يوحنا ذهبى الفم

Large image

* وُلد عام 344 م. في أنطاكية، وهى العاصمة الكبرى آنذاك
*ربته أمه "انثوسا" لأن والده الذي كان قائدًا في الجيش مات مبكرًا.
* وحينما أنهى يوحنا دراسته الابتدائية، أرادت أمه أن يتابع دروسه العليا على يد أشهر أستاذ وهو المعلم ليبانوس.
* نبغ يوحنا وانتزع إعجاب أستاذه وزملائه حتى أن ليبانوس كتب له يقرظه على فصاحته وبلاغته وصفاء فكره، بل وفكر أن يخلفه يوحنا في إدارة مدرسته الفلسفية، لولا أن يوحنا أدار ظهره فيما بعد لأستاذه الوثني، بعد أن تعمد وانضم لكنيسة الله في سن الثامنة عشرة. وقيل إن ليبانوس سئل مرة عمن سيخلفه في إدارة مدرسته فأجاب: "يوحنا لو لم يسرقه منى المسيحيون".
* تعمد يوحنا وهو في الثامنة عشرة من عمره، ولم تمض سنوات ثلاث على عماده (وكان قد أنهى دراسته العامة)، إلا وكان قد رسم أغنسطسًا أي قارئًا إنجيليًا في الكنيسة ولعل هذه الرسامة كانت بداية لشوط خدمته الدينية الكبرى، لكنها كانت مجرد بداية.
لقد اعتزل يوحنا في ضواحي أنطاكية ليعيش كراهب، وكرس حياته للرياضات الروحية والعمل اللاهوتي الجاد.
سنة 380/381 سامه الأسقف شماسًا إنجيليًا، قبل أن يغادر البلاد إلى القسطنطينية لحضور المجمع المسكوني الثاني. ونعلم أن هذا الأسقف توفى أثناء انعقاد المجمع.
* وفي سنة 386 سامه الأسقف فلافيانوس بطريرك أنطاكية، خليفة ميليتيوس، على درجة القسوسية، فانفتح أمامه مجال جديد للعمل في الكرازة بالإنجيل.
أصبح قس أنطاكية الأعزل هو الأسقف المتقدم في الشرق، أي بطريرك القسطنطينية، المدبر الروحي للقسطنطينية، والواعظ الذي كان من بين أهم واجباته أن يعظ أمام الإمبراطور والعائلة المالكة.
* وغنى عن القول، أن ذهبي الفم نفسه لم يكن راغبًا في حدوث مثل هذا التحول في الأحداث، لكنه ما دام قد اختير، فلم يتردد لحظة واحدة في أن يأخذ المهام الجديدة الموكولة إليه.
* لقد كان في القسطنطينية فقراء ومرضى كثيرون. فمن أجلهم بدأ ذهبي الفم يدبر الأموال.
* أما ما استطاع أن يدبره من أموال بحسب تدبيره، فقد استخدمه في بناء المستشفيات لمعالجة المرضى، ومنازل الغرباء، ووضع على رأس كل منها كاهنين لائقين.
* وسرعان ما انتشرت شعلة هذه الخدمة المسيحية بين صفوف الشعب، فبدأت محبة القريب تنشر دفء أشعتها بين أفراد الشعب بعضهم البعض وبينهم وبين راعيهم المحبوب.
* وأخيرًا، فقد انشغل ذهبي الفم بعمله المعتاد، أي الدراسة والصلاة، لدرجة أن المساء كان يحل وقد نسى نفسه فلم يتناول طعام غذائه.

المقالات (91)

15 يونيو 2025

انجيل قداس يوم الأحد الثاني من شهر بؤونة

تتضمن تقبيح الكذب والنهى عنه مرتبة على فصل انجيل ابراء المخلع بكفر ناحوم ( لو ٥ : ١٧-٢٦ ) إن سيدنا له المجد قد أبرأ مخلعين: الأول عند بركة الضأن التي يقال لــــــها بالعبرانية "بيت حسدا والثانى أبرأه في كفر ناحوم. وقد سمعتم خبره بـــــ الفصل الذي تلى على مسامعكم اليوم. وملخصه: إن السيد دخل بيتا في كفر ناحوم فاجتمع حوله كثيرون من الكتبة وغيرهم وكان يخاطبهم بالكلمة. وإذا بأربعة رجال جاءوا يحملون مفلوجا وقدموه اليه. فلما رأى إيمانهم قال للمفلوج : يا بنى مغفور لك خطاياك" ففكر الكتبة فى قلوبهم قائلين: لماذا يتكلم هكذا بتجاديف. من يقدر يغفر خطايا إلا الله وحده فأظهر السيد غيرة شديدة ضدهم لم يظهر مثلها من قبل. فإن الفريسيين قد نددوا عليه قائلين: "إنه بيعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين" واليهود شتموه مرة قائلين له "انك سامرى وبك شيطان" ولكنه لم يقاوم بمثل هذه المقاومة ولا بمثل هذه الغيرة والحمية التي قاوم بها الكتبة هذه المرة. وكانوا يستحقون أكثر من ذلك لأنهم ظنوه كاذبا وغاشا. فأراد أن يبين سلطانه على مغفرة الخطايا وقوته على إظهار الخفايا . فقال لهم: "لماذا تفكرون بهذا في قلوبكم. أيما أيسر أن يقال للمفلوج مغفورة لك خطاياك. أم أن يقال قم أحمل سريرك وامش" فلم يجاوبوه فعاد قائلا لهم: "ولكن لكى تعلموا أن لابن الانسان سلطانا على الأرض أن يغفر الخطايا قال للمفلوج لك أقول قم أحمل سريرك واذهب إلى بيتك. فقام للوقت وحمل السرير قدام الكل حتى بهت الجميع ومجدوا الله قائلين: " ما رأينا مثل هذا قط "أراد السيد المسيح له المجد أن يعلن لنا بغضه للكذب. فظهر بهذه الغيرة وهذه الحمية موبخاً الكتبة على خبثهم وسوء فكرهم. وكثرة نفاقهم وكذبهم. لان الكذب مبغوض ومكروه من الله. وقد نهانا عنه في شريعة التوراة بالوصية التاسعة حيث قال: "لا تشهد على قريبك زور" وفى شريعة الإنجيل قال: "ليكن كلامكم نعم نعم لا لا . وما زاد على ذلك فهو من الشرير ولنبين لمحبتكم نتيجة الكذب وكيف أنه مكروه من الله. وكيف يعاقب الكاذب بأشد العقوبات. فأصغوا لي بآذانكم وقلوبكم قد جاء بالعهد القديم ان فرعون كذب ثلاث مرات: الأولى لما غطت الضفادع أرض مصر. الثانية لما ملأ الذبان بيوته وبيوت عبيده الثالثة لمــا ضرب البرد الناس والبهائم في كل أرض مصر فقد وعد فرعون في كل مرة من هذه الثلاث بأنه يطلق الشعب لكى يعبدوا الرب إلهم ولكنه لم يطلقهم. فكان عقابه أنه غرق هو وكل جيشه مع مركباته وفرسانه فى قاع البحر بحيث لم يبق منهم ولا واحد . وجاء به أيضاً: ان نعمان الآرامي كان مريضاً بداء البرص فأتى إلى اليشع النبي فطهره من دائه ولم يقبل منه الهدايا التي أحضرها معه ليقدمها مكافأة له بعــــد تطهيره. فرأى تلميذه جيحزى وسمع كل ذلك فركض وراء نعمان ومعه أثنان من رفقائه ولما لحقه قال له: هوذا قد جاء لسيدى اثنان من بنى الانبياء في هذا الوقت وهو يقول لك أعطهما وزنة من الفضة وحلتى ثياب. فأعطاه نعمان بدل الوزنة وزنتين من الفضة مع حلتى الثياب كما طلب. فأخذ جيحزى كل ذلك ومضى فأخفاه في بيته. ثم عاد فدخل على سيده أليشع ووقف أمامه فقال له: من أين يا جيزى؟ فقال لم يذهب عبدك إلى هنا أو هناك. فقال له ألم يذهب قلبي حين رجع الرجل للقائك. أهو وقت لأخذ الفضة ولأخذ الثياب .. فبرص نعمان يلصق بك وبنسلك إلى الأبد. فخرج من أمامه أبرص كالثلج وجاء بالعهد الجديد إن المؤمنين فى زمان الرسل كانوا بقلب واحد ونفس واحدة ولم يكن أحد يقول إن شيئاً من أمواله له بل كان عندهم كل شئ مشتركاً وأن كل الذين كانوا أصحاب حقول أو بيوت كانوا يبيعونها بأثمان المبيعات. ويضعونها عند أرجل الرسل فكان يوزع على كل واحد كما يكون له احتياج ورجل اسمه حنانيا وأمرأته سفيره باع ملكا واختلس من الثمن وامرأته لها خبر ذلك وأتى بجزء ووضعه عند أرجل الرسل. فقال بطرس يا حنانيا لماذا ملاً الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس وتختلس من ثمن الحقل. أنت لم تكذب على الناس بل على الله. فلما سمع حنانيا هذا الكلام وقع ومات وصار خوف عظيم على جميع الذين سمعوا بذلك فنهض الاحداث ولفوه وحملوه خارجاً ودفنوه ثم حدث بعد مدة نحو ثلاث ساعات أن أمرأته دخلت وليس لها خبر ما جرى. فأجابها بطرس قولى لى أبهذا المقدار بعتما الحقل. فقالت نعم بهذا المقدار . فقال لها بطرس ما بالكما اتفقتما على تجربة روح الرب. هو ذا أرجل الذين دفنوا رجلك على الباب وسيحملونك خارجاً. فوقعت في الحال عند رجليه وماتت. فدخل الشباب ووجدوها ميتة فحملوها خارجاً ودفنوها بجانب رجلها" فمن يسمع بمثلى هذا القصاص ولا يبغض الكذب من كل قلبه ؟ !! هذا وان قلتم لماذا كان الله يقتص من مخالفى الوصايا بصرامة في الزمان العابر. أما في هذه الأيام فلا شئ من ذلك؟ مع أن البشر اليوم يخالفون أكثر من سالفيهم ويعملون أردأ مما كان يحدث قبلاً بكثير ؟ أجبتكم بأنه يوجد يوم للدينونة وسيجازي كل واحد بحسب أعماله إن خيراً فخيراً وإن شراً فشراً. أما تأديباته قديماً فإنما كانت بشدة ليعلم البشر إن الله يبغض الكذب والكاذبين. ويكره النفاق والمنافقين. فالكذب إذن مضر بقائليه مشين بسامعيه وناقليه لأنه يفرق الأخ من أخيه. والآب من ابنه. والابن من ابيه. فكم من ذوى حسب ونسب. وكم من رجال شرفاء وعقلاء حكماء. تربوا في المهد وتعلموا العلم والحكمة وعرفوا أسرار الأمور. ولكنهم لم يعرفوا كيف يتخلصوا من رذيلة الكذب. فإن قلت لماذا؟ أجبتك بسبب تحكم العادة على حرية الإرادة. لأن العادة إذا تمكنت من إنسان تصير كطبيعة له وليس بأمر يسير يقهرها الإنسان مهما كان بل يقهر الجسد والجام الشهوات وطلب المساعدة من الله فسبيلنا أيها الأحباء أن لا نكون من هؤلاء. بل ليكن الصدق رائدنا في جميع معاملاتنا ومحادثاتنا عملا بنواهى ربنا حتى نجوز أيام غربتنا بسلام آمنين. فنصل إلى الميناء الهادئ الأمين بتعطف وتحنن فادينا له المجد إلى دهر الدهور كلها أمين. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
13 أبريل 2025

انجيل قداس يوم الأحد السابع عيد الشعانين

تتضمن الحث على التناول باستحقاق والتأديب في 3 الكنيسة مرتبة على قوله تعالى بفصل الإنجيل"أليس مكتوباً بيتى بيت صلوة يدعى لجميع الأمم . وانتم جعلتموه مغارة لصوص " ( مر ۱۱ : ۱-۱۹ ) إن سيدنا له المجد بعد نهاية عرس قانا الجليل رجع مع أمه واخوته وتلاميذه إلى كفر ناحوم. وكان فصح اليهود قريباً فصعد إلى أورشليم. فوجد في الهيكل الذين كان يبيعون بقراً وغنما وحماماً والصيارف جلوساً، فصنع سوطاً من حبال وطرد الجميع من الهيكل وكب دراهم الصيارف وقلب موائدهم. وقال الباعة الحمام ارفعوا هذه من ههنا. " لا تجعلوا بيت أبي بيت تجارة " إن السيد له المجد قد طرد الباعة من الهيكل مرتين. الأولى في بدء كرازته والثانية قبل آلامه وقد تم المكتوب في سفر المزامير : " غيرة بيتك أكلتني " باحتدام السيد وإزالته ما يهين إسم الله ويضر بكرامته في بيته إن كل ما فعله السيد له المجد وكل ما قاله وكتب عنه. إنما كان لتعليمنا وهو نفسه القائل: " تعلموا منى لأنى وديع ومتواضع القلب " فماذا يعلمنا الله في هذا الفصل ؟ يعلمنا أن نجعل بيته الذي هو الكنيسة محل احترامنا واكرامنا وخضوعنا أى اننا ندخل لتأدية واجبات العبادة بالاحترام والادب والخضوع. ونخرج أيضاً كذلك. قال الجامعة: " احفظ قدمك حين تذهب إلى بيت الله فالاستماع أقرب من تقديم ذبيحة الجهال لانهم لا يبالون بفعل الشر " والسيد نفسه يدعو الكنيسة " بيت الصلاة " فهل تعلمنا أن حضورنا إلى الكنيسة إنما هو لأجل الصلاة فقط وليس للجلوس والمسامرات وانتقاد هذا واستحسان ذاك ثم الضحك والاستهزاء بالآخرين؟ إذا كنا تعلمنا وعرفنا ذلك فلماذا لا نقف فى الكنيسة بخوف ورعدة نادمين على خطايانا شاكرين الرب لقبوله توبتا؟ ولماذا نراك أيها الحبيب تتكلم أمام هيكل الله وتضحك لاقل سبب! أيها الأنسان تأمل وانظر في جانب من أنت قائم. ومع من أنت مزمع أن تصلى وتسبح الله؟ أنت قائم بقرب القدسات الالهية الموفرة. ومزمع أن تصلى وتسبح الله مع الكروبيم والسرافيم وبقية الملائكة ورؤساء الملائكة. فإذا افتكرت مع من انت واقف. ومع من أنت مشترك في الصلاة والترتيل فهذا يكفيك للإنتباه والإدراك لترفع عقلك كله إلى السماء وقت الصلوات والقداسات وتخضع بهامتك أمام خالقك أما اذا اصررت على عدم وقوفك في الكنيسة وقت الصلوات والقداسات بخوف ورعدة. وإضاعة وقت العبادة في الضحك على الغير وانتقادهم. وذم الآخرين أو استحسانهم. وبالأجمال يكون وجودك في بيت الله بغير وقار. فلا شك أن الله يعاملك بالغضب والانتقام السريع مع عدم غفران خطاياك. وبالاقتصاص منك يوم الدين العظيم. أو لعلك تظن ان الله يتغاضى عن ذنوبك وآثامك عندما يخاطبك على لسان انبيائه ورسله !! إني أعلمك مقدار هذه الخطية وعظم تهاونك الحاصل بسببها. فاسمع ما أقول لك إذا اتفق حضورك بمجلس أحد الشرفاء وخاطبك فيما هو مفيد لحياتك وأخبرك عن الازمنة السالفة وما جرى لاهلها من الحوادث النافعة أو الضارة فهل كان في امكانك أن تتجاسر وتعرض عن سماع كلامه وتلتفت إلى مخاطبة عبيده؟ إنك لو فعلت مثل هذا فكم من القباحة وقلة الأدب يظهر فعلك؟ فمن هنا اذن تفهم كم من التهاون والاحتقار تجاسرت بفعلك هذا على البارئ وليس هذا فقط بل أني اعجب كثيراً بوجود أناس منكم يكونون داخل الكنيسة ثم يتركونها قبل انتهاء القداس الالهى ويزيد عجبى جداً من عدم حضور البعض الكنيسة طوال السنة وهم لا يعترفون ولا يتناولون إلا إذا صادفتهم مصيبة أو حلت بهم ضيقة كثيرون من الناس يتناولون الأسرار الالهية في السنة مرة واحدة وآخرون مراراً عديدة فلمن من هؤلاء يجب المدح والتطويب؟ هل للذين يتناولن مرة واحدة أم للذين يتناولون مرراً أم للذين لا يتناولون إلا عند وقوع الشدة أنا اقول أن المدح والتطويب لا يخص هؤلاء ولا اولئك ولا الآخرين وإنما يخص الذين يتناولون الاسرار المقدسة بضمير نقى وقلب طاهر أولئك الذين يحيون حياة بريئة من اللوم الذين لا يوجد فيهم شئ من الحقد والحسد. السالكون طريق السلام. فهؤلاء لهم في كل عيد سيدى وفي كل زمان أن يتناولوا القربان المقدس وأما أولئك فغير مستحقين التناول حتى ولا مرة واحدة أن أكلت ياهذا من مائدة روحية. واستحققت لعشاء ملوكي. فهل يجوز لك بعد ذلك أن تترك ذاتك أيضاً في الخسائس والنجاسات؟ ما بالك تدهن جسدك بالاطياب العطرة ثم تعود تلطخه بالنتانة والحمأة؟ في كل عام تتنقى وتتناول. ولكن قبل أن يمر عليك قليل من الزمن تعود إلى شرورك الأولى وعاداتك السيئة. قل لي يا هذا أن كنت مريضاً بمرض مزمن وشفيت منه فإن أهملت ذاتك وتركتها تسقط راجعة إلى ذلك المرض. أما تكون قد اضعت كل تعبك السالف باطلا؟. وإذا كنت متى وجدت في فمك شيئاً من النتن والرائحة الكريهة بسبب مرض ما. فلا يمكنك أن تستعمل حتى المأكولات المعتاد عليها. فكيف يمكنك أن تتجاسر على تناول الأسرار ونفسك مفعمة من نتانة الخطية ونجاستها؟ ولاى عفو تكون حينئذ مستحقاً ؟ انك لا تستحق عفواً لان بولس الرسول يقول : " من أكل هذا الخبز أو شرب كأس الرب بدون استحقاق يكون مجرماً في جسد الرب ودمه. ولكن ليمتحن الانسان نفسه هكذا يأكل الخبز ويشرب من الكأس لان الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق ياكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب فسبيلنا اذن ايها الاحباء أن نواظب على بيت الله بكل ادب وخوف وتقوى عاملين بكل الوصايا ما دام لنا وقت لنرضى الله تعالى بأعمالنا حتى نكون مستأهلين لسماع ذلك الصوت الفرح القائل: " تعالوا يا مباركى ابي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم له المجد إلى الابد آمين. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
06 أبريل 2025

انجيل قداس يوم الأحد السادس و من الصوم الكبير

تتضمن البحث في العقاب الزمنى للخطاة مرتبة على فصل انجيل تفتيح عينى المولود من بطن أمه أعمى (يو ٩ : ١- ١٤ ) بينما كان السيد مجتازا في الطريق رأى انسانا مولودا من بطن أمه أعمى فسأله تلاميذه قائلين: " يا معلم من أخطأ هذا أم أبواه حتى ولد أعمى فأجاب يسوع لا هذا أخطأ ولا ابواه، لكن لتظهر أعمال الله فيه " إن هذه المسألة عسرة الفهم جدا. لأنه إذا كان هذا الإنسان قد ولد من بطن أمه أعمى فأين ومتى أخطأ؟ أفى البطن وقبل أن يولد ؟. إن في هذا عجبا. لأنه قبل أن يولد لم يكن في الوجود حتى يقال إنه ولد أعمى قصاصا له على خطيته وبالتالي لم يكن ممكنا أن يخطئ وقول البشير أيضا " أم أبواه " لا يصح صدوره عن الرسل إن لم يكن هناك سبب آخر. لأنهم يعرفون الكتاب المقدس القائل إن الله إن هذه المسألة عسرة الفهم جدا لأنه إذا كان هذا الإنسان قد ولد من بطن أمه أعمى. فأين ومتى أخطأ؟ أفي البطن وقبل أن يولد ؟ إن في هذا عجباً لأنه قبلي أن يولد لم يكن في الوجود حتى يقال إنه ولد أعمى قصاصاً له على خطيته وبالتالى لم يكن ممكناً أن يخطئ وقول البشير أيضاً " أم أبواه " لا يصلح صدوره عن الرسل إن لم يكن هناك سبب آخر لأنهم يعرفون الكتاب المقدس القائل أن الله لا يعاقب الابن بخطأ أبيه كما يظهر من قول حزقيال النبي " النفس التي تخطئ هي تموت" أيكون السبب إذن الذى جعل الرسل أن يلقوا هذا السؤال : " من أخطأ هذا أم أبواه " ذلك المثل الدارج بين اليهود : " الآباء أكلوا الحصرم وأسنان الابناء ضرست كلا ليس هذا هو السبب لأن الله قد أثبت بقسم أنهم لا يرون اتمامه بالفعل. إذ قال بواسطة حزقيال النبي : " حى أنا يقول السيد الرب لا يكون لكم من بعد أن تضربوا هذا المثل في اسرائيل " وإنما السبب في ذلك عقيدة التناسخ ولما ولد التي كانت سائدة بين اليهود في ذلك الحين. فظن التلاميذ السائلون وهم من اليهود أن هذا الأعمى كان صحيح العينين عند ولادته الأولى. وأخطأ في جسده الأول. ثانية عوقب بالعمى ليتطهر من خطاياه السابقة وهذا الظن الجاهم لأن يسألوا معلمهم قائلين: " من أخطأ هذا أم أبواه " فأجابهم بقوله : " لا هذا أخطأ ولا أبواه " فأبطل بهذا ظنهم الذى كان قد خامرهم وقوض أركان الرأى الخاطئ الذي كان سائداً بين اليهود وهو عقيدة التناسخ. وقد ظهرت أعمال الله في هذا الأعمى بتحويل ظلام عينيه إلى نور بواسطة الطين والتفل وعلى ذكر هذا الإشكال الذى عرض للتلاميذ بخصوص المولود من بطن أمه أعمى نبحث في التجارب وأنواعها فنقول إنها تكون لتمجيد الله كما سمعتم بفصل انجيل هذا اليوم للقصاص المادى الزمني كما حدث للانسان الزاني الذي أمر بولس الرسول بتسليمه للشيطان لهلاك الجسد لكي تخلص النفس يوم الرب يسوع للخلاص من شر الكبرياء. كما قال بولس الرسول عن نفسه أنه أعطى فى جسده ملاك الشيطان ليلطمه. فسأل الرب من أجله ليفارقه. فقال له: " تكفيك نعمتى لان قوتى في الضعف تكمل " للتجربة كما حدث لأيوب البار هذه أنواع التجارب ويعترض البعض على وجود أبرار معاقبين وخطاة يرقدون بسلام ونسى أو تناسى أن أحكام الله لجة عظيمة وانها بعيدة عن الفحص والاستقصاء لأن من يقدر أن يعرف أفكار الرب أو من صار له مشيرا نعم يوجد خطاة قد عوقبوا كقايين وفرعون وشاول و آخاب ونبوخذ نصر وغيرهم كثيرون. ويوجد خطاة آخرون عاشوا في سعة ورقدوا بسلام كرحبعام وأبيا و وعمرى وغيرهم كثيرون. وذلك لأنه لو عاقب الله جميع الخطاة في هذا العالم لصارت الفضيلة أمراً اضطرارياً وخوفاً من العقاب الحسى الزمني وليس حباً في الصلاح ولا لأجل الحظوى بالملكوت الأبدى. إذ لا يكون ثواباً للفضيلة وحينئذاك يكون خضوع الإنسان للناموس كخضوع الفرس للجام. وتكون الدينونة العامة غير لازمة فيبطل القول بخلود النفس. ويعكف الاشرار على شرب كأس الخطية ولا شرب الماء. وفى هذا إنكار لعناية الله تعالى وبما أننا نؤمن بعدل الله. فمتى شاهدنا بعض الخطاة غير معاقبين في هذا العالم فأنه يجب علينا أن نتأكد بوجود حياة أخرى مستقبلة. وأنه سيأتي يوم فيه يعاقب الله الخطاة الذين رقدوا بدون عقاب. أما معاقبته للبعض في هذه الدنيا فإنما هو لكي يقمع ذوى الشر والفساد ويرهبهم. ولكى يظهر اعتناءه بالبشر وبأعمالهم. غير أن البعض ارتأى ان الله يعاقب في هذه الدنيا أولئك الذين قد بغضهم لكثرة خطاياهم. ويترك أولئك الذين أخطأوا خطايا صغيرة. وهذا الرأى غير صحيح. لأن الكتاب يقول من أجل الخطاة المعاقبين في هذه الدنيا أن : " الذي يحبه الرب يؤدبه وكأب بأبن يسر به ويقول من أجل الخطاة غير المعاقبين في هذه الدنيا : " لا أعاقب بناتكم لانهن يزنين. ولا كناتكم لأنهن يفسقن. لأنهم يعتزلون مع الزانيات ويذبحون مع الناذرات الزنى وشعب لا يعقل يصرع . "فمن هذا ايها الاحباء نعلم أن الله يؤدب ذوى الخطايا الصغيرة لأنه يحبهم ولكي يجذبهم اليه بواسطة التوبة أما ذوى الخطايا الثقيلة فأنه يتركهم ويحفظهم ليوم السوء والأبرار أيضاً قد يطرأ عليهم ما يطرأ على الاشرار. فإننا نرى في الكتاب من هو مشرف وموفق في هذه الدنيا ومنهم من هو محتقر ومضطهد ومضطهد كيوسف مثلا نراه راكباً مركبة ملوكية وأيوب مطروحا على المزبلة وداود جالسا على كرسى الملك وإرميا ملقى فى جب الحماة ودانيال مشرفاً من نبوخذ نصر و وميخا مضروبا من صدقيا فإن : قلت ولماذا هذا ؟ أجبتك بأن الله قد جعل بعض الأبرار مشرفين لكى يراهم الناس فيكرموا الفضيلة ويجتهدوا في اقتنائها وجعل البعض الآخر محتقراً ليمتحن شجاعتهم. ولكي يضئ نور فضيلتهم في هذا العالم فيتعظم اسمه القدوس كان الله في العهد القديم يعاقب الخاطئ أثر ارتكابه الخطية ومن ذلك أن رجلا قطع حطبا في يوم السبت فأمر بقتله بالحجارة فقتل( وكم من الناس لا يجمعون حطبا يوم السبت فقط، بل يصرفون في كل أيام الاعياد في محال الخمور والفجور ومع ذلك لا يرجمون ولا يقتلون إن مريم وهرون تكلما على موسى لاتخاذه أمراة حبشية قائلين : " هل كلم الرب موسى وحده. ألم يكلمنا نحن أيضاً وفي الحال صارت برصاء وكم من الناس يسعون لضرر غيرهم بالوشاية والنميمة : ومع ذلك لا يسهم البرص إن عزة مد يده إلى تابوت الرب فجرح ومات لدى التابوت وكـــــم مــن المسيحين في هذه الايام يتجاسرون ويمدون أيديهم إلى الاسرار الالهية بدون استحقاق ومع ذلك لا يجرحون ولا يموتون إن كثيرين يحسدون ويطمعون ويكذبون ويفعلون شروراً متنوعة ومع كل ذلك لا يعاقبون كأولئك فلماذا هذا يا ترى ؟ الجواب: إن الله جل وعز قد عاقب البشر بأنواع كثيرة على سبيل العبرة والمثال لكي يبين للناس أنه ينتقم من الخطية ويؤدب الخطاة كما يقول الرسول: "كلى تعد ومعصية نال مجازاة عادلة" ولاجل هذا تراه في هذه الايام يطيل أناته فلا يؤدب الجميع أثر أرتكاب الخطية في هذه الحياة وذلك حتى تبقى إرادة الانسان حرة فيعمل الفضيلة بالرضاء والاختيار وإلا فالقصاص سوف ينتظره فسبيلنا أيها الأحباء أن نحزن ونذرف الدموع على خطايانا مقدمين فروض التوبة والندامة معترفين حتى بما نظنه صغيراً كالحقد والحسد والنميمة وما أشبه ذلك لنحظى بما وعدنا به ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الذى له المجد إلى الابد أمين. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
30 مارس 2025

انجيل قداس يوم الأحد الخامس من الصوم الكبير

تتضمن تبكيت المجرمين والظالمين والذين يتعدون الأوامر الالهية مرتبة على فصل انجيل ابراء المخلع عند بركة الضأن ( يو ٥ : ١-١٨ ) لقد سمعنا الآن أن الذين كانت بهم الامراض والاوصاب والعاهات الجسيمة المختلفة كانوا يتغربون عن بلادهم ويهجرون أوطانهم وينفقون الكثير من أموالهم ويكابدون المصاعب العديدة كل ذلك طلباً للشفاء من الامراض البدنية الصائرة إلى التراب وشيكاً حتى آل الاجتهاد بهذا المخلع إلى المقام بجانب تلك البركة سنين هذا عددها فكيف يجوز لك ياهذا أن تتغافل عن العناية بأمر نفسك العاقلة العديمة الفساد ؟ ولعلها تكون في حالة مخلعة مشتملة على أنواع المأثم الردية وأنت مع ذلك لا تنظر إلى قبحها وشناعتها وكيف تكون مؤمناً بالمسيح ومولوداً من الروح ومعترفاً بقيامة الأموات ومؤملا سعادة الملكوت ومتقلداً بسلاح النصرانية وأنت على هذه الكيفية؟ وإذا كان ربنا له المجد قد اشترط على الذين يطلبون الملكوت أن يزيد برهم على الكتبة والفريسيين مع ما كانوا عليه بالأمور الدينية كالصوم والصلوات ودفع العشور والابكار والنذور وتقديم القرابين عن الخطايا وغير ذلك فكيف يوجد فيكم اليوم المهملون لذواتهم ، السائرون بهوى قلوبهم الذين يرتسمون بالنصرانية رسماً خارجياً فقط وهم ليسوا غير عاملين بالوصايا والتعاليم المسيحية فقط ، بل يزنون ويسرقون ويكذبون ويحلفون ويرابون ويماحكون، ويصنعون شروراً أخرى كثيرة وإذا كان سبحانه وتعالى قد عاقب القساة والغليظى الرقاب والغلف القلوب من بنى اسرائيل على تعدى الشريعة الموسوية بالعقاب الشديد فبماذا يعاقب الخطاة من المؤمنين بالمسيح؟ اسمعوا قوله تعالى لبنى اسرائيل على لسان هوشع النبي مبكتاً لهم حيث يقول : " اسمعوا قول الرب يا بنى اسرائيل أن للرب محاكمة على سكان الأرض لأنه لا أمانة ولا احسان ولا معرفة الله فى الأرض لعن وكذب وقتل وسرقة وفسق يعتنقون ودماء تلحق دماء لذلك تنوح الأرض ويذبل كل من يسكن فيها مع حيوان البرية وطيور السماء وأسماك البحر أيضاً تنتزع ولكن لا يحاكم أحد ولا يعاتب أحد وشعبك كمن يخاصم كاهناً فتتعثر في النهار ويتعثر أيضاً النبي معك في الليل وأنا أخرب أمك قد هلك شعبى من عدم المعرفة لانك أنت أيضاً رفضت المعرفة أرفضك أنا حتى لا تكهن لى ولانك نسيت شريعة ألهك أنسى أنا ايضاً بنيك على حسبما كثروا هكذا أخطأوا إلى فابدل كرامتهم بهوان ياكلون خطية شعبي وإلى إثمهم يحملون نفوسهم فيكون كما الشعب هكذا الكاهن وأعاقبهم على طرقهم وأرد أعمالهم عليهم فيأكلون ولا يشبعون ويزنون ولا يكثرون لانهم قد تركوا عبادة الرب فأقول ألان للذين يظلمون منكم ويغشمون ويقرضون أموالهم بالربا ويحبون الارباح الردية اسمعوا هذا القول يامن تزدرون بالمساكين والمحتاجين وتستصغرون بالفقراء ويقولون في انفسكم متى تمضى الشهور وتجوز الايام ويغلو الطعام ويتعالى ثمن الحنطة ففتح الاهراء والمخازن ونصغر المكابيل ونزيد المثاقيل ونبيع القصالة بالورق والغلة المخلوطة بالتبن وكناسة الاهراء إن الرب قد تكام قائلاً " إني لن أنسى إلى الابد جميع اعمالهم أليس من أجل هذا ترتعد الارض وينوح كل ساكن فيها وتطمو كلها كنهر وتفيض وتنضب كنيل مصر ويكون في ذلك اليوم يقول السيد الرب أني أغيب الشمس في الظهر وأقتم الأرض في يوم نور وأحول أعيادكم نوحاً وجميع أغانيكم مراثى وأصعد على كل الأحقاء مسحاً وعلى كل رأس قرعة واجعلها كمناحة الوحيد وأخرها يوماً مراً هوذا أيام تأتى يقول السيد الرب أرسل جوعاً في الأرض لا جوعاً للخبز ولا عطشا للماء بـل لاستماع كلمات الرب فيجولون من بحر إلى بحر ومن الشمال إلى المشرق يتطوحون ليطلبوا كلمة الرب فلا يجدونها " وإذ قد سمعتم الآن وعيده للمجرمين والظالمين والذين يتدبرون تدبيراً رديئاً فاسمعوا الآن وعده للطائعين لتنظروا الطريقين معاً وتسلكوا المستقيم منهما فانه يقول : " إذا سلكتهم في فرائضى وحفظتم وصایای و عملتم بها أعطى مطركم في حينه وتعطى الأرض غلتها وتعطى أشجار الحقل أثمارها ويلحق دراسكم بالقطاف ويلحق القطاف بالزرع فتأكلون خبزكم للشبع وتسكنون في أرضكم أمنين وأجعل سلاما في الارض فتنامون وليس من يزعجكم وأبيد الوحوش الرديئة من الارض ولا يعبر سيف في ارضكم وتطردون أعداءكم فيسقطون أمامكم بالسيف يطرد خمسة منكم مئة ومئة منكم يطردون ربوة ويسقط أعداؤكم أمامكم بالسيف والتفت اليكم وأثمركم وأكثركم وأفى ميثاق معكم فتأكلون العتيق المعتق وتخرجون العتيق من وجه الجديد وأجعل مسكنى فى وسطكم ولا ترذلكم نفسي واسير بينكم وأكون لكم إلها وأنتم تكونون لي شعباً " وإذ قد سمعنا الأن وعيده للمخالفين ووعده للطائعين فلتخف إذن من أن يوجد بيننا إنسان قاس أو متهاون أو زان أو سكير يصدق عليه ماقيل من الأقوال التي مجرد سماعها عند العقلاء يقع كالصواعق ويلهب كالنار ويحرق كالأتون وبنيه الغافلين ويوقظ النائمين بطباعهم وحيث قد علمنا أن ارتكاب الخطايا والأثام يسبب حدوث الأمراض والاسقام ويسلط الظالمين ويقوى المضادين ويسبب الغلاء والجلاء وسائر الأمور المحزنة فسبيلنا الأن أن ننهض من نومنا ونتيقظ من غفلتنا ونخلع ثياب أثامنا ونقرع باب مراحم إلهنا ليتراءف على ضعفنا ويرحمنا ويهب لنا سعادة الملكوت له المجد إلى ابد الابدين أمين. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
23 مارس 2025

انجيل قداس يوم الأحد الرابع من الصوم الكبير

تتضمن الحث على ما يقال له سابق التحديد أو القضاء والقدر . مرتبة على فصل انجيل السامرية( يو ٤ : ١ - ٤٢ ) قال البشير بانجيل اليوم أن الرب لما علم أن الفريسيين سمعوا أن يصير ويعمد تلاميذ أكثر من يوحنا ترك اليهودية ومضى أيضا في الجليل وكان لابد له أن يجتاز السامرة فأتى إلى مدينة السامرة يقال لها سوخار ويلاحظ بعضهم قائلا: إن السيد عندما أرسل تلاميذه أوصاهم أن لا يمضوا إلى الأمم ولا يدخلوا مدن السامريين فكيف هو نفسه جاء السامرة وعلم امرأة عند بئر يعقوب ؟ والجواب على ذلك هو إن المسيح لم يخالف امره لتلاميذه الذين أرسلهم. أرس لأنه بقوله: " إلى طريق أمم لا تمضوا والى مدينة للسامريين لا تدخلوا " نهاهم عن الدخول والإقامة له المجد لا عن الإجتياز كما فعل هو ومن قول البشير " وكان لابد له أن يجتاز السامرة " يظهر أن اجتيازه كان ضروريا لوقوعها بين اليهودية والجليل. أما تمييز السيد للسامريين عن اليهود ونهيه لتلاميذه بأن لا يدخلوا مدنهم فهو لأنهم لم يكونوا يهودا ولا أمما فكانوا يخلطون عبادة اليهود بعبادة الأمم ولا يقبلون إلا خمسة أسفار موسى وماعدا ذلك من الأسفار المقدسة كانوا يرفضونه ويحسبون أنفسهم أيضا من نسب اسرائيل كما يظهر في قول السامرية للمسيح: هل أنت اعظم من أبينا يعقوب الذي أعطانا هذا البئر مع أن اصلهم من الأمم الذين أرسلهم ملك أشور إلى اقليم السامرة لتعميره بدل الأسباط العشرة الذين سباهم إلى بابل وبما أنهم كانوا من عبدة الأوثان أرسل الله عليهم أسودا فتكت بكثيرين منهم فلما علم بذلك ملك أشور أرسل إليهم كاهنا عبرانيا ليعلمهم عبادة إله اليهود فتتنحى عنهم الأسود فتم كل ذلك فكانوا يعبدون الأصنام كعادة وطنهم القديم ويعبدون إله اسرائيل ولهذه الاسباب كان اليهود يبغضونهم كوثنيين وغرباء الجنس وأما نهيه لتلاميذه بأن لا يمضوا إلى الامم ولا يدخلوا مدينة للسامريين فهو لان الناموس كان يحظر على اليهود معاشرة الامم الغريبة لئلا يتعلموا منهم أعمال الوثنيين فيتركون إلههم ويعبدون الأوثان كما حدث ذلك مرارا كثيرة ويخبرنا به المرتل داود بقوله" اختلطوا بالأمم وتعلموا أعمالهم وعبدوا أصنامهم فصارت لهم شركا أما السيد المسيح فلكونه تجسد ليخلص جميع البشر فقد جاء إلى سوخار ليخلص المرأة السامرية وكل من يريد الخلاص وبتدبير إلهى انت المرأة فوجدته جالسا على البئر لأن الخلاص لا يتأنى صدفة أو انفاقا بل بعناية الله وإلا فكيف يعقل أن يعطش ذلك الذي أخرج الماء من الصخرة في رفيديم بني اسرائيل حاشا لله ذلك وقد جعل طلبه من المرأة ليشرب سببا للمناقشة معها وجذبها للايمان به وهي ومن آمن بواسطة بشارتها في المدينة بقولها" هلموا انظروا إنسانا قال لـــــي كل ما فعلت ألعل هذا هو المسيح " لم تكن السامرية تفكر البتة بانها ستجد مخلص العالم عند بئر يعقوب ولكن الله جل وعز سبق فعرف بسابق علمه حسن نواياها وأميالها فحدد خلاصها ودبر لها أن يكون وصولها إلى البئر في حال وصوله اليها لكى تؤمن فتخلص بدليل قول الرسول " إن الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم أيضا "فالله إذن متى رأى في الانسان ميلا إلى الصلاح ولو طفيفا فانه حالا يرسلى نعمته فيقويه على عمل الاعمال الصالحة أما إذا وجد الميل رديئا فانه ينزع نعمته ومعونته عن ذلك الانسان فيعمل الاعمال الرديئة وهو تعالى يسبق فيعين خلاص الانسان لاجل اعماله الصـالحة كما يسبق فيعين عذابه لأجل أعماله الطالحة وهو مخير مريد يفعل ما يريد إما لخلاصه وإما لعذابه ولو كان شئ يقع في الوجود من خير وشر يسبق الله فيحدده لكان تعالى عن ذلك علة للشرور وكان لا نفع من ارسل الرسل والأنبياء وكان المنزه سببا أوليا للزاني والقاتل وأشباه ذلك لأن المريد لشئ ما فقد ارتضاه وإذا ارتضاه فهو سببه وفاعله حاشا لله من ذلك وتعالى عنه علوا كبيرا فلا يصلح إذن اطلاق الإعتقاد في حق صاحب الجود المطلق أنه يريد شيئا ثم يعاقب الانسان عليه ولو نسب إلى صاحب هذا الرأى القاضى بأن الله يسبق فيحدد على الانسان فعل الشر أو الخير أنه سبب لبعض ما حدث من الشرور لنفى ذلك باجتهاد وأبعده عن نفسه بعدا بعيدا وما لا يرتضيه هذا الانسان فلا يجب أن يرتضيه لخالقه وبارئه ولنورد على ذلك بعض الأمثلة من الكتاب المقدس إن فرعون ويهوذا الاسخريوطي كانا معينين للهلاك فلو رجعا عن الشر لربحا الخلاص الأبدى وكذلك كان انقلاب نينوى سابقا تحديده غير أن أهلها تابوا فنجوا ( وحزقيا الملك كان سبق تحديد موته ولكنه بدموعه نال الحياة بدل الموت والخمس مدن ايضا قد سبق الله فعين إبادتها ولما توسل أليه ابراهيم بقوله عسى يوجد هناك عشرة أبرار قال جل وعز " لا أهلك من أجل العشرة " واسمع ماذا يقول الكتاب المقدس إن الرب أمر موسى في البرية أن يضرب الصخرة بالعصا ليخرج ماء ليشرب بنو اسرائيل فقال موسى بحضور هارون أخيه إلى الشعب " من هذه الصخرة نخرج لكم ماء " فقال الرب لموسى وهارون: " من أجل أنكما لو تؤمنا بي حتى تقدسانى أمام أعين بنـــــــى اسرائيل لا تدخلان هذه الجماعة إلى الارض التي أعطيتهم إياها فتأملوا جيدا أيها الأحباء وانظروا لماذا عاقب الله النبيين العظيمين على ترك التقديس وعلى الشك في قدرته تعالى إخراج الماء من الصخرة إذا كان يسبق فيحدد على الانسان شرا أو خيرا ولماذا قال في وجه هذا النبى لبنى اسرائيل " أنظر قد جعلت اليوم قدامك الحياة والموت الخير والشر " أشهد عليكم اليوم السماء والأرض قد جعلت قدامك الحيوة والموت البركة واللعنة فاختر الحيوة لكى تحيا أنت ونسلك " فمن هذا قد ثبت أن الانسان حر الأختيار إن إختار صلاحا فعل وإن اختار شرا فعل أما كون الإنسان حر الإرادة فهذا ثابت أيضا من العهد الجديد قال له المجد: " يا أورسليم يا اورشليم يا قاتلة الانبياء وراجمة المرسلين اليها كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها ولم تريدوا. هوذا بيتكـــــم يـــترك لكـــم خرابا " وقال ايضا لمن سأله عن طريق الحياة " لماذا تدعونى صالحا ليس أحد صالحا إلا واحد وهو ولكن أن أردت أن تكون كاملا فأذهب وبع املاكك واعط الفقراء وتعال اتبعني " وقال ايضا " إن اردت أن تدخل الحيوة فاحفظ الوصايا فمن قوله تعالى " كم مرة أردت ولم تريدوا " وقوله " ليس أحـــد صالحا إلا واحد وهو الله " وقوله " إن أردت أن تدخل الحيوة فأحفظ الوصايا " يتضح جليا أن الله لا يسبق فيحدد على البشر شرا ولا خيرا بدون ملاحظة حرية ارادتهم أي انه تعالى ان رأى أميال الانسان نحو الخير ساعده بنعمته وان رأى أمياله نحو الشر تركه يعمه في غوايته إلى يوم القصاص العظيم فسبيلنا إذن أن ندع عنا البحث في موضوع " سابق التحديد " أو " القضاء والقدر " كما يدعوه البعض لأنه يفوق أدراك البشر ونستعيض عنه بفحص دواخلنا فحصا دقيقا مصلحين ما فسد منها.عارفين أن الله " سيجازى كل واحد حسب أعماله فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة متى جاء فى مجده مع الملائكة القديسين له المجد إلـــى الأبد آمين. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
16 مارس 2025

انجيل يوم الاحد الثالث من الصوم الكبير

تتضمن الحث على الصدقة والاعتناء بالباقيات مرتبة على قوله تعالى بفصل الانجيل " إنسان كان له ابنان فقال اصغرهما لابيه يا ابي أعطنى القسم الذى يصيبنى من المال " ( لو١١:١٥-٣٢) إذا كنت قد أخذت نصيبك من المال وأنفقته مع الخارجين وعاشرت الفاسقين وأصحاب الخلاعة وأتبعت اللذات والشهوات البدنية زماناً طويلاً أفما حان لك أن ترجع الآن إلى ابيك وتقرع باب رحمته بالتوبة والاستغفار لكي يلبسك الحلة الأولى وخاتم الذهب وتأكل العجل المسمن وتستريح من عذاب الغربة وأكل الخرنوب ورعى الخنازير ومكابدة ذل الخدمة ما بالك لا تنهض من كسلك وتبادر إلى حضن ابيك قبل أن يغلق الباب وتكون أنت خارجاً عارياً يا للعجب من كون هذا النازح عن أبيه المخالف له زماناً طويلا المبدد ماله مع الزواني كيف انه لما رجع وقرع باب رحمته أكرمه أبوه وجاد عليه بالملابس الفاخرة والأطعمة الشهية وأنت قدير يرجع اليك أخوك المسيحي ويقصد منزلك بعد أن اضاع ماله في عمل الخير فلا تلقاه كما ينبغي ويسألك فلا تجيب السؤال ويستعطفك فلا تصغى ويعتذر لك فلا تسمع ويخاطبك بصوت المذلة فلا ترحمه هذا مع أنه قد لا يطلب منك إلا رغيفاً وقليلاً من الفضة فكيف لو طلب منك حلة من الديباج أو خاتماً من الذهب ؟ وكيف إذا ارسل اليك الشيطان جنوده الذين يرقصون في الملاعب ويتكلمون بما لا يليق ويعد لك إذا قبلتهم الهلاك في الجحيم فتبادر إلى اكرامهم بالعطايا أما السيد المسيح فإنه عندما يرسل اليك أخوته المساكين ويمد اليك يده أمامهم ويعد لك إذ قبلتهم الخلود في النعيم فانك لا تسمع له ولا تلتفت اليه إن المسيح يشبه رجلا بيده حلة نفيسة من الأرجوان مرصعة بالذهب والجواهر الكريمة وهو يشير إلى العابرين قائلا من قبل أحد عبيده في الغربة كانت له هذه الحلة الثمينة أما الشيطان فانه يشبه رجلاً من الخادعين بيده ثمرة مملؤة من السموم القاتلة وهو يبرزها ويصفها بانها من المأكل اللذيذة ويغر بمنظرها الجهلاء الغافلين أفلا ترى كيف يتسابق الصبيان إلى هذه الثمرة الغاشة ولا يلتفتون إلى تلك الحلة الشريفة ؟ وإذا عرفت ان لك منزلين أحدهما في دار الدنيا والآخر في دار الآخرة وانك ستفارق أحدهما بالضرورة عارياً من جميع مقتنياتك وتصير إلى الآخر وتكون فيه دائماً فما بالك لا تقدر خيرك وتنزع هواك من قلبك وتحمل ذخائرك من دار غربتك إلى دار مقرك الابدى فإن قلت وكيف أنقل ذخائرى إلى هناك وأنا أذهب عارياً أجبتك قد قال المسيح أعطها لإخوتى المساكين وأنا اعوضك عن جميعها بما لا يفنى وليس بمثلها فقط بل عن الواحد أضعافاً كثيرة وإن بخلت نفسك عن هذا العطاء وحاربك الشيطان ومنعك من الرحمة فقل لنفسك معاتباً إياها اليس انك يا نفس في كل مناسبة تصنعين موسماً وتعدين وليمة للاصحاب وتنفقين كثيراً من المال في ثمن الخراف والدجاج والفواكه مما لا ترجعين إلى غاية أكثر من طرحه في القاذورات سريعاً فما بالك لا تعدين وليمة لخالقك وموجدك من العدم وتكريمه بها مرة واحدة في الأسبوع لكى يجازيك عن ذلك بسعادة الابد فإن امتثلت النفس لهذا الرأى وعرفت الفوائد التي تحصل لها منه فاحسب لها ثمن نفقة هذه الوليمة الطاهرة حيث لا تكون خراف ولا فواكه بل خبز وماء فقط واجعل ذلك مرة من وقت لآخر لإفتقاد المحتاجين وللعجب من كون إلهنا له المجد جاد عليك بالنفس والجسد وفضلك على جميع المخلوقات وسلطك على جميع الحيوانات والمعادن والنباتات وأعد لك سعادة الابد وأنت تبخل عليه باليسير مما أعطاك يسألك المحتاج شيئاً يسيراً فترده فارغاً أو تعطيه بعض الأحيان كارهاً وكيف لا نستحى من خالقنا عند ذلك ؟ ولماذا لا نذكر قول الرسول: " إن من يزرع بالشح فبالشح ايضاً يحصد " وما بالنا لا نتشبه بالمؤمنين الذين يحملون إلى بيعة الله من العشور والابكار والنذور والصدقات ما يفرج كربة المتضايقين ويكفى حاجات المرضى والوافدين من الغرباء والذين في السجون وخدام المذبح وغيرهم فسبيلنا أن نستيقظ من غفلتنا ونجتهد فى نقل أموالنا إلى دار مقرنا الابدى عن يد إخوتنا المساكين لنأخذ المجازاة من ربنا ومخلصنا ذلك الذي له المجد إلى الابد أمين. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل