
تتضمن تبكيت المجرمين والظالمين والذين يتعهدون الأوامر الالهية مرتبة على فصل إنجيل ابراء المخلع عند بركة الضأن التي يقال لها بيت حسدا . ( يو 5 : ۱-۱۷ ) لقد سمعنا الآن أن الذين كانت بهم الامراض والاوصاب والعاهات الجسيمة المختلفة . كانوا يتغربون عن بلادهم ويهجرون أوطانهم . وينفقون الكثير من أموالـهم ويكابدون المصاعب العديدة . كل ذلك طلباً للشفاء من الامراض البدنيـة . الصـائرة إلى التراب وشيكاً . حتى آل الاجتهاد بهذا المخلع إلى المقام بجانب تلك البركة سـنين هذا عددها فكيف يجوز لك ياهذا أن تتغافل عن العناية بأمر نفسك العاقلة العديمـة الفساد ؟ . ولعلها تكون في حالة مخلعة . مشتملة على أنواع المأثم الردية . وأنت مـع ذلك لا تنظر إلى قبحها وشناعتها . وكيف تكون مؤمناً بالمسيح ومولوداً من الـروح ومعترفاً بقيامة الأموات ومؤملا سعادة الملكوت ومتقلداً بسلاح النصرانيـة . وأنـت على هذه الكيفية ؟ وإذا كان ربنا له المجد قد اشترط على الذين يطلبـون الملكـوت أن يزيـد برهم على الكتبة والفريسيين . مع ما كانوا عليه بالأمور الدينية كالصوم والصلـوات ودفع العشور والابكار والنذور وتقديم القرابين عن الخطايا وغـير ذلـك . فكيـف يوجد فيكم اليوم المهملون لذواتهم ، السائرون بـهوى قلوبـهم . الذيـن يرتسمون بالنصرانية رسماً خارجياً فقط وهم ليسوا غير عاملين بالوصايا والتعاليم المسيحية فقط ، بل يزنون ويسرقون ويكذبون ويحلفون ويرابـون ويمـاحكون ، ويصنعـون شروراً أخرى كثيرة . وإذا كان سبحانه وتعالى قد عاقب القساة والغليظي الرقاب والغلف القلـوب من بني اسرائيل على تعدى الشريعة الموسوية بالعقاب الشديد . فبماذا يعاقب الخطاة من المؤمنين بالمسيح ؟ اسمعوا قوله تعالى لبنی اسرائیل على لسان هوشع النبي مبكتا لـهم حيـث يقول : " اسمعوا قول الرب يا بني اسرائيل . أن للرب محاكمة على سكان الأرض لأنه لا أمانة ولا احسان ولا معرفة الله في الأرض . لعن وكـــذب وقتـل وسـرقة وفسق . يعتنقون ودماء تلحق دماء . لذلك تنوح الأرض ويذبل كل من يسكن فيها مـع حيوان البرية وطيور السماء وأسماك البحر أيضاً تنتزع . ولكن لا يحـاكم أحـد ولا يعاتب أحد . وشعبك كمن يخاصم كاهناً . فتتعثر في النهار ويتعثر أيضاً النبي معـك في الليل وأنا أخرب أمك.قد هلك شعبي من عدم المعرفة . لانك أنت أيضاً رفضـت المعرفة أرفضك أنا حتى لا تكهن لي . ولانك نسيت شريعة ألهك أنسى أنـا ايضـاً بنيك على حسبما كثروا هكذا أخطأوا إلى فابدل كرامتهم بـهوان . يـاكلون خطيـة شعبي وإلى إثمهم يحملون نفوسهم . فيكون كما الشعب هكذا الكاهن . وأعاقبهم علـى طرقهم وأرد أعمالهم عليهم . فيأكلون ولا يشبعون ويزنون ولا يكثرون لانـ تركوا عبادة الرب قد ( ۱ ) . فأقول ألان للذين يظلمون منكم ويغشمون . ويقرضـون أموالهم بالربـا . ويحبون الارباح الردية . اسمعوا هذا القول يامن تزدرون بالمساكين والمحتـاجين . وتستصغرون بالفقراء . ويقولون في انفسكم متى تمضى الشهور وتجوز الايام ويغلـو الطعام ويتعالى ثمن الحنطة . ففتح الاهراء والمخازن ونصغـر المـكـابيل . ونزيـد المثاقيل . ونبيع القصالة بالورق . والغلة المخلوطة بالتبن وكناسة الاهراء . إن الـرب قد تكام قائلاً : " إني لن أنسى إلى الابد جميع اعمالهم . أليس من أجل هذا ترتعـــد الارض وينوح كل ساكن فيها . وتطمو كلها كنهر وتفيض وتنضب كنيـل مصـر . ويكون في ذلك اليوم يقول السيد الرب أني أغيب الشمس في الظهر وأقتـم الأرض في يوم نور . وأحول أعيادكم نوحاً وجميع أغانيكم مراثى وأصعد على كل الأحقـاء مسحاً وعلى كل رأس قرعة واجعلها كمناحة الوحيد وأخرها يوماً مرا . مرا . هوذا أيـــــام تأتى يقول السيد الرب أرسل جوعاً في الأرض لا جوعاً للخبز ولا عطشا للماء بـل لاستماع كلمات الرب . فيجولون من بحر إلى بحر ومـن الشـمال إلـى المشـرق يتطوحون ليطلبوا كلمة الرب فلا يجدونها " ( 1 ) وإذ قد سمعتم الآن وعيده للمجرمين والظالمين والذيـن يتدبـرون تدبـيراً رديئاً . فاسمعوا الأن وعده للطائعين لتنظروا الطريقين معاً . وتسلكوا المستقيم منهما . فانه يقول : " إذا سلكتهم في فرائضى وحفظتم وصایای وعملتم بها . أعطى مطركــم في حينه وتعطى الأرض غلتها وتعطى أشجار الحقل أثمارهـا ويلحـق دراسـكم بالقطاف ويلحق القطاف بالزرع . فتأكلون خبزكم للشبع وتسكنون في أرضكم أمنين . وأجعل سلاما في الارض فتنامون وليس من يزعجكم . وأبيد الوحوش الرديئة مـن الارض ولا يعبر سيف في ارضكم ، وتطردون أعداءكم فيسقطون أمامكم بالسـيف . يطرد خمسة منكم مئة . ومئة منكم يطردون ربوة . ويسقط أعداؤكم أمامكم بالسيف . وألتفت اليكم وأثمركم وأكثركم وأفي ميثاق معكم . فتأكلون العتيق المعتق وتخرجـون العتيق من وجه الجديد . وأجعل مسكني في وسطكم ولا ترذلكم نفسي . واسير بينكـ وأكون لكم إلها وأنتم تكونون لي شعباً " ( ۲ ) وإذ قد سمعنا الأن وعيده للمخالفين ووعده للطائعين . فلتخـف إذن مـن أن يوجد بيننا إنسان قاس . أو متهاون . أو زان . أو سكير . يصدق عليـه مـاقيـل مـن الأقوال التي مجرد سماعها عند العقلاء يقع كالصواعق . ويلهب كالنـار . ويحـرق كالأتون . وبنيه الغافلين . ويوقظ النائمين بطباعهم . وحيث قد علمنا أن ارتكاب الخطايا والأثــــام يـسـبـب حـدوث الأمـراض والاسقام . ويسلط الظالمين . ويقوى المضادين . ويسبب الغـلاء والجـلاء . وسـائر الأمور المحزنة . فسبيلنا الأن أن ننهض من نومنا . ونتيقظ من غفلتنا . ونخلع ثيـاب أثامنـا . ونقرع باب مراحم إلهنا . ليتراءف على ضعفنا ويرحمنا . ويهب لنا سعادة الملكـوت . له المجد إلى ابد الابدين . أمين .
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية