يوحنا ذهبى الفم

Large image

* وُلد عام 344 م. في أنطاكية، وهى العاصمة الكبرى آنذاك
*ربته أمه "انثوسا" لأن والده الذي كان قائدًا في الجيش مات مبكرًا.
* وحينما أنهى يوحنا دراسته الابتدائية، أرادت أمه أن يتابع دروسه العليا على يد أشهر أستاذ وهو المعلم ليبانوس.
* نبغ يوحنا وانتزع إعجاب أستاذه وزملائه حتى أن ليبانوس كتب له يقرظه على فصاحته وبلاغته وصفاء فكره، بل وفكر أن يخلفه يوحنا في إدارة مدرسته الفلسفية، لولا أن يوحنا أدار ظهره فيما بعد لأستاذه الوثني، بعد أن تعمد وانضم لكنيسة الله في سن الثامنة عشرة. وقيل إن ليبانوس سئل مرة عمن سيخلفه في إدارة مدرسته فأجاب: "يوحنا لو لم يسرقه منى المسيحيون".
* تعمد يوحنا وهو في الثامنة عشرة من عمره، ولم تمض سنوات ثلاث على عماده (وكان قد أنهى دراسته العامة)، إلا وكان قد رسم أغنسطسًا أي قارئًا إنجيليًا في الكنيسة ولعل هذه الرسامة كانت بداية لشوط خدمته الدينية الكبرى، لكنها كانت مجرد بداية.
لقد اعتزل يوحنا في ضواحي أنطاكية ليعيش كراهب، وكرس حياته للرياضات الروحية والعمل اللاهوتي الجاد.
سنة 380/381 سامه الأسقف شماسًا إنجيليًا، قبل أن يغادر البلاد إلى القسطنطينية لحضور المجمع المسكوني الثاني. ونعلم أن هذا الأسقف توفى أثناء انعقاد المجمع.
* وفي سنة 386 سامه الأسقف فلافيانوس بطريرك أنطاكية، خليفة ميليتيوس، على درجة القسوسية، فانفتح أمامه مجال جديد للعمل في الكرازة بالإنجيل.
أصبح قس أنطاكية الأعزل هو الأسقف المتقدم في الشرق، أي بطريرك القسطنطينية، المدبر الروحي للقسطنطينية، والواعظ الذي كان من بين أهم واجباته أن يعظ أمام الإمبراطور والعائلة المالكة.
* وغنى عن القول، أن ذهبي الفم نفسه لم يكن راغبًا في حدوث مثل هذا التحول في الأحداث، لكنه ما دام قد اختير، فلم يتردد لحظة واحدة في أن يأخذ المهام الجديدة الموكولة إليه.
* لقد كان في القسطنطينية فقراء ومرضى كثيرون. فمن أجلهم بدأ ذهبي الفم يدبر الأموال.
* أما ما استطاع أن يدبره من أموال بحسب تدبيره، فقد استخدمه في بناء المستشفيات لمعالجة المرضى، ومنازل الغرباء، ووضع على رأس كل منها كاهنين لائقين.
* وسرعان ما انتشرت شعلة هذه الخدمة المسيحية بين صفوف الشعب، فبدأت محبة القريب تنشر دفء أشعتها بين أفراد الشعب بعضهم البعض وبينهم وبين راعيهم المحبوب.
* وأخيرًا، فقد انشغل ذهبي الفم بعمله المعتاد، أي الدراسة والصلاة، لدرجة أن المساء كان يحل وقد نسى نفسه فلم يتناول طعام غذائه.

المقالات (96)

03 أغسطس 2025

انجيل قداس يوم الأحد الرابع من شهر أبيب

تتضمن قبح مجازاة الخطاة العاصين وعظم العناية بالابرار الطائعين مرتبة على قوله تعالى" من آمن ولو مات فسيحيا" ( يو ١١ : ١ - ٤٥ ) إذا كان الأموات يقومون والأمم يحاسبون والديان يجلس للمحاكمة والأبرار يتنعمون والاشرار يعاقبون فما بالنا نوجد هكذا متكاسلين غافلين متهاونين في أسباب خلاصنا ؟ وإذا كان الذين يعملون الفضائل من كونهم أصحاب مشغوليات كثيرة قد تفرغوا للعبادة فكيف يقول الكسالى في عمل الفضائل : كيف يمكننا مع مشغوليتنا في المهام العالمية أن نثقف ذواتنا ونتمم الأعمال المفروضة علينا فأقول لهم اسمعوا ما جاء بالكتب الإلهية عن ابراهيم واسحق ويعقوب وأمثالهم من أرباب المصالح والمشغوليات كيف كان سلوكهم بالطاعة والعبادة وهم بين الأشرار. إنهم لم يكونوا يشاهدون هذه الأعمال ويتجنبون المفاوضة مع الذين يرتكبونها بل كانوا يوبخونهم وينصحونهم ويبالغون في وعظهم وإرشادهم إلى الطريق المستقيم أما المعاصرون لنوح الصديق فلم يرجعوا عن شرورهم وهم يرونه يجمع الأخشاب ويستحضر النجارين ويهيئ آلات السفينة ومع ذلك كان ينذرهم ويتهددهم ويحذرهم حلول الهلاك الشامل لجميعهم والبلاء الذى سينصب عليهم ولكن كل واحد منهم كان سائراً فى هواه مستر سلا مع شهواته إلى ان غرقوا في المياه الغامرة وشملهم الهلاك أجمعين وكذلك المعاصرون للوط البار فإنه كان سائراً بينهم سيرة صالحة وإذ لم يرجعوا بواسطة إرشاده لهم عن أعمالهم الشريرة ولم يعتبروا نصيحته لهم أمطرت عليهم السماء ناراً وكبريتاً مع بروق ورعود وصواعق هائلة فيا لعظم شر الخطية ! كيف تغلق ابواب الرحمة وتسد مسالك المغفرة. وتصب الانتقام الشديد وتوقع المهالك الهائلة ويا لسماجة المعصية ! كيف تغير طبائع المخلوقات وتخرج سياج العادات حتى يمطر السماء ناراً ملتهبة وترسل السحب الصواعق المهلكة وتنفجر من الارض ينابيع المياه الغامرة ويعم الهلاك أنواع الحيوانات والحشرات والدبابات وطيور السماء وبمثل هذه الوقائع يتم قوله تعالى بلسان النبي " فأنا ايضاً أختار مصائبهم ومخاوفهم أجلبها عليهم من أجل أنى دعوت فلم يكن مجيب تكلمت فلم يسمعوا بلى عملوا القبيح في عيني واختاروا ما لم أسر به " لقد رأيتم سوء عقاب العصاة فانظروا إلى حسن ثواب الطائعين وتأملوا عظم عناية الله بنوح الصديق كيف حصنه بأسوار الشفقة وأسبل عليه ستور الرأفة وجرد العناية لخلاصه وامره بعمل السفينة فأنقذه من وسط الهلاك وملأ الاقطار من نسله وأبقى ذكره على مدى الاجيال ووصفه بصفات جميلة جليلة انظروا ايضاً إلى الاهتمام بلوط البار كيف ارسل الله إليه الملائكة واعلمه بهلاك المدينة وأرشده إلى طريق النجاة وانقذه من عقوبة الاشرار وامر السحب أن لا تنزل نيرانها ولا ترعب برعودها ولا تزعج بصواعقها حتى يخرج من المدينة لوط وزوجته وأهل بيته ويصيروا إلى الجهة المأذون لهم بالانتقال اليها واعتبروا صفات أب الآباء ابراهيم كيف استحق بأعماله الفاضلة وطاعته الكاملة أن يضيف الله تعالى وان يخاطبه بأعظم الرحمة وأتم السهولة وان يجعل نسله كنجوم السماء ورمل البحر وان يكون اباً للأنبياء والمرسلين والصديقين. وأن يتكئ في أول وليمة في الملكوت وإذ قد علمنا الآن ثواب الأبرار وسوء منقلب الاشرار فسبيلنا أن نصلح أعمالنا وننبه عقولنا لنصل إلى أحضان آبائنا القديسين الابرار ابراهيم واسحق ويعقوب في ملكوت ربنا يسوع المسيح الذى له المجد إلى الابد آمين. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
20 يوليو 2025

انجيل قداس يوم الأحد الثاني من شهر أبيب

تتضمن الحث على الاتضاع وذم التكبر والتحذير منه مرتبة على قوله تعالى" إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات "( مت ۱۸ : ۱- ۹ ) أرايت ياصاحب كيف تداوى الأمراض بأضدادها وكيف يمنح ذوو الامراض بإستعمال هذه الأدوية ما يطلبون ويشتهون كما يوافق ذواتهم في تلك الحياة الدائمة وليس كما يوافق طلبتهم وشهوتهم في هذه الحياة الزائلة فكما داوى هنا محبى التقدم والرئاسة على من سواهم لقوله " إذا اراد أحد أن يكون أولا. فيكون آخر الكل " كذلك صنع فيما تقدم مع محبى المال ومحبى المجد الباطل فقال :" إن كنت تتظاهر بالصدقة والصلاة والصوم لتظفر بالشرف. فلا تصنع هكذا لئلا تضيع تعبك. لكن أعمل ذلك في خفية لتظفر بمطلوبك كما ينبغى في الوقت المناسب " وقال أيضا " إن أردت أن تكثر من مالك لتستغنى. فلا تكثره في هذا العالم بل افتقر ههنا لنستغنى بكنوزها هناك " وقال أيضا " إن اردت التقدم على الكل فاختر المرتبة الأخيرة الحقيرة لتظفر بالمرتبة الأولى العظيمة " وذكر الأمرين معا لنهرب من الردى ونطلب الجيد. وذكر الأمم لأنهم كانوا مرذولين بسبب رداءة أفعالهم "إنن تلك الرئاسة الباطلة هى رئاسة الخوف والاضطرار ولذلك فإنها تزول بسرعة أما الرئاسة الناتجة عن الإتضاع فهى من الإختيار ولذلك تثبت فإن :القديسين الكبار الذين كانوا يتضعون أكثرهم الذين كانوا أعظم من كل الناس وهم الذين لم يبطل انتقالهم من هذه الحياة شرفهم بل ظل ذكرهم يثبت متزايدا ويدوم إلى الانقضاء وإني لأعجب من المتكبر بالرئاسة الباطلة لأنه من جهة تكبره لا يرى الناس شيئا ويتوهم أنه لا يوجد أحد فى طبقته وأن ليس أحد يستحقها سواه ومن جهة طلبه الرئاسة والشرف الباطل فإنه يتظاهر لكل أحد ويطلب منه ذلك فهو يطلب الشرف من الذي لا يراه شيئا وهو مستعبد لضعفات كثيرة كالغضب والحسد وايثار الرئاسة والشرف أما المتضع النفس فهو غير منفعل بشئ من ذلك فمن هو إذن العالي؟ ومن هو المنخفض؟ أهو المتعالى المنفعل ؟ أم المنخفض الذي هو ليس منفعل؟ حقا أن الطائر الذي وقع في يد الصياد ليس هو العالي وإنما الذي لا يقع في يد الصياد هو العالى وقد عرفنا ذلك سيدنا عندما قال " ها أنا أعطيكم سلطانا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو فإن ذاك الذي كان عاليا قويا ســـقط بتشامخه حتى صار ينسحب على الارض ويدوسه الارضيون والإنسان الذي كان على الأرض ضعيفا ارتفع بإتضاعه حتى أعدت له السماء أرضا ووطئ قوة ذاك الذي كان عاليا فمن هو الذي يذل ؟ أهو الذى يحاربه الله القوى وحده؟ أم الذي يعينه تعالى؟ معلوم أنه المحارب لا المعان وقد قال الكتاب " إنه تعالى يقاوم المستكبرين ويعطى نعمة للمتواضعين" وقال الله تعالى: " إلى هذا انظر. الى المسكين والمنسحق الروح والمرتعد من كلامي " فأيهما الطاهر العالي؟ أهو الذي يكون قربانه مقبولا لدى الله ؟ أم هو الذي يرفض قربانه؟ قال النبي " ذبائح الله هي روح منكسرة القلب المنكسر المنسحق يا الله لا تحتقره " وقال ايضا " مستكبر العين ومنفتح القلب لا أحتمله " فالمتكبر يعاقب مع الشيطان كمـــا قـــال الرسول " يجب أن يكون الاسقف غير حديث الايمان لئلا يتصلف فيسقط في دينونة ابليس ( وقد تسبق عقوبته هنا عقوبته هناك مع المحال كما حدث لفرعون الذي تعظم وقال " لست أعرف الرب " فأستهانت به الضفادع والذباب وغرق في البحر مع جنوده وسلاحه وخيوله أما ابراهيم فكان على العكــــــس إذ قال: " أنا تراب ورماد " وكان يعلو دائما لتمسكه بفضيلة التواضع. فإنه وقع في يد المصريين وغيرهم ثم نجا ظافرا طلب الانسان الأول المساواة بالله وهى فوق قدر الانسان فأضاع ما كان له فالكبرياء إذن تنقص ولا تزيد. أما الاتضاع فأنه لا ينقص من قدرنا شيئا بل يضيف الينا ما هو ليس لنا فسبيلنا أن نهرب من الكبرياء ونتمسك بالتواضع لنستريح في العاجل ونشرف في الأجل بنعمة ربنا وإلهنا يسوع المسيح الذى له المجد مع ابيه الصالحوالروح القدس إلى البد آمين. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
13 يوليو 2025

انجيل قداس يوم الأحد الأول من شهر أبيب

تتضمن الحث على سماع كلمة الله مرتبة على قوله تعالى " الذى يسمع منكم يسمع منى( لو ۱۰ : ۱-۲۰ ) إن سيدنا له المجد يعلمنا بانفراده في الجبل في أوقات الصلاة أن نكون ساكنين هادئين في حال صلواتنا وأن تكون تلاوتنا لألفاظ الصلوات بغير قلق ولا طياشة كمن يكون فى الجبال وأن يكون اعتمادنا في الشكر والتسبيح والسؤال والطلب على النفس العاقلة ، لا على تلاوة الالفاظ فقط وأن يكون وقوفنا أمام ربنا بالخوف والاتضاع والوقار وأن يكون طلبنا نعيم الملكوت لا التنعم بالفانيات يا للعجب إن الذين يقفون أمام سلاطين العالم والوزراء والكبراء يوجدون ثابتين كالحجر. صامتين هادئين متأدبين خائفين وجلين ناظرين إلى جهة سلاطينهم ممتثلين لما يصدر عنهم من الأوامر والنواهى مسرعين إلى العمل بها منصتين ومعرضين عن الكلام فيما لا ينبغى سيما إذا حضر الذين يمدحون الملك ويبتدئون بقراءة قصائدهم فإذا سمع أن انساناً يضحك في المجلس أو يهزأ أو يشتغل بالحديث أو لا ينصت للمادحين كما ينبغي. فكم يكون عقابه ؟ وبأى عذاب شديد يعذب ويهان؟ وإذا كان الخوف يوجد فى مجالس الملوك الذين سيموتون فالذين يدخلون إلى بيعة الله ويقفون قدام خالق السلاطين ويسمعون الله يخاطب والملائكة يمجدون والأنبياء يسبحون والرسل يبشرون وهم مع ذلك مهملون معرضون متغافلون وليسوا هم غير ناطقين فقط بل ويتشاغلون بأحديث العالم فيوردون أخبار المتاجر والزراعات والمعاملات وسائر الأقوال الخاسرة فكم من العذاب والعقاب يستأهلون؟ وإذا وجدنا هكذا متغافلين في بيعة الله وسفينة الخلاص وميناء السلامة فكيف إذا خرجنا إلى الاسواق والشوارع وخاضت سفينتنا في البحار العالمية وتلاطمت أمواج المحن والبلايا وهبت علينا رياح التجارب وتراكمت أهوال الشياطين ورمانا عدونا بسهام الشهوات وقاتلنا بعساكر اللذات البدنية كالزنا والتنعم والسكر ومحبة الرئاسات فماذا عساه يكون حالنا وإذا وجدنا هكذا مغلوبين في المدينة المحصنة بالحصون الشامخة والقلاع المنيعة مع وجود الجيوش والآلات والنجدات والذخائر فكيف لا نغلب في بلاد العدو ؟ وإذا كان هذا عملنا في الكنيسة. وهذه فعالنا بعد الخروج منها. فكيف نتضجر من تأديب ربنا ؟ وما بالنا نسخط بحلول الامراض والأمور المحزنة وقيام الظالمين وتشدد المسلطين وحدوث الغلاء وقلة نزول الامطار. وغير ذلك وما بالنا نسارع إلى حصر النكبات والمصائب ونستعظم وقوعها ونتألم لمصادمتها ولا نذكر الأسباب الموجبة لحلولها بنا وإذا علمنا أن النازل بنا من التجارب إنما هو من تأديبب ربنا ، وعقوبة لنا لأجل خطايانا. فكيف لا نبتعد عن ارتكابها ؟ يا للعجب من كوننا نسمع ربنا دائماً يخاطبنا صارخاً نحونا قائلاً " كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أنتم ايضاً بهم " ولا نبادر إليه بالطاعة مسرعين فمن هنا نعلم اننا نحن المخطئون إلى ذواتنا لأننا لو لم نوجد سارقين غاصبين ظالمين لعبيد ربنا لما تسلط علينا الظالمون والغاشمون والخاطفون وأمثال هؤلاء أسمع ايها الحبيب قول الرسول يعقوب " لا يقل أحد إذا جرب إني اجرب من قبل الله لأن الله غير مجرب بالشرور وهو لا يجرب أحداً ولكن كل واحد يجرب إذا أنجذب وأنخدع من شهوته " سفر القضاة يخبرنا عن أدوني بازق أنــه لما هرب من الطالبين له وأدركوه قطعوا أباهم يديه ورجليه فأعترف عند ذلك بعدل الله قائلاً " سبعون ملكا مقطوعة أباهم يديهم وأرجلهم كانوا يلتقطون تحت ابا هم مائدتي. كما فعلت ذلك كذلك جازاني الله" فسبيلنا أن نسارع مقلعين عن خطايانا تائبين عن ذنوبنا لينظر الينا ربنا ويرحمنا له المجد إلى ابد الابدين أمين. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
29 يونيو 2025

انجيل قداس يوم الأحد الرابع من شهر بؤونه

تتضمن الحث على الصفح عن المسيئين. مرتبة على قوله تعالى " لا تدينوا فلا تدانوا " ( لو ٦ : ٢٧-٣٨ ) إن سيدنا له المجد يأمرنا بالصفح عن المسيئين وأن لا ندينهم ولا نطلب الانتقام منهم فأى عفو نستحقه بل أية عقوبة لا نستوجبها إذا وجدنا بعد هذه الوصايا ليس أننا لا نصفح عمن يسيئون الينا ولا ندعو لهم فقط. بل ونطلب إلى الله أن ينتقم لنا من أعدائنا مع أنه تعالى قد نزع من مطيعيه كل ما يفسد المحبة التي هي أصل لكل الاعمال الصالحة فينبغي لنا أن لا نتألم عندما يعاقبنا الله هنا ليؤدبنا إذا لم نعف نحن عمن يذنب الينا ولكوننا نتفطن في تلك دون هذه نقتتم كثيرا أما لو حسبنا خطايانا يوما واحدا لعرفنا صغر ما لنا بالنسبة لعظم ما نستوجبه مع أننا لكثرة هفواتنا وذلاتنا لا نقدر على معرفتها كلها بإستقصاء لو شئنا إحصاءها يوما واحدا فإننا في كل يوم نتوانى وقت الصلاة وإن صلينا فلا نوفى الصلاة واجباتها كلها نتعجرف في أقوالنا ونميل إلى حب الباطل ونغتاظ ونحتقر إخواتنا ونقول لهم أقوالا مكروهة وننظر بشهوة رديئة ونعمل أمثال هذه الشرور وإذا كنا في جزء من اليوم ونحن فى الكنيسة نفعل هذه كلها فكيف تكون افعالنا إذا خرجنا من الميناء إلى لجة الشرور ؟ أعنى إلى اسواق المدينة ومعاملاتها واجتماعاتها وإلى منازلنا وهمومها ومتاعبها ومع هذا جميعه أيها الأحباء فقد منحنا الله سبيلا سهلا يوصلنا إلى الخلاص وهو الصفح عن ذنوب إخوتنا ألينا والمحبة لهم كما نحب أنفسنا وليس في هذا تعب جسيم ولا غرامة مال إذ أن إيثاره على غيره كاف ولهذا قال بولس الرسول عندما ذكر الصلاة: " لا تجازوا أحدا عن شر بشر معتنين بأمور حسنة قدام جميع الناس إن كان ممكنا فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس لا تنتقموا لانفسكم أيها الأحباء بل أعطوا مكانا للغضب لانه مكتوب لى النقمة أنا أجازى يقول الرب فإن جاع عدوك فاطعمه وإن عطش فاسقه إنك إن فعلت هذا تجمع جمر نار على رأسه لا يغلبنك الشر بل أغلب الشر بالخير" فتبصر يا أخى لو أن انسانا وهو يتضرع اليك أن ترحمه أبصر عدوه أتيا وكانا كلاهما عبديك فعندما أقترب منه كف عن توسله إليك وانعطف إلى عمل المكروه بعدوه من شتم وضرب أفما كان هذا الفعل يزيد غضبك عليه توقدا؟ هكذا أنت إذا توسلت إلى الله أن يغفر لك ويرحمك إذا تذكرت عدوك الذي هو مؤاخيك في عبودية سيدك فتركت تضرعك وانعطفت إلى أن تعمل معه كل ما يمكنك في حقه من المكروه وكنت في قولك كأنك تضربه أشد الضرب بفعلك ومخالفا لامر سيدك أيضا ولذلك يزيد غضبه عليك أما يكفيك مخالفة أوامره لك بأن تماثله في أفضاله بإيثارك مكافأة الإساءة بأمثالها ؟ حتى تطلب منه تعالى أن يماثلك في شر قساوتك بأن يعمل لك في عدوك مرادك. أتراه نسى أوامره لك بمماثلته في الإحسان إلى الاخيار والاشرار ؟ أو خرج عن عادة إحسانه هذا كما نسيتها أنت وأهملتها ؟ إن هذا لجهل عظيم أن تسأل الحكيم في ما قد نهاك عنه وأمرك بالإبتعاد منه ولا فائدة تحصل لك البتة من فعلك هذا ولو قاصصه سيدك لاسيما وانك بفعلك هذا قد منعته من معاقبته له إذ قد عاقبته أنت بأعظم ما يمكنك أن تفعله عندما وقفت أمامه تعالى تدعو عليه بفمك بما أردته وشفيت به حرارة قلبك وبذلك قد فعلت كل ما وصلت إليه قدرتك بل وأشد منه كثيرا إذ أنك استنجدت لفعل ما أردته به بذلك الذي هو أشد منك قدرة وقد فعلت هذا بجهل كثير إذ انك قد استنجدته في ما أمرك بخلافه فينبغي لنا أن نكف عن هذا السقم والجنون والجنون وأن نوضح للذين يحزنوننا ذلك الحب الذى أمرنا به سيدنا ختى نشابه أبانا الذي في السموات وسنكف عن ذلك إذا تذكرنا خطايانا وتفحصنا هفواتنا الباطنة والظاهرة لأننا إن كنا لا نطالب هنا حتى ولا بهفوة واحدة فنحن مؤهلون لمقابلة عدله على تضجرنا وتهاوننا ههنا حيث الرسل يبشرون والأنبياء يتنبأون والملائكة يسبحون وإلهنا يخاطبنا ونحن تائهون فلا نقتبل شرائع الهنا بهدوء وسكون وكذلك الهدوء الذي نستعمله في الملاعب أو امام الملك أو الحكام لأنه إذا قرئت أوامر الملك الارضي فأن وزراءه وكل الشعب يقفون إجلالا بوقار ويسمعون ما يقال فإن صاح صائح في أثناء ذلك الهدوء فإنه يقابل مقابلة من سب الملك أما إذا قرئت هنا الكتب المنزلة من السماء فيكون صياحكم عظيما من سائر الجهات على أن صاحب هذه الكتب هو أعظم من الملك الارضى كثيرا جدا ومشهده أشرف بكثير من مشهد تلك الملاعب لانه ليس هو ملك الناس فقط بل هو ملك الملائكة ايضا والدنيا بأسرها فسبيلنا ايها الاحباء أن نكون حكماء ودعاء محبين لأعدائنا محسنين إلى مضطهدينا داعين لمن يسئ الينا مكملين بهذا إرادة سيدنا عاملين بحسب أوامره مقابلين إحسانه الينا بطاعتنا له وما يعسر علينا اتمامه من وصاياه فلنتممه بمسامحة إخواتنا في العبودية وعطفنا عليهم لأنه قال جل وعز : " كونوا رحماء كما أن اباكم ايضا رحيم ولا تدينوا فلا تدانوا ولا تقضوا على أحد فلا يقضى عليكم. اغفروا يغفر لكم "وبهذه الفضائل نستريح عاجلا ونستفيد آجلا. ولربنا المجد إلى أبد الآبدين آمين. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
22 يونيو 2025

انجيل قداس الأحد الثالث من شهر بؤونة

سمعتم اليوم إيها الأحباء فصل أبراء المجنون الأعمى والأخرس وقد عرفتم حكم العامة العادل وقولهم عن سيدنا له المجد: " ألعل هذا هو ابن داود . ثم ميلان الفريسيين عن العدل بقولهم عنه انه: " لا يخرج الشياطين إلا بيعلزبول رئيس الشياطين ولابد انكم تتساءلون فيما بينكم عن السبب الذي دفع الفريسيين لحكمهم هذا الحكم الفاسد فأجيبكم أنه الحسد وهو الحزن لخير يحرزه قريب الحسود ان سيدنا له المجد انار بصيرة الأعمى. والحسد أعمى بصيرة الفريسيين. فلا تتعجبوا من هذا لأن الأهواء النفسانية تظلم بصيرة الأنسان بقدر ما ينير الله ذهنه. فإن قلت لماذا لم يتفق العامة مع الفريسيين؟ أجبتك لأن العامة كانوا سليمين من داء الحسد أما الفريسيون فكانوا حسودين بكل معنى الكلمة إن الحسد أيها الأحباء هو ثانى الخطايا التي دخلت إلى العامل عن يد قايين القاتل الأول كما قال الكتاب المقدس: وحدث من بعد أيام أن قايين قدم من أثمار الأرض قرباناً للرب. وقدم هابيل أيضاً من أبكار غنمه ومن سمانها. فنظر الرب إلى هابيل وقربانه. ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر فاغتاظ قايين جداً وسقط على وجهه. فقال الرب لقايين لماذا اغتظت ولماذا سقط وجهك. إن احسنت إفلا رفع؟ وان لم تحسن فعند الباب خطية رابضة واليك اشتياقها وانت تسود عليها وكلم قايين هابيل أخاه. وحدث إذ كان في الحقل أن قايين قام على هابيل أخيه وقتله" هذه هي نتيجة الحسد. فأن قلت ما هو الحسد ؟ أجبتك أنه أختلاف قلب الحسود على الناس لكثرة أموالهم واغتمامه بسرورهم. أو هو حزن الحسود لخير يحصل لقريبه. وتمنيه بأن يكون له ذلك الخير دون سواه. ولكن البعض من الناس يخلطون الحسد بالغيرة وقد أخطأوا فى ذلك. لأن الغيرة إنما هي شئ داخلي يدفع الانسان إلى الاقتداء بالغير من ذو الفضل. نعم أن الغيور يحزن كما يحزن الحسود ولكن الفرق بين الاثنين عظيم لأن هذا إنما يحزن لحصول الخير لقريبة متمنيا أن يكون له كما سبق القول. أما الغيور فإنه يحزن على توانيه وعدم أحرازه لما احرزه غيره من الخير. فالحسد إذن رذيلة. والغيرة فضيلة لأن الله جل وعز قد غار على أورشليم وعلى صهيون غيره عظيمة والرسول بولس يقول: "حســـــنا هي الغيرة في الحسني" وهذا بخلاف الحسد الذى يقول عنه الحكيم: "من يقف قدام الحاسد" نعم أن الحسد هو جرثومة وأصل الشرور إذ منه ينبعث القتل والبغضة والنميمة والثلب . وإشتهاء الضرر للغير واشباه هذه. فمن منكم لا يعرف أن الأنسان بالحسد يصبح شبيه بابليس الذى بحسده دخل الموت إلى العالم أن الحسود من دأبه أن يفرح بنزول المصائب على قريبه ويحزن حينما يراه مسرورا هادئ البال. وبهذا صار كالحيوان البحرى الذي يسر ويلعب عند هيجان البحر ويحزن وينقطع صوته عند سكوته وهدوئه. فالحسد يجر إلى صاحبه غالبا شقا وحزنا وغما. كما أنه يزيد مركز المحسود ويرفعه إلى حيث لا يريد الحسود وها أنا مورد لكم ما يؤيد ذلك من الكتاب المقدس: كان يعقوب يحب ابنه يوسف أكثر من سائر أخوته ولذلك حسدوه وابغضوه وحدث أنه راى حلما وقصه عليهم فازدادت كراهيتهم له واشتد حنقهم عليه فارادوا قتله لولا رأوبين الذى أقنع اخوته بطرحه في بئر ثم نجا بواسطة قافلة الاسماعيليين الذين باعوه إلى فوطيفار خصى فرعون. وبالاجمال قد لاحظته العناية الالهية فصار سيدا على كل أرض مصر. وفي زمن اشتداد الجوع جاء أخوته وسجدوا له وهم لا يعرفون لمن يسجدون وقال الكتاب أيضا عن حسد شاول لداود: إنه حينما عاد داود من قتل الجبار جليات الفلسطيني خرجت النساء من جميع مدن اسرائيل بالغناء والرقص للقاء شاول الملك بدفوف وبفرح وبمثلثات. فأجابت النساء اللاعبات وقلن: ضرب شاول ألوفه وداود ربواته. فاحتمى شاول جدا. وساء هذا الكلام فى عينيه. وقال: أعطين داود ربوات وأما أنا فاعطينني الألوف. وبعد فقط تبقى له المملكة. فكان شاول يعاين داود من ذلك اليوم وقد حاول قتله بيده أكثر من مرة ثم بواسطة عبيده فلم يتمكن لا هو ولا عبيده من ذلك. لأن عين الله كانت عليه . أخيرا قضى شاول وصار داود ملكا مكانه وقال الكتاب أيضا إنه بسبب الحسد أمر الله الأرض ففتحت فاها وبلعت قورح وداثان وأبيرام وكل من كان لقورح مع كل الأموال قد ثبت إذن أن ما يتمناه الحسود لغيره من شر يعود عليه هو نفسه.فسبيلنا أيها الأحباء أن نظهر ذواتنا من هذه الرذيلة وأمثالها استجلابا لرضاء إلهنا وفادينا يسوع المسيح الذى له المجد إلى دهر الدهور كلها أمين. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
15 يونيو 2025

انجيل قداس يوم الأحد الثاني من شهر بؤونة

تتضمن تقبيح الكذب والنهى عنه مرتبة على فصل انجيل ابراء المخلع بكفر ناحوم ( لو ٥ : ١٧-٢٦ ) إن سيدنا له المجد قد أبرأ مخلعين: الأول عند بركة الضأن التي يقال لــــــها بالعبرانية "بيت حسدا والثانى أبرأه في كفر ناحوم. وقد سمعتم خبره بـــــ الفصل الذي تلى على مسامعكم اليوم. وملخصه: إن السيد دخل بيتا في كفر ناحوم فاجتمع حوله كثيرون من الكتبة وغيرهم وكان يخاطبهم بالكلمة. وإذا بأربعة رجال جاءوا يحملون مفلوجا وقدموه اليه. فلما رأى إيمانهم قال للمفلوج : يا بنى مغفور لك خطاياك" ففكر الكتبة فى قلوبهم قائلين: لماذا يتكلم هكذا بتجاديف. من يقدر يغفر خطايا إلا الله وحده فأظهر السيد غيرة شديدة ضدهم لم يظهر مثلها من قبل. فإن الفريسيين قد نددوا عليه قائلين: "إنه بيعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين" واليهود شتموه مرة قائلين له "انك سامرى وبك شيطان" ولكنه لم يقاوم بمثل هذه المقاومة ولا بمثل هذه الغيرة والحمية التي قاوم بها الكتبة هذه المرة. وكانوا يستحقون أكثر من ذلك لأنهم ظنوه كاذبا وغاشا. فأراد أن يبين سلطانه على مغفرة الخطايا وقوته على إظهار الخفايا . فقال لهم: "لماذا تفكرون بهذا في قلوبكم. أيما أيسر أن يقال للمفلوج مغفورة لك خطاياك. أم أن يقال قم أحمل سريرك وامش" فلم يجاوبوه فعاد قائلا لهم: "ولكن لكى تعلموا أن لابن الانسان سلطانا على الأرض أن يغفر الخطايا قال للمفلوج لك أقول قم أحمل سريرك واذهب إلى بيتك. فقام للوقت وحمل السرير قدام الكل حتى بهت الجميع ومجدوا الله قائلين: " ما رأينا مثل هذا قط "أراد السيد المسيح له المجد أن يعلن لنا بغضه للكذب. فظهر بهذه الغيرة وهذه الحمية موبخاً الكتبة على خبثهم وسوء فكرهم. وكثرة نفاقهم وكذبهم. لان الكذب مبغوض ومكروه من الله. وقد نهانا عنه في شريعة التوراة بالوصية التاسعة حيث قال: "لا تشهد على قريبك زور" وفى شريعة الإنجيل قال: "ليكن كلامكم نعم نعم لا لا . وما زاد على ذلك فهو من الشرير ولنبين لمحبتكم نتيجة الكذب وكيف أنه مكروه من الله. وكيف يعاقب الكاذب بأشد العقوبات. فأصغوا لي بآذانكم وقلوبكم قد جاء بالعهد القديم ان فرعون كذب ثلاث مرات: الأولى لما غطت الضفادع أرض مصر. الثانية لما ملأ الذبان بيوته وبيوت عبيده الثالثة لمــا ضرب البرد الناس والبهائم في كل أرض مصر فقد وعد فرعون في كل مرة من هذه الثلاث بأنه يطلق الشعب لكى يعبدوا الرب إلهم ولكنه لم يطلقهم. فكان عقابه أنه غرق هو وكل جيشه مع مركباته وفرسانه فى قاع البحر بحيث لم يبق منهم ولا واحد . وجاء به أيضاً: ان نعمان الآرامي كان مريضاً بداء البرص فأتى إلى اليشع النبي فطهره من دائه ولم يقبل منه الهدايا التي أحضرها معه ليقدمها مكافأة له بعــــد تطهيره. فرأى تلميذه جيحزى وسمع كل ذلك فركض وراء نعمان ومعه أثنان من رفقائه ولما لحقه قال له: هوذا قد جاء لسيدى اثنان من بنى الانبياء في هذا الوقت وهو يقول لك أعطهما وزنة من الفضة وحلتى ثياب. فأعطاه نعمان بدل الوزنة وزنتين من الفضة مع حلتى الثياب كما طلب. فأخذ جيحزى كل ذلك ومضى فأخفاه في بيته. ثم عاد فدخل على سيده أليشع ووقف أمامه فقال له: من أين يا جيزى؟ فقال لم يذهب عبدك إلى هنا أو هناك. فقال له ألم يذهب قلبي حين رجع الرجل للقائك. أهو وقت لأخذ الفضة ولأخذ الثياب .. فبرص نعمان يلصق بك وبنسلك إلى الأبد. فخرج من أمامه أبرص كالثلج وجاء بالعهد الجديد إن المؤمنين فى زمان الرسل كانوا بقلب واحد ونفس واحدة ولم يكن أحد يقول إن شيئاً من أمواله له بل كان عندهم كل شئ مشتركاً وأن كل الذين كانوا أصحاب حقول أو بيوت كانوا يبيعونها بأثمان المبيعات. ويضعونها عند أرجل الرسل فكان يوزع على كل واحد كما يكون له احتياج ورجل اسمه حنانيا وأمرأته سفيره باع ملكا واختلس من الثمن وامرأته لها خبر ذلك وأتى بجزء ووضعه عند أرجل الرسل. فقال بطرس يا حنانيا لماذا ملاً الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس وتختلس من ثمن الحقل. أنت لم تكذب على الناس بل على الله. فلما سمع حنانيا هذا الكلام وقع ومات وصار خوف عظيم على جميع الذين سمعوا بذلك فنهض الاحداث ولفوه وحملوه خارجاً ودفنوه ثم حدث بعد مدة نحو ثلاث ساعات أن أمرأته دخلت وليس لها خبر ما جرى. فأجابها بطرس قولى لى أبهذا المقدار بعتما الحقل. فقالت نعم بهذا المقدار . فقال لها بطرس ما بالكما اتفقتما على تجربة روح الرب. هو ذا أرجل الذين دفنوا رجلك على الباب وسيحملونك خارجاً. فوقعت في الحال عند رجليه وماتت. فدخل الشباب ووجدوها ميتة فحملوها خارجاً ودفنوها بجانب رجلها" فمن يسمع بمثلى هذا القصاص ولا يبغض الكذب من كل قلبه ؟ !! هذا وان قلتم لماذا كان الله يقتص من مخالفى الوصايا بصرامة في الزمان العابر. أما في هذه الأيام فلا شئ من ذلك؟ مع أن البشر اليوم يخالفون أكثر من سالفيهم ويعملون أردأ مما كان يحدث قبلاً بكثير ؟ أجبتكم بأنه يوجد يوم للدينونة وسيجازي كل واحد بحسب أعماله إن خيراً فخيراً وإن شراً فشراً. أما تأديباته قديماً فإنما كانت بشدة ليعلم البشر إن الله يبغض الكذب والكاذبين. ويكره النفاق والمنافقين. فالكذب إذن مضر بقائليه مشين بسامعيه وناقليه لأنه يفرق الأخ من أخيه. والآب من ابنه. والابن من ابيه. فكم من ذوى حسب ونسب. وكم من رجال شرفاء وعقلاء حكماء. تربوا في المهد وتعلموا العلم والحكمة وعرفوا أسرار الأمور. ولكنهم لم يعرفوا كيف يتخلصوا من رذيلة الكذب. فإن قلت لماذا؟ أجبتك بسبب تحكم العادة على حرية الإرادة. لأن العادة إذا تمكنت من إنسان تصير كطبيعة له وليس بأمر يسير يقهرها الإنسان مهما كان بل يقهر الجسد والجام الشهوات وطلب المساعدة من الله فسبيلنا أيها الأحباء أن لا نكون من هؤلاء. بل ليكن الصدق رائدنا في جميع معاملاتنا ومحادثاتنا عملا بنواهى ربنا حتى نجوز أيام غربتنا بسلام آمنين. فنصل إلى الميناء الهادئ الأمين بتعطف وتحنن فادينا له المجد إلى دهر الدهور كلها أمين. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل