البابا تواضروس الثاني

Large image

البابا الأنبا تواضروس الثاني (4 نوفمبر 1952 -)، بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ال118. وُلِد باسم وجيه صبحي باقي سليمان بالمنصورة لأسرة مكونة منه كأخ لشقيقتين، ووالده كان يعمل مهندس مساحة، وتنقلت الأسرة في المعيشة ما بين المنصورة و سوهاج و دمنهور.

في 4 نوفمبر 2012، تم اختياره عن طريق القرعه الهيكلية ليكون بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية رقم 118[1].

م ترشيحه ليكون خليفة البابا شنودة الثالث هو وأربعة آخرين هم الأنبا رافائيل ، القمص رافائيل أفامينا ، القمص باخوميوس السرياني، القمص سارافيم السرياني.[2] ،فاز بمنصب البابا عن طريق القرعة الهيكلية ليصبح البابا تواضروس الثاني 118 يوم الأحد 4 نوفمبر 2012 م

رؤيته لمستقبل الكنيسة يقول الأنبا تواضروس "يجب أن نهتم بفصول التربية الكنسية منذ الصغر، وأن نجعل فصول إعداد الخدام من أولوياتنا، فالخدمة هي التي سوف تصنع نهضة جديدة داخل الكنائس سواء بمصر أو ببلاد المهجر".

ويُطالب الأنبا تواضروس بإنشاء معهد لإعداد خدام كنائس بالمهجر لإطلاعهم على الثقافات المختلفة في الدول الأوروبية وأمريكا وكندا، مُعتبرا أن إقامة قنوات للحوار مع الشباب أمر ضروري، وكذلك يدعو المسيحيين إلى الاندماج في المجتمع من خلال التعليم ووسائل الإعلام.

وقد حصل الأنبا تواضروس على تزكيات من الأنبا دميان أسقف عام ألمانيا والأنبا سوريال أسقف ملبورن، والأنبا مكاريوس اسقف عام المنيا ، والأنبا باخوم أسقف سوهاج، والأنبا اندراوس أسقف أبوتيج والانبا رفائيل الاسقف العام.

تم تجليسه كبابا للإسكندرية وبطريرك للكرازة المرقسية في قداس الأحد 18 نوفمبر 2012 برئاسة القائم مقام البطريرك الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية وباشتراك كافة أعضاء المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية و مشاركة وفود من كل الكنائس في مصر والعالم.

المقالات (230)

27 يونيو 2025

الثقة في وعود الكتاب المقدس

في احداث ميلاد السيد المسيح اجتمعت عدة شخصيات، سواء قبل أو أثناء أو بعد الميلاد وعاشت هذه الشخصيات إيمانها القلبي في قداسة ونقاوة، وعبرت عن الإيمان بفضائل فكان الاتضاع في الحوار عند مريم العذراء والالتصاق بالرب عند حنة النبية، والوفاء عند القديسة اليصابات والثقة في وعود الله عند سمعان الشيخ، والرجاء عند زكريا الكاهن وهؤلاء كلهم وغيرهم. قدموا في إيمانهم فضيلة، بحسب الوصية في رسالة بطرس الثانية الأصحاح الأول: ٥-٧عن هذه الفضائل تتحدث معك هذه الصفحات... الثقة في وعود الكتاب المقدس(لو ٢ ٢٥-٣٢) وكان رجل في أورشليم اسمه سمعان، وهذا الرجل كان بارا تقيا ينتظر تعزية إسرائيل، والروح القدس كان عليه، وكان قد أوحى إليه بالروح القدس أنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب فأتى بالروح إلى الهيكل وعندما دخل بالصبي يسوع أبواه ليصنعا له حسب عادة الناموس أخذه على ذراعيه وبارك الله وقال الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام لأن عينى قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب نور إعلان للامم ومجدا لشعبك إسرائيل. (والمجد لله دائما ) سمعان الشيخ رجل من الذين شاركوا في الترجمة السبعينية وهي ترجمة من العبرية إلى اليونانية، والتي كانت لغة ذلك العصر، شارك فيها سبعين شخصا، ولذلك سميت بالسبعينية، وقد استغرقت هذه المسئولية سنوات عديدة، ومن دواعي فخرنا أن ترجمة أكبر جزء منها تم في مدينة الإسكندرية وهي تعتبر من أدق وأجمل ترجمات الكتاب المقدس وكان سمعان الشيخ أحد الذين تخصصوا في ترجمة نبوة إشعياء النبي فقرا العبارة التي تقول "ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل" (اش ١٤:٧) فتوقف أمامها متحيرا كيف تكون عذراء وتحبل وتلد في نفس الوقت فوجد أن الأمر غير مناسب للترجمة فحاول أن يختار كلمة مخففة تصلح للمعنيين، فاختار كلمة فتاة والتي يمكن أن تطلق بصفة عامة على المرأة سواء كانت عذراء او متزوجة، وعندما أراد أن يفعل ذلك أرسل له أو ظهر له ملاك الرب وأمره أن يكتبها كما هي وسوف يعاين ذلك بنفسه مرت سنين كثيرة، وتقدم سمعان الشيخ في الأيام ومع تقدمه في العمر ضعف بصره وكان هناك غشاوة على عينيه، وفي وسط عمره المتقدم جدا وهو على باب الهيكل، ويرى أمهات وأطفالاً كثيرين، تقدم يوسف النجار وأمنا العذراء مريم وهي تحمل الطفل يسوع ويقدماه لسمعان الشيخ تنفيذا للشريعة، يقول الكتاب اخذه على ذراعيه وبارك الله وقال "الآن تطلق عبدك یا سید حسب قولك بسلام"(لو۲۸:۲- 29)، وحسب قولك أي حسب وعدك، فالكتاب المقدس مملوء بالوعود الكثيرة، لكن كيف تقبل هذه الوعود وتصدقها؟ سمعان الشيخ أخذ وعدا اثناء ترجمته ثم عاينه بعينيه، ثم تجده يقول "لأن عينى قد أبصرتا خلاصك" وارجو ان تلتفت إلى هذه الكلمات "لأن عيني" بروح النبوة ترى أن هذا الطفل الرضيع الصغير هو المخلص الذي يعلق على عود الصليب ويقدم الخلاص لكل العالم فقد قيل "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو ١٦:٣)، ثم أكمل سمعان قوله "الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب نور إعلان للامم ومجدا لشعبك إسرائيل"( لو ٣١:2- ٣٢)، فخلاص النفوس على الصليب هو لكل الأمم،وليس لشعب بعينه عندما تقرأ يوميا في الكتاب المقدس تسمع وعودا عديدة، وكلمة وعد كلمة جميلة ووعود الله صادقة وهو صادق في تنفيذ وعوده. بعض وعود الكتاب المقدس "ليس الله إنسانا فيكذب ولا ابن إنسان فيندم هل يقول ولا يفعل أو يتكلم ولا يفى؟" (عد ١٩:٢٣) "لا أنقص عهدي، ولا أغير ما خرج من شفتي"(مز ٣٤:٨٩) "لان كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذى حدين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ ومميزة أفكار القلب ونياته"(عب٤ : ۱۲) الله يعطى الإنسان وعدا ويحققه، حتى لو كان الإنسان يشك في تحقيق الوعد في يوم أعطى الله وعدا لإبراهيم وقال له "سوف اعطيك نسلا مثل نجوم السماء ورمل البحر" إبراهيم قال له "يا رب أنا متقدم في الأيام وأمراتي متقدمة في الأيام أيضا" ولكن ما قاله الله وفي الزمن المحدد أعطى الله ابن الوعد إسحق كذلك داود مسح ملكا،ولكنه قد تعرض للقتل مرات عديدة،وقد ظل هاربا إلى أن جاء الوقت المناسب وصار ملك إسرائيل الوعود الإلهية يجب أن تتحقق،ويحققها الله في وقته،ويقول لنا في سفر الجامعة "صنع الكل حسنا في وقته "(جا ١١:٣)،وأرجو منك أن تجعل هذه الآية دائما امامك لأن الله له توقيتات ومواقيت ونحن لا نعرف حسابها بانفسنا من الممكن أن نقول إن الله تآخر لكن الله لم يتأخر لأن له توقيتا فهو يصنع كل شيء في ملء الزمان في وقته عندما جاءت نبوات العهد القديم كانت جميعها تنادي وتتنبأ عن مجيء المخلص،ولكن اليهود أساءوا فهم هذه الوعود فقد وضعوا في ذهنهم أن هذا المخلص سيكون مخلصا عسكريا،ولذلك كانوا ينادون "يا رب الجنود او يا رب الصباؤوت" حيث مخلص يخلصهم من العبودية أو يخلصهم من استعمار أو أي شكل لقد ظنوا أن المسيا سياتي مثل داود او سليمان ويملك عليهم ويخلصهم من أي استعمار آيا ان كان شكله ويصيرون سادة العالم لكن السيد المسيح المخلص جاء ليخلص البشرية من مرض الخطية،ولذك جاء المسيح ليمسح خطية الإنسان وما دام يوجد المسيح فيوجد من يمسح الخطية،وإن لم يوجد المسيح في حياة إنسان فلا تمسح خطيته فمرض الروح ومرضى النفس ومرض الجسد لا يمسحه إلا المسيح الوعود كثيرة لكن الله أعطى وعداً لنوح "لا أعود ألعن الأرض أيضا من أجل الإنسان" ( تك۲۱:۸) واعطى وعدا لإبراهيم " فاجعلك امة عظيمة وأباركك واعظم اسمك، وتكون بركة" (تك ۲:۱۲)،وأعطى وعدا لداود أن يقيم نسلاً من بعده "يجدد كرسي مملكته أقيم بعدد نسلك الذي يخرج من أحشائك واثبت ممکلته هو يبنى بيتا لاسمى وأنا أثبت كرسي مملكته إلى الأبد" ( ٢صم١٢:٧- ١٣ ) في العهد الجديد أعطى وعدا بإرسال الروح القدس، وبعد الصعود بعشرة أيام أرسل الباراقليط الروح القدس. وعود الله كثيرة جدًا، لكن أريد أن أقف معك لدقيقة واحدة أمام وعد يخصنا جميعًا إنه وعد يعطيك نوعا من الطمأنينة، في (مت ۲۰:۲۸) يقول الوعد الإلهى" ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر " كلمات السيد المسيح هذه تحمل قوتها، لأنها من فم قائلها القادر على كل شيء، فكلمته التي يقولها يعنيها تمامًا فهو يعنيها حرفًا بمعناها ويعنيها روحا بمعناها فعندما قال هذا الوعد وهو ما نسميه الوعد بالحماية والرعاية فهو وعد مملوء طمأنينة لأننا به نثق أننا جميعًا في يد الله، وكل ما يصنعه هو جيد، وقد يشبه ذلك الوعد القائل: «الرب نوری و خلاصى ممن أخاف الرب حصن حياتي ممن أرتعب؟» (مز ۱:۲۷)هناك من يشعر بأن الله واقف بجانبه ويعطيه هذه الوعود التي تحميه أحيانًا الله يعطى الوعد لشخص ويقارن به شخص آخر، فعلى سبيل المثال، ربنا يقول ليشوع " كما كنت مع موسى أكون معك لا أهملك ولا أتركك" (يش ٥:١) وهذا التعبير لطيف جدا لأن ربنا بيقول له صدق الوعد،وهذا ينطبق على كل القديسين وكل شخصيات وأبطال الكتاب المقدس. الثقة في الوعود الإلهية هناك ثلاث علامات أو وسائل تساعدك في الثقة بالوعود وهي: 1- الإيمان:- إيمانك الداخلي في شخص السيد المسيح من خلال: أ- الله حاضر وموجود معنا دائما . ب- الله قادر ومثلما عمل في القديم يعمل اليوم وغدا وهذا التعبير الجميل "القادر على كل شيء" نجده في (رؤ۲۲:۲۱). ج- الله عامل فهو يعمل معك باستمرار ( أمس واليوم وغدا). قد تكون مثل أى شخصية قابلناها في الكتاب المقدس وواجهت مصاعب الحياة،وتأتى يمين الله القوية تقف وتسند،وهذا الذي جعل شخصية مثل بولس الرسول تقول «أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني (في ١٣:٤) هنا كلمة يقويني فيها صورة الاستمرارية فقد قال السيد المسيح «بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا » (يو ٥:١٥) إذا عدت لوعد إبراهيم وسارة نجد أن المفاهيم البشرية تقول إن هذا الوعد لا يمكن أن يتحقق لكن بالمفاهيم الإلهية لا يوجد شيء بعيد عن إرادة الله فكل شيء ممكن لدى الله فالإنسان هو الذي يجعل الممكن غير ممكن يقول بولس الرسول عن إبراهيم أبو الآباء «ولا بعدم إيمان ارتاب في وعد الله بل تقوى بالإيمان معطيا مجدا لله» (رو٢٠:٤) أما عن سارة يقول «بالإيمان سارة نفسها أيضا أخذت قدرة على إنشاء نسل وبعد وقت السن ولدت، إذ حسبت الذي وعد صادقا »(عب ۱۱:۱۱) كذلك عندما بشر الملاك السيدة العذراء مريم فكل ما قالته "هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك" (لو ۱ : ۳۸) لا يوجد عندها سوى الإيمان. 2- الطاعة:- التعبير الرهباني أو النسكى يقول "على ابن الطاعة تحل البركة "طاعة الوعد تنشئ بركة يحكى تاريخ كنيستنا عن القديس الأنبا أنطونيوس الراهب الأول أو مؤسس الحياة الرهبانية،وتقول القصة إنه دخل الكنيسة بعد نياحة والده وسمع الآية التي تقول " إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء،وتعال اتبعني "( مت ۲۱:۱۹) لقد اعتبرها وعدًا، وأطاع الوعد وعندما خرج الأنبا أنطونيوس إلى البرية لم يكن يعلم أنه سيكون ذائع الصيت بهذه الصورة،وأنه سوف يكون في العالم كله كنائس وأديرة على اسمه ولم يكن يعلم أنه سيكون آلاف وآلاف من الرهبان يسلكون كسيرته ويعيشون كحياته ويتمثلون به لكن ابن الطاعة تحل عليه البركة عندما أعطى الله إبراهيم الوعد قال له «ويتبارك فيك وفي نسلك جميع قبائل الأرض» (تك ١٤:٢٨) ويتساءل إبراهيم أين هذا النسل كي يتبارك؟! ولكن من أجل طاعة إبراهيم وحفظه أوامر الله واستجابته للدعوة نجد تحقيق الله للوعد ويتبارك فيك وفى نسلك جميع قبائل الأرض أحيانًا الوعد لا يكون صريحًا فمثلاً في مشهد عرس قانا الجليل من المفترض أن الضيافة التي يقدمها أهل العرس عصير العنب لكنه فرغ فنجد أمنا العذراء في هدوء شديد تذهب لربنا يسوع المسيح وتقول له "ليس لهم خمر" (يو ٣:٢) وهذا معناه أن أهل العرس في حرج شديد فنجد السيد المسيح يرد عليها قائلاً «ما لي ولك يا امرأة؟ لم تأت ساعتى بعد »(يو ٤:٢)،وإذا دققت قليلاً سوف تجد أن سؤال أمنا العذراء يختلف تماما عن إجابة المسيح لكن يبدو أن إماءات رأسه وقسمات وجهه أعطت معنى لأمنا العذراء وكأنها أعطيت وعدًا فخرجت من أمامه وقالت للخدام "مهما قال لكم فافعلوه " (يو ٢ :٥) هو وعد بالرغم من أنه لم يكن واضحا بكلماته لكن أمنا العذراء في كلماتها القليلة والحكيمة يطلقون عليها "أقصر عظة في الكتاب المقدس" فمهما قال لك من وعد لابد أن تعيشه. ٣- الصلاة:- أجعل قلبك مرفوعا دائما لربنا فهناك اشتياق للوعد أن يتحقق،وتطلع للوعد أنه يكون عندما استقر داود النبي في مملكته أراد أن يبنى مسكنا للرب فأبلغ ناثان النبي رغبته في البناء فجاء كلام الرب لناثان أن سيكون له بيتا،ولكن الذي يبنيه هو ابن داود "سليمان الملك" فيقول الكتاب عن داود" فدخل الملك داود وجلس أمام الرب وقال والآن أيها الرب الإله أقم إلى الأبد الكلام الذي تكلمت به عن عبدك وعن بيته،وافعل كما نطقت » (٢ صم ٧: ١٨-٢٥)عندما نصلى أبانا الذي في السموات نقول "لتكن مشيئتك" هل تصليها من قلبك؟ إن كل ما يفعله الله معنا جميلاً،ولابد أن نقبل منه كل شيء،ولكن في وسط الوعود التي نجدها في الكتاب هناك بشر يوعدون بشرا فالآية تقول "ما خرج من شفتيك احفظ واعمل كما نذرت للرب إلهك تبرعا كما تكلم فمك" (تث ۲۳:۲۳) يعقوب أبو الآباء عندما نام وحلم أن هناك سلما كبيرًا يصل بين السماء والأرض،وسمع صوت الله من أعلى السلم بأن يحفظه ويهبه الأرض التي نام عليها فوقف يعقوب وبدأ يوعد ربنا هذه القصة مناسبة لنا ونحن في آخر السنة، مثلما قال داود في المزمور "ارتض بمندوبات فمى يارب" (مز ۱۱۹ : ۱۰۸)، أي تعهدات فمى باركها يارب فوقف يعقوب وأمسك بالحجر الذي كان نائما عليه كوسادة وأقام مكانه عمودًا ووضع زيتا وسماه بيت «إيل»،وقف يعقوب يوعد ربنا بثلاثة أمور: ١- قال له يارب سوف أعبدك طوال حياتي. ۲- سأبنى لك مذبحا في هذا المكان. ٣- سأقدم لك عشر المقتنيات التي تهبها لي. القصة الروسية المشهورة التي تحكى عن أمير أتى بشخص ووعده بأن يعطيه كل هذه الأرض بشرط أن يأخذ حصان الأمير ويتحرك به في كل مكان يريده ولكن عليه أن يعود قبل غروب الشمس،وبالفعل ركب الرجل الحصان وبدأ يتحرك به في كل الأرض ولم يبال أن وقت الغروب قد قرب،وعندما بدأ يشعر بضرورة العودة سقط ميتا من على الحصان لأنه بذل مجهودًا غير عادي عندما تجلس مع أب اعترافك وتأخذ الأب الكاهن كشاهد على توبتك هل تلتزم بذلك؟ هل تنفذ الوعد أو حتى جزء منه؟ مهم جدا أن تثق في وعود الله. وعود شريرة قد نسميها خداعات شريرة هيرودس عندما رقصت أمامه ابنة هيروديا وأعجب بها قال لها سأعطى لك ما تطلبين ولو كان نصف المملكة،ولكنها طلبت رأس يوحنا المعمدان على طبق يقول عنه الكتاب "فاغتم الملك، ولكن من أجل الأقسام والمتكئين معه أمر أن يعطى فأرسل وقطع رأس يوحنا في السجن"(مت 14: 9-١٠). لابد أن تنتبه أن هناك خداعات ولا أسميها وعودًا لأن الشيطان ينطق بها فهو الذي خدع أمنا حواء وأبانا آدم فقال للمرأة " لن تموتا بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر" (تك ٤:٣-٥ ) كذلك من الخداعات خداعات المنجمين والسحرة الذين يتبعون معرف الغيب حتى أن الشيطان قد يرسل نفسه في أحلام كاذبة الوعود في الكتاب المقدس هي للخير وللنمو،ويقول لنا " احفظ واسمع جميع هذه الكلمات التي أنا أوصيك بها لكي يكون لك ولأولادك من بعدك خير إلى الأبد إذ عملت الصالح والحق في عيني الرب إلهك " ( تث 28:12) " ويجعلك الرب رأسا لا ذنبا،وتكون في الارتفاع فقط ولا تكون في الانحطاط إذا سمعت لوصايا الرب إلهك التي أنا أوصيك بها اليوم، لتحفظ وتعمل" (تث ۱۳:۲۸) "إن ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي" (يو ۸: ۳۱) الوعود يا إخوتي أمر مبهج في الكتاب المقدس، ومن الممكن أثناء قراءاتك ترى وعودا يرسلها الله لك فتمسك بها من خلال إيمانك وطاعتك وصلاتك وثق أن الله يحقق هذه الوعود طالما فيها الخير فكل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله فالله يستخدم كل الأشياء ويجعلها خيرًا للإنسان مثلما أخذ سمعان الشيخ الوعد ورآه بعينيه وقال "الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام لأن عينى قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب نور إعلان للأمم ومجدا لشعبك إسرائيل". قداسة البابا تواضروس الثاني عن كتاب قدموا فضيلة في إيمانكم
المزيد
20 يونيو 2025

فضيلة الوفاء

في أحداث ميلاد السيد المسيح اجتمعت عدة شخصيات سواء قبل أو أثناء أو بعد الميلاد وعاشت هذه الشخصيات إيمانها القلبي في قداسة ونقاوة، وعبرت عن الإيمان بفضائل، فكان الاتضاع في الحوار عند مريم العذراء، والالتصاق بالرب عند حنة النبية والوفاء عند القديسة اليصابات والثقة في وعود الله عند سمعان الشيخ والرجاء عند زكريا الكاهن وهؤلاء كلهم وغيرهم قدموا في إيمانهم فضيلة، بحسب الوصية في رسالة بطرس الثانية الأصحاح الأول: ٥-٧ عن هذه الفضائل تتحدث معك هذه الصفحات. فضيلة الوفاء (لو ٣٩:١-٥٦) " فقامت مريم في تلك الأيام وذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة يهوذا، ودخلت بيت زكريا وسلمت على اليصابات فلما سمعت اليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها وامتلات اليصابات من الروح القدس وصرخت بصوت عظيم وقالت مباركة أنت في النساء ومباركة هى ثمرة بطنك فمن أين لي هذا أن تأتى أم ربي إلى فهوذا حين صار صوت سلامك في أذنى ارتكض الجنين بابتهاج في بطني فطوبي للتي امنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب" "فقالت مريم تعظم نفسى الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي لأنه نظر إلى اتضاع امته فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني لان القدير صنع في عظائم واسمه القدوس، ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه صنع قوة بذراعه شتت المستكبرين بفكر قلوبهم انزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين اشبع الجياع خيرات وصرف الاغنياء فارغين عضد إسرائيل فتاه ليذكر رحمة كما كلم اباءنا لإبراهيم ونسله إلى الأبد فمكثت مريم عندها نحو ثلاثة أشهر ثم رجعت إلى بيتها"( والمجد الله دائما) هذا الجزء يقرأ في الأحد الثالث من شهر كيهك اود أن أتأمل في فضيلة من الفضائل الإنسانية الراقية وهي "فضيلة الوفاء" "الوفاء" كصفة إنسانية يجب أن يتحلى بها هذا الكائن الذي خلقه الله على صورته ومثاله فضيلة راقية نراها في بعض الكائنات الحية الأخرى سواء الحيوانات أو حتى النباتات بصورة ما، ولكن في الإنسان فضيلة الوفاء تثبت أن أصلك حلو يقول في الأمثال الشعبية "على الأصل دور" ويقصد به اصل الإنسان فضيلة الوفاء في الجزء الذي قرأته نجد امنا العذراء مريم جاءت لها بشارة راقية لم يسمع عنها من قبل "الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك " تخيل امنا العذراء تسمع البشارة من الملاك وبصوت إلهي يقول لها ستصيري اما لابن الله (المولود منك يدعى ابن الله) اتضاعها كان واضحا في الحوار، لكن الأهم من هذا أنها تركت كل ما قيل في الحوار وتعلقت باخر معلومة قالها الملاك لها "وهوذا اليصابات نسيبتك هى ايضا حبلی بابن في شيخوختها، وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقرا (لوا :٣٦) امنا العذراء في اتضاعها ومحبتها، وفي أصلها نسيت كل هذا وتذكرت شينا واحدا فقط يقول الكتاب "فقامت مريم في تلك الأيام وذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة يهوذا (لوا :۳۹) لقد نسيت أنها نالت هذه البشري الكبيرة وصارت الممتلئة نعمة لكنها وضعت أمامها نقطة واحدة وهي أن اليصابات تلك التي صارت حبلي بابن في شيخوختها، وفى الشهر السادس یعنی 3 شهور وتلد ماذا صنعت أمنا العذراء؟ قامت بسرعة بدون أي تبريرات ولا اعذار وذهبت بسرعة إلى اليصابات، لم تفكر في مشقة الطريق ولا في نفسها، ولا حتى في اعتبار من تكون هى ولكنها فكرت في شيء واحد فقط هو "الوفاء" الوفاء كلمة غالية في قاموس الإنسانية، ولكنها فضيلة على المستوى العام نجدها تنقرض ظهر الوفاء عند تلاميذ السيد المسيح في الصورة العظمى وبالصورة التي ليس فيها وفاء بالمرة لقد ظهرت في القديس يوحنا الحبيب الذي كان يتكئ على صدر السيد المسيح، وكان قريبا جدا منه ويكاد أن يسمع ضربات قلبه ويوحنا الحبيب صار مقربا وقريبا بسبب وفائه فقد أعطاه الله نعما كثيرة، منها أنه كتب انجيل يوحنا وثلاث رسائل وسفر الرؤيا لقد كتب خمسة أسفار في العهد الجديد لقد أعطاه الله هذه الكرمة الكبيرة لقد کرمه بسبب وفائه، وسمي بيوحنا الحبيب لانه امتلا حبا وظهر ذلك في كتاباته، وفي حياته التي بلغت مائة عام.الصورة المناقضة والعكسية تماما في صورة تلميذ اخر وهو يهوذا الإسخريوطى الذي نقول دائما عليه "التلميذ الخائن" وهذا النموذج الخائن هو الذي انتهت حياته وسيرته ولا يفكر فيها أحد حتى اليوم. الوفاء كلمة كبيرة جدا تحوي في داخلها معاني كثيرة فهي تحمل معنى الإخلاص والولاء والانتماء كما أنها تحمل صورة الأمانة وكلمة الوفاء لا يمكن ان نحصرها بمصطلحات اللغة لكنها فضيلة تظهر في الوصايا العشر، فالوصية التي تقول "اذكر يوم السبت لتقدسه" (خر ٨:٣٠) كلمة سبت معناها راحة في اللغة العبرية بتعمل وتتعب وتزرع الأرض وتصلحها، هذا حسن جدا، لكن الله له مكان وزمان "اذكر يوم السبت لتقدسه أي اذكر الوقت الخاص الذي لله كن وفيا لله الذي اوجدك وخلقك وأعطاك المهارة والذكاء والقدرة ربنا يعمل معنا خيرا كل يوم، ويقدم لنا عطايا كثيرة في حياتنا وعملنا وبيتنا، ولكن للأسف قد ننسى ربنا . ايضا الوصية التي تقول اكرم أباك وامك (خر ١٢:٢٠)، هي أول وصية بوعد، هذه الوصية هى وصية وفاء من الدرجة الأولى أي إنسان ولد صغيرا، ولولا أنه يوجد أب وأم وأسرة ربوه وكبروه و علموه، وساروا معه مشوار الحياة الطويل هل أنت وفي لأسرتك؟ ان الوفاء ليس من الأمور المظهرية فاعتقد انه لو عاش الإنسان هذه الفضيلة، فقد تختفى نصف القضايا الموجودة في المحاكم، لكن للأسف ينسى الإنسان هذه القيمة الرفيعة في حياته "قيمة الوفاء". صفات الإنسان الوفي 1- يتسم بالأصالة الإنسان الوفي هو الذي نسميه الاصيل إنسان بمعنى الإنسانية، كما أراده الله، وتوجه بالعقل وبالقلب وبالنعم، وهو إنسان تربى تربية روحية أخلاقية، وتربى على الضمير الحي وتربى من صغره كيف يحفظ الجميل الوفي إنسان أصيل أصالته في إنسانيته. 2- إنسان ملتزم هو شخص ملتزم في حياته ملتزم بوعوده وبالكلمة التي يقولها، وهناك تعبير لطيف يقول: (فلان ده راجل ) هذا التعبير حلو، وكلمة رجل، ليست معناها من حيث جنسه، ولكنها صفة مثلما نقول في المزمور "طوبي للرجل" ای طوبی للانسان هو إنسان ملتزم بكل وعوده و عهوده، سواء يأخذها مع ربنا أو مع البشر إنه شخص بكلمته 3- إنسان إيجابي هو إنسان متفاعل في حياته والمجتمع والكنيسة والخدمة والعبادة هذا الإنسان الإيجابي يتسم بالعطاء. وهذا العطاء صفة أصيلة في الإنسان الوفي، فليس العطاء فقط في الأمور المادية، وإنما هناك العطاء النفسي والمعنوي لتشجيع شخص هو شكل من أشكال الوفاء هذه الإيجابية تفضل المصلحة العامة عن المصلحة الخاصة فكثير من مشكلات الوطن في مجتمعنا تحل عندما يكون الشخص المسئول يفضل الصالح العام على المصالح الشخصية أو الفردية، وهذا هو الإنسان الوفي. 4- إنسان واع هو يعي جيدا ماذا يفعل وماذا يقدم هو لا يقدم عملاً مظهريا أو برياء.. لكنه يقدم هذا العمل من قلبه، فهو يدرس قيمة الإنسان الآخر الوفاء له اشكال والوان هناك الإنسان الوفي للأقارب والوفي للأصدقاء والإنسان الوفي للوعود والعهود هناك الوفي للعقيدة والايمان وللوطن والوفي للعلم الذي تتقدم به البشرية والوفي للمبادئ عند رسامة أب كاهن يلزم بأن يقرأ تعهدا، هذا التعهد هو مجموعة من المبادي هل انت وفي لها ؟ كذلك الراهب أو الراهبة يقرأ تعهدا عند الرسامة، وهذا التعهد به مجموعة من المبادئ تحكم سيرته كراهب او راهبة هل أنت وفي من الممكن أن يكون وفيا سنتين ثلاثة وبعد ذلك ماذا يحدث؟ يحدث ما هو عكس كلمة" الوفاء" الكلمة التي تجرح اذاننا، هى كلمة متعبة وغير لائقة بصفة عامة إنها "الخيانة" صور الوفاء في الكتاب المقدس 1- الوفاء للاقارب يقصد بها الأسرة بصفة عامة، وإن كانت الوصية تقول "اكرم أباك وأمك لكي تطول ايامك على الأرض" (خر١٢:٢٠)، فنجدها تمتد إلى كل الأقرباء في كل الأسرة، لأن الوصية هي تعبير عن الوفاء. راعوث ونعمى كلمة راعوث معناها الجميلة، وليست الجميلة شكلاً، فالكتاب المقدس لا يهتم بأوصاف الجسد، وإنما يهتم بالأوصاف الداخلية للإنسان حقا فراعوث كانت إنسانة جميلة لقد تغربت عن بلدها وتزوجت في بلاد غريبة، ثم مات زوجها وحماها واخو زوجها. فصارت مترملة ولم يكن لديها أبناء لم تعتبر ماساة واحدة، لكنها عدة ماآسى راعوث مع حماتها نعمى، وظهر وفاؤها بالرغم من أنها غريبة عنها، لكنها اعتبرتها بمثابة أم بعد زواجها من ابنها. وفضلت أن تعيش في بلاد غريبة مع حماتها التي بلا زوج، وبلا أبناء، وقد كانت نعمي إنسانة أمينة فطلبت منها أن تعود إلى بلدها. ولكن راعوت الرائعة الوفية قالت: لا تلحي على أن أتركك وأرجع عنك، لأنه حيثما ذهبت أذهب وحيثما بت ابيت شعبك شعبي والهك إلهی (را ١٦:١) ما هذا الجمال؟! كلمة جمال قليلة عليها. فهي بهذه المشاعر أكثر من جميلة ولكن ما الذي جعلها جميلة؟ الذي جعلها جميلة هو وفاؤها، ولذلك استحقت هذه الإنسانة الوفية أن يأتي من نسلها شخص ربنا يسوع المسيح مخلص العالم الله يقدر هذه القيمة إلى أبعد حد. فالوفاء كلمة تحوى في داخلها معاني كثيرة تحوى المحبة والإخلاص والولاء والأمانة والشعور بالآخر. ١- يوسف الصديق عاش يوسف الوصية قبل أن توجد، وعاش بوفائه لابيه يعقوب واخوته بالرغم أن اخوته كانوا قساة عليه جدا، لكن يوسف لآخر لحظة كان يحتفظ بوفائه لابيه. فكان يخدمه ويحترمه وأيضا إخوته، وتكون صورة يوسف الصديق صورة لامعة، وتقول فعلاً "وكان الرب مع يوسف فكان رجلاً ناجحا، وكان في بيت سيده المصري (تك٢:٣٩) كان يوسف نموذجا الطهارة، برغم كل ما حدث معه، فكان وفيا لم يتخل عن مبادئه ابدا. 2- الوفاء للأصدقاء داود یوناثان من أكثر مشاهد الصداقة الحقيقية هو مشهد صداقة داود ويوناثان رغم أن شاول جعل نفسه عدوا لداود وأراد قتله أكثر من مرة وبعد أن تملك داود وصار ملكا نجده يبحث عن أي فرد من عائلة شاول او يوناثان لكي يخدمه وقال داود هل يوجد بعد أحد قد بقى من بيت شاول، فاصنع معه معروفا من أجل یوناثان (٢صم ١:٩) لقد كان داود وفيا لصديقه حتى بعد موته فوفاؤه مستمر حتى أنه وجد واحدا من أبنائه فاخذه وقدم له الطعام على مائدته واعتني به جيدا، لقد كان داود. انسانا أصيلاً، لذلك استحق أن يكون جدا للسيد المسيح "المسيح ابن داود". 3- الوفاء للوعد بتوعد هل بتاخذ تعهداً كيف تكون وفيا في نهاية العام يبدا الإنسان يحاسب ذاته ويبحث عن إيجابياته وسلبيات ونقصانه، ويتعهد امام الله بتوبة وبداية جديدة ويقول مع المرنم "بارك هذه السنة بصلاحك" ثم يجلس مع أب اعتراف ويحاول زيادة الإيجابيات ادم وحواء سقطا في الخطية، ونالا العقوية، وصارت الخطية حاجزا فاصلاً بينهما وبين الله ولكن الله أعطى وعدا، قائلاً للحية " واضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها هو يسحق رأسك، وأنت تسحقين عقبه"( تك ١٥:٣)، ولكن هذا الوعد ظل قرونا كثيرة تحت العهد القديم كله دون تحقيق هل هذا معناه أن الله نسى هذا الوعد؟ اابدل في ملء الزمان أرسل الله ابنة مولودا من امرأة والكلمة صار جسدا وحل بيننا ورأينا مجده اعطاء الله لينفذه في شخص المسيح ولذلك كان وفاء الله لهذا الوعد هو الصورة الجميلة التي جعلتنا نقول "بداية العهد الجديد " وصار الزمان هناك ما قبل ميلاد المسيح وما بعد الميلاد، كأن ما قبل ميلاد المسيح كان وعدا، وبعد ميلاد المسيح صار وفاءا لهذا الوعد . لذلك يؤكد الكتاب المقدس علينا أنه عندما نعد أو ننذر نذرا يجب أن نوفی به " ان لا تنذر خير من أن تنذر ولا تفى" (جا ٥:٥) فإن أردت أن تنذر فانذر بما في استطاعتك وهذا شكل من اشكال الوعد والالتزام بالوفاء به. 4- الوفاء للإيمان والعقيدة العقيدة والإيمان الذي نعيش به في كنيستنا الإيمان الأرثونكسي المستقيم هذا الإيمان الذي يسير في خط مستقيم منذ إيماننا مع بداية دخول المسيحية مصر على يد مارمرقس الرسول ويصير هذا الإيمان إيمانا مستقيما تحفظه الكنيسة ويعيش الإيمان نقبا في الكنيسة القبطية مسلمة إياه من جيل إلى جيل كوديعة غالية، وقد ظهر في تاريخ الكنيسة من نسميهم بالهراطقة، وهم أناس غير أوفياء للإيمان ولا للكنيسة ولا للعقيدة ولا للتاريخ نسمع عن أريوس وهرطقته ونسمع عن أوطاخي ونسطور، وأناس ظهروا في أوقات أخرى وبدع ظهرت وصارت غير مناسبة فقامت الكنيسة بعقد المجامع المسكونية كي تقف أمام من كانوا غير اوفياء.فعلى سبيل المثال تم عقد مجمع نيقية كي تقف امام اريوس، وكان المجمع بحضور أساقفة العالم في حضرة الملك قسطنطين، فيكون المجمع على مستوى عالی دولی بدأوا يناقشون أريوس إلا أن اريوس كان مصرا على فكره و هرطقته، وعلى تحريفه للإيمان وكانت النتيجة أن فصلته الكنيسة واستبعدته واعلنت فساد هرطقته تظهر صور من الوفاء الإيمان والعقيدة في سير القديسين القديس الانبا انطونيوس ( أب الرهبان) هر راهب عاش في البرية لكن نزل من البرية مرتين المرة الأولى كي يشارك البابا اثناسيوس في حربه ضد الأريوسية، لأنه عندما ظهرت الأربوسية اخذت نطاقا واسعا جدا لدرجة العبارة المشهورة التي قالها البابا اثناسيوس عندما قالوا له "العالم كله ضدك يا اثناسيوس" فأجاب قائلا "وأنا ضد العالم" قال البابا هذه العبارة لأن الأريوسية قد انتشرت في العالم كله، ولذا عندما قال "وانا ضد العالم" كان يقصد انه ضد العالم الأريوسي.لقد نزل القديس الأنبا انطونيوس وكسر وحدته لان المصلحة العامة للكنيسة أهم من حالته الخاصة. الانبا انطونيوس هذا الرجل الناسك الوفي، كانت نتيجة نزوله لمساندة البابا اثناسيوس أن أناسا كانوا قد بعدوا، رجعوا مرة أخرى للإيمان المستقيم وإلى حضن الكنيسة مرة أخرى. لقد عاش الأنبا انطونيوس ١٠٥ سنوات وعاش زمانا وعشرات السنين في البرية، لكنه نزل للمرة الثانية إلى العالم عندما بدا عصر الاستشهاد وبدات الكنيسة تتعرض للاضطهاد فبدا يكسر وحدته، لانه يحب أن يكون وفيا للكنيسة، ويسند الشهداء ونزل للعالم لكي يشجع المؤمنين ويقويهم وفي كل مرة يمثل صورة للوفاء والدفاع عن الإيمان والعقيدة في الكنيسة . القديس الأنبا بولا أول السواح عاش في البرية ولا نعلم غير كلمات قليلة من عباراته لكن من العصيب انه عندما تقابل مع القديس الأنبا انطونيوس قبل نياحته تكلما في نقطتين يظهر فيهما صورة من الوفاء الأولى يسأله عن كفاح القديس اثناسيوس الرسولي ضد الأريوسية، وبالتالي هو مشغول بالكنيسة ووفي لها الثانية هو اهتمامه بالوطن فسالة عن النيل، وكان في هذه المقابلة القصيرة ظهر وفاؤه للكنيسة والوطن في عبارتين صغيرتين. 5- الوفاء للمكان نسمع عن شخص مصرى تعلم في مصر ثم سافر واستكمل دراسته في الخارج ونجح وصار من ألمع أطباء العالم، وهو الطبيب المشهور "الدكتور مجدى يعقوب" الذي لم ينس وطنه فعندما رجع إلى مصر نجده ينشئ مركزا عالميا للقلب في أسوان وصار هو اهتمامه الأكبر كان لديه وفاء للوطن ولأبنائه وللأجيال القادمة هذا الوفاء صورة من صور الوفاء للمكان فضلاً عن أنه أيضا وفاء للعلم. فشخصيته تجمع عدة صور للوفاء وفاء للبلد وفاء للمكان وفاء للأطفال وهكذا وهذا مجرد نموذج صغير حيث توجد صور كثيرة جداً من أبناء مصر في أماكن كثيرة. 6- الوفاء للوطن الوفاء للوطن أحد السمات التي تظهر أصالة الأوطان فى مصر عام ۱۹۹۲ حدث زلزال في شهر اکتوبر - في تمام الساعة الثالثة بعد الظهر، وكان هناك طفل صغير يبلغ من العمر حوالي 7 سنوات اول انطباع جاء في ذهن الطفل انه قال" يا ترى مدرستي عاملة إيه" وهذا يدل على أن الطفل تربي على حب المكان الذي يوجد ويتعلم فيه الانتماء للوطن أحد مشاهده الرائعة في الكتاب المقدس مشهد نحميا لقد كان نحميا شخصا عادياً من الذين اخذوا في السبي من أورشليم إلى بلاد بعيدة في مناطق إيران والعراق حاليا وعاش اسيرا ليس له حقوق ولكنه أخذ يبحث عن عمل حتى وفق في أن يعمل ساقيا عند الملك ولكن جاءت إلى اخبار مؤلمة ومحزنة عن وطنه، وفي نفس هذا التوقيت كان من المفترض أن يدخل إلى الملك ليقدم له المشروبات فصلى ودخل وعندما دخل سالة الملك وعلى غير العادة "لماذا وجهك مكمد وانت غير مريض ما هذا إلا كئابة قلبك" (نح ٢ :٢) فيقوم نحميا فى أصالته ويصلي كي يعطيه الرب كلمة على لسانه ويبدا يقول كلمات مبسطة جدا انه سمع اخباراً محزنة عن مدينته وشعبه وان اسوار مدينته مهدومة وأبوابها محروقة بالنار (نح٢ :٣) وأنه عندما سمع مثل هذه الأخبار وقف يصلى أمام إله السماء وعندما جاءت الفرصة ليقف أمام الملك وبدأ يكلمه عن بلده نجد الملك يعطيه رسائل کی يأتى بمواد للبناء وايضا رسائل للولاة المسئولين ويسمح له أن يرجع لوطنه ويأخذ معه بعض الأفراد لمساعدته في بناء السور (نج ٧:٢-٩)، لكن في ذات الوقت نجد من يعطله إلا أنه يبتكر وسيلة جيدة جدا، فسور اورشليم عليه بيوت كثيرة فقال لأصحاب هذه البيوت إن كل صاحب بيت يبنی جزءا من السور الذي امامه، ويقول الكتاب إنه انجز بناء السور في ٥٢ يوما نحميا يتحمل كل هذا الشقاء من أجل وفائه وانتمائه للوطن على أنهار بابل هناك جلسنا بكينا أيضاً عندما تذكرنا صهيون" (مز (۱:۱۳۷) وبذلك يعتبر بناء نحميا لسور مدينتة هو علامة من علامات الوفاء للوطن. والسؤال الآن هل انت وفى اسأل نفسك.. هل انت وفي لأسرتك (مجتمع الصغير ) عليك انت تعلم أن إهمال أسرتك خطية كذلك الأب والأم اللذان يربيان أولادهما هل تزرعان في أولادكما هذه الصفة الإنسانية هل علمتماهم كيف يكونوا أوفياء واعلما انكما أول من سيستفيد مما غرستماه في أولادكما هل انت وفي للعمل وللمجتمع الذي تعيش فيه؟ هل وفي لكنيستك وخدمتك؟ 7- الوفاء للمبادئ الإنسان يتمسك بمبادئه والمبادئ هي الأفكار التي تبدا منها هناك شخص وفي لزوجته ولأسرته وبالتالي يستمر الزواج ويدوم ويصبح هناك كيان للأسرة أتذكر قصة بسيطة عن مغن مشهور هذا المغنى كان يغني في عيد ميلاد الملك كل عام. وكانت تذاع اغنيته من إذاعة البلد لكن أراد مجموعة من الناس عمل انقلاب ضد الملك فاتفقوا على أن أفضل يوم لهذا الانقلاب هو اليوم الذى يأتى فيه المغنى ليغنى الاغنية فى الإذاعة واتفقوا على أنهم يهددوه ليقول بيان الانقلاب وبالفعل حدث ما اتفقوا عليه إلا ان المغنى احتفظ بمبادئه ورفض تماما أن يقول كلمة واحدة برغم التهديدات ولحسن الحظ استطاع الملك أن يهزمهم وصار هذا المغنى مشهوراً جداً لما فعله حيث قدرة الملك تخيل معى ماذا كان سيحدث لو تم عكس ذلك؟! في العهد القديم الفتية الثلاثة عندما طلب منهم أن يعبدوا التمثال الذهب رفضوا ،ويسألهم نبوخذ نصر "من هو الإله الذي ينجيكم من يدي" فكان ردهم إنه لا يلزمهم أن يجيبوه لان المعجزة قد حدثت وصار الأتون باردا ايها الحبيب أبحث عن هذه الفضيلة في حياتك واجعلها حاضرة دائما أمامك في كل مكان وزمان.وفاؤك يعنى أن حياتك دائما أصيلة ،و الله يقدر هذا الوفاء ، هذه الفضيلة ،وإن كنت مقصرا فيها اطلب دائماً من ربنا أن يجعلك وفيا في كل عمل صالح تمتد إليه يدك. قداسة البابا تواضروس الثاني عن كتاب قدموا فضيلة في إيمانكم
المزيد
13 يونيو 2025

فضيلة الالتصاق بالرب

في أحداث ميلاد السيد المسيح اجتمعت عدة شخصيات سواء قبل أو أثناء أو بعد الميلاد وعاشت هذه الشخصيات إيمانها القلبي في قداسة ونقاوة وعبرت عن الإيمان بفضائل ، فكان الاتضاع في الحوار عند مريم العذراء، والالتصاق بالرب عند حنة النبية، والوفاء عند القديسة اليصابات والثقة في وعود الله عند سمعان الشيخ،والرجاء عند زكريا الكاهن. وهؤلاء كلهم وغيرهم قدموا في إيمانهم فضيلة بحسب الوصية في رسالة بطرس الثانية الأصحاح الأول: ٥-٧ عن هذه الفضائل تتحدث معك هذه الصفحات.... فضيلة الالتصاق بالرب (لو ٣٦:٢-٣٨) "وكانت نبية حنة بنت فنوئيل من سبط أشير وهي متقدمة في أيام كثيرة قد عاشت مع زوج سبع سنين بعد بكوريتها وهي أرملة نحو أربع وثمانين سنة لا تفارق الهيكل عابدة بأصوام وطلبات ليلا ونهار فهي في تلك الساعة وقفت تسبح الرب وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء في أورشليم والمجد لله دائما" حنة النبية لم يتكلم عنها الكتاب المقدس سوى ثلاث آیات فقط رغم أنها عاشت سنين طويلة والكلام عن هذه الأرملة التي عاشت ٨٤ سنة بعد زواج دام سبعة سنوات ويبدو أنه لم يكن لها أبناء يقول عنها الكتاب المقدس عبارة جميلة " وهي أرملة نحو أربع وثمانين سنة لا تفارق الهيكل عابدة بأصوام وطلبات ليلا و نهارا "(لو ۳۷:۲) لم أقصد نموذج حنة النبية بالذات ولكن أقصد الفضيلة نفسها التي نضعها أمامنا كنموذج للإنسان الذي يلتصق بالرب فهو يلتصق بالرب فكرا ونفسا وجسدا وروحا في العهد القديم نسمع عن هيكل سليمان هذا الهيكل كان منشأ ضخما وكان فيه غرف كثيرة منها للكهنة ومنها للأطفال الصغار الذين نذروا لله مثل صموئيل وأمنا العذراء مريم، وأيضا غرف يقيم فيها الكبار "رجالاً أو نساء" يقضون فيها حياتهم كلها. وفي إحدى هذه الغرف التي عاشت في الهيكل بعد وفاة زوجها لأنها كانت بلا سند وبلا عائل، فكان الهيكل هو من يعولها، وقد عاشت بهذه الصورة فترة طويلة حوالي ٨٤ سنة لكنها تميزت بأمرين: الأمر الأول أنها لا تفارق الهيكل، تحيا فيه الأمر الثاني إنها عابدة بأصوام وطلبات ليلا ونهارا حياتها كانت شكلاً من أشكال العبادة النقية.كانت القديسة حنة لا تفارق الهيكل وهذا من الناحية الشكلية أو الخارجية أو الظاهرية ولكن الجوهر عابدة بأصوام وطلبات ولذلك الحياة مع الله تأخذ شکلین شکل خارجي لكنه لا يكفي وشكل داخلي يكمل الشكل الخارجي، هي لا تفارق الهيكل موجودة في هذا المكان باستمرار مثل شخص كرس حياته، وتسأله كم سنة في التكريس يجيب ويقول ٢٠ سنة ٢٠ سنة لا يفارق التكريس، ولكن ماذا عن حياتك الداخلية ؟ ويطبق هذا المثل على آية فئة سواء كنت في مجال الخدمة أو الشماسية أو الرهبنة وهكذا، ماذا عن الداخل، ماذا عن الجوهر هل عشت مثل هذه القديسة التي قال عنها الكتاب "إنها عابدة بأصوام وطلبات ليلا ونهارا" . هناك قضية في علوم الاجتماع تعرف بقضية "الكم والكيف" وهي الكم في السنين .٣٠،٢٠,١ سنة - اما الكيف فهو ما في الاعماق قد يكون هناك فناء كبير في الخارج لكنه خاو من الداخل، وبالتالي ليس له معنى.لذلك يجب على الإنسان أن يحيا حياة حقيقية وليست شكلية وهذا هو السبب في أن الله اعطانا القلب الذي لإيراه أحد، فانت لا تعرف ما في قلبي وأنا لا أرى ما في قلبك قد تعرفني من مجرد النظر إلى عينى "تعبانا فرحانا متضايقا" لكن القلب لا يستطيع أحد أن يراه سوى الله فقط، ولذلك الوصية تقول "يا ابني اعطني قلبك ولتلاحظ عيناك طرقي" (ام٢٦:٢٣) إن العين تمثل الأمور الخارجية، أما القلب يمثل الحياة الداخلية وما في حياتك الداخلية؟ في العهد القديم نقرأ عن عالى الكاهن كان له ابنان يخدمان الهيكل ولا يفارقا الهيكل ولكن كان لهما سلوك ردئ غير مقبول ويقول أحد الفلاسفة " لا تنسوا أن الدكك لا تفارق الكنيسة" أى نعم هى موجودة داخل الكنيسة لكن ليس لها حياة داخلية.يقول الشيخ الروحانی " احد كبار نساك البرية " عندما تعيش مع السيد المسيح احمله في حضنك مثل مريم العذراء. وخذه على ذراعيك مثل سمعان الشيخ، وضع رأسك على صدره مثل يوحنا الحبيب هذه هي الحياة الداخلية لا تكتفي بالشكل الخارجى فأنت تحتاج إلى الشكل الداخلي وانت تعبر عنها في فضيلة الالتصاق بالله في طقس كنيستنا نحرص على تعميد أولادنا وبناتنا وهم اطفال صغار رضع فالكنيسة تمنحهم من خلال الأسرار إمكانية الالتصاق بالله فتبدا مع الطفل بسر المعمودية والولادة الجديدة التي نسميها ميلاد الحياة، ثم يتم رشمه بالميرون ونسميه" تثبيت الحياة" ثم يتناول سر الإفخارستيا، والذي نسميه "غذاء الحياة" وحتى لايسقط في الطريق ويظل ملتصقا بالرب يمارس سر التوبة والاعتراف والذي نسميه" دواء الحياة" وبالتالي هذه الأسرار الأربعة منهم سران لا يتكرران، وقد قدمتهما الكنيسة في بكور عمر الإنسان وعمره أيام، ثم تقوم بعد ذلك برحلة العمر، وندخل رحلة الحياة "غذاء ودواء،" وهما احتياج أساسي تغذى صحتك الروحية فإذا تعبت روحيا هناك دواء اسمه التوبة، وتمضى حياة الإنسان بهذه الفضيلة "الالتصاق بالله" ولذلك الكنيسة بها فترات تسابيح مثل "تسبحة كيهك" وفيها فترات صوم وفترات اعتراف وفترات نسك مثل "أسبوع الآلام" وفيها فترات فرح هذا التنوع الجميل في مسيرة حياة الإنسان كي يتذوق حلاوة الالتصاق بالرب. سمات الإنسان الملتصق بالرب إن الإنسان الملتصق بالرب وحياته فعلاً حقيقية تتوافر فيه عدة سمات (١) الممارسة الواعية لوسائط النعمة الأسرار الروحية تحتاج إلى ممارسة واعية فعندما اذهب لأجلس مع أب اعترافي هذا يعني إني ذاهب لجلسة روحية حددت فيها ضعفاتي وخطاياي وقدمت الاعتراف امام الأب الكاهن طالبا التوبة ونقاوة القلب والحياة المستقيمة كلنا نصلي كل يوم طالبين من الرب يسوع ونقول له "قلبا نقيا اخلق في يا الله ورحا مستقيما جدده في أحشائي" وهذه الطلبة نكررها مرات عديدة في اليوم الواحد ربنا طالب من قلبك هدية فكيف تقدمة اول سمة لحياة الإنسان الذي يعيش فضيلة .الالتصاق بالرب هو الإنسان الذي يمارس وسائط النعمة بوعي، في كل صغيرة وكبيرة وكانها عادة. يقول احد الاباء عبارة جميلة "الصلاة في أعظم الوسائل التقرب إلى الله، بل الصلاة هي أن يطير عقلنا إلى الله بجناحين هما الصوم والصدقة" ونقرأ عنهما في إنجيل معلمنا متى الاصحاح. السادس.في العهد القديم كان يوجد حزقيا الملك، ورغم أن اباه كان شريرا إلا أن حزقيا لم يكن مثل أبيه بل كان يعيش بنقاوة، ويقول عنه الكتاب والتصق بالرب ولم يحد عنه بل حفظ وصاياه التي أمر بها الرب موسى وكان الرب معه وحينما كان يخرج كان ينجح (۲ مل٦:١٨-٧) قد نتذكر القديس بولس الرسول بالآية الجميلة التي ذكرها في (في١٣:٤) "استطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني "وكان بالتصاقة بالمسيح صار المسيح ظاهرا وهو المختص فالمسيح هو الذي يعمل كل شيء ويصنع كل شيء ويأخذ القوة منه عندما نتقدم للتناول "من يأكل جسدي ويشرب دمی يثبت في وانا فيه" (يو٥٦:٦) هذا الثبات هو الالتصاق بالرب فعندما تتقدم لهذا السر بمعرفة وبوعى وباستعداد وتوبة سوف تنال بركات هذا السر وتعيش فيه جميل أن يتناول الفرد كل يوم، ولكن هل أنت تتقدم بوعي هل تتقدم باستعداد كاف للتناول كل يوم مارس عبادتك مارس وسائط النعمة مارس الأسرار بوعي (۲) المحبة المحبة كلمة كبيرة جدا يتكلم عنها كل الناس لكن ليس كل الناس يعرفون معناها واصلها يقدم لنا الكتاب المقدس ايات كثيرة عن المحبة بل وضع لنا أصحاحا كاملاً عن المحيدبة ( ١كو ١٣) والقديس يوحنا الحبيب قديس المحبة قال عبارات كثيرة عن المحبة من ضمنها الآية التي تقول "الله محبة ومن يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه (١يو٤ :١٦) وعندما تقرأ الإنجيل لا تقراه بطريقة عابرة أريدك أن تقرأ الإنجيل وانت تتذوق كلماته وتشعر بها، اجعلها تدخل إلى اعماقك قد تهتز محبتك مع الأفكار والشائعات والأكاذيب ولكن إن كانت محبتك ثابتة فسوف يثبت في الله والله يثبت فيك، نقرأ في سفر المزامير "رفعت عيني إلى الجبال" (مز ۱:۱۲۱) والجبال دائما تعلم الإنسان الثبات فالجبل دائما ثابت في مكانه ولذلك في تاريخ كنيستنا المصرية معجزة نقل جبل المقطم والمحبة عندما تكون في قلبك حقيقية تكون كالجبل وقد أضاف الكتاب تعبيرا أقوى للمحبة وقال "المحبة قرية كالموت"( نش ٦:٨) لم يجد سليمان الحكيم تعبيرا يعبر به عن قوة المحبة سوى الموت فليس هناك اقوى من الموت عندما سألوا السيد المسيح ما هي الفضيلة العظمي في الناموس( الناموس= الوصية) فأجاب قائلاً "تحب الرب الهك من كل قلبك، ومن كل نفسك ومن كل قدرتك، ومن كل فكري، وقريبك مثل نفسك " (لو ۱۰ : ۲۷)هذة هى حياة الالتصاق بالرب، ولذلك الالتصاق احد معانيه الثبات، فعن سر الزيجة يقول الكتاب "يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بإمراته ويكونان جسد واحد" تك٢٤:٢) وهذا معناه ثبات ورسوخ هذه العلاقة الزيجية التي ربطت بين اثنين قد تتعرض لأمواج وعواصف لكن كلما كان هذا الرباط قويا كلما صمد والمحبة الزيجية لو طرف أحب الأخر في المسيح سوف ينطبق عليه الآية التي قالها القديس يوحنا الحبيب "من يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه "(١يو ١٦:٤) ونسمع عن زيجات مباركة عاشت عشرات السنين وربنا بارك في الزوح والزوجة وبارك في أولادهما واجيالهما وذكرهما الحسن "طوبي للودعاء لأنهم يرثون الأرض (مت ٥:٥) اسمهم يرث الأرض ويعيش.نقرأ في العهد القديم عن حنة أم صموئيل. كانت عاقرا وصلت صلوات كثيرة جدا حتى أن عالي الكاهن ظن أنها إنسانة سكرانة، وعندما كلمته بدموع وأنها تطلب من الله أن يعطيها نسلاً اعطاها الله صموئيل لقد أنجبته بعد بكاء وصراع وانسحاق، وبعد أن انجبته لم تمنعه عن الله وقدمته لربنا کی يعيش في التصاق وتقول "وانا ايضا قد أعرته للرب جميع أيام حياته هو عارية للرب" ( ١صم٢٨:١) هى قدمت ابنها بمحبة خالصة من أجل أن يعيش ملتصفا بالرب.كذلك داود ويوناثان والمحبه التي كانت تربط بينهما والتي عبرت عن الصداقة القوية. ٣- الاتضاع يجب أن يلفت نظرنا شيء مهم جدا" ان السيد المسيح عندما ولد كان العالم كله أمامه لكنه لم يختر سوى مذود بسيط جدا حتى أن أول من عرفوا بخبر الميلاد كانوا الرعاة البسطاء، وهذه إشارة لنا، فالله لا يسكن إلا في بسطاء النفوس وكانها رسالة يرسلها لنا الله مع بداية تجسده وميلاده فيجب أن تعرف أن المسيح يفرح بالنفس المتضعة أما المتكبرة فقال عنها الكتاب "يقاوم الله المستكبرين، أما المتواضعون فيعطيهم نعمة "يع ٤: ٦)، والعذراء مريم قالت "أنزل الاعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين " (لو٥٢:١) نقرأ ونعيش قصصنا كثيرة عن الاتضاع و يكفي نموذج اتضاع أمنا العذراء مريم اتضاعك يجعل المسيح يسكن فيك، وبالتالي سوف تكسب الكثير وتعيش فضيلة الالتصاق بالرب، فعينه عليك من أول السنة إلى اخرها ويكون معك مثلما كان مع يوسف فكان رجلاً ناجحا ( تك٢:٣٩) قد تكون مشغولاً باستمرار سواء في عملك أو دراستك او غير ذلك ولكن يعلموننا في الدير أن نخلط أعمالنا بصلواتنا، فالحياة الديرية لدى الراهب مقسمة إلى ثلاث فترات فترة صلاة فترة القراءة وفترة عمل وصار بهذه الصورة الجميلة يدمج عمله بصلواته ومن هنا جاء تدريب الصلاة القصيرة یاربي يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطئ اللهم التفت إلى معونتي ، ياربي يسوع المسيح أسرع وأعنى وتكرر هذه الصلاة باستمرار . ٤- الطهارة من الأشياء الجميلة في كنيستنا أنها تتعامل معنا كام الأم التي تربي في كل مرة نصلى فيها القداس نجد تغييرا في القراءات وأحيانا يختار أبونا صلوات معينة ويغير القسمة حسب المناسبة والألحان تتغير لكن هناك عبارة ثابتة في كل القداسات لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم لأن العالم يمضى وشهوته معه، وهذه هي نقطة الاتصاق بالرب وفي البعد عن العالم بكل ما فيه من شرور امنع دخول العالم إلى قلبك لا تجعل العالم يبرد محبتك اترس من أن تفقد طهارك مكتوب طوبي لانقياء القلب لأنهم يعاينون الله ( مت ٨:٥) ولذلك الطهارة أو النقاوة هى هدف حياة الإنسان كل يوم. الملك سليمان طلب سليمان الحكمة من الرب وأعطاه الله نعما كثيرة، ولكننا نجده يسقط في الخطية ويرتبط بزيجات كثيرة. فقد ابتعد عن مخافة الله وخالف الشريعة التي نهت عن الإكثار من الزيجات ومنعت الزواج من اجنبيات يقول عنه الكتاب أن نساءه أملن قلبه وراء الهة أخرى ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب إلهه كقلب داود أبيه (امل ٤:١١) وإن كان في آخر حياته قدم توبة وقال عبارته الشهيرة الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس ( جا ١١:٢) أن الخطايا التي وقع فيها سليمان كانت بلا فائدة فهي لم تحقق له أى مكسب لا داخلي ولا خارجي لقد التصق سليمان باجنبيات وفقد طهارته وفقد الالتصاق بالرب الابن الضال عندما فكر الابن الضال أن يترك بيت ابيه واعتبره سجنا وقال أنطلق إلى الحرية، يقول لنا الكتاب إنه لما أنفق كل شي حدث جوع شديد في تلك الكورة فأبتدا يحتاج فمضى والتصق بواحد من أهل تلك الكورة فارسله إلى حقولة ليرعي خنازيره (لو ١٤:١٥-١٥) قد ظن أن بيت أبيه سجن، في حين أنه كان في مطلق الحرية، لقد كان معززا مكرما، يغلق عليه باب الأمان ولكنه خرج وظن أنه سينال الحرية الحقة ولكن كانت النتيجة أنه التصق بواحد من أهل تلك الكورة صاحب مزرعة الخنازير حتى طعام الخنازير لم يجد أحدا يعطيه له ولكن عندما رجع نجد اخاه الكبير معاندا ومتمرنا، يقول لابيه هذا الذي أكل معيشتك مع الزواني (لو ٢٠١٥) ٥- قبول الألم يشرح لنا القديس الأنبا بولا أول السواح قبول الألم في عبارته المعروفة من يهرب من الضيقة يهرب من الله، وكان الضيقة تجعل الإنسان أكثر التصاقا بالله ولذلك إذا جات على الإنسان ضيقات معينة فهذه الضيقات تسمح أن يكون هناك صلة و ارتباط قوی بالله حنة النبية هذه الأرملة بلا شك انها تعرضت لالام كثيرة فكان هناك ألم الترمل، ولم يكن هناك رعاية ولا اهتمام بالأرامل مثل هذه الأيام لكنها عاشت في الهيكل وكانت لا تفارقه بل عاشت باصوام وطلبات كثيرة لقد كان كل إتكالها على ربنا. انثوسا والدة القديس يوحنا الذهبي الفم الذي نحتفل بتذكار نياحته في ٢٧ نوفمبر هذه الام قد تزوجت ولكنها فقدت زوجها بعد أن انجبت طفلين بنت وولد، وبعد وفاة الزوج توفيت ابنتها. ويقول لنا التاريخ أن هذه الأم كانت جميلة وبالتالي سيعرض عليها الزواج بعد ترمها ولكنها رفضت وفضلت أن تعيش لابنها وعندما كبر الابن أراد أن يترهبن، فقالت له عبارة مشهورة جدا في التاريخ يا ابني لا ترملني مرة ثانية، فاستجاب يوحنا لهذه الطلبة وبعد نياحة أمه انطلق إلى الحياة الديرية ولكن من هذه الضيقات كلها ظهر لنا القديس يوحنا الذهبي الفم ذائع الصيت في التاريخ حنة النبية تقدم لنا فضيلة الالتصاق بالرب كي نعيش فيها، فضعها أمامك كي تتمتع بها كل يوم. قداسة البابا تواضروس الثاني عن كتاب قدموا فضيلة في إيمانكم
المزيد
06 يونيو 2025

فضيلة الاتضاع في الحوار

في أحداث ميلاد السيد المسيح اجتمعت عدة شخصيات سواء قبل أو اثناء أو بعد الميلاد وعاشت هذه الشخصيات إيمانها القلبي في قداسة ونقاوة وعبرت عن الإيمان بفضائل فكان الاتضاع في الحوار عند مريم العذراء والالتصاق بالرب عند حنة النبية والوفاء عند القديسة اليصابات والثقة في وعود الله عند سمعان الشيخ والرجاء عند زكريا الكاهن وهؤلاء كلهم وغيرهم قدموا في إيمانهم فضيلة بحسب الوصية في رسالة بطرس الثانية الأصحاح الأول (٥ - ٧) عن هذه الفضائل تتحدث معك هذه الصفحات (لو ٢٦:١-٣٨) وفي الشهر السادس أرسل جبرائيل الملاك من الله إلى مدينة من الجليل اسمها ناصرة إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف،واسم العذراء مريم فدخل إليها الملاك وقال سلام لك ايتها الممثلثة نعمة. الرب معك مباركة انت في النساء فلما رأته اضطربت من كلامه وفكرت ما عسى أن تكون هذه التحية فقال لها الملاك لا تخافي يا مريم لأنك قد وجدت نعمة عند الله وها انت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع، هذا يكون عظيما وابن العلي يدعى ويعطيه الرب الإله كرسى داود أبيه، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلا، فأجاب الملاك وقال لها الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظلك فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله وهوذا اليصابات نسيبك هي ايضا حبلي بابن في شيخوختها وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقراً لأنه ليس شيء غیر ممکن لدی الله فقالت مريم هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك فمضي من عندها الملاك والمجد لله دانما نحن جميعا وباستمرار نتكلم ونستخدم ما يسمونه بالتواصل فكيف يكون الحوار وكيف يكون الحوار متضعا وكيف أمتلك فضيلة الاتضاع في كل حوار؟ العذراء مريم امنا العذراء تلك الفتاة الصغيرة التي تعيش في الهيكل خبرتها محدودة حياتها صلاة وتسييح تخدم رعاية الكبار الموجودين في الهيكل جاء إليها الملاك وأنشأ معها حوار ،ترى ما طبيعة هذا الحوار يبدأ معها الملاك بتحية قد تكون غريبة لم يسمعها أحد من قبل، ولا حتى في الكتب المقدسة سلام لك ايتها الممتلئة نعمة الرب معك مباركة انت في النساء (لوا :۲۸) اما امنا العذراء يقول عنها الكتاب إنها اضطربت أي اندهشت . وظهر على وجهها علامات التعجب بدأ الملاك يقول لها : لا تخافی یا مریم حتى يزيل منها علامات الخوف ثم بدأ معها الحوار الهادئ حيث كان يشرح لها، وما هي إلا ان تسمع فقط دون أي اعتراض وهنا يظهر اتضاعها في الحوار.بعد ما انتهى الملاك من كلامه وسمعت مريم كل هذا الكلام بكل اهتمام سالته سؤالاً صغيرا ولكنه محير كيف يكون هذا وانا لست. أعرف رجلا (لو ٢٤:١ ) هذا السؤال تم في هدوء شديد وسلام إذا أول شيء يمكن أن نتعلمه هو الإنصات ثم الاستفهام بهدوء بدأ الملاك يشرح لها ويقول الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك فلذلك ايضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله (لو١ :٣٥) ثم يخبرها بحبل اليصابات هوذا اليصابات نسيبتك في أيضا حبلى بابن في شيخوختها وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقرا (لو١ : ٣٦) ثم بدأ يأتي لها بعبارات مطمئنة من العهد القديم، فيقول لها "ليس شيء غير ممكن الذى الله "(لوا :۳۷) ومريم في هدوئها واتضاعها في هذا الحوار الهادي تقول "هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك" (لو١: ۳۸) ليس في الحوار أي مجادلة ولا معاندة.كلنا نتحاور كثيراً سواء في التليفون أو البيت أو العمل فتجد على سبيل المثال الأم تعلم ابنها أو ابنتها ، والرئيس يتحاور مع مرؤوسية في العمل فهناك حوار قائم كيف تكون متضعا في الحوار الذي تصنعه كل يوم ١- ليس فيه غضب ولا صوت مرتفع. ٢- لا يقاطع أحد كلام الآخر. ٣- لا يكون فيه أي نوع من السخرية الجواب اللين يصرف الغضب (ام ١:١٥). ٤- لا تتحدث عن نفسك، فالحوار ليس فيه تمجيد للذات، فالأم عندما كانت في سن المراهقة. تختلف عن ابنتها وهي في نفسي السن، والسبب هو اختلاف الوقت والزمان حيث تغير تماما ولذلك لابد أن تفهم الجو الخاص بالموضوع الذي تتكلم فيه يقولون عن بعض لغات العالم إنها صعبة، قد لا تفهم من هو أمامك ولكن وانت تسمعها من المتحدث أمامك قد تساله هل تفهمني الا ان العذراء مريم في هذا الحوار الذي يتسم بالاتضاع كانت تنظر إلى نفسها على أنها أمة الرب أمنا العذراء تعطينا درسا في سلامة الحوار الناجح، فيكون الإنسان فيه بلا مجادلة فتجد في نهاية الحوارة وببساطة شديدة تقول للملاك هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك (لو ۳۸:۱) وامة الرب تعنى خادمة حقيرة مثلما يقول الأب الكاهن ومن فم حقارتی ای انا خدامك يارب هنا يظهر في الحوار الإيمان الواثق في قلبها ، ونجحت بالفعل في هذا الحوار. رحلة عبر الكتاب المقدس:- هيا بنا نستمتع برحلة عبر الكتاب المقدس مع بعض الحوارات الموجودة فيه العهد القديم حوار بين لوط وإبراهيم هذا الحوار بين اثنين احدهما كبير،والأخر صغير وكل منهما كان لديه رعي في الأرض الواسعة لكن الخدم تنازعوا على عيون الماء فنجد إبراهيم يبدأ يدخل في حوار متضع مع لوط وأرجوك أن تنتبه إلى هذا الحوار يقول إبراهيم لا تكن مخاصمة بيني وبينك وبين رعاتي ورعاتك لأننا نحن اخوان (تك۱۳ :۸).هنا يجب أن تتذوق طبيعة هذا الاتضاع في الحوار، حينما ينزل إبراهيم ويضع نفسه في مستوى ابن أخيه لوط ويقول له إننا أخوة وتصور أيضا لو أن إبراهيم اتخذ موقفا عكسيا سوف يكبر الخلاف لذلك من المهم أنه حينما تظهر رائحة الخلاف داخل الحوار نبدا في تبسيط الحوار وتهدئة الكلام لكن إذا كان هناك عناد بين الطرفين سيخرب الحوار يقول إبراهيم إننا أخوان أنت يا لوط اختر الأول اختر عيون الماء والأرض التي تريدها. ما هذا الاتضاع ؟ وما هذه الكرامة؟ وما هذه ونسمع القصة أن لوط اختار ما يريده ولكن ماذا كانت النهاية وما شكل سدوم وعمورة؟ وإبراهيم كان خير الله في يديه زائدا جدا جدا. ٢- حوار داود و شاول شاول هو أول ملك لبني إسرائيل التي سميت المملكة المتحدة، أي (۱۲سبطا ) ولكنهم انفصلوا بعد ذلك إلى مملكتين: مملكة السامرة وتضم ١٠ أسباط ومملكة يهوذا وتضم سبطين شاول الملك الكبير وداود راع صغير ولكن داود كان أكثر براعة وشجاعة لذا كان شاول يغار می داود. وبدات الغيرة تتحول إلى نوع من النقمة ودخل شاول روح ردي فاراد ان يقتل داود وفي ذلك الوقت اتت لداود فرصة قوية جدا وهي قتل شاول يقول الكتاب ، وكان هناك كهف فدخل شاول لكي يغطى رجليه وداود ورجاله كانوا جلوسا في مغابن الكهف فقال رجال داود له هوذا اليوم الذي قال لك عنه الرب هانذا ادفع عدوك ليدك فتفعل به ما يحسن في عينيك فقام داود وقطع طرف جبة شاول سرا وكان بعد ذلك أن قلب داود ضربه على قطعة طرف جبة شاول فقال لرجاله حاشا لي من قبل الرب أن أعمل هذا الأمر بسيدي بمسيح الرب، فامد يدى إليه لانه مسيح الرب هو (اصم ٣:٢٤-٦) وبكل اتضاع بدأ داود يتكلم مع شاول ويقول له ماذا تسمع كلام الناس القائلين هوذا داود يطلب اذيتك، هوذا قد رأت عيناك اليوم هذا كيف دفعك الرب اليوم ليدي في الكهف وقيل لي أن أقتلك ولكنني أشفقت عليك وقلت لا امد يدى إلى سيدى لانه مسيح الرب هو فانظر يا ابي انظر أيضا طرف جبتك بیدی فمن قطعی طرف جبتك وعدم قتلي اياك أعلم وانظر انه ليس في يدى شر ولا جرم ولم أخطئ إليك وأنت تصيد نفسى لتأخذها، يقضى الرب بینى وبينك وينتقم لي الرب منك، ولكن يدى لا تكون عليك، كما يقول مثل القدماء من الأشرار يخرج شر، ولكن يدى لا تكون عليك وراء من خرج ملك إسرائيل وراء من أنت مطارد وراء كلب ميت وراء برغوت واحد (اصم٩:٢٤-١٤) ما كم هذا الاتضاع يا داود؟ ناجح ومنتصر وظاهر في كل مكان ومحبوب والحق معك ومع ذلك تقول: لا أمد يدى على مسيح الرب. وبهذا الحوار الرائع المتضع نجد رد فعل شاول فيقول عنه الكتاب فلما فرغ داود من التكلم بهذا الكلام إلى شاول قال شاول أهذا صوتك يا ابني داود، ورفع شاول صوته وبكي ثم قال لداود انت أبرمني لأنك جازيتني خيرا وأنا جازيتك شرا وقد أظهرت اليوم أنك عملت بي خيرا لأن الرب قد دفعني بيدك ولم تقتلني ( اصم ١٦:٢٤-١٨) هذا يذكرني بموقف يوحنا المعمدان عندما سالوه عن السيد المسيح ويوحنا كان شخصية ذائعة الصيت ومشهورة وسط المجتمع اليهودی وله تلاميذه و مهابته، لكننا نجده يقول عن نفسه ينبغى أن ذلك يزيد والي اناانقص (يو ۲ :٣٠) من يستطيع أن يتمثل بيوحنا المعمدان ويقول مثلما قال هل ممكن أن يقولها الكاهن لأخيه الكاهن أو يقولها خادم لأخيه أو يقولها زوج لزوجته أو اب لابنه؟ إن حقائق الكتاب وروح الحق الساكن فيه يجب أن تسكن فينا، لذلك علمنا مسيحنا أنه عندما نتكلم تجعل كلامنا مملحا بملح لأن الملح هو الذي يجعل لكلامك قيمة. ٣- حوار داود ونابال وابيجايل نابال زوج ابيجایل و داود كان هاربا من شاول مع بعض من رجاله وكانوا جوعي فارسل داود في نابال يطلب منه بعض الطعام الموجود عنده على اعتبار ان نابال كان الطعام متوفرا لديه بسبب مناسبة ما، لكن كان رد فعل نابال کله کبریاء وكان يفقد حياته بسبب حماقته حتى أن اسمه على مسمى لان نابال معناه احمق، اما زوجته فكانت إنسانة حكيمة جدا، وقت ما جاه طلب داود لزوجها يقول الكتاب "فأجاب عبيد نابال داود " وقال من هو داود و من هو ابن يسي الله قد كثر اليوم العبيد الذين يقحصون كل واحد من أمام سيده أأخد خبزي وماني وذبيحى الذي ذبحت لجاري وأعطيه لقوم لا أعلم من اين هم" فتحول غلمان داود إلى طريقهم ورجعوا وجاءوا وأخبروه حسب كل هذا الكلام (اصم٢٥ : ١٠-١٢) هذا الكلام بالتأكيد موجع بالنسبة لداود، والكلام الموجع يهيج السخط( ام ١:١٥) فبدا داود يجمع الناس الذين معه لكي ينتقموا من نابال هذا التصرف كان بسبب حوار قد تتحاور أنت وجارك ولكن بكلمة من أحدكما تشعل النيران وبكلمة بسيطة ينتهي الموضوع بهدو ، فالنار لا تطفئ النار بل الماء هو الذي يطفئ النار، التواضع والهدوء والكلمة الطيبة سمعت بهذه القصة ابيجايل زوجة نابال، ولأنها كانت حكيمة اخذت تحضر خبزا وطعاما وذبائح وركبت على الدابة لتقابل رجال داود الغاضبين ثم نجدها تنزل وتسجد امام داود وتتوسل إليه أن يسمعها فيسمح لها بالحديث وتبدأ كلامها مع داود بكلمة سيدي تلاحظ أن الكلمة الأولى منك قد تكون المفتاح الذي يفتح الطريق أو يعطله ثم تبدأ تتكلم عن نفسها وتقول أمتك ای خادمتك يا لها من امراة رائعة ويمكن أن تكون أمنا العذراء قد تعلمت من حوار أبيجايل عندما قالت للملاك هوذا أنا أمة الرب، ومن الضروري أن تنتبه أن زوجها نابال قال من هو داود هذا هى قالت سيدي، أنا أمتك، وبدات تقول أصفح عن ذنب أمتك لأن الرب يصنع لسيدي بيتا امينا لأن سيدي يحارب حروب الرب ولم يوجد فيك شر كل آيامك (اصم ٢٨:٢٥) هذا الكلام كالماء الذي يطفي نار داود وينتهي القصة وتنقذ زوجها وبعد عشرة أيام يصاب نابال بأزمة صدرية يقول عنه الكتاب أن جمد قلبه في صدره من خوفه من داود وانتهت حياته وعاشت قصة ابيجايل امام داود تمثل الحوار المتضع. هل حوارك فيه الخشوع والاتضاع؟ رحلة عبر سير القديسين. ١- الأنبا بيمن من أبا البرية المباركين والمشهورين كان يطلق عليه اسم "الآب الرؤوف" الحنين جاء إليه أحد أبنائه في فترة الصوم وكان الرهبان في هذه الفترة ينقطعون من الكلام، وعندما أتى إليه وجد الباب مفتوحاً فدخل وسأله وأجاب عليه فالاخ الصغير أراد أن يعترف بشئ فقال له "اتعرف یا آبی بیمن اني كنت لا أتي إليك اليوم لأني كنت أخشى أن يكون الباب مغلقا في الصوم المقدس" كان من الممكن أن يقول له الأب بيمن فعلاً هذا التوقيت غير مناسب للكلام ونحن في فترة الصوم وياخذ الموضوع بموضوع توبيخ لكن الأب بيمن رد وقال له "إننا لم نتعلم يا ابني أن نغلق الباب المصنوع من الخشب، ولكننا تعلمنا أن نغلق باب افواهنا" لذلك يجب أن نتعلم أنه لا يصح أن يخرج من افواهنا کلام ردئ نحن لم نتعلم أن نغلق الباب في وجه إنسان لقد كان حوارا متضعا بسيطا وفي ذات الوقت حكيما ٢- القديس افراهاط:- هذا القديس من بلاد فارس ایران وقد عاش عمرا طويلا جدا في حياة البرية مثل المتوحدين وفي ذات يوم جاء إليه شخصية مهمة جدا "والى البلاد" وزاره وأتى له بهدية ولكن هذا القديس كان لا يقبل أي هدية وعندما قدم له الهدية ساله ما هذه الهدية فقال له ثوب فقال له القديس أريد أن استشيرك في موضوع ما فقال له إننى منذ ١٧ سنة عزمت أن يكون لي صديقا واحدا اخترته ليرافقني ويعيش معى، وكان هذا الصديق يعزيني ولم يخزلنى أبدا لكن جاء الخبر من بلد بعيد، وأراد أن يحل مكانه فأى الاثنين افضل فأجابة الوالي قائلاً، بالتأكيد تختار الأول الذي عاش معك ١٦ سنة. فقال له فعلاً سوف اختاره فالصديق القديم هو ثوبي الذي لازمني كل هذه السنوات الطوال فكيف استبدله بأخر. وصلت الرسالة إلى الوالي وأخذ هديته وشكر الأب ثم انصرف الخلاصة يا إخوتي انك عندما تدخل في حوار اجعل حوارك متضعا. كيف يكون الحوار متضعا؟ ١- كلمات الاحترام:- ضع دائما في حوارك كلمات الاحترام يا استاذ يا مدام با اخ فلان با دکتور لا تقل الاسم مجردا حتى صوتك اجعل فيه دائما الاحترام والوقار، ولا يكون فيه أي نوع من الاستهزاء. ٢- كلام الحب ضع في الحوار كلام الحب أو الكلمات المترادفة عندما اقول كلمة حبيبى ، فکأنی بفرش ارضية للموضوع بيني وبينه فدائما كلمات الحب تشبع عاطفة الإنسان .ذات مرة حدث خلاف بين زوح وزوجته وكانت الزوجة في عصبية شديدة وأثناء عصبيتها أعطى الله للزوج الحكمة فقال لها في وسط الغضب خدي بالك انا بحبك جدا نراه ترك الموضوع ودخل في دائرة الحب الذي كان سببا في عودة السلام وتهدئة الزوجة .عندما اتحدث مع ابني أو ابنتي اتكلم معهم بلغة الحب وكلماته ضع كلمات الحب في حوارك ولكن كل واحد بحسب الكلام الذي يناسبه. ٣- المشاركة الوجدانية كلمات المشاركة الوجدانية اجعل دائما في كلام مشاركة للآخر في عواطفة فمثلاً اسألك عندك كام طفل؟ تجيب قائلاً ثلاثة فيجب أن يكون ردي على إجابتك ربنا يخليهم وتفرح بيهم دائما هذه تعتبر من كلمات المشاركة الوجدانية. كلمات التشجيع ابنك أو ابنتك أو خادم أو كاهن كبير او صغير يقترح اقتراحا، لا يجب أن تقول له إنه لا يصلح لأن كلمات التشجيع تفجر الطاقات في الإنسان. كلمات المديح السيد المسيح عندما تقابل مع السامرية في حوار طويل قال لها ضمن الحوار "حسنا قلت". كلمات الاعتذار في حواراتنا توجد ثلاث كلمات نکررهم باستمرار "شکر ، من فضلك ، اسف أو اخطات". هناك شخص تتكلم معه إذا قال كلمة أسف ينتهي الحوار بسلام هذه الكلمات نسميها "كلمات الاعتذار" استخدمها دائما في حوارك كي يكون حلوا الاتضاع في الحوار فضيلة نتعلمها من خلال هذا الصوم ضعها في حياتك، وفى نفسك کی تستطيع أن تعيش ويظل كلامك کله مملحا بملح. قداسة البابا تواضروس الثاني عن كتاب قدموا فضيلة في إيمانكم
المزيد
30 مايو 2025

عيد الصعود

خريستوس أنيستى .. أﻟﻴثوس أنيستى اﻟﻤسيح قام.. باﻟﺤقيقة قام في الیوم الأربعین لقیامة السید المسیح نحتفل بعید الصعود المجید، كما احتفلنا بعید دخول المسیح إلى الھیكل في الیوم الأربعین لمیلاده وعید الصعود المجید ھو أحد الأعیاد السیدیة الكبرى، وفیه نقدم المعایدة لبعضنا البعض بعبارة یونانیة ھي μαρὰν ἀθά (ماران أثا) ومعناھا "الرب آتٍ" أو "الرب قادم" أو "الرب قریب"(1كو ۱٦: 22 ) لقد ظل السید المسیح یظھر لتلامیذه خلال الأربعین یومًا بعد قیامته ظھورات متعددة وفي أوقات مختلفة ولأعداد مختلفة (للتلامیذ بدون توما،للتلامیذ ومعھم توما، لتلمیذي عمواس، لمریم المجدلیة، لأكثر من ٥۰۰ أخ، إلخ..)، حتى كان الظھور الأخیر وھو یوم صعوده إلى السموات أرید أن أتأمل معكم في ما قبل الصعود، وما أثناء الصعود، وما بعد الصعود. قبل الصعود ( ٤٠ يومًا) ۱- كان السید المسیح یظھر لتلامیذه یشرح لھم ویثبت إیمانھم (أع ۱:1- 3) یمكننا أن نعتبرھا مجموعة دروس أو منھج أو كورس كبیر عن الأمور المختصة بملكوت السموات ولم یكن ھو فقط المتكلم، بل كانوا یسألونه وھو یرد علیھم (أع ۱: 6, 7) لقد كتب الرسل بعض الشذرات لكنھم لم یكتبوا كل ما قاله، بل سلموا كل شيء مشافھة للكنیسة من جیل إلى جیل. ۲- كل ما قاله السید المسیح شفویًا في ھذه الفترة وسلمه للكنیسة كان یختص بالسماء (أع ۱: 3) إن المعنى الرئیسي الذي ثبته السید المسیح ھو أننا نعیش على الأرض، وأقدامنا على الأرض لكن فكرنا في السماء وإن تأملنا فیما یعمله عدو الخیر معنا، نجد أنه یحاربنا لكي یحرمنا من السماء وما ھي الخطیة؟ إن الخطیة تضع حجر عثرة أمام طریقنا للسماء فكل أمور حیاتنا مرتبطة بالحیاة السماویة أو بالأمور المختصة بالملكوت. ۳- كلمھم عن انتظار موعد الآب، وھو موعد حلول الروح القدس (أع ۱: 4) وانتظروا قلیلاً،عشرة أیام فقط، إلى أن حل علیھم الروح القدس في یوم الخمسین وھو العید الذي نسمیه عید العنصرة ومن عید العنصرة انطلقت المسیحیة لكل العالم. ٤- كان یكلمھم عن الاستعداد للمجيء الثاني (أع ۱: 6, 7)لابد أن یكون في فكرنا عقیدة مجيء المسیح الثاني،وانتظاره لقد جاء السید المسیح أولاً لكي ما یخلص الإنسان ویفدیه على الصلیب، وسوف یأتي ثانیة لكنه في ھذه المرة سیأتي دیانًا عادلاً لكل العالم ھذه ھي الأمور التي كان السید المسیح یتكلم عنھا قبل الصعود، وھو ما نسمیه إعداد الفكر وكان ھذا الإعداد أمرًا ھامًا قبل إرسالھم لیكرزوا باسمه إلى الخلیقة كلھا ھذا طبعًا بالإضافة لفترة خدمته الجھاریة ثلاث سنوات أمامھم لإعدادھم من: صنع معجزات، وتقدیم أمثال وتعالیم، وعمل مقابلات مع كثیرین. يوم الصعود ۱- الصعود ثمرة من ثمرات الصلیب: حدث الصعود من فوق جبل الزیتون، لكن في الطریق مر السید المسیح وتلامیذه على بیت عنیا وعلى بستان جثسیماني وھي الأماكن التي كان لھا تاریخ في أسبوع الآلام، فالسید المسیح كان یبیت في بیت عنیا (بیت الألم أو العناء) حیث لعازر وأختاه مرثا ومریم وھا ھو السید المسیح في وسط تلامیذه على جبل الزیتون لكي یصعد إلى السماء وھو أمر مفرح، لكنه یرید أن یقول إن ھذا الصعود ھو ثمرة لبیت عنیا وبستان جثسیماني. ۲- المعنى الروحي في موضوع الصعود ھو السمو والارتفاع: موضوع صعود السید المسیح أمام تلامیذه فوق جبل الزیتون كان بالنسبة لھم أمرًا في غایة الإثارة، لكن المعنى الروحي في موضوع الصعود ھو السمو والارتفاع لذلك یقال عن المسیحیة إنه لیس لھا سقف (سقف الكمال)،لأن الإنسان یظل یتقدم في حیاته الروحیة ولا یتوقف عند خط معین ویقول وصلت لا الحیاة الروحیة مستمرة فعید الصعود یقدِّم لنا أھم اختبار وھو حالة الإنسان إنه دائمًا في حالة نمو وتقدم إن الفتور أو البرود الروحي في حیاتنا الروحیة ھو حالة من لا یستطیع أن یرتفع، وھذا ما جعل داود النبي في یوم من الأیام یقول "لَیْتَ لِي جَنَاحًا كَالْحَمَامَةِ، فَأَطِیرَ وَأَسْتَرِیحَ" (مز ٥٥: 6) الحمامة رمز للنقاء والجناح رمز للسمو والطیران والارتفاع فھو یأمل ویترجى أن یكون عنده ھذا الشكل لیمكنه من الصعود السمو والنمو الدائم. ۳- رجعوا بفرح عظیم وسجدوا: لما بدأ السید المسیح في الصعود ظھر حوله ملاكان، بدءا یشرحان للتلامیذ ما یحدث ویقدمان لھم رسالة اطمئنان، لأنھم وقتھا كانوا في حالة غریبة، ماذا سیعملون والمسیح یتركھم، وكانت لدیھم مجموعة من الأسئلة الكبیرة لكن الجمیل أنه بعد أن صعد المسیح وتركھم وقدم لھم الملائكة الشرح، یقول الكتاب: "فَسَجَدُوا لَه وَرَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِیمَ بِفَرَحٍ عَظِیمٍ" (لو۲٤: 52) علامة للرضا أو الاكتفاء أوالشبع أو الفھم. بعد الصعود ۱- الصعود یضع أمامنا أن مسیحیتنا سماویة المسیحیة بدأت في السماء واكتملت في السماء "ھكَذَا أَحَبَّ اللهُ (في السماء) الْعَالَمَ (الأرض) حَتَّى بَذَلَ ابْنَه الْوَحِیدَ (الصلیب)، لِكَيْ لاَ یَھْلِكَ كُلُّ مَنْ یُؤْمِنُ بِه (الخدمة الكرازة)، بَلْ تَكُونُ لَه الْحَیَاةُ الأَبَدِیَّةُ (عودة إلى السماء)" (یو16:3) وھذا ما یجعلنا ككنیسة وفي تاریخھا نصِّر على معمودیة الطفل وعمره أیام ونسمیھا الولادة الجدیدة من الماء والروح، لكي یكون له العضویة السماویة وحینما نقارن المسیحیة بأي فلسفات أو مذاھب أخرى، نجد أن كل المذاھب بدأت على الأرض وترید أن ترتفع وتصل إلى السماء، أما المسیحیة فقد بدأت من السماء وأخذت رحلة الأرض لتأخذ الإنسان إلى السماء. یقول السید المسیح: "أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا" (یو ۱٤: 2)لأجعل لكم نصیبًا في السماء. ۲- الصعود یثبت أن المسیح ھو صاحب السماء "لَیْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي ھُوَ فِي السَّمَاءِ"(یو ۳: 13) لذلك في كل مرة نصلي ونقول: "أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" ونخاطب الذي في السموات ونقول له: "لِیَتَقَدَّسِ اسْمُكَ لِیَأْتِ مَلَكُوتُكَ لِتَكُنْ مَشِیئَتُكَ" (مت ٦: 9, 10) تصیر ھناك ھذه العلامة المتواصلة والمستمرة بین الإنسان على الأرض والله في السماء. ۳- الصعود یؤھلنا لسكنى السماء صارت السماء غیر بعیدة عنا وھذا ھو السبب الرئیسي في أن الكنیسة تعمل حامل الأیقونات وتضع فیه قدیسین موجودین في السماء (السیدة العذراء،یوحنا المعمدان، الآباء الرسل، الشھداء، القدیسین) وكأنه الصف الأول في الكنیسة، یتطلعون من السماء علینا لكي یشجعونا حتى نصیر معھم. وھذا ما جعل بعض المفسرین یقولون إن الكنیسة مكونة من جزئین ھما في السماء الكنیسة المنتصرة،وعلى الأرض الكنیسة المجاھدة، موضحین مقدار الرابط الذي یربطنا بالسماء ھذه النقطة لابد أن تشغل فكرنا كثیرًا أن یسوع في السماء یعد لي مكانًا، وأنا دوري أن أجتھد لكي أحافظ على ھذا المكان والكنیسة ملیئة بزخم كبیر من صلوات،أصوام، جھاد، توبة، ممارسة الأسرار، تدریبات روحیة، سیر قدیسین، إلخ.، كل ھذا الكیان الروحي ھو من أجل أن أحافظ على مكاني الذي أعده لي المسیح في السماء فلا یضیع مني لذلك بدون المعمودیة "أَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ"(تك ۳: 19) أما بالمعمودیة والحیاة الروحیة أنت من سماء ویمكن بجھادك أن تعود إلى سماء وھذه ھي قیمة الجھاد الروحي في الفكر الكنسي. ٤- الصعود یجعلنا ننتظر بشوق المجيء الثاني لذلك تعلمنا الكنیسة أن نتجه للشرق، ونسمع نداء الشماس في كل قداس: "أیھا الجلوس قفوا" ویقصد قفوا من الخطیة ثم یقول: "وإلى الشرق انظروا" ویقصد جددوا أشواقكم في انتظار مجيء السید المسیح. ختام بركات عيد الصعود الكثيرة تملأ حياتنا وحياة الكنيسة كلها ونقول لكل الآباء ولكل الأحباء ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﻤسكونة ﻛﻞ سنة وأنتم طيبين "ماران أثا". قداسة البابا تواضروس الثاني عظة عيد الصعود من كنيسة التجلي بدير الأنبا بيشوي
المزيد
23 مايو 2025

“القيامة والحواس المضيئة”

القيامة المجيدة هى أروع حدث فى تاريخ حياتنا ومسيحيتنا، فضلا عن كونها أساس إيماننا وعقيدتنا, وبالتالى فهى مصدر أفراحنا وسلامنا. والقيامة ليست تاريخا أو حدثا ومضى، بل هى حياة معاشة كل يوم ونورها يتخلل كل أنشطة حياتنا لأنها فعل مستمر وممتد عبر السنين والقرون، وهى تدشين بُعد جديد للوجود الانسانى. ولذا نحتفل بها على أربعة مستويات: كل يوم «فى صلاة باكر بالاجبية», كل اسبوع «فى يوم الاحد الذى هو يوم النور «Sunday», كل شهر قبطى فى يوم 29 من الشهر تذكار للبشارة والميلاد والقيامة», وكل سنة «فى الخماسين المقدسة التى تلى يوم عيد القيامة». والمثير للدهشة اننا فى صلاة باكر كل يوم نردد هذه القطعة الثانية حيث نقول: «عندما دخل إلينا وقت الصباح أيها المسيح إلهنا» النور الحقيقى.. فلتشرق فينا.. الحواس المضيئة ..والأفكار النورانية .. ولاتغطينا ظلمة الآلام… وأود أن أتوقف معكم عند عبارة «الحواس المضيئة» والتى نسبقها بمخاطبة السيد المسيح بكونه «النور الحقيقى» حيث نطلب منه أن يشرق فينا وذلك من خلال قيامته المجيدة حتى تصير لنا الحواس المضيئة. والمعروف أن الحواس نعمة من الله لجميع الكائنات الحية خاصة الانسان الذى منحه الله هذه الحواس الخمس التى هى المصدر الرئيسى للإدراك والاكتشاف والتعليم والمعرفة والفهم والشعور والاحساس وترتبط هذه الحواس الخمس مع بعضها فى عملية التواصل مع الاشياء والافراد والحياة الانسانية بمجملها. وبالطبع فهذه الحواس تقوم بعملها على المستوى المادى الأرضى وعندما تضعف أى حاسة يحتاج الانسان الى مساعدات مثل النظارة للعين أو السماعة للاذن وهكذا. ولكن نورقيامة السيد المسيح يمنح هذه الحواس امكانات أكثر لتصير مضيئة تتعدى الجانب المادى الى آفاق اكثر اتساعا وفهما لحكمة الخالق، والتعامل الايجابى مع مواقف الحياة المتعددة، وهذا ما نسميه نور العقل أو العقل المستنير بعيدا عما نسميه عمى القلب أو بلادة الاحساس وهكذا. فالحواس المضيئة مرهفة… حساسة… واعية.. تحيا عمق الانسانية وسموها كما قصده الله فيها.ونستطيع أن نرى هذه الحواس المضيئة فى مشاهد القيامة المجيدة ممثلة فى أفراد وشخصيات قدمت لنا كيف تكون حواسنا مضيئة وافكارنا نورانية كشهادات فرح حقيقية. أولا: حاسة البصر والتلاميذ: فى مساء يوم القيامة اجتمع التلاميذ بسبب الخوف من اليهود فى غرفة «عُلية» مغلقة الابواب وذلك بعد احداث الصليب المؤلمة، ولكن فجأة ظهر المسيح فى وسطهم وقال لهم: سلام لكم، ولما قال هذا أراهم يديه وجنبه ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب …» (يوحنا 20 :19 ، 20). كان تلاميذ المسيح مرافقين له فى معجزاته وتعاليمه ومقابلاته وكل أحداث خدمته على الأرض والتى استغرقت ثلاث سنين وعدة أشهر.. كانوا يرونه كل يوم وعرفوه جيدا ولكن موت الصليب أصابهم بألم وهلع ورعب واحتموا ببعضهم داخل غرفة صغيرة خوفا من انتقام اليهود.. وكانت هذه «الرؤية المفرحة» عندما ظهر فى وسطهم عشية يوم القيامة ومنحهم السلام ونفخ فى وجوههم وقال لهم «اقبلوا الروح القدس» (يوحنا 20: 22). فرأت عيونهم مسيحهم القائم والمنتصر. ومن وقتها صارت لهم حاسة البصر المفرحة أى أن رؤية المسيح قلبيا هى سبب أساسى للفرح. وما الصلاة وقراءة الكتاب المقدس إلا ممارسات تعبدية نقوم بها لنرى المسيح فى قلوبنا كل يوم فتصير أبصارنا مضيئة ترى الفرح وتعيشه تشعر به دوما. ثانيا: حاسة السمع ومريم المجدلية: كانت مريم المجدلية انسانة ذات ثروة وصيت حسن ولكن ابتليت بسبعة شياطين أخرجهم منها السيد المسيح فتبعته (لوقا 8 : 2، 3) وثبتت فى تبعيتها الى المنتهى حيث كانت معه وقت الصليب (يوحنا 19 : 25) والدفن (مرقس 15 : 47) وقد شرفها المسيح القائم بحديثه معها عندما ذهبت فجر الأحد الى القبر لتواصل البكاء على مسيحها الذى تشعر بالوفاء نحوه…. ومن كثرة دموعها واحساسها الأليم لم تبصر جيدا من يحدثها وظنته البستانى الذى يعتنى بالمكان ، ولكن عندما سمعت اسمها ينطقه المسيح، انتبهت بأذن مضيئة وعرفته على الفور وقالت له :«ربونى» الذى تفسيره يامعلم (يوحنا 20 : 11ــ 18). هذه هى الأذن الجديدة التى اشرق عليها نور المسيح فصارت أكثر استجابة وحضورا وفهما صارت اذن مستنيرة تطيع الوصية فنشعر بالفرح وتنتهى الدموع مثلما كان صموئيل النبى طفلا عندما تلقى نصيحة معلمه الكاهن ليصلى قائلا: «تكلم يارب لأن عبدك سامع» (صموئيل 3: 9). وفى المقابل يشتهى الله أن يسمع أصواتنا فهى جميلة ولطيفة عنده مثلما قال لعروس النشيد: «أرينى وجهك، أسمعينى صوتك، لأن صوتك لطيف ووجهك جميل» (نشيد الانشاد 2: 14). ثالثا: حاسة الشم والمريمات: جاءت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومه إلى القبر فى فجر يوم الأحد أول الاسبوع حاملات الطيب والحنوط ليقدمن رمز الوفاء على حبيبهن المسيح الذى مات على عود الصليب (مرقس 16: 102)والحنوط مواد نباتية ذات روائح عطرية محببة للنفس تقدم كأسمى المشاعر الانسانية تذكارا وامتنانا لمن انتقل من هذه الحياة وكأنها تقول ـ الحنوط ـ إن سيرتكم كانت سامية وطاهرة ونقية ومقدسة وهذه الحنوط ترمز لذلك. وهذه عادات قديمة جدا ومازالت موجودة حيث نضع الزهور على قبور الأحباء كتعبير عن الوفاء. كانت هذه الحنوط برائحتها الجميلة فى يد المريمات رمزا لحاسة الشم الرقيقة والتى تقدم أفضل ما عندها كما فعلت مريم أخت لعازر التى قدمت «طيب ناردين خالص «نقى» كثير الثمن ودهنت قدمى يسوع ومسحت قدميه بشعرها فامتلأ البيت من رائحة الطيب» (يوحنا 12: 3). ونحن نستخدم البخور أيضا فى صلواتنا الكنسية تعبيرا عن استنارة حياتنا ورقة مشاعرنا نحو مسيحنا القدوس والتى نشتم بها رائحة القداسة والسيرة الحسنة. «لأننا رائحة المسيح الذكية» (2 كونثوس 2: 15) بعيدا عن روائح الشر والدنس والنجاسة بصفة عامة. رابعا: حاسة التذوق وبطرس الرسول: وقع بطرس الرسول فى خطية الانكار (يوحنا 18: 15- 27) أثناء أحداث الصليب، وقد نبهه السيد المسيح قبلا، ولذا «بكى بكاء مرا» (لوقا 22: 62) ويبدو أنه سقط فى صغر النفس وهو الذى كان تلميذا مقربا للمسيح عاين الكثير من معجزاته واعماله، فابتعد عن دائرة التلاميذ مفضلا العودة الى صيد السمك (مهنته الأولى) إحراجا وخجلا (لوقا 5: 1- 11) فذهب مع عدد من التلاميذ إلى بحر طبرية للصيد وهناك اصطادوا مائة وثلاثا وخمسين سمكة بعدما ظهر لهم المسيح ثم دعاهم «هلموا تغدوا» (يوحنا 21: 12)، وبعدما تغدوا وذاقوا من السمك الذى اصطاده، وكان بينهم بطرس، حيث ناداه المسيح » «يا سمعان بن يونا، اتحبنى أكثر من هؤلاء»؟ «قال له: نعم يارب أنت تعلم أنى احبك». وتكرر هذا الحوار مرتين (يوحنا 21: 15 – 18) لذا نسميه حوار الحب الذى تذوقه بطرس بعد خطيته فى ضوء القيامة المجيدة والتى اضفت نورها على حياة بطرس الرسول. فلم يكن هذا اللقاء مجرد معجزة صيد أو تناول طعام بل تذوق حب غامر ومتدفق من المسيح نحونا فى شخص التلاميذ وبطرس الرسول معهم.. وهكذا يوصينا المزمور «ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب!» (مزمور 34: 8). حاسة التذوق ليس للماديات فقط وإنما أيضا تذوق الروحيات والمعانى السامية والحياة الطاهرة والسيرة الحسنة… وهكذا تكون حاسة مضيئة. خامسا: حاسة اللمس وتوما الرسول:لم يكن توما الرسول حاضرا وقت قيامة المسيح وعند ظهوره للتلاميذ مساء يوم القيامة، وحين أخبروه أنهم رأوا الرب «قال لهم: إن لم أبصر فى يديه أثر المسامير وأضع أصبعى فى أثر المسامير وأضع يدى فى جنبه لا أؤمن» (يوحنا 20: 25). ومنذ هذه الحادثة أطلق عليه «توما الشكاك»… ولكن بعد ثمانية أيام ظهر السيد المسيح القائم للتلاميذ وبينهم توما وقال له «هات أصبعك إلى هنا وأبصر يدى وهات يدك وضعها فى جنبى ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا»، أجاب توما: « ربى وإلهى» (يوحنا 20: 27، 28) وهكذا من خلال حاسة اللمس استنار وعيه واستعاد إيمانه وصرخ صرخته المدويه «ربى وإلهى» وهو الاعتراف الايمانى واللاهوتى القوى. وحسب التقليد الكنسى يمسك الكاهن والأسقف صليبا على الدوام فى الصوات والخدمات الكنسية ليتلامس مع صليب المسيح فتكون له الحواس المضيئة التى تمتد أيضا إلى تقليد قبله السلامة التى نمارسها أثناء القداس الإلهى كتعبير عن المصالحة والسلام وهكذا تجعل قيامة رب المجد حواسنا مضيئة وأفكارنا نورانية لنواجه عالمنا بالحب والرحمة والحواس الحية والعقول المستنيرة فيصير عالما أفضل وحسب قلب الله وكل عيد قيامة وجميعكم بخير. قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل