الحكمة

Large image

أود أنْ أتحدّث معكُمْ اليوم بنعمِة ربِنا عَنَ موضوع الحكمة وفِى الحقيقة يا أحبائى ما أحوجنا إِلَى الحكمة لأنّها أساس بُنيان كُلَّ الأمور وعِندما سأل الأنبا أنطونيوس تلاميذه عَنَ أعظم الفضائِل أجابوه : الإِتضاع – المحبّة – العطاء – فقال لهُم أنّ الحكمة والإِفراز هُما أعظم الفضائل سوف نقرأ جُزء مِنْ رِسالة مُعلّمِنا يعقوب الرسول الإِصحاح الثالِث بركاته على جميعنا آمين [ مَنْ هُوَ حَكيِم وَعالِم بينكُمْ ، فليُرِ أعمالهُ بالتّصرُفّ الحسن فِى وداعة الحِكمة 0 وَلكِنْ إِنْ كان لكُمْ غيرة وَتحزُّب فِى قلوبكُمْ ، فَلاَ تفتخِروا وتكذِبوا على الحقِّ 0 ليست هذهِ الحِكمة نازِلة مِنْ فوق ، بل هى أرضيّة نفسانيّة شيطانيّة 0 لأِنّهُ حيثُ الغيرة والتحزُّب ، هُناك التّشويش وَكُلَّ أمرٍ ردىءٍ 0 وَ أمّا الحِكمة التّى مِنْ فوق فهى أولاً طاهِرة ، ثُمّ مُسالِمة ، مُترفِّقة ، مُذعِنة ، مملوَّة رحمةً وَأثماراً صالِحةً ، عَدِيمةُ الرّيبِ وَالرّياء 0 وَثمرُ البِرِّ يُزرعُ فِى السَّلاَمِ مِنَ الّذين يفعلُون السَّلاَمَ0]0

فأحياناً نوضع فِى مواقِف تحتاج منّا الحكمة ، الحكمة فِى تصرّفاتنا وفِى منازِلنا ومع أولادنا وفِى تعامُلاتنا مع أصدقائِنا وأحباءنا ومع المؤمنين وغير المؤمنين ، إِنّنا نحتاجُ للحكمة التّى تجعل الإِنسان يعرِف متى يتكلّم ومتى يصمُت وإِذا تكلّم ماذا يقول يوجد أمور كثيرة ميزانها هو الحكمة ، وكثيراً ما يوضع الإِنسان فِى مواقِف ويُعطىِ لهُ الله الحكمة فِى التصرُّف ونجِده يقول كلِمة مملؤة حكمة وتُفرّح وتسنِد فِى إِحدى المرّات دخل أحد الملوك فِى موكِب وكان على الناس أنْ تسجُد للملِك وتُقبِلّ يديه وكان مِنْ ضمنهُمْ أحد الآباء البطارِكة وكان عليهِ أنْ يفعل ذلِك ، فقال البطرك : أنا أمثِلّ المسيح وكرامتىِ مِن كرامِة المسيح ، وعِندما جاء الدور على البطرك إِنحنى وقبلّ قلب الملِك فإِندهش الملِك ، فنجِد البطرك يقول لهُ إِنّنىِ أُقبِلّ قلبِك لأنّ عِندىِ إِيمان أنّ يد الرّبّ على قلب الملِك وبالفعل فإِنّ إِيمان كنيستنا هو أنّ الله الّذى يتحكّمْ فِى الملوك والرؤساء ، فإِن وُضِع ملِك شرّير فهو لِتأديب الشعب ويد الرّبّ على قلب الملِك ، فأنا أُقبِلّ يد الله التّى على قلبِك إِنّ البطرك لَمْ يستهِن بالملِك وَلاَ أهانْ المسيح ، بل لقد أظهر حكمة وأعطى كرامة للملِك تليق بِهِ ، وقَدْ قيل فِى الكِتاب أنْ [ نُعطىِ الكرامة لِمَنْ لهُ الكرامة والإِكرام لِمَنْ لهُ الإِكرام ][ مَنْ يعوِزهُ حكمة فليطلُب حكمة فهو يُعطىِ الجميع بِسخاء وَلاَ يُعيِّر ] ، فلاَبُد أنْ يكون لدينا ثِقة فِى أنّنا إِذا طلبنا الحكمة سنأخُذها لأنّهُ يُعطىِ الحكمة لِمَنْ يطلُبها تراءى الله لِسُليمان الحكيم فِى بِداية مُلكهِ فِى حُلمٍ وقال لهُ فِى ملوك الأول الإِصحاح الثالِث [ وَقالَ الله إِسأل ماذا أُعطيك 0 فقال سُليّمان إِنَّك قَدْ فعلت معْ عبدِك داوُد أبىِ رحمةً عظِيمةً حسبما سار أمامكَ بِأمانةٍ وَبِرٍّ وَ إِستِقامِة قلبٍ معك فحفِظت لهُ هذهِ الرّحمة العظيمة وَأعطيتهُ إِبناً يجلِس على كُرسيّهِ كهذا اليوم 0 وَالآْن أَيُّها الرّبّ إِلهىِ أَنت ملّكْتَ عبدك مكان داوُد أبىِ فَتىً صغير لاَ أعلمُ الخُرُوج وَالدُّخُول 0 وَعبدُك فِى وسط شعبكَ الّذى إِخترتهُ شعب كثير لاَ يُحصىَ وَلاَ يُعَدُ مِنَ الكثرة 0 فأَعطِ عبدَكَ قلباً فهيماً لأِحكُمَ على شعبِكَ وَأُميّزَ بينَ الخير والشر لأِنّهُ مَنْ يقدِرُ أنْ يحكُمَ على شعبِك العظيم هذا 0 فحسُن الكلامُ فِى عينىِ الرّبّ لأِنّ سُليمان سألَ هذا الأمرَ 0 فقال لهُ الله مِنْ أجلِ أنَّك قَدْ سألتَ هذا الأمرَ وَلَمْ تسألْ لِنَفْسِك أيّاماً كثيرةً وَلاَ سألتَ لِنَفْسِك غِنىً وَلاَ سألتَ أنفُسَ أعدائكَ بَلْ سألتَ لِنَفْسِك تَميِيزاً لِتفهمَ الحُكمَ 0 هُوذا قَدْ فعلتُ حَسَبَ كلامِك 0 هُوذا أعطيتُك قلباً حكيماً وَمُميِّزاً حتَّى إِنّهُ لَمْ يكُنْ مِثلُكَ قبلك وَلاَ يقُومُ بعدكَ نظِيرُكَ 0 وَقَدْ أعطيتُك أيضاً ما لَمْ تسألهُ غِنىً وَكرامةً حتّى إِنّهُ لاَ يكونُ رَجُل مِثلَكَ فِى المُلوك كُلّ أيّامِكَ 0 فإِنْ سَلَكْتَ فِى طرِيقىِ وَحفِظتَ فرائضىِ ووصاياى كما سلَكَ داوُد أبوك فإِنّىِ أُطيلُ أيّامَكَ 0] لقد كانت حكمة سُليمان مِنْ الله وجعلت كُلّ إِنسان يشتاق إِلَى هذهِ الحكمة حتى أنّنا نسمع أنّ الناس تأتىِ مِنْ أماكِن بعيدة لِتسمع حكمتهُ وتراه ، كذلِك نجِد ملِكة سبا التّى جاءت مِنَ نواحىِ اليمن لِتسمع كلام سُليمان حتى أنّها مكثت معهُ وعاشرتهُ عدّة أيامٍ ونقرأ هذا فِى ملوك الأول الإِصحاح العاشِر [ 00 لَمْ يبقَ فِيهَا رُوح بعدُ 0 فقالت للملِك صحيحاً كانَ الخبرُ الّذى سمِعتهُ فِى أرضىِ عَنْ أُمُورك وعَنْ حِكْمَتِك 0 وَلَمْ أُصَدّقِ الأخبار حتّى جِئتُ وَأبصرتْ عيناى فهُوذا النِصفُ لَمْ أُخبرْ بِهِ 0 زِدتَ حكمةً وَصَلاَحاً على الخبر الّذى سمِعتهُ 0 طُوبى لِرِجالك وَ طُوبى لِعبيدكَ هؤلاءِ الواقفين أمامكَ دائِماً السّامعين حِكمتَكَ 0 لِيكُنْ مُباركاً الرّبّ إِلهك الّذى سُرّ بِكَ وَجَعَلَكَ على كُرسىّ إِسرائيل 0لأِنّ الرّبّ أحبّ إِسرائيل إِلَى الأبد جعَلَكَ ملِكاً لِتُجرىِ حُكماً وَبِرّاً0] ونجِد ربّ المجد يقول [ الّذى معكُمْ الآنْ أعظم مِنْ سُليمان ] ، فإِذا كانت هذهِ المرأة جاءت لهُ مِنْ مكانٍ بعيدٍ أفلا يستحِق الله أنْ يكون مِثل سُليمان ، ولِذلِك نجِد ربّ المجد يقول [ هُوذا أعظم مِنَ سُليمان هاهُنا ] إِنّ الإِنسان فِى حاجة للحكمة وفِى حاجة إِلَى أنْ يُعطيهِ الله هذا القلب المملوء حكمة ، كما أنّها مُهِمة للنِفَسَ ولكِن للأسف فإِنّ إِبن سُليمان وهو رحبعام رفض هذهِ الحكمة وَلَمْ يحيا بِها فعندما مات سُليمان أخذ المُلك فقال لهُ الشعب أنّ مملكة أبيك كانت غنيّة جِداً وَلكِن كان يفرِض علينا ضرائب كثيرة ونحنُ لا نستطيع أنْ نستمِر فِى ذلِك وأنّ سُليمان إِبن داوُد وداوُد فخرِنا وملِكنا ولكنّنا نرجوك أنْ تُخفِِّض الضرائب ، فأحضر رحبعام الشيوخ لأخذ رأيهُمْ فقالوا لهُ : أنْ يسمع كلامهُم ونقرأ هذا فِى ملوك الأول الإِصحاح 12 [ إِنْ صِرتَ اليوم عبداً لِهذا الشعب وخدمتهُمْ وأحببتهُمْ وَكلّمتهُمْ كلاماً حسناً يكونون لك عبيِداً كُلّ الأيّامِ ] ، ثُمّ أخذ مشورة أصدقائه الشباب فقالوا لهُ لا وَقالَ رحبعام للشعب [ إِنّ خِنصَرىِ أغلظُ مِنْ متنى أبىِ 0 وَالآنْ أبىِ حمّلكُمْ نِيراً ثقيلاً وَأنا أزيدُ على نِيركُمْ 0 أَبِى أَدّبكُمْ بِالسّياطِ وَأَنَا أُؤدّبِكُمْ بِالعقارِبِ ] ، وعندئِذٍ كان الناس سيرجموه وإِنقسمت المملكة ورفضوا أنْ يستمِروا فِى حُكم رحبعام وأحياناً نجِد بيت يِخرب مِنْ كلِمة فِى حين أنّ ربّ المجد يسوع وهو ملِك الملوك إِنحنى وغسل أرجُل تلاميذه وهو يعلم أنّ بينهُم خائن فكثيراً ما يستخدِم الإِنسان الحكمة البشريّة ويستخدِم قُدراته وذكائه وهو يعتقِد أنّها الصواب ، إِنّها أُمور تُتعِب الإِنسان جِداً وتُقسِم النفوس ، لِذلِك يا أحبائى فالحكمة أمر إِلهىِ يحتاج مِنْ الإِنسان أنْ يتأملّ كثيراً فِى الحكمة ويرى أينْ هو مِنْ الحكمة ، وعِندما يتعرّض لِموقِف غضب فكيف يواجِههُ لابُد أنْ أكون مملوء حكمة ونجِد أيوب الصدّيق عِندما تحدّث عَنَ الحكمة فِى الإِصحاح 28 مِنْ سِفر أيوب [ أمّا الحكمة فمَنْ أينَ توجدُ وأينَ مكان الفهمِ 0 لاَ يعرِفُ الإِنسانُ قِيمتها وَلاَ تُوجدُ فِى أرضِ الأحياءِ 0 الغمرُ يقُول ليستْ هى فِىَّ وَالبحرُ يقُول ليستْ هِى عِندِىِ 0 لاَيُعطىِ ذهب خالِص بَدَلَهَا وَلاَ تُوزَنُ فِضّة ثمناً لَهَا 0 لاَ تُوزنُ بِذَهبِ أُوفير أوْ بِالجزْعِ الكرِيمِ أوِ الياقُوتِ الأزرَقِ 0 لاَ يُعادِلها الذَّهبُ وَلاَ الزُجاج وَلاَ تُبدَلُ بِإِناءِ ذَهَبٍ إِبرِيزٍ 0] ،[ حِينئِذٍ رآها وَأخبرَ بِهَا هيّأهَا وَأيضاً بحث عَنْهَا 0 وَقالَ للإِنسانِ هُوذا مخافَةُ الرّبّ هِى الحِكمة وَالحيدانُ عنِ الشرّ هو الفهمُ 0] لِذلِك نجِد أنّ [ رأس الحِكمة هى مخافة الله ] ، فعِندما يقتنىِ الإِنسان مخافة الله يقتنىِ معها الحِكمة وعِندما يقتنىِ الإِنسان الحِكمة يجِد عِندهُ روح حِكمة وروح إِفراز وفهم ومشورة ويكون لِسانه لطيف وكلامه موزون وقليل وفِى نِفَسَ الوقت مُعبِرّ إِنّنا كثيراً ما نشعُر يا أحبائى أنّنا مُحتاجين للحِكمة فِى كُلّ تصرُّفات حياتنا ، ولنتأملّ ما حدث مع جدعون أحد قُضاة إِسرائيل إِذ دخل حرب مع المديانيين وكانت الأسباط مُختلِفة مع بعضها فدخلوا الحرب وكسبوا فغضب سِبط أفرايم لأنّ جدعون لَمْ يدعوهُ للحرب وذهبوا إِليّهِ وقالوا لهُ : ألسنا أولاد إِسرائيل وأنت تتجاهلنا وكانت ستقوم حرب بين الأسباط نقرأ عنها فِى سِفر القُضاة الإِصحاح الثامِن عدد 2 ، فقال لهُم [ أليس خُصاصة أفرايم خيراً مِنْ قِطاف أبِيعزر ] ، أى أنّ بواقيكُمْ أحسن مِنْ ثمرِنا ، أى إِنّنىِ أحتفِظ بِكُمْ لأمرٍ أكبر مِنْ هذا فأنتُمْ أعظم منّا بِكثير ، وعِندما سمِعوا ذلِك هدأت نفوسهُم وبدلاً مِنْ أنْ يخرُجوا لِحرب وخُصومة أتوا لِسلام ومحبّة [ وَمَنْ يُعوِزهُ حِكمةً فليطلُب حِكمة ] ، يجِب ألاّ نتصرّف فِى شىء مِنْ مشورتنا ، بل لابُد مِنْ أنْ أكون حكيم وَألاّ أستخدِم قُدراتىِ وَلاَ ذكائىِ وَلاَ مواهِبىِ فمُعلّمِنا بولس وجد الناس يقولون لهُ : أنّنا لا يجِب أنْ نأكُل الأشياء المذبوحة لأوثان ، فأجاب مُعلّمِنا بولس بالإِيجاب ، فسألوهُ كيف يعرِفوا إِنْ كانت هذهِ الأشياء مذبوحة لأوثان أم لا وهُم يشترون ، فقال لهُم [ كُلوا غير فاحصين ] ، فالمُهِم ألاّ تكون أنت إِنسان تعبُد وثن وَلاَ يوجِد وثن فِى قلبِك وَلاَ فِكرك ، [ إِنْ كان طعام اللحم يُعثِر أخىِ فلنْ أكُل لحم قط ] ،[ فإِنْ أكل لحم وشعر الناس إِنّىِ أكُل لحم أوثان فلن أكُل لحم ] ، إِنّها حكمة تجعل الإِنسان يتفاهم مع الموقِف وإِن كان فِى مُشكِلة هذهِ الحِكمة النازِلة مِنْ فوق مِنْ عِند أبىِ الأنوار ينبوع كُلّ الحِكمة ، وَلِذلِك نقول أنّ ربّ المجد يسوع هو كنزُ الحِكمة ولنرى موقِف ربّ المجد يسوع عِندما دخل بيت الفرّيسىِ وقال [ لو كان هذا نبياً لعلِم مَنْ هذهِ المرأة التّى لمستهُ وَما حالِها إِنّها خاطِئة ] ، ولكنّهُ دخل معهُ فِى حِوار هادىء ، فقال لهُ ربّ المجد يسوع [ كان لِدائن مدينان على الواحِد خُمسمائة دينار وعلى الآخر خمسون ولَمْ يكُن لهُما ما يوفيان فسامحهُما كِليّهُما فمَنْ منهُما يُحبّهُ أكثر ؟ أجاب سمعان وقال : أظُن الّذى سامحهُ بالأكثر ، فقال لهُ : بالصوابِ حكمت ] ، لقد جعلهُ ربّ المجد هو الّذى يحكُم وعِندما أحضروا لهُ المرأة التّى أُمسِكت فِى ذات الفِعل ووضعوه فِى قضيّة صعبة فإِنْ كُنت تتبع موسى فسوف تقول بِرجم هذهِ المرأة فِى الحال ، إِنّ اليهود مِنْ أمكر النّاس وأحيلهُمْ فِى العالمْ كُلّه إِلَى الآنْ ، وهُنا أراد ربّ المجد أنْ يُعلِن لنا عَنْ حكمتهُ فِى وسط اليهود ، وإِنْ قال لا تموت يكون ناقِض لِموسى ، وقَدْ قال ربّ المجد [ ما جئِتُ لأنقُض بل لأُكمِلّ ] ، وبِذلِك يكون إِنسان يدعو دعوة للتسيُّب والإِنحلال ، وهُنا قال لهُم ربّ المجد [ مَنْ كان مِنكُم بِلاَ خطيّة فليرِمها بأول حجر ] ، أعطى دينونة لله ولكِن الّذى يُنفِّذ عليّها الحُكم يكون أعطى الحُكمْ لله ،وَلِذلِك إِنصرفوا عنها ، إِنّها حِكمة غير عاديّة وَلنرى كيف تعامل ربّ المجد يسوع مع التلاميذ والفرّيسيين والعشّارين ومع رؤساء الكهنة ومع بيلاطُس وهيرودس وَفِى كُلَّ مرّة نقول لهُ : أنت قدّوس القديسين وأنت فِعلاً كنز الحِكمة وَمُذّخِر بِكُلَّ كنوز الحِكمة وَالمعرِفة لِذلِك فالإِنسان فِى حاجة لأن يتزّيِن بالحِكمة والحِكمة فِى حاجة إِلَى الإِتضاع والفهم لِذلِك نجِد الحكيم يقول فِى سِفر الجامعة[ قُلت أنّ الحِكمة خير مِنْ القوّة ] ، أى أنّ الإِنسان الّذى يمتلِك القوّة والسُلطان لاَ يُساوىِ شىء بالنسبة للحِكمة ، فالّذى لديهِ الحِكمة يغلِب بِها كُلَّ الممالِك ، وَلِذلِك يقول[ مدينة صغيرة فيها أُناس قليلون فجاء عليّها ملِك عظيم وحاصرها وبنى عليّها أبراجاً عظيمة ووجد فيها رجُل مسكين حكيم فنجّى هو المدينة بِحِكمتةِ ] ، لِذلِك يقول [ الحِكمة خير مِنْ القوّة أمّا حِكمة المسكين فمُحتقره وَكلامه لاَ يُسمع كلِمات الحُكماء تُسمع فِى الهدوء أكثر مِنْ صُراخ المُتسلِط بين الجُهّال ، الحِكمة خير مِنْ أدوات الحرب ] لابُد أنْ نتعلّم يا أحبائى أنْ نقول كلام قليل وبِهِدوء وَلاَ داعىِ للصُراخ وَالتسلُط لأنّهُ لنْ يُجدىِ ولن يحِل ، فعِندما يُريد الشخص أنْ يُعبِّر عَنَ قوّتهُ يرفع صوتهُ ، إِنّ صُراخ المُتسلِط لاَ يجعل الإِنسان يستمِع لهُ كان لدى نابال زوج أبيجايل مجموعة غنم وكان داود النبىِ هو وَرِجاله يقوم بِحراسة الأغنام وَيأخُذ مُقابِل هذهِ الحِراسة غنم أو ثمر مِنْ محاصيل الأرض ويبدو أنّ داود وَرِجاله عملوا بِهذهِ المهنة عِندما هرب داود ، فأراد نابال أنْ يأخُذ حق داود وَلاَ يُعطيه أُجرتهُ ، فإِستشاط داود ووصل هذا الكلام إِلَى أبيجايل ونقرأ هذا فِى صموئيل الأول الإِصحاح 25 أنّهُ عِندما رأت داود أسرعت ونزلت وسقطت على رجليهِ [ وَقالت علىَّ أنا يا سيّدىِ هذا الذنب ودع أمتك تتكلّم فِى أُذُنيك وإِسمع كلام أمتك 0 لاَ يضعنّ سيّدىِ قلبهُ على الرَّجُل اللّئيم هذا على نابال لأنَّ كإِسمهِ هكذا هُو 0 نابال إِسمهُ وَالحماقة عِندهُ 0 وَأنا أمتك لَمْ أرَ غِلمانَ سيّدىِ الّذين أرسلتهُمْ 0 وَالآنَ يا سيّدىِ حىّ هو الرّبّ وَحيّة هىَ نَفْسُكَ إِنَّ الرّبّ قَدْ منعك عَنْ إِتيان الدَّماء وَإِنتقام يدك لِنَفْسِكَ 0 وَالآنَ فليكُنْ كنابال أعداؤك وَالّذينَ يطلُبُونَ الشّرّ لِسيّدىِ 0 وَالآنَ هذهِ البرَكَةُ التّى أتت بِها جاريتُك إِلَى سيّدىِ فلِتُعطَ للِغلْمَانِ السّائرينَ وراء سيّدىِ 0وَإِصفح عَنْ ذنبِ أمتك لأنَّ الرّبّ يصنعُ لِسيّدىِ بيتاً أميناً لأنَّ سيّدىِ يُحارِبُ حُرُوب الرّبّ وَلَمْ يُوجدْ فِيكَ شرّ كُلَّ أيَّامك 0 وَقَدْ قامَ رَجُل لِيُطارِدكَ وَيَطلُبَ نَفْسَكَ وَلكِنْ نَفْسُ سيّدىِ لِتكُنْ محزُومةً فِى حُزْمةِ الحيوة مَعَ الرّبّ إِلهِكَ وَأمّا نَفْسُ أعدائكَ فليرمِ بِها كَمَا مِنْ وسط كفَّةِ المِقلاَعِ 0 وَيكوُنُ عِندما يصنعُ الرّبّ لِسيّدىِ حسب كُلّ ما تكلّمَ بِهِ مِنَ الخيرْ مِنْ أجلِك وَيُقيمُكَ رَئيساً على إِسرائيل 0 أنّهُ لاَ تكُونُ لَكَ هذهِ مَصدِمَةً وَمعثرة قلبٍ لِسيّدىِ أنَّكَ قَدْ سفكْتَ دماً عَفْواً أوْ أنّ سيّدىِ قَدِ إِنتقم لِنَفْسِهِ 0 وَإِذَا أَحسَنَ الرّبّ إِلَى سيّدىِ فأذْكُرْ أَمَتَكَ0] فقال لها داوُد [ مُبارك الرّبّ إِلهُ إِسرائيل الّذى أرسلَكِ هذا اليومَ لإِستقبالىِ وَمُبارَك عقلُكِ وَمُباركة أنتِ لأِنَّكِ منعتِنىِ اليومَ مِنْ إِتيان الدَّماءِ وَإِنتقامِ يدىِ لِنَفْسِىِ 0 وَلكِنْ حَىّ هُوَ الرّبّ إِلهُ إِسرائيلَ الّذى منعنىِ عَنْ أَذِيَّتِكِ 00]وَلِذلِك يقول الحكيم [ كتُفّاحٍ مِنْ ذهبٍ فِى مصوغ مِنْ فِضّة كلِمة مقولة فِى حيِنِها ] وَقَدْ قالت هذهِ السيّدة كلِمة فِى حيِنِها كيف يُواجِه الإِنسان موقِف الغضب ؟؟ إِنّهُ أمر صعب أنْ يأخُذ الإِنسان الأمور بإِسلوب عنيف ، وَلاَ يُمكِن أنْ يكونْ لنا حِكمة بِدون مخافة الله ، فالحِكمة هى ثمر لِعلاقة قوية بالله وَ إِلاَّ لكانت تُعطى لأى شخص وَلكنّها نازِلة مِنْ فوق [ رأس الحِكمة هى مخافة الله ] ، وكُلّما غُرِست مخافة الله فِى قلوبِنا كُلّما عرفنا كيف نتصرّف بِحِكمة وَكيف أُوجِّه دون أنْ أُهين مِنْ أمامىِ ، وَكيف أُدبِّر شىء دون أنْ أجرح شىء ، وَكيف أنصح إِنسان دون أنْ أمِس كرامتهُ لقد أنكر بُطرُس ربّ المجد يسوع وقَدْ كان ربّ المجد أنذرهُ أنّهُ سوف يُنكِرهُ وَقَدْ أنكرهُ بُطرُس أمام الجارِية وَأخذ يسِب وَيلعن وَقال إِنّىِ لاَ أعرِفهُ وَعِندما تقابل معهُ ربّ المجد قال لهُ[ يا سمعان أتُحبُنىِ ؟ ] ، كلِمة بسيطة وَلكِن مليئة رِقّة وَحزم وَحُب وَعِتاب وَشِفاء ، وَسألهُ مرتين أُخريتين فحزِنْ بُطرُس جِداً لأنّهُ قال لهُ هذهِ الجُملة ثلاث مرّات وَنجِد فِى الرسائِل السبعة لِسِفر الرؤيا يبدأها بِقولهِ أنّهُ يعرِف أتعابك وسهرك وجِهادك وَأنّك لَمْ تُنكِر إِسمىِ وَأنّك لاَ تكِلّ ثُمّ يقول لهُ فِى النهاية : عِندىِ عليك مُجرّد عِتاب وَنجِد أنّ ملاك الكنيسة كانْ مُخطىء ويقول لهُ [ أُذكُر مِنْ أين سقطت وَتُب وَإِلاَّ فأُزحزِح منارتك ] ، وَهذا يعنىِ أنّهُ يسلُك خطأ وَلكنّهُ مدحهُ فِى البِداية رِفقاً بالنّفوس ، فلتتعامل مَعَ الإِنسان بِحِكمة كى تُدرِك كيف تكسبهُ وَنرى مُعلّمِنا بولس الرسول كان عِندما يدخُل بلد كُلّها عبدِة أصنام يُخبِرهُمْ بأنّهُ رأى لديهُمْ فِى ساحة كبيرة جميلة ميدان جميل جِداً بِداخِلهِ مذبح لإِله مجهول وَلقد جِئتُ لأُخبِركُمْ عَنَ هذا الإِله المجهول فأنتُمْ تعرِفون الله وَلكِن ينقُصكُمْ شىء ، فبِداخِلكُمْ عطش لِمعرِفة الله والدليل على ذلِك أنّكُمْ تكتِبون أنّهُ مذبح إِلهٍ مجهول وَتُكرّموه وتعبُدوه ثُمّ يبدأ فِى الحديث ، لقد إِتخذ مدخل منهُم ومِنْ حياتهُم فبدأوا يسمعون لهُ ويُحبّوه فنجِدهُ عِندما يجلِس وسط أُناس يقول لهُم [ وَكما قال أحد شُعراءكُمْ ] ، وَكانوا بِذلِك يعرِفون أنّ الّذى يتحدّث معهُم يتودِّد إِليهُم وَيستخدِم إِسلوبهُمْ وَيقول مُعلّمِنا بولس [ أنا صرت لليهودى يهودىِ لأربح اليهودىِ ، صرت للّذين بِلا ناموس كأنّىِ بِلا ناموس لأربح الذّين بِلا ناموس ، صرت للّكُل كُلَّ شىء لِكى أربح على كُلّ حالٍ قوماً ، مع إِنّىِ حُر مِنْ الكثيرين أُستعبِدتُ نَفْسَىِ للكثيرين لِكى أربح الجميع ] وَنجِد تلاميذ القديس أبو مقّار وَهُمْ فِى طريقهُمْ باكِراً إِذا بِرجُلٍ عابِد أوثان ينحت فِى الصخر لِيصنع تِمثال لِصنمٍ لِيبيعهُ فقال تلاميذ القديس أبو مقّار للرجُل : أيعبُد أحد صنم !! فقام الرجُل بِضربِهِم وَكتّفهُمْ وَ ألقى بِهُم خلف شجرة ثُمّ مرّ بِهِ أبو مقّار فقال لهُ سلام لك يا رجُل الجد والنشاط أراك تعمل بإِجتهاد وعرق فمدح إِجتهاده وَنشاطه لِذلِك فالحِكمة مطلوبة أنْ يُزّيِنِنا الله بِها فِى تصرُّفاتِنا وَفِى أُمورنا وَفِى رِدود أفعالنا وَفِى مشاكِلنا وَفِى عِلاقتنا مع الله ، فلنا وعد مِنْ الله [ مِنْ يُعوزهُ حِكمة فليطلُب حِكمة ] ، فلنرفع قلوبنا لله أنْ يُعطينا حِكمة كى أُدرِك كيف أقود بيتىِ وَأقود أولادىِ وَأُعلّمهُمْ وَأُنشّئهُمْ وَأُنمّيهُمْ فِى محبّتك وَمخافتك ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فينا بنعمِته ولإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين .

عدد الزيارات 1462

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل