مجلة الكرازة

Large image

مجلة الكرازة تصدرها الكلية الإكليريكية للأقباط الأرثوذكس بالأنبا رويس بالعباسية بالقاهرة منذ عام 1965 تحت إشراف الأنبا شنودة أسقف التعليم( قداسة البابا شنودة الثالث ) الى عام 2012 وتابع مسيرتها قداسة البابا تواضروس الثانى البطريرك 118 والذى يشرف على إصدارها نيافة الأنبا مكاريوس الأسقف العام بالمنيا وأبو قرقاص

المقالات (2)

22 مارس 2024

أعطى بهاء للإكليروس

قال السید المسیح لتلامیذه: "اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهٌ عَلَى الأَرْضِ یَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَه ٌعَلَى الأَرْضِ یَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاءِ"(مت ۱۸:18) المسیح ھنا یسلِّم سر الكھنوت لتلامیذه وھو الذي امتد بعد ذلك عبر الأجیال. نصل في سلسلة الطلبات التي تبدأ بعبارة "نعم نسألك أیھا المسیح إلھنا ثبت أساس الكنیسة" إلى بدایة الطلبات المتخصصة،وسنأخذ كل مرة شریحة أو قطاعًا في الكیان الكنسي. نبدأ بالإكلیروس: "أعط بھاءً للإكلیروس". إﻛﻠﻴﺮوس كلمة "إكلیروس" من أصل یوناني وتعني: "نصیب الرب"، فھم من اختاروا الله نصیبًا لھم، وخصصوا كل وقتھم لخدمة لله، ولا یعملون عملاً آخر. كلمة "إكلیروس" تجمع كل من یقوم بعمل الكھنوت وإقامة الأسرار (الكھنة یقومون بإقامة الأسرار ماعدا التدشین والسیامات، لكن الأسقف یقوم بالتدشین وبسیامة الكھنة والشمامسة). وعنصر الكھنوت مستمد من الكتاب المقدس بتفاصیل كثیرة،وھو للرجال فقط. فقد اختار السید المسیح كل تلامیذه من الرجال (ال ۱۲ وال ۷۰ ). لكنه كرَّم أمنا العذراء التي تمثِّل كل جنس المرأة،واختارھا كنموذج جمیل لذلك نسمیھا فخر جنسنا،أما الرجال فھم الذین یخدمون الخدمة الشاقة. الإﻛﻠﻴﺮوس ﻓﻲ كنيستنا ثلاث رتب: 1- رتبة الشماسیة كلمة "شماس" من كلمة قبطیة قدیمة ھي "شمشي" بمعنى "خادم". ھذه الرتبة مكونة من درجات متدرجة ومرتبة وكل درجة لھا وظیفة. تبدأ من درجة "إبصالتس" وتعني مرتل، ثم "أغنسطس" وتعني قارئ، ثم "إبیدیاكون" أي مساعد شماس،و"دیاكون" أي شماس كامل، و"أرشي دیاكون" أي رئیس شمامسة.درجة الدیاكون والأرشي دیاكون للمتقدمین في العمر وینطبق علیھما قوانین الكھنوت.من ھم في رتبة الشموسیة یكونون إما متزوجین أومتبتلین. شمامسة ذكروا في الإنجیل: الشمامسة السبعة الذین اختارھم الآباء الرسل (انظر أع ٦: 1-5)،وكانوا یقومون بالخدمة ویبشرون ومنھم إستفانوس وفیلبس (انظر أع 6-8) ۲) رتبة القسیسیة القسیسیة درجتان: ۱- قس (بریسفیتیروس): ومعناھا "مصلي" أو"شفیع"وفي كنیستنا نستخدم له اللقب الجمیل "أبونا". كلمة "القسیسیة" أحیانًا تترجم في الكتاب المقدس بكلمة "شیوخ"، لكن المقصود بھا القسیسیة كرتبة كھنوتیة. ۲- قمص: تعني "المدبر"، وھي درجة أعلى،ویقام للتدبیر أي الإدارة Administration من مر علیه سنوات في خدمة القسیسیة یترقى للقمصیة بصلوات كثیرة. والترقیة في مفھوم الكنیسة تختلف عن مفھوم العالم، فمن یترقى في الكنیسة ینزل أي یتضع أكثر، وأكبر ترقیة ھي رتبة غسل الأرجل التي عملھا المسیح مع تلامیذه قبل الصلب وفي عرف الكنیسة من ھم في رتبة القسیسیة والقمصیة یكونون كلھم متزوجین ما عدا الرھبان منھم. ۳- رتبة الأسقفیة (الأسقف، المطران، البطریرك) أي رئاسة الكھنوت في الكنیسة ھم غیر متزوجین لكي یكونوا متفرغین، ویكون كل وقتھم مخصصًا للرعیة. درجة الأسقف: كلمة "أسقف" تعني "الناظر من فوق"، فھو مثل المایسترو الذي یقف على قاعدة مرتفعة لكي یرى كل العازفین في فریق موسیقي كبیر. درجة المطران: الأسقف بعد سنوات طویلة(30/40 سنة) یترقى لدرجة مطران والمطران ھو من یكون مسئولاً عن المدینة الكبیرة، ویمكن أن یكون معه بعض الأساقفة المساعدین. درجة البطریرك: كلمة "بطریرك" تعني "أب الآباء". وفي كنیستنا القبطیة بدأ لفظ "بابا" أي "الأب الكبیر" منذ زمن مبكر، ثم أخذت روما اللقب بعد ذلك. ما الفرق بين اﻟﺒابا واﻟﺒطريرك؟ البابا شخص عنده إمكانیة رسامة بطاركة، أما البطریرك فیرسم أساقفة. وبابا الإسكندریة لقبه "صاحب القداسة (لأنه بابا الإسكندریة) والغبطة (لأنه بطریرك الكرازة المرقسیة)". ما ﻫﻲ وظيفة الإﻛﻠﻴﺮوس؟ ۱- الأبوة: وھي عنصر رئیسي. وكلمة "أبونا" (للكاھن أو الأسقف) ھي سبب بقاء المسیحیة في مصرنا وامتدادھا للخارج. الأب ھو الذي یبدأ تكوین الأسرة، وأبونا الذي سیقوم بالخدمة ھو بدایة تكوین كنیسة إن وظیفة الإكلیروس (الكاھن، الأسقف،الشماس) ھي الأبوة والرعایة بالحب. ۲- الأمانة المطلقة: وشعارھم "كُن أَمِینًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِیكَ إِكْلِیلَ الْحَیَاةِ" (رؤ۲: 10) الإكلیروس یكونون أمناء على النفوس، والتعلیم،والإیمان، وحتى على تدبیر مال الكنیسة، وإن بَعُدَأحدھم یومًا عن الأمانة تصبح خدمته غیر سلیمةوغیر صحیحة. ۳- الشفاعة: فھو مصلي وشفیع. لا تستھینوابالأوراق التي یقدمھا لكم الشعب للصلاة من أجلھم، لا تستھینوا بكلمة "ربنا معك". ٤- المعرفة: لا بد أن یكون على قدر من المعرفة،وتكون له قراءات، ویؤھل نفسه، فرجل الإكلیروس ھو مُعلِّم. ٥- الإدارة بالحب: یجب أن تكون إدارة الكنیسة صحیحة، والكل یعرف دوره بالتحدید. وھناك علوم إدارة تساعد في ذلك. بهاء كلمة "بھاء" ھي إحدى كلمات اللغة العربیة القویة،والكلمة تضم معنیین: ۱- النقاوة الداخلیة، ۲- اللمعان الخارجي وھي تقال في أدبیات اللغة العربیة على الماس. صفات الماس التى تنطبق ﻋﻠﻰ الإﻛﻠﻴﺮوس ۱- نادر: "الْحَصَاد كَثِیرٌ وَلكِنَّ الْفَعَلَةَ قَلِیلُونَ"(مت۹: 37) "فَمَن ھُوَ الْوَكِیلُ الأَمِینُ الْحَكِیمُ الَّذِي یُقِیمُهٌ سَیِّدُهُ عَلَى خَدَمِه لِیُعْطِیَھُمُ الْعُلُوفَةَ فِي حِینِھَا" (لو12: 42) كلمة "بھاء" تعني الندرة وھذا ھو سبب ارتباطنا كشعب بمن یقوم بخدمتنا. ۲- لامع: في صلوات سیامة الكاھن نقول: "أرسل من السماء نعمتك على عبدك ھذا لكي یستحق من قبلك أن یكمل كھنوتك بغیر اعوجاج لیفوز بمراحمك مع الذین أرضوك منذ البدء". یكون له ھذا اللمعان لأنه یأخذ من المسیح. ۳- بسیط: البساطة ھي من تعابیر الكتاب عن النقاوة. والماس ھو كربون یتجمع بروابط كیمیائیة معینة مع ضغط عالٍ لزمن طویل "الرب الإله رأس الرئاسات، وأساس السیادات، واھب الكرامات، مرتب درجات الكھنوت على الأرض كما ھي في السماوات، یعینك ویعضدك ویساعدك ویؤیدك بقوته على القیام بفرائض خدمتك". ٤- یعكس النور: الإكلیروس أشخاص یعكسون نور المسیح، یأخذونه عن طریق الصلوات (بكل أشكالھا) والقراءات (وفي قمتھا الكتاب المقدس) ثم یقدمونه للآخرین. ٥- من الأرض: الأرض ھي تعبیر رمزي عن السجود والمیطانیات، والكاھن مرتبط بالسجود. لذلك فإن الكاھن في بدایة القداس یقول سرًا: "أنت یا سید تعلم إني غیر مستحق ولا مستعد ولا مستوجب لھذه الخدمة لیس لي وجه أن أقترب وأفتح فمي أمام مجدك المقدس، بل ككثرة رأفاتك لي أنا الخاطئ امنحني أن أجد نعمة ورحمة في ھذه الساعة لكي أبدأ وأھیئ وأكمل كما یرضیك" ویقول أیضًا: "اذكر ضعفي أنا الخاطئ واغفر لي خطایاي الكثیرة، وحیث كثر الإثم فلتكثر ھناك نعمتك، من أجل خطایاي خاصة ونجاسات قلبي لا تمنع شعبك من نعمة روحك القدوس." الخلاصة الإكلیروس ھو نصیب لله والبھاء ھو: ۱-النقاء الداخلي (الأفكار الصالحة والمشاعرالحیة الروحیة من الداخل مع كل خدمة یقوم بھا). ۲-اللمعان الخارجي (السیرة العطرة، وملاحظة الحیاة، وأن یعیش في مخافة لله على الدوام).فھو یخدم ویحمل مسئولیة شدیدة وخطیرة أمام الله على الأرض وفي السماء، وعلیه دائمًا أن یحافظ علیھا.في صلاتك الخاصة قل "أعط بھاءً للإكلیروس"،أعطھم نعمة یقدرون بھا أن یكملوا خدماتھم. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
23 نوفمبر 2022

المحبة هي قمة الفضائل

المحبة هي الفضيلة الأولى بل هي جماع الفضائل كلها. وعندما سئل السيد المسيح عن الوصية العظمى في الناموس، قال إنها المحبة" تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل فكرك، ومن كل قدرتك وتحب قريبك كنفسك" " وبهذا يتعلق الناموس كله والأنبياء"وقد جاء السيد المسيح إلى العالم لكي ينشر المحبة، المحبة الباذلة المعطية، محبة الله للناس، ومحبة الناس لله، ومحبة الناس بعضهم لبعض. وهكذا قال لرسله القديسين "بهذا يعلم الجميع أنكم تلاميذي، إن كان فيكم حب بعضكم نحو بعض" وبهذا علمنا أن نحب الله، ونحب الخير.. ونطيع الله من أجل محبتنا له، ومحبتنا لوصاياه تربطنا بالله علاقة الحب، لا علاقة الخوف. إن الخوف يربى عبيدًا، أما الحب فيربى الأبناء، وقد نبدأ علاقتنا مع الله بالمخافة ولكنها يجب أن تسمو وتتطور حتى تصل إلى درجة الحب، وعندئذ يزول الخوف وفى إحدى المرات قال القديس العظيم الأنبا انطونيوس لتلاميذه (يا أولادي، أنا لا أخاف الله). فلما تعجبوا قائلين (هذا الكلام صعب يا أبانا)، حينئذ أجابهم القديس بقوله (ذلك لأنني أحبه، والحب يطرح الخوف إلى خارج) والإنسان الذي يصل إلى محبة الله، لا تقوى عليه الخطية. يحاربه الشياطين من الخارج، وتتحطم كل سهامهم على صخرة محبته وقد قال الكتاب "المحبة لا تسقط أبدًا" وقال سليمان الحكيم في سفر النشيد "المحبة قوية كالموت مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة" ولذلك قال القديس أوغسطينوس (أحبب، وأفعل بعد ذلك ما تشاء)وقد بلغ من أهمية المحبة أنها سارت اسمًا لله فقد قيل في الكتاب المقدس "الله محبه، من يثبت في الله، والله فيه"إن المحبة هي قمة الفضائل جميعًا. هي أفضل من العلم، وأفضل جميع المواهب الروحية، وأفضل من الإيمان ومن الرجاء ولهذا قال بولس الرسول إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة، ولكن ليس لي محبة، فقد صرت نحاسًا يطن أو صنجًا يرن، وإن كانت لي نبوءة، وأعلم جميع الأسرار وكل علم، وإن كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال، وليست لي محبة، فلست شيئًا". "العلم ينفخ، والمحبة تبنى". إن الدين ليس ممارسات ولا شكليات ولا فروضًا، ولكنه حب وعلى قدر ما في قلب الإنسان من حب لله وحب للناس وحب للخير، هكذا يكون جزاؤه في اليوم الأخير إن الله لا تهمه أعمال الخير التي يفعلها الناس، إنما يهمه ما يوجد في تلك الأعمال من حب للخير ومن حب لله فهناك أشخاص يفعلون الخير ظاهرًا وليس من قلوبهم، وهناك أشخاص يفعلون الخير مجبرين من آخرين، أو بحكم القانون، أو خوفًا من الانتقام، أو خوفًا من العار، أو خجلًا من الناس وهناك أشخاص يفعلون الخير من أجل مجد ينالونه من الناس في صورة مديح أو إعجاب كل هؤلاء لا ينالون أجرًا إلا إن كان الحب هو دافعهم إلى الخير لذلك ينبغي أن نخطط بكل فضيلة بالحب، ونعالج كل أمر بالحب، يكون الحب دافعنا، ويكون الحب وسيلتنا، ويكون الحب غايتنا ونضع أمامنا قول الكتاب "لتصر كل أموركم في محبة". تدخل الحب في كل الفضائل: كما ينبغي أن يدخل الاتضاع في كل فضيلة لكي يحفظها من الزهو والخيلاء والمجد الباطل، كذلك ينبغي أن يدخل الحب في كل فضيلة لكي يعطيها عمقًا ومعنى وحرارة روحية ولنضرب لذلك بضعة أمثلة.. الصلاة مثلًا، هل هي مجرد حديث مع الله؟ إنها أكبر من ذلك، إنها اشتياق القلب لله، وهى تعبير عن الحب الداخلي لذلك قال داود النبي في مزاميره "يا الله أنت إلهي، عطشت نفسي إليك التحقت نفسي وراءك كما يشتاق الأيل إلى جداول المياه، كذلك اشتاقت نفسي إليك يا الله محبوب هو اسمك يا رب، فهو طول النهار تلاوتي""وجدت كلامك كالشهد فأكلته" والذهاب إلى بيت الله، أهو نوع من العبادة، أم هو أيضًا حب؟ نسأل في هذا داود النبي، فيقول في مزاميره "مساكنك محبوبة، أيها الرب إله القوات. تشتاق وتذوب نفسي للدخول إلى ديار الرب". "فرحت بالقائلين لي إلى بيت الرب نذهب" "واحدة طلبت من الرب، وإياها التمس، أن أسكن في بيت الرب كل أيام حياتي..".ليست الصلاة فقط هي علاقة حب، ولا الذهاب إلى بيت الله فحسب، وإنما العبادة كلها.. إن العبادة ليست هي حركة الشفتين بل القلب، إنها حركة القلب نحو الله. إنها استبدال شهوة بشهوة: ترك لشهوة العالم، من أجل التعلق بشهوة الله كذلك خدمة الله، والسعي لخلاص أنفس الناس كلها أعمال حب الخادم هو الإنسان الذي يحب الناس، ويهتم بمصيرهم الأبدي، ويسعى إلى خلاص نفوسهم. إنه كالشمعة التي تذوب لكي تضئ للآخرين، يقول مع بولس الرسول "وددت لو أكون أنا نفسي مرفوضًا، من أجل أخوتي وأنسبائي حسب الجسد" "من يفتر وأنا لا ألتهب؟!" لذلك كل إنسان يخدم الله، عليه أن يتعلم الحب أولًا، قبل أن يخدم الناس فالناس يحتاجون إلى قلب واسع، يحس إحساسهم، ويشعر بهم ويتألم لآلامهم، ويفرح لأفراحهم، ويحتمل ضعفاتهم، ولا يحتقر سقطاتهم، بل أيضًا يحتاجون إلى قلب يحتمل جحودهم وصدودهم وعدم اكتراثهم. وبالحب نستطيع أن نربح الناس والإنسان الذي يعيش بالحب، عليه أن يحب الكل. إن القلب الضيق هو الذي يحب محبته فقط، أما القلب الواسع فيحب الجميع حتى أعداءه ولهذا قال السيد المسيح له المجد "أحبو أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم" وأعطانا مثلًا وقدوة من الله نفسه الذي "يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين" لذلك علينا أن نحب الكل، ولا نضيق بأحد ونأخذ درسًا حتى من الطبيعة نتعلم من النهر الذي يعطى ماءه للكل، يشرب منه القديس، كما يشرب منه الخاطئ انظروا إلى الوردة كيف تعطى عبيرها لكل من يعبر بها، يتمتع برائحتها البار والفاسق، حتى الذي يقطفها، ويفركها بين يديه، تظل تمنحه عطرها حتى آخر لحظة من حياتها ليتنا نعيش معًا بالحب، وأقصد به الحب العملي، كما قال الكتاب "لا نحب باللسان ولا بالكلام، بل بالعمل والحق" لأن كثيرين قد يتحدثون عن الحب، وأعمالهم تكذبهم، هؤلاء الذين وبخهم الله بقوله "هذا الشعب يعبدني بشفتيه، أما قلبه فمبتعد عنى بعيدًا" وأهم ما في الحب هو البذل، وأعظم ما في البذل هو بذل الذات لذلك قال السيد المسيح "ليس حب أعظم من هذا، أن يبذل أحد نفسه عن أحبائه" فلنحب الناس جميعًا، لأن القلب الخالي من الحب، هو خال من عمل الله فيه، هو قلب لا يسكنه الله وإن لم نستطع أن نحب إيجابيًا فعلى الأقل لا نكره أحدًا فالقلب الذي توجد فيه الكراهية والحقد هو مسكن للشيطان إن لم نستطع أن نحب الناس، فعلى الأقل لا نكرههم، وإن لم نستطع أن ننفع الناس، فعلى الأقل لا نؤذيهم فليعطنا الله محب البشر، الذي أحب الكل في عمق، أن نحب بعضنا بعضًا، بالمحبة التي يسكبها الله في قلوبنا، له المجد الدائم إلى الأبد آمين. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل