المقالات
28 يوليو 2019
لماذا أنا مسيحى؟
المسيحية هي ديانة الكمال "قد أكمل "
"تم جميع «مَا هُوَ مَكْتُوبٌ " (لو 44:24)
تمهيد:
المسيحية قد شهد لها الأعداء قبل الآبناء والأصدقاء بأنها أكمل وأعظم تعاليم السماء علي الأرض كما قال الزعيم الهندي "غاندي " وغيرة ممن قرأوا الإنجيل وتعرفوا عن قرب عن سيرة وأعمال الرب يسوع واكتشفوا مجالات عظيمة وكماله المطلق الذي به تفوق علي كل الأنبياء والرسل
ولم يستطيع علماء اليهود وكبار رجال دينهم أن يردوا علي تحديه لهم بقوله:" مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ " (يو 46:8)؟ بينما سجلت الكتب المقدسة أخطاء الأنبياء والخدام بكل جلاء في العهدين وذكرت ضعفاتهم أجمعين.
وفي الرب يسوع نري الكمال والجمال وعظمة الحب العملي وجليل الأقوال والأعمال التي لا تضارع وهو ما نناقشه بعد قليل للتدليل علي عظمة الإيمان المسيحي وكمال تعاليمه وعباداته وسمو رسالته وممارساته وحلاوة تقاليده وعاداته وفهمه السامي للفضيلة وكيفية تنفيذها وكشفه الواضح عن أسباب الشر والخطية وعلاجه الوحيد لنتاجها وآثارها الضارة علي النفس والروح والجسد وقد كسبت المسيحية الملايين من البشر ولا تزال تضم اليها –كل يوم – الكثيرين من كل العالم بالحب البازل وليس بالغضب أو بالعنف
(1) السيد المسيح هو المثال الكامل لكل الأجيال:
إنها دعوة للقارئ –ولكل نفس في هذا العالم –أن تتأمل في حياة وآلام الرب يسوع وكيف ألزمه حبه أن يأتي ليفدي البشرية الخاطئة – ويسدد الدين لكل خاطئ حزين كان مصيره المحتوم الهلاك هنا وهناك.
وعلي كل إنسان غير متحيز أن يعرف ما سجلته التوراة والإنجيل والقرآن عن السيد المسيح من صفات تفوق طبيعة عن السيد المسيح من صفات تفوق طبيعة البشر في الخلق وفي السلوك والخلق العظيم وكذلك كل ما نراه في حياته البسيطة وعدم تعلقه بأمور الدنيا الفانية مثل ميلاده من بتول متواضعة وفي مكان وضيع وعاش فقيراً في المال وغنياً بلا حدود في النعمة وفي البر والتقوي والفضيلة الجميلة وفي زهده في المأكل والمشرب والمسكن فلم يكن له – في الواقع – أين يسند رأسه كما أعلنه بنفسه (مت 10:8) ولم ينظر لمملكته أرضية ولم يأتِ السيد المسيح –كبقية أنبياء العهد القديم – مهدداً ومتوعداً الخطاة بهلاك محتوم بل جاء ليساعدهم وينتشلهم من وحلهم ويسامحهم علي عظم آثامهم ويشجعهم علي ضرورة سلوك طريق الفضيلة من جديد "وجاء طبيباً شافياً وليس قاضياً
وقد علم الرب – بالقول وبالعمل الفعلي -أن الخاطئ مريض يحتاج علاج لا عقاب لا توبيخ ولا تجريح ولا لوم بل صلاة وإرشاد وطبق السيد المسيح هذه السياسة علي كل من تقابل معهم من صرعي الخطية وأعطاهم الأمل في النجاة لو بدأوا معه سلوك طريق الحياة الجديدة. وها هو يتعامل بحب وبكلام رقيق جداً مع السامرية ومع المرأة الزانية ومع زكا القاسي القلب ومع بطرس بعد إنكاره له.وحتي مع يهوذا الذي خانه فلم يوبخه أو يعنفه بل كان مستعداً أن يقبل ضعفه وأن يصفح عنه لو تاب عن زلته ولكنه يأس من رحمة الله ففقد الحياة وأضاع أخراه مثل كثيرين جداً من الجلاء روحياً ومن المعاندين الأغبياء في كل زمان ومكان علي الأرض.
(2)المسيح أكمل الفداء كما قررته السماء وشهد به كل الأنبياء:
لا ينكر أحد أن الإنسان الأول قد أخطأ بإرادته وخالف وصية الله واستحق الشقاء والعقاب الأرضي والآبدي وإذا كان الله عادلاً جداً فهو أيضاً رحيم جداً وكيف تحل هذه المشكلة المعضلة؟وهل بسهولة يمكن أن يقول الرب لآدم "مغفورة لك خطاياك؟" وإن كان الله قد غفر له خطاياه – التي لم يتب عنها فعلاً –فلماذا طرده من الجنة الأولي؟ولماذا يعاني –مع ذريته –من نتائج وراثة ارض الخطية وآثارها الردية ويستحق الحكم العادل "بالموت "الهلاك الآبدي؟
وهو أمر عادل بسبب كسر قانون السماء والإساءة إلي قداسة الله الغير حدود لذلك فقد وعد الرب آدم بخلاصه وذريته من عبودية إبليس وسداد الدين الروحي الكبير الذي لم يستطيع أن يدفعه وها هو موقف "القاضي "العادل الذي قد يفاجأ ذات مرة بوجود ابنه –متهماً أمامه بالسلب والنهب –واقفاً في قفص الاتهام بلا مال ولا تعليل مقبول؟ لقد كان لابد أبد يحكم هذا القاضي علي ابنه المدين المسكين حسب قانون العدل الذي يطبقه ويقوم هذا القاضي بنفسه بسداد دين ابنه الثقيل جداً ويحرره من السجن الدائم ولهذا فقد طالب الأنبياء الرب يإنقاذهم من الهاوية التي كان يلقي بهم فيها الشيطان وجاء "إبن الرب "الذي بلا خطية ليفدي البشرية ويخرج أرواح مؤمني العهد القديم من سجن الجحيم ويفتح لهم أبواب الفردوسي انتظاراً ليوم الدين لدخول الملكوت مع المفديين في العهد الجديد الطائعين لوصايا الله ويدخله كل منهم حسب درجة عمله الروحي.وليس أمر الفداء وموضوع الخلاص من إبتداع المسيحية بل هو أساس التوراه ورموز ذبائجها القديمة التي كان يقر ويعترف الخاطئ بذنوبه علي رأسها وتذبح في الهيكل فداء عنه لأنه " وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ! " (عب 22:9) وأكد الرب يسوع – في عدة مناسبات –علي أنه جاء خصيصاً لإتمام فداء الإنسان وأعلن ذلك مراراً لرسله وأصر لي إتمام هذا المشروع الروحي رغم إعتراض القديس بطرس عليه (مت 22:16) وخلال أكله خروف الفصح مع رسله مساء خميس العهد –أعلن لهم عن بدء المسيرة –نحو جبل الجلجثة –حيث يتم صلبه وقال لهم بوضوح "ابْنَ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنْهُ (مر21:14) ولكي تكمل نبوات الكتب (العهد القديم "وكان القديس مار متي الإنجيلي البشير يدعم ما سجله من سيرة وأعمال السيد المسيح بنصوص كثيرة من التوراة وأقوال أنبياء العهد القديم ويكتب ويقول كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ..ألخ (مت 22:1،:5) ولكي يتم ما قيل بالأنبياء..الخ (مت 35:13) ويذكر لنا القديس مار يوحنا الحبيب أنه حينما إلتقي الرب يسوع بالمرأة السامرية الخاطئة – لكي يخلصها وشعبها – حضر إليه تلاميذه –حاملين الطعام الذي اشتروه –وطلبوا منه أن يأكل معهم فأعن –له المجد –أن له هدفاً أهم جداً من طعام أو شراب الجسد وقال لهم عنه:طعامي (الهدف الذي يشبعني) أن أعمل مشيئة (الآب) الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ. (يو 34:4) وسجل لنا القديس لوقا الإنجيلي ما نصه وحين تمت الأيام لارتفاعه (علي الصليب)ثبت (المسيح) وجهه (هدفه) لينطلق إلي أورشليم " (لو 51:9) استعداد للآلام وإتمام الفداء العجيب علي عود الصليب كما يذكر القديس لوقا البشير أنه قبل القبض عليه جاء بعض اليهود لكي يبتعد عن أورشليم حتي لا يقتله هيرودس الملك الجبار والمكار فقال لهم المخلص بكل شجاعة: «ﭐمْضُوا وَقُولُوا لِهَذَا الثَّعْلَبِ: هَا أَنَا أُخْرِجُ شَيَاطِينَ وَأَشْفِي الْيَوْمَ وَغَداً وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ أُكَمَّلُ. (لو31:13-32) ويروي القديس مار متي أنه عندما مضي يسوع إلي بستان جسيماني (شرق القدس)وجاء يهوذا الاسخريوطي (تلميذه الخائن) مع جمع كثير من الجنود بسيوف وعصي لقيض عليه وتقديمه للمحاكمة لم يوافق السيد المسيح علي تصرف القديس بطرس عندما إندفاع بسرعة –وقطع أذن عبد رئيس الكهنة بسفه –فأبرأه بحبه العملي وأعلن للرسول بطرس أنه كان في استطاعته أن يطلب فوراً إثني عشر جيشاً من الملائكة لإبادة كل بني إسرائيل وكل قوات الرومان ولم يفعل بالطبع لأن ذلك سوف يفسد هدفه في الموت عن البشر وإنما خلاصهم ثم قال له المجد لبطرس متسائلاً "فكيف تكمل الكتب " (تتم نبوات الهد القديم): أَنَّهُ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ؟ (الفداء) (مت 54:26) ثم أعلن المخلص لمن جاءوا إليه من الجنود –وغيرهم – أنه كان من السهل عليهم أن يقبضوا عليه في الهيكل أثناء تعليمه للناس هناك ثم أضاف قائلاً: "وأما هذا كله (القبض عليه) فقد كان لكي تكمل (نبوات) كتب الأنبياء " (مت 56:26) وكان يسوع له المجد قد تنبأ لبطرس الرسول عن إنكاره له – أثناء محاكمته الغير قانونية والظالمة ليلاً –قبل أن يصيح الديك (وهو ما حدث فيما بعد رغم إصرار القديس بطرس أنه لن يفعله ويدل علي علم الله في المستقبل) وقد أكد الرب علي أنه سيصلب مع لصين مجرمين وقال لرسله:لأني أقول لكم:أنه ينبغي أن يتم في أيضا هذا المكتوب (أش12:53) وأحصي مع أثمة (لو 34:22،37) وفي صلاته الشفاعية والوداعية – عن تلاميذه وعن كل شعبه ليلة صلبه طلب المخلص من الآب –أن يفيض عليهم بالروح القدس المعزي ثم قال له "العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكلمته " (4:17) وسجل القديس يوحنا الإنحيلي – كشاهد عيان –أنه قبل صلب الفادي إقترع الجنود الرومان علي من يأخذ ثيابه؟ وعلق البشير علي هذا العمل بأن هذه اقسمة كانت مكتوبة (مز 18:22) وبذلك تمت في حينه (يو 24:19) وكذلك علق القديس علي عدم كسر الجند ساقي السيد المسيح بعد موته علي الصليب بأنه "لكي يتم هذا أيضا كما هو مكتوب " (مز 18:22)... (يو 36:19) وبعد ما تم صلب الحبيب علي عود الصليب قام بالإهتمام بأمه البتول "مريم " بتسليمها للقديس يوحنا الحبيب لتعيش في بيته بأورشليم وقد قبل هذا الكنز الروحي العظيم وسجل لنا في إنجيله ما يلي "بعد هذا رأي يسوع أن كل شئ قد كمل..وقال "قد أكمل ونكس رأسه وأسلم الروح " (يو 28:19-30) وبذلك كمل الفداء والخلاص لكل الناس ولكل من يقبله فادياً خاصاً له وبعد صعود السيد المسيح إلي السماء تحدث القدس بطرس الرسول مع زملائه الرسل الإحدي عشر عن خيانة وموت يهوذا الأسخريوطي وقال:"كان ينبغي أن يتم هذا المكتوب الذي سبق الروح القدس فقال بفم داود عن يهوذا.. (مز 9:41)..." (أع 16:1) وخاطب القديس بطرس اليهود أورشليم شارحاً لهم مجئ الخلص الحقيقي وهدف صلبه ثم قيامة حيا بقوة ذاته ثم قال:"والآن –أيها الأخوة – أنا أعلم إنكم بجهالة عملتهم – كما رؤسائكم أيضا وأما فما سبق وأنبأ به بأفواه جميع أنبيائه أن يتألم المسيح قد تممه (أع 1:3-7) وشرح القديس بولس الرسول لليهود المجتمعين في مجمع إنطاكيه بسيديه (بآسيا الصغري) كل ما تحدثت عنه نبوات العهد القديم من أن السيد المسيح الذي جاء، وصلب وقام من الأموات هو نفسه:" الذي يأتي من نسله داود حسب الموعد " (مز 11:132) وأضاف قائلاً لهم:"ولكن رؤساء الكهنة في أورشليم تمموا أقوال الأنيباء التي تقرأ – كل سبت – إذ حكموا ليه ومع أنهم لم يجدوا علة واحدة (فيه) للموت طلبوا من بيلاطس (الوالي) أن يتقبل ولما تمموا كل ما كتب عنه (في العهد القديم) أنزلوا عن الخشبة (الصليب) ووضعوه في قبر ولكن اله (الآب)أقامه من الأموات "واستطرد الرسول قائلاً:"ونحن نبركم بالموعد (الوعد)الذي صار لآبائنا أن الله قد أكمل هذا الفداء)لنا نحن إذ أقام يسوع كما هو مكتوب..الخ " (أع 1:13-34). وفي رسالته إليإلي العبرانيين قال القديس بولس الرسول عن الفادي العظيم " مَعَ كَوْنِهِ ابْناً (لله)تَعَلَّمَ الطَّاعَةَ مِمَّا تَأَلَّمَ بِهِ. 9وَإِذْ كُمِّلَ صَارَ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُطِيعُونَهُ سَبَبَ خَلاَصٍ أَبَدِيٍّ(يقبلون دعوته) (عب 9:5) وبعدما ذكر لهم سلسلة من أبطال الإيمان من أنبيائهم القدامي ونماذج من عذابات إخوتهم شهداء العهد الجديد (عب 11) دعا الكل إلي التمثل بهم في إيمانهم (عب 7:13) وعلي رأسهم " رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِيناً بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ. الخ (عب 12) وهكذا صار القديس بولس لرسول في جهاده إلي النهاية (من أجل إتمام الخدمة ونشر كلمة الخلاص)علي درب الصليب مثل بقية الرسل والخدام المجاهدين –وأعلن لتلميذه الأسقف تيموثاوس (اسقف أفسس) في رسالته له قبل استشهاده في روما بعد قليل (67م) قائلا:"فإني الآن أُسكب سكيباً ووقت إنحلالي قد حضر للرحيل من العالم للفردوس) قد جاهدت الجهاد الحسن –أكملت السعي الجهاد في نشر كلمة ملكوت الله علي الأرض حفظت الإيمان (سليماً) وأخيراً وضع لي إكليل البر الذي يهبه لي –في ذلك اليوم الرب الديان العادل وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبونه عند ظهوره (مجيئه الثاني أيضا" (2تي 6:4-8) وختاماً لهذه النقطة نذكر أن الرب يسوع –له المجد قد أظهر للقديس يوحنا البشير بعض أمجاد أورشليم السمائية المعدة للمؤمنين المفديين ثم أعلن له ما سجله الإنجيلي في رؤياه ما يلي " «قَدْ تَمَّ! أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ. " (رؤ 1:21-6) وبالطبع لا قبلة لولا بعده كمال لما فعله الفادي في الدنيا وما أعده أيضا لأولاده في السموات من ملكوت أبدي سعيد وكامل وشامل
(3) كمال التعاليم والأقوال:
أعظم وأكمل تعليم في العالم ذاك الذي قدمه الرب يسوع للعالم وبهتت به الجموع (مت54:13) وقد طور يسوع مفاهيم الشريعة القديمة ليصل بها إلي حد الكمال المطلوب كما قال لسامعيه علي الجبل "«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. " (مت 17:5) وهكذا أوضح الرب في تعاليمه العظيمة من هم المطوبون من الله في دنياه وسماه – وعنكيفية البعادات والمماراسات الروحية ليس بالفرض أو الحبر والإلو\زام بل بمقاس الحب والإتضاع والخفاء والعمق: إن كنتم تحبونني فإحفظوا وصاياي (يو 15:14) وبعيداً عن المظهرية والسطحية والطقوس الجامدة ووضع مفاهيم جديدة للحب ليس علي أساس الأنانية بل الامحبة القائمة علي البذل والتضحية:ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه (يو 13:15) وقدم المعلم الأعظم المثال العملي للحب المثالي بالصليب والرحمة والإتضاعي الحقيقي بغسل أرجل تلاميذه وغفرانه لمن عذبوه وصلبوه وعندما إمتنع القديس الشهيد يوحنا المعمدان عن تعميده بسبب عظم قدره ومركزه الإلهي طلب منه الفادي بكل إتضاع أن يسمح له بالعماد (مثل باقي الناس الخطاة) وقال إسمح الآن لأنه ينبغي بنا أن نكمل كل بر (مت 15:3) كما قدم تعليمه للناس في قالب تربوي صالح لكل المستويات ويقوم علي أساس ذكر الأمثلة المستمدة من البيئة المحلية ثم شرحها بعمق أكثر – لتلاميذه الأخصاء وعلم بأن العظمة الحقيقية لا تكمن في السلطة والغني والمال ومناصب العالم وإنما في الإتضاع والمسكنة بالروح والخدمة (مت 19:5) وبساطة الأطفال وفي الصفح عن الإساءات وتقديم الخير للغير والصلاة من أجل المسيئين وضرورة "تنقية القلب " من دنس الخطية وعدم تعلق المؤمن بالله في نفس الوقت وفي نفس المجال كانت دعوة السيد المسيح إلي الكمال الحقيقي بعدم إنشغال المرء أكثر من اللازم بمحبة العالم إذ طلب له المجد من شاب غني كتدين أن ينمو أكثر في طريق الكمال الروحي بنبذ محبة المال ولكنه كان غير حكيم بما فيه الكفاية لأنه ظل يفضل عطايا الله عن رضاه فعاش حزيناً رغم توفر الأمور لديه (لو 16:19-22) بينما نما البقديس أنطونيوس في طريق الكمال الروحي مبتدئا بتوزيع كل ثروته علي المحتاجين ومكرساً قلبه ووقته للعبادة والجهاد الروحي وخلاص الآخرين أيضاً فنال الملكوت السعيد وإدانة النفس بدلا من إدانة الغير وطلب الحكمة واقتناء النفس بالصبر والإيمان واعتبار الألم "بركة عظمي (فيلبي 29:1) كما تضمنت تعاليمه مفاهيم سليمة للملكوت الآبدي القائم علي أساس روحي في عشرة الرب وملائكته وشهدائه وقديسيه وخدامه الأمناء وليس متع جسدية وأعلن أن التعاليم الدينية والتأملات الروحية تنير الذهن وتهذب القلب وتعين المؤمن علي الوصول إلي الحياة الفضلي وإلي الكمال الروحي أي النمو الروحي التدريجي بوسائط النعمة المختلفة "إلي ملء قامة المسيح " (أف 13:4) الوصول إلي درجة ممتازة من النمو في النعمة بالنعمة والجهاد الوحي ومن تعاليم الفادي التأكيد علي الحياة الروحية المعتدلة والتوازن بين مطالب الروح والجسد وبين العبادة والعمل مع أفضلية التكريس بالطبع والتأكيد علي خطورة العثرة علي النفس والغير وأهمية القدوة الصالحة للصغار والكبار وخطورة العثرات وضرورة السلوك بضمير صالح أمام الله والناس (أع 1:23) أي السلوك بأمانة حتي الموت (رؤ 10:2 وفي كافة الظروف وفي كل شئ القليل والمثير أي أمانة نحو الله ونحو النفس السعي لخلاصها وأمانة نحنو الأسرة ونحو الكنيسة وطقوسها وإيمانها المسلم مرة من القديسين وأمانة الإنسان أيضا في ماله وفي عمله وفي علاقته بالآخرين..الخ وقامت تعليمة العظيمة علي الإيمان والأعمال الصالحة معاً والتأكيد علي غربة الإنسان في الدنيا وضرورة الإستعداد للرحيل المفاجئ منها والتدرب علي الجدية وعلي قبول الوضع الصعب وفهم طبيعة الحياة والناس كبشر ضعفاء ومفهوم القوة في الحب وليس في الضرب وأن العنف ضعف وتتركز تعليم الكمال علي ضرورة حدوث التغير الداخلي عن طريق تغيير الفكر بتجديد الذهن (رؤ 2:12 أف 23:4) لا بتجديد الثياب (المظهر الخارجي)والتلمذة الدائمة لإكتساب الخبرة والعلم الجيد من رجال أمناء كما يعلمنا المخلص أنه ينبغي حل المشاكل بالمناقشة المنطقية الهادئة القائمة علي الإقتناع بالأدلة بدلا من الغضب والثورة أو العاطفة الهوجاء التي تدل علي الجهل المطبق متمثلين في ذلك بالري يسوع الذي كان يقدم الدليل الملموس والمثال الواضح الذي يقنع الغير ويقود إلي قبول لرأي الآخر وإلي حلول السلام في النهاية وغير ذلك من التعاليم العظيمة التي تضمها الأناجيل وبقية أسفار العهد الجديد التي ندعو الآن كل واحد لدراستها بتأمل وعمق ورغبة في الإستفادة الفعلية وحتماً سيجد فيها متعة ونعزية وعلماً نافعاً للنفس والروح والجسد ويشير القديس يعقوب الرسول إلي أن السيد المسيح "قد أعطانا الناموس الكامل ناموس الحرية " (يع 25:1) فهو الوحيد الذي يمكنه أن يحرر المرء من شهواته ومن خطاياه ويمتعه بالنمو بعد التحول من حياة النجاسة إلي حياة القداسة ويؤهله لفردوس الموعود كما يقول القديس بولس "أعد لنا المسكن الأعظم " (عب 11:9) علما بأن تعاليم المسيح توضح أن العبودية الحقيقية هي في سيطرة الخطية والعادات الردية علي الخاطئ الذي يسمع الصوت إبليس ولأعوانه من أصدقاء السوء ومن وسائل الإعلام العالية الفاسدة والمغرضة فإلجأ إليه تجد المساعدة لديه
وللحديث بقية
المزيد
27 يوليو 2019
بطرس والرب يسوع
"قال لسمعان أبعد إلى العمق وألقوا شباككم للصيد" (لوقا٤:٥).هذا ما قاله الرب يسوع المسيح لسمعان بطرس وشركائه. كان المسيح قد استعمل سفينة سمعان بطرس الصغيرة فأراد مكافأته على ذلك وكان بطرس وشركاؤه قد قضوا الليل كله يحاولون صيد السمك ولم يمسكوا شيئا والآن وفي وضح النهار نرى يسوع إبن النجار ومعلم الدين هذا يأمر بطرس أن يحاول الصيد مرة أخرى لقد كان بحر الجليل مألوفا لصيادي الأسماك. وكانت بعض المدن قائمة على شواطئهوكان كثيرون من الناس يعيشون من صيد الأسماك بإلقاء شباكهم في مياهه وسمعان بطرس من بيت صيدا كان قد اعتاد أن يصطاد الأسماك في بحر الجليل مع أخيه أندراوس. ويوحنا المعمدان يقول عن يسوع: "هوذا حمل الله" (يوحنا٣٦:١) فأحضر أندراوس أخاه سمعان إلى المسيح الذي أعطاه اسما جديدا وهو كيفا أو بطرس وهما كلمتان كل منهما تعني صخرة أو صفاة. ونجد في الكتاب المقدس أن الصخرة هي رمز لله، لذلك فإن يسوع بإعطائه سمعان هذا الاسم عنى أن سمعان سيصبح إبنا لله وشريكا في الطبيعة الإلهية (٢بطرس٤:١)وهنا على بحر الجليل يأمر يسوع سمعان أن يحاول الصيد مرة أخرى.
وعندما أطاع بطرس وشركاؤه أمر يسوع اصطادوا سمكا كثيرا جدا مما دهش له بطرس حتى أنه قال ليسوع: "اخرج من سفينتي يا رب لأني رجل خاطئ" (لوقا٨:٥). بيـد أن يسوع قال لسمعان بطرس أن لا يخاف وطلب إليه أن يتبعه. وبعد قليل جعله أحد الرسل الإثني عشر (لوقا١٤:٦) وهكذا نال بطرس صياد السمك البسيط إمتيازا مدهشا وهو السير مع الرب يسوع المسيح مدة ثلاث سنين. ومن أعظم اللحظات في حياة بطرس تلك اللحظة التي إعترف فيها بالمسيح أنه إبن الله. لقد سأل يسوع تلاميذه مرة: من تقول الناس أن إبن البشر هو؟ فقالوا، قوم يقولون أنه يوحنا المعمدان وآخرون أنه إيليا وآخرون أنه إرميا أو واحد من الأنبياء "وانتم من تقولون أني أنا؟ فأجاب سمعان بطرس وقال أنت هو المسيح إبن الله الحي" (متى١٥:١٦و١٦). فامتدح الرب يسوع بطرس على ذلك لأنه كان إعلانا خاصا له من الأب السماوي. ثم أنه وعد ببناء كنيسته وأعطى بطرس مفاتيح ملكوت السماوات، أما بطرس فلم يكن دائما ينطق بالكلمات التي أعطاها له الله. ففي الفصل نفسه بالذات أخبر يسوع تلاميذه أنه ينبغي أن يقتل وفي اليوم الثالث يقوم، فلم يستطع بطرس أن يفهم كيف أن إبن الله ملك إسرائيل يمكن أن يقتل فقال: "حاشا لك يا رب لا يكون لك هذا. فالتفت وقال لبطرس اذهب عنّي يا شيطان. أنت معثرة لي لأنك لا تهتمّ بما لله لكن بما للناس" (متى٢٢:١٦و ٢٣لم تكن هذه هي المناسبة الوحيدة التي أخطأ فيها بطرس في أقواله، فذات مرة تغيرت هيئة يسوع قدام تلاميذه وظهر له موسى وإيليا يكلمانه، فقال بطرس ليسوع: "يا رب جيد أن نكون ههنا. فإن شئت نضع هنا ثلاث مظال. لك ولموسى واحدة ولإيليا واحدة" (متى٤:١٧). لقد أراد بطرس بقوله المذكور تكريم السيد المسيح والنبيين العظيمين موسى وإيليا. ولكن الله القدير لا يشاء البتة أن يكون أي إنسان على نفس مستوى إبنه، ولذلك سُمع صوت من سحابة يقول: "هذا هو إبني الحبيب الذي به سررت. له إسمعوا" (متى٥:١٧). في أواخر حياة ربنا يسوع على الأرض قال لتلاميذه أنه سيقبض عليه فيتركونه كلهم ويهربون فلم يستطع بطرس أن يصدق أنه هو نفسه يمكن أن يعمل عملا خسيسا كهذا ولذلك قال أنه لو تركه جميع تلاميذه الآخرين فإنه لن يتركه أبدا. فأنذره الرب يسوع قائلا: "إنك في هذه الليلة قبل أن يصيح ديك تنكرني ثلاث مرات. قال له بطرس ولو اضطررت أن أموت معك لا أنكرك" (متى٣٤:٢٦و٣٥)بعد قليل جاء يسوع وتلاميذه إلى بستان جثسيماني، فتركهم يسوع وذهب ليصلي لأبيه السماوي ولما عاد إليهم وجد بطرس والذين معه نياما، فقال لهم: "أما الروح فنشيط وأما الجسد فضعيف" (متى٤١:٢٦).عندما جاء جمع كثير للقبض على يسوع فكر بطرس أنه ينبغي أن يدافع عن سيّده فاستل سيفه وضرب رجلا فقطع أذنه ولكن يسوع أبرأ الرجل. وحينئذ تركه التلاميذ كلهم وهربوا أما بطرس فتبعه من بعيد.أتوا بيسوع إلى دار رئيس الكهنة، حكم الكهنة عليه بالموت وبصقوا في وجهه المبارك. لقد أهانوه كثيرا فاستهزءوا به وضربوه ضربات كثيرة. وكان بطرس جالسا قرب النار فرأته جارية وقالت له: "وأنت كنت مع يسوع الجليلي" (متى٦٩:٢٦) فأنكر بطرس قولها قدام الجميع. وأخيرا قال بقسم: "لست اعرف الرجل" (متى٧٢:٢٦) وللوقت صاح الديك فالتفت الرب يسوع ونظر إلى بطرس وتذكر بطرس كلام يسوع وخرج إلى الخارج وبكى بكاء مرا.
ذهب الرب يسوع وحده إلى الصليب وهو وحده إحتمل عقاب خطايانا وفي أحلك لحظة وهو على الصليب صرخ قائلا: "إلهي إلهي لماذا تركتني" (متى٤٦:٢٧). والجواب عن هذا السؤال هو لأن الله وضع عليه إثم خطايانا، وأخيرا صرخ يسوع بصوت عظيم: "قد أكمِل" (يوحنا٣٠:١٩).لقد عنى يسوع بهذا القول أن العمل الضروري لخلاص البشر قد أكمل، وهكـذا مات ولكن الله أقامه من بين الأموات في اليوم الثالث ولما ذهب بطرس ويوحنا إلى القبر وجداه فارغا. فعرفا حينئذ أن يسوع قد قام حقا. وبعد ذلك بقليل إلتقى يسوع ببطرس وسامحه على إنكاره له وأعاده لخدمته وأمره أن يعلم المؤمنين الأحداث وهكذا نرى أن سمعان بطرس بن يونا كان رجلا عظيما. لقد كان إنسانا، مخلوقا بشريا، إنسانا مقصرا، ولكنه صار عظيما. وقد جعله قربه من الرب يسوع المسيح عظيما لقد دعا بطرس نفسه رجلا خاطئا لكن المسيح سامحه لإيمانه. فالإيمان هو السبب الوحيد الذي لأجله يغفر المسيح خطايا كل إنسان يتوب. لقد مات المسيح وأكمل العمل وأنا أومن به حقا وهذا كل ما يلزم لمغفرة خطاياي لم يكن بطرس إنسانا قد غفرت له خطاياه فحسب بل أنه أصبح رسولا ملهما لذلك فمن الضروري أن نسمع أقواله بانتباه وفي مجموعة الدروس هذه سنتأمل في ما قاله بطرس وما كتبه عندما كان هنا على الأرض ولا شك أنه يريد أن يقول نفس تلك الأمور في هذه الأيام أيضا فليصغ جميع البشر إلى أقوال بطرس وليصدقوها
المزيد
25 يوليو 2019
الصمت فى أقوال الآباء
الدرجى :
الصمت بمعرفة هو أم الصلاة، واسترداد من الأسر، وصيانة لاضطرام القلب، ورقيب على الأفكار، وراصد للأعداء، وضابط للنوح، وصديق للدموع، وباعث على ذكر الموت، ومصور للعقاب، ومتطلع إلى يوم الدين، وخادم للاكتئاب، وعدو للدالة، وقرين للهدوء، وخصم لحب التعليم، ونمو للمعرفة، ومبدع للتأمل، وتقدم خفى، وصعود غير منظور.
صديق الصمت يتقرب من الله وإذ يناجيه سرا يستنير بنوره.
أذن الساكت تسمع من الله العجايب.
الشيخ الروحانى (يوحنا سابا) :
سكت لسانك ليتكلم قلبك، وسكت قلبك ليتكلم الله.
اجمع حواسك من الطياشة وهدئ قلبك من الحركات لتجد فهما للذى يقال.
الجم لسانك عن الكلام البطال، بحسب كلمة ربنا، لكونك مشتاقا للكلام مع خالقك.
بقدر ما يسكت اللسان عن الكلام هكذا العقل ينير بالإفراز.
إن كان فمك ساكتا بهدوء، فقلبك يشتعل دوما من حرارة الروح.
بالصمت تحيا النفس وتستنير بنور مجد الله فترتفع من أمامها كل اهتمامات هذا العالم الزائلة، فتتحد بالله بغير إدراك.
موسى الأسود :
السكوت بمعرفة يهذب الفكر، وكثرة الكلام تولد الضجر والهوس.
السكوت يولد النسك، والنسك يولد البكاء، والبكاء يولد الخوف، والخوف يولد الاتضاع، والاتضاع مصدر التأمل فيما سيكون، وبعد النظر يولد المحبة، والمحبة تولد للنفس الصحة الخالية من الأسقام والأمراض، وحينئذ يعلم الإنسان أنه ليس بعيدا عن الله.
مار اسحق السريانى :
الصمت هو سر الدهر الآتى، أما الكلام فأداة هذا العالم.
الفم الصامت يفسر أسرار الله، أما السريع الكلام فيبتعد عن جابله.
يجب أن نجبر أنفسنا على الصمت أولا، ثم يتولد فى داخلنا ما يقودنا إلى الصمت.
صامت اللسان يبلغ رتبة التواضع بكل أحوالها، ويتسلط على الأهواء بلا تعب.
مار افرام السريانى :
السكوت أم التخشع.
السكوت مسبب للتوبة.
السكوت مرآة توضح الخطايا، وتظهر للإنسان ذنوبه.
القديس أوغسطينوس :
يتحرك اللسان بسهولة فى جو الرطوبة حيث يقيم وينزلق بسهولة فى المنحدر. وبقدر ما يتحرك بسهولة بقدر ذلك عليك ان تكون صارما معه.
القديس يوحنا التبايسى :
يا أحبائى ليكن السكون محبوبا لديكم. لأن بمداومة السكون تموت الأفكار الطائشة والتذكارات الباطلة والآلام القاتلة. لأن العقل يتقوى بالسكون أكثر من أى أمر آخر إذ ينقبض إلى ذاته، ويهدم الأفكار الشريرة، ويقطع تذكارات الحقد.
إسحق السريانى :
إذا انقطع الإنسان عن كثرة الحديث مع الناس، فهو يرجع إلى ذاته ويقوم تدبير سيرته حسنا أمام الله.
اليوم الذى لا تجلس فيه ساعة مع نفسك وتفكر فى أى شيء أخطأت وبأى أمر سقطت وتقوم ذاتك لا تحسبه من عدد أيام حياتك.
أحب السكوت ياأخى، لأن فيه حياة لنفسك. بالسكون ترى ذاتك، وخارجا عن السكون ما ترى إلا ما هو خارج عنك. وما دمت تنظر غيرك فلن ترى نفسك.
السكوت يكسب الحكمة ويجمع ملكات الفكر للمعرفة.
الفرق بين حكمة الروح وحكمة العقل أن الأولى تقودك إلى الصمت والثانية تدفعك إلى التبجح والملاججة. والصمت الحكيم يقودك إلى الاتضاع، أما التبجح والعناد فيقودك إلى الصلف والكبرياء.
إذا أردت أن تعرف رجل الله، إستدل عليه من دوام سكوته.
أنبا أنطونيوس :
يا أولادى اهربوا من النميمة ولازموا السكوت. لأن الساكت هو مقامه عند الله فى زمرة الملائكة.
المزيد
23 يوليو 2019
تقديس الوقت
فانظروا كيف تسلكون بالتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة" (أف 15:5،16).
هناك ما يسمى علم إدارة الوقت time mangment الوقت خمسة أنواع :
1- الوقت المادى :
المقصود به الثانية والدقيقة والساعة واليوم والشهر والسنة.
هام جداً لذلك حتى الثانية إنقسمت إلى مائة قسم بواسطة لاعبى الرياضة.
تقاس حضارة الشعوب بمدى الإهتمام بالوقت.
يجب أن نتعلم الدقة وليس التوتر فى المواعيد
2- الوقت البيولوجى :
بفرض بنتين عمر كل واحدة منهما 13 عام.. الوقت البيولوجى للاثنين لم ينضجوا (بعض وظائف الحياة) ومع ذلك الجسم يختلف.. ليس هناك فرق فى الوقت المادى ولكن هناك فرق بيولوجى.
3- الوقت الاجتماعى :
كل مجتمع له ملامح معينة فى التدقيق لا يفهمها مجتمع آخر أى المسيحيين عادة يحددوا بعض المناسبات ويربطوها بالصوم الكبير والعيد الصغير هذه التعبيرات لا يفهمها شخص آخر بقول فى عاشورة أو بعد رمضان أو فى أمريكا يقول عندنا long week end (فى شهر سبتمبر) أو عيد الشكر.
4- الوقت النفسى :
الحالة النفسية تجعل الوقت يختلف.. عندما نكون فرحين نشعر الوقت عبر بسرعة وعندما نكون حزانى نشعر ببطىء بمرور الوقت (مثل انتظار ميعاد الإعدام.. أو انتظار أخ لأخيه مسافر...).
أنظار الفرح مثل انتظار القديسين القديس ارسانيوس الذى كان يصلى إلى أن تشرق الشمس أمامه بعد أن كانت فى البداية خلقه..
وأيضاً فرح المخدومين بكلمة ربنا على لسان الخادم الذى يقدمها بروح مما يجعل الوقت مبهج وليس ممل.
5- الوقت الأبدى :
وهو إما سعادة أبدية أو عذاب أبدى.
أربعة مبادئ لاستثمار الوقت :
1- الأولويات :
عدم مضيعة الوقت فى التوافر ولا نجد وقت للضروريات والروحيات :
مثال : عامل لم يتفرغ لذهاب الكنيسة ويعتذر للجنة الافتقاد وبمشغولياته الكثيرة ثم فاجأته لحظة انتقاله بواسطة قالب طوب سقط عليه أثناء مسيرة فى الشارع وهنا لم تكن أمامه فرصة ووقت لحياته الروحية التى بددها وسط مشغولياته. وعلى ذلك فإن ترتيب الأوليات كالآتى : الروح ---> العقل ---> النفس ---> الجسد---> العلاقات.
2- التنظيم :
أنظم الوقت بين: القداس - الخدمة - راحة (خلوة للإشباع الروحى - ودراسة للإشباع العقلى - نفسية..).
3- التوظيف والاستفادة من الوقت :
قداس لمدة لابد أن أستفيد من هذه المدة.. خدمة لمدة انظمها لأستفيد منها.. راحة مدتها لابد أن تكون مثمرة وبناءة "مثمرين فى كل عمل صالح" (كو 10:1).
4- توفير الفاقد :
الاتزان فى حفظ توفير الوقت فليس الترويح كثيراً مفيد ولا الكبت الكثير مفيد.
المزيد
20 يوليو 2019
نقاط فى شخصية بطرس الرسول
نقاط فى شخصية بطرس الرسول
6 يوليو 2015
إن حياة بطرس مليئة بمتناقضات تستحق أن تدرس لأن كل ما كتب كتب لتعليمنا فنتعلم منها حتى لا نقع فى نفس الأخطاء عينها فبطرس كان من الشخصيات المؤثرة فيما حولها وله رأيه حيث أنه ليس من السهل أن ينقاد من أى شخص وسندرس معاً بالتفصيل.
أولاً : أن شخصية بطرس قيادية فهو لم يكن صياداً أجيراً عند أحد بل كان هو صاحب المركب ويقودها. لذلك فهذه الشخصية ليس من السهل أن ينقاد بل يميل دائماً أن يكون هو الأول وهو الذى يصدر الأوامر. ونتأمل فى أحداث مشى بطرس على الماء [مت 14: 22-33] نلاحظ أن يسوع هو الذى قال لهم أن يدخلوا السفينة ويسبقوه أى أنهم فى ملئ مشيئته. ثم أن البحر كان هائجاً وأتى لهم يسوع فوق الأمواج والتلاميذ كلهم كانوا خائفين وقال لهم يسوع تشجعوا. لا تخافوا [مت 14: 28] فأجابه بطرس وقال ياسيد إن كنت هو فمرنى أن آتى إليك على الماء. لنتأمل ونتعلم من هذا العدد.
1-نلاحظ أن كل التلاميذ كانوا خائفين ولكنهم لم يتكلموا ولم يطلبوا شئ من يسوع. فهو الذى قال لهم أن يدخلوا السفينة ثم قال لهم لا تخافوا تشجعوا لكن لماذا تكلم بطرس وحده وباقى التلاميذ ساكتين؟
2-لم يطلب أى من التلاميذ الـ 11 أن يذهب إلى يسوع بل يسوع هو الذى كان آتياً لهم. لكن بطرس وحده هو الذى طلب أن يأمره أن يأتى إليه فهو كان يثق أن يسوع إذا قال فيكون حسب قوله. رغم علمه أن يسوع هو الذى قال لهم يدخلوا السفينة ويسبقوه إلى العبر.
3-أن طلب بطرس لم يكن بثقة بل سؤاله فيه شك فقد قال إن كنت أنت هو؟ فهو يشك أنه هو يسوع.
4-فترك بطرس السفينة معتمداً على كلمة يسوع ولكن ليس بإيمان بل ليثبت هل هو يسوع أم لا لأنه قال له إن كنت أنت هو فمرنى أن آتى إليك.
5-ومشى بطرس على الماء ليأتى إلى يسوع [ماذا سيفعل أو لماذا يذهب إليه لا يعرف]. دوافعه كانت الأنا ليظهر أنه يختلف عن باقى التلاميذ.
6 -لكن لما رأى أن الريح شديدة خاف. هنا لما خاف ابتدأ يغرق.
الدروس المستفادة :
1-أن دعوة يسوع المسيح لبطرس فى [مت 4: 18-20] فقال لهما هلم ورائى فأجعلكما صيادى الناس. تعال ورائى أى لتطيعنى وأنا أقودك حيث مشيئتى فهل نسيت يابطرس ويا [ضع اسمك أنت يامن تقرأ هذه المقالة] أنك دعيت لكى تطيع الله وكلمته وتكون صياداً للناس ولم يكن حتى هذه الحادثة قد جذب أى نفس للمسيح بعد. فوعده لم يتحقق بعد إذن لابد أن للعمر بقية لينفذ يسوع وعده.
2-لماذا أنت وحدك الذى طلبت وتكلمت ألم يكن معك 11 آخرين تلاميذ مثلك ومختارين من يسوع؟ لأن شخصية بطرس يميل أن يكون قائداً ومختلفاً عن باقى التلاميذ. لماذا يابطرس لم تقل كل أخوتى لم يتكلموا؟ لماذا لم يكن لك روح الجماعة وتصمت مثلهم لأنه لم يكن قد مات فى المسيح وأصبح شخص آخر. فكثيرين فى الإجتماعات يحبون أن يكونوا ظاهرين وفى الأوائل بسبب ذواتهم أنهم لم يموتوا بعد مثل بطرس. فالعلاج هو موت الجسد فى المسيح والإمتلاء بالروح القدس وبكلمة الله. وتجديد الذهن.
3-لماذا يابطرس شكيت فى أنه يسوع ألم تعرفه من صوته من حبه من قدرته فمن يستطيع أن يأتى إليك ماشياً على الأمواج والريح شديدة ويتكلم معك بهدوء سوى شخص يسوع المسيح. فلم يكن له إيمان صحيح. رغم أنه قبل دعوة يسوع له وتبعه – أحبائى أن كثيرين يتبعون يسوع لكن الحقيقة ليس لهم إيمان حقيقى مبنى على كلمة الله وعلى شخص المسيح الحى. لذلك يخافون فى التجربة بل ويدعون أنهم أقوياء ويقعون مثل بطرس. فإذا لم يتكلم بطرس ويطلب أن يمشى على الماء لما اتفضح فى عدم إيمانه ولبقى مثل باقى التلاميذ. فكثير من المؤمنين هم الذين يسقطون فى تجارب من أفعالهم هم. فالكتاب يقول لا يرتئى المرء أكثر مما عليه.
4-ثم يابطرس عندما تأكدت أنه هو يسوع وقال لك تعال فلماذا شكيت وخفت من الريح فبدأت تغرق. وأسأل نفسك لماذا أحياناً بعد ما بدأت العمل بحماس. بدأت فى الغرق وفقدت الكثير. الإجابة لأنك بدأت بدون إيمان حقيقى فى سيدك وكلمته بدأت تخدم لتكون مثل الأخ فلان أو لتظهر نفسك أنك أحسن من أخوتك الذين معك مثل بطرس. لكنك نسيت أنه بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه ثم أن نسيت أنه هو سيدك يسوع المسيح ويجب عليك أن تسير خلفه وتطيعه. فكثيراً ما نتخذ قرارات ليست فى مشيئته فنغرق وعندما نصرخ له ينقذنا مثل بطرس.
5-ثم ما هو هدفك يابطرس من الذهاب إلى يسوع ماشياً على الماء وسط الأمواج وبالليل. ماذا سيحققه من دعوة الله لك لتكون صياداً للناس. لنتعقل ياإخوتى ونمتحن دوافعنا قبل المضى قدماً فى قرارات اتخذناها بدون ما تتفق أهدافنا مع كلمة الله ودعوته لنا.
ثانياً : فى حادثة غسل يسوع لأرجل التلاميذ [يو 13: 1-10]
فى هذه الحادثة أيضاً يسوع غسل أرجل التلاميذ حتى أتى إلى بطرس [يو 13: 6] فجاء إلى سمعان بطرس فقال له ذاك ياسيد أنت تغسل رجلى. وإن كان فى الظاهر أنه نوع من الاحترام لكن فى داخله عدم خضوع للأسباب الآتية :
أ - لقد قام بغسل تلاميذ قبلك ولم يقول أي تلميذ للرب شئ أو إعتراض.
ب- بطرس يقول له ياسيد. فإذا كان سيدك يابطرس فيجب عليك أن تطيعه مادام هو الذى طلب منك ثم [يو 13: 8] قال له بطرس لن تغسل رجلى أبداً. تصميم بطرس الخاطئ رغم الذى رآه من يسوع والتلاميذ لكنه متمسك برأيه. فهو محتاج أن يكون هادئاً ويتحرك بإيمان ويقول لنفسه هل أنا أفهم أكثر من يسوع الذى أتبعه. ألاحظ كثيرين من المؤمنين يفعلون مثل بطرس مثلاً يقولون لى كيف أقول كلمات غير مفهومة لى [عن التكلم بالألسنة] أقول لهم هو يريدك أن تفعل ذلك. فلا تدعى المفهومية أكثر من الله.
ثالثاً : حادثة إنكار بطرس للمسيح
[مر 14: 27-31] أيضاً بطرس يشعر أنه مختلف عن باقى التلاميذ فيقول ليسوع أن شك فيك الجميع فأنا لا أشك. فبطرس معتز بنفسه واثقاً فى نفسه ويجادل مع يسوع المسيح. لقد قال له بأكثر تشديد ولو اضطررت أن أموت معك لا أنكرك أحبائى. إن كثيراً ما نتفوه بكلمات للرب دون أن ندرى خطورتها وأنه يسمع كل ما تقوله فلا تتعجل. "لا تستعجل فمك ولا يسرع قلبك إلى نطق كلام قدام الله" [جا 5: 2].
أحبائى. كثيراً ما نسقط بكلام قدام الرب لا نقدر أن ننفذه.
رابعاً : فى حادثة رجوعه للصيد [يو 21: 2-13]
بطرس أيضاً يتحرك بحماس دون فهم لما كان قاله لهم يسوع. فبعد الصليب تزعزع بطرس مرة أخرى وفكر وقرر أن يعود لمهنته وهى صيد السمك فقال لإخوته أنا أذهب لأتصيد. ألم يدعوك يسوع لترك صيد السمك وجعلك صياداً للناس. إياك وترك دعوتك مهما كان السبب ومهما كان العيان يقول والضغط والشك حولك, فكثيرين لهم خدمة فى أماكنهم لكنهم ينظرون الأحداث حولهم فيتحركوا بالجسد ويخسرون الكثير. دائماً تفكر فى دعوتك ولابد أن تتم وتتحقق مهما طال الزمن.
خامساً : تحقيق وعــد يسوع لهم بالإمتلاء بالروح القدس وتلبســون قوة من الأعالى [أع 2: 1-41]
نلاحظ أيضاً بطرس هو الذى تكلم لكن تحت مسحة وقوة الروح القدس لذلك كانت كلماته ممسوحة وأتى بثمر كثير. لأنه إمتلأ من الروح القدس.
أحبائى. خلاصة هذه المقالة أن لا تتكلم وتتحرك من نفسك معتمداً على شخصيتك وقوتك. بل إعمل عمل الله بالروح القدس وبمسحة الله لك وفى وقت الله وحسب مشيئته ولا تدعى أبداً فهمك أكثر من الله فتعلم أن تطيعه فى كلمته كما هى لا تضيف لها أو تنقص منها وأيضاً تعلم أن تخضع لروح الجماعة وتكون متحداً مع أخوتك ولا تميز نفسك عن أخوتك بل كما قال يسوع : من أراد أن يكون أولاً يكون آخر الكل وخادم الكل وأيضاً تعلم أنه إذا تأخرت وعود الله معك فلا ترجع أبداً إلى الوراء وتقول مثل بطرس "عودة للصيد" إخدم الرب وأنت معتمداً على وعوده وكلمته فقط ومسحه وقيادة الروح القدس لك. وغير معتمداً على شخصيتك وتأثيرها على الناس وتكون دائماً خلف سيدك ولا تسبقه ولا تدعى يوماً أنك تفهم أكثر من الله. فهو خالقك وصانعك ويعرفك أكثر مما تعرف أنت نفسك فإذا وضعت يدك على المحراث لا تنظر خلفك أبداً. وأى كان المطلوب منك مادمت متأكد أنه من الله ويتفق مع كلمة الله فعليك أن تنفذه وتعمله بدون أى اعتماد على أفكارك أنت لتكون رجل حسب قلب الله.
المزيد
18 يوليو 2019
الفضائل
1 ـ تختلف الفضائل حسب اختلاف المنبع،
ولقد فرق فم الذهب بين الحياة الفاضلة على المستوى الأخلاقي الاجتماعي البحت، وبين حياة الفضيلة خلال الشركة مع الله لنكون على شبهه وندخل إلى الحياة الملائكية السمائية، التي ينبغي أن نحياها.
2- الفضائل عقد واحد :
ويقول ذهبي الفم ليست الحياة الفاضلة مجموعة من الفضائل المتراصة، لكنها وحدة واحدة متكاملة، كل فضيلة تمثل جانبا منها. " وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به ".
3 ـ توجد فضائل تحفظ الفضائل (بدونها لا تبقى الفضيلة) :
أ ـ التمييز :
يقول يوحنا الدرجي " التمييز عند المبتدئين هو معرفة ذواتهم معرفة حقيقية. أما عند المتوسطين فهو حس داخلي لا يخطئ، يميز السجية الصالحة حقا عن السجية الطبيعية وعن السجية الرديئة. وأما عند الكاملين فهو معرفة ناتجة عن استنارة إلهية تستطيع أن تضيء بمصباحها ما هو مظلم عند الآخرين "
وقال : ( كما أننا نستقي من البئر ضفدعا مع الماء أحيانا، على غير انتباه منا، كذلك كثيرا ما نصنع الرذائل مضفورة مع الفضائل بصورة غير منظورة. فإن الشراهة مثلا تختلط مع ضيافة الغرباء، والزنى مع المحبة، والدهاء مع التمييز، والخبث مع الفطنة، ثم يندس مع الوداعة كل من الغش والمماطلة والبلادة والمحاججة واتباع المشيئة الذاتية وعدم الطاعة، ومع الصمت ادعاء العلم، ومع الفرح الغرور، ومع الرجاء التواني، ومع المحبة الإدانة، ومع الهدوء الضجر والكسل، ومع الطهارة الحدة، ومع التواضع الدالة، ويرافق العجب هذه الفضائل كلها بمنزلة مرهم بل سم مشترك يطليها )
ب ـ المحبة :
وقال الدرجى : أبصرت فلاحين يلقون في الأرض نوعا واحدا من البذار إلا أن كلا منهم قصد من زرعه غرضا خاصا به. فالواحد كان غرضه أن يوفى ديونه، والآخر أن يجمع ثروة، وغيره أن يكرم سيده بالهدايا، وآخر أن يتصيد بحسن عمله مديحا من المجتازين في طريق العمر، وغيره أن يحزن عدوه الذي يحسده، وغير هؤلاء أن لا يلومه الناس على بطالته. وهذه أسماء البذار الذي ألقاه الفلاحون في الأرض : صوم وسهر وصدقة وخدمة وما إلى ذلك. فليفحص كل أخ قصده بعناية في ضوء مشيئة الرب.
جـ ـ الاتضاع :
كلمات بولس الرسول " و لكن لنا هذا الكنز في أوان خزفية ليكون فضل القوة لله لا منا " (2كو4 : 7)
قصة الراهب الذي كان يصلى الصلاة الربانية مهلا مهلا.
د ـ الحق :
فالتشجيع لا بد أن يكون بالحق. والامتداح كذلك. فالذي يسند المحبة لئلا تنحرف هو الحق. وهكذا كل الفضائل.
فضيلة التسليم :
كانت هذه الفضيلة عجيبة ومؤثرة "ليكن لى كقولك"، تسبب لكِ متاعبِ.. يشك فيك يوسف.. لتكن مشيئتك يا رب، ربنا تدخل وأفهم يوسف.
ولكن أين كانت الولادة؟ لا بيت ولا فندق ولا حتى غرفة حقيرة.. إنه مزود حيوانات.. لتكن مشيئتك يارب، وها هم المجوس فى زيارة المولود، يقدم المجوس ذهباً ولباناً ومراً.. إذن لماذا الألم يارب؟ إنها رحلة صليب.. لتكن مشيئتك يارب، ويأتى سمعان ويقول: "أنه وضع لقيام وسقوط كثيرين فى إسرائيل ولعلامة تقاوم" لتكن مشيئتك يارب إنه كنز العذراء، وحتى عند تعذيب اليهود له، وعند صعوده على الصليب..
كان التسليم عجيباً "أما العالم فيفرح لقبوله الخلاص وأما أحشائى فتلتهب عند نظرى إلى صلبوتك، الذى أنت صابر عليه من أجل الكل يا أبنى وإلهى".
هل سألته لمن تتركنى؟ من ينساها... إنه تسليم فى كل مراحل الحياة.. لتكن مشيئتك.
هل نحن نفعل ذلك أن نقول: "ليكن لى كقولى" تأملوا فى هذه العبارة "لست تفهم الآن ماذا اصنع ولكن ستفهم فيما بعد".
قيل في الفضائل :
الصلاة أم الفضائل، والتواضع الخيط في المسبحة، والطهارة زينة الفضائل، والمحبة عصير الحياة الذي يجرى في كل الفضائل.
يقول الدرجي :
المحبة والتواضع زوج طاهر جليل. لأن الأولى ترفع أما الثاني فيحفظ الذين ارتفعوا ولا يدعهم يوما يسقطون.
ويقول : الخاصة الأولى لثالوثية التواضع هي اقتبال الإهانة بسرور كعلاج شاف لأسقام النفس ومحرق لخطاياها.
والثانية تلاشى كل غضب مع عدم التباهي بالعزوف عن الغضب.
والثالثة حذر صادق من الحسنات الذاتية، ورغبة دائمة في التعلم.
ويقول : المتواضع لا يتحرى عن الخطايا، أما المتكبر فيفحص عن أحكام الله.
ويقول : يتخذ البعض مدعاة للتواضع :
ـ السيئات السابقة حتى بعد غفرانها.
ـ آلام المسيح فيحسبون ذواتهم مدينون له أبدا.
ـ النقائص الحاصلة منهم كل يوم.
ـ التجارب والهفوات العارضة لهم.
ـ الافتقار إلى المواهب.
ـ ازدياد مواهب الله فيهم مع عدم استحقاقهم.
ويقول : لقد وجد الكثيرون الخلاص خلوا من نبوءات واستنارات وآيات وعجائب. ولكن لن يدخل أحد خدر العرس بدون الاتضاع. لأن هذا حفظ أولئك وبدونه صارت تلك سببا لهلاك العادمين الفطنة.
ويقول مار اسحق السرياني :
التواضع وشاح الألوهة، لأن الكلمة المتجسد تسربله وكلمنا عنه من خلال أجسادنا. فكل من يتسربله يتشبه حقا بذلك الذي انحدر من علوه وغطى فضيلة عظمته بالتواضع وستر مجده به كي لا تلتهب الخليقة بمنظره.
ومن كلمات القديس أوغسطينوس :
السيد المسيح باب وضيع، إن أردت أن تدخل منه فعليك أن تتواضع لتتمكن من الدخول دون أن يصاب رأسك بأذى.
التواضع في السيئات لا يغيظ الله كالكبرياء في الصالحات.
عليك أن تفكر بما ينقصك أكثر مما تفكر بما لديك.
كن دوما غير راض عما أنت فيه، إن شئت أن تصل إلى ما لم تبلغه حتى الآن.
الأعرج السائر على الطريق أفضل من العداء خارجا عنها.
ويقول أنبا أشعياء :
+ التواضع نوعين : أمام الناس أن يجعل الإنسان نفسه أصغر وأحقر من الكل.
وأمام الله أن يحسب نفسه أنه خاطئ وما صنع ولا صلاحا واحدا قدام الله.
+ وهذه أعمدة التواضع التي يقوم عليها :
1 ـ لا يقايس الإنسان نفسه مع كل أحد بل يحسب نفسه أصغر وأحقر من كل أحد.
2 ـ لا يقاوم الآخرين ليقيم هواه ويغلب.
3 ـ يطيع كل أحد.
4 ـ نظره متعفف ومطأطئ إلى أسفل.
5 ـ يضع موته قدام عينيه دائما.
6 ـ يحفظ نفسه من الكذب.
7 ـ لا يتكلم بالأباطيل والضحك المنحل الذي يبطل بحفظ العقل والفم.
8 ـ لا يجاوب من هو أكبر منه ( مثل قايين الذي أجاب الله بعظمة ).
9 ـ يحتمل الإهانة والاحتقار.
10 ـ يبغض النياحات والشهوات والمفاوضات والطياشة والحكايات.
11 ـ يعود نفسه بالأعمال الجسدية، ويعود نفسه بعمل العقل.
12 ـ يغصب نفسه ويقطع هواه ويعمل إرادة أخيه.
13 ـ لا يغضب.
ويقول مار أوغريس :
الاتضاع هو عطية من الثالوث القدوس ـ وهو طريق الملائكة ـ ونار على الشياطين ـ وإمارة للحكمة ـ ويطرد الجهل ـ ونور للنفس ـ ونقاوة للعقل ـ وتذكار للموت ـ ومحب للتعب مع آخرين ـ وميناء للمحبة ـ وكنزا مخفيا وغنى لا يسرق ـ وفعل الخلاص معطى الحياة الأبدية ـ وغلبة للأعداء ـ ورباط للصلح ـ وأساس للطاعة ـ ودوس على العالم ـ وباب للسماء.
المزيد
13 يوليو 2019
بطرس الرسول كخادم
القديس بطرس الرسول لم يكن خادما ًمثاليا، ولم يختلف عن باقي الرسول ولم يكن له صفات معينه تفرق بينه وبين الرسل، فهو إنسان طبيعي، ولن قدوة ولكن قدوة الله التي علمت فيه بصورة كبيرة وأخرجت لنا بطرس الرسول كخادم وهناك نقط في حياة القديس بطرس سوف نتكلم ومن هذه النفط والصفات :- أولا: دعوة بطرس
+حدثت دعوة بطرس عندما مر عليه السيد المسيح ودعاه للخدمة وقال أتبعني، وعلي الفور ترك بطرس الشباك وتبع السيد المسيح، لقد كان بطرس الرسول صيادا للسمك، ولم يحمل أي مؤهلات، وهذا يعني أن الله يختار تلاميذه لا ينظر إلي الإمكانيات العملية أو العقلية فإختار السيد المسيح لم يكن قائم بناء علي المؤهلات أو المواهب ولا الإمكانيات والطاقات، فبطرس ليس لديه خبرة بشئ إلا بالبحر فهو لا يغرف إلا السمك أنواعه، أسعاره
+ولم يكن القديس بطرس صاحب جاه أو مركز أو مال بل كان فقيرا وهذا يدل علي أن الله لا يختار أشخاص معينين أو أشخاص مختلفين أو لهم مميزات عن غيرهم فدعوة الله ليست قاصرة علي أصحاب المواهب طبل اختار الله جهال العالم ليخزي الحكماء واختار الله ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء (1كو27:10)ولكن ما هو المعيار أو المقياس الذي تم بناء عليه اختيار القديس بطرس؟! المعيار هو القلب فالله ينظر إلي القلب وليس إلي العينين فقد كان القديس بطرس يتمتع ببساطة قلب فالله ينظر إلي القلب وليس الإمكانيات والمواهب. والله نظر إلي القديس بطرس فوجد في قلبه :- حب للخدمة قلبه كان ملئ بالمحبة، رغم أن المعالم الخارجية لشخصه بطرس لم توحي بذلك.
ثانيا: غيرة بطرس
كان بطرس شخصية غيورة ولكن بلا فهم غير مصحوبة بالتسرع والاندفاع والتهور هناك كثيرون لهم غيرة وليس لهم حكمة وهذا نوع خطير في الخدمة فالغيرة وحدها لا تكفي !!فلا يصح أن يكون الشخص له غيرة جاهلة !أو غيرة بلا فهم فالغيرة السليمة هي الغيرة التي بلا تهور أوإندفاع فلا يصلح أن يكون الخادم ضراب أو مهين أو مجرح لشعور الأخرين فالإصلاح لا يكون فقط بالغيرة التي يصاحبها الحماقة والتهور دون حكمة او فهم.
+فالمهم هو الحكمة والاقتناع والعمق فالغيرة التي يصاحبها عنف هي غيرة مرفوضة في الخدمة... والغيرة التي تجرح شعور الأخرين غير مطلوبة.
+السيد المسيح عندما قلب موائد الصيارفة لم يؤذي أحد من الناس، فكان غرضه منصب علي هذه الموائد.
+وعندما جاء اليهود ليقبضوا علي السيد المسيح اندفع بطرس. وقطع إذن عبد رئيس الكهنة، ولكن السيد المسيح اعترض علي هذا العمل وقال له : " رد سيفك إلي مكانه لأن كل الذين يأخذون بالسيف بالسيف يهلكون " (مت 52:26)وقام السيد المسيح بإعادة الأذن للعبد مرة أخري بمعجزة
+فالغيرة المصحوبة بالعنف تأتي بنتائج عكسية فهي تدفع إلي الناس وتبعدهم عن الكنيسة ولا تجعلهم يقتربون منها.. فلذلك الغيرة الجاهلة هي منتهي الخطورة علي الخدمة .
ثالثا ً: إيمان بطرس
كان بطرس مؤمنا إيمان عظيم بالسيد المسيح، ولكن هذا الإيمان كان لإيمان عاطفي وليس إيمان عقلي والمفروض أن يكون الإيمان مبنيا علي العاطفة والعقل معا ً
+وكان نتيجة هذا الإيمان العاطفي أن بطرس هو أول شخص من التلاميذ اعترف بلا هوت السيد المسيح عندما سـأل السيد المسيح التلاميذ من يقول الناس إني أنا فرد بطرس وقال " أنت هو المسيح ابن الله الحي " ( مت 16:16 ) فامتدح السيد المسيح إيمان بطرس وقال له "طوبي لك يا سمعان بن يونا لأن لحما نودما لم يعلن لك لكن لأبي الذي في السموات " (مت 17:16)
وعندما أعلن السيد المسيح أنه سيتألم ويصلب إندفع بطرس
+وعندما أعلن السيد المسيح أنه سيتألم ويصلب إندفع بطرس وقال "حاشا يارب " فإنتهره السيد المسيح وقال (اذهب عني يا شيطان ) وذلك لأن ايمان بطرس هو ايمان عاطفي وليس ايمان عقلي.. ولذلك فالخادم العاطفي في الخدمة أحيانا يكون قوي وأحيانا ضعيف فالحكمة في الخدمة شئ مطلوب.
رابعا :كان بطرس خادماً مليئا بالرجاء
+كان بطرس ملئ بالرجاء، فقد فعل بطرس ما فعله يهوذا الأسخريوطي ويمكن أبشع منه
!فقد ذهب يهوذا وباع السيد المسيح وأخذ ثلاثين من الفضة لمجرد أن يعرف اليهود طريق المسيح فقط، فقال لهم من أقبله هوهو أمسكوه ن وبعدما وحكموا علي السيد المسيح شعر يهوذا أنه أسلم دما بريئا، وحاول إرجاع الفضة التي أخذها ولكنهم رفضوا فذهب وشنق نفسه لأنه لم يكن عنده رجاء أن السيد المسيح بعد صلبه وقيامة وسوف يغفر له خطيته، أما بطرس الرسول فقد أنكر السيد المسيح بل لم يكتفي بذلك فقد لعن وسب وجدف علي السيد المسيح أمام جارية !!ولكن بطرس بكي بكاءا مرا علي عملته هذه وكان عنده رجاء أن السيد المسيح سوف يغفر له خطيته، وأصر القديس بطرس علي تبعية السيد المسيح وهذا دليل علي أنه عنده رجاء أن الله ان يرفضه.. فذهب إلي العلية وأصر علي ترك التلاميذ..
+ وبعد القيامة قال الملاك للنسوة " أذهبن وقلن للتلاميذ ولبطرس أنه يسبقكم إلي الجليل وظهر السيد المسيح لبطرس علي بحر طبرية وعاتبه عتاب المحبة وقال له " يا سمعان ابن يونا أتحبني "(ثلاث مرات ") فد بطرس عليه "أنت تعلم يارب أني أحبك " فقال له السيد المسيح "أرع خرافي " وبكي بطرس ومع ذلك لم يفقد القديس بطرس رجاءه في القيامة في محبة المسيح وغفرانه وهذا يدل علي أنه كان ملئ بالرجاء فالمفروض أن الخادم يكون لديه لرجاء في المسيح فمهما فعل الخادم فالمسيح لن يتركه
خامساً : الله يستطيع أن يحول الصفات الغريبة في الخادم إلي صفات جميلة
كان في بطرس صفة الاندفاع والتهور وقد حول السيد المسيح هذه الصفات الغريبة لتكون وسيلة للمنفعة فكان بطرس مشهور بصفة التسرع وهذه الصفة نفعت في يوم الخمسين (يوم حلول الروح القدس ) فعندما قال اليهود عن التلاميذ يوم الخمسين أنهم سكري قام بطرس بشجاعة وأقحمهم (وكانت أورشليم مكتظة باليهود من جميع بلدان العالم ومن جميع الجنسيات ) فقام بطرس واندفع ودافع عن المسيحة والتلاميذ. فباندفاعه هذا قام وتكلم ووعظ الناس وفي هذا اليوم أمن 3 ألاف نفس وكانت أكبر عملية تبشير بعد حلول الروح القدس علي التلاميذ فالله استخدم اندفاع بطرس وشجاعته لصالح الخدمة.
+وعندما طلب اليهود من التلاميذ ألا يتكلموا عن السيد المسيح ويبشروا به، فبشجاعة قال بطرس والتلاميذ "لا نستطيع أن نتكلم بما سمعنا ورأينا " (أع 20:4) ان الله استخدم التهور عند بطرس للكرازة والخدمة.
الله يستخدم كل ضعفات وطاقات الخادم في الخدمة لكي تثمر، فالمسيح لم يغير طبيعة بطرس ولكن عرف كيف يستخدمها في الخدمة ولخير الناس.
+وقد يكون الخادم متشددا ًمع الأولاد في الخدمة فحزمه وتشديده علي الأولاد لحضور القداس ومدارس الأحد قد يؤدي انتظام والتزام الأولاد علي المواظبة.
+أو تشديد أمين الخدمة أو أمين الأسرة مع الخدام من جهة التحضير والافتقاد والقراءات الروحية والجدول الروحي مهم ويقيد الخدام والخدمة.
+أن الله لا يغير طبيعة أي شخص من الرسل ولكنه استخدمه كما هو بشخصيته المميزة فالله لا يغير طبيعة الإنسان ولكن فقط قد يعدل من شخصيته للأفضل
المزيد
12 يوليو 2019
إستشهاد القديسين الرسولين بطرس و بولس وفطر صوم الرسل
في مثل هذا اليوم إستشهد القديسان العظيمان الرسولاً ن بطرس و بولس . أما بطرس فكان من بيت صيدا وكان صيادا فإنتخبه الرب ثاني يوم عماده بعد انتخابه لأخيه إندراوس . وكان ذا إيمان حار وغيرة قوية ولما سأل الرب التلاميذ . ماذا يقول الناس عنه . أجابوا : " إيليا أو إرميا أو أحد الأنبياء " فقال بطرس " أنت هو المسيح ابن الله " وبعد ان نال نعمة الروح المعزي جال في العالم يبشر بيسوع المصلوب ورد كثيرين إلى الإيمان وقد أجرى الله على يديه آيات كثيرة وكتب رسالتين إلى جميع المؤمنين . ولما دخل رومية وجد هناك القديس بولس الرسول ، وبكرازتهما آمن أكثر أهل رومية فقبض عليه نيرون الملك وأمر بصلبه . فطلب ان يصلبوه منكسا وأسلم روحه بيد الرب .
أما بولس الرسول فقد ولد بطرسوس قبل ميلاد المخلص بسنتين ، وهو من جنس يهودي من سبط بنيامين ، فريسي ابن فريسى وكان عالما خبيرا بشريعة التوراة شديد الغيرة عليها مضطهدا المسيحيين .
ولما رجموا إسطفانوس كان يحرس ثياب الراجمين . وأخذ رسائل من قيافا إلى اليهود المتوطنين في دمشق للقبض على المسيحيين . وبينما هو في طريقه إلى دمشق أشرق عليه نور من السماء فسقط على الأرض وسمع صوتا قائلا له : " شأول شأول لماذا تضطهدني (أع 9 : 4 ) " فقال : " من أنت يا سيد " . فقال الرب " أنا يسوع الذي أنت تضطهده . صعب عليك ان ترفس منأخس " ثم أمره ان يذهب إلى حنانيا بدمشق وهذا عمده وللحال فتحت عيناه وامتلأ من نعمة المعزي ، وجاهر بالإيمان وجال في العالم وبشر بالمصلوب وناله كثير من الضرب " الحبس والقيود وذكر بعضها في كتاب أعمال الرسل وفي رسائله ثم دخل رومية ونادي بالإيمان فأمن على يديه جمهور كثير . وكتب لهم الرسالة إلى أهل رومية وهي أولي الرسائل الأربع عشرة التي له . وأخيرا قبض عليه نيرون وعذبه كثيرا وأمر بقطع رأسه . وبينما هو ذاهب مع السياف التقت به شابه من أقرباء نيرون الملك كانت قد آمنت على يديه فسارت معه وهي باكية إلى حيث ينفذ الحكم . فعزاها ثم طلب منها القناع ولف به وجهه وأمرها بالرجوع وقطع السياف رقبته وتركه وكان ذلك في سنة 67 م فقابلت الشابة السياف أثناء عودته إلى الملك وسألته عن بولس فأجابها : " أنه ملقي حيث تركته . ورأسه ملفوف بقناعك " فقالت له : " كذبت لقد عبر هو و بطرس وعليهما ثياب ملكية وعلي رأسيهما تاجان وناولني القناع . وها هو " وأرته إياه ولمن كان معه فتعجبوا من ذلك وأمنوا بالسيد المسيح .وقد اجري الله على يدي بطرس و بولس آيات عظيمة حتى ان ظل بطرس كان يشفي المرضى (أع 5 : 15 ) ومناديل ومآزر بولس تبريْ الكثيرين فتزول عنهم الأمراض وتخرج الأرواح الشريرة (أع 19 : 12) . صلاتهما تكون معنا ، ولربنا المجد دائمًا . آمين
هذا هو اليوم الذي تعيد فبه الكنيسة بفطر الرسل ويعمل اللقان بعد رفع بخور باكر فى الخورس الثالث وبملابس الخدمة .
المزيد
11 يوليو 2019
التأمل.. ما هو؟ وما هي مجالاته؟
التأمل في أي أمر معناه الدخول إلى العمق، سواء في عمل الفكر، أو عمل الروح. هو أيضًا الوصول إلى لون من المعرفة فوق المعرفة العادية الخفية، معرفة فوق الحس، معرفة جديدة عليك، ومبهجة لروحك، تجد فيها غذاءً ومُتعة روحية. أو التأمُّل هو تفتح العقل والقلب والروح، لاستقبال معرفة يرسلها اللَّه من فوق، أو من داخل روح الإنسان. والتأمُّل يناسبه السكون والهدوء، والبُعد عن الضوضاء التي تشغل الحواس، وبالتالي تشغل العقل وتبعده عن عمل الروح فيه. ويزداد التأمُّل عمقًا كُلَّما تتحرَّر الحواس من الشغب الحالي، ويتحرَّر الإنسان من سيطرة فكره الخاص، لكي يستقبل ما تعطيه الروح.
وللتأمُّل مجالات كثيرة، نود أن نتناولها بالتفصيل... هناك تأمُّل في كلام اللَّه، أو في الصلاة والتدبير والألحان. أو التَّأمُّل في الخليقة والطبيعة، أو في السماء والملائكة، أو التَّأمُّل في الموت والدينونة وما بعدها. وهناك تأمُّل في الأحداث وفي سِيَر القديسين، وفي الفضيلة عمومًا، وفي وصايا اللَّه. وهناك نوع آخر هو أسمى من التَّأمُّل في صفات اللَّه الجميلة. ومنها التأمُّل في المُطلق، في الحق، في الخير. على أن موضوعات هذا التَّأمُّل قد تكون أكثر من أن نحصيها، بحيث يتأمَّل الإنسان الروحي في كل شيء، حتى في الماديات، يحاول أن يستخرج منها روحيات تفيده.
من جهة التَّأمُّل في كلام اللَّه: فكلام اللَّه هو روح وحياة. والكلمات هي مُجرَّد غُلاف، يُغلِّف معاني داخلها. كالصدفة التي تحوي داخلها اللؤلؤ. وفي التَّأمُّل ينبغي أن تكشف الصدفة، وتأخذ اللآلئ التي في داخلها. وهنا تُصلِّي مع داود النبي وتقول: "اكشف يا رب عن عينيَّ، لأرى عجائب من شريعتك". أي تكتشف العمق الموجود في الوحي الإلهي. فإلهنا الحنون ينير عقولنا وأفهامنا لندرك عُمق وصاياه. حقًا يا رب بنورك نُعاين النور. وهنا يكون التَّأمُّل عبارة عن تقديم عقولنا إلى اللَّه، لكي بنعمته يملأها بالفهم الذي من عنده. أو هو تلمذة على نعمة اللَّه، وتدريب كيف نأخذ منها الفهم الذي تريد أن تعطيه. فلا تقف يا أخي عند حدود العقل. بل اتخذ العقل وسيلة للوصول إلى الروح. والروح توصلك إلى اللَّه الذي عنده كل كنوز المعرفة فيعطيك.
القارئ السطحي في كلام اللَّه، قد يقرأ كثيرًا ولا يتأمَّل. أمَّا القارئ الروحي، فالقليل من قراءته يكون له نبع تأملاَّت لا ينضب. إن كلمة واحدة أو عبارة تستوقفه، فيغوص في أعماقها، ويظل سابحًا في تلك الأعمال. وهو يقول مع داود النبي: "لكل كمال رأيت منتهى، أمَّا وصاياك فواسعة جدًا". لأنه في التأمل قد يفتح اللَّه قلبه، فيرى في الآية الواحدة كنزًا عظيمًا، مهما اغترف منه لا ينتهي...
إذن كتدريب روحي، خُذ لك كل يوم آية للتَّأمُّل تكون قد تركت في نفسك تأثيرًا عميقًا أثناء القراءة... ورُبَّما تكون معاملات اللَّه مع الناس مجالًا واسعًا للتَّأمُّل... سواء معاملة الله تبارك اسمه مع قديسيه الذين أحبوه وأطاعوه. أو معاملته للخطاة الذين انتفعوا من طول أناة الله عليهم التي قادتهم إلى التوبة... إن شخصيات الكتاب أيضًا تصلح مجالًا للتَّأمُّل.
إن التأمُّل في وصايا اللَّه سوف يشغل نفسك أثناء النهار بفكر روحي. ويظل هذا الفكر يتعمَّق فيك. والفكر يلد فكرًا من نوعه، ويلد أيضًا الكثير من المشاعر والعواطف والتَّأمُّلات. ويصبح قلبك نقيًا تعمل فيه كلمة اللَّه. ولا يقف الأمر عند حدود اللذة بالمعرفة، إنَّما يتطوَّر ليكون له تأثيره في حياتك العملية. لذلك إن استطعت أن تُطبِّق تأملاتك على حياتك، وتستخرج منها منهجًا تسير عليه، يدخل في علاقاتك مع اللَّه ومع الناس.
وإن لم تكن لك موهبة للتَّأمُّل في الكتاب، فاقرأ تأملات الأبرار الذين اتصفوا بعُمق تأملاتهم في الكتاب.
أمَّا من جهة التأمُّل في الطبيعة فهو ليس مُجرَّد تأمُّل في جمال الطبيعة، إنما بالأكثر ما تُقدِّمه لنا من روحيات، كما قال داود النبي في مزاميره: "السموات تُحدِّث بمجد اللَّه، والفلك يخبر بعمل يديه". وهنا نتدرج من التأمُّل في الطبيعة إلى التَّأمُّل في عظمة اللَّه خالقها. وهنا أتذكر قول الشاعر:
ها ذي الطبيعة قِف بنا يا ساري حتى أريك بديع صنع الباري
وقديمًا كانوا يدرسون الفَلَك في الكليات اللاهوتية. لأنَّ النظام العجيب الدقيق الذي فيه، يُثبت وجود خالق كُلِّي القدرة استطاع أن يوجد كل ذلك. إن كانت السماء المادية مكانًا عظيمًا للتَّأمُّل، فكم تكون السماء التي هي عرش اللَّه!! ويرتبط التأمُّل في السماء بتأمُّل آخر في الملائكة... بل على الأرض يمكن أن يكون هناك تأمُّل في جمال الورود والأزهار. وما أكبر الفارق بين الزهور الطبيعية وغيرها من الزهور الصناعية، التي مهما أفتن الإنسان في صنعها، فهي بلا حياة، بلا رائحة، بلا نمو... وكذلك التأمُّل في طيور السماء، في تعدُّد أنواعها وأشكالها ونغمات أصواتها، وطباعها، ورحلاتها.
بل التأمل في النملة النشيطة حيث لم أرَ في حياتي كلها نملة واقفة، بل هي دائمة الحركة. . وفي ذلك قال سليمان الحكيم: "اذهب إلى النملة أيها الكسلان. تأمُّل طُرقها وكُن حكيمًا". بل أكثر من هذا إذا تأمَّلنا في النحل حيث نأخذ منه أيضًا تأمُّلًا في النظام الداخلي الذي تعيشه مملكة النحل، وكيف خلقها اللَّه بإمكانيات وقدرات عجيبة... تستطيع أن تجمع الرحيق وتصنعه شهدًا، وكيف تصنع غذاء الملكات! وكيف تبني خلاياها بهندسة متقنة عجيبة، وكيف تطير رحلات بحثًا عن الزهور والرحيق. وما أعجب ما قاله عنها أمير الشعراء أحمد شوقي:
مملكة مُدبّرة بامرأة مؤمَّرة
تحمل في العمال والصناع عبئ السيطرة
أعجب لعمال يولُّون عليهم قيصرة
إن الإنسان الروحي يستطيع أن يتخذ كل شيء مجالًا للتَّأمُّل. ويستطيع أن يستخرج من الماديات ما تحمله من دروس روحية.
كذلك جسم الإنسان هو مجال واسع للتَّأمُّل يدل على عظمة الخالق، فما أعجب القدرات التي وضعها اللَّه في المُخ، وفي القلب، وفي كل أجهزة الجسم البشري، وكيف تعمل متناسقة في اتزان عجيب. وبعض هذه الأجهزة إذا تلف، لا يقدر كل التَّقدُّم العلمي على إرجاعه إلى وضعه الطبيعي.
هناك تأمل آخر في الأحداث، ويد اللَّه في بعض الأحداث، وفي تدبير كل شيء إلى الخير.
ولا ننسى التأمُّل في الموت، وفي القيامة، وفي الدينونة، وفي صفات الله الذاتية مثل الأزلية والقدرة على كل شيء والوجود في كل مكان. وأيضًا تأمل صفات اللَّه في معاملته مع البشر
المزيد