فأذ قد تبررنا لنا بإلايمان

يقول معلمنا بولس الرسول ” الذي أُسلِمَ من أجل خطايانا وأُقيمَ لأجل تبريرنا “ ( رو 5 : 1 ) .. بمعنى إن كان هناك شخص عليه دِين وجاء الآخر ووفَّى الدِين وأيضاً أعطاه مبلغ من المال لكي يعيش منه هذا هو التبرير .. فإن الله رآنا في عمق أعماق الخطية فجاء وفدانا لكي يعطينا براءة من الخطية .. ولم يكتفي الله أن يعطينا براءة بل أعطانا رصيد حياة أبدية مفهوم البر أن الإنسان يكون بار أي بلا خطية .. فكيف يكون الإنسان بلا خطية ؟ يقول داود النبي ” طوبى للرجل الذي لا يحسب له الرب خطية “ ( رو 4 : 8 ) .. كيف ؟ والكتاب يقول ” ليس بار ولا واحد “ ( رو 3 : 10) .. نحن خطاه ونصنع أفعال كثيرة .. تعديات .. خطايا .. فمن الذي يتزكى أمام الله نقرأ في سفر أيوب أعماله فإنه كان أب للأيتام .. عين للعميان .. أصنع صَدَقَات .. لَبَسْ البر فكساه كما يقول أيوب ( أي 29 : 14) .. ومع ذلك أيوب لم يكن بار إن أي ميل للخطية هو تعدي والخطية أيضاً لا تتجزأ .. فالكذب مثل القتل أو السرقة مثل الخائف الجميع لا يرث ملكوت السموات .. ” لأن من حفظ كل الناموس وإنما عثر في واحدةٍ فقد صار مُجرماً في الكل “ ( يع 2 : 10 ) .. لذلك حُكم الموت يسري على الكل ويدخل للجميع .. من أبونا آدم والخطية مغروسة فينا .. مثل قطعة الخميرة التي وُضِعت في العجينة .. وبهذا أصبحت الخطية من طبعنا .. يقول الكاهن في القداس ” أُقتُل سائر حركاته المغروسة فينا “ .. كيف يارب نتبرر ؟الإنسان عندما أخطأ حُكِم عليه بالموت والهلاك .. فالخطية بالنسبة لله إحتقار لأوامره وجلاله .. والموت في هذه الحالة يكون أبدي أي بلا نهاية .. لن نرى الحياة الأبدية .. وأوقف الله كاروب بسيفٍ من نار لحراسة طريق شجرة الحياة .. لأننا أخطأنا وجلبنا التعدي على أنفسنا .. ونقول ” فأكلت بإرادتي وتركت عني ناموسك برأيي وتكاسلت عن وصاياك “ ما هو حل الخطية ؟ التبرير .. كيف يتم ذلك يارب ؟ فأعدَّ الله خطة للتبرير منذ وقوع آدم في الخطية ومحاولته ستر نفسه بورق التين .. قال الله له أنه لا يستطيع – آدم – أن يحل مشكلته بيده .. فجاء الله وجاء بذبيحة وسفك دمها وأتى بجِلدها وستر عُري آدم .. لأن المشكلة أكبر من أن يحلها آدم نفسه .. رأى آدم الدم يُسفك من أجله ليرى قسوة الخطية وموتها وبدأ الله يصنع تبرير للفداء .. لأن الله لا يصح أن يقول حُكم ويرجع فيه .. وبما أن محبة الله كاملة .. وبما أنه أمر بطرده نفَّذ كلامه بالطرد ولكن ظلَّ الإنسان على صلة بالله عن طريق الذبيحة .. ” بدون سفك دم لا تحصل مغفرة “ ( عب 9 : 22 ) قديماً كان يتقدم الإنسان بالذبيحة وسفك الدم .. وكان هناك طقس لتقديم الذبائح حتى يشعر الإنسان أن هناك صلة تربطه بينه وبين الله .. كان في الطقس خيمة اجتماع يقدم الناس فيها الذبائح خارجاً خارج مذبح النُحاس .. ذبائح موضوعة ونار مستديمة وكل هذا لا يكفي أن يفي العدل الإلهي حقه .. ولا يعطي للإنسان بر .. بل تعطي صلح مؤقت .. داخل خيمة الإجتماع يوجد قدس وقدس الأقداس .. القدس يدخله الكهنة وقدس الأقداس يدخله رئيس الكهنة ومرة واحدة في السنة .. ويوجد بين القدس وقدس الأقداس حجاب عبارة عن ستار مرسوم عليه منظر الكاروب الذي كان يوجد في الممر إلى شجرة الحياة لحراستها وبما أن الله عدله كامل لأن الكتاب يقول ” مُبرِّئ المُذنب ومُذنِّب البرئ كلاهما مكرهة الرب “( أم 17 : 15 ) .. كان رئيس الكهنة يدخل مرة كل سنة إلى قدس الأقداس ومعه طبق به دماء الذبيحة التي ذُبِحت عن الشعب كله ويدخل ويرش هذا الدم على غطاء تابوت العهد لكي يرى الله الدم فيغفر إذاً بر إنسان العهد القديم موجود ولكنه مأخوذ من الذبيحة .. لكنها ناقصة وأخذت قُوِّتها من الصليب ( ذبيحة العهد الجديد ) .. لذلك قيل على أخنوخ مثلاً أنه بار .. ولكنه بر من المسيح .. ” ليس مولود امرأة يتزكى أمامك “ .. وعندما جاء المسيح أبطل ذبائح العهد القديم لأن حمل الله الذي يحمل خطية العالم جاء عندما نتساءل لماذا جاء يسوع ووُلِد في مذود ؟ فالإجابة تأتي دائماً بالخطأ ونقول بسبب الإتضاع ولكن الحقيقة لأنه الذبيحة التي ستُذبح من أجلنا .. ومكان الذبيحة المذود .. ذبيحة من نوع جديد .. ذبيحة ناطقة سمائية .. ذبيحة إلهية تُقدم بروح أزلي غفران لخطايانا .. لذلك عندما أراد يوحنا أن يعرفنا عليه في وسط الجموع قال ” هوذا حمل الله “ ( يو 1 : 29 ) .. وصار في تدبير الفداء إلى أن عُلِّق على الصليب وذُبِح جاء الرب يسوع المسيح بذبيحة نفسه وعدل نفسه وقدم تكفير عن خطايانا .. ولكن ليس بدم خرفان وتيوس وبقر بل بدم نفسه .. الذي أعطى فداء وتبرير أيضاً لأنه دم ابن الله .. وأما دم الخروف والأبقار يعطي فداء فقط وليس تبريرفالتبرير هو إننا أصبحنا غير خطاه وأيضاً أبرار .. تبررنا بالمسيح لأنه أخذ جسدنا نيابةً عنا .. ورأى الآب في المسيح كل البشر بخطاياهم .. وأصبحنا بعد ما كنا مطرودين من حضرة ربنا أصبحنا من سكان السما لأننا أصبحنا أبرار .. نحن أبرار وقديسين الآن بشفاعة المسيح الكفارية التي تعطينا استحقاقنا .. دخل المسيح بدمه وصنع الصُلح وتقدمنا جميعنا للأقداس وأصبحنا الآن نرى عرش الآب عندما يُفتح ستر الهيكل في الكنيسة .. ويوجد جسد ودم المسيح موضوعين على المذبح وليس هذا فقط بل تأكلهم وتشربهم .. عكس ما كان يحدث قديماً في العهد القديم .. فلا يستطيع أحد أن يرى تابوت العهد ولا يدخل أحد إلى قدس الأقداس عدا رئيس الكهنة لكي يرش الدم على التابوت .. والآن نحن مرشوشون بالدم في كل أعضاءنا .. وعندما يرى الآب دم ابنه داخلنا يغفر خطايانا قديماً كان هناك شريعة " شريعة لتطهير الأبرص " .. والبرص مرض مرتبط بالخطية .. كما رأينا نعمان عندما أخطأ أُصيبَ بالبرص .. ومريم أخت هارون عندما تكلمت على موسى النبي أُصيبت بالبرص .. ولكي يتطهر الأبرص كان يذهب إلى الكاهن ويحضر له الكاهن طبق وماء وعصفورين يقوم بذبح أحدهما ويسقط الدم على الماء الذي في الطبق .. ثم يأتي الكاهن بخشبة ويأخذ من دم العصفورة المذبوحة ويدهن بها العصفورة الحية ثم يُطلِق العصفورة الحية لتطير ويأخذ من الدم والماء ويرش بها على الأبرص وبذلك يكون الأبرص تطهر رغم أن المرض داخله .. نحن أيضاً كذلك الخطية داخلنا ولكن عندما يأتي علينا الدم نتطهر .. ” دم يسوع المسيح ابنه يُطهرنا من كل خطيةٍ “ ( 1يو 1 : 7 ) .. أصبحنا الآن من أهل الملكوت ويقول لنا ” تعالوا يا مُباركي أبي “ ( مت 25 : 34 ) .. أصبحنا أبرار في المسيح يسوع عندما أراد معلمنا بولس الرسول أن يفك بعض الرموز قال لنا عن الحجاب الذي كان يمنعنا أن ندخل للأقداس .. قال لنا أن الحجاب هو المسيح ولكي أدخل للأقداس عليَّ أن أمُر على الحجاب .. أي المسيح .. هو الذي يعبر بنا وينقلنا إلى الأقداس لهذا بدأ الإنجيل بأن الإنسان طُرد من الفردوس وانتهى بكلمة ” آمين تعال أيها الرب يسوع “( رؤ 22 : 20 ) .. لأنه الإنسان الذي تبرر وقال أيها الرب تعال .. لذلك علمنا الرب يسوع المسيح في الصلاة أن نقول ” ليأتِ ملكوتك “ .. يارب تعال .. آمين تعال يارب التبرير أعطانا نصيب المسيح وجعلنا أبرار عندما أخذ شكلنا وطبعِنا وقدِّسه .. جاء يسوع المسيح وتجسد وجعلنا خِلقة جديدة وعجينة جديدة .. لذلك نحن لنا ولادتين .. ولادة بالجسد وأخرى بالروح– المعمودية – .. ” أنعم لنا بالميلاد الذي من فوق بواسطة الماء والروح “ رفع عنا حكم الموت وأعطانا رصيد حياة أبدية .. نقلنا من الظلمة إلى النور .. وأصبحنا نفعل مشيئة الله والوصايا ونقول له ” أن أفعل مشيئتك يا إلهي سُررت .. وشريعتك في وسط أحشائي “( مز 40 : 8 ) إكتشف نصيبك في المسيح يسوع لتفرح لأن ربنا يريد أن يبررنا فنتعزى جداً ربنا يسوع المسيح الذي يبررنا يجعلنا أبرار ويعطينا فهم لتبريره ةربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين