
تتضمن تبكيت المجرمين والظالمين والذين يتعدون الأوامر الالهية مرتبة على فصل انجيل ابراء المخلع عند بركة الضأن ( يو ٥ : ١-١٨ )
لقد سمعنا الآن أن الذين كانت بهم الامراض والاوصاب والعاهات الجسيمة المختلفة كانوا يتغربون عن بلادهم ويهجرون أوطانهم وينفقون الكثير من أموالهم ويكابدون المصاعب العديدة كل ذلك طلباً للشفاء من الامراض البدنية الصائرة إلى التراب وشيكاً حتى آل الاجتهاد بهذا المخلع إلى المقام بجانب تلك البركة سنين هذا عددها فكيف يجوز لك ياهذا أن تتغافل عن العناية بأمر نفسك العاقلة العديمة الفساد ؟ ولعلها تكون في حالة مخلعة مشتملة على أنواع المأثم الردية وأنت مع ذلك لا تنظر إلى قبحها وشناعتها وكيف تكون مؤمناً بالمسيح ومولوداً من الروح ومعترفاً بقيامة الأموات ومؤملا سعادة الملكوت ومتقلداً بسلاح النصرانية وأنت على هذه الكيفية؟
وإذا كان ربنا له المجد قد اشترط على الذين يطلبون الملكوت أن يزيد برهم على الكتبة والفريسيين مع ما كانوا عليه بالأمور الدينية كالصوم والصلوات ودفع العشور والابكار والنذور وتقديم القرابين عن الخطايا وغير ذلك فكيف يوجد فيكم اليوم المهملون لذواتهم ، السائرون بهوى قلوبهم الذين يرتسمون بالنصرانية رسماً خارجياً فقط وهم ليسوا غير عاملين بالوصايا والتعاليم المسيحية فقط ، بل يزنون ويسرقون ويكذبون ويحلفون ويرابون ويماحكون، ويصنعون شروراً أخرى كثيرة وإذا كان سبحانه وتعالى قد عاقب القساة والغليظى الرقاب والغلف القلوب من بنى اسرائيل على تعدى الشريعة الموسوية بالعقاب الشديد فبماذا يعاقب الخطاة من المؤمنين بالمسيح؟
اسمعوا قوله تعالى لبنى اسرائيل على لسان هوشع النبي مبكتاً لهم حيث يقول : " اسمعوا قول الرب يا بنى اسرائيل أن للرب محاكمة على سكان الأرض لأنه لا أمانة ولا احسان ولا معرفة الله فى الأرض لعن وكذب وقتل وسرقة وفسق يعتنقون ودماء تلحق دماء لذلك تنوح الأرض ويذبل كل من يسكن فيها مع حيوان البرية وطيور السماء وأسماك البحر أيضاً تنتزع ولكن لا يحاكم أحد ولا يعاتب أحد وشعبك كمن يخاصم كاهناً فتتعثر في النهار ويتعثر أيضاً النبي معك في الليل وأنا أخرب أمك قد هلك شعبى من عدم المعرفة لانك أنت أيضاً رفضت المعرفة أرفضك أنا حتى لا تكهن لى ولانك نسيت شريعة ألهك أنسى أنا ايضاً بنيك على حسبما كثروا هكذا أخطأوا إلى فابدل كرامتهم بهوان ياكلون خطية شعبي وإلى إثمهم يحملون نفوسهم فيكون كما الشعب هكذا الكاهن وأعاقبهم على طرقهم وأرد أعمالهم عليهم فيأكلون ولا يشبعون ويزنون ولا يكثرون لانهم قد تركوا عبادة الرب
فأقول ألان للذين يظلمون منكم ويغشمون ويقرضون أموالهم بالربا ويحبون الارباح الردية اسمعوا هذا القول يامن تزدرون بالمساكين والمحتاجين وتستصغرون بالفقراء ويقولون في انفسكم متى تمضى الشهور وتجوز الايام ويغلو الطعام ويتعالى ثمن الحنطة ففتح الاهراء والمخازن ونصغر المكابيل ونزيد المثاقيل ونبيع القصالة بالورق والغلة المخلوطة بالتبن وكناسة الاهراء إن الرب قد تكام قائلاً " إني لن أنسى إلى الابد جميع اعمالهم أليس من أجل هذا ترتعد الارض وينوح كل ساكن فيها وتطمو كلها كنهر وتفيض وتنضب كنيل مصر ويكون في ذلك اليوم يقول السيد الرب أني أغيب الشمس في الظهر وأقتم الأرض في يوم نور وأحول أعيادكم نوحاً وجميع أغانيكم مراثى وأصعد على كل الأحقاء مسحاً وعلى كل رأس قرعة واجعلها كمناحة الوحيد وأخرها يوماً مراً هوذا أيام تأتى يقول السيد الرب أرسل جوعاً في الأرض لا جوعاً للخبز ولا عطشا للماء بـل لاستماع كلمات الرب فيجولون من بحر إلى بحر ومن الشمال إلى المشرق يتطوحون ليطلبوا كلمة الرب فلا يجدونها " وإذ قد سمعتم الآن وعيده للمجرمين والظالمين والذين يتدبرون تدبيراً رديئاً فاسمعوا الآن وعده للطائعين لتنظروا الطريقين معاً وتسلكوا المستقيم منهما فانه يقول : " إذا سلكتهم في فرائضى وحفظتم وصایای و عملتم بها أعطى مطركم في حينه وتعطى الأرض غلتها وتعطى أشجار الحقل أثمارها ويلحق دراسكم بالقطاف ويلحق القطاف بالزرع فتأكلون خبزكم للشبع وتسكنون في أرضكم أمنين وأجعل سلاما في الارض فتنامون وليس من يزعجكم وأبيد الوحوش الرديئة من الارض ولا يعبر سيف في ارضكم وتطردون أعداءكم فيسقطون أمامكم بالسيف يطرد خمسة منكم مئة ومئة منكم يطردون ربوة ويسقط أعداؤكم أمامكم بالسيف والتفت اليكم وأثمركم وأكثركم وأفى ميثاق معكم فتأكلون العتيق المعتق وتخرجون العتيق من وجه الجديد وأجعل مسكنى فى وسطكم ولا ترذلكم نفسي واسير بينكم وأكون لكم إلها وأنتم تكونون لي شعباً " وإذ قد سمعنا الأن وعيده للمخالفين ووعده للطائعين فلتخف إذن من أن يوجد بيننا إنسان قاس أو متهاون أو زان أو سكير يصدق عليه ماقيل من الأقوال التي مجرد سماعها عند العقلاء يقع كالصواعق ويلهب كالنار ويحرق كالأتون وبنيه الغافلين ويوقظ النائمين بطباعهم وحيث قد علمنا أن ارتكاب الخطايا والأثام يسبب حدوث الأمراض والاسقام ويسلط الظالمين ويقوى المضادين ويسبب الغلاء والجلاء وسائر الأمور المحزنة فسبيلنا الأن أن ننهض من نومنا ونتيقظ من غفلتنا ونخلع ثياب أثامنا ونقرع باب مراحم إلهنا ليتراءف على ضعفنا ويرحمنا ويهب لنا سعادة الملكوت له المجد إلى ابد الابدين أمين.
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية