وَأفكارنا وَقُلُوبنا لاَ تَتَقَدَّس فَتَكُون أذاننا غِير مُقَدَّسة وَكَذلِك أفكارنا وَقُلُوبنا وَيَكُون صومنا هذَا بِالشكل فقط .
4/ صُوم اللِسان :-
هل يَلِيق أنَّ شخص يَكُون صَائِم وَيُدِين النَّاس وَيشتِم وَيَقُول أشياء غِير مُقَدَّسة ؟!!فَهَذَا لاَ يُسَمَّى بِالصُوم .. فَالصُوم يَجِب أنْ نُعَبِّر عَنَّه بِإِنفِعالاتنا وَيَكُون كياننا كيان صَائِم وَيَكُون كُلَّ وجدانَّا صَائِم .. فَيَكُون لِساننا صَائِم وَيَجِب أنْ يَكُون لِسان يُبارِك الله وَيُسَبِّح وَيُفَرِّح الله وَيَكُون لِسان يشكُر وَيُمَجِّد رَبِّنَا .. هذَا هُوَ اللِسان الصَائِم يقُول كَلاَم يُمَجِّد رَبِّنَا وَلاَ يُحِب أنْ يذكُر سِيرة النَّاس .. إِنتِ ماكلتِيش لحمة لَكِنْ أكلتِي لحمِة مِين ؟ فِي حاجة إِسمهَا صِيام وَإِحنا بنجِيب سِيرِة بعض بِكَلاَم مِش كُوَيِس ؟!! ده إِسمه صِيام !! اللِسان لاَزِم يصُوم .. يَجِب أنْ نُدَرِّب اللِسان بِأنَّهُ يَكُون لِسان مُقَدَّس وَلِسان مُنضَبِط أحكِي لكُمْ حِكاية عَنْ حِفظ اللِسان .. ذاتَ مرَّة كَانَ هُناك رُهبان يركبُون مركِب مِنْ بلد إِلَى بلد أُخرى وَكَانَ عددهُمْ خمسة رُهبان وَكَانُوا يَتَحَدَّثُون .. وَكَانَ فِي رَاهِب يركب معهُمْ فِي نَفْس المركِب .. وَقَالُوا لاَ يلِيق أنْ يترُكوا هذَا الرَّاهِب العجُوز فِي وسط النَّاس .. فدعوه أنْ يجلِس بِوَاسَطِهِمْ وَقبلَ الرَّاهِب العجُوز الدعوة .. وَجلس معهُمْ وَظلَّ سَاكِتاً لِمُدَّة ثَلاَثة أيَّام وَهيَ مُدَّة الرِحلة .. وَكَانَ لاَ يَتَكَلَّم وَكَانَ مُغمض العينين .. وَعِندما وصلُوا إِلَى الدِير علموا أنَّ هذَا الرَّاهِب العجُوز سَيَزورهُمْ فِي دِيرهُمْ .. فَقَالُوا لَهُ : تِشَرَّفنا وَتبارِكنا يَا أبُونَا .. إِتفضل .. وَعِندما رأه رَئِيس الدِير سَجَدَ لِهذَا الرَّاهِب .. فَاستغربُوا الرُهبان جِدّاً .. فَقَالَ لَهُمْ رَئِيس الدِير هذَا هُوَ الأنبا دَانِيال أب كُلَّ الرُهبان .. هذَا هُوَ الأب الَّذِي يأخُذ إِعترافات كُلَّ الرُهبان .. فَالرُهبان إِتكسفُوا جِدّاً مِنَّه لأِنَّهُمْ أثناء رِحلِة المركِب ظلُّوا يَتَحَدَّثُوا فِي أشياء كَثِيرة جِدّاً وَكَانُوا يأتوا بِسِيرة النَّاس مِنْ الشرق إِلَى الغرب – فَإِتكسفُوا جِدّاً – لأِنَّهُمْ كَانُوا لاَ يعرِفوه وَعملُوا كُلَّ ده قُدَّامه – فَعِندما جلسُوا معهُ قَالُوا لَهُ مِنْ فضلك يَا أبانا قُل لَنَا كَلِمة منفعة فَقَالَ لَهُمْ الأنبا دَانِيال : أنَا قعدت معكُمْ ثَلاَثة أيَّام ( وَكَانُوا مكسوفِين جِدّاً مِنّه ) فَقَالَ لَهُمْ [ ضع ياربَّ حَافِظاً لِفَمِي ، وَباباً حَصِيناً لِشَفَتَيَ ] ( مز 140 – مِنْ مَزَامِير النُوم ) فَعِندما قَالَ لَهُمْ ذلِك عرفوا مدى خطأهُمْ .. فَقَالَ الأنبا دَانِيال لَهُمْ : لِسانكُمْ عَامِل زي– قَالَ لَهُمْ 3 تشبِيهات – :-
أ- البِيت الَّذِي بِلاَ باب فَإِنَّ البِيت الَّذِي بِلاَ باب أي شخص يدخُل وَيخرُج زي مَا هُوَ عَايِز .
ب- الخِيل الَّذِي بِلاَ لِجام وَالخِيل الَّذِي بِلاَ لِجام يِمشِي زي مَا هُوَ عَايِز .
ج- المركِب الَّذِي بِلاَ شِراع وَالمركِب الَّتِي بِلاَ شِراع تَسِير كَمَا تأخُذهَا الرِيح .
كَذلِك اللِسان الغِير مضبُوط يَكُون زي بِيت مِنْ غِير باب وَحُصان مِنْ غِير لِجام وَمركِب مِنْ غِير شِراع .. قَالَ لَهُمْ الأنبا دَانِيال : أنتُمْ ألسِنتكُمْ سَائِبة .. فَاللِسان يَجِب أنْ يصُوم .. لاَ نُصّوِّم الجسد فقط بِالأكل بَلْ أيضاً اللِسان وَالعِين وَالفِكر وَالأُذُن .. فَإِذا لَمْ نُصَوِّم كُلَّ هذِهِ الحواس فَلاَ يَكُون هُناكَ صوم حَقِيقِي رَبِّنَا عَارِف الإِنسان وَعَارِف النَّفْس وَعَارِف كَيْفَ يُفَكِر الإِنسان بِدَاخِله .. فَإِنَّ رَبِّنَا يرى الأعماق .. فَإِنَّ رَبِّنَا يُرِيد صُوم النَّفْس أهم مِنْ صُوم الأكل وَالشُرب وَأهم مِنْ صُوم الجسد .. رَبِّنَا عَايِز نِفُوسنا تَكُون نِفُوس صَائِمة لَهُ – فَهَذَا أهم شِئ – فَإِنَّنَا نُصَوِّم الفِكر وَالعِين وَالأُذُن وَاللِسان فَلاَ يَجِب أنْ نَتَكَلَّمْ بِدون أنْ نُفَكِر وَنأتِي بِسِير النَّاس وِنِغلط فِي النَّاس وَنَحْنُ لاَ ندرِي وَهُنَا نَكُون كَالبِيت الَّذِي بِلاَ باب .. نَحْنُ عِندما نأكُل يَجِب أنْ نمضُغ الطعام قبل مَا يِنزِل إِلَى المِعدة كَذلِك الكَلاَم قبل مَا يُقال يَجِب أنْ نمضُغه فِي فِكرِنا فَلاَ يلِيق أنْ نَتَكَلَّم بِدون أنْ نِفَكَّر فَبِهذِهِ الطرِيقة مُمكِنْ أنْ نِغلط .. فَيَجِب فِي فِترة الصُوم أنْ نُصَوِّم اللِسان لَيْسَ فقط عَنْ الأكل وَلَكِنْ عَنْ الكَلاَم الرَدِئ وَعَنْ النَمِيمة وَعَنْ سِير النَّاس وَعَنْ الأغَانِي عَنْ كُلَّ مَا هُوَ غِير لاَئِق بِأولاد الله .
5/ صُوم القلب :-
القلب هُوَ الفِكر وَهُوَ العِين وَهُوَ الأُذُن وَهُوَ اللِسان .. فَكُلَّ حاجة تأتِي إِلَى القلب فَالقلب هُوَ المركز .. مركز العواطِف وَالإِرادة وَالحياة وَلِذلِك يَقُول رَبَّنَا يَسُوع المَسِيح [ يَا ابنِي أعْطِنِي قلبك ] ( أم 23 : 26 ) .. بِمعنى أعطنِي فِكرك وَعِينك وَأُذُنك وَلِسانك فَإِنَّ القلب هُوَ دِينامو حياتنا .. فَلِذلِك يَجِب أنْ يصُوم القلب وَيَكُون مشغُول بِأشياء حِلوة وَيهتم بِأشياء حِلوة وَيشتهِي أشياء حِلوة .. هذَا هُوَ صُوم القلب وَهُوَ صُوم الإِنسان الَّذِي يُقَدِّس كُلَّ كيانه إِلَى الله هذَا هُوَ صُوم القلب وَهُوَ أنَّ الإِنسان تَكُون مشاعره وَحواسه تَقَدَّست بِرَبِّنَا هذَا هُوَ صُوم القلب .. فَصُوم القلب هُوَ أنَّ الإِنسان يُنَقِّي نَفْسه مِنْ كُلَّ كَلِمة غِير طاهرة وَكُلَّ مشاعِر غِير مُقَدَّسة .. فَلاَ يلِيق أنْ يَكُون الإِنسان صَائِم وَيِكره الَّذِينَ حوله .. فَمِنْ غِير المُمكِنْ أنْ يَكُون الإِنسان صَائِم وَيِخاصِم أحد أوْ يُدَبِّر مكِيدة لأِحد فَالصُوم معناه قلب نقِي .. قلب مُقَدَّس .. قلب يِفكر فِي أمور لاَئِقة وَنافعة وَمُقَدَّسة هذَا هُوَ القلب الصَائِم .. لِذلِك يقُول المزمُور [ قلباً نَقِياً إِخلِق فِيَّ يَا الله ] ( مز 50 ) وَالفِكر مَعَ العِين مَعَ الأُذُن كُلَّهَا مِتوصَلة بِقنوات تِنَّزِل عَلَى القلب .. وَالقلب يِطَلَّع عَلَى اللِسان فَإِنَّ[ مِنْ فَضْلَةِ القلبِ يَتَكَلَّمُ الفَمُ ] ( مت 12 : 34 ) .. وَلِذلِك فِي تسابِيح الكَنِيسة نقُول[ قلبِي وَلِسانِي لِلثَّالُوث يُسَبِحان ] .. [ لأِنَّ القلب يُؤمِنُ بِهِ لِلبِرِّ وَالفم يُعْتَرَفُ بِهِ لِلخَلاَصِ ]( رو 10 : 10) فَكُلَّ حواسِي يَجِب أنْ تشترِك فِي موضُوع الصُوم .. فَهَذَا هُوَ الصُوم المقبُول .. هذَا هُوَ الصُوم الَّذِي يُرِيدنا الله أنْ نصومه .. فَعِندَ الصِيام نفحص أنفُسنَا مِنْ أحَادِيث وَنظرات وَأفكار وَمُعاشرات فَنطلُب المعونة مِنْ رَبِّنَا فِي صُوم الفِكر وَصُوم العِين وَصُوم الأُذُن وَصُوم اللِسان وَصُوم القلب حَتَّى أكُون صَائِم بِالرُّوح وَلَيْسَ بِالأكل فقط .. فَإِنَّ صُومنا لَهُ فِكر رُوحانِي أعلى بِكَثِير مِنْ أنَّنَا غيَّرنَا أنواع الأكل بِأنواع أُخرى .. لأِنَّ الصُوم لَيْسَ معناه أنْ نُطِيع شهواتنا فِي كُلَّ شِئ بَلْ يَجِب أنْ يَكُون صُوم رُوحانِي .. نُرِيد أنْ نُقَدِّم لِرَبِّنَا صُوم بِإِرادة حِلوة صُوم إِنسان عَايِز يِتغَيَّر .. عَايِز يِتحَسِّن .. فَعِندما ندخُل إِلَى الصُوم يِتعِمِل لِينَا عمره وَنخرُج مِنَّه مُقدَسِين وَمُبررِين وَلاَ نِلخبط بعد الصُوم لأِنَّنَا إِكتسبنَا فضائِل جَمِيلة نُرِيد أنْ تدُوم فِينَا رَبِّنَا يِسنِد كُلَّ ضعف فِينا بِنِعمِته وَيِكَمِّل نقائِصنا وَلإِلهنا المجد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين