عِلاقتِى بالله

Large image

سوف نقرأ جُزء مِنَ رِسالة مُعلّمِنا يوحنا الرسول الأولى الإِصحاح الأول بركاته على جميعنا آمين :[ الّذى كان مِنَ البدء ، الّذى سمِعناهُ ، الّذى رأيناهُ بِعيوننَا ، الّذى شاهدناهُ ، وَلمستهُ أيدينَا ، مِنْ جِهة كلِمَةِ الحياة 0 فإِنَّ الحياة أُظهِرت ، وَقَدْ رأينَا وَنشْهَدُ وَنُخبِرُكُمْ بِالحياة الأبديّة التّى كانتْ عِندَ الآبِ وَأُظهِرت لَنَا 0 الّذى رَأيْنَاهُ وَسَمِعنَاهُ نُخبِرُكُمْ بِهِ ، لِكَىْ يَكُونَ لَكُمْ أيْضاً شرِكَةٌ مَعَنَا 0 وَأمّا شرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِىَ مَعَ الآْبِ وَمَعَ إِبنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ 0 وَنَكْتُبُ إِليْكُمْ هذَا لِكَىْ يَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلاً 0]مجداً للثالوث الأقدس

نوِد أنْ نتكلّم عَنَ موضوع عِلاقتِى بالله ، فنحنُ نشعُر أحياناً أنّ عِلاقتنا بالله عِلاقة نظريّة مُجرّد أنّنا نسمع عنها أوْ هى مُجرّد عِظات أوْ كِتاب نقرأهُ أوْ ما نسمع مِنَ أشخاص عمل معهُمْ الله شىء أوْ أنّنِى أُحاوِل أنْ أعرِفهُ وَأفهمهُ ، لكِنْ فِى كثير مِنَ الأحيان إِذا سألنا شخص عَنَ عِلاقتهُ بِربِنا وَعَنَ إِحساسه بِربِنا وَهل فِعلاً لك عِلاقة مَعَ ربِنا ؟ نجِد للأسف أنّهُ مُمكِن يكون لاَ توجد هذهِ العِلاقة وَنجِد مُعلّمِنا بولس الرسول يقول [ إِنّىِ أعرِفهُ ] ، وَمُعلّمِنا يوحنا يقول[ الّذى رأيناه بِعيونِنا وَسمِعناه وَلمستهُ أيدينا ] ، فلنتخيّل كيف أنّنا أولاد الله وَلاَ نعرِفهُ ، مُجرّد كلام سمِعناه عنهُ ، وَلِذلِك سوف نتحدّث فِى ثلاث نِقاط ، العِلاقة التّى بينِى وَبين الله يجِب أنْ تكون :-
(1) عِلاقة حيّة :-
أى أشعُر أنّ الله كائِن حىّ أمامِى أكلّمه يسمعنِى أطلُب منهُ يشعُر بىّ [ أنا حىّ وَأنتُم تحيون ] ، فهل إِحساسنا بالله أنّهُ حىّ أم لا ؟ إِحساس بالله أنّهُ يقدِر فِعلاً عِندما أتكلّم معهُ وَأكون موجودة فِى حضرتهِ أشعُر إِنّى فِى وجود سيِّد ممالِك الأرض ملِك الملوك وَربّ الأرباب إِنّهُ رئيس الحياة ، وَعِندما أتحدّث معهُ لابُد أنْ أشعُر إِنّنِى أتحدّث مَعَ رئيس الحياة كيان حىّ الكيان الإِلهِى كثيراً ما يُحارِبنا عدو الخير يضع بِداخِلنا بذوراً رديئة مِنَ شك وَهم وَحُزن وَيجعلنِى أنصرِف عَنَ الله وَ يُفقدنِى الثِقة فِى وجود الله ، وَمتى أفقدنِى الثِقة فِى وجود الله فصلنِى عَنَ الحياة فصرتُ ميِتاً وَنجِد مُعلّمِنا بولس يقول [ الله الّذى أعبُدهُ بِروحِى فِى الإِنجيل ]، فإِنّى أشعُر بوجوده وَأشعُر أنّ كُلَّ كلِمة فيها حياة ، وَلِذلِك عِندما نُصلّى وَنسجُد فِى الصلاة فهذا دليل على شعور الشخص بأنّهُ موجود فِى حضرة الله وَالله قائِم أمامه فيسجُد مِنَ جلال عظمتهِ يُسبِّح وَيُمجِّد بِوقار وَخِشوع وَتذلُّل وَيأتِى هذا الوقار وَالخِشوع وَالتذلُّل مِنَ إِحساس إِنّنِى أتحدّث مَعَ إِله حىّ فأجِد أنّ عِلاقتِى بِهِ عِلاقة حيّة إِيليا النبِى كان دائِماً يقول [ حىّ هو الرّبّ الّذى أنا واقِف أمامه ] ، إِنّ العِلاقة الحيّة يا أحبائِى تُعطينِى حُب وَنمو ، وَكثيراً ما نجِد منّا مَنْ لاَ يعرِف يُصلّى لأنّهُ يشعُر أنّ العِلاقة التّى بينه وَبين الله غير حيّة فَلاَ يوجد حوار فهى عِلاقة نظريّة ، فالصلاة تُعنِى صِلة وَلِهذا لابُد أنْ أشعُر إِنّى فِى حضرِة الله وَأنّهُ توجد صِلة بينِى وَبين الله أطرح لهُ همّى وَمشاكِلِى وَخطاياى وَأتحدّث معهُ بِكُلَّ وضوح فهو القادِر وحدهُ أنْ يرفع عنك كُلَّ الهموم وَالأحزان وَهو القادِر أنْ يُعين وَيرفع وَمِنَ المُفترض أنْ تتحّول همومنا إِلَى صلوات وَخطايانا وَضعفاتنا إِلَى صلوات ، إِنّها عِلاقة حيّة [ الإِتكال على الرّبّ خير مِنَ الإِتكال على البشر وَالرجاء بالرّبّ خير مِنَ الرجاء بالرؤساء ] ، فلن يفعل لك البشر شيئاً ، لِذلِك لابُد مِنَ وجود عِلاقة حيّة بينك وَبين الله فِيها حياة وَليس موت ، تطلُب منهُ عطايا ثانويّة وَتطلُب منهُ أنْ يُعطيك خلاص وَغُفران وَيُدّبِر أُمورك ، إِنّهُ حديث سرّى خفِى وَلنرى دانيال وَ الثلاث فتية عِندما طلبوا منهُمْ ألاّ يُصلّوا وَألاّ يطلُبوا أى طِلبة مِنَ غير الملِك ، فنجِد دانيال يذهب وَيفتح نافِذته نحو أورشليم ورفع عينيهِ نحو أورشليم ورفع قلبهُ وسجد لإلههُ وَتحدّث معهُ رغم أنّ هذا سوف يُكلّفهُ حياته وَلنرى آباءنا الرُسُل عِندما كانوا يمُرّون بِمُشكِلة كانوا يرفعوا صلاة لله وَيشكون لهُ قائِلين [ أُنظُر يارب لِتهديداتهُمْ وَأمنح عبيدك أنْ يتكلّموا بِكلامك بِكُلَّ مُجاهرة وَلتُجرى آيات وَعجائِب بإِسم فتاك القُدّوس يسوع ] ، وَلِذلِك نجِد النتيجة كانت تزعزُع المكان ، إِنّها صلاة حيّة صلاة قادِرة مُقتدِرة إِذا كان الله قَدْ أطاع جدعون عِندما طلب مِنَ الله أنْ تكون الدُنيا كُلّها ندى وَأنْ تُصبِح الجزّة يابِسة ثُمّ طلب مِنَ الله أنْ يفعل العكس وَأنْ يجعل الدُنيا جافّة وَالجزّة رطِبة ، وَهذا مُستحيل حتّى وَإِنْ كانت قوانين الطبيعة تمنع ذلِك ، إِنّها عِلاقة حيّة وَثِقة فِى عمل الله وَيقولون عَنَ إِليشع النبِى أنّهُ عِندما مات إِبن الأرملة التّى كانت تعوله صلّى قائِلاً لله [ حتّى إِبن هذهِ الأرملة لَمْ تُمسِك يدك عنها بلْ بسطتها لِتؤذيه ] ، وَبدأ يُصلّى لله وَلقد أقام لهُ الله الصبىّ وَنجِد مُعلّمِنا داوُد فِى مزمور التوبة يقول [ لِكى تتبرّر فِى أقوالك وَتغلِب إِذا حُوكِمت ] ، فلنرى قوّة الحياة التّى تجعل الشخص يشعُر بيقين فِى الله ، فإِذا كانِت عِلاقتِى بالله عِلاقة حيّة أستطيع أنْ أشعُر أنّ الله حىّ وَأعرِف مقاصِدهُ وَأشعُر بإِرادتِهِ وَتدبيره وَترتيبه لىّ وَنرى أنّ العِلاقة التّى بين آبائِنا القديسين وَالله عِلاقة تصنع عجائِب لأنّها عِلاقة حيّة ، وَلِذلِك فمِنْ الخطر أنْ تتحوّل عِلاقتنا بالله إِلَى عِلاقة نظريّة جافّة ميتة ليس فيها حياة ، فإِنْ شعرت بِهِ وَأدركت مَعَ مَنَ أتكلّم[ يجرِى حديثِى معهُ سِرّاً وَلاَ رقيب ] ، فالآباء القديسين كانوا يبدأون الصلاة وَلاَ يُدرِكون كيف ينهوها ، فالقديس الأنبا أرسانيوس كان يُصلّى مِنْ إِشراق الشمس لإِشراق شمس تانِى يوم ، وَالقديس الأنبا بيشوى كان يربُط شعره بِحبل كى يستمِر فِى الصلاة طوال الليل ، إِنّ لديهِ ذخائِر وَالكلام لاَ ينتهِى لديهِ ، فكيف لاَ يكون بينِى وَبين إِلهِى كلام ؟؟ فأنا لدىّ مِنَ الهموم وَمِنَ الخطايا وَلدىّ إِشتياقات أُريد أنْ يُعطيها لىّ الله ، وَعِندى طلبات عَنَ آخرين وَنجِد أنّ آبائِنا كان مِنَ المُمكِن أنْ يلوموا الله بِطريقة فيها لون مِنَ ألوان الجرأة لأنّهُمْ يشعُرون بوجوده ، فمتى تكلّمت ينساب الكلام مِنَ شفتىّ 0
(2) عِلاقِة حُب :-
بِقدر إِدراكِى لِحُب الله لىّ بِقدر ما أحبّه وَبِقدر ما المحبّة تكون مُتبادلة بِقدر ما الحياة فِى العِلاقة تكون عِلاقة وطيدة ، فرُبّما أشعُر أنّ الله أحب العالم وَلكِن لاَ أشعُر أنّهُ أحبّنِى أنا بالأخص ، وَرُبّما أشعُر أنّ محبّة الله مُجزّأة على العالم وَأنّ نصيبِى منها بسيط جِداً وَهذا خطأ إِنّها نُقطة صعبة فِى عِلاقتِى بالله ، فمِنَ المفروض أنْ أشعُر أنّ حُب الله خاص بىّ ، وَنجِد مُعلّمِنا بولس يقول [ الّذى أحبّنِى وَأسلم نَفْسَهُ لأجلِى ] ، الّذى صُلِب لأجلهُ هُو فقط ، وَعلى هذا فبقدر ما أكتشِف حُب الله لىّ بِقدر ما أُبادِلهُ حُب بِحُب ، فالله قَدْ قدّم لك حُب للمُنتهى ، قدّم لك نَفْسَهُ فلنتخيّل عِندما يتحّول حُب الله فِى حياتنا لِكلام نظرِى دون حياة ، وَعِندما تشعُر النَفْسَ أنّهُ ليس لها مكان فِى محبّة الله وَهُنا لاَ تعرِف كيف تُحِبّهُ ، فليكُن لديك إِحساس بِخصوصيّة محبّة الله ، فهذا الصليب لك ، قطرات الدم هذهِ مِنَ أجلك أنت ، لك موضِع فِى كُلَّ مُسمار وَشوكة وَحربة وَكُلَّ ثُقب فِى الأقدام أحد الآباء القديسين يقول[ أنا أثِق أنّهُ لو لَمْ يكُنْ فِى العالم إِلاّ أنا لكان إِبنْ الله أتى مِنَ أجلِى ] ، أى إِذا لَمْ يوجد مِنَ ذُريّة آدم إِلاّ أنا فقط كان الله سوف يأتِى ، إِنّهُ إِحساس بِخصوصيّة محبّة الله لىّ وَالّذى يُضيِّع محبّة الله إِنّنا نشعُر أنّها مِلك الكُلَّ وَإِن أنا لىّ جُزء القديس أوغسطينوس عِندما دخل فِى عِلاقة حُب قويّة جِداً بالله بدأ يشعُر أنّ حُب الله لهُ هو فقط حتّى أنّهُ يقول للرّبّ [ أنت تحتضِن وجودِى بِرعايتك وَكأنّى وحدِى موضوع حُبّك تسهر علىّ وَكأنّك قَدْ نسيت لخليقة كُلّها ، تهبنِى عطاياك وَكأنّى أنا وحدِى موضوع حُبك ] ، لقد شعر القديس أوغسطينوس بأنّ العِلاقة التّى بينه وَبين الله عِلاقة خاصّة جِداً ، حُب قوى غامِر وَمحبّتهُ خاصّة بىّ أنا وَبِحياتِى إِذا أدركنا حُب الله لنا لعرفنا كيف نكون مدينون لهُ بِعُمرِنا وَحياتِنا ، لِذلِك يقول داوُد النبِى [ الّذى نجّا مِنَ الحُفرة حياتِى الّذى رفعنِى مِنَ أبواب الموت الّذى شفى كُلَّ أمراضِى ] ، فهو الّذى يستحِق محبتِى وَغفر لىّ خطاياى أحد الآباء يُشبّه هذهِ العِلاقة بِفتاة مُتمرِّدة على والديها لاَ تستمِع لِكلامهُمْ ووالِدها دائِم النُصح لها ، وَفِى إِحدى المرّات تنزِل هذهِ الفتاة مُتأخِرة بِملابِس سيئة وَينزِل وراها والِدها ، فيتجمّع حولها الشباب وَيسرِقوها وَيُقطِّعوا لها ملابِسها وَيعتدوا عليّها ، فنجِد الأب يُدافِع عَنَ إِبنتهُ ، فتعدّى الشباب عليه وَضربوه ، وَعِندما شعروا أنّهُ رأهُم وَهُم يعتدوا عليها وَيسرِقوا أشياءِها ضربوهُ أكثر حتّى مات الرجُل ، فما إِحساس هذهِ الفتاة بعد ذلِك بِوالِدها ؟ كُلَّ عدم الطاعة سوف يتبدّل وَيتحّول إِلَى طاعة وَعدم الحُب يتحوّل إِلَى حُب وَتبدأ فِى إِسترجاع هذهِ الذكريات إِنّى مديونة لك بِعُمرِى ، وَكما يقول داوُد النبِى [ كلامُك سِراج لِرجلىّ وَنور لِسبيلِى ] ، فلقد أقمت على حِفظ أحكام عدلك ، فبقدر ما أكتشِف محبّة الله لىّ بِقدر ما أُحِبّهُ وَكُلّما أُحِبّه أكثر كُلّما تنمو عِلاقتِى بِهِ أكثر وَكُلّما تزداد طاعتِى لهُ كُلّما علا إِحساسِى بِهِ ، وَعِندما تزداد الطاعة وَيرتفِع إِحساسِى بِهِ أبدأ أدخُل معهُ فِى حياة ما الّذى يجعل شاب أوْ شابة يُعطِى حياته لله ؟إِنّهُ يشعُر بعمل الله السرّى العجيب فِى حياته ، يشعُر بتيار حُب مِنَ الله غير عادِى وَيشعُر بدين غير عادِى تِجاه الله وَأنّهُ لاَ يستطيع أنْ يوفّى الله حقّهُ مِنَ الحُب إِلاّ بأبسط شىء مُمكِن أنْ يُقدّمهُ لهُ وَهو حياته ، وَهذا هو ما نجِدهُ فِى شُبان وَشابّات يُحِبّوا أنْ يُقدِّموا أنَفْسَهُمْ كعذارى لله ، فلقد أدركوا محبّتهُ وَبِقدر ما كانت محبتهُمْ لهُ كبيرة داخِل قلوبهُمْ بِقدر ما نذروا أنَفْسَهُمْ لهُ ، فإِن لَمْ أشعُر بِحُبِّهِ فكيف سأُبادلهُ الحُب إِذ قال[ الّذى يُحِب قليل يُغفر لهُ قليل وَالّذى يُحِب كثير يُغفر لهُ كثير ] فكُلّما شعرت بِمحبّة الله وَأنّ الدين الّذى علىّ لهُ كبير كُلّما أدخُل معهُ فِى عِشرة وَحُب أكثر ، هذهِ هى عِلاقة الله بىّ [ الّذى أحبّنِى وَأسلم نَفْسَهُ مِنَ أجلِى أنا ] ، يا ليت حُب الله لاَ يكون نظرِى داخِلنا وَتكون معرِفتنا بِهِ عقليّة فلابُد أنْ أشعُر بالله فِى حياتِى 0
(3) عِلاقِة ثِقة :-
لابُد أنْ أشعُر بِثِقة كبيرة فِى تدابير الله وَفِى أعماله وَفِى خطوات الله فِى حياتِى وَفِى تدابيره لأولادِى وَأنْ أشعُر بيده فِى كُلَّ أُمورِى فهو الّذى يصنع وَهو الّذى يُدّبِر ، فالشخص الواثِق فِى تدابير الله هو الّذى يرفع قلبه بإِستمرار لله وَيقول لهُ : أنت فعلت إِنّى سوف أطلُب منك الكثير وَلكِنّنِى لدىّ ثِقة أنّ مشيئتك صالِحة وَعِندِى ثِقة فِى أنّ إِرادتك أفضل وَأنّ تدابيرك أفضل مِنَ تدابيرِى وَأنّ عملك أفضل مِنَ عملِى فإِنّى لاَ أُريد مشيئة نَفْسَىِ بل مشيئة نَفْسَكَ أنت فكُلّما أدخُل فِى عِلاقة حيّة مع الله كُلّما تزداد ثقتِى بِهِ وَتزداد ثِقتِى فِى تدابيره وَأقول لهُ [ لتكُن مشيئتك ] وَأستودِع لهُ هُمومِى وَمشاكلِى وَأحياناً نجِد أنّ الله يبعث لنا بِهذهِ المشاكِل لِكى تزداد خِبرة عِلاقتنا معهُ لأنّ الإِنسان أحياناً يضع ثِقتهُ فِى البشر وَأحياناً يُحاوِل الإِنسان أنْ يحِل مشاكِلهُ بِنَفْسَهِ وَيعتقِد أنّهُ قادِر على ذلِك فيبعث لك بِشىء لاَ تقدِر عليه وَعِندها تطلُب تدخُلّ الله ، وَعِندما تزداد خبرِتك مع الله – مُنذُ البِداية – سوف تلجأ لهُ مُنذُ البِداية قبل أنْ تلجأ لعقلك أوْ معارِفك أوْ حتّى قبل إِمكانياتك إِنّهُ يُريد أنْ أتكلّم معهُ وَأنْ أشكو لهُ وَأثِق فِى تدابيره وَإِنْ كُنت فِى بعض الأوقات لاَ أدرِى لِماذا يفعل ذلِك ؟؟ وَلاَ أستطيع إِستيعاب ذلِك وَلكنّى عِندى ثِقة فِى أنّهُ يفعل كُلَّ خير فِى كُلَّ أمر لأنّهُ صانِع خيرات وَيُقال عَنَ نُعمى فِى الكِتاب المُقدّس فِى سِفر راعوث أنّها خرجت مِنَ أرض يهوذا وَمعها زوجها وَإِثنينْ مِنَ أولادها وَفِى أرض يهوذا مات زوجها ثُمّ مات إِبنها وَبعد ذلِك مات إِبنها الثانِى وَظلّت عشر سنوات بعيدة عَنَ أرض يهوذا وَعِندما رجعت سألوها عَنَ زوجِها وَأولادها فقالت لهُمْ : [ إِنّ الرّبّ قَدْ أذلّنِى وَالقدير قَدْ أمرّنِى ] ، فهى لاَ تُنسِب إِليّهِ حماقة فهى تصِفهُ بالقدير وَهذهِ الكلِمة لاَ تخرُج إِلاّ مِنَ أتقياء مِثل حِنّة أُم َصموئيل وَمِنَ السيّدة العذراء عِندما قالت [ لأنّ القدير قَدْ صنع بِى عظائِم ] ، وَهى شاكِرة وَواثِقة أنّ التجارُب التّى حدثت فِى حياتِها لَمْ يُحدِثها إِنسان وَلاَ ظروف أبداً وَلكنّهُ عمل الله فكُلّما دخل الإِنسان فِى عِشرة مع الله كُلّما شعر أنّ كُلَّ أُمور حياته مِنَ الله فأثِق فيها وَأقبلها وَأشكُره ، وَإِذا لَمْ أكُنْ قادِرة عليها أطلُب منهُ نِعمة على إِحتمالها فيُعطينِى بركة وَقوّة لإِحتمالِها فأحياناً يشعُر الرّبّ أنّ أفضل شىء لنا هو الذُل فيبعث لنا بِتجرُبة تُذلِنافَلاَ تغضب لأنّ أفضل طريق لِى لأعرِفك هُو الذُل ، وَنجِد داوُد النبِى يقول دائِماً [خير لِى أنّك أذللتنِى ] فنجِد الإِنسان إِذا إِستند لشىء يتكبّر وَيتعالى على إِخواته وَأبسط الإِمكانيات التّى يُعطيها الله لهُ يتكبّر بِها على النّاس وَهُنا يُحاوِل الله أنْ يُرجِعه عَنَ طريق الذُل ، وِلِذلِك نجِد الآباء القديسين كانوا يُذلّون أنفُسَهُمْ ، فالله لاَ يُذِل إِلاّ الّذى لاَ يعرِف كيف يُذِل نَفْسَهُ المُتكبِرة لِذلِك نجِد أنّ كنيستنا كنيسة نُسك وَأصوام وَشُهداء وَكنيسة تعرِف كيف تتذلّل وَتنسحِق أمام الله بإِختيارها دون إِجبار وَلكِن بِحُب وَثِقة فِى الله وَفِى أعماله وَتدابيره وَأشعُر بيده فِى كُلَّ أمر وَفِى كُلَّ تجرُبة إرميا النبِى كان يقول [ مِنَ ذا الّذى قال فكان وَالرّبّ لَمْ يأمُر ] ، عاموس النبِى كان يقول [ هل مِنَ بليّة فِى الأرض وَالرّبّ لَمْ يُحدِثها ] ، فالرّبّ أحدث الطوفان على الأرض وَأهلك سدوم وَعمورة وَلقد كان الطوفان حُب وَإِشفاق لِئلاّ يفسد العالم كُلّهُ فأراد الله أنْ يوقِف تيار الشرّ إِشفاقاً منهُ على أهل سدوم وَعمورة لِئلاّ يتفاقموا فِى شرِّهِم أهلكهُمْ فكان هلاكه صلاح وَكان الطوفان تجديد للعالم وَتجديد للخليقة الجديدة ، فحتّى إِنْ كان فيها لون مِنَ ألوان العقوبة إِلاّ أنّها عقوبة تحمِل حُب وَخلاص وَخير حتّى إِنْ لَمْ أراهُ لكِنّهُ خير وَنجِد داوُد النبِى يقول [ خيراً صنعت مع عبدك ] ، فعلى الرغم مِنَ كون داوُد مُطارداً مِنَ قوّات الملِك وَمُهدّد فِى كُلَّ مكان يذهب إِليّهِ إِلاّ أنّهُ يثِق أنّ هذا خيراً[ صلاحاً وَأدباً وَمعرِفة علّمنِى ] ، فالعلاقة الحيّة بالله هى عِلاقة ثِقة فِى الله وَفِى كلامه وَفِى مواعيده وَتدابيره فِى كُلَّ أُمور حياتِى ، أثِق فِى أنّك طالما يارب أردت هذا الأمر فأنا أثِق فِى تدبيرك [ وضعت يدى على فمِى لأنّك أنت فعلت ] إِنّنا فِى حاجة أنْ تكون عِلاقتنا بالله فيها بُعد عملِى ، إِنّنا فِى حاجة لِمعرِفتةُ فِعلاً وَليس مُجرّد أنْ نسمع عنهُ أوْ نقرأ عنهُ ، إِنّنا فِى حاجة لِعِلاقة تنتقِل مِنَ مُجرّد عِلاقة نظريّة لِعِلاقة عِبادة بالرّوح وَالحق فلابُد أنْ أقِف فترات طويلة وَأُصلّى بحيث لاَ يحِد هذهِ الفترة زمن وَأبعِد عَنَ أثقال مسئولياتِى لحظة وَليس مِنَ المُهِم متى تختِم الصلاة بل قِف بِكُلَّ حُريّة وَبِحواس مُجمّعة وَذهن يقِظ مرفوع وَتحدّث وَأطرح أمامه كُلَّ أُمورِى ، فلابُد أنْ تكون عِلاقِتنا بالله عِلاقة حيّة فَلاَبُد أنْ يكون فِى عِلاقِتنا بالله بُعد خاص وَأنْ أعرِف أنّ كُلَّ تجارُبِى وَهمومِى وَمشاكلِى وَأحزانِى بِسماح مِنَ الله كى تنمو عِلاقتِى بِهِ أكثر وَكُلَّ أمر يبعثهُ الله لىّ كى أحوّلهُ لِحديث بينِى وَبينه ياليت عِلاقِتنا يا أحبائى بِربِنا يسوع تكون عِلاقة حيّة فيها حُب وَثِقة وَسوف ينظُر الله بِكُلَّ تأكيد إِلَى الإِشتياق وَيُكمِلّ النقائِص ربِنا يسنِد كُلَّ ضعف فينا بِنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين .

عدد الزيارات 1334

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل