التوازن بين الثنائيات

عِندَمَا خَاطب السَيِّد المَسِيح الكَتَبة وَالفَرِّيسِيِين قَالَ لَهُمْ قَانُون رَائِع هُوَ { ينبَغِي أنْ تَعْمَلُوا هذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ } ( مت 23 : 23 ) .. إِفعلُوا هذَا أي حرفِيَّة الأُمور وَلاَ تترُكُوا الرُّوحِيَّات بعض الأُمور تحتاج مِنَّا لإِتِزان وَتَكَامُل بَدَلاً مِنْ الإِزدِوَاجِيَّة وَالتَعَارُض تحتاج تَكَامُل وَبدلاً مِنْ التَّطَرُّف تحتاج تَوَازُن .. فَمَا هِيَ هذِهِ الأُمور ؟
1/ الأُمور الرُّوحِيَّة :-
أ/ الجِهَاد وَالنِّعمة :-
يوجد رأي يَقُول أنَّ التُوبة وَالخَلاَص وَالبَرَكة أُمور مِنْ الله وَلَيْسَ لِلإِنْسَان يَد فِي ذلِك لكِنْ يَقُول لله { تَوِّبْنِي فَأتُوبَ } ( أر 31 : 18 } .. وَالله سَيُتَوِبه بِدُون جِهَاد مِنَّه وَعِندَمَا يُرِيد أنْ يُوقِظ ضَمِيره يطلُب مِنْ الله فقط فَيُعْطِيهِ الله يَقَظِة ضَمِير دُونَ جِهَاد مِنْهُ .. وَهذَا منهج البرُوتستَانت إِذْ يَقُولُون { بِالنِّعْمَةِ أنْتُمْ مُخَلَّصُونَ } ( أف 2 : 5 ) .. فَمَا حَاجتنَا لِجِهَاد بعد ؟ مَادَامَ المَسِيح أكمل نَقَائِصنَا فَلاَ نُجَاهِد لأِنَّنَا لاَ نحتاج لِجِهَاد مَادَامت النِّعمة تعمل آخرُون يَقُولُون منهج { لَمْ تُقَاوِمُوا بَعْدُ حَتَّى الدَّمِ ..... } ( عب 12 : 4 ) .. أي يِرَكِزُون عَلَى الجِهَاد فقط وَيَتَنَاسُون عَمل النِّعمة .. وَأحياناً فِي آباء قِدِّيسُون مِثل مجموعِة الفِكر الأُوغُسطِينِي يعتَمِدُون عَلَى النِّعمة فقط .. وَمجموعِة الفِكر العَمُودِي يعتَمِدُون عَلَى الجِهَاد أكثر مِنْ النِّعمة لكِنْ يَجِب أنْ لاَ ننحَاز لِلنِّعمة أوْ لِلجِهاد بَلْ لاَبُد مِنْ التَوَازُن بينَ الإِثنان فَلاَ نُهمِل دُور النِّعمة وَلاَ نُهمِل دُور الجِهَاد .. السَيِّد المَسِيح سأل مَرِيض بِركِة حَسدَا { أتُرِيدُ أنْ تَبْرَأ } ( يو 5 : 6 ) إِذاً هُنَا طَلب الإِرادة وَالجِهَاد .. لكِنْ لاَبُد أنْ نَتَأكد وَنَثِق أنَّ كُلَّ جِهَادنَا بِدُون النِّعمة بَاطِل لاَبُد مِنْ التَوَازُن بينَ الجِهَاد وَالنِّعمة .. سَأجَاهِد بِسَند مِنْ النِّعمة وَلولاَ عمل النِّعمة مَا استحققت شِئ حَتَّى أنَّ الآباء يُعطُونَا مِثال وَيَقُولُون السَفِينة فِي البحر لَهَا شِراع يُسَيِّرهَا لكِنْ الشِراع يحتاج لِلرِياح وَالرِياح تُشِير لِلنِّعمة أمَّا الشِراع فَهُوَ يرمُز لِلجِهَاد .. فَإِنْ وُجِدَ شِراع بِدُون رِياح أوْ رِياح بِدُون شِراع لاَ تَسِير السَفِينة فِي البحر .. هَكَذَا الجِهَاد بِدُون النِّعمة أوْ النِّعمة بِدُون الجِهَاد .. أنَا أصُوم وَأجَاهِد وَبِالنِّعمة جِهَادِي الضَعِيف يِخَلَّصنِي .. إِذاً هُناك تَكَامُل بينَ مَا هُوَ إِلَهِي وَمَا هُوَ إِنْسَانِي لكِنْ الإِيمان بِدُون أعمال مَيِّت ( يع 2 : 20 ) .. أرِينِي بِأعمَالك إِيمانك ( يع 2 : 18 ) .. عِندَمَا تبدأ السَيَّارة فِي التَشغِيل فَهذِهِ مسئولِية البَطَارِيَّة لكِنْ سِيرهَا هُوَ مسئولِيِة المُوتور .. فَمَنْ الَّذِي جَعَلَ السَيَّارة تَسِير البَطَارِيَّة أم المُوتور ؟ بِالطبع الإِثنان معاً .. البَطَارِيَّة دُورهَا ضَعِيف وَالمُوتور دُوره أكبر .. الإِنْسَان يُمَثِّل البَطَارِيَّة يِجَاهِد لكِنْ جِهَاده الضَعِيف بِدُون النِّعمة أي المُوتور لاَ ينفع .. يَجِب عَلَيَّ أنْ أصَلِّي وَأصُوم وَأحفظ حَوَاسِّي وَالنِّعمة تِكَمِّل .. لذلِك إِحذر أنْ تِجَاهِد بِدُون إِيمان فِي النِّعمة وَإِحذر أنْ تَتَكِل عَلَى النِّعمة بِدُون جِهَاد .
ب/ الجَسَد وَالرُّوح :0
هُناك مَنْ يرفُض كُلَّ مَا هُوَ جَسَدِي وَيقبل كُلَّ مَا هُوَ رُوحَانِي وَهُناك العكس .. لكِنْ الله خلقنَا بِالجَسَد وَلَنَا رُوح إِذاً هُناك إِتِزان بينَ الإِثنان .. الله أعطَانَا جَسَد وَعَلِّمنَا كَيْفَ نهتم بِهِ وَبُولِس الرَّسُول يَقُول { أقُوته وَأُرَبِّيه } ( أف 5 : 29 ) .. وَعِندَمَا كَانِت الجُمُوع مَعَ ربَّ المجد ثَلاَثة أيَّام يَعِظَهُمْ إِهتم بِجَسَدهُمْ وَقَالَ لِتَلاَمِيذه أُعطُوهُمْ أنتُمْ لِيأكُلُوا ( لو 9 : 13) .. فَكَيْفَ إِذاً أهتمْ بِالجَسَد دُونَ أنْ أُؤثِر عَلَى الرُّوح ؟ لاَبُد مِنْ الإِتِزان بينَهُمَا هُناك منهج قبل العصر الرَّسُولِي يحتقِر المادة وَبِالتَالِي يحتقِر الجَسَد وَيَتَعَامل مَعْهُ كَأنَّهُ شر لكِنْ بُولِس الرَّسُول يَقُول أنَّ الجَسَد مِنْ الله إِذاً هُوَ مُقَدَّس .. الجَسَد وَعاء لِلرُّوح وَهيكل لهُ لِذلِك أهتم بِهِ .. السبب فِي أنَّ الكِنِيسة الأرثُوذُكسِيَّة إِستوعِبِت وِحدانِيَّة الرُّوح أنَّهَا إِهتَمِت بِالإِتِزان الرُّوح مَعَ الجَسَد لكِنْ الكِنِيسة الغربِيَّة لَمْ تعرِف كَيْفَ تستوعِب وِحدانِيَّة الله فَإِنقَسَمِت وَإِمَّا تُعطِي الجَسَد شَهَوَاته أوْ تُصبِح رُوحَانِيَّة فقط لكِنْ الله قَدَّس الجَسَد وَجعل فِيهِ الرُّوح لِذلِك الجَسَد الَّذِي يشتَهِي يستَطِيع أنْ يَصُوم وَالَّذِي يَتَكَاسل يَقِف لِيُصَلِّي .. لِذلِك لاَبُد مِنْ التَكَامُل بينَ الجَسَد وَالرُّوح وَإِنْ لَمْ تعرِف هذَا التَكَامُل سَتنقَسِمْ وَتَكُون أحياناً شهوانِي فقط وَأحياناً رُوحَانِي وَالآباء يَقُولُون { مَا هُوَ لَيْسَ رُوحَانِي فِي جَسَدِِياته هُوَ جِسدَانِي فِي رُوحِيَّاته } .. أي الَّذِي يأكُل بِشَهوة هُوَ جِسدَانِي فِي رُوحِيَّاته .
ج/ الزَمن وَالأبَدِيَّة :-
يوجد إِنْسَان كُلَّ إِهتِمَامَاته بِالزَمن وَالحَياة وَكُلَّ مَا هُوَ مرئِي فقط وَيَنْسَى الأبَدِيَّة وَآخر يَعِيش الأبَدِيَّة فقط وَيُهمِل الحياة وَيُبغِضُهَا بَلْ وَيرفُضَهَا وَيَقُول أنَّهُ يُرِيد السَّماء وَلاَ يُرِيد الحياة وَقَدْ يَتَخَلَّص مِنْ حياته .. هذَا خطأ وَذَاكَ أيضاً خطأ يَجِب أنْ يَكُون هُناك إِتِزان بينَ الزمن وَالأبَدِيَّة .. وَمَا أجمل الكِنِيسة القبطِيَّة فِي ذلِك فَهيَ تجعلنَا فِي القُدَّاس نحيَا كَأنِّنَا فِي الأبَدِيَّة وَلأِنَّنَا قَدِّسنَا الزمن بِالصَلاَة فَنَحْنُ قَدْ حَوِّلنَا الزَمن المَيِّت إِلَى زَمن خَالِد فِي الأبَدِيَّة أوْ إِلَى دَقَائِق حَيَّة تشفع لَنَا فِي الأبَدِيَّة .. يَجِب أنْ تَتَبَارك الحياة فِينَا وَلاَ نرفُضهَا الكِنِيسة مُهتَمَّة بِمَشَاكِل الحياة فَنَقُول فِي القُدَّاس { أصعِدَهَا كَمِقدارِهَا كَنِعمِتِك . فَرِّح وَجه الأرض لِيرو حرثُهَا وَلِتكثُر أثمارُهَا } ( مَا يُقال بعد أوشِيِّة أهوِية السَّماء ) .. الكِنِيسة قَدِّسِت الزَمن وَأهتَمِت بِالحياة فَتُصَلِّي لِلأرملة وَاليَتِيم وَالغَرِيب وَالضِيف وَالمحبُوس .. آخر يَقُول العالم يمضِي وَشَهوته ( 1يو 2 : 17 ) .. نُجِيبه نعم العالم يمضِي لكِنْ كَيْفَ تبدأ الأبَدِيَّة مِنْ الزَمن أي مِنْ الآن وَنَحْنُ فِي وَاقِع الزمن ؟ .. { تَأتِي سَاعَةٌ وَهيَ الآنَ } ( يو 5 : 25 ) .. أي وَنَحْنُ فِي الزَمن لأِنَّ المَسِيح عِندَمَا جَاءَ بَارك الزَمن حَتَّى تبدأ الأبَدِيَّة بِالزَمن لِذلِك جَاءَ فِي زمن مُحَدَّد عَلَى الأرض .. إِذاً هُوَ بَارك الزَمن وَالأبَدِيَّة هِيَ إِشتِياقنَا .. { لِي الحيوةَ هِيَ المَسِيحُ وَالمَوْتُ هُوَ رِبحٌ } ( في 1 : 21 ) .. الحَياة حِلوة فِي المَسِيح وَالأبَدِيَّة أجمل .. لاَ نرفُض الحَياة لكِنْ إِنْ سَمح الله بِالموت لاَ نرفُض .
2/ الأُمور الإِجتِمَاعِيَّة :-
أ/ الإِهتِمَامَات وَالمُعَامَلاَت :-
أحياناً فِي إِهتِمَامَاتنَا لاَ نعرِف الإِتِزان فَنهتمْ بِشِئ وَاحِد وَنترُك أشياء أُخرى أي يَكُون لدينَا تَطَرُّف فِي الإِهتِمَامَات لِشِئ عَلَى حِسَاب آخر مِثل الأصدِقاء .. التِلِيفِزيُون .. العمل .. وَنرفُض الآخر .. لاَ .. لاَبُد مِنْ الإِتِزان وَترتِيب الإِهتِمَامَات .. هُناك كِتاب يَقُول أنَّ لديكَ أربعة إِهتِمَامَات عَليكَ أنْ تُرَتِبهَا :0
i. شِئ عَاجِل جِدَّاً لكِنْ غِير هَام .
ii. شِئ عَاجِل جِدَّاً وَهَام جِدَّاً .
iii. شِئ هَام لكِنَّه غِير عَاجِل .
iv. شِئ غِير هَام وَغِير عَاجِل .
فَمَا أهم هذِهِ الأربعة فِي رَأيك ؟ شِئ طَبِيعِي أنْ نَقُول أنَّ الشِئ المُهِمْ جِدَّاً وَعَاجِل جِدَّاً هُوَ رَقم وَاحِد أمَّا الغِير مُهِمْ وَغِير عَاجِل هُوَ رَقم أربعة .. يُجِيب الكِتاب وَيَقُول أنَّ الترتِيب يَجِب أنْ يَكُون بِالعكس .. فَقد تَضطَرِنَا الظُرُوف لِشِيءٍ مَا .. لكِنْ الغِير مُهِمْ وَغِير عَاجِل يَضِيع وَسط هذِهِ الإِضطِرَارَات .. فَمَثَلاً الدِراسة مُهِمَّة لكِنَّهَا غِير عَاجِلة لِذلِك قَدْ نُهمِلهَا .. أيضاً الثَقَافة مُهِمَّة لكِنَّهَا غِير عَاجِلة .. أيضاً الصِحَّة قَدْ نَرَاهَا مُهِمَّة لكِنَّهَا غِير عَاجِلة فَننتَظِر حَتَّى نِمرض كي نهتم بِهَا .. كَيْفَ نِرَتِب إِهتِمَامَاتنَا ؟ أحياناً لاَ نعرِف ترتِيب أولَوِيات الحياة .. إِنْسَان يَنام حَتَّى الظَّهِيرة هذَا لاَ يُرَتِب أولَوِياته .
أيضاً المُعَامَلاَت قَدْ نَتَدَاخل جِدَّاً أوْ نَتَخَاصم جِدَّاً وَلاَ يوجد لدينَا أمر وَسط .. هذَا خطأ جِدَّاً .. لاَبُد مِنْ تَوَازُن فَهُناك مَنْ يكتَسِب صَدِيق وَيرفُض الآخَرِين وَيرفُض أنْ يَكُون لِصَدِيقه أصدِقاء آخَرِين غِيره .. آخر مُتَطَرِّف فِي مُعَامَلاَته وَخَاصةً مَعَ مَنْ هُمْ مِنْ غِير بِيئته .
ب/ القَدِيم وَالجَدِيد :-
أحياناً لاَ نعرِف التَوَازُن بينَ القَدِيم وَالجَدِيد فَهُناك ثَوَابِت فِي الحَياة مِثل التعلِيم وَالأُسرة وَ حَتَّى فِي الكِنِيسة توجد ثَوَابِت مِثل القُدَّاس وَالعَشِيَّة وَالتَّسبِحة وَهذَا قَدِيم لاَ يَتَغَيَّر لكِنْ الجَدِيد أنْ نُطَوِر الأُسلُوب سَواء فِي الإِجتِمَاعات أوْ المُعَامَلاَت أوْ الدِراسة هُناك مَنْ يَقُول أنَّ الكِتاب يَقُول{ فَلَيْسَ تَحْتَ الشَّمْسِ جَدِيدٌ } ( جا 1 : 9 ) .. آخر يَقُول أنَّ الرُّسُل لَمْ يستخدِمُوا التِلِيفُون أوْ نلغِي الميكرُوفُونات وَنَعُود لاستعمال الإِنبِل .. هذَا تَطَرُّف الله سَمح أنْ يَتَطَور العالم فَإِستخدِم هذَا التَطَوُر وَحَافِظ عَلَى تُراثك القُدَّاس لَيْسَ بِهِ تَرَانِيم وَالتَّسبِحة ثَابِتة لكِنْ إِنْ أردت أنْ تِرَنِّم فَهُناك إِجتِمَاعات رُوحِيَّة إِذاً لَنَا القَدِيم وَالجَدِيد .. نَتَقَدَّم حَامِلِين تُراثنا لِذلِك الكِنِيسة تستخدِم الأُمور الحَدِيثة الفِيديو وَالفِيديو كُومفرانس ( بِمعنَى لَوْ البَابَا فِي العَبَاسِيَّة وَفِي مؤتمر فِي الفيُوم ، البَابَا شَايِفهُمْ وَهُمَّ شَايفِينه ،وَمُمكِنْ وَاحِد يِرفع صِبَاعه وَيِسأل سؤال وَالبَابَا يُجِيبه ) وَالكومبيوتر وَأحدث وَسَائِل الإِتِصال تستخدِمهَا الكِنِيسة هذِهِ لَيْست هرطَقَات لأِنَّ المَسِيح قَالَ مَا جِئت لأنقُض بَلْ لأُِكَمِّلَ ( مت 5 : 17 ) .. لاَ تُحَرِّك التُّخُوم وَلاَ تُحَرِّك الحُدُود أي الكِنِيسة سَلِّمِتنَا تُراث نِسَلِّمه لِمَنْ بعدِنَا لكِنْ هُناك تحدِيث لِلخِدمة فِي الوَسَائِل وَالمَنَاهِج وَهذَا أمر مُهِمْ .
ج/ الخَيَال وَالوَاقِع :-
أحياناً تَكُون حياة الإِنْسَان كُلَّهَا خَيال وَآخر يَعِيش كُلَّ حياته عَلَى إِنَّهَا أشياء فَاشِلة لَمْ تَتَحَقق وَلَيْسَ لديهِ خَيال لِيُطَوِّرهَا .. آخر يَعِيش كُلَّ حياته أحلام يَقَظة وَيِمَنِّي نَفْسه بِأشياء فوقَ إِستِطَاعته مِثل تلمِيذ الرهبنة الَّذِي جَاءَ فِي خَيَاله أنَّهُ سَيُصبِح بطريرك فَذهب إِلَى الدِير وَعَلَى بَابه سأل هَلْ هذَا هُوَ الدِير الَّذِي يِخَرَّج أسَاقِفة وَبَطَارِكة ؟ هذَا النُوع يصطَدِم بِالحَقِيقة .. لاَ .. كُنْ وَاقِعِي آخر يَقُول هَلْ تَتَخَيَّل أنَّنَا سَنَجِد لَنَا طَرِيق فِي هذَا البلد المُغلق ؟ الكُلَّ أفلس وَالمُستقبل أمَامنَا يَتَشِح بِالسَوَاد وَالخرُوج أيضاً مُخَاطره غِير مضمُونة .. إِنْسَان مُتَشَائِمْ لأِنَّهُ لَيْسَ لديهِ خَيَال معقُول .. لاَبُد مِنْ الإِتِزان .. أحياناً يَكُون لدينَا نُقطة العَاطِفة غَالبة الفِكر وَنَكُون عَاطِفِيين جِدَّاً وَنَلغِي الفِكروَلاَ نِفَكَّر بِنِهايِة هذِهِ العَاطِفة هَلْ هذِهِ العِلاَقة سَتُثمِر عَنْ إِرتِباط أم تنتهِي إِلَى لاَ شِئ .. يَجِب أنْ يَكُون لديكَ رؤية فَلاَ تَكُون مُتَشَائِم وَلاَ مُتَفَائِل جَيِّد فِي الكِنِيسة القبطِيَّة أنَّ السَّماء وَالأرض إِلتقِيَا فِي نُقطة وَاحِدة عِندَ نهر الأُردُن حيثُ أنَّ السَّماء إِنفَتَحِت .. لِذلِك الكَاهِن يِقَدِّس الخُبز وَالخمر بِوَاقِع جَسَد حَقِيقِي وَدم حَقِيقِي وَنَقُول " آمِين " لأِنَّهُ وَاقِع وَلكِنَّهُ وَاقِع سِرِّي لأِنَّ الخُبز مِنْ ثِمار الأرض الملعُونة وَكَأنَّ الأرض تَصَالحت مَعَ السَّماء لأِنَّنَا أخذنا مِنْ ثِمار الأرض الملعُونة جَسَد المَسِيح وَبِذلِك تَبَاركت الأرض إِذاً فِدَائه وَاقِع وَلَيْسَ خَيَال لأِنَّهُ جَاءَ بِجَسَد حَقِيقِي وَتَألَّم فِعلاً .. حَياة وَاقِعِيَّة لِذلِك أيضاً لاَ نُصَلِّي بِالفِكر فقط بَلْ بِالفِكر وَالمادة فَالمعمودِيَّة صَلاَة سِرِّيَّة وَماء .. السِر لَهُ شرُوط هِيَ مادِة السِر .. لِذلِك لاَ توجد ثُنَائِيَّة فِي المَسِيحِيَّة بَلْ هُناك وِحدة .. هُوَ إتَحد بِطَبِيعِتنَا البَشَرِيَّة .. وِحدة .
د/ الحُرِّيَّة وَالخُضُوع:-
هُناك فِكر يَقُول أنَّ الحُرِّيَّة هِيَ رفض لأِي نوع مِنْ الخُضُوع أوْ القُيُود وَكَأنَّ الحُرِّيَّة هِيَ الإِبَاحِيَّة فَنَجِد أنَّ الحُرِّيَّة بِتِلكَ الصُورة غِير مُفِيدة .. لكِنْ هُناك آخر يَعِيش فِي خُضُوع بِخوف وَقهر أي يحيَا الخُضُوع بِتَزَمُّت وَيحيَا القُيُود .. وَهذَا أيضاً خطأ الحُرِّيَّة الحَقِيقِيَّة فِي المَسِيح .. { فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الاِبنُ فَبِالحَقِيقةِ تَكُونُونَ أحْرَاراً } ( يو 8 : 36 ) ..النَّهر يُرِيد أنْ يَسِير بِحُرِّيَّة فليَسِير لكِنْ تُوضع لَهُ حُدُود .. أيضاً السَيَّارة تُرِيد أنْ تَسِير بِحُرِّيَّة .. نعم .. فَلتَسِير لكِنْ لاَبُد مِنْ إِتِجَاهَات مُوَّحده وَشَوَارِع لَهَا إِشَارات وَإِلاَّ سَتصطَدِم بِأي شِئ في طَرِيقهَا وَتِخرِبه نعم إِنتَ حُر لكِنْ عليكَ أنْ تَتَبِع التعلِيمات .. هَكَذَا تُعطِينَا الكِنِيسة فِكر الحُرِّيَّة فِي الحياة الإِجتِمَاعِيَّة وَالرُّوحِيَّة فَلاَ نَعِيش فِي فِرِّيسِيَّة وَلاَ نَعِيش فِي إِستِهانة .. أحياناً تَذُوب الفرُوق وَلاَ نعرِف هَلْ نَحْنُ أحرار أم خَاضِعِين ؟ أبدِيين أم زَمَنِيين ؟ رُوحِيين أم جَسَدِيين ؟ نِعمِة المَسِيح نَقَلِتنا مِنْ جبل سِيناء الَّذِي أخذنَا فِيهِ الوَصَايَا .. لاَ تقتُل .. لاَ تسرِق .. لاَ .. لاَ .. إِلَى جبل التَّجَلِّي حيثُ صِرنَا مُعَايِنِين عَظَمتهُ ( 2بط 1 : 16 ) وَأكملنَا فِيهِ كُلَّ بِر .. وَلَمْ يعُد هُناك نَامُوس يحكُمنَا لأِنَّهُ أصبح فِينَا وَأصبَحِت الوَصِيَّة لَيْست قُيُود بَلْ طاعِة أبناء وَلَيْسَ عَبِيد .. الكِنِيسة لاَ تعرِف التَّطَرُّف فَنَقُول عِش العالم لكِنْ بِدُون إِبَاحِيَّة .. الكِنِيسة لاَ ترفُض العالم لكِنْ لَهَا حدُود فِي عصر الرُسُل كَانُوا يُقِيمُون أسَاقِفة وَقُسُوس وَيختارُون الأسَاقِفة مِنْ القُسُوس الَّذِينَ هُمْ أصلاً مُتَزَوِجُون ثُمَّ أصبح هُناك كهنة مُتَزَوِجُون وَكهنة غِير مُتَزَوِجِين .. كُلَّ هذَا وَلَمْ يَكُنْ عصر الرهبنة قَدْ بَدأ .. ثُمَّ جَاء مجمع نِيقية فِي عصر الرهبنة فَقَالُوا لاَبُد أنْ يَكُون الكهنة كُلُّهُمْ بَتُولِيين حَتَّى يَتَفَرَّغُوا لِلكِنِيسة كي يختارُوا مِنْهُمْ أسَاقِفة وَاستقرِت الكِنِيسة عَلَى هذَا الوضع لكِنْ أسَاقِفة مصر قَالُوا إِجعلُوا الكهنة مُتَزَوِجِين وَالأسَاقِفة بَتُولِيين لأِنَّ كُلَّ وَاحِد مِنْهُمْ لَهُ فِكر وَلَهُ عَطِيَّة وَبِذلِك يستَطِيعُوا معاً أنْ يخدِمُوا الكِنِيسة .. الكَاهِنْ يَتَزَوج وَيحيَا نَفْس نِير الشَّعْب مِنْ أولاد وَبيُوت وَأُسر فَيعرِف كَيْفَ يخدِمهُمْ وَالأُسقُف مُدَبِّر لِذلِك يَتَفَرَّغ وَيَتَبَتلّ .. وَاستقر المجمع عَلَى هذَا الرأي .. الإِتِزان مُهِمْ لِحياتنَا الرُّوحِيَّة وَالإِجتِمَاعِيَّة فِي كُلَّ الأُمور رَبِّنَا يِسنِد كُلَّ ضعف فِينَا بِنِعمِته لَهُ المجد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين