إنجيل قداس الأحد الثاني من شهر بابه

20 أكتوبر 2024
Large image

تتضمن الحث على الاعراض عن العالميات وتذكر القيامة والمجازاة مرتبة على فصل ركوب السفينة( لو ٥ : ١-١١ )
إذا كان الذين سمعوه أقوال ربنا زمناً يسيراً تركوا كل شئ وتبعوه متزرعين بسلاح الشجاعة ومسرعين إلى السماع بالقبول وقد ظهرت أثار تصديقهم وثمرات إيمانهم فأنهم القوا انفسهم في البحار الزاخرة وصادموا أهوال تلاطيم الأمواج وعواصف الرياح ومشوا على المياه الكائنة في الأعماق وقاوموا الملوك وقهروا الفلاسفة وجذبوا سلاطين العالم إلى العمل بمرادهم فما بالنا نحن الذين نسمعه يخاطبنا دائماً تارة بذاته وتارة برسله وتارة بأنبيائه، وتارة بعظات التابعين له ونحن مع ذلك لا نتيقظ من غفلتنا ونسارع إلى ما فيه خلاصنا وحتى م لا نبتعد عن الميل إلى التنعم والسكر وحب الغنى والاهتمام بأجسامنا البالية إذا لا ينبغي لنا أن نقر معترفين بالدخول تحت نير المسيح ونوجد مخالفين له لأنه قد أشترط على مطيعيه أن يكفروا بذواتهم ويهملوا شهوات نفوسهم ويتبعوه حاملين صلبانهم ومعلوم أنه حيث يكون الكفر بالنفس فلا لذة توجد هناك ولا سكر ولا غنى وغير ذلك من المحبوبات العالمية وحيث يوجد الميل مع الشهوات واللذات الدنياوية فهناك توجد المناقضة لشروط المسيح وإذ نقصنا شروط ربنا خالفناها بأعمالنا الأثيمة فكيف نوجد بهجين مسرورين؟ وهل نكون في حالتنا تلك إلا بمنزلة الأطفال الذين يخالفون آباءهم ويفعلون ما يشتهون؟ وهم مع ذلك غافلون ذاهلون عن عقوباتهم الواقعة بهم وشيكاً وإلا فكيف يحسن بالعقلاء الإلتذاذ بنيل الشهوات الخسيسة مع الخلود في عذاب الجحيم وكيف اننا لا نصور في عقولنا دائماً إنقراض آجالنا؟ وانقطاع حياتنا بسرعة وفساد أجسامنا وتفرق أوصالنا ورهيب مجلس القضاء وجلوس الديان للمحاكمة واجتماع الأمم ودوام سعادة المطيعين وطول شقاوة العاصين فنتيقظ من ثق نومنا ونفعل مراد ربنا فإن قلت ياهذا اني فعلت جرائم كثيرة ولا اعلم كيف اتخلص منها؟ قلت: أنا أرشدك إلى مسالك الخلاص وهو أن تستحضر خطاياك في ذهنك وتعدها في فكرك ثم تهرب من قبحها وتبتعد عن سماجتها وتقرع باب رحمة المسيح بالبكاء والندم والصوم والصلاة والعفة والطهارة والرحمة والمحبة وأمثال هذه ثم تذكر واحدة واحدة من خطاياك أمام الكاهن وتسارع إلى فعل اضدادها. فتقابل الزنا بالعفة والدعارة بالطهارة والكبرياء بالتواضع والطمع بالقناعة والغضب بالحلم. والحسد بالمحبة وهلم جرا. ثم تضبط الشهوات وتبتعد عن الزوجة وقتاً محدداً مع البكاء والصلوة والصوم. وإن كنت اقتنيت مالا بطريق الظلم فتصدق بقدره اضعافاً من حاصل قناياك. وإن كنت اتبعت الشهوات الأخرى. ولبست الثياب الفاخرة. ونوعت ألوان المأكل وسكرت من الخمر ونظرت إلى النساء بعين الفسق فاستعمل الأصوام والصلوات والتقشف في المآكل. والتزهد عن رفيع اللباس. وغض الطرف عن النظر إلى النساء دائماً. وإن كنت قد اسأت إلى غيرك فاصفح عن المسيئين اليك وبارك لاعنيك. إياك وأن تهمل شيئاً من ذلك لأن حالات النفوس المهملة من التقويم والادب كحالات الاجسام وأعراضها. فكما ان الانسان إذا أهمل أمور جسمة. وأستعمل الإكثار من الطعام طيباً ورديئاً. ثم أعرض عن استعمال الأدوية النافعة والمسهلات اللازمة. تولدت العفونة واحترقت الاخلاط داخله وتفاقمت الامراض عليه وعزت المداواة وآل حاله إلى الهلاك. كذلك حال النفوس فإنها إذا لم تقوم بالتعليم والادب. وتتريض بالطهارة والعفة تغرق بسرعة في بحار الذنوب وتتلوث بأوساخ المساوئ وتكثر من الخطايا المميتة كالمرأة الصدئة التي لا يمكن للصاقل صقلها فإذا علمنا مما تقدم أن الأدب نافع لنا وعائد بالخير علينا. فلا نضجر والحالة هذه من تأديب ربنا. لأنه كما أن الأب الشفوق يؤدب ولده المحبوب عنده لخيره وفائدته محبة منه وشفقة عليه كذلك الآب السماوى فإنه يؤدبنا لكي نرجع إليه. وندخل في طاعته ليتراءف علينا ويرحمنا ويهبنا سعادة الملكوت والنعيم بنعمة ربنا يسوع المسيح الذى له المجد والوقار. إلى الأبد آمين.
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية

عدد الزيارات 244

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل