
تتوزع ساﻋﺎت اﻟﻴوم عند الإنسان ﻋﻠﻰ ثلاثة أقسام متساوية ﻏﺎﻟﺒًا٨ ساﻋﺎت للنوم وهو الاحتياج الأول عند الإنسان 8 ساﻋﺎت للعمل أو اﻟﺪراسة واﻟﺒحث وﻫﻲ ساﻋﺎت الإﻧﺠاز.8 ساﻋﺎت ﺗﺨتلف من إنسان لإنسان ولكنها تتوزع ﻋﻠﻰ الأ نشطة اﻟﺘاﻟﻴة الأﺳﺮة والأصدقاء والعبادة والصحة واﻟﻬواية والقراءة واﻟﺨدمة واﻟﻨواﺣﻲ الشخصية والمعروف أن جمیع البشر یتساوون في عطیة الوقت الیومیة، إذ ینالون ۲٤ ساعة كل یوم مھما كانت أعمارھم أو أعمالھم أو مؤھلاتھم أو صحتھم أو خدمتھم والإنسان یبحث دائمًا عن الراحة سواء الشخصیة أو الأسریة أو الاجتماعیة، حتى أنه من الوصایا العشر وصیة "اُذْكُرْ یَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَه"(خر۲۰: 8؟) أي تخصصه لأعمال المحبة والرحمة والعبادة والتفرغ من كل أشكال العمل الأرضیة لیكون یومًا مخصصًا لأجل الله وفي الخلقة التي تمت في ستة أیام انتھت بخلقه الإنسان ذكرًا وأنثى في الیوم السادس لیكون قمة الخلیقة ثم مكتوب "وَفَرَغَ اللهُ فِي الْیَوْمِ السَّابعِ مِنْ عَمَلِه الَّذِي عَمِلَ فَاسْتَرَاحَ فِي الْیَوْمِ السَّابعِ مِنْ جَمِیعِ عَمَلِه الَّذِي عَمِلَ، وَبَارَكَ اللهُ الْیَوْمَ السَّابعَ وَقَدَّسَه، لأَنَّه فِیه اسْتَرَاحَ مِنْ جَمِیعِ عَمَلِه الَّذِي عَمِلَ اللهُ خَالِقًا"(تكوین ۲: 2, 3) والراحة في مفھوم الوصیة رمز للتحرر من العمل والمسؤولیة ولیس راحة الكسل والنوم، رغم أن الإنسان یقضي ثلث عمره في النوم والاسترخاء، وھذا یعتبر أحد الأسرار الإنسانیة عند علماء الدراسات الإنسانیة لماذا ینام الإنسان؟! والإجابة البسیطة: لكي یرتاح. ویأتي السؤال الذي لم یجد له العلماء إجابة وھو: لماذا یرتاح؟!..
وفي تاریخ بني إسرائیل كانوا یشتاقون إلى أرض الراحة أو أرض المیعاد، كما ھو موصوف في كتب العھد القدیم، ویعتبرون ذلك أنه الراحة المرجوة، ولكنھم لم ینعموا بذلك على الإطلاق،فیقال أن مدینة السلام أورشلیم القدس بنیت منذ ثلاثة آلاف سنة لم تنعم بالسلام سوى ثلاثین عامًا فقط عبر تاریخھا الطویل.
ويأﺗﻲ السؤال الشخصى ما ﻫﻲ أعظم راحة عند الإ نسان؟!
والإجابة مدهشة إذ أن أعظم راحة ﻫﻲ خدمة الآخرين واﻟﺘعب واﻟﺒذل من أجلهم!!!
وما أحلى الراحة الداخلیة التي یشعر بھا الإنسان بعدما یخدم الآخرین في أي من مجالات الخدمة الواسعة وربما كان ھذا السبب وراء إنشاء المنظمات والھیئات التي تخدم الآخرین دون مقابل، مثل ھیئة الصلیب الأحمر أو أطباء بلا حدود وغیرھا، والتي تعتمد أساسًا على عنصرالخدمة التطوعیة دون أي منافع مادیة، وتمتد خدمتھم عبر الشعوب والدول دون غرض معین سوى مساعدة وخدمة الإنسان في وقت الأزمات دون أدنى منفعة سوى الراحة الداخلیة واجتماعیًا یختلف مفھوم الراحة من إنسان لآخر، فالبعض یعتبر أن الراحة ھي الإجازة أو الفسحة أو السفر إلى بلاد أخرى أو التنزه بین الحدائق أو الراحة المنزلیة بكافة صورھا، وھذه وغیرھا غیر مفھوم الكسل والتراخي وعدم العمل بأي شكل بل والنوم حتى في أوقات غیر ساعات اللیل أو عدم بذل المجھود بأي شكل، ومكتوب إن "الرَّخَاوَةُ لاَ تَمْسِكُ صَیْدًا" (أم ۱۲: 27) ومن أجمل الفقرات الكتابیة التي تتحدث في ھذا الموضوع سفر الأمثال "اِذْھَبْ إِلَى النَّمْلَةِ أَیُّھَا الْكَسْلاَنُ تَأَمَّلْ طُرُقَھَا وَكُنْ حَكِیمًا" (أمثال ٦: 6) إذن الراحة الحقیقیة ھي التعب من أجل الآخرین حتى أن السید المسیح جاء إلینا مكملاً عمل الخلاص للإنسان حیث قال على الصلیب "قَدْ أُكْمِلَ" (یو ۱۹: 30) فكان بذل الصلیب وآلامه ھي عطیة الخلاص للإنسان وفرح الله أن تكون لخلیقته الحیاة الأبدیة "لأَنَّه ھكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَه الْوَحِیدَ، لِكَيْ لاَ یَھْلِكَ كُلُّ مَنْ یُؤْمِنُ بِه، بَلْ تَكُونُ لَه الْحَیَاةُ الأَبَدِیَّةُ" (یوحنا ۳ : ۱٦) وطبعًا ھناك فرق كبیر بین العمل في وظیفة ما لھا أجر أو مرتب أو مقابل مالي، وبین الھوایة التي یمارسھا الإنسان بدون أجر أو مقابل مادي سوى الحصول على متعة وراحة نفسیة تجعل الإنسان یمضي الساعات والساعات دون كلل أو ملل محصلاً سلامًا نفسیًا وراحة داخلیة حتى وإن بذل العرق والوقت والمجھود المضني وھذا یحقق سعادته الداخلیة ھكذا خدمة الآخرین في مجالات عدیدة ولكن الھدف ھو إسعاد الآخر سواء كان طفلاً یتیمًا مثلاً أو إنسانًا معاقًا من ذوي القدرات أو مریضًا أو مسنًا متقدمًا في الأیام أو الانخراط في مساعدة البشر في أوقات الضیق والكوارث الطبیعیة أو النزاعات والحروب القتالیة.
صديقى القارئ العزيز لن تشعر بالراحة اﻟﺤقيقية إلا عندما تتعب ﻓﻲ خدمةالآخرين
الأب والأم الذین یبذلون الكثیر والكثیر في تربیة وتنشئة أبنائھم.
المدرس والمعلم وھو ینقل خبرات الحیاة في تعب وبذل لكل تلامیذه.
الخادم والخادمة الذي یتعب في افتقاد أبنائه وربطھم الحیوي بالكنیسة.
الكاھن الذي یكرس حیاته في خدمة ورعایة شعبه بكل قطاعاته.
المسؤول الكنسي أو المدني في خدمته أو عمله المتعلق بخدمة الآخرین وتسھیل أمور الحیاة أمامھم إن الراحة المتحصلة من خدمة الآخرین أینما كانوا وأینما ظھروا ھي التي تحصن الإنسان ضد الأنانیة والتقوقع حول الذات، حیث یخرج الإنسان من انحساره حول نفسه إلى الآخرین في تعب وبذل وتضحیة حقیقیة تجعله یشعر بإنسانیته وبرسالته في الحیاة كما أرادھا الله له وینطبق نفس الأمر عندما ندعو أحدًا إلى الخدمة أو التكریس أو الكھنوت أو الأسقفیة ھي لیست دعوة ترقیة أو منصب أو ریاسة ولكنھا دعوة إلى"التعب المریح" أي خدمة الآخرین خدمة كل إنسان وكل الإنسان.صديقى تمتع بالراحة الحقيقية فى تعبك وبذلك لكل أحد.
قداسة البابا تواضروس الثاني