انجيل قداس الأحد الرابع من شهر كيهك

05 يناير 2025
Large image

تتضمن ميلاد يوحنا المعمدان ثم نتأمل في رحمة الله مرتبة على قول البشير بفصل اليوم "وأما اليصابات فتم زمانها لتلد فولدت ابنا وسمع جيرانها واقرباؤها أن الرب عظم رحمته لها ففرحوا معها ( لو ١ : ٤٧ - ٨٠ )أيها الأحباء يخبرنا البشير بفصل انجيل هذا اليوم عن ميلاد طفل عجيب لأنه ولد على طريقة خارقة العادة ليكون بشيرا أمام المسيح بمدينة يهوذا ونذيرا بقرب قدومه ونورا مضيئا فى الكنيسة وهذا الطفل هو يوحنا المعمدان الذي يقول عنه بعض الآباء أنه وإن لم يكن من تخوم بيت لحم حيث قتل الأطفال بأمر هيرودس الملك إلا أنه كان يخشى عليه بسبب شهرة ميلاده. ولذا قد هربت به أمه اليصابات الى البرية واختفيا في مغارة وبعد أربعين يوما ماتت أمه وكان يعوله ملاك الرب إلى يوم ظهوره لاسرائيل وقيل إن اختفاءه كان سببا لقتل أبيه زكريا بأمر هيرودس بين الهيكل والمذبح وقد سمعتم قول البشير عــن اليصابات " أن الله عظيم رحمته لها " وهو قول حق. إنه لولا مراحم الله لما بقيت سالمة إلى ساعة الولادة ولما أمكن لها أن تصير أما ليوحنا المعمدان الذي قال عنه سيد البرايا " أنه ليس بني أعظم منه بين المولودين من النساء " فالرب قد عظم رحمته لاليصابات بقصد اتمام نبوة ملاخى النبى القائل " هأنذا ذاك أرسل ملاكي فيهي الطريق أمامي فيهئ الطريق أمامي) ونبوة أشعياء القائل " صوت صارخ في البرية أعدوا طريق الرب أن الله كثير الرحمة لكل الداعين إليه ومراحمه على كل أعماله فتأملوا في العالم تروا ذلك من تلك التأثيرات الظاهرة في كل مكان فتشوا الكتاب المقدس تجدوا في إحدى زوايا الفردوس آدم وحواء عريانين خائفين ورحمة الله متجلببة بشعائر المحبة وتدعوهما كأم حنون لتكسوهما وتطمنهما وأيضا يسمعون في البرية شرقي عدن صوت الرحمة الإلهية ينادى قايين القاتل لأخيه هابيل قائلا له " أين أخاك " تنبيها له لكى يتوب فيغفر له ويطمنه بقوله " كل من قتل قايين سبعة أضعاف ينتقم منه " تشجيعا لضعفه ليرجو الغفران وماذا نرى أيضا في الكتاب المقدس؟ نرى رحمة الله توعز إلى نوح البار أن ينذر الماس الاشرار ويصنع فلكا لخلاص من يريد النجاة من مياه الطوفان ونرى رحمة الله تفتش على عشرة أبرار فقط في تلك المدينة الفاسقة حتى لا تباد بالنار ونرى الرحمة في برية سيناء تناجى موسى من وسط عليقة في شبه نار لتبعث به إلى ارض جاسان لإنقاذ الاسرائيلين من عبودية فرعون ونرى رجلا واقعا بأيدى اللصوص في طريق أريحا ورحمة الله تضمد جراحه كطبيب ونرى ذلك الولد الشاذ الذي بدد أمواله في الخمور والشرور ورجع تائبا إلى بيت أبيه قد قبل وأقيمت له كل ولائم السرور فما أعظم رحمة الرب وعفوه للذين يتوبون إليه قال أرستوتالس الفيلسوف " إن سهولة الغضب تصدر من الضعف "نعم فإننا نرى الضعيف أسرع إلى الغضب من القوى والمرأة أسرع من الرجل كما أن الشيخ أسرع من الشاب والفقير أسرع من الغنى وهكذا وهاكم مثالا على ذلك ما قاله أدريانوس لمن كان قد أهانه قبل أن يصير ملكا وهو : " لقد نجوت يا أنسان لأني أنا الآن قد صرت ملكا " إن الهنا أقوى من أدريانوس قيصر يمقدار لا يقع تحت حصر وقدرته العظيمة دليل على رحمته الكثيرة فإذا عاقب أثيما فانما يكون ذلك لمصلحته لأنه كالجراح الذي لا يستعمل الكئ بالنار في جسم العليل إلا بعد تحققه من عدم نجاح الادوية البسيطة فيا لعظم رحمة إلهنا التي نراها كل يوم تهطل سحبها على قلوب الخطاة فترويها لتثمر ثمار التوبة وتشرق شموسها على بصائر الصالحين فتردهم إلى سبل الهدى إن الله يدعونا إيها الاحباء فهلم نعود إليه بالتوبة والاعتراف بالذنوب لأن هذا هو الزمان المقبول فلا تقسوا قلوبكم ولا تصموا آذانكم عن سماع صوت الرحمة لئلا يصيبكم ما أصاب ديوجانس من طيباريوس قيصر الذي طلب قبل أن يصير ملكا مقابلة ديوجانس فأجابه بأنه لا يمكنه مقابلته إلا بعد سبعة أيام وقبل انتهاء هذه المدة صار طيبارويس ملكا فخاف الفيلسوف وسعى لدى الوزراء بقصد مقابلة الملك فكان سعيه باطلا إذا جاءه الجواب ليس إلى سبعة ايام كجوابه للملك بل إلى سبع سنين فسبيلنا أيها الاحباء أن لا نؤخر الرجوع إلى الهنا بل نبادر بالاعتراف والندامة ومناولة الاسرار ولا نتباطاً من يوم إلى يوم فإن غضب الرب ينزل بغتة ويستأصل في يوم الانتقام مفتدين خطايانا بالصدقات منظفين قلوبنا بالدموع لننال الغفران فنحظى بملكوت ربنا الذى له المجد إلى آباد الدهور كلها أمين.
القديس يوحنا ذهبي الفم
عن كتاب العظات الذهبية

عدد الزيارات 118

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل