انجيل قداس الأحد الأول من شهر كيهك

15 ديسمبر 2024
Large image

تتضمن ذم مجالس الاغانى والسكر والتسرع في الحلف مرتبة على فصل انباء الملاك بولادة يوحنا( لو ١ : ١-٢٥ )
اسمعوا قول الانجيل المقدس يا من تحضرون محافل السكر وتسهرون برؤية الراقصات المهيجات بأفعالهن الشريرة للطبيعة البشرية وافزعوا من حبائل الشيطان المحتال ومن حفائره العميقة لأنه استظهر سابقاً على هيرودس الشقى وأقتاده من الخطية الصغيرة إلى الكبيرة فلينه بالتنعم وألهبه بالتعظم وأوقعه في تحكيم الفتاة الشريرة بتهورة في القسم ليقتاده بواسطته إلى جريمة القتل قال البشير مرقس إن هيرودس أقسم للصبية : " أن مهما طلبت منى لاعطينك حتى نصف مملکتی" ولم يكن قصد الشيطان أن يذبح القديس بل إنما كان قصده إن يذبح هيرودس نفسه فحبائل هذا الخبيث دقيقة عميقة وحيلة طويلة وثيقة وإني عندما افتكر تلك الحادثة المهولة أستغرب مما جرى في ذلك الزمان ولكن يزول تعجبى بسرعة حينما أسمع بما يجرى في وقتنا هذا أى بعد حلول النعمة الالهية وانتشار شريعة الفضل بيننا والعمل بها من كثيرين أفاضل أتقياء وذلك أن جماعة من المسيحيين يجودون على الراقصات والمغنيات ليس بكل ما يمتلكونه فقط بل وبذواتهم أيضاً بدون أن يتقدم اليهم المحتال ويضبطهم بقسم كهيرودس لكنه يستأسرهم باللذة النجسة ويقهرهم بالشهوة فقط وهذه هى طاعة الآباء التي أنكرها المسيح بقوله " من أحب اباً أو أماً أكثر مني فلا يستحقني " فإن تلك الإبنة قد أطاعت أمها في مخازى كثيرة منها التهتك بحضرة كثيرين لا سيما حينما طلبت من الملك قتل القديس يوحنا المعمدان أجرة عن تهتكها وهو قتل محرم كانت نتيجته الحزن بدل الفرح قد تم هذا كله بتدبير المحتال ، لأنه حيث يكون رقص فهناك يكون الشيطان لأن الرقص مخالف لارادة الله تعالى الذى لم يعطنا الأرجل لنقفذ بها مثل الوحوش والبهائم بل لنمشى بها بنظام فتأمل ياهذا في تلك المسألة ما أقبحها !!! وانظر إلى إمهال الله تعالى وكيف أنه ما أنزل عليهم ناراً من السماء لتحرقهم ولا أمر الارض لتفتح فاها وتبتلعهم لانه لا يشاء موت الخاطئ بل بأن يرجع عن طريقه ويحيا لكى يقبله ويكلله وليكن ما جرى في ذلك الزمان سلوة
لمن يقاسي المكروه من حور الأشرار واسمعوا ايضاً يا معشر الذين يبتدئون بالقسم على ما يملكون أو ما لا يملكون وعلى ما يعلمون أو مالا يعلمون أليس انكم بذلك تجعلون أقواماً أخرين بل والشياطين أيضاً حكاما فيكم يتسلطون عليكم فذلك الشقى هيرودس ظن بجهله أن الشقية تطلب منه شيئاً ملائماً للوليمة ولخادماتها وللموسم أيضاً إلا أنه لما طلبت منه خلاف هذا كله لم يردها بل تمم لها مطلوبها وهذا وأمثاله من طباع الزناة لأن التهيئ لهذا الامر يستعد دائما لقتل كثيرين ظالمين ومظلومين فالأم الشقية لقنت ابنها ذلك الكلام المكروه وهيرودس التزم حينئذ أن يخفيه عن أهل بلد طالما أشاعوه في كل المسكونة وذلك لأن خبر يوحنا المعمدان
قد نودی بي في كل مكان وصار يتلى بكل لسان ولا عجب لان هكذا شأن الجاهل الشرير الغادر أن ينظر فقط إلى وقته الحاضر كالجربان الذى يحك جربه أو المحموم الذي يبرد بالماء لهيبه وانظر كيف أن الانجيلي ذكر خبر هذه الحادثة عاذراً هيرودس بقوله اغتنم الملك ولكن من أجل الاقسام والمتكئين معه أمر أن يعطى فأرسل وقطع رأس يوحنا في السجن فأحضر رأسه على طبق ودفع إلى الصبية فجاءت به والصبية والأم الشقية كانوا أولى بالتوجع من المغبوط يوحنا فلنتشبه إذن يا اخوتى بالانجيلي في الاعتذار ولنتجب الالفاظ القبيحة في وصف الاشرار فإنه فى سرد هذه الواقعة لم يقل إن الابنة تلقنت من الدنسة القاتلة ولكنه قال من الام وكذلك لم يقل عن هيرودس انه الظالم الفاجر ابن القاتل بلى دعاه رئيس الربع واعتذر له من غير خروج عن الصدق فقد سماها بأفضل ما لهما أعنى بالأم وبالرئيس وكذلك لم يقل عن الفتاة المنتهكة في بكوريتها إنها ابنة الزانية القاتلة بل قال ابنة هيروديا والصبية كأنه بذلك يعذرها أيضاً بسبب صغر سنها أما نحن فنشتم القريب بل والأخ مواجهة ونذكره بأرد الأوصاف وأقبح الالفاظ كأنه غير انسان لكن القديسين يرحمون ويرقون للخطاة من غير أن يلعنوهم فلنماثلهم ايها الأحباء ولنبك على ذلك المجمع وبالأكثر على تلك المجامع التي تماثله في وقتنا هذا بعد ورود النعمة وظهور حكمة الشريعة المسيحية فإن مثل ذلك المجلس وأردأ منه بكثير تقوم مجالس وتنتظم في وقتنا هذا فهى وان لم تبح قتل يوحنا لكنها تولد هلاك أعضاء المسيح وذلك لأن الراقصات الأن لا يطلبن بعجبهن قطع راس لكن هلاك أنفس فقل لى الآن يا هذا كيف يمكن وأنت في حال سكرك أن تنظر إلى أمرأة متهتكة وبشكلها ولفظها ولا تقهرك الشهوة الحيوانية وتلهبك بسعيرها وتهبطك في حفرتها ؟ فتتم فيك حينئذ تلك الشقاوة التي ذكرها الرسول بقوله " الستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح أفأخذ أعضاء المسيح واجعلها أعضاء زانية حاشا " فتلك الابنة وأمها الملقنة لها الشر هما غير حاضرين الآن . إلا أن الشيطان الذى نظم ذلك المجلس هوحاضر وهو أبو هؤلاء الراقصات ويعلمهن كل حين طلب النفوس ولا يبقى حيلة مهلكة إلا ويستعملها نعم قد يمكن أن بعض الحاضرين يترفع عن السكر ولا يتأثر منه إلا انه قد يشترك مع الباقين فى شرور أخرى بكثير والمجامع الحاضرة لا تخلو من مثل ذلك قال الحكيم" لمن الويل لمن الشقاوة لمن المخاصمات لمن الكرب لمن الجروح بلا سبب لمن أزمهرار العينين للذين يدمنون الخمر الذين يدخلون في طلب الشراب الممزوج " فلهذا لا تخلو العزائم والولائم من دينونة حيث يعمل فيها كثير مما لا حاجة به وما لا تدفع اليه ضرورة الاحتياج فلماذا ننفق إذن مال المسيح هكذا بالباطل ونتركه جائعاً عطشاناً وعرياناً ؟ على أنى لست اخاطب الآن بهذه الأقوال أولئك الذين يحضرون إلى موائدهم ومجالسهم الزواني والمضحكين وغيرهم إذ لا كلام لي معهم كما أنه لا كلام لي مع الشياطين وإنى أيضاً لا أخاطب بهذه الاقوال أولئك الذين يظلمون ويشرهون ويملأون بطونهم وبطون غيرهم حاشا ثم حاشا لانه لا يليق بي أن أخاطب الذئاب والخنازير وغنما أقوالى هذه موجهة إلى الذين يتنعمون ويتلذذون ويعملون في الولائم بما يفضل عنهم مالا حاجة إليه وينعمون غير المحتاجين ولكنهم لا يشبعون مقلا ولا مضطراً ولا يجالسون عالماً نصوحاً خيراً فنديمك يا هذا المضحك لك هو خادمك ووكيلك وأغنياء جيرانك هؤلاء هم الذين يشبعون من طعامك وأما أخوك في بنوة إلهك وسيدك ورازقك فلا تفتح له بابك ولا تعطيه من خبزك فذاك لاجل الضحك يجالسك ويتنعم معك وهذا لا تعطيه عشر ما تمنح ذاك ز ذاك تكرمه لئلا يذمك وأما هذا فتهينه ولا تخشى العقوبة في جهنم المعدة لابليس ومن يطيعه فإن كنت يا هذا بحسب الطبع تقشعر سامعاً فأولى بك أن تقشعر عاملاً . وخير لك أن يتكئ معك المسيح لا المستهزئ المضحك لك وأن يجلس على مائدتك ذاك الذى أعطاها لك ويؤاكلك ليكرمك ويعينك ويثبتك فانه يكرم المائدة كما أكرم تلك التي كانت زانية وأنى بها ونصرها على الشيطان لما أكرمته وقت الأكل لا تنظر إلى حقارة المسكين ووسخ جسده ولباسه بل انظر يا هذا إلى عظمة المسيح وبهائه ولا تفكر في أن الفقير محتال وبطال أو شره وشرير بل فكر في المضحكين والحاكمين واللاعبين كيف يكذبون ويحلفون فإنهم وإن أفادوا الجاهل في الحاضر طرباً فقد أكسبوه في الآخرة عذاباً وخسراناً ولست مانعاً بهذا القول إطعام أولئك رحمة على سبيل الصدقة ولكنى أمنع فقط الامور غير اللائقة منهم وبهذا يكون منزلك كنيسة الله بدلاً من أن يكون مسكناً للأبالسة وبهذا يهرب منه الشيطان ويمتلئ من نعمة الرحمن وإن أردت يا هذا أن تستخدمهم فاقصد بذلك نفع المحتاجين واصطياد الفقراء واحضارهم إلى منزلك وبهذا لا يتوجعون من كونهم يأكلون عندك مجاناً ولا يذمون ذواتهم في بواطنهم على الاعمال المضحكة التي يعملونها تلك التي تولد الشرور وإن أردت أن تتعزى بهم أو تعزيهم فجالسهم في وقت فضائك بقراءة الكتب الالهية واستانس بهم حين الاجتماع في الصلوات وتكميل الوصايا الشرعية وسبيلهم هم أيضاً أن يبتعدوا من الخساسة النفسانية والبشاشة الشيطانية والاخلاق الصبيانية والتهم الردية حتى يكون كل ما تفعله عائدا لمجد الله تعالى وطبقا لمرضاته فسبيلنا أيها الأخوة أن نهرب من الزنا واسبابه ومن النظر إلى الراقصات ومن سماع الألفاظ القبيحة ونبتعد أيضا من الحلف جهدنا ونعرض عن معاشرة الانذال وأصحاب السير الردية بكل قدرتنا ونتعطف إلى طاعة ربنا الذي له الشكر والعظمة والوقار الآن وكل آوان وإلى دهر الداهرين آمين.
القديس يوحنا ذهبي الفم
عن كتاب العظات الذهبية

عدد الزيارات 175

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل