المقالات
18 مايو 2020
البُعد اللاهوتي - البعد الروحي - البعد الطقسي
البعد اللاهوتي في هذا العيد:
1- قدرة السيد المسيح بفعل لاهوته أن يقوم من بين الأموات. القدرة على الإقامة من الموت هي من صفات اللاهوت سواء لاهوت الآب أو لاهوت الابن أو لاهوت الروح القدس. (رومية 1: 4)
"وتعين ابن الله بقوة من جهة روح القداسة بالقيامة من الأموات". إذًا هو الله واهب الحياة.
2- إنه استعلن لتلاميذه ونفخ في وجوههم وأمرهم أن يقبلوا الروح القدس لغفران الخطية، "أقبلوا الروح القدس" (يو 20: 20– 23).
3- إتمام الخلاص للقيامة معنى الصليب والقيامة والصعود الثلاثة مربوطين معًا وليس مخلص هو الرب.
4- تعبير أقامنا معه أي له القدرة على إعطاء نعمة القيامة سواء القيامة الأولى (التوبة) أو القيامة الثانية من بين الأموات (القيامة العامة).
البعد الروحي:
- فكرة تأمين الإنسان ضد الماضي، الماضي دائمًا يُطارد الإنسان وهو ابتلاع الماضي للحاضر في حياة الإنسان، السيد المسيح عالج هذا الموضوع أنه أتى بالمستقبل كله جسد القيامة وقال له إن كان الماضي يبتلع حياتك فالأبدية ستعوضك هذا. "إن كان الخارج يفنى فالداخل يتجدد، إن كان إنساننا الخارجي يفنى فالداخل يتجدد يومًا فيومًا" حتى لا يصير الإنسان أسير الماضي.
-القيامة قدمت لنا حياة لا يغلبها الموت.
البعد الطقسي:
دورة القيامة وتعنى وجود المسيح في وسط الكنيسة، وقبلها تمثيلية القيامة، وفي القداس نقول بموتك يا رب نبشر وبقيامتك نعترف، بينما الموت لا يُبشر به.
س) لماذا لا يقل نبشر بالقيامة ونعترف بالموت؟
ج) حياة الله أمر طبيعي لكن الغريب موت الله فالذي يريد تبشير هو الموت موت المسيح. كيف يموت الله؟ يموت ناسوتيًا فاللاهوت لا يموت لذلك نعبر عن هذه الحقيقة في القداس فالقيامة جزء من طبيعة الله لأن الله هو الحياة."بالموت داس الموت" "أبطل عز الموت" لذلك نقول في القداس بموتك يا رب نبشر.
- لا يوجد رفع بخور عشية لعيد القيامة بينما في الميلاد والغطاس وكل الأعياد السيدية لها رفع بخور عشية لماذا لا يوجد رفع بخور عشية؟
لأن السيد المسيح قام في فجر الأحد ولذلك نبدأ بباكر اليوم مباشرة وليس بالعشية. ولذلك يوم القيامة العامة ليس له مساء لأن النور دائم والحياة دائمة ليس هناك مساء ولذلك لا توجد لها عشية.
- لا تُصلى المزامير إلا مزمور القداس ورفع بخور باكر، "هذا هو اليوم الذي صنعه الرب فلنفرح ونبتهج به".
نيافة الحبر الجليل الأنبا بنيامين مطران المنوفية وتوابعها
المزيد
17 مايو 2020
الأحد الرابع من الخماسين ربنا يسوع المسيح هو النور الحقيقى الذى ينير العالم كله.
سوف ندرس ما قاله الآباء عن ذلك: فى بدء الخليقة وفـى اليـوم الأول..” قال الله ليكن نور ورأى الله النور أنه حسن، وفصل الله بين النور والظلمة ودعا الله النور نهاراً والظلمة دعاها ليلاً. وكان مساء وكان صباح يوماً واحداً ” (تك1: 3-5).
1- عن ذلك قال القديس أغسطينوس إن هذا النور خاص بالمدينـة السمائية المقدسة التى تضم الملائكـة القديسين وفيها ينعم المؤمنون بالأبدية، وهذه التى قال عنها الرسـول أنها أورشليم العليا ” وأما أورشليم العليا التى هى أمنا جميعا فهى حرة ” (غل 26:4).. والتى يكون لنا فيها نصيب، إذ قيل ” جميعكم أبناء نور وأبناء نهار. لسنا من ليل ولا ظلمة ” (1تس 5:5) ويرى القديس أغسطينوس أن السـمائيين تمتعـوا بـالنور الـذى أنطلق فى اليوم الأول بمعاينتـهم أعمال الله العجيبـة خـلال كـل الحقبات، لكنه متى قورنت معرفتـهم للخليقـة بمعرفـة الله حسـبت معرفتهم مساء وعن الفصل بين النور والظلمة قال القديس أغسـطينوس: النـور يشير إلى خلق السمائيين، أى الملائكة بطغماتـهم، أولاً.. وإن فصـل النور عن الظلمة يشير إلى سقوط جماعة مـن الملائكـة بالكبريـاء فصاروا ظلمة وعن عبارة ” رأي الله ذلك أنه حسن “.. قال القديس باسيليوس الكبير: ( الله لا يحكم بأن الشىء حسن خـلال إفتتان العين به ولا لتـذوق الفكر لجماله كما نفعل نحن، وإنما يراه حسنا متى كان الشىء كـاملاً مناسباً لعمله ونافعاً حتى النهاية ).
2- وقال العلامة اوريجانوس (المسيح هو نورالعالم الذى يضئ الكنيسة بنوره.. كمـا يسـتمد القمر نوره من الشمس فيضىء الظلام هكذا تستمد الكنيسة النور مـن المسيح لتضىء على الذين هم فى ظلمة الجهل).
3- قال القديس مارآفرام السريانى فى شرح نفس العبارة “قال الله ليكن نور فكان نور” إن قوله: ” قال الله ليكن نور” أظـهر لنا كلمة الله التى هى إبنه المولود منه قبل كل الدهور، والـذى لـم يزل منه ومعه وفيه، الذى هـو يـده وذراعـه، الـذى بـه خلـق كل خلائقه لأن يد الله ليست جزءاً أو عضواً مثل يدنا نحن، فـالله ليـس ذى جسد ولا أعضاء بل هو روح بسيطة لطيفة كما قال الرب يسوع فـى الإنجيل المقدس ” لأن الله روح ” (يو 4: 24) فلما كان الله ذاتاً كاملة كانت يده أيضا كاملة كذاتـه، وهـذه هـى كلمته. لأننا نحن إذا أردنا أن نعمل عملاً عملناه بيدنا لضعف كلمتنـا عن ذلك، ولكن الله يصنع كل شئ بكلمته لكون كلمته كـامل.. قـادر بذاته.. أقنوم تام كأقنومه فيما يصنع وكما يريد هو فقط وهو للوقت يصنع ما يريد، وهو به متصل كإتصال يدنا بنا وهو الذى اسماه يده وأسماه كلمته، لكى يوضح لنا أنه ليس كلمـة متلاشى لا أقنوم له ولا ذات موجود مثل كلامنا نحن بل له وجود ذاتى بغير زوال كوجود يدنا معنا.. لذلك قال داود النبى فى المزمـور 33 ” إن بكلمة الله خلقت السماويات ” (مز 33: 6). وفى المزمور 102 قال ” إن السموات عمل يديك ” (مز 102: 25) ويؤكد القديس مارآفرام إن المسيح هو النورالحقيقى الذى يضـئ لكل إنسان فى العالم فلما ظهرت كلمة النور صار النور والنهار معروفين ومنفصليـن عن الظلمة والليل، لأن قبل ظهور المسيح كلمة الله بالجسـد كـانت ظلمة الشيطان بالخطيئة والمعصية موجودة فى جميع الأرض بغـير نور.. فلما تجسد المسيح كلمة الله النور المولـود مـن الآب بغـير إنفصال منه كالشعاع من الشمس، وأعطانا بالمعمودية الروح القـدس، أضاء لنا وحرك بنا مخافته وأشهر فى قلوبنا نور مواعيـده إشـهاراً حقيقياً، حتى صدقناه وحفظناه وحبيناه وحفظنا وصاياه حفظناه لما تحققنا من عظم العقوبة الدائمة التى بـها يعـاقب مـن يعصى وصاياه. وحبيناه لعظم النعم والحياة والملك الدائم الـذى بـه ينعم على من يحفظ وصاياه فبحفظ وصاياه هكذا صيرنا نوراً ونهاراً روحانياً حقيقياً والذين لا يؤمن أن به والذين لا يحفظون وصاياه هم ظلمـة وليـل حقيقى روحانى لأن التوراة لكونها ناموسا جسدانياً ففـى بدئـها الظلمـة والليـل الجسدانى والنور والنهار الجسدانى، والإنجيل المقدس لكونه ناموساً روحياً ذكر فى بدئه النـور والنـهار الروحـانى والظلمـة والليـل الروحانى وكما ذكرت التوراة أن الله قد فرق بين النور والظلمة ودعا النـور بإسم والظلمة بإسم غيره. كذلك فرق المسيح إلهنا من خلال الإيمـان به وحفظ وصاياه بين بنى الظلمة وبنى النور وأسمى هـؤلاء بإسـم وهؤلاء بإسم غير أولئك لكى يعرف بعضهم من بعض.
4- وفى تأمل للقديس اغسطينوس فى المزمور الثامن عشر والأية 28 التى تقول” إنك أنت تضئ سراجى. إلهى يضئ ظلمتى ” (مـز 28:18)، قال: يفيض قلب المرتل بالشكر والثقة، معترفاً بأن الله يضئ سراجه.. بمعنـى أن الله يهبه الحياة الحقة إذ لا إنفصال بين الإستنارة والحياة. فعندمـا تعرض داود فى أواخر أيامه للقتل أشار عليه رجـاله ألا يعود يخـرج معهم إلى الحرب ” حتى لا ينطفئ سراج إسرائيل ” (2 صم 17:21) أدرك المرتل انه ليس إلا سراجاً لا يستطيع أن يضئ بذاتـه إنمـا يحتاج إلى زيت النعمة الإلهية.. يحتاج إلى السيد المسيح، نور العـالم، أن يعلن ذاته فيه نوراً يبدد كل ظلمة قاتلة منعماً عليه بحيوية جديـدة، وكأنه مع كل ظلمة ألام يصرخ إلى مخلصه لتفسح له الآلام الطريـق لبهجة متجددة وتذوق جديد لحياة الإتحاد مع الله تحثه على ممارسـة أعمال صالحة أكثر ويضيف القديس أغسطينوس ويقول فى المقطع الاول “لأنك تنير سراجى” ضياؤنا لا يصدر عن أنفسنا بل أنت يارب الذى تنير سراجـى وفى المقطع الثانى “إلهى يضئ ظلمتى” إننا فى ظلمة الخطية ولكن آه يارب أنت تضئ ظلمتى وهنا يناجى القديس أغسطينوس السيد المسيح، النورالحقيقـى، ويقول(أيها النورالحقيقى الذى تمتع به طوبيا عند تعليمه إبنه مـع أنه كان أعمى!) (أيها النورالحقيقى الذى جعل اسحق- وهو فاقد البصـر- يعلن لأبنه عن مستقبله)(أيها النور الحقيقى غير المنظور، يا من ترى أعماق القلـب البشرى)(أيها النور الحقيقى الذى أنار عقل يعقوب فكشف لأولاده عن الأمور المختلفة)(أيها النور الحقيقى الذى قلت “ليكن نور” فكان نور.. قل هـذه العبارة الآن أيضاً حتى تستنير عيناى بالنور الحقيقى وأمـيزه، عن غيره من النور) نعم.. خارج ضـياءك تهرب منى الحقيقة ويقترب الخطـأ لـى، يملأنى الزهو وتهرب منى الحقيقة.
5- قال القديس يوحنا سابا “الشيخ الروحانى”(احمل نير ربك فى قلبك وعجب عظمتـه دائمـاً فـى عقلك فيسكب فيك نور ربك الوهج الذى يضىء قلبك)(مصباحاً واحداً أنظره وبنوره أستضىء، والآن أنا فى ذهـول.. أبتهج روحياً إذ فى داخلى ينبوع الحياة ذاك الذى هـو غايـة العلم غيرالمحسوس).
6- وفى المزمور27 عدد يقول: “الرب نورى وخلاصى ممن اخاف”.. يقول القديس يوحنا ذهبى الفم إن الكتاب المقدس يقدم لنا الرب بألقاب كثيرة ليشبع كل إحتياجاتنا هو نورنا وخلاصنا وحصننا كما جاء فى المزمور، وهو الخبز النازل من السماء، والباب، والطريق والحق والحياة.. الخ لا يدعو داود الله فى كل مرة بنفس الإسم أو بذات اللقـب.. لكنـه أثناء حربه وعند نصرته يقول: ” أحبك يارب ياقوتى.. الرب ترسى “، وحينما يخلصه الله من محنة أو ظلمة تحيط به يقـول: ” الرب نورى وخلاصى “يدعوه حسب الحال الذى هو عليه فى ذلك الوقت.. تـارة يدعـوه خلال محبته الحانية وأخرى خلال عدله وتارة قضائـه البار.
7- قال القديس كيرلس الكبيرلكى نقترب من النور الحقيقى، أعنى المسيح، نسبحه فى المزمـور قائلين “أنر عينى لئلا أنام نوم الموت” (مز 13 :3).. فإنه مـوت حقيقـى موت النفس لا الجسد حين نسقط عن إستقامة التعاليم الصادقة ونختـار الباطل عوض الحق، لذلك يلزم أن تكون أحقاؤنا ممنطقـة وسـرجنا موقدة كما قيل لنا هذا (لو35:12)بهذه الإستنارة لا يبقى للظلام موضعا فى النفس ولا فى الجسد أو فى الفكر أو القلب بل يكون كل ما فى داخلنا مستنيراً بالرب.
8- قال القديس باسيليوس الكبير فى تفسيره للمزمور36 عدد 9: “لأن ينبوع الحياة عندك وبنورك نعاين النور “يتحدث هذا المزمور عن الثالوث القدوس، لأن ينبوع الحياة عنـدك: الإبن هو ينبوع الحياة الذى عند الآب وواحد معه بنورك نعاين النور : الروح القدس هو نور الآب ( بنورك ) الذى بـه نعاين الآب والإبن ( النور ).. الروح القدس هو واهب الإستنارة ويكمل القديس باسيليوس ويقول: لا يستطيع أحد أن ينير نفسه فـالنور كله يصدر من السماء، من ” روح الحق الذى من عند الآب ينبثق ” (يـو 15 :26).. به نرى الإبن الكلمة كما نرى الآب، بل به نـرى حقيقـة أنفسنا إذ ينير بصيرتنا فنكشف ضعفنا ونشعر بحاجتنا إلى الخلاص. به يضئ لنا ” إنارة انجيل مجد المسيح.. لأن الله الذى قال أن يشرق نور من ظلمة هو الذى أشرق فى قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله فى وجـه يسوع المسيح ” (2 كو 4:4-6)ويضيف أيضاً فيقول: كما هو مكتوب ” بنورك نعاين النور ” أى بإسـتنارة الروح القـدس ” النور الحقيقى الذى يضىء لكل انسان آت إلى العالم “.. فيظهر مجد الإبن الوحيد ويهب معرفة الله للعابدين الحقيقيين.
9- قال القديس امبروسيوس فى إبنك الذى هو النور نعاين نور الروح القدس وذلك كما أظـهر لنا الرب نفسه قائلاً: “اقبلوا الروح القدس” (يو 20: 22)، وفى موضع أخر قيل ” قوة كانت تخرج منه ” (لو 6: 19) لكن من يقدر أن يشك فى أن الآب هو نور عندما نقرأ عن إبنه أنـه بهاء النور الأبدى؟ لأنه لمن يكون الإبن بهاء إلا للأب؟! الـذى هـو دائماً مع الآب ودائماً ينير لا ببهاء مخالف بل بذات التألق.
10- وقال الأب مارتيروس بدون نورالكتاب المقدس نعجز عـن رؤيـة الله ” الذى هو النور ” (1يو 1: 5) وعن إدراك عدله المملوء نوراً.
11- القديس اكليمنضس الإسكندرى(له تأمل رائع فى الإصحاح الستون من سفر أشعياء الذى فيه يتكلـم عن المدينة المنيرة التى فيها يقدم لنا أشعياء النبى صـورة رائعـة لكنيسة العهد الجديد كمدينة الرب، صهيون المنيرة، أيقونة السماء) يقول أشعياء النبى عن هذه المدينة “قومى استنيرى لأنـه قد جاء نورك ومجد الرب أشرق عليك. لأنـه ها هى الظلمة تغطى الأرض والظلام الدامس الأمم. أما عليك فيشرق الرب ومجده عليك يـرى” (أش 2:60)وقال أيضاً( حينما عاد اليهود من السبى حسبوا أنفسهم كمن قلم من الموت، وتمتعوا بنور الحياة والحرية بعد سبعين عاماً من المذلة كما فى ظلمة القبر )أما كنيسة العهد الجديد فقد تمتعت بما هو أعظم.. إتحادها بـالنور الحقيقى كعريس أبدى يقيم منها عروساً تحمل نوره وبهاءه ومجـده وكما قال الرب عن نفسه “أنا هو نور العالم” (يو 8 : 12) ودعا تلاميـذه أيضاً نور العالم (مت 14:5). إذ يحملونه فيهم ويتساءل القديس اكليمنضس ” ما هو سر استنارة الكنيسة؟ ” ويجيـب: (إنها قيامة الرب التى قدمت لنا الحياة الجديدة التى لن يغلبها الموت ولا تقدر الظلمة أن تقتنصها أو القبر أن يحطمها) لذلك يقول بولس الرسـول: ” استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضئ لك المسيح ” (أف 14:5) لذلك لما كان العماد هو تمتع بقيامة المسيح لذا دعـى هـذا السـر ” استنارة “. إذ نعتمد نستنير، وإذ نستنير نتبنى، وإذ نتبنى نكمل.
12- وفى نفس الموضوع قال القديس إغريغوريوس النزينزى (الإستنارة، وهى المعمودية، هى معينة الضعفـاء، مسـاهمة النور، إنتقاض الظلمة)(الإستنارة مركب يسير تجاه الله، مسايرة المسـيح، أسـاس الدين، تمام العقل)(الإستنارة مفتاح الملكوت واستعادة الحياة).
13- ونختم بعبارة للقديس ماريعقوب السروجى قال (المعمودية هى إبنه النهار.. فتحت أبوابها فـهرب الليـل الـذى دخلت إليه الخليقة كلها).
المزيد
16 مايو 2020
علاقة الكنيسة بالمقدس السماوي
إن الكنيسة على الأرض لا يمكنها أن تحيا بدون حضور المسيح بذبيحته الخلاصية في سر الافخارستيا وليست الافخارستيا تكرارًا لذبيحة الصليب التي قدمت مرة واحدة، ولكنها امتدادًا لها على طقس ملكي صادق الذي قدّم قربانه من الخبز والخمر وبالإفخارستيا ترتبط الكنيسة برأسها ورئيس كهنتها الأعظم الرب يسوع الجالس عن يمين عرش الآب في السماء، خادمًا للأقداس السمائية (انظر عب 8: 1، 2). وتلقب الكنيسة الإفخارستيا بأنها الذبيحة الناطقة السمائية فالكنيسة والحال هكذا هي سلم يعقوب المنصوب على الأرض ورأسه في السماءوالملائكة صاعدة ونازلة عليه والرب واقف على قمته بمجد عظيم أي أن الكنيسة تحيا في غربة على الأرض ورأسها في السماء. وفي مسيرتها علىالأرض تسير متطلعة دائمًا نحو السماء حيث المسيح جالس عن يمين العظمة.
وقد أقام الرب في الكنيسة وكلاء أسرار الله للاحتفال بالأسرار المقدسة على الأرض. فالأسقف كوكيل الله (انظر تى1: 7) يحتفل بسر الإفخارستيا بكهنوت على طقس ملكي صادق يخدم به الأسرار المقدسة،ويقدّم مفاعيل الخلاص لشعب المسيح بسلطان الروح القدس، الذي به منح السيد المسيح الكهنوت لرسله القديسين بعد قيامته من الأموات، وذلك ليغفروا الخطايا على الأرض ما أجمل هذا الارتباط بين السيد المسيح الرأس وبين الكنيسة التي هي جسده (هي جسده ليس بالمعنى الحرفي ولكن بالمعنى الاعتباري).. هي العروس، والمسيح الإله الكلمة المتجسد هو عريسها.
نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
15 مايو 2020
القيامة هي عيد أعيادنا
القيامة هي عيد أعيادنا وفرح أفراحنا وأساس خلاصنا ، ونحن نحتفل بالقيامة:
-كل يوم صلاة باكر
- كل أسبوع يوم الأحد
- كل شهر يوم 29 من الشهر
- كل سنة عيد القيامة ليس ليوم واحد ولكن لمدة 50 يوما وهي تمثل حياتنا في الأبدية
آحاد الخمسين:
-الأحد الأول :أحد توما أو الأحد الجديد: تجديد الإيمان ، ولو تجدد إيمانك تذهب هذه الرحلة معه
- الأحد الثاني : أحد الخبز ، خبز الحياة فالمسيح طعامنا
- الأحد الثالث: أحد الماء ، ماء الحياة والمسيح ماؤنا
- الأحد الرابع: النور ، المسيح نور الحياة
- الأحد الخامس: الطريق ، المسيح طريق الحياة كيف تكون مشاعر التائه؟! إنه لايجد الطريق
فالمسيح هو الطريق الوحيد الموصل للسماء (أنا هو الطريق و الحق و الحياة) وكلمة الطريق معرفة بالألف واللام والمسيحين كانوا يسمون قديما "شيعة الطريق" أو "أصحاب الطريق"
وهو ماتقصده الآية الواردة في سفر الأعمال (أع ١٢:٤) ليس بأحد غيره الخلاص.
كيف نؤكد هذه المعرفة ؟
"أنا هو الطريق و الحق و الحياة" قد نظن أنها ٣ أشياء ولكنها تتحدث عن المسيح في صفة واحدة - مفردة واحدة "أنا هو الطريق الحقيقي للحياة"، قد يعيش الإنسان بالأخلاق لكنها لا تصل به إلى السماء ، قد يعيش الإنسان بالناموس ، لكنه لا يصل به إلى السماء
والكنيسة تعلمنا (لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم ، لأن العالم يمضي وشهوته....) ،
يمكنك أن تتمتع بجمال الحياة ولكن لا تجعل كل آمالك وأهدافك في العالميات و الترابيات ، أنت مخلوق إلهي من نسمة الإله ، ونسمع كثيرا من فم الرب (الحق الحق أقول لكم....) فعندما يقول لنا :أحبوا اعدائكم فهي وصية حقيقة ترفع مستوي الإنسان ، هل أنت منشغل بنصيبك في السماء؟! ، هل تحافظ علي؟ هل فكرك في السماء؟!
يابخت البيت اللي يربي أولاده علي هذا الفكر : الصلاة ، الكتاب المقدس ، حضور القداسات ، أعياد القديسين....إلخ
- مسيحك مخلصك رافع وماسح خطيتك هو الحقيقة الوحيدة في حياتك .السماء والارض تزولان ولكن حرف واحد من كلامي لا يزول ، فكل شئ في الدنيا ممكن تتغير حتي الإنسان يتغير إلا المسيح الوحيد الذي لا يتغير.
احيانا يعتمد الانسان علي شخص أو شئ ويكتشف أنه (فالصوم) ، لذا:
١- ضع صلة بينك وبين السماء (خلال الصلاة)
الله يشتاق لصوتك وصورتك: أسمعني صوتك(في الصلاة) وأرني وجهك (في الكتاب المقدس) لأن صوتك لطيف ووجهك جميل.
٢- خللي انجيلك مفتوح باستمرار (تكلم به ، علم به،....) أنجيلك هو اللي يشرب عرقك ودموعك..! ، لذلك يفضل الانجيل الورقي أفضل من الأجهزة الالكترونية.
٣- الكنيسة
أهم سرين في حياتنا نمارسهم (الاعتراف و التناول)
- الاعتراف : نقاوة القلب
- التناول : غذاء في الروح
قداسة البابا المعظم الانبا تواضروس الثانى
المزيد
14 مايو 2020
التناقض المزعوم بين الأسفار وبين سِفْرُ إِشَعْيَاءَ
1- بين اصحاح 7، مت 1 : 23 ففى الاول عبارات المقصود بها تمثيل السيد المسيح كما يظهر من الثانى، ولكن من يقارنها ببقيه الكلام فى الاول يظهر له ان المقصود بها الانباء بحوادث قريبه الوقوع فنجيب : ان النبى لم يرد فى جميع ذلك الا الايماء الى السيد المسيح غير انه ينسب له ميلادين : احدهما رمزى والآخر حقيقى. فتم الميلاد فى ايام النبى بولاده ابن له كم هو مذكور فى (ص 8 : 3) وتم الميلاد الحقيقى فى ملء الازمنه بولاده السيد المسيح. وذلك من التعبير الخاص يالكتب المقدسه فان من عادتها ان تجمع الرمز والحقيقه تحت عباره واحده.فاذا فهم ذلك بقى علينا ان نقرر مضمون الآيه 14 (ولكن يعطيكم السيد نفسه آيه. ها العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعو اسمه عمانوئيل) قال احد علماء المسيحيين (تنازع بعضهم فى لفظ العذراء الوارد فى هذا الموضع وزعم ان الكلمه العبرانيه يراد بها الفتاه على الاطلاق. ولتحقيق ذلك لابد اولا من الرجوع الى اصل اللغه والنظر فى المواضع التى وردت فيها هذه اللفظه، وهى مكرره فى كثير من النصوص المقدسه. قال ايرونيموس (ولم يثبت انها وردت فى شىء من تلك النصوص مقصودا بها امراه ذات بعل ولكنها حيثما وردت فالمراد بها الجاريه العذراء فى بيت ابيها تحت ولايه ذويها) اه. وبعد فان النص الوارده فيه فى هذا الموضع لا يحتمل غلا كونها بكرا كما سبق فبين ذلك ايريناوس وسائر الآباء من بعده لاننا اذا فرضنا كونها ذات بعل فايه آيه فى كونها تلد ؟) اه.
2- وبين اصحاح 40 : 18، 1 بط 3 : 13 ففى الاول قيل (فبمن تشبهون الله واى شبه تعادلون به) وفى الثانى يتكلم عنه كان له عينا واذنا.... الخ. وفى اماكن آخرى يشير الكتاب كان له ذراعا ويمينا وشمالا ووجها (مز 44 : 3). فنجيب ان من الاصطلاحات التى استعملها الله فى كتابه ان يتخذ طباعا معينه ممن يخاطبهم مع ما لهم من العادات والاخلاق امثله يمثل بها عن نفسه العزيزه. فان غرض الالهام ابلاغ تلك الحقائق الساميه الى بشر ناقص فلابد من تنازل الاعلى الى الادنى وتكلم العالم بلغه الجاهل حتى يتمكن البلوغ الى الغرض المقصود فالانسان لا يستطيع غدراك تعبيرات بشريه (راجع اى 15 : 8 و21 : 22 و ار 23 : 18، رو 11 : 23، 1 كو 2 : 16) فكون الوحى ذكر لله عتنا ليدلنا على انه يحفظ ويقى شعبه بعين محدقه شلخصه وانه ينظر ويرصد ويراقب الشر كما قيل (عيناه كلهيب نار) (وؤ 1 : 14) وكذلك الاذن فانها مجاز عن السمع واليمين، والذراع مجاز عن القوه القاهره وبما اننا نحن بشر نعرف وظائف هذه الاعضاء فاستعارها الرب للتعبير عن نفسه تقريبا لعقولنا وافهامنا. واننا نشعر بلزوم هذا اذا لاحظنا الصعوبه فى تاديه المعانى الدينيه الروحيه الى الناس بلغه بشريه، فالناس يتكلمون غالبا فى الامور الروحيه بالتشبيه والكنايات وكذلك فى شان العقل واعماله ولا سيما اهل العصور الثالثه ففى الاول نبوغ الشعوب كان معظم كلامهم من باب الاستعاره وكانوا يوضحون الحوادث المتعارفه باستعمال علامات طبيعيه.وحال الانسان يقضى بالضروره ايضاح الكلام فى امر له علاقه بالعقل او الامور الروحيه باستعارات من الامور الطبيعيه لانه يستحيل تصور معانى الكلمات الداله على امور روحيه حق التصوير بدون معرفه الاصطلاحات المتعارفه عندنا. فالحمد لله انه سر بتنازله لمخاطبتنا بما لا يعسر على افهامنا فقد بلغنا معرفه نفسه بما هو مالوف وله علاقه بامور معروفه عندنا وكشف لنا الحقائق السماويه فى طريق المجاز بالعوارض الارضيه فاستعمل الامور الطبيعيه لايضاح صفاته الباهره لانه خلقها موافقه لذلك. فالعالم غير المنظور بمنزله الات الساعه الباطنه الطبيعيه ثم سجلت تلك الكنايات وسفرت عن الامور الروحيه. ففى عالم الطبيعه اشاره وشهاده لعالم الارواح لانهما قد صدرا من يد واحده.
قال بعضهم : (ولما كلم الله البشر كلمهم بلغتهم لانه تكلم بالانسان ولاجل الانسان) ولولا ذلك لاغلقت علينا معانى اقوالهلان المخلص يقول (ان كنت قلت لكم الارضيات ولستم تؤمنون فكيف تصدقون ان قلت لكم السمائيات).
3- بين اصحاح 45 : 7، عا 5 : 15 ففى الاول يقول الله عن نفسه (صانع الشر) وفى الثانى يقول (ابغضوا الشر) فكيف يمكن بغض الشر وهو صانعه فنجيب ان الشر اما ان يكون المقصود به المصائب والتجارب وهذه من الله كقول ايوب (الخير نقبل من عند الله والشر لا نقبل) (اى 2 : 10) او يكون المقصود به الخطيه وهذه من الانسان كقول يعقوب (لا يقل احد اذا جرب انى اجرب من قبل الله لان الله غير مجرب بالشرور. ولكن كل واحد يجرب اذا انجذب وانخدع من شهوته).
4- بين اصحاح 63 : 17 وعا 2 : 4 ففى الاول يقول مخاطبا الله (لماذا اضللتنا يا رب عن طرقك) وفى الثانى يقول الله (لانهم رفضوا ناموس الله ولم يحفظوا فرائضه واضلتهم اكاذيبهم) فنجيب ان معنى القول الاول ليس ان الله عله الضلال وانما الله لما يجد انسانا كرر رفض نعمته يتركه يسير فى ضلاله ويتوغل فى عواطفه الشريره ويسمح له ان يقسى نفسه حتى تحت الوسائط التى يستعملها الله لتليين الاخرين، ومن هذا قوله تعالى فانا الرب قد اضللت ذلك النبى (حز 14 : 9) وقوله (فاعطيتهم ايضا فرائض غير صالحه واحكاما لايحيون بها) (حز 20 : 15) ومعنى قوله اضل واعطى على سبيل السماح بها فقط. لان الشيطان وجنوده الذين يحركون للشر ليسوا الهه بل هم ملائكه لم يحفظوا رياستهم فلا يقدرون ان يعملوا شيئا الا بعلمن الله واذنه.
المتنيح القس منسى يوحنا
عن كتاب حل مشاكل الكتاب المقدس
المزيد
13 مايو 2020
رسالة القيامة
رسالة القيامة
يسرني أن أهنئكم جميعاً بعيد القيامة المجيد ، لأننا إذ نفرح بقيامة السيد المسيح ، إنما نفرح أيضاً بالقيامة ذاتها ، قيامة جميع البشر و ما تحمله هذه القيامة من معان روحية عميقة ، ترفع من قيمة الإنسانية ، و تظهر ما اعده الله لها من خير و متع في العالم الآخر إنما نقول أولاً إن القيامة هي دليل الإيمان إنها تدل بلا شك علي إيمان الإنسان بالله ، و إيمانه بالروح و بالخلود و بالحياة الأخري و إيمانه بالدينونة العامة التي بعد القيامة ،بالثواب و العقاب و بالتالي إيمانه بالسماء و السمائيين ، و بملكوت الله لأن الملحدين لا يؤمنون بالقيامة و لا بالعالم الآخر و من هنا كانت حياة الإنسان في نظرهم لا تختلف عن حياة الحيوان ، من جهة فناء كليهما بالموت حقاً ما أتفه فناء كليهما بالموت حقاً ما أتفه حياة الإنسان في نظر الملحدين إن كانت تقتصر علي بضع سنوات يقضيها علي هذا الكوكب ، ثم ينتهي إلي لا شئ ! و ما أقسي الموت و أبشع في نظر الملحدين ، إذ أنه كممحاة يمحو كل ما في البشر من وجود و من ذكاء و علم ، و به يصبحون عدماً و من هذا النوع كان جماعة الصدوقيين الذين قيل عنهم في الإنجيل إنهم كانوالا يؤمنون بالقيامة و لا بالروح و لا بالملائكة ، و كذلك كان الابيقوريون الذين يقولون " لنأكل و نشرب ، لأننا غداً نموت "! و الشيطان بلا شك هو وراء إنكار القيامة إنه هو الذي أوحي بهذا الادعاء إلي الملحدين من فلاسفة وجهلاء حتي إذا ما أقنعهم بأنه لا حياة بعد الموت ، ينغمسون حينئذ في الحياة الدنيا ، و مشاغلها و ملاذها ، غير مفكرين في أبديتهم و لا في الوقوف أمام الله في يوم الدين ، و هكذا يهلكون أما المؤمنون ، ففي إيمانهم بالله يؤمنون بالقيامة و اليوم الآخر فالقيامة تدل علي قدرة الله غير المحدودة عند الموت تقف كل قدرة البشر تقف كل مقدرة الذكاء و كل مقدرة العلم و يظهر الإنسان بكل عقله عاجزاً تمام العجز و لكن الكتاب يعلمنا أن " غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله " ( مر10 : 27 ) إن الله قادر علي كل شئ بيده الحياة و الموت ، هو الذي يحيي و يميت إنه يقدر أن يقيم الإنسان بعد موته ، لانه هو الذي خلق الإنسان من تراب الأرض ، فيستطيع أن يرجعه إلي الحياة بعد أن يندمج جسده بالموت في تراب الأرض إن الذي له القدرة علي الخلق من العدم ، له أيضاً القدرة علي أن يقيم من الموت . و القيامة هي ايضاً دليل علي محبة الله و جوده إنه الله الذي لم يشأ أن يكون في الوجود وحده ، إنما خلق كائنات فوجدت . و منها الإنسان . و لما مات الإنسان لم يسمح الله بأن يفني هذا المخلوق ،و إنما من جوده و محبته و هبه حياة بعد الموت ، ليستمر وجوده ن ليس فقط إلي حين . و إنما إلي البد . و هكذا وهب الله للإنسان المائت حياة أبدية ... إن القيامة شئ مفرح . به يلتقي الناس باحبائهم الذين انتقلوا ... ماذا عن الأحباء الذين ترتبط قلوبهم معاً خلال فترة حياتهم معاً علي الأرض . ثم يفترقون بالموت ؟ أتراه يكون فراقاً أبدياً إلي غير لقاء ؟! يقيناً إن محبة الله لا تسمح بهذا . إنما يلتقي هؤلاء في القيامة . تلتقي أرواحهم بعد الموت . و بالقيامة يلتقون روحاً و جسداً . إنه لقاء عام ، نلتقي ، نلتقي فيه ليس بأحبائنا فقط ، إنما بكل الأجيال عبر التاريخ . و ستكون حفلة تعاف كبري . تلك التي سيقيمها لنا الله بعد القيامة ... تلك الحفلة العجيبة التي نتعرف علي كل شخصيات التاريخ التي قرأنا عنها و لم نرها ، ولم نعرف شكلها ، و لا لهجتها و أسلوبها ز سواء من أحكام أو القادة او الأدباء أو المفكرين ... و لعل الله سيرسل لنا ملائكة يعرفوننا أيضاً بجميع الآباء و الأنبياء : حيث نري أباءنا اَدم و نوحاً و إبراهيم و اسحق و يعقوب و أيوب ... و نري أمهاتنا حواء و سارة و اليصابات و رفقة و راحيل ، و قد تقدمتهن جميعاً أمنا العذراء القديسة مريم ... و تقدم لنا القيامة أفراحاً أخري ، هي أفراح العشرة مع الملائكة و القديسين ، بل المتعة بالله نفسه . التي أمامها يقف العقل مبهوراً في دهشة . لا يستطيع ان يعبر . إنما يكفيه أن يذوق و يتمتع ... القيامة تحمل في داخلها عملية توازن و تعويض ... فالذين لم يأخذوا حقهم علي الأرض ، يأخذونه كاملاً في السماء بعد القيامة . و الذين ظلمتهم البشرية ، ينالون العدل الإلهي كاملاً بعد القيامة . كذلك ينال أجرهم هناك ، الذين عملوا الخير في الخفاء . و لم يشعر بهم احد و لكن الله كان يسجل لهم كل أعمال برهم ليكافئهم عليها . كذلك سيعطي كل الذين لم يكافأوا علي الخير الذين عملوه في الأرض . و لم ينالوا عليه ما ينتظرونه من تقدير ... سيشعر الناس في القيامة أن أحكام الله غير احكام الناس . و أنه سيكمل عدل الله في السماء . و يتمتع بهذا العدل أيضاً منن قد ولدوا بظروف معينة . أو في بيئات معينة لم تكفل لهم الخير و السعادة و التكافؤ الاجتماعي . سيعوضهم الله عن كل ما تنقصهم في الدنيا . كما تشرح لنا قصة الغني و لعازر ( لو 16 ) . و في القيامة يرد الإنسان إلي رتبته الأولي . ترجع إلي روحه هيبتها ، و يرجع إلي الجسد بهاؤه ... ينال الجسد لوناً من التجلي يعطيه مجداً ، و كذلك النفس ... و تخلص الجسد من كل نقائصه . و كذلك النفس ... لذلك حسناً قال الكتاب عن الجسد إنه " يزرع في هوان ، و يقام في مجد . يزرع في ضعف و يقام في قوة ز يزرع جسماً حيوانياً ، و يقام جسماً روحانياً " ( 1 كو 15 : 43 ، 44 ) . بالقيامة يتخلص الجسد من كل أمراضه و عاهاته و تشوهاته ، و يظهر كاملاً في بهاء . و كذلك النفس تتخلص من كل أمراضها ونقائصها : من الخوف و الشك و التردد و القلق و الشهوة و الجبن و مال إلي ذلك . و الفلاسفة الذين كانوا يبحثون عن السوبر مان ، سيجدونه في القيامة . لن يحمل ديوجين مصباحاً فيما بعد ن ليبحث عن إنسان ، فإنسان القيامة سيكون بالصورة المثلي . و لكن كل واحد حسب مستواه الكل منيرون . و لكن نوراً يقوف اَخر في الضياء . و يتحقق حلم البشرية في وجود مجتمع بار كامل ...هناك في مدينة " مدينة الله " التي تشرح شيئاً عنها القديس أوغسطينوس . مجتمع ينتهي فيه الصراع و الشقاق . و لا يوجد فيه خلاف و لا كراهية ، لا أنانية ، و لا تنافس . مجتمع تسوده المحبة و تسوده القداسة . و في القيامة يحيا الناس الحياة البرئية البسيطة ، و يكونون - كما قال الكتاب - " كملائكة الله في السماء " . في القيامة تزول الخطية ، إذ لا يصبح الجسد خاضعاً للخطية و لا للفساد . بل يتطهر منها تماماً تماماً . يغسله الله ، فيبيض أكثر من الثلج ( مز 50 ) . و يحيا في مستوي روحي يليق بالسماء و طهرها ... و في القيامة ينتصر الأصيل علي الدخيل ... ينتصر الحق علي الباطل . لأن الحق هو الأقدم ، هو الأصيل ، و الباطل دخيل علي العالم . و في القيامة تنتصر الحياة علي الموت ، لأن الحياة هي الأصيل ،و الموت دخيل ..الإنسان من روح ومن الجسد . الروح حية بطبيعتها و ستبقي هكذا .أما الجسد الذي كان علي الأرض قابلاً للموت ، يصبح بعد القيامة جسداً حياً روحانياً لا يموت فيما بعد . و تصبح للإنسان بصيرة روحية ، فلا يعتمد كلية علي حواس الجسد ...من أجل هذا كله ، يجاهد الإنسان حالياً للتمتع بأمجاد القيامة هذه ... ذلك لأنه ليس الجميع يتمتعون بكل ما ذكرناه . إنما المتعة هي فقط للمستحقين . إذ أن بعد القيامة الدينونة ، و يقف الناس جميعاً أمام عدل الله . الذي يجازي كل واحد حسب أعماله ( رؤ 22 : 12 ) و طوبي لمن يكون مستحقاً لأمجاد الأبدية و سعادة العشرة مع القديسين . فليبذل كل منا جهده . و ليعمل خيراً علي الأرض . لكي يلقاه هناك ... و ليكن كل واحد أميناً في علاقته مع الناس ، و في واجبه نحو نفسه ، و واجبه نحو المجتمع الذي يعيش فيه ، فيصنع خيراً نحو الكل ، و تكون له ذكري طيبة علي الأرض و مكافأة حسنة في السماء .
كان لابد أن يقوم المسيح:-
1- كان لا بد أن يقوم المسيح ، لأن فيه كانت الحياة . هكذا قال القديس يوحنا الإنجيلي : " فيه كانت الحياة " ( يو 1 : 4 ) ... و الذي فيه الحياة ، لا يمكن أن يبقي ميتاً ، بل إنه قال لمرثا " أنا هو القيامة و الحياة ... من اَمن بي و لو مات فسيحيا " ( يو 11 : 25 ) ، مادام هو الحياة ، فكيف إذن لا يقوم ؟ ... إنه يؤكد نفس المعني بقوله " أنا هو الطريق و الحق و الحياة " ( يو 14 : 6 ) ... نعم كيف لا يقوم ، هذا الذي قال عن نفسه ليوحنا الرائي " أنا هو الأول و الآخر ، و الحي و كنت ميتاً ، و ها أنا حي إلي أبد الآبدين اَمين ... و لي مفاتيح الهاوية و الموت " ( رؤ 1 : 18 ) ... لهذا كله وبخ ملاك القيامة النسوة قائلاً : " لماذا تطلبن الحي من بين الأموات " ( يو 24 : 5 ) .
2- نعم ، كان لا بد أن يقوم من الموت ، لأنه هو نفسه قد أقام غيره من الموت ، بمجرد أمره . لقد أقام إيليا ميتاً ، و لكن بسبع صلوات ... و أقام أليشع ميتاً بصلوات أيضاً ... أما السيد المسيح ، فقد أقام إبنة يايرس ، و إبن أرملة نايين ، و لعازر ، بمجرد كلمة الأمر ، غنه معطي الحياة ... في إقامته إبنة يايرس ، أمسك بيدها و قال لها : " طليثا قومي " الذي تفسيره : " يا صبية لك أقول قومي " و للوقت قامت الصبية و مشت ( مر 5 : 41 ، 42 ) . و في إقامته إبن أرملة نايين ، تقدم و لمس النعش فوقف الحاملون ... فقال " ايها الشاب لك اقول قم ، فجلس الميت و ابتدأ يتكلم ، فدفعه إلي أمه " ( لو 7 : 14 ، 15 ) ... و في إقامته لعازر " صرخ بصوت عظيم : لعازر هلم خارجاً ... فخرج الميت و يداه و رجلاه مربوطات بأقمطة ، و وجهه ملفوف بمنديل .. فقال لهم : حلوه و دعوه يذهب " ( يو 11 : 43 ، 44 ) . هذا الذي أمر الموتي فقاموا ... أكان صعباً عليه أن يقوم ؟! ... كلا ، بل كان لا بد أن يقوم ، لأنه مقيم ، لأنه مقيم الموتي بأمره . نعم ، كان لا بد أن يقوم ، هذا الذي قال عنه الكتاب : " كما أن الرب يقيم الأموات و يحيي ، كذلك الإبن أيضاً يحيي من يشاء " ( يو 5 : 21 ) . فهذا الذي يحيي من يشاء ، ألا يحيي نفسه ؟!
3- و كان لا بد للمسيح أن يقوم ، لأن قيامته نبوءة لا بد أن تتحقق . يقول الكتاب بعد شهادة بطرس للمسيح أنه إبن الله " من ذلك الوقت ابتدأ يسوع يظهر لتلاميذه ، أنه ينبغي أن يذهب غلي أورشليم و يتألم كثيراً من الشيوخ و رؤساء الكهنة و الكتبة ،و يقتل ، و في اليوم الثالث يقوم " ( متي 16 : 21 ) ... و بعد معجزة التجلي " فيما هم نازلون من الجبل ، أوصاهم يسوع قائلاً : لا تعلموا أحداً بما رأيتم حتي يقوم إبن الإنسان من الأموات " ( مت 17 : 19 ) . و بعد أنشفي المصروع و قال " هذا الجنس لا يخرج بشئ إلا بالصلاة و الصوم " ، قال لهم و هم يترددون في الجليل : " إن إبن الإنسان يسلم إلي أيدي الناس ، فيقتلونه ، و في اليوم الثالث يقوم " ( متي 17 : 22 ، 23 ) . و بعد أن شرح مثل الكرم ، و من جاء في الساعة الحادية عشرة ، أخذ تلاميذه علي أنفراد و قال لهم : " ها نحن صاعدون إلي أورشليم ، و ابن الإنسان يسلم إلي رؤساء الكهنة و الكتبة ، فيحكمون عليه بالموت ، ويسلمونه إلي الأمم لكي يهزأوا به و يجلدوه و يصلبوه ، و في اليوم الثالث يقوم " ( متي 20 : 18 ، 19 ) ، ( لو 9 : 31 - 33 ) . لهذا كله حدث تذكير بعد القيامة بذلك قال ملاك القيامة للمرأتين " إني أعلم أنكما تطلبان يسوع المصلوب ... ليس هو ههنا ، لأنه قام كما قال " ( متي 28 : 5 ، 6 ) . و عبارة " كما قال " تعني ما تنبأ به عن نفسه من حيث قيامته في اليوم الثالث . بل أن هناك نبوءات في العهد القديم عن قيامته من الأموات . و لذلك فإن السيد المسيح قال لتلاميذه بعد قيامته " هذا هو الكلام الذي كلمتكم به ، و أنا بعد معكم ، إنه لا بد أن يتم ما هو مكتوب علي في ناموس موسي و الأنبياء و المزامير ... حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب ... و قال لهم هكذا هو مكتوب و هكذا هو مكتوب و هكذا كان ينبغي أن المسيح يتألم و يقوم من الموات في اليوم الثالث " ( لو 24 : 44 - 46 ) . حقاً ما أكثر النبواءت عن ذلك نتركها الآن لمبحث اَخر ... و لعله بسببها نقول في قانون الإيمان " و قام من الأموات في اليوم الثالث كما في الكتب " . و لعل من الرموز لهذه القيامة في العهد القديم : قصة يونان النبي : فعندما طلب منه اليهود اَية ... قال لهم " جيل فاسق و شرير يطلب اَية و لا تعطي له إلا اَية يونان النبي لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام و ثلاثة ليال ، هكذا يكون إبن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام و ثلاث ليال " ( متي 12 : 39 ، 40 ) .
4- كان لا بد أن يقوم المسيح ، لأن قيامته كانت في سلطانه هو : لقد مات بارادته ... هو قدم نفسه للموت ، و لم يكن مضغوطاً عليه في ذلك ... و قد قال موضحاً هذا الأمر في عبارته الخالدة " إني أضع نفسي لآخذها أيضاً ، ليس أحد يأخذها مني ، بل أضعها من ذاتي ... لي سلطان أن أضعها ، و لس سلطان أن اَخذها أيضاً " ( يو 10 : 17 ، 18 ) ... حقاً ما أعجب هذه العبارة " و لي سلطان أن اَخذها أيضاً " أي أن استرجع هذه الحياة التي وضعتها من ذاتي ، و لم يكن لأحد سلطان أن يأخذني مني ... إذن كان لا بد أن يقوم ، و يقوم بإرادته ... و لعلنا نسأل : لماذا وضع ذاته ؟ ... و ما فائدة ذلك في القيامة .. ؟
5- كان لا بد أن يقوم ، لأن موته كان مجرد وضع مؤقت ، لأداء رسالة مزوجة . كان ممكناً أنه لا يموت بحسب طبيعته ، و لأن الموت هو أجرة الخطية ( رو 6 : 23 ) . و هو لم تكن له خطيئة تستحق الموت ... و لكنه قبل أن يموت عوضاً عنا ، لكي يفدينا بموته ، كما قال الرسول " متبررين مجاناً بنعمته ، بالفداء الذي بيسوع المسيح ، الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه ... من أجل الصفح عن الخطايا السالفة " ( رو 3 : 24 ، 25 ) . كانت هذه هي الرسالة الأساسية للموت ، أي الفداء ... و ماذا أيضاً ..؟ و كان لا بد بعد الفداء ، أن يذهب و يبشر الراقدين علي الرجاء ، و يفتح باب الفردوس ، و ينقل هؤلاء الراقدين من الجحيم إلي الفردوس ... و في هذا يقول القديس بطرس الرسول : " فإن المسيح أيضاً تألم مرة واحدة من أجل الخطايا ، البار من أجل الأثمة ، لكي يقربنا إلي الله ، مماتاً في الجسد ، و لكن محيي في الروح ، الذي فيه أيضاً ذهب فكرز للأرواح التي في السجن " ( 1 بط 3 : 18 ، 19 ) .. نعم كرز لتلك الأرواح بالخلاص ، و نقلها إلي الفردوس ، كما نقل اللص اليمين . و يقول القديس بولس الرسول : " و أما أنه صعد ، فما هو إلا أنه نزل أيضاً أولاً إلي أقسام الأرض السفلي ، الذي نزل هو الذي صعد أيضاً فوق جميع السموات " ( أف 4 : 9 ، 10 ) .
6- و كان لا بد أن يقوم المسيح ، لأن لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة و لا طرفة عين . حتي عندما مات ... تقول القسمة السريانية : انفصلت روحه عن جسده ...و لكن لاهوته لم ينفصل قط لا عن روحه و لا عن جسده ... روحه المتحدة باللاهوت نزلت إلي أقسام الأرض السفلي ، و كرزت للأرواح التي في السجن ، و أصعدتها إلي الفردوس ...أما جسده فبقي في القبر متحداً بلا هوته أيضاً ... فهو قد مات بشرياً من جهة انفصال الروح عن الجسد ، و لكنه كان "محيي في الروح " .. كانت له الحياة الثابتة في اللاهوت ، و التي من أجلها صرخ نيقوديموس و هو يكفنه " قدوس الله .. قدوس القوس .. قدوس الحي الذي لا يموت . نعم كان لا بد أن يقوم هذا الجسد المتحد باللاهوت .. و ما كان ممكناً أن يستمر في الموت . إن الموت لم ينتصر عليه مطلقاً ، و ما كان ممكناً أن ينتصر عليه ... بل أنه بموته داس الموت ، أي داس علي هذا الموت الذي انتصر علي كافة البشر ، فنجاهم السيد من هذا الموت بموته عنهم ، و دفع ثمن خطاياهم .. و هكذا قضي علي سلطان الموت .
7- و هذا الذي قضي علي سلطان الموت بموته ، كان لا بد أن يقوم . كان لا بد أن يقوم ، ليعلن انتصاره علي الموت بقيامته ، و ليعلن للناس جميعاً أنه لا شوكة للموت ، حسب تسبحة بولس الرسول " أين شوكتك يا موت ؟ ... أين غلبتك يا هاوية ؟" ( 1 كو 15 : 55 ) .
8- و كان لا بد للمسيح أن يقوم ، لكي يعزي التلاميذ و يقويهم . كان لا بد أن يقوم ، لكي يزيل النتائج المرعبة التي نتجت عن صلبه ، حيث خاف التلاميذ و اختفوا في العلية ، و تشتت باقي المؤمنين به خائفين من اليهود و بطشهم ... و أنكر من أنكر ، و شك من شك ... و كان لا بد أن يقوم المسيح لكي يقوم بعملية ترميم لإيمان الناس ، و يشجعهم لكي يستمروا في إيمانهم ،و يصمدوا أمام اضطهادات اليهود ... و هكذا كانت قيامته أكبر دافع لهم علي الكرازة .
9- و كان لا بد له أن يقوم ، ليثبت أنه ليس إنساناً عادياً يموت كباقي الناس . جميع الناس يموتون ، و يستمرون هكذا منتظرين القيامة العامة ، لكي يقوموا .. أما السيد المسيح فكان لا بد أن يقوم مباشرة ، و إلا حسبوه إنساناً عادياً ... إن قيامته قد أثبت لاهوته ، و بخاصة أنه قام بذاته دون أن يقيمه أحد .
10- و كان لا بد أن يقوم المسيح ، ليكون الباكورة التي علي شبهها يقوم الكل و هكذا قال القديس بولس " اَلان قد قام المسيح من الأموات ، و صار باكورة الراقدين لأنه كما أن في اَدم يموت الجميع ، هكذا أيضاً في المسيح أيضاً سيحيا الجميع المسيح باكورة ، ثم الذين في المسيح في مجيئه " ( 1 كو 15 : 20 - 22 ) . و يتكلم عن أهمية قيامة المسيح ، فيقول " إن لم يكن المسيح قد قام ، فباطل إيمانكم أنتم بعد في خطاياكم إذن الذين رقدوا في المسيح أيضاً قد هلكوا " و يستطرد " إن كان لنا في هذه الحياة فقط رجاء في المسيح ، فإننا أشقي جميع الناس " ( 1 كو 185 : 17 - 19 ) .
11- نعم كان لا بد أن يقوم المسيح ، لكي يؤسس المسيحية و لكي يمكث مع التلاميذ أربعين يوماً يحدثهم عن الأمور المختصة بملكوت الله ( أع 1 : 3 ) ،و يضع لهم قواعد الإيمان و يسلمهم الأسرار و الطقوس ، و ينفخ في وجوهم قائلاً " اقبلوا الروح القدس من غفرتم لهم خطاياهم غفرت لهم ، و من أمسكتموها عليهم أمسكت " ( يو 20 : 22 ، 23 ) ثم يعدهم بحلول الروح القدس عليهم لكي ينالوا قوة ، و يكونوا له شهوداً في أورشليم و كل اليهودية و إلي أقصي الأرض " ( أع 1 : 8 ) ثم بعد ذلك يعهد إليهم بالكرازة قائلاً " اذهبوا إلي العالم اجمع ، و اكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها من اَمن و اعتمد خلص " ( مر 16 : 15 ، 16 ) " اذهبوا و تلمذوا جميع الأمم ،و عمدهم باسم الآب و الإبن و الروح القدس و علموهم أن يحفظوا جميع ما اوصيتكم به و ها أنا معكم كل الأيام و إلي انقضاء الدهر " ( متي 28 : 19 ، 20 ) .
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب تأملات في القيامة
المزيد
12 مايو 2020
لا تلمسيني
كان شهود القيامة في فجر الأحد كثيرين: المجدلية والمريمات والملائكة والتلاميذ والحراس ولكني أحب أن أحدثكم اليوم عن مريم المجدلية كانت المجدلية من قرية مجدل، وكانت تحب يسوع جدًا لأنه سبق وأخرج منها سبعة شياطين (مت16: 9)، و كانت تتبعه وتخدمه، وكانت تتصف بجمال المنظر، فيصوّرها المصورون جالسة تحت الصليب يميزها شعرها الطويل وفي الكتاب كانت مريم هي أول من تحرك والظلام باقٍ في فجر القيامة متجهة نحو قبر المخلص تحمل أطيابًا وحنوطًا لكي تضعها علي جسد الرب، وعندما وجدت القبر فارغًا والحجر قد دُحِر من على فمه، خافت فذهبت للتلاميذ وقالت «أخذوا السيد»، ولكن حبها دفعها أن تعود للقبر الفارغ، وهناك قابلها الرب يسوع وتحدث معها، أمّا هي فلم تعرفه وظنته البستاني، وبدأت تشكو له «إن كنتَ قد أخذته فقل لي لكي آتي وآخذه» (يو20: 15)، وعندها ناداها الرب باسمها وقال لها «يا مريم»، فعرفته وتقدمت نحوه لتقبل قدميه، فقال لها الرب جملته الشهيرة «لا تلمسيني» وقد ميزها الرب بأن صارت أول كارزة للعالم بقيامته، وهي الأولى التي حظت برؤية الرب في فجر أحد القيامة، وهي الوحيدة التي سمعت قول الرب «لا تلمسيني»، بينما سمح الرب لتوما أن يلمس جروحه عند ظهوره لتلاميذه في العلية فلماذا وجّه لها الرب هذه الكلمات القليلة؟
1- «لا تلمسيني» كانت تأكيدًا للمجدلية عن حقيقة طبيعة الرب يسوع اللاهوتية، فهي كانت لا تزال تخاطبه كإنسان «يا سيد إن كنت قد أخذته». وفي هذا كان الرب يؤكد على حقيقة طبيعته اللاهوتية، فهو الإله الذي ليس للموت سلطان عليه، فيسوع خاطب تلاميذه مرارًا كثيرة أنه ينبغي أن يُسلَّم لأيدي البشر ويتألم ويُصلَب ويموت، ولكنه سيقوم في اليوم الثالث، فكان على المجدلية أن تتذكر وعد الرب لهم كإله أنه لابد قائم من بين الأموات، وهو في هذا كأنه كان يحدثها عن لاهوته، وكأنه يناديها إن كنتِ قد أتيتِ لإنسان ميت فيجب بحسب الشريعة ألّا تلمسيني لئلا تتنجسي، أما إن كنتِ قد أتيتِ للإله الذي وعد أن يغلب الموت فاعلمي أنه ليس للموت ولا للهاوية سلطان عليّ وكان كلمات الرب هذه دعوة لنا جميعًا أن نكون واثقين أن يسوع هو الإله الذي شاء بإرادته أن يتألم عنّا ويحمل عقاب خطايانا لينقذنا من الهلاك الأبدي ولهذا يشرح بعض المفسرين أن هذا الإيمان الراسخ أن يسوع هو الله المتجسد كان السبب في بقاء أمنا العذراء مريم في البيت، فهي لم تذهب للقبر لأنها كانت واثقة أن ابنها القدوس المولود منها لا يغلبه الموت، بل هو قد جاء لكي يخلص شعبه ويدوس الموت.
2- كان الرب يعلم جيدًا مقدار محبة المجدلية له، لكنه أراد أن يعلمها أنه قد حفظ لها رسالة خاصة، وكأنه يقول لها لا تنشغلي بي فإن عليكِ رسالة هامة أن تخبري إخوتي أنني قمت وأنني لم أصعد بعد، لكنني سأقابلهم في الجليل وفي هذه الكلمات كان الرب يعلن لمريم بشرى القيامة المفرحة، وأيضًا يعلن لها لأول مرة عن سر صعوده إلى السماء، فكانت كلمات الرب لها «لا تلمسيني لكن اذهبي » هي أول تكليف برسالة الكرازة بخلاص الرب الذي صنعه من اجل العالم، وفي هذا تكريم للمرأة في المسيحية، نعم! نحن لا نؤمن بكهنوت المرأة لاعتبارات كتابية وفسيولوجية ونفسية وجسدية تمنع المرأة من خدمة الكهنوت، لكن الرب قد أعطى المرأة كرامة خاصة، فاختار العذراء مريم أُمًّا له وصارت رأسا للقديسين، وأيضًا منح المجدلية أن تكون المرأة هي أول شاهدة بالقيامة.
3- أخيرًا كانت كلمة «لا تلمسيني» هي عتاب حب من الرب للمجدلية لأنها قد نسيت كلماته وتعليمه انه رغم الآلام فهو لابد أن يقوم في اليوم الثالث؛ فكثيرًا ما تجعلنا الآلام في غربة هذا العالم ننسى وعود الرب المعزية لنا، وكأن هذه الكلمات هي دعوة لنا أن نتذكر كلمة الرب في الكتاب المقدس، ووعوده لنا بالرعاية والعناية والحفظ، ونترجّى مجازاته في كل مرة نجتاز مرارة الألم في حياتنا وعندما نتذكر وعود الرب ونحفظها في قلوبنا فإننا نستطيع أن نلمسه حاضرًا معنا في كل ضيقاتنا لتكن كلمات الرب يسوع يوم قيامته للمجدلية هي دعوة لإيمان راسخ لا يهتز في شخص ربنا يسوع، ودعوة للشهادة للرب وسط العالم أنه إله حيّ قد كسر شوكة الموت عنا، وأخيرًا دعوة لتذكُّر الوعود الإلهية في أزمنة الضيق. وكل عام والكل في ملء بهجة القيامة.
نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا
المزيد
11 مايو 2020
ظهورات السيد المسيح بعد القيامة
هناك (11) ظهور:
+ الظهور الأول (مت 28) للمريمتين (مريم المجدلية ومريم الأخرى).
+ الظهور الثاني (يو 20) لمريم وهي تبكى عند القبر عندما ظنته أنه البستاني فظهر لها المسيح مخصوص لكي يقول لها لا تبكى وللآسف نحن نبكى حتى الآن على الموتى، المسيح يحب أن نعيش القيامة بالإيمان قبل أن نعيشها بالعيان، كما قال لأرملة نايين لا تبكى، لأنه كان يعرف أنه سيقيمه.
+ الظهور الثالث (لو 24) لتلميذيّ عمواس.
+ الظهور الرابع (يو 20) للتلاميذ العشرة في العلية.
هؤلاء الأربع ظهورات في نفس يوم القيامة.
+ الظهور الخامس (يو 20) للتلاميذ ومعهم توما الأحد الجديد، أول يوم أحد بعد القيامة.
+ الظهور السادس للتلاميذ جميعًا في الجليل. السيد المسيح أصر على أن يُقابل التلاميذ في الجليل، لأن الجليل هو المكان الذي تقابل فيه مع التلاميذ لأول مرة، وكان يريد أن يبدأ مع التلاميذ بداية جديدة وأراد أن يقول لهم هلم ننسى ما مضى الإنكار والخيانة والهروب وهلم نتقابل وكأننا نتقابل لأول مرة شيء رائع.
+ الظهور السابع (يو 21) كان في بحر طبرية صيد 153 سمكه. وفي بحر طبرية كان هناك سبع تلاميذ.
+ الظهور الثامن (يو 21) لبطرس وحده في العتاب "يا سمعان ابن يونا" أتحبني أكثر من هؤلاء؟!"
+ الظهور التاسع (1 كو 15) ليعقوب وحده أول رسول شهيد.
+ الظهور العاشر (1 كو 15) لخمسمائة أخ.
+ الظهور الحادي عشر(مت 28) على جبلالصعود.
= هناك ثلاث معجزات صنعها الرب بعد قيامته، وأكد بها ناسوته:
أ- بقاؤه على الأرض بجسد القيامة أربعين يوم.
ب- الاحتفاظ بالجراحات في جسد القيامة.
ج- الأكل مع التلاميذ لأن جسد القيامة لا يأكل.
صفات جسد القيامة:
من واقع حديث معلمنا بولس الرسول (1 كو 15) يظهر جسد القيامة أنه:
- أولًا: نوراني - روحاني - لا يفسد.
- ثانيًا: خالد لا يقوى عليه الموت مرة أخرى يحيا إلى الأبد.
س) لماذا أحتفظ المسيح بآثار الجراحات في جسد القيامة؟
ج) لكي يُستعلن كذبيحة أمام الآب السماوي.
نيافة الحبر الجليل الأنبا بنيامين مطران المنوفية وتوابعها
المزيد
10 مايو 2020
الأحد الثالث من الخماسين فى مقابلته للمرأة السامرية
“أجاب يسوع وقال لها لو كنت تعلمين عطية الله ومن هو الذى يقول لك أعطينى لأشرب لطلبـت أنت منه فأعطاك ماء حيـا” (يو 10:4)وعن الماء الحى مكتوب أيضـا: ” وفى اليوم الأخير وقف يسوع ينادي قائلاً إن عطش أحد فليقبل إلى ويشرب. من آمن بى كما قال الكتاب تجرى من بطنه أنهار ماء حى. قال هذا عن الروح الذى كان المؤمنون مزمعين أن يقبلوه. لأن الروح القدس لم يكن قد أعطى بعد لأن يسوع لم يكن قد مجد بعد ” (يو 37:7-39)سوف ندرس ما قاله الآباء عن الروح القدس.
الروح القدس هو الأقنوم الثالث من الثالوث الأقدس،فنحن نؤمن بالله الواحد المثلث الأقانيم: الله الآب. الله الإبن. الله الروح القدس
1- أقوال القديس اثناسيوس الرسولى عن الروح القدس عن لاهوت الروح القدس:
“ا لروح القدس واحد مع الإبن فى الجوهر والإبن واحد مـع الآب فى الجوهرإذن الروح القدس واحد مع الآب فى الجوهر “إننا نؤمن بالثالوث القدوس الله الآب، الله الإبـن، الله الـروح القدس. وهو اله واحد متماثل غير قـابل للتجزئـة بطبيعتـه، ونشاطه واحد الآب يعمل كل شئ بالإبن فى الروح القدس وهكذا ينادى بإله واحد فـى الكنيسة.. الذى على الكل ( كلى الأصل )، وبالكل ( كلى السبب )، وفى الكل ( كلى التنفيذ ) الكل المطلق، أى الله فى ذاته الكلية المطلقة:
1- كآب : بداية، ينبوع.
2- بالكل : بالإبن.
3- فى الكل : فى الروح القدس.
عن وحدة عمل الثالوث وعدم إمكان تجزئته.. قال فى بشارة رئيس الملائكة جبرائيل للعذراء: ” عندما افتقد الكلمة العذراء القديسة مريم،جاء إليها الكلمة ومعه الروح القدس، وصاغ الكلمة جسده وشـكله لذاته.. لذا أراد أن يوحد فيه كل البشرية إتحادا بالله ويحضرها إليـه بواسطة نفسه ” (من رسالة إلى القديس سرابيون 1: 31) وفى موضوع قدرة الروح القدس لإعطاء الحياة.. قال: ” إنه يدعـى الروح المحيى، وروح الحياة فى المسيح يسـوع، لأن منـه تنـال المخلوقات الحياة.. علما بأن الإبن هو نفسه الحيـاة ويدعـى فـى الإنجيل رئيس الحياة، فكيف يحسب الروح القدس ضمن المخلوقـات وهو الذى فيه تنال المخلوقات الحياة بواسطة الكلمة “.
2 - أقوال القديس باسيليوس الكبير عن الروح القدس: الإعتقاد السليم هو أن الروح القدس لا يمكن فصله عـن الآب والإبـن فهو حاضر معهما فى:
أولا: الخليقة العاقلة فالقوات السمائية وجدت بـإرادة الآب، ونـالت كيانـها بـالإبن، أما تقديسها واستمرارها فى التقديس فهو بواسـطة حضـور الـروح القدس فيها.
ثانياً: تدبير مجىء ربنا فى الجسد فلقد صارت البشارة بالروح وصار الحمل بـالروح (لـو 1: 25)، وصارت المسحة بالروح (يو1 :33)، وكـان معه فى التجربة (مـت 4: 1)، وبه تمم كل أعماله (مت 28:12)، وبه قام من الأموات (رو 8: 11).
ثالثا: وفى الدينونة فالذين ختموا بالروح القدس ليوم الفـداء وحفظـوا حياتـهم نقيـة بلا عيب هم الذين سيسمعون الصوت القائل ” نعماً أيها العبد الصالح والأمين ” (مت 25: 21) وأما الذين أحزنو الروح فسوف يشطرون، أى سوف ينفصل عنهم تماما الروح القدس (مت 24: 51) وعن ألقاب الروح القدس:
هو يسمى الروح لأن الله روح، ويدعى أيضـا قـدوس لأن الآب قدوس والإبن قدوس، ويدعى أيضا الصالح لأن الآب صالح وما ينبثق من الآب صالح، ويدعى المستقيم لأن الله صـالح ومسـتقيم.. وروح الحق وروح البر وروح الحكمة، ويدعى أيضا الباراقليط.
وعن أعماله:
أن أعماله عظيمة وفائقة ولا يمكن أن نحصيها، إذ كيف نسـتطيع أن ندرك ما كان يعمله الروح قبل أن تنشأ الخليقة العاقلة، ومـا هـى النعم العظيمة التى أعطاها ويعطيها للخليقة، وما هـى قدرتـه التـى سوف يظهرها فى الحياة الآتية.
3 – أقوال القديس كيرلس الإسكندرى عن الروح القدس:
أ- فى تفسيره لإنجيل يوحنا قال فى الآيـة ” أنا فى الآب والآب فى ” (يو 14: 11). ( كما أن الإبن صدر من الآب بطريقة تعلو علـى الفهم ومع ذلك فالإبن باق فيه، هكذا أيضـا الروح القـدس فهو ينبثق بالحقيقة من الله كما هو بالطبيعة ومع ذلـك فـهو لا ينفصل عن جوهره بل بالحرى ينبثق منه ويظل باقياً أبديـاً فيه، ويعطى للقديسين بالمسيح، لأن كل الأشياء تأتى بـالإبن بواسطة الروح القدس).
ب- وفى تفسيره قول السيد المسيح: ” وأما متى جاء المعزى الروح القدس الذى يرسله الآب بإسمى فهو يعلمكم كل شـئ” (يو 26:14).. قال : ” الإعلان الكامل للسر الإلهى هو بالروح القدس المرسل من الآب باسم الإبن. لأنه كما أن روحه هو المسيح فينا لذلك يقول يعلمكم كل شئ كما قلته لكم.. فحيث أنه روح المسيح وفكره كما هو مكتوب ” (1كو 16:2)، لذلك فهو ليس شـيئا آخر سواه هو نفسه من جـهة وحدة الطبيعة، وهو يعرف كـل ما هو فيه لأن ” أمور الله لايعرفها أحد إلا روح الله ” (1كو 2: 11) فالروح لأنه يعرف ما هى مشورة الإبن الوحيد يخبرنا بكل شـئ.. وهو لا يأخذ هذه المعرفة بالتعليم، لكى لا يبدو أنه يشغل رتبة الخـادم الذى ينقل كلمات آخر، بل هو روحـه. وإذ يعـرف- دون تعلـم- كل ما يخص ذلك الذى هو منه، وهو كائن فيه، فإنه يعلـن الأسـرار الإلهية للقديسين.
ج- وعن موضوع الكرمة والأغصان يقول القديـس كـيرلس: إن الروح القدس يجعلنا نثبت فى الكرمة- أى المسـيح- فـهى( الكرمة ) كالأم المغذية لأغصانها، لأننا نولد منه وفيه بـالروح لنثمر ثمار الحياة. فكلمة الله الوحيد الجنس يمنح القديسين ميـلاً إلى طبيعته الخاصة وطبيعة الله الآب بإعطائهم الروح، وذلـك بإتحادهم به بالإيمان والقداسة الكاملة، وهو يغذيـهم بـالتقوى ويعمل فيهم لمعرفة كل فضيلة وكل الأعمال الصالحة. فـالآب يغذينا فى التقوى بالإبن فـى الروح.
د- ويفرق القديس كيرلس بين إرسال الروح وانبثاقه، فيقـول: إن الإرسالية فعل زمنى بينما الإنبثاق فعل أزلى. فـالله الآب هـو مصدر إنبثاق الروح وأما إرسالية الروح القدس فهى مـن الله الإبن، كما قال القديس يوحنا فى إنجيله ” ومتى جاء المعزى الذى سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذى من عند الآب ينبثق فهو يشهد لى. وتشهدون أنتم أيضا لأنكم معى من الإبتداء ” (يو15 :27،26).
هـ – وقال أيضا نعرف ثلاثة أقانيم ونؤمن بها ، الآب الـذى لا إبتـداء لـه، والإبن الوحيد، والروح القدس المنبثق من الآب وحده إن الروح القدس هو منبثق من الآب حسب قول المخلـص، لكنه ليس بغريب عن الإبن من حيث وحدة الجوهر نؤمن بالروح القدس كما نؤمن بالآب والإبن، لأنـه مسـاو لهما فى الجوهر وهو مندفق أى منبثق من ينبوع الله الآب كما أن الإبن من الآب من جـهة الولادة، هكذا الـروح مـن الآب من جـهة الإنبثاق، وحاشا من القول بخلاف ذلك.
4-العلامة ديديموس مثله فى ذلك مثل كل آباء الكنيسه الجامعه، يكرز ويعلم عن الثالوث وعن وحدة جوهرالأقانيم الثلاثة.. قال : (كل من يتصل بالروح القـدس ففـى نفـس اللحظة هو يتقابل مع الآب والإبن، وكل من يشترك فى مجـد الآب فإن هذا المجد هو فى الواقع ممنـوح لـه مـن الإبـن والروح القدس) (عن الروح القدس 17) وعن إنبثاق الروح قال: ” الروح القدس ينبثق من للآب ويستقر إلهيا فـى الإبن” (فى الروح القدس 3:1) ويقول أيضاً: فى جوهر الروح يمكن فهم كمال العطايـا، فمـن المستحيل لأى واحد أن يطلب نعمة الله إن لـم يكـن عنـده الـروح القدس الذى فيه يتضح أن كل العطايا متضمنة منـه. لذلـك واضـح أن الروح القدس هو نبع كل العطايا وليست عطية تُمنح بدونـه، لأن كل الفوائد التى ننالها من وراء غنى مواهب الله إنما هى مـن هـذا الينبوع الرئيسى وعن عمل الروح القدس فى الإنسان، قال:
هو المقدس والمحيى، نور السماء المنتشـر، الحـافظ الكـل، الساهر على ثبات قوامه، المجدد والمحرر.. كمثل الرب وإبـن الله الذى صنعنا، فهو روح التبنىيطير بنا إلى أبواب السماء، ويقتادنا فـى مداخـل الخلاص، هو النعمة المالئة كل الأشياء الخاويـة والضعيفـة والعـابرة، ينبوع المواهب الذى لا يفرغ ومنطلق كل فكر صالح، يكشـف حقا المزمعات، ختم الخلاص والموهبـة الإلهيـة، عربـون الخيرات الأبدية منه كل خليقة، ما يرى وما لايرى، عاقلة وغـير عاقلـة هـو يقيمها، الذى منه يصير لنا التجديد الإلهى ومغفرة الأثام وسـتر الخطايا والنزوع نحو الله إكليل الأبرار وحافظ الأخيـار. المسـكن السـماوى، الحيـاة التى لا تنتهى وميراث ملكوت الله الأبـدى الـذى كـل مـن يشترك فيه، بتجديد الشركة، يبلغ التذكارات الصالحة وشـركة الطبيعة الإلهية.
5- تعاليم القديس كيرلس الأورشليمى عن الروح القدس:
الإبن والروح القدس وحدهما يقدران أن يريا الآب كما ينبغـى أن يرى، إذ هما يشتركان فى لاهوت الآب ويتكلم القديس كيرلس الأورشليمى عن الروح القدس وينظر إليـه بنفس الطريقة التى ينظر بها إلى الآب والإبن من حيـث أن هـؤلاء الثلاثة يشتركون فى نفس مجد اللاهوت الواحد الروح القدس (شريك الأزلية) مع الآب والإبن وعمله من أجـل خلاصنا مشترك مع الاقنومين الآخرين. الإبن يعلم الآب مـع الروح ومن خلال الروح.والروح القدس هو روح الوحى والإسـتنارة، إنـه المقـدس، الفريد، والصالح، والمغيث، معلم الكنيسة، روح النعمـة الـذى يضع علامته على النفس بما يفيد أنها ملكه وهو الذى يعطـى التقديس للكل الروح واحد وهو لا ينقسم بتعدد مواهبه. إنـه ليـس كـأن الآب يهب موهبة والإبن يهب موهبة أخرى والروح موهبـة ثالثة، لكن الخلاص والقوة والإيمان هى مشتركة للكل وكرامة الأقانيم واحدة وغير منقسمة نحن نعلن إلهاً واحداً مع الروح القـدس مـن خـلال الإبـن، بلا اختلاط ولا انقسام. الآب يعطـى للإبـن والإبـن يعطـى للروح القدس ومن أجل خلاصنا يكفى أن نعرف أنـه يوجـد الآب والإبـن والروح القدس، ولم يكتب شئ آخر عن أى شئ آخر، وليـس لائقاً بنا أن نفحص ما هو وراء ما نجده فى الكتاب المقدس عن الجوهر والأقانيم.
المزيد