مَا بَيْنَ القَنَاعْة وَالطَمْع

مِنْ سِفر التَّكْوِين 13 : 10 – 13 { فَرَفَعُ لُوطٌ عَيْنَيْهِ وَرَأى كُلَّ دَائِرَةِ الأُرْدُنِّ أنَّ جَمِيعَهَا سَقْيٌ قَبْلَمَا أخْرَبَ الرَّبُّ سَدُومَ وَعَمُورَةَ كَجَنَّةِ الرَّبِّ كَأرْضِ مِصْرَ . حِينَمَا تَجِئُ إِلَى صُوغَرَ فَاخْتَارَ لُوطٌ لِنَفْسِهِ كُلَّ دَائِرَةِ الأُرْدُنِّ وَارْتَحَلَ لُوطٌ شَرْقاً . فَاعْتَزَلَ الوَاحِدُ عَنِ الآخَرِ . أبْرَامُ سَكَنَ فِي أرْضِ كَنْعَانَ وَلُوطٌ سَكَنَ فِي مُدُنِ الدَّائِرَةِ وَنَقَلَ خِيَامَهُ إِلَى سَدُومَ . وَكَانَ أهْلُ سَدُومَ أشْرَاراً وَخُطَاةً لَدَى الرَّبِّ جِدّاً } مَا هُوَ الطَّمَعَ ؟ هُوَ أنْ يَنْظُر الوَاحِد إِلَى مَا هُوَ لِنَفْسِهِ .. الطَّمَعَ هُوَ أنَانِية .. هُوَ أنْ لاَ يَنْظُر الوَاحِد لِلآخَر .. هُوَ مَحَبَّة لِلنَصِيب الأكبر .. هُوَ مَحَبَّة لِلأخذ وَلَيْسَ العَطَاء .. لِذلِك نَجِد الإِنْسَان الطَمَّاع سهل أنْ يَخْسر مَنْ حَوله .. مَنْ كَانَ الأكبر لُوطٌ أم إِبْرَام ؟ بِالطبع كَانَ إِبْرَاهِيم بِمَثَابِة أب لِلُوط .. عِنْدَمَا خَرَجَ إِبْرَاهِيم مِنْ أرْض حَارَان أخَذَ مَعَهُ لُوطٌ كَإِبن لَهُ وَعِنْدَمَا حَدَثِت المُخَاصَمة قَالَ إِبْرَاهِيم لِلُوطٌ نَحْنُ أخَوَان إِنْ أخذت أنْتَ يَمِيناً أنَا آخُذ شِمَالاً كَانَ يَجِب عَلَى لُوط أنْ يَقُول لَهُ إِخْتر أنْتَ أوَّلاً لكِنْ لِلأسف لُوطٌ هُوَ الَّذِي إِخْتار أوَّلاً لِنَفْسِهِ .. لُوطٌ فَضَّل الشِئ عَلَى الشخص وَهذَا هُوَ الطَّمَع .. بينَمَا إِبْرَاهِيم إِخْتَار الشخص لاَ الشِئ الطَّمَع يَجْعل الإِنْسَان يَخْسر أخوه .. يَنْظُر لِنَفْسه وَلاَ يَنْظُر لِغيره معرُوف أنَّ الإِنْسَان بِئر لِلرَغَبَات يَطْلُب وَلاَ يَشْبع هَلْ تَتَخَيَّل أنَّ لُوطٌ عِنْدَمَا أخذ الأرْض شَبْع ؟ بِالطَبْع لاَ .. لَمْ يَشْبع .
الطَّمَعَ:-
إِنْسَان لاَ يَرَى إِلاَّ مَا هُوَ لِنَفْسه وَلاَ يَنْظُر لِغيره .. لُوطٌُ رَفَعَ عَيْنَيْهِ مُجْرَّد أنْ قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم إِخْتر أنْتَ وَانتَقَى لِنَفْسه أجود أرْض .. قَدِيماً كَانِت الحَيَاة تَعْتَمِد عَلَى الزِرَاعة وَرَعي الغَنْم وَالإِثنان مُرْتَبِطَان بِالمَاء .. { وَرَأى كُلَّ دَائِرَةِ الأُرْدُنِّ أنَّ جَمِيعَهَا سَقْيٌ } .. إِخْتَار أرْض سَقْيٌ بِهَا مَاء تُشْبِه الجَنَّة مملُؤة خِير وَخُضْرة .. ألَمْ تَنْظُر يَا لُوط لإِبْرَاهِيم مَاذَا سَيَأخُذ ؟ يَأخُذ صَحَرَاء يَأخُذ أي شِئ لاَ يَهِمْ هذَا هُوَ الطَّمَع وَتَخَيَّل إِبْرَاهِيم يَقُول لَهُ أُوَافِقك وَاعْتَزَلَ الوَاحِد عَنْ الآخر وَسَكَنَ إِبْرَاهِيم كَنْعَان { وَقَالَ الرَّبُّ لأِبْرَامَ بَعْدَ اعْتِزَالِ لٌوطٍ عَنْهُ . ارْفَعْ عَيْنَيْكَ وَانْظُرْ } ( تك 13 : 14 ) فِي المَرَّة الأُولَى رَفَعَ لُوطٌ عَيْنَيْهِ مِنْ نَفْسه وَنَظَرَ لكِنْ هُنَا الله يَقُول لإِبْرَاهِيم إِرْفع عَيْنَيْكَ وَانْظُر{ مِنَ المَوْضِعِ الَّذِي أنْتَ فِيهِ شِمَالاً وَجَنُوباً وَشَرْقاً وَغَرْباً . لأِنَّ جَمِيعَ الأرْضِ الَّتِي أنْتَ تَرَى لَكَ أُعْطِيهَا وَلِنَسْلِكَ إِلَى الأبَدِ } ( تك 13 : 14 – 15 ) .. غِنَى الله جَاءَ لِلشخص القَنُوع وَلُوطٌ يَنْتَظِره دَمَار سَدُوم عِنْدَمَا إِخْتَار لُوطٌ لِنَفْسه وَجدنَا أنَّ الأرْض بِهَا شَر وَبَدأ يَنْدَمِج مَعَ الأشرَار وَسَمَحَ لِبَنَاته أنْ يَتَزَوَجنَ مِنْ سُكَّان سَدُوم وَبِلاَ شك أخذنَ مِنْ طِبَاع أهل سَدُوم .. وَزَوْجَته عِنْدَمَا عَاشَرْتهُمْ لَمْ يَكُنْ قلبُهَا ثَابِت مَعَ الله وَرَفَضْت الخُرُوج مِنْ سَدُوم حَتَّى لُوطٌ نَفْسه تَبَاطئ فِي الخُرُوج حَتَّى أنَّ المَلاَك أمسك يَدَهُ لِيُخْرِجَهُ ( تك 19 : 16 ) .. إِنْدِمَاجه مَعَ الأشرَار جَعَلَ قَلْبَهُ بَطِئ مَعَ الله نَتِيجة الطَّمَع وَأنَّهُ رَفَعَ عَيْنَيْهِ وَاتَكْل عَلَى ذِهنْه وَكَانِت هذِهِ هِيَ النَتِيجة .. الطَّمَع شِئ بَغِيض جِدّاً أيْضاً فِي سِفر يَشُوع موقِف آخر عَنْ الطَّمَع .. كَانْت مَدِينة عَاي صَغِيرة وَنَظَرَ لَهَا الشَّعْب وَقَالُوا إِنَّهَا صَغِيرة لاَ يَدْخُلهَا الجِيش كُلَّه وَقَالَ لَهُمْ يَشُوع لاَ تَأخُذُوا مِنْ غَنَائِمهَا شَيء لَكُمْ لكِنَّهُمْ لِلأسف هُزِمُوا فِيهَا .. وَقَالَ الله لِيَشُوع { فِي وَسْطِكَ حَرَامٌ يَا إِسْرَائِيلُ } ( يش 7 : 13 ) وَرَفَعَ يَشُوع قَلْبَهُ لله فَكَشَفَ لَهُ عَنْ عَخَانُ بْنُ كَرْمِي الَّذِي بَدَلاً مِنْ أنْ يُعْطِي الغَنَائِم لله أخذهَا لِنَفْسِهِ فَأحْضَرُوهُ لِيَشُوع الَّذِي قَالَ لَهُ لِمَاذَا كَدَّرْتَنَا ؟ قَالَ عَخَانُ { رَأيْتُ فِي الغَنِيمَةِ رِدَاءً شِنْعَارِيّاً نَفِيساً وَمِئَتَيْ شَاقِلِ فِضَّةٍ وَلِسَانَ ذَهَبٍ وَزْنُةُ خَمْسُونَ شَاقِلاً فَاشْتَهَيْتُهَا وَأخَذْتُهَا . وَهَا هِيَ مَطْمُورَةٌ فِي الأرْضِ }( يش 7 : 21 ) ..أخَذ رِدَاء نَفِيس وَفِضَّة وَذَهْب وَدَلِيل الطَمْع أنَّهُ وَزَن الذَّهْب لأِنَّهُ فَرِحَ بِهِ إِشْتَهَى أي لَمْ يَتَحَكَّم فِي نَفْسِهِ وَرَغَبَاته .. وَأخَذَ وَخَبَّأ أرْبَعة مَرَاحِل لِلخَطِيَّة رَأيْت .. إِشْتَهيت .. أخَذت .. خَبَّأت .. أي خَطِيَّة تَبْدأ بِالرؤيَا العِين أوَّلاً .. ثُمَّ إِشْتَهيت ثُمَّ أخَذت وَفِي النِهَاية خَبَّأت .. الخَطِيَّة جَعَلِتك تُخَبِّئهَا دَاخِل قَلْبك أي أصبح لَهَا مَكْان فِي قَلْبك .. لَيْسَ ثوب شِنْعَارِي أوْ لِسَان ذَهْب أوْ فِضَّة بَلْ شَهَوَات رَدِيئة مُخَبَّأة لأِنَّكَ إِشْتَهِيت وَأخَذت .. لِمَاذَا تُخَبِّئ الخَطِيَّة ؟ لأِنَّكَ أخَذتَهَا وَأخَذتَهَا لأِنَّكَ إِشْتَهَيْتَهَا وَاشْتَهْيتَهَا لأِنَّكَ رَأيَتَهَا إِذَاً مِنْ أوِّل مَرْحَلة لاَ تَنْظُر وَإِنْ رَأيْت لاَ تَشْتَهِي وَإِنْ إِشْتَهيت لاَ تَأخُذ وَإِنْ أخَذت لاَ تُخَبِّئ نَتِجة الطَّمَع هَزِيمة لِلشَّعْب كُلَّه كَمَا أنَّ طَمْع لُوطٌ أسقط بَنَاته فِي خَطِيَّة رَدِيئة جِدّاً وَهيَ أنَّهُنَّ أسكرنَ أبَاهُنَّ وَسَقَطنَ مَعَهُ فِي الخَطِيَّة ( تك 19 : 31 – 38 ) .. فِكرة كهذِهِ لاَ تَأتِي لِبَنَات تَرَبينَ فِي بِيئة نَقِيَّة طَاهِرة وَلكِنْ لأِنَّهُنَّ تَرَبينَ وَسْط الأشرَار فَكَانِت الخَطِيَّة بَسِيطة وَسَهلة لَهُنَّ { المُعَاشَرَاتِ الرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ الأخْلاَقَ الجَيِّدَةَ } ( 1كو 15 : 33 ) أيْضاً فِي سِفر مُلُوك الأوَّل مَوقِف آخر عَنْ الطَّمَع .. كَانَ آخْاب مَلِك لأِسْرَائِيل وَكَانَ يوجد رَجُل بَسِيط لَدَيْهِ كَرْم يُدْعَى نَابُوتَ اليَزْرَعِيلِيِّ ( 1مل 21 : 1 )آخْاب المَلِك رَأى كَرْم نَابُوت فَإِشْتَهَاه رَغمْ أنَّهُ مَلِك لكِنَّهُ أرَادَ أنْ يُوَّسع دَائِرة قَصْره .. يَا آخْاب أنْتَ رَجُل مَلِك كَبِير كَيْفَ تَنْظُر إِلَى مَا هُوَ مِلْك لِذلِك الرَّجُل البَسِيط ؟ يَقُول أنَا أُرِيد الكَرْم وَلاَ يِهِمِّنِي شِئ آخر قَدِيماً كَانِت الأرْض مِيرَاث آبَاء وَلَمْ تَكُنْ بِالشِرَاء بَلْ هِيَ عَطِيَّة مِنْ الله عِنْدَمَا قَسَّمهَا لَهُمْ يَشُوع لِذلِك عِنْدَمَا طَلَبَ آخْاب الكَرْم مِنْ نَابُوت رَفَضَ نَابُوت أنْ يِفَرَّط فِيهَا لأِنَّهَا مِيرَاث آبَائه .. كُلَّ وَاحِد مِنَّا آخْاب عُيُونَنَا تَشْتَهِي مَا لِغيرِنَا وَالوَصِيَّة تَقُول { لاَ تَشْتَهِ مِمَّا لِقَرِيبِكَ } ( خر 20 : 17 ) فَدَخَلَ آخْاب بيْتِهِ مُكتَئِب مغمُوم وَاضطجع عَلَى سَرِيره وَأدَارَ وَجهَهُ لِلحَائِط وَلَمْ يَأكُل خُبْزاً( 1مل 21 : 4 ) أي كَانَ حَزِين وَدَخَلْت عَلَيْهِ المَلِكة الشِّرِّيرة إِيزَابِل وَعَرَفت مَا حَدْث فَقَالت لَهُ لاَ تحزن سَتأخُذ الكَرْم وَعَمَلِت مَكِيده جَعَلِت البعض يشهَدُون عَلَى نَابُوت أنَّهُ جَدِّف عَلَى الآلِهة وَهذِهِ الخَطِيَّة عُقُوبِتهَا الرَّجم ( 1مل 21 : 8 – 10 ) وَبِالفِعل قَتَلِت نَابُوت اليَزْرَعِيلِيِّ بِطَرِيقة رَسْمِيَّة وَأعْطِت الكَرْم لآِخْاب لِذلِك إِيلِيَّا النَّبِي أنْذَرَهُ أنَّهُ سَيَمُوت مِثْل نَابُوت وَسَتلحس الكِلاَب دَمَهُ مِثْلَهُ( 1مل 21 : 19 ) .. أصعب شِئ أنْ يَكُون الإِنْسَان خَاضِع لِلأشيَاء آخْاب كَانَ مُستعبد لِلأشيَاء لِذلِك قَالَ بُولِس الرَّسُول إِنَّ الطَّمَعَ هُوَ { عِبَادَةُ الأوْثَانِ }( كو 3 : 5 ) .. مَا عِلاَقِة الطَّمَعَ بِالأوثان ؟ يَقُول الطَّمَاع هُوَ إِنْسَان مأسُور لِشِئ وَكَأنَّهُ يعبُد وَثن .. الكَرْم كَانَ لآِخْاب مِثْل الوَثن مغلُوب مِنْهُ لِذلِك يَقُول سِفر أيُّوب { لأِنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ فِي بَطْنِهِ قَنَاعَةً لاَ يَنْجُو بِمُشْتَهَاهُ } ( أي 20 : 20 ) .. لُوطٌ لَمْ يَنْجُو بِمُشْتَهَاهُ أيْضاً عَخَانُ وَآخْاب لِذلِك يَقُول سِفر الجَامِعة { مَنْ يُحِبُّ الفِضَّةَ لاَ يَشْبَعُ مِنَ الفِضَّةِ وَمَنْ يُحِبُّ الثَّرْوَةَ لاَ يَشْبَعُ مِنْ دَخْلٍ }( جا 5 : 10 ) الَّذِي يَطْمَعَ لاَ يَشْبَع وَلأِنَّنَا فِي عَصر لاَ يَشْبَع فِيهِ الإِنْسَان مِنْ شِئ عَصر السوبر مَارِكت كُلَّ شِئ مَعْرُوض أمَامك .. أشْيَاء كَثِيرة مُغْرِية وَأنْتَ غِير قَنُوع لِذلِك يَقُولُون أنَّ أهمْ شِئ الآن هُوَ شكل الأشيَاء لأِنَّهُمْ عَرَفُوا نُقْطة ضعف المُسْتهلِك إِنَّهَا عَيْنَيْهِ .. الإِنْسَان يَشْتَرِي بِعَيْنَيْهِ لأِنَّهُ طَّمَاع لكِنْ يَجِب أنْ تَشْتَرِي بِإِحتِيَاجك لِذلِك نَجِد أنَّ عُبُّوة الشِئ أغلَى مِنْ الشِئ نَفْسه .. لِمَاذَا ؟ لأِنَّ ذلِك أُسلُوب تَسْوِيق كَي تَقُول رَأيْت فَإِشْتَهِيت فَأخذت .. لِذلِك حَذَار مِنْ الطَّمَع لاَبُد أنْ تَكُون ضَابِط لِنَفْسك محكُوم بِمَعَايير دَاخِلِيَّة وَلَيْست خَارِجِيَّة أمَّا فِي العهد الجَدِيد فَيُوجد مِثَال لِلطَّمَع فِي سِفر الأعمَال أصْحَاح 5 : 1 .حَنَانِيَّا وَسَفِّيرَة .. مَاذَا حَدَثَ ؟ بَاعَا حقلَهُمَا وَكَانَ يَجِب عَلَيْهِمَا أنْ يَضَعَا ثَمَنَهُ تحت أقدَام الرُّسُل لكِنَّهُمَا عِنْدَمَا رَأيَا المَال طَمَعَا .. { اخْتَلَسَ مِنَ الثَّمَنِ وَامْرَأتُهُ لَهَا خَبَرُ ذلِك وَأتَى بِجُزْءٍ وَوَضَعَهُ عِنْدَ أرْجُلِ الرُّسُلِ } ( أع 5 : 2 ) إِمْرَأته تَعْلم طَمَعه لِذلِك العَالم اليَوْم يَسْتَغِل ضعف الإِنْسَان وَيُتَاجِر بِهذَا الأمر وَبِإِحْسَاس الإِنْسَان بِعَدم الشَّبَع وَعَدم الإِكتِفَاء وَلِذلِك عَامِل الرؤيَا عِنْدَ الإِنْسَان صعب ضبطه وَالعَالم اليَوْم يَسِير بِإِسلُوب المُودِيلات كَي تَرْفُض المُودِيل القَدِيم وَتَشْتَهِي المُودِيل الجَدِيد الشَرِكَات الكُبْرَى لَدَيهَا رُؤيَا لِلتطوِير لِفِترة مُدِّتهَا عُشرُونَ عَاماً لِلأمَام لكِنَّهَا تَنْزِل لِلسُّوق بِهُدُوء كَي تُغَيِّر مَا عِنْدك أكثر مِنْ مَرَّة وَتِكْسب الشَرِكَات مَا تَشَاءُ مِنْكَ .. مَثَلاً شَرِكَات السَيَّارَات لَدَيهَا مُودِيلاَت لِعَام 2030م وَلكِنَّهَا كُلَّ فِترَة تِخْتِرع تَغْيير بَسِيط فِي جُزء مِنْ السَيَّارَة حَتَّى أنَّهُ الآن فِي أمرِيكَا سَيَّارَات بِالقمر الصِنَاعِي وَبِالكُمبيُوتر وَسَيَّارَات مِبرمَجة .. هذِهِ أُمور لَمْ تَصِل إِلَى مِصْر إِلاَّ بَعْد عُشَرُونَ عَامَاً لكِنَّهَا الآن فِي أمرِيكَا وَيُفَكِّرُون فِي الأفضل .. أفكَار تَسْتَغِل رَغبِة الإِنْسَان فِي كُلَّ مَا هُوَ جَدِيد لأِنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّم الإِكتِفَاء .. أيْضاً المُوبيلاَت كَانِت بِدَائِيَّة ثُمَّ أصبَحِت ألوَان ثُمَّ بِالذَّاكِرة ثُمَّ لَنْ يَصْنَعُونَ مُوبَايِل بِهِ العَشَر مُوَاصَفَات لأِنَّهُمْ يَعلَمُون أنَّكَ مُولع بِالشَكْل وَلِكَي يَظِل لَدَيكَ شُعُور بِأنَّ الَّذِي فِي يَدْك بِهِ عَجْز فَتَتَطلَّع لِلأفضل لاَ تَسِير وَرَاء هذِهِ الأُمور بَلْ عَوِّد نَفْسك أنَّ لَدَيكَ إِحْتِيَاجَات مُعَيَّنْة مَادُمت قَدْ إِقتنيتَهَا فَأُشكُر الله عَلَى ذلِك .. يَقُول مُعَلِّمنَا بُولِس الرَّسُول أنَّهُ سَتأتِي أزمِنْة صعبة بِهَا أُنَاس مُحِبِّينَ لأِنْفُسِهِمْ مُحِبِّينَ لِلمَالِ مُتَعَظِّمِينَ مُسْتَكْبِرِينَ مُجَدِّفِينَ غِيْرَ طَائِعِينَ لِوَالِدِيهِمْ غَيْرَ شَاكِرِينَ دَنِسِينَ بِلاَ حُنُوٍّ بِلاَ رِضًى ( 2تي 3 : 1 – 3 ) .. بِدَايِة الطَّمَع عَدْم الرِّضَا .. عَدِيمِي النَّزَاهَةِ .. لِذلِك تَعَلَّم أنْ تَكُون إِنْسَان قَانِع شَاكِر مُكْتَفِي وَلاَ تَكُون محكُوم بِغْيرك بَلْ بِنَفْسك رُبَّمَا غِيْرك يِلْزَمه شِئ لاَ يِلْزَمك .. تَعَلَّم أنْ يَكُون لَكَ فِكر مُعَيَّن وَلاَ تَكُنْ مُستهلِك لِلأُمُور .
القَنَاعَة:-
{ وَأمَّا التَّقْوَى مَعَ القَنَاعَةِ فَهِيَ تِجَارَةٌ عَظِيمَةٌ } ( 1تي 6 : 6 ) .. الإِنْسَات التَّقِي وَالقَنُوع أعْظم تِجَارَة .. إِبْرَاهِيم فِي موقِفه مَعَ لُوطٌ أفضل مِثَال لِلقَنَاعَة .. قَالَ لِلُوطٌ خُذ مَا تُرِيد .. يَقُول مَارِإِسحَق{ أُترُك مَا فِي يَدِ النَّاس يُحِبَّك النَّاس .. أُترُك مَا فِي الأرْض يُحِبَّك الله } .. تَخَيَّل إِبْرَاهِيم بَعْد مَوقِف لُوطٌ يَأتِيهِ البعض وَيَقُولُونَ لَهُ هُناكَ مَعْرَكة فِي أرْض سَدُوم سُبِيَ فِيهَا جَمِيع أهْل سَدُوم وَمَعَهُمْ لُوطٌ .. كَانَ مُمكِنْ يَقُول إِبْرَاهِيم لُوطٌ يَسْتَحِق ذلِك لأِنَّهُ طَمَع .. لكِنْ إِبْرَاهِيم أخَذَ مَعَهُ 318 مِنْ رِجَاله إِبْرَاهِيم رَغمْ غِنَاه لَمْ يَشْتَهِي شِئ الشِئ الوَحِيد الَّذِي إِشْتَرَاه مَقبَرِه وَصَمِّم أنْ يَدْفع ثَمَنِهَا ذَهَبَ إِبْرَاهِيم وَرِجَاله وَهَزَمُوا المُلُوك الَّذِينَ سَبُوا لُوطٌ وَفَكُّوا أسره أرَادَ مَلِك سَدُوم أنْ يَشْكُر إِبْرَاهِيم فَقَالَ لَهُ خُذ الغَنَائِم لَكَ هذَا أقل شِئ .. { وَقَالَ مَلِكُ سَدُومَ لأِبْرَامَ أعْطِنِي النُّفُوسَ وَأمَّا الأمْلاَكُ فَخُذْهَا لِنَفْسِكَ } ( تك 14 : 21 ) .. فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم لَنْ آخُذ شِئ{ لاَ آخُذَنَّ لاَ خَيْطاً وَلاَ شِرَاكَ نَعْلٍ وَلاَ مِنْ كُلِّ مَا هُوَ لَكَ . فَلاَ تَقُولُ أنَا أغْنَيْتُ أبْرَامَ }( تك 14 : 23 ) .. " شِرَاك النَعْل " هُوَ الخِيط الَّذِي يُخَاطُ بِهِ النِعَالِ .. لِمَاذَا ؟ إِبْرَاهِيم قَالَ لاَ أُرِيد شِئ .. لاَ أنْظُر مَا لِغيرِي .. رَجُل قَنُوع وَشَاكِر .. آخْاب بَاتَ لَيْلَتَهُ مغمُوم وَحَوَّل رَأسَهُ لكِنْ إِبْرَاهِيم القَنُوع لاَ يَنْظُر مَا لِغيره لِذلِك القَنَاعَة كِنْز مَوقِف آخر مِنْ سِفر الأعمَال أصْحَاح 4 : 32 – 35 .. المؤمِنِين لَمَّا بَاعُوا مُمتَلَكَاتِهِمْ وَضَعُوا أثمَانِهَا تَحْت أقدَام الرُّسُل .. قَنَاعَة .. لِذلِك قَالَ الآباء أنَّ أعظم مُعْجِزة فِي كِنِيسة الرُّسُل هِيَ أنَّ هؤلاء بَاعُوا مُمتَلَكَاتِهِمْ وَوَضَعُوا أثمَانِهَا عِنْدَ أقدَام الرُّسُل .. لِمَاذَا ؟لأِنَّ أصُولَهُمْ يَهُود وَأهمْ شِئ عِنْدَ اليَهُودِي الأرْض وَالمَال لِذلِك هذِهِ المُعْجِزة تُعْلِن إِنْتِصَار عَمْل الله فِي نِفُوس الكِنِيسة الأُولَى .. وَالرُّسُل كَانُوا يَعْلَمُون طَبِيعِة اليَهُود وَأرَادُوا أنْ يُعَلِّمُوهُمْ القَنَاعَة فَجَعَلُوهُمْ يَضَعُون المَال عِنْدَ الأقدَام .. مُعْجِزة تُعْلِن تَغْيير الطَبْع المورُوث إِذاً سَوَاء القَنَاعَة أوْ الطَّمَع فهذِهِ لَيْست مُشْكِلة خَارِجِيَّة بَلْ دَاخِلِيَّة تُعْلِن إِكتِفَاء الإِنْسَان لِذلِك يَقُول بُولِس الرَّسُول { تَعَلَّمْتُ أنْ أكُونَ مُكْتَفِياً بِمَا أنَا فِيهِ } ( في 4 : 11 ) وَيَقُول القُدَّاس { إِذْ يَكُون لَنَا الكَفَاف فِي كُلَّ شِئ } ( جُزء أصعِدهَا كَمِقدَارِهَا – مِنْ القُدَّاس البَاسِيلِي ) نُرِيد مَا يُعْطِينَا الحَيَاة لِكْي نَزْدَاد فِي كُلَّ عَمَلٍ صَالِح ..هذِهِ هِي تِجَارِتنَا وَمُشْتَهَانَا مَا أجمل الأنبَا أنْطُونيُوس .. شَاب وَارِث 300 فَدَّان عِنْدَمَا تَجِد شَاب فِي مُقتبل عُمْره وَفَجأة يُصْبِح لَدَيْهِ هذِهِ الأموال الجَزِيلة بَعْد أنْ كَانْت فِي يَد أبِيهِ وَيَبِيع كُلَّ شِئ .. فهذِهِ هِيَ القَنَاعَة .
تَدَارِيب:-
1- تَدَرَّب ألاَّ تَكُون مَغلُوب لِشِئ .. لاَ تَشْتَهِي كُلَّ مَا تَرَى وَلاَ تَتَخَيَّل أنَّ مَظهرك يُصْنِعك بَلْ عَقْلك وَقَلْبك وَرُوحك يَصْنَعك هذِهِ تُعْطِيك الكِفَاية وَالغلبة .. قَدْ يَكُون لَدَيكَ أفضل سَيَّارة و لكِنَّك مُحتقر بَيْنَ الآخَرِين لأِنَّكَ شهوَانِي وَطَمَّاع وَ
2- تَعَوَّد أنْ تَنْظُر لِلأُمور بِتَرَفُّع وَلاَ تَحْزن عَلَى مَا لاَ تَسْتَطِيع أنْ تَأخُذه .. عَلِّم نَفْسك الشُكر وَالقَنَاعَة وَلاَ تَكُنْ كَآخْاب وَعَخَان وَلُوطٌ بَلْ كُنْ كَإِبْرَاهِيم وَأنْطُونيُوس وَأنَاسِيمُون المَلِكة الَّتِي تترُك قصرهَا وَتَعِيش هَائِمة عَلَى وَجهِهَا تَارِكه كُلَّ شِئ لأِنَّهَا وَجَدِت الكِنْز .. تَنْظُر وَرَاءهَا لِقصرِهَا وَتَقُول { هَا أنَا قَدْ تَرَكتُ بَاب القصر مَفتُوح فَلاَ تُغْلِق بَاب مَلَكُوتك فِي وَجْهِي } أيْضاً كُنْ كَإِيلاَرية .. المُلُوك قَدِيماً كَانُوا فِي عَظَمة لَيسْت كَالآن فَعَظَمِة الإِمبرَاطُورِيَّة كَانِت فِي المَلِك وَقصر المَلِك لأِنَّهُمْ بِذلِك يُمَجِّدُون المملكة وَلَيْسَ شخص .. مكسِيمُوس وَدُومَاديُوس نَمَاذِج فِي الكِنِيسة تجعلك تَعِيش شبعان وَفرحَان .. كَثِيراً مَا نَدْخُل بُيُوت نَجِد فِيهَا الأُسرة تَشْكِي مِنْ الشَبَاب خَاصَّةً لأِنَّهُمْ لاَ يَشْعُرُون بِإِحْتِيَاجَات الأُسرة وَيَسْتَغِلُّون فِي ذلِك الرِجُولة وَالقُوَّة البَدَنِيَّة .. لاَ الرُجُولة هِيَ إِهتِمَامك بِغِيرك .. إِحْسَاسك بِإِهتِمَامك بِغِيرك .. مَنْ مِنَّا الآن عِنْدَ شِرَاءه لِشِئ يِفَكَّر فِي إِحْتِيَاجَات الأُسرة وَكَمْ شخص فِي الأُسرة وَيِقَلِّل طَلَبَاته لأِجل إِخْوَته ؟!! القَانِع أهمْ شِئ عَنْده غِيره وَالطَّمَاع أهمْ شِئ عَنْده نَفْسه .. تَعَلَّم أنْ تَكُون مُكْتَفِي بِمَا عِنْدك .. كُنْ قَانِع وَرَاضِي وَجَيِّد أنْ تَسْلُك بِحَسْب إِحْتِيَاجَاتك فِي أحد الأيَّام إِتَهَمُوا أغنَى رَجُل فِي العَالم أنَّهُ بَخِيل لأِنَّهُ لاَ يَحْجِز جِنَاح فِي الطَّائِرة عِنْدَ سَفَره بَلْ يَحْجِز مَقعد عَادِي فَقَالَ لَهُمْ لأِنِّي فِي الوَقت الَّذِي يَصِل فِيهِ المِقعد يَصِل الجِنَاح أيْضاً وَأنَا أسِير بِحَسْب إِحْتِيَاجِي وَلَيْسَ مَظهَرِي .. حَاوِل أنْ تَسْلُك بِحَسْب إِحْتِيَاجك وَلَيْسَ شَهَوَاتك .
3- حَتَّى مَا عِنْدك لاَ تَتَمَسَّك بِهِ .. قَدْ تَقُول هذَا لِلرُهبان فَقْط .. لاَ .. تَعَلَّم أنْ تَنْفكّ مِنْ عُبُودِيِة الأشيَاء لأِنَّ الَّذِي يَنْفكّ مِنْ الصَّغَائِر يَنْفكّ مِنْ أشيَاء كَثِيرة .
4 - تَعَلَّم حُب العَطَاء .. أكثر شِئ يِتعِب الإِنْسَان أنْ يَعِيش لِنَفْسه الرهبنة عِنْدَمَا عَرَّفُوهَا قَالُوا إِنَّهَا ثَلاَثة كَلِمَات عِفَّة .. طَاعَة .. فقر .. الرهبنة فقر وَعِفَّة وَطَاعَة .. لِمَاذَا فقر ؟ أي لاَبُد أنْ يَتَخَلَّى الرَّاهِب عَنْ كُلَّ مُمتَلَكَاته .. لِمَاذَا ؟ المنزِل وَالسَيَّارة فِي حد ذاتهُمْ لَيْسُوا خَطِيَّة لكِنْ إِحْسَاس الرَّاهِب أنَّ لَدَيْهِ مَا يَتَكِل عَلْيه غِير الله فَهذَا فِي حد ذَاته خَطِيَّة .. إِحْسَاسه أنَّهُ لَمْ يَتَحَرَّر كُلِّيَّاً يِعَطَّله عَنْ الله .. إِحْسَاس رَائِع أنْ تحيَا هذِهِ الحُرِّيَّة وَتَكُون كَحَمَامة تَطِير إِذَا رَبطت فِي جِناحهَا وَزن لَنْ تَعْرِف الطيران لكِنْ إِذَا أزلت عَنْهَا الوزن طَارِت وَحَلَّقِت زَارَ شخص رَاهِب وَأخذ لَهُ مَعَهُ هِدِية وَعِنْدَ خُرُوجه لِلدِير خَارِج قَلاَّيِة الرَّاهِب وَجَدَ الرَّاهِب مُسْرِع فِي إِتِجَاه الكِنِيسة حَتَّى قَلاَّيِة رَئِيس الدِير وَمَعَهُ الهِدِية وَيَقُول لَهُ هذَا أتَانِي إِعْطِيه بِحَسْب إِحْتِيَاج الدِير .. أيْضاً يَحْكِي سَيِّدنَا البَابَا عَنْ البَابَا كِيرلُس أنَّهُ طَلَبْه فِي أحد المَرَّات فَذَهَبَ لَهُ وَهُوَ يَلْبِس طَاقِية وَلَيْسَ العِمَّة .. فَقَالَ لَهُ البَابَا كِيرلُس ألاَ تَعْلم أنَّكَ أتيت لِتُقَابِل البَابَا ؟!! فَقَالَ لَهُ أنَّ العِمَّة الَّتِي مَقَاسه قَدْ أخذهَا أبُونَا مَكَارِي قبله لأِنَّ هُناك حُجرة بِالدِير بِهَا إِحْتِيَاجَات الرُّهبَان وَالَّذِي يَخْرُج خَارِج الدِير يَأخُذ مِنْهَا إِحْتِيَاجَاته عِمَّة وَفَرَّاجِيَّة وَشَال وَ مَقَاسه وَعِنْدَ عودَته يُعِيدهَا لِلحُجرة مَرَّة أُخْرَى لَعَلَّ غِيره يَحْتَاجهَا .. إِنْسَان يَعِيش بِلاَ مِلكِيَّة خَاصَّة .. شخص مَحلُول مِنْ كُلَّ شِئ يَسْتأثِره .. هذِهِ قَامة عَالية لكِنْ عَلَى الأقل لاَ تمتَلِك أشيَاء كَثِيرة تَعَلَّم أنْ تُعْطِي وَأنْ يَكُون لَكَ حُرِّيَّة دَاخِلِيَّة وَاختَبِر إِحْسَاس رِعَايِة الله لَكَ .. المِلكِيَّة تُعْطِي إِحْسَاس العدم وَالجُوع هذَا يُسَبِّب لَكَ عُبُودِية وَغلبة .. رُبَّمَا شِئ تُحِبَّه يُسَبِّب لَكَ وِسوَاس لِذلِك إِجعل لَدَيكَ كِفَاية وَقَنَاعَة .. { مِنْ أجْلِكُمْ افْتَقَرَ وَهُوَ غَنِيٌّ لِكَيْ تَسْتَغْنُوا أنْتُمْ بِفَقْرِهِ } ( 2كو 8 : 9 ) رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضعف فِينَا بِنِعْمِته لَهُ المجد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين