المقالات

23 نوفمبر 2019

أبيجايل

واسم الرجل نابال واسم امرأته أبيجايل مقدمة لا أستطيع أن أفكر في المرأة القديمة أبيجايل، دون أن يخطر ببالي على الفور منظر طائر من أجمل الطيور، وأرخمها صوتًا، في قفص من ذهب، والسامع يكاد يلحظ في أغانيه نوعًا من الحزن، والأسى، والبكاء، يختفي وراء جهد من صبر وقناعة وأمل وتسليم، إن الكتاب لا يتحدث كيف زفت هذه المرأة جيدة الفهم وجميلة الصورة، إلى رجل أحمق رديء القول والتصرف والعمل، ولكنها أغلب الظن هي واحدة من ذلك الصف الطويل من الضحايا اللواتي يذهبن ضحية خداع المادة والثروة الطائلة، ولئن كان زواج ميكال نوعًا من الزواج السياسي أو المصلحي الذي تمليه غاية بعيدة تماماً عن الأصل في كل زواج، فإن زواج أبيجايل، هو ذلك النوع من الزواج المادي، الذي تباع فيه المرأة وتشترى كأية صفقة مادية من عقار أو منقول، وتحسب في أفضل الحالات، واحدة من الأثاث، وتحفة من التحف يتلهى بها الناظر دون أن يدرك أنها من قلب ولحم، وأن قناطير الذهب ليست بذات أهمية إلى نفسها ومشاعرها، كنغمة حب، ومناجاة وجدان، وتعانق مشاعر، وتكاتف شركة، هي المعاني الأولى والأخيرة لفكرة الزواج كما شرعه الله وأبدعه في حياة الناس في أي مكان يعيشون فيه على ظهر هذه الأرض!! على أن المرأة وقد وقعت الواقعة لم يكن لها خلاص، سوى أن تصبر على مأساتها، وتتطلع إلى الله، الذي له وحده على الدوام مخارج في الموت، وقد مد الله اليد على نحو قضائي يفعله، عندما تقفل كل السبل، وتعجز جميع المحاكم الأرضية أن توجد حلا مرضيًا عادلاً نهائياً... والآن لنتأمل المرأة وقصتها وما فعلت وما وصلت إليه، وكيف فتح الله الباب الموصد على نحو فجائي مثير: أبيجايل الزوجة الجميلة إن معنى الكلمة «أبيجايل» بهجة أبيها، ويبدو أنه من اللحظة التي ولدت فيها كانت أشبه الكل بالقمر الجميل الذي رآه الأعرابي ذات ليلة وهو يسير في قلب الصحراء وقد استوى بدرا، وقد ألقى نوره الفضي في كل مكان، فأخذ الأعرابي بسحر جماله، وهتف، وهو يتطلع إليه قائلاً: ماذا أقول لك؟ هل أقول لك رفعك الله؟ وها أنت مرتفع!! جملك الله؟ وها أنت جميل وما بعدك من جمال! إذا فكل ما أقول أبقاك الله على ما أنت عليه من رفعة وجمال! وربما قال أبو الصغيرة أبيجايل وهو يتطلع إليها بهذا الإحساس المفرط من البهجة والمسرة، وقد أشرقت العناية على نفسه، وعلى بيته بهذه الجميلة الرائعة البهية، إن جمال هذه المرأة كان على الأغلب من ذلك النوع النادر من الجمال الذي يقع أشد الوقع في نفوس جميع الذين يرونها من أول لحظة، ولهذا خلبت لب نابال عندما رآها، وعزم على أن يقتنيها، مهما بذل من مال أو تكلف من ثمن، ولعل هذا الجمال بعينه هو النسمة النقية الهادئة التي هبت على وجه داود، وهو بركان ثائر في طريقه إلى الانتقام المروع من زوجها الأحمق نابال، هذه النسمة الندية التي أوقفته بغته ليعود إلى وعيه ويستيقظ ويستمع إلى صوتها الساحر وندائها الرقيق، ليفيق ويتراجع عما هو مقدم عليه، مما كان من المتوقع أن يندم عليه طوال عمره لو أنه لم يتوقف عنه في اللحظة الأخيرة. على أنه من الواضح أن المرأة كانت متفوقة في شيء آخر، في ذكائها اللامع وذهنها المتوقد، وان الكتاب في عرض شخصيتها، وضع فهمها قبل جمالها أمام الأنظار، وذلك لأن هذا الفهم كان في الواقع بمثابة الهالة الرائعة العظيمة لجمالها النادر، فإذا كنت مثلاً توخذ بجمالها قبل أن تتكلم، فإنك ستذهل بما تنطق من در الحديث وجوهر الكلام، ويكفي أن نرى نموذجًا لهذا، في ذلك الحديث البليغ الساحر الذي تكلمت به إلى داود، وضربت على أدق وأرق الأوتار في قلبه، فلم تعترف بالذنب فحسب، بل ذكرته برسالته العظيمة التي وضعها الله على كتفيه، وأنه مهما يصبه من نفي وتشريد وآلام، فانه عزيز على قلب الله، وأنه محفوظ في حزمة الحياة مع الرب، وأما أعداؤه فسيرمون من كفة المقلاع، وكأنما كانت تذكره بقصته مع جليات، وكيف حفظه برعايته، وأسقط الجبار العملاق بضربة واحدة قاضية برمية حجر!! كما أنها بذلك رفعت قلبه ونفسه عن طلب الانتقام، وهي تؤكد له أن النصر قريب، إلى ذلك الحد الذي ترجو فيه معه ألا ينساها عند ما يبلغ مجده وملكه حسب وعد الله الأكيد الصادق، وهل ينسى الله من يخدمه بالأمانة، ويحارب حروبه ولم يوجد فيه شر قط كل الأيام!!. هذا الحديث أو بالحرى الدفاع لا يمكن أن يصدر إلا عن محام من أبرع وأقدر المحامين ممن يدركون نقط القوة والضعف في القضية التي يمسكون بها، ويعلمون كيف يبدأون، ويسيرون، وينتهون في خط الدفاع الذي رسموه من أول الأمر، ومثل هذه المرأة تصلح في أيامنا هذه أن تقف في أعظم المحافل الدولية وأعلى محاكم الدنيا ليجلجل صوتها بسحر وبلاغة تذهب مذهب المثل والفصاحة والحجة في كل مكان!! على أن حكمة المرأة وبلاغتها لا تقف عند الحدود النظرية أو فلسفة الكلام، لقد كانت كما هو ظاهر من لغة الكتاب سريعة التصرف أذ أدركت الأثر الوشيك الحدوث لتصرف زوجها الأحمق، ولو أنها لم تسرع وتبادر إلى إنقاذ الموقف، وتوانت ولو إلى ساعات قلائل، لقضى الأمر، وجاء عملها بعد فوات الأوان، أنها من ذلك النوع الذكي الذي ينتهز الفرصة ويحسن التوقيت، ويتصرف بعمق وتأمل ودون جلبة، دون أن تخبر زوجها، الذي لم يكن في وعيه، إذ كان مخمورًا مع صحبه في حفل ماجن كبير، وكان من العسير أن تخبره بشيء حتى يفيق من سكره ويثوب إلى رشده! ألا ما أجمل أن تتصرف المرأة في بيتها في وقت الكارثة أو الأزمة الطارئة في حنكة وصمت وهدوء، بتوازن مطلوب، وبديهة مجهزة، وعلى وجه الخصوص إذا جاء الأمر نتيجة حماقة زوج، أو شطط أو خطأ من واحد من أهل بيتها لا يحتمل معه تواكل أو جمود أو سكوت!. ولا يغرب عن البال أن هذه المرأة إلى جانب هذا كله كانت امرأة وديعة، لم يخرجها الجمال أو الفهم أو الثروة إلى نوع من الكبرياء أو الشموخ أو التعظم انظر إليها وهي تقترب من داود، إذ تنزل عن الحمار وتسقط على وجهها، وتسجد، وترى في نفسها أمة، وجارية مذنبة، تحتاج إلى صفح وغفران من سيد تجثو عند قدميه، وليس هذا لمجرد أن تدفع عن نفسها وبيتها شرا يوشك أن يحدث، بل لأنها كما وصفت فيما بعد نفسها لداود: «هوذا أمتك جارية لغسل أرجل عبيد سيدي».. فإذا أضفنا إلى ذلك كرمها الذي ظهر فيما قدمته لداود، ولا يظهر هذا الكرم في تعداد الخبز والخمر والخراف والفريك والزبيب والتين، الذي قدمته بكثرة ووفرة، بل في ذلك الاستحياء الذي قدمته به، إذ هو لا يصلح قط لداود، فإنه أعلى وأسمى من هذا كله بل هو: «للغلمان السائرين وراء سيدي». وأجمل من كل هذه الصفات إن المرأة كانت تقية، فبينما يقامر زوجها على الفرس الخاسر، إذ يقف إلى جانب شاول المرفوض والمطرود من الله، تقف هي إلى جانب داود المختار من الله، أو في لغة أخرى إنها كامرأة مؤمنة تقف إلى جانب الحق الإلهي، في الجانب الأضعف ظاهريًا، والذي يعاني الكثير من الاضطهاد والآلام والضيقات والمتاعب والتشريد. أبيجايل والصفقة الخاسرة وما من شك في أن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن بعد أن عرفنا أبيجايل على هذه الصورة الرائعة الجميلة، كيف أمكن لهذه المرأة الفاضلة أن تتزوج هذا الجهول الأحمق، هنا نقف أمام صفقة قاسية خاسرة، تعد من أشر وأقسى الصفقات التي ما تزال إلى اليوم تتكرر عندما تتدخل المادة لتربط بين اثنين يختلفان في كل شيء، وقل أن يتفقا أو يلتقيا حتى حول المادة التي ظن كلاهما أو ظن أحدهما أو الآخرون أنها يمكن مع الأيام أن تجمع بين المتناقضين عقلاً وخلقًا وثقافة وروحًا!!.. أما نابال فأغلب الظن أن لبه طار، وهو يرى هذه المرأة الجميلة الصورة، ففعل ما يفعل الكثيرون من الأثرياء وهواة المتاحف، عندما يرون صورة جميلة لمصور مشهور، فيسرعون إلى اقتنائها، ولو كلفتهم عشرات الألوف من الجنيهات، ويعلقونها في مكان الصدارة من بيوتهم، مع هذا الفارق، أنه قد يكون لهم من الفهم والتذوق ما يجعلهم يدركون موضع العظمة والجمال والجلال والفن في كل بوصة مربعة فيها، وتكون لهم مصدر ثراء ذهني واسع كلما نظروا إليها أو أحدقوا فيها!! على العكس من ذلك الأحمق نابال الذي كان يواجهة الجمال الحسي الرائق في كل لحظة في البيت، وهو غافل عنه وأعمى في كأسه وطاسه التي يعب منها، ولا يكاد يفيق، ومع أنه اشترى المرأة بما دفع من مهر، فانه وقد أمتلكها، أضحت كأي ملك مخزون لا ينتبه إليه صاحبه أو به يستفيد!!.. أما من جانب أبيجايل أو أبيها فان الأمر محير، يظن البعض أن الفتاة لم تستشر في الأمر، وأن الثروة الهائلة التي كانت لنابال غطت حاله أو واقعه، فلم يفطن أبوها، أو ربما لم تفطن هي حتى وقعت الكارثة، ولم يعد هناك مكان لرجعة أو ندم، ويعتقد أيضًا أنه ربما كان انتساب الرجل إلى عائلة مشهورة، وإلى اسم قديم، مما شجع على التصور أن الخلف يمكن أن يكون مثل السلف، وأن نابال يمكن أن يأخذ شيئاً من جده الكبير العظيم كالب بن يفنة، والذي كان واحدًا من ألمع الأسماء أيام موسى، وكان قرينا صادقًا وعظيمًا ليشوع بن نون الذي جاء بعد موسى وكان تاليًا له، ولكن ما أكثر ما تخلف النار تراباً ورماداً، وما أكثر ما يأتي الأبناء على صورة لا تكاد تعرف شيئًا عن تاريخ الآباء أو تقاليدهم أو ما توارثوه من قيم ومثل ومباديء! أجل أنه حسن أن يفكر الراغبون في الزواج في الأسرة التي ينحدر منها من يرغبون في الارتباط بهم، غير أن هذا إذا حدث لا يمكن أن يكون قبل البحث عن الشخصية ذاتها، ومدى ما تملك من مقومات أو صلاحيات للزواج، فلا يكفي أن تتزوج الفتاة أحمق أو جاهلاً أو عليلا أو متخلف العقل، أو فاسد الأخلاق، لمجرد أنه ينتمي إلى أسرة شهيرة أو معروفة بين الناس،.. كانت العلاقة بين أبيجايل ونابال علاقة زوجين يختلفان في كل شيء، فهي دمثة الأخلاق وهو فظ كما يقول واحد من الغلمان لا يمكن الكلام معه، وهي كريمة وهو أناني لا يعطي من وليمته لآخر، إلا إذا رام منفعة أو بحث عن مقابل، وهو نزق، وهي ودودة، وهو جحود وهي متدينة، وهل يمكن لعلاقة كهذه أن تستقر وتهدأ، والزوج كما يصفه الوحي رجل قاس؟ وكل خيالي يتجه إلى المرأة وهي تبكي ليالي متواصلة على قساوته مع الإنسان أو الحيوان على حد سواء، ومع التصرفات القبيحة الرديئة التي تصدر منة في كل يوم، وكل خيالي يتجه إلى ما لا ينتهي من صور مماثلة، صور أولئك الذين لا يعرفون عن الزواج، سوى صفقة، أو صيد يعتقد شوبنهرر عدو المرأة أن الفريسة فيه على الدوام هي الرجل، ومع أننا لا نتفق مع أمام المتشائمين على ذلك، إلا أننا ننتهي ولاشك، أن كل زواج ينبني على المادة لابد أن يكون فيه ضحية، سواء كانت هذه الضحية هي الرجل أم المرأة مادام قد خرج عن الأساس الروحي الذي قصده الله من الزواج بين الناس في الأرض. أبيجايل والنجاة المفاجئة وهذا يأتي بنا إلى ختام قصة هذه المرأة مع زوجها نابال على نحو مثير فجائي لم تكن متوقعة بمثل هذه السرعة الإلهية المباغتة، لقد وقفت في طريق العاصفة الهوجاء التي كان من المستحيل أن تفرق بينها وبين زوجها وبيتها، يوم هبت عليها من داود الثائر الغاضب، ورجعت إلى بيتها وقد واتاها النجاح على نحو كامل، لتجد زوجها غارقًا في سكره حتى الطامة، ولم تستطع أن تخبره بشيء كبير أو صغير إلى ضوء الصباح حتى يفيق، واذا أخبرته، كما يقول الكتاب، مات قلبه فيه وصار كحجر، أو مات كما يفسره هوايت: بحجر في قلبه، لقد مات نابال من الكبرياء والغضب، مات من مرض غريب، وأعني به مديونيته لزوجته، وقد كان يؤثر أن يموت بسيف داود على أن ينجو بوساطة زوجته وشفاعتها وتوسلها، وهو لا يرضى أن يصور بأنه أحمق فيما فعله في ذلك اليوم مما جلب عليه كل ما حدث، ولو أن نابال فعل شيئًا آخر، لو أنه اعترف بما فعلته زوجته، وقبل يديها، وقدميها، لربما كان له تاريخ آخر، ومصير آخر، ولربما بقي، وعاش معها، حتى أصبح مسنًا، ينعاه شعبه وجماعته، ويموت كرفع الكدس في أوانه، ولكن نابال مات لما ضربه الرب، لشره، وجبنه، وحماقته، وكبريائه، وقسوته، وغيرته،... أما المرأة التي كانت شريكه له، والتي رجت له ولنفسها الحياة من سيف داود. ما كانت تتوقع وقد أوصد عليها باب الحياة الزوجية، أن يفتح سجنها، أو تخرج من باب القفص الذهبي بين عشية وضحاها، بعد مرور عشرة أيام فقط من تلك الواقعة،.. وهكذا مات نابال، لتعود المرأة بحياة الترمل الى استرداد ما كاد يضيع من طعم الحياة ومعناها، لو أنها بقيت في أسره وقصره،.. بل لتعود من جديد قبل أن يذهب الشباب وتدور الأيام زوجة لداود، تلد له، وتعيش معه، على معنى أصح وأقدس وأجمل وأكمل، من معاني الحياة المقدسة أمام الله والناس، وهكذا تذهب المرأة مثلاً لمن يستسلم ويسلم أمره لقضاء الله وعدله، وقد يأتيه القضاء على نحو أسرع مما كان يظن، وعلى وجه أفضل مما كان يتصور، وعلى وضع أحسم مما كان يتخيل أو يحلم كما فعل الله مع المرأة القديمة العظيمة أبيجايل زوجة نابال الكرملي!!..
المزيد
22 نوفمبر 2019

القديس يوحنا ذهبى الفم

اقرأ بنعمة المسيح جزء من رسالة العبرانيين الأصحاح 13: ” اُذْكُرُوا مُرْشِدِيكُمُ الَّذِينَ كَلَّمُوكُمْ بِكَلِمَةِ اللهِ. انْظُرُوا إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ. يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ. لاَ تُسَاقُوا بِتَعَالِيمَ مُتَنَوِّعَةٍ وَغَرِيبَةٍ، أَطِيعُوا مُرْشِدِيكُمْ وَاخْضَعُوا، لأَنَّهُمْ يَسْهَرُونَ لأَجْلِ نُفُوسِكُمْ كَأَنَّهُمْ سَوْفَ يُعْطُونَ حِسَابًا، لِكَيْ يَفْعَلُوا ذلِكَ بِفَرَحٍ، لاَ آنِّينَ، لأَنَّ هذَا غَيْرُ نَافِعٍ لَكُمْ “. نعمة اللَّه الآب تكون مع جميعنا آمين. يوحنا ذهبى الفم الوحيد الذيى حمل هذا اللقب (ذهبي الفم) لأن عظاته كانت بسيطة جداً وعميقة جداً ومتنوعة جداً، ويوحنا ذهبى الفم له مأثورات وعبارات كثيرة قوية، اذكر لكم بعض عباراته الجميلة: قال: ” أي نفع للمسيحي الذي لا يفيد غيره “. ” لا شيء يقسم الكنيسة إلا حُب الرئاسات، ولا شيء يُضايق اللـه مثل تمزيق وحدة الكنيسة “. قال أيضا: ” إن غاب عنَّا عون اللـه لا نقدر أن نقاوم أتفه إغراء “. قال أيضاً: ” ليس للشيطان أن يهاجمك إلا عندما يراك قد نلت كرامة عظيمة وتكاسلت “. قال أيضاً: ” ليس لنا عدو إلا واحد وهو الخطية التي تفسد سلامنا “. قال أيضاً عبارة قوية: ” إن تسقط هذا أمر بشري، لكن أن تصر على الخطية فهذا عمل شيطاني “له أيضا عبارات كثيرة سوف أذكر بعضها خلال حديثنا عنه. وُلِدَ القديس يوحنا ذهبى الفم في عام 347م، والده كان قائداً في الجيش الروماني في سوريا، وأمه كان اسمها ” أنثوسا “، كانت فتاة جميلة، وبعد أربعة سنوات توفَّى زوجها (والد القديس يوحنا) وتركها شابة غنية وجميلة، وتوفيت ابنتها (أخت القديس يوحنا) بعد وفاة الوالد، في سنوات قليلة بقيت زوجة أرملة مع ابن يتيم، وعاشت الزوجة الأرملة تُربِّي هذا الابن اليتيم يوحنا، وكانت مُخلصة في هذه التربية، وعندما دُعِيَتْ لزواج آخر رفضت وقالت أنها تعيش من أجل ابنها بدأ يوحنا ينبغ في دراسة المُحاماة، وتعرَّف على العالم إلى أن صار له صديق اسمه باسيليوس، أحبا الاثنان اللـه وعاشا في مخافته وابتدءا يُكرِّسا حياتهما وساعدا بعضهما أن يحيا حياة التعبد للـه، وكرَّسا حياتهما للكتاب المقدس وكانت حياتهما مباركة، ودعيا الاثنان للكهنوت لكن عندما جاء وقت الرسامة هرب يوحنا من الرسامة وتمت رسامة باسيليوس، وكانت حجة القديس يوحنا أن له ميول للحياة بالديركتب القديس يوحنا كتاب كبير عن سر الكهنوت، وهو من أحد الكتب القوية جداً التي تشرح ما هو سر الكهنوت وابتدأ يحيا الممارسات الرهبانية وتدريباتها الروحية إلى أن إنتقلت والدته، واتجه للدير وصار راهباً، وبعد قليل اختير لكي ما يخدم كراهب كاهن وفي النهاية عاش في الدير حياة طيبة جدا وعمل في الدير كتاب هام جداً قارن فيه بين حياة الملك وحياة الراهب: ـ الملك يتحكم فى أمم وشعوب ومُدن وجيوش، أمَّا الراهب فيتحكَّم في شهواته. ـ الملك يُحارِب برابرة لكي يُوسِّع أراضيه، أمَّا الراهب فهو يُحارب شياطين ويهدي نفوساً. ـ الملك نهاره وليله مملوءان آلام ومشكلات، الراهب نهاره وليله مملوءان فرح وسلام. ـ الملك يهدى ذهباً، الراهب يُقدِّم نعمة وتعزيات. ـ الملك يصعب عليه أن يستعيد جزءاً فقد من أراضيه، أمَّا الراهب فيسهل أن يقوم من سقطته. ـ الملك يرتعب خوفاً من الموت، والراهب الجميع يطمئن على مصيره. وكانت المقارنة بين الملك وبين الراهب من أحد المقالات المشهورة جداً له، وفي زمنه نشطت الحياة الرهبانية جداً، لكن في زمنه، عندما زار مصر رأى البرية بكل سكانها وكل نساكها وكل رهبانها، كان كل راهب في قلايته والأديرة لم يكن بها أسوار، فكانت القلالي متناثرة في الصحراء يخرج منها نور بسيط لشمعة أو قنديل وكان المنظر في الليل جميل (النجوم في السماء والقلالي منيرة في البرية) فقال عبارة مشهورة: ” السماء بكل نجومها ليست في جمال برية مصر بكل نساكها “ وكان يقول للرهبان والآباء في أنطاكية: ” هلُّموا إلى برية مصر لتروها أفضل من أي فردوس “ في حياته وهو راهب، أحد الآباء الرهبان سقط في خطية كبيرة، والخطية جعلته يترك حياته ويترك رهبنته ويشعر بيأس شديد، فكتب له مقالة أسماها: ” ستعود بقوة أعظم ” وهى من أحد المقالات المشهورة، وعندما قرأها الإنسان الذي سقط بدأ يستعيد شجاعته وعاد وتاب واستكمل حياته النسكية بأكثر نسكاً كتب مقالات عديدة ومقالاته متنوعة، وكانت له بلاغة متناهيه سِيم بعد هذا أسقفاً وبعدها بطريركاً، وفي فترة وجوده ككاهن كتب أيضاً عن سر الزيحة وعن المفهوم الكتابي والكنسي لسر الزواج وكيف أن الزواج هو وحده يباركه حضور المسيح مقالاته كثيرة ونشكر اللـه ان مقالات عديده له مترجمة باللغة العربية ومن احد المواقف المشهورة في حياته: عظات التماثيل، أن الشعب عاج بسبب الضرائب وحطَّم تماثيل الإمبراطور وكانت النتيجة أن الإمبراطور أراد أن يُعاقِب هذه المدينة ووضع في قلبه أن يصنع بالمدينة عقاباً شديداً، وبدأ الشعب يلجأ للكنيسة وعاشوا فيها أيام في حالة خوف وفزع، وكان في زمن هذا القديس حق اللجوء الكنسي ـ حسب قانون الإمبراطورية الرومانية ـ القديس يوحنا استغل هذه الفرصة وبدأ يُكلِّمهم عن التوبة، فكان القديس يُكلِّم الشعب عن التوبة وفي نفس الوقت يتشاور مع الملك لأجل أن يعفو عن هذه المدينة، وبعد عظات كثيرة (21 عظة) تكلَّم فيها بمناسبة تحطيم التماثيل فسُمِّيَتْ عظات التماثيل، وكانت النتيجة أن الملك رفع حكمه عن المدينة وأفرج عنهم وسامحهم وحققت هذه العظات توبة مدينة كاملة ومع الصلوات حققت عفو من الملك وكانت النتيجة مفرحة للجميع عاش القديس يوحنا ذهبي الفم في علاقات طيبة مع مجتمعه كله، ولكن الأمر لا يخلو من المشكلات، وكانت أحد المشكلات أنه لا يأكل مع الآخرين، وكانت الناس تُفكِّر أنه بسبب كبرياءه وترفُّعه لا يأكل مع الشعب، ولكن الحقيقة أنه كان يُعاني من آلام شديدة في معدته هكذا الإنسان، إن كان قلبه أسود يرى الأمور سوداء وإن كان قلبه نقي يرى الأمور على حقيقتها، بحسب داخله يرى عاش القديس يوحنا ذهبي الفم وعلَّم كثيرين، ولكن كان له مشكلة كبيرة مع الإمبراطورة أفدوكسية، وهى اغتصبت ارض يملكها إنسان عادي في الإمبراطورية الرومانية، فمنعها القديس من دخول الكنيسة وأغلق الأبواب في وجهها، وأيَّده اللـه بنعمة فكان أثناء دخول موكب الإمبراطورة إلى الكنيسة أغلق القديس الباب فقالت للجنود: اكسروا الأبواب، وشُلَّت يد الجنود الذين حاولوا كسر الأبواب، فكان صوت اللـه واضحاً جداً، وصلَّى القديس يوحنا ذهبي الفم على ماء ومسح بها يد هذا الجندي وعادت سليمة، أمَّا الإمبراطورة اضمرت شراً كبيراً للقديس يوحنا لأنه كان صاحب حق، وتسبَّبت الإمبراطورة في إصدار قرار بأن يُنفى القديس يوحنا لآخر حدود الإمبراطورية الرومانية، وكان مع طول الرحلة وجسد القديس يوحنا المريض كان هدف الإمبراطورة خبيث أن يموت القديس يوحنا أثناء سفره للمنفى في الطريق، وتنيَّح القديس في المنفى، ولكنه كان يرسل رسائل من منفاه مع شماسه تُدعى أولومبياس وكانت هذه الشماسة الفاضلة تنقل رسائله للإكليروس وكل الشعب تنيح القديس يوحنا ذهبي الفم ليس عن عمر كبير عام 407م عاش في مناهج تعليمية قوية وكان يقول: ” لا أعيش إلا من أجلكم ومن أجل خلاصكم “ وعلى الرغم من عمره إلا أن خدمته مستمرة إلى اليوم، كل العالم يستخدم عبارات القديس يوحنا ذهبي الفم لم يكن رجل سياسة ولا فليسوف مسيحي ولا لاهوتياً لكن أهم شيء عنده أنه كان يسهر على رعاية شعبه، وكان من كثرة قراءته للكتاب المقدس صار هو إنجيلاً ويحكى تلميذه أنه عندما كان يدخل للقديس في قلايته ويسأله عن أي شيء يجده يتكلَّم مع أحد، وبعد تكرار هذا المشهد عرف أن الشخص الذي يُحدِّثه هو القديس بولس الرسول، يقف في صلاته ويقرأ عبارات رسائله ويسأله ماذا يقصد بكل عبارة من الرسائل ويقول لنا التاريخ أن القديس بولس الرسول كان يظهر له ويشرح ويفسر له، لهذا أفضل تفاسير تشرح رسائل القديس بولس الرسول هى تفاسير القديس يوحنا ذهبي الفم. هو قديس في عباراته القوية فهو يقول: ” الدير أكاديمية تحتضن تفسير الكتاب المقدس “، ويقول أيضاً: ” الكنيسة أعلى من السماء وأكثر اتساعاً من الأرض “؛ وأيضاً: ” إن لم نربح خلاص اخواتنا هنا فلن نحصل على خلاص نفوسنا هناك “. لهذا امتاز القديس بهواية خلاص النفوس وكان يبحث باستمرار عن خلاص النفوس عباراته كثيرة ومُتعدِّدة، في مرة سألوه: لماذا نسقط؟ فأجاب: ” ليس الشيطان هو السبب، الشيطان فقط مخادع ومُضلِّل أمَّا السبب فهو عدم الجهاد وضعف الارادة “، له عبارة أخرى قوية: ” السيرة الطاهرة تسد فم الشيطان وتبكمه”". بهذه الصورة نتذكَّر هذا القديس الذي عاش في القرن الرابع الميلادي، ولكن سيرته مستمرة معنا وكتاباته موجودة ومتوفرة باللغة العربية، وعلاقته بالإنجيل وخلاص كل نفس هى هدفه في الحياة.يوحنا ذهبي الفم من (أحد الأقمار) كما تسميه الكنيسة اليونانية، وتسمى أيضاً القديس باسيليوس الكبير والقديس غريغوريوس اللاهوتي تسميهم الأقمار الثلاثة لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد، آمين. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
21 نوفمبر 2019

التناقض المزعوم بين الأسفار وبين سفر التكوين ج8

23- وبين اصحاح 17 : 8 و اعطي لك و لنسلك من بعدك ارض غربتك كل ارض كنعان ملكا ابديا و اكون الههم.و2 مل. ففى الاول قال الله لابراهيم (واعطى لك ولنسلك كل ارض كنعان ملكا ابديا) وورد فى الثانى ان ابراهيم لم يعطيها ولم لنسله ملكا ابديا. فنجيب ان قوله (لك) باعتبار ان اعطائها لنسله اعطائها له وقد تم وعد الله فعلا(عد 22 وتث 2 ويش 3) ولكن الله اشترط على اسرائيل ان دوام بركاته لهم معلق على دوام خضوعهم له فطردهم منها لانه ليس لان الله اخلف وعده بل لانهم هم اغضبوا الله فاخذ منهم ما اعطاهم (تث 28) ومثل هذا ما جاء فى (2 صم 7: 10 و11 و12 – 16). 24- وبين اصحاح 18: 17 فقال الرب هل اخفي عن ابراهيم ما انا فاعله.وعب 13: 2 لا تنسوا اضافة الغرباء لان بها اضاف اناس ملائكة و هم لا يدرون.ففى الاول ورد ان الله ظهر لابراهيم وفى الثانى ان الذين ظهروا له ملائكه. فنجيب ان الاول ذكر ثلاثه رجال اضافهم ابراهيم ولا ريب انهم ملائكه كما قال الثانى ظهروا بشكل رجال. والذى يعتمد ان الاول كان ملاك الرب (يهوه) اتى ممثلا الاله لابراهيم والاثنين الآخرين صاحباه ارسلهماالىسدوم فلما كان يتكلم الملاك الاول قيل (قال الرب) (يهوه) فالملاك تكلم كانه هو الرب او نائب الرب. وفى عدد 14 من تك 17 يقول ذلك الملاك (هل يستحيل على الرب شىء) فدل ذلك على انه ملاك يتكلم بكلام الرب باعتبار انه نائب عنه وقد يكون الرب الملاك بمعنى واحد لظهور الرب بهيئه ملاك. وكذلك مصارعه يعقوب لانسان (تك 32: 24) اى ملاك فى صوره انسان كما فى (هو 12: 4) وحكم يعقوب نفسه بانه شخص الهى (عد 30) فظهر الملاك ليعقوب كما ظهر لهاجرفى (ص 16: 17). وليس هنا من اشاره الى ان ذلك الانسان كان الاله المتجسد فالظاهر انه لم يكن سوى ملاك ظهر فى هيئه انسان كما ظهر الملاك لمنوح (قض 13: 3 و9) ولكنه دل على حضور الله ومداخلته فى امر يعقوب وكان من الرموز الكثيره الى حضور كلمه الله فى الجسد وامكان ذلك. وقول الملاك ليعقوب (اطلقنى) ليس لانه لم يقدر ان يجعله يتركه بل قصد بها اعلان ايمانه وثباته. واما اطلاق لفظه الله على الذى ظهر لهاجر (تك 16: 13) وعلى الذى ظهر ليعقوب (تك 32: 29) وعلى الذى ظهر لمنوح (قض 13: 22) فمن قبيل اعتبار المرسل كشخص مرسله كما قيل فى (خر 13: 21) عن بنى اسرائيل (وكان الرب يسير امامهم) وقيل فى (ص 14: 19) (فانتقل ملاك الرب السائر امام عسكر اسرائيل). اما الذى ظهر لموسى فى العليقه الملتهبه وقيل عنه انه (ملاك يهوه) اى الرب وانه (الله) وانه (يهوه) انظر (خر 3: 2 و4 و7) فلا شك فى انه الاقنوم الثانى من الثالوث الاقدس ظهر لموسى فى هيئه ملاك. وقيل فى عدد 4 (فلما راى الرب انه مال لينظر ناداه الله من وسط العليقه) وفى العبرانيه (لما راى يهوه ناداه الوهيم) (اى الرب الذى سيظهر فى الجسد). 25- وبين اصحاح 25: 23 وص 27 ففى الاول ورد انه وعد يعقوب بالبركه وفى الثانى ان ذلك تم بواسطه غير شريفه اى بكذب رفقه ويعقوب على اسحق واختلاس البركه منه. فنجيب ان مواعيد الله لابد ان تتم ولكن اذا كان فى بعض وسائط اتمامها لا يليق فلا ينسب ذلكالىالله بلالىالانسان الناقص. فلو لم تتسرع رفقه لتم وعد الله بطريقه صالجه الا ان الله يستخدم كل الاحوال والحوادث فيها شىء من الريب فذلك لانها من عمل الانسان المملوء بالنقص. فرفقه ولئن كان اتمام وعد الرب نتيجه لسعيها الا انها لا تبرر امام الله لان الله لا يحاكم بموجب نتائج الاعمال بل يحاسب على النيه. فيهوذا وشعب اسرائيل فى سعيهمفى موت المسيح لا يصيرون بذلك مبررين لان موت المسيح كان لاجل خلاص العالم لان نيتهم لم تكن هكذا صالحه بل كانت نيه شريره فبحسب نيتهم يحاكمون. قال المرتل مخاطبا الله (غضب الانسان يحمدك) ومعناه ان يكون سببا لتمجيده. ومع ذلك لا يبرر الغضوب. 26- وبين اصحاح 36 : 31 و1 صم 12 ففى الاول قيل (وهؤلاء هم الملوك الذين ملكوا فى ارض ادوم قبل ما ملك ملك لبنى اسرائيل) فكيف يتكلم موسى عن ملوك بنى اسرائيلمع ان اول ملك لهم اقيم فى ايام صموئيل النبى كما فى الثانى فنجيب ان موسى ذكر فى سفره اصحاح 17 : 6 و16 و35: مواعيد الله لابراهيم بانه سيثمره ويجعله امما وملوك يخرجون منه فموسى كتب ما كتب لايمانه الوطيد بالله بانه سينجز مواعيده. 27- وبين اصحاح 46 : 21 و1 اى 7 : 6 راجع ايضا (عدد 26 : 38 و1 اى 8 : 1 – 3) ف الاول قال ان اولا د بنيامين عشره والثانى انهم ثلاثه فنجيب: ان الاول اعتبر حفده بنيامين اولاده لانه ورد فى (عدد 26 : 38 و1 اى 8 : 3 و4) ان ارد ونعمان بنو بالع ابن بنيامين وفى سفر التكوين انهما ابنا بنيامين وقد ذكر باكر فى تك 46 : 21 و1 اى 7 : 6 ولكنه لم يذكر فى عدد 26 : 38 – 41 و1 اى 8 : 1 وذلك لان فى عدد 26 : 35 ذكر فى سبط افرايم لانه تزوج من هذا السبط.ان يديعيئيل المذكور فى 1 اى 7 : 6 و10 هو ذات اشبيل المذكور فى التكوين والعدد وسفر الايام الاول اصحاح 8 فان عشيرته عظمت فى عهد داود فسمى بهذا الاسم. ان ولدى بالع اصبون وعيرى لم يدرجا فى مواضع من سبط بنيامين وادرجا فى (تك 46 : 16 وعدد 26 : 16) فى سبط جاد لداعى النسب والمصاهره.ذكر فى 1 اى 7 : 12 ان شفيم وحفيم ابنا عير وهما ذات مفيم وحفيم (تك 46 : 21) وذات شفوفام وحوفام (ع 26 :39) وذات شفوفام وحورام (1 اى 8 :5) والمشابهه بين هذه الاسماء موجوده فى الخلاف الظاهرى نشا من اعتبار كاتب ابناء الابناء بانهم ابناء ومن انتقال شخصالىسبط اخر او موته بدون عقب او قتله فى الحروب كما فى (قض 20 :46) ومن مخاطبه كل كاتب اهل عصره باللغه المتداوله بينهم نظرا لما كان يطرا على اللغه من اصطلاحات جديده فى كل عصر. واليك بعض اصطلاحات اللغه العبرانيه المتبعه فى الكتاب المقدس المكتوب بها والتى من هذا القبيل. (ا) دلاله اسماء الاباء او الاسلاف على انفسهم. (تك 9 : 25) ملعون كنعان اى نسله. (خر 5 :2،1 مل 18 : 17و18،مز 14 : 7) دلاله اسم يعقوب على الاسرائيليين. (اش 7 : 5،8، 11: 13 هو 5 : 9و13،6 :4) دلاله اسم افرايم على اسرائيل. (ب) دلاله لفظ ابن على النسل ولو بعد. مفيبوشيت دعى ابن شاول وهو ابن يوناثان (2 صم 19 : 24). زكريا دعى ابن عدو (عز 5 : 1) وهو ابن ابنه (زك 1 : 1). (ج) لفظه اب تدل على السلف (1 اى 1 : 17) دعيت عثليا فى (2 مل 8 : 26) ابنه عمرى وفى (عدد 18) ابنه اخاب وهى كانت ابنه اخاب حقا وحفيده عمرى. 27- وبين اصحاح 46 : 27 واع 7 : 14، ففى الاول ذكر ان جميع نفوس بيت يعقوب التى جاءتالىمصر سبعون نفسا وفى الثانى انهم خمسه وسبعون نفسا. فنجيب قيل فى عددى 26 و27 (جميع النفوس ليعقوب التى جاءتالىمصر الخارجه من صلبه ما عدا نساء بنى يعقوب. جميع النفوس سته وستون نفسا وابنا يوسف اللذان ولدا له فى مصر نفسان. جميع نفوس بيت يعقوب التى جاءتالىمصر سبعون) فينبغى ان يلاحظ ان نساء بيت يعقوب استثنين من هذا العدد اما فى سفر اعمال الرسل فقيل (فارسل يوسف واستدعى اباه يعقوب وجميع عشيرته خمسه وسبعين نفسا) فليس من هؤلاء يوسف ولا ابناه ولا زوجته لوجودهم فى مصر حينئذ فيكون عدد الذين استدعاهم 66 نفسا لم يحسب معهم يعقوب كصريح الايه (استدعى اباه يعقوب وجميع عشيرته الخ) اما باقى العشيره فهم زوجات بنيه وعددهم تسع لان امراه يهوذا ذكر عنها ماتت (تك 38 : 12) وكذلك امراه شمعون (تك 46 : 10) فالجميع خمسه وسبعون. المتنيح القس منسى يوحنا عن كتاب حل مشاكل الكتاب المقدس
المزيد
20 نوفمبر 2019

مفهوم العثرة

ما هى العثرة ما هى العثرة ، التى قال عنها السيد المسيح له المجد ( ويل للعالم من العثرات ويل لذلك الإنسان الذى به تأتى العثرة ) ( مت 18 : 7 ) ( من أعثر أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بى ، فخير له أن يعلق فى عنقه حجر الرحى ويغرق فى لجة البحر )( مت 18 : 6 )إن كانت العثرة بهذه الخطورة فى عقوبتها ، فما هى العثرة ؟ العثرة هى أن يتسبب إنسان فى إسقاط غيره وقد تكون العثرة بقصد ، أى أن يتعمد الإنسان ويقصد أن يسقط غيره وهذه عقوبتها أخطر من حالة الإنسان الذى يعثر أحدا بغير قصد أول عثرة فى تاريخ البشرية ، جاءت عن طريق الشيطان فهو الذى أسقط أبوينا الأولين وكانا بسيطين لا يعرفان شرا وفقد أسقطهما بقصد 0 وذلك عن طريق الخداع والإغواء وبهذه العثرة دخل الموت إلى العالم وتسبب الشيطان فى إفساد الطبيعة البشرية وعموما طرق العثرة هى إما أن يعثر الشخص غيره بمعرفة الخطية ، أو بتسهيل الخطية ، أو بمذاقة الخطية أو بإعطاء مفهوم مخادع الخطية ، كأن يقدمها باسم فضيلة ، أو أن يحدثه عن ( منافع ) الخطية وفوائدها !! معرفة الخطية:- يعنى أن بعرف الإنسان أمورا تضره روحيا ، ما كان يعرفها من قبل وهكذا تدخل فى ذهنه معارف تدنس فكره أو تجلب له شهوات ، وتسقطه فى الخطية ولعله عن هذه قال سليمان الحكيم ( الذى يزيد علما ، يزيد حزنا ) (جا 1 : 18 ) وبهذه المعرفة سقطت حواء ، مع أنها كانت معرفة ديع سليمة ، قال لها الشيطان وهو يكذب ( تنفخ أعينكما وتصيران مثل الله ( تك 3 : 5 ) فما الذى أحدثته هذه العبارة ؟ لقد غيرت نظرة حواء وتفكيرها وشعورها ( فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون ، وأن الشجرة شهية للنظر 0 فأخذت من ثمرها وأكلت ) فالذى يصب فى أذن زميل أو صديق معلومات تضره ، إنما يعثره كأن يعطيه معلومات تدين شخصا معينا ، أو تجعله يأخذ فكرة سيئة عنه أو يقدم له معارف معينة تتعبه اخلاقيا ، أو شكوكا تتعبه عقيديا بحيث يخرج صاحبه من هذا اللقاء ليقول ليتنى ما قابلت فلان ، أو ليتنى ما سمعت 0 مثال ذلك أيضا البيئة الشريرة ، وما تقدمه من أفكار هذه التى قال عنها الرسول ( المعاشرات الرديئة تفسد الأخلاق الجيدة ) ( 1كو 15 : 33 ) وهكذا بالعثرة من جانب ، وبالانقياد للعثرة من جانب آخر ، يتعلم منهم التحايل ، أو طرق المكر أو طالب يتعلم التزويغ من الدارسة ، أو الغش فى الامتحان وأطفال تستخدمهم عصابات فتعثرهم وتعلمهم النشل أو شباب يجتمعون معا ،والجديد فيهم يعلمونه تعاطى المخدرات أو لعب القمار كلها عثرات ، ولتفاديها قال عنها المرتل فى المزمور الأول ( طوبى للإنسان الذى لم يسلك فى مشورة الأشرار وفى طريق الخطاة لم يقف ، وفى المستهزئين لم يجلس ) كذلك يعتبر عثرة من يقدم لك الفكر الخاطئ ، دون أن يرد عليه يقدم لك كل أدلة الفكر الخاطئ وبراهينه ، ويقف عند هذا الحد ، دون أن يذكر تعليقاته على كل ذلك دون ذكر الردود التى تحطم ذلك الفكر الخاطئ وإذا هوجم فلا يورده من أفكار ، يرد قائلا ( أنا لم أقل إن هذا رأيى ، وإنما ذكرت كل ذلك من باب العلم !! )والخطير أيضا أن يكون وراء هذا الشخص تابعوه وتلامذته ومريدوه ، الذين يكررون نفس الكلام ويعملون به ، ويكونون هم أيضا عثرة البعد عن هؤلاء طهارة ، وليس خصومة إنه بعد عن أسباب العثرات ، أو البعد عن معرفة العثرة فالذى يسبب العثرة يفقد صاحبه البساطة والبراءة التى كان يحياها وكأنه يقول له ما قاله الشيطان لحواء ( تنفتح أعينكما ) تنفتح العين ، فتعرف الخطية النقطة الأخرى غير معرفة الخطية ، هى تسهيل الخطية 0 تسهيل الخطية:- إنه نوع آخر من العثرة لأنه ربما يعرف إنسان الخطية ، ولكنه لا يمارسها لأن الباب مغلق أمامه لذلك يعثره من يسهل الأمر عليه فيعرفه أماكن الخطية ووسائلها ، ويقودها إليها ، ويزيل الخوف من قلبه ، كما يزيل العوائق من أمامه مثال ذلك ما فعلته إيزابل مع الملك آخاب فى الاستيلاء على حقل نابوت اليزرعيلى ( 1ما 21 ) وما كان ينويه اخيتوفل فى نصيحته لأبشالوم ليمكنه من القضاء على أبيه داود ( 2صم 17 ) كل هذا أعمق وأخطر بكثير من مجرد معرفة الخطية ، التى علاجها أسهل من علاج مذاقة الخطية مذاقة الخطية:- هى الخطوة العملية الأولى فى ارتكاب الخطية كالذى يقدم لشخص سيجارة ليدخنها ، أو وردة فيها مسحوق الهيروين ليشمها أو يجعله يذوق مكسبا فى لعب القمار ، أو يذوق كأسا من الخمر ، أو يفتح له مجالا عمليا لممارسة الخطايا الشبابية اسم أخر للخطية:- من العثرة أيضا تسمية باسم فضيلة أو باسم آخر يسهل قبوله فالذى ينشر هرطقة مثلا ، يقول عنها إنها المفهوم السليم للدين والذى يعلم زميله لعب القمار ، يسميها تسلية ، أو تحلية للعب والذى يدعو لممارسة الزنى ، يسمى ذلك معالجة للكبت وأضراره والذى يساعد على التهرب من الضرائب ، يقول إن ذلك مجرد تخلص من مغالاة وظلم اللجان التى تقدر قيمة الضريبة وهكذا فإن الشيطان – فى العثرة – لا يحارب بوجه مكشوف 0 أنواع من العثرات:- ليست كلها فى الأمور الشبابية كما يظن البعض فهناك عثرات فى الدين ، كهراطقة ، والذين ينشرون الشكوك فى الدين ، أو الذين ينشرون الإلحاد والذين ينكرون القيامة والمعجزات وهناك عثرات فى الفلسفة والفكر وزعزعة الفكر فى كثير من المبادئ والقيم كأصحاب البدع الذين يأتون بشئ جديد لتحطيم ما تسلمه الناس من قبل ويقدمون ذلك باسم العلم والتجديد إن الأريوسيين كانوا أكثر خطرا من أريوس ، وأكثر إيذاء لأثناسيوس لذلك حسنا قال معلمنا يعقوب الرسول لا تكونوا معلمين كثيرين يا أخوتى ، عالمين أننا نأخذ دينونة أعظم ( يع 3 : 1 ) لماذا ؟ ( لأننا فى أشياء كثيرة نعثر جميعنا ) إنها العثرة فى التعليم يعثر نفسه إذ يظن أنه على حق ، ويكون ( حكيما فى عينى نفسه ) ( أم 3 : 7 ) وأيضا يعثر غيره بنشر تعليمه الخاطئ لذلك لا تقبلوا كل فكر جديد يحطم ما تسلمتموه ويكون لكم عثرة ذلك لأن البعض يحاولون أن يقدموا شيئا جديدا ، يلفون به المسلمات القديمة ، ليثبتوا أنهم أكثر علما ومنهم بعض المشتغلين بالنقد الكتابى Biblical Criticism وهم فى الجامعات الأجنبية من رجال الدين ومن أساتذة اللاهوت ، ولكنهم عثرة ، وحسب قول الرسول يأخذون دينونة أعظم دينونة بسبب أخطائهم ، ودينونة بسبب نشرها 0 القدوة السيئة:- هى أيضا عثرة ، إذ يقع الغير فى أخطاء بسبب تقليدهم لتلك القدوة وهؤلاء المخطئون – إن كانوا من القادة أو الرؤساء أو الزملاء – لم يقصدوا أن يجعلوا غيرهم يخطئون 0 ولكنهم كانوا سببا فى ذلك فقد يعلمونهم الروتين ، أو الحضور متأخرين إلى مكان العمل ، أو محاولة تبرير كل خطأ ، أو سوء معاملة الناس وتعطيل مصالحهم ، أو يعلموهم قلة الإنتاج ، أو كتابة تقارير وهمية أو مزورة إلخ فالإنسان فى المجتمع يمتص منه أشياء كثيرة يمتص عادات وعثرات ويدخل فى هذا المجال أيضا الآباء والأمهات بالنسبة إلى أبنائهم فالأنباء ينظرون إلى آبائهم وأمهاتهم كقدوة ويقلدونهم ويدخل فى مجال العثرة أيضا ما يتعرض له البسطاء الذين ليست لديهم القدرة على تحليل تصرفات من هم أكثر منهم خبرة وعلما ومركزا فيعثرون بهم – ليس من جهة انتقادهم – إنما من جهة تقليدهم كذلك الموظف الأدنى مركزا ، إذا توقى إلى مركز أعلى ، قد يسير على نفس نهج من سبقه ، ويكون ذلك له عثرة 0 الثقافة والإعلام:- كل أجهزة الوسائل السمعية والبصرية قد تكون عثرة ، إذا قدمت برامج معثرة للسامعين أو المشاهدين فلها تأثير على شخصياتهم ، من حيث تفكيرهم وأساليبهم ، وما تتركه فى نفوسهم من مشاعر وأحاسيس وبالمثل كل مصادر الفكر من كتب ومجلات وجرائد ونبذات ومنشورات ، هى أيضا قد تكون عثرة ، إن أثرت على أفكار الناس ومشاعرهم وتصرفاتهم تأثيرا خاطئا وقادتهم فى طريق يضرهم أو يضر المجتمع قال أحد المفكرين قل لى ماذا تقرأ ، لأقول لك من أنت وأريد أن أضيف إلى ذلك ليس الأمر يقتصر فقط على ما تقرأ ، وإنما أيضا ماذا ترى وماذا تسمع فالكاسيتات ، وأجهزة التليفزيون و الفيديو ، لها خطورتها فى التأثير على الناس ، وكذلك الأفلام السينمائية والمسرحية وكثير من هذه كلها قد تكون عثرة وعلينا أن نكون حريصين فى كل ذلك بالنسبة إلى أنفسنا وإلى أولادنا 0 الكبير والصغير:- على الكبير أن يكون حريصا جدا ، فى أقواله وتصرفاته ، حتى لا يعثر الصغير ، أو الضعيف وهكذا يقول الرسول ( أنظروا لئلا يصير 00 هذا معثرة للضعفاء ) ( 1كو 8 : 9 ) ويكرر عبارة ( الأخ الضعيف الذى مات المسيح لأجله ) ( 1كو 8 : 11 ) ثم يقول أخيرا ( إن كان طعام يعثر أخى ، فلن آكل لحما إلى الأبد ، لئلا أعثر أخى ) ( 1كو 8 : 13 ) وهو من جهة العثرة يقول عن الضمير ( ليس ضميرك أنت بل ضمير الآخر غير طالب ما يوافق نفسى ، بل الكثيرين لكى يخلصوا ) ( 1كو 10 : 29 – 33 ) والسيد المسيح – من جهة العثرة – اهتم بالصغار فقال ( من أعثر أحد هؤلاء الصغار ) ( مت 18 : 6 ) إن أسباب العثرة قد يقاومها القوى ولكن ما ذنب الضعيف ؟ ونقصد بالقوى ، القوى فى روحياته ، والقوى فى إرادته ، والناضج فى تفكيره هذا القوى يمكنه أن يدرك الخطأ ويقدر على مقاومته ولو أنه من الجائز أن يقع فى إدانة صاحبه ولكن المشكلة فى عثرة الضعيف أو البسيط والضعيف أيضا قد يقول إن الكبار هكذا يسقطون ، فماذا أفعل أنا الضعيف ؟! وقد يسستلم للخطأ ، أو يقع فيه يأسا ، أو انقبادا وربما من عثرة الضعيف أن تسقط المثل العليا أمامه وهكذا فإن القديس بولس الرسول لما وبخ القديس بطرس الرسول ، قال له قدام الجميع ( إن كنت وأنت يهودى ، تعيش أمميا لا يهوديا ، فلماذا تلزم الأمم أن يتهودوا ؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍! )( غل 2 : 14 ) قال ذلك لأنه وجد ( أن برنابا أيضا انقاد إلى ريائهم ) ( غل 2 : 13 ) أى أعثر منهم فليحترس الكبار إذن فى تصرفاتهم 0 ونقصد الأبوين فى محيط الأسرة ، والمدرسين بالنسبة إلى التلاميذ ، والخدام بالنسبة إلى مخدوميهم والكهنة بالنسبة إلى شعبهم والمرشدين بالنسبة إلى من يسترشد بهم يحرصون ألا يكونوا عثرة فى كلامهم وتصرفاتهم وحركاتهم وملامحهم وكذلك فى حفظهم للنظام ، وفى طاعتهم للقانون ، وفى حفظهم للوصية فإذا كان الشماسة مثلا لا يتكلمون فى الكنيسة ، يحرصون على احترام الهيكل والصلوات قد يقتدى بهم الشعب وإن أخطأوا قد يكونون عثرة للشعب ، الذى قد يفعل المثل والذى يتكلم أثناء الصلاة فى الكنيسة يقع فى عدة أخطاء :- أولا : عدم احترام الكنيسة ، وعدم احترام الصلاة ، وعدم وجود مخافة الله فى قلبه0 والخطية الثانية : يكون عثرة لغيره : إما فى أن يفعلوا مثله ، أو أن يقعوا فى إدانته وبالمثل الذى يداوم النظر إلى ساعته ، أثناء الاجتماع أو العظة وكذلك الذى يخرج من الكنيسة قبل البركة أو التسريح على الشخص أن يتنافى العثرة ، حتى لو لم يكن فى تصرفه خطأ إن السيد المسيح عندما طلبت منه الجزية ، وكان يعرف أن الجزية لا تطلب من بنى البلد بل من الغرباء ، قال لبطرس ولكن لكى نعثرهم ، اذهب إلى البحر وألق صنارة ) ( مت 17 : 27 )ولكى لا يعثرهم أيضا ، تقدم إلى معمودية يوحنا التى للتوبة ، مع أنه غير محتاج إلى توبة وإن السيد المسيح أطاع الناموس فى أمور كثيرة لا تلزمه ، وكذلك القديسة العذراء ، لكى لا يعثرهم أحد 0 الضمير:- يوجد ضمير ضيق يتشكك فى كل شئ ، ويظن الخطأ حيث لا يوجد خطأ وضمير واسع يبرر تصرفات كثيرة وموضوع الضمير يدخل فى موضوع العثرة0 والأمثلة كثيرة هل الجمال مثلا يعثر ؟ فتاة جميلة 0 ينظر إليها البعض ويشتهونها فهل هى عثرة لهؤلاء ؟ وما ذنبها ؟ كلا ، إنها ليست عثرة العثرة هى فى قلوب الذين يشتهونها الخطأ فيهم وليس فيها القديسة يوستينا مثلا كانت جميلة جدا وقد اشتهاها شخص لدرجة أنه لجأ إلى السحر ليحصل عليها فهل كانت هذه القديسة عثرة ؟ كلا ، وإنما العثرة فى قلب ذلك الإنسان غير النقى 0 ما رأيكم فى ملاكين اشتهاهما أهل سادوم ؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍! هل الملاكان كانا سبب عثرة ؟! حاشا 0 إنما الخطأ فى انحراف ذلك الشعب الشاذ ، لذلك ضربهم الملاكان بالعمى عقابا لهم عل شهوتهم النجسة ( تك 19 : 4 – 11 ) الكتبة والفريسيون انتقدوا السيد المسيح ، لأنه صنع معجزات فى يوم سبت – فهل كان السيد المسيح عثرة لهم ؟! بل عدم فهمهم أو عدم نقاوة قلوبهم كان هو السبب العثرة أتتهم من داخلهم ، وليس من سبب خارجى وما أكثر القديسين الذين أتهموا من الناس ظلما ، مثل القديس مكاريوس الكبير، والقديسة مارينا والقديس افرام السريانى ، ولم يكونوا عثرة ، وأظهر الله براءتهم وهنا ليتنا نتأمل قول الرسول ( كل شئ طاهر للطاهرين ) ( تى 1 : 15 ) غير الطاهرين إذن ، تكون كثير من الأمور عثرة لهم ، بسبب عدم طهارتهم إذ يفكرون بطريقة فيها دنس أما الطاهرون فيفكرون بنقاوة لذلك لا تعثرهم أشياء تعثر غيرهم الأمر إذن يحتاج إلى ضمير نقى يحكم بعدل لقد أمرنا السيد الرب أن نخفى فضائلنا فهل إذا خفينا صلواتنا وأصوامنا وصدقاتنا حسب أمر الرب ( مت 6 ) أيعثر الناس فينا ويظنوننا لا نصلى ولا نصوم ؟!أم نطهر فضائلنا لكى لا يعثروا ونخالف وصية الرب ؟!ّ المسألة إذن مسألة ضميرالمهم أننا نقدم مادة للعثرة أما إن أعثر غيرنا لسبب فيه ، ولا قصد منا فى إعثاره ، فالذنب ذنبه هل كان داود النبى سبب عثرة لشاول الملك ، حينما انتصر على جليات ؟! كلا ، بلا شك وما كان بإمكان داود أن يترك جليات يعير صفوف الرب وداود نفسه نسب الإنتصار للرب وقال لجليات ( اليوم يحسبك الرب فى يدى ) ( لأن الحرب للرب ، وهو يدفعكم ليدنا ) ( 1صم 17 : 46 ، 47 ) ولكن الذى أعثر شاول هو الغيرة التى فى قلبه ، وتعبه من قول النساء ( ضرب شاول ألوفه ، وداود ربواته ) ( 1صم 18 : 7 ) داود النبى قال أيضا فى المزمور ( أكثر من شعر رأسى الذين يبغضونى بلا سبب ) ( مز 69 : 4 ) فهل هو أعثرهم حتى أبغضوه ؟!كلا ، بل هم أبغضوه بلا سبب منه إنما السبب هو حقد قلوبهم ، وغيرتهم من تقواه وانتصاراته ، أو شهواتهم فى أن يغتصبوا سلطانه كما فعل أبشالوم 0 الرياء:- هناك أشخاص لكى لا يجلبوا العثرة ، يقعون فى الرياء يتظاهرون بالبر ، لكى لا يعثر الناس ، بينما هم غير صائمين وهكذا يكونون قد وقعوا فى خطيتين هما عدم الصوم ، والرياء ليس لكى يتفادى الإنسان العثرة ، يتظاهر بالبر ! بل الوضع السليم هو أن يسلك حسنا ، ويكون بارا بالحقيقة ، حتى لا يعثر الناس 0 قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
19 نوفمبر 2019

المسيح في العهد القديم - قصة نزول يعقوب وأسرته إلى أرض مصر

كانت قصة نزول يعقوب وأسرته معه إلى مصر، واستعبادهم في عبودية مُرّة بأرض مصر لمدة أربعمائة سنة، ثم عودتهم إلى أرضهم إسرائيل كانت هذه القصة الطويلة تحمل في طياتها رمزًا وإشارة ونبوة عما عمله السيد المسيح مع البشر بتجسده وتأنسه وفدائه العظيم الذي أتمه على الصليب خروج إسرائيل من أرض الموعد إلى أرض مصر كان إشارة إلى خروج آدم من الفردوس إلى أرض الشقاء لقد كان خروج آدم بسبب الأكل، وكذلك نزول إسرائيل إلى مصر كان بسبب الأكل فرعون يرمز إلى الشيطان بسبب الكبرياء والوثنية واستعباد الناس بعبودية مُرّة فصار إسرائيل تحت سلطان فرعون لمدة أربعمائة سنة رمزًا إلى استعباد الشيطان للناس حتى مجيء السيد المسيح المُخلِّص"فقال لأبرام: اعلم يقينًا أن نَسلَكَ سيكون غريبًا في أرض ليست لهم، ويُستعبدون لهم. فيذلونهم أربع مئة سنة. ثم الأُمة التي يُستعبدون لها أنا أَدينُها، وبعد ذلك يخرجون بأملاك جزيلة" (تك15: 13-14) حقاً صار الإنسان غريباً في أرض ليست له، لأن موطننا الأصلي هو السماء واُستعبد الإنسان للخطية والظلمة والشيطان، ولنا رجاء في الله أن نخرج من هذه الأرض إلى السماء بأملاك جزيلة أي بأكاليل النصرة وثمار الروح القدس بعد حرب طويلة ضد قوات الظلمة الأربعمائة سنة ترمز إلى أربعة أحقاب طويلة مرت بها البشرية قبل مجيء المُخلِّص الرب يسوع، وهي من آدم إلى نوح، ومن نوح إلى إبراهيم، ومن إبراهيم إلى موسى، ومن موسى إلى المسيح في نهاية المدة التي حددها الله بنفسه لامتحان شعبه هيأ لهم مُخلصاً هو موسى النبي العظيم الذي كان رمزاً لشخص ربنا يسوع المسيح فأخرجهم موسى من سلطان فرعون بيد عزيزة وذراع عالية، كمثلما أخرجنا السيد المسيح من سلطان الشيطان عمل موسى معجزات عظيمة قبل إخراج الشعب من مصر، وكذلك عمل السيد المسيح معجزات باهرة قبل صلبه المقدس الذي به حررنا من عبودية إبليس كانت آخر ضربات مصرضربة قتل الأبكار، مع قصة خروف الفصح الذي كان رمزاً واضحاً لموت السيد المسيح على الصليب، ثم خرج الشعب من مصر بعد ذبح الخروف، وكذلك خرجنا نحن أيضاً بالمسيح بموته على الصليب "لأن فصحنا أيضاً المسيح قد ذُبح لأجلنا" (1كو5: 7) عندما خرج الشعب من مصر عبروا أولاً في البحر الأحمر، وكان هذا رمزاً للمعمودية التي نتحرر بها من سلطان الشيطان، ونبدأ حياة جديدة في رعوية شعب المسيح "فإني لست أريد أيها الإخوة أن تجهلوا أن آباءنا جميعهم كانوا تحت السحابة، وجميعهم اجتازوا في البحروجميعهم اعتمدوا لموسى في السحابة وفي البحر" (1كو10: 1-2) بعد عبورهم البحر لم يدخلوا مباشرة إلى أرض الموعد، ولكن تاهوا في البرية لمدة أربعين سنة كانت إشارة إلى فترة الجهاد الروحي التي يقضيها الإنسان منذ معموديته حتى دخوله إلى السماء بالموت الجسدي مع ملاحظة أن رقم أربعين يرمز إلى جيل كامل أي إلى عمر الإنسان كله فنحن مطالبون أن نجاهد في برية هذه الحياة طوال العمر.. حتى ندخل إلى السماء"مَنْ يجاهد يضبط نفسه في كل شيء. أما أولئك فلكي يأخذوا إكليلاً يفنى، وأما نحن فإكليلاً لا يفنى" (1كو9: 25) "جاهد جهاد الإيمان الحسن، وأمسك بالحياة الأبدية التي إليها دُعيت أيضاً، واعترفت الاعتراف الحسن أمام شهود كثيرين " (1تي6: 12) "وأيضاً إن كان أحد يجاهد، لا يُكلَّل إن لم يجاهد قانونياً" (2تي2: 5) "قد جاهدت الجهاد الحسن، أكملت السعي، حفظت الإيمان" (2تي4: 7) كانوا في البرية يأكلون طعاماً من السماء هو المَن الذي كان رمزاً لجسد السيد المسيح الذي نغتذي به في حياتنا في هذه البرية"وجميعهم أكلوا طعاماً واحداً روحياً" (1كو10: 3)، "أنا هو خبز الحياة. آباؤكم أكلوا المَنَّ في البرية وماتوا. هذا هو الخبز النازل من السماء، لكي يأكل منه الإنسان ولا يموت. أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء. إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد. والخبز الذي أنا أُعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم" (يو6: 48-51) وكانوا يشربون في البرية من الصخرة التي ضربها موسى بالعصا فخرج منها ماء.. "وجميعهم شربوا شراباً واحداً روحياً، لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم، والصخرة كانت المسيح" (1كو10: 4)الصخرة هي المسيح، والعصا هي الصليب وضرب الصخرة بالعصا يرمز إلى صلب السيد المسيح وآلامه وموته، وخروج الماء يرمز إلى نهر الخلاص الذي نبع لنا من صليب المسيح في مرة أخرى عطش الشعب وتذمروا، فصرخ موسى للرب، فكان كلام الرب إليه قائلاً: "خذ العصا واجمع الجماعة أنت وهارون أخوك، وكَلِّما الصخرة أمام أعينهم أن تعطي ماءها، فتخرج لهم ماء من الصخرة وتسقي الجماعة ومواشيهم" (عد20: 8)"العصا" هي الصليب، و"اجمع الجماعة" يعني الاجتماع الليتورجي، وهرون يمثل الكهنوت، و"كلِّما الصخرة" تعني الصلاة إلى السيد المسيح بالقداس أن يعطينا خلاصه الثمين بدمه الكريم، وفي نهاية القداس نتناول من جسد الرب ودمه (تسقي كل الجماعة) ففي المرة الأولى أمر الرب موسى أن يضرب الصخرة، وفي الثانية أن يكلّمها رمزاً إلى أن السيد المسيح مات مرة واحدة بالصليب، وبعد ذلك يسيل دمه إلينا بالصلاة وليس بتكرار الصلب استمر الشعب في البرية حتى مات موسى، ثم أدخلهم يشوع إلى أرض الموعد إشارة إلى أن الناموس والأنبياء لم يستطيعوا تخليص الإنسان وإدخاله إلى السماء إلا المسيح وحده يشوعنا الجديد، الذي استطاع أن يدخلنا إلى الفردوس بنعمته أما الناموس فقد كان "مؤدبنا إلى المسيح" (راجع غل3: 24)، "ولكن بعد ما جاء الإيمان، لسنا بعد تحت مُؤدبٍ" (غل3: 25) وعند دخولهم إلى أرض الموعد عبروا نهر الأردن ليكون رمزاً جديداً للمعمودية ثم حاربوا حروباً صعبة إشارة إلى الحروب الروحية قبل أن يتمكنوا من تملك الأرض التي أعطاها إياهم الله التي هي رمز للسموات بعينها ترى إذاً أن فترة طويلة من تاريخ الإنسان (نحو خمسمائة عام) استخدمها الله ليكشف لنا خطته في الخلاص بعد السقوط والنفي، ثم عصر الأنبياء، وأخيراً مجيء المسيا المُخلِّص قبل أن نعود عودة نهائية إلى أرضنا الحقيقية التي هي ملكوت السموات. نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
18 نوفمبر 2019

عمل الله

عمل الله ينبغي أن نفهم أنه يفوق توقع البشر. لذلك قال إشعياء النبي «مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا وَلِمَنِ اسْتُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبِّ؟» (إش53: 1). وتكلم بعد ذلك مباشرة عن تقديم السيد المسيح نفسه كذبيحة عن خلاص العالم وقال «كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ» (إش53: 7). وقال «إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ» (إش53: 10). وقال أيضاً إنه «حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ» (إش53: 12). إنها أنشودة الخلاص تغنّى بها إشعياء النبي وهو يقول عن المسيح الفادي المخلص «مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا» (إش53: 5).لذلك بدأ كلامه بقوله «مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا؟». وفى نفس الاتجاه كتب معلمنا بولس الرسول إلى أهل أفسس عن عمل الله «الْقَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ أَكْثَرَ جِدّاً مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ، بِحَسَبِ الْقُوَّةِ الَّتِي تَعْمَلُ فِينَا» (أف3: 20).ما أجمل هذه الكلمات أن الله يعمل «أَكْثَرَ جِدّاً مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ». فنحن نطلب ونصلي ونتصور أن يعمل الله ويستجيب. ولكن الحقيقة أنه يستجيب بما يفوق ما نطلبه، وبما يفوق ما نفتكر فيه بمراحل.لذلك بدأ بولس الرسول كلامه هذا بقوله «بِسَبَبِ هَذَا أَحْنِي رُكْبَتَيَّ لَدَى أَبِي رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي مِنْهُ تُسَمَّى كُلُّ عَشِيرَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَعَلَى الأَرْضِ. لِكَيْ يُعْطِيَكُمْ بِحَسَبِ غِنَى مَجْدِهِ أَنْ تَتَأَيَّدُوا بِالْقُوَّةِ بِرُوحِهِ فِي الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ، لِيَحِلَّ الْمَسِيحُ بِالإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ، وَأَنْتُمْ مُتَأَصِّلُونَ وَمُتَأَسِّسُونَ فِي الْمَحَبَّةِ، حَتَّى تَسْتَطِيعُوا أَنْ تُدْرِكُوا مَعَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ مَا هُوَ الْعَرْضُ وَالطُّولُ وَالْعُمْقُ وَالْعُلْوُ، وَتَعْرِفُوا مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ، لِكَيْ تَمْتَلِئُوا إِلَى كُلِّ مِلْءِ اللهِ» (أف3: 14-19).عمل الله أيضاً قال عنه موسى النبي لشعب إسرائيل عندما تعقبهم فرعون بجيشه ومركباته «لاَ تَخَافُوا. قِفُوا وَانْظُرُوا خَلاَصَ الرَّبِّ الَّذِي يَصْنَعُهُ لَكُمُ الْيَوْمَ... الرَّبُّ يُقَاتِلُ عَنْكُمْ وَأَنْتُمْ تَصْمُتُونَ» (خر14: 13 و14).وقال الرب لموسى «ارْفَعْ أَنْتَ عَصَاكَ وَمُدَّ يَدَكَ عَلَى الْبَحْرِ وَشُقَّهُ فَيَدْخُلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ عَلَى الْيَابِسَةِ. وَهَا أَنَا أُشَدِّدُ قُلُوبَ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى يَدْخُلُوا وَرَاءَهُمْ فَأَتَمَجَّدُ بِفِرْعَوْنَ وَكُلِّ جَيْشِهِ بِمَرْكَبَاتِهِ وَفُرْسَانِهِ» (خر14: 16 و 17).من يتصور أن شعبًا أعزل في البرية يهزم جيشًا مُسلَّحًا بمركباته وفرسانه. ومن يتصور أن يعبروا البحر الأحمر إلى برية سيناء بدون أيّة وسيلة للعبور. وحدث ذلك إذ «مَدَّ مُوسَى يَدَهُ عَلَى الْبَحْرِ فَأَجْرَى الرَّبُّ الْبَحْرَ بِرِيحٍ شَرْقِيَّةٍ شَدِيدَةٍ كُلَّ اللَّيْلِ وَجَعَلَ الْبَحْرَ يَابِسَةً وَانْشَقَّ الْمَاءُ. فَدَخَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ عَلَى الْيَابِسَةِ وَالْمَاءُ سُورٌ لَهُمْ عَنْ يَمِينِهِمْ وَعَنْ يَسَارِهِمْ» (خر14: 21، 23).إن هذا يذكرنا بالشعر الذى كتبه مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث عن الكنيسة القبطية إذ خاطبها قائلاً:اسألي عهد المعز فهو بالخبرةِ يعلمْاسأليه كيف بالإيمان حرّكتِ المقطمْ جبلٌ قد هُزَّ منكِ وإذا شئتِ تحطمْ نيافة الحبر الجليل المتنيح الأنبا بيشوى مطران دمياط وكفر الشيخ ورئيس دير السيدة العفيفة دميانة بلقاس
المزيد
17 نوفمبر 2019

مَلاَبِس رَئِيس الكَهَنَة ج7

سَادِساً الْقَمِيص المِخَرَّمٌ ﴿ وَتُخَرِّمُ الْقَمِيصَ مِنْ بُوصٍ ﴾ ( خر 28 : 39 ) . وَصْف القَمِيص :- الْقَمِيص هُوَ القِطْعَة الدَّاخِلِيَّة مِنْ ثِيَاب رَئِيسُ الْكَهَنَة الَّتِي كَانَ يَرْتَدِيهَا فَوْقَ جَسَدِهِ مُبَاشَرَةً وَكَانَ القَمِيص مِنْ كِتَّان نَقِي مِخَرَّماً كَصَنْعِة الشَّبَكَة وَمُزَخْرَفَةً بِأشْغَال الإِبْرَة وَكَانَتْ الجُبَّة الأسْمَانْجُونِيَّة وَالرِّدَاء الفَاخِر ذُو الأحْجَار الكَرِيمَة يُخْفِيَان هذَا القَمِيص مَاعَدَا الأذْرُع فَهُوَ ثَوْب بَسِيطْ رَغْم أنَّهُ ضِمْن ثِيَاب المَجْد وَالبَهَاء وَلأِنَّ الثِّيَاب الخَارِجِيَّة كَانَتْ لَهَا مَدْلُولاَت لِتَمْثِيل الشَّعْب أمَام الله إِذْ أنَّهَا كَانَتْ تَحْمِلٌ أسْمَاءَهُمْ إِلاَّ أنَّ هذَا القَمِيص الدَّاخِلِي يُشِير إِلَى حَيَاة البِّر الدَّاخِلِيَّة الَّتِي يَجِبْ أنْ يَحْيَاهَا رَئِيسُ الْكَهَنَة . يَظْهَر عَلَى الذِّرَاعَيْنِ وَالقَدَمَيْنِ :- وَإِنْ كَانَتْ الجُبَّة الزَّرْقَاء تُشِير إِلَى القَلْب السَّمَاوِي الدَّاخِلِي فَإِنَّ الْقَمِيص الكِتَّانِي المَنْسُوج يُشِير إِلَى الحَيَاة الطَّاهِرَة النَّقِيَّة المَلاَئِكِيَّة الَّتِي تَعْمَل فِي الدَّاخِل لكِنَّهَا تَظْهَرعَلَى الذِّرَاعَيْن أي تَنْعَكِس عَلَى التَّصَرُّفَات الخَارِجِيَّة كَمَا تَظْهَرمِنْ تَحْت الحَقَوَيْن حَتَّى القَدَمَيْن وَكَأنَّ الطَّهَارَةأيْضاً تُغَطِّي كُلَّ مَسْلَك الإِنْسَان ( القَدَمَيْن ) أيْنَمَا سَارَ يَسْلُك بِنَقَاوَة وَإِذْ كَانَ الْقَمِيص مِنْ الدَّاخِل وَفَوْقَهُ الجُبَّة وَالرِّدَاء ذَاتَ الألْوَان المُبْهِرَة وَالخَامَات الفَاخِرَة فَهُوَ يَرْمُز إِلَى أنَّ شَخْص رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح مَعَ جَلاَلُه الفَائِقٌ المَعْرِفَة الَّذِي لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أنْ يَكُونَ مُسَاوِياً لله ( في 2 : 6 ) إِلاَّ إِنَّهُ فِي البَاطِنْ مُتَضِعاً بَسِيطاً وَأحَبَّ أنْ يَأخُذْ شَكْلَ العَبْد وَمِنْ أسْفَل القَمِيص يَلْبِس سِرْوَال وَهُوَ ضَرُورِي لِسَتْر العَوْرَة مِنْ الحَقَوَيْنِ إِلَى الرُّكْبَتَيْنِ . مَعْنَى قَمِيص مِخَرَّمٌ :- وَنَتَحَيَّر حِينَمَا يَأمُر الله أنْ يَكُون الْقَمِيص مِخَرَّماً !!! وَرُبَّمَا يَرْجَع هذَا الأمر إِلَى سَبَبَيْنِ :- أوَّلاً : أرَادَ الله بِذلِك أنْ يَحُول دُونَ نَضْحٌ جِسْم هَارُون بِالعَرَقٌ الأمر الَّذِي يُشِير إِلَى عَدَمٌ صُدُور أي شَيْء نَاتِج عَنْ الجَسَدٌ بَلْ يَقِفْ فِي وَقَار وَكَمَال وَلَهُ رَائِحَة ذَكِيَّة أمَام الله . وَثَانِياً : الخُرُومٌ تُظْهِر شَيْئاً بَسِيطاً مِمَّا وَرَاءَهَا وَالْمَسِيح أخْفَى مَجْدٌ لاَهُوتُه إِذْ كَانَ يَظْهَر مِنْ مَجْدٌ لاَهُوتُه الشِئ البَسِيط . الْقَمِيص وَالبِرَّ :- فَيَظْهَر أمَام الله مُتَسَرْبِلاً بِالبِرَّ فَهُوَ إِشَارَة لِلنَقَاوَة الدَّاخِلِيَّة الَّتِي تُؤَهِلْنَا لِلوُقُوفْ أمَام الله وَلاَ يُوْجَدٌ بَار وَاحِدٌ كَامِلٌ قُدُّوس سِوَى شَفِيعْنَا القُدُّوس البَارَّ عِنْدَ الآب هُوَ يَسُوع الْمَسِيح وَكَثِيراً مَا نَجِدٌ أنَّ لَقَبْ البَارَّ يُطْلَقٌ عَلَى شَخْص رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح فَقَدْ شَهَدَ عَنْهُ بِيلاَطُس ﴿ أَنَا لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً ﴾ ( يو 18 : 38 ) ﴿ إِنِّي بَرِئ مِنْ دَمِ هذَا الْبَارِّ ﴾ ( مت 27 : 24 ) وَإِمْرأة بِيلاَطُس أرْسَلَتْ لَهُ تَقُول ﴿ إِيَّاكَ وَذلِكَ الْبَارَّ ﴾ ( مت 27 : 19) وَقَائِد المِئَة الأُمَمِي كَانَ أوَّل مَنْ مَجَّدٌ الله بَعْد أنْ أسْلَمْ الرَّبَّ يَسُوع الرُّوح ﴿ قَائِلاً بِالْحَقِيقَةِ كَانَ هذَا الإِنْسَانُ بَارّاً ﴾ ( لو 23 : 47 ) وَمُعَلِّمْنَا بُطْرُس الرَّسُول فِي كِرَازَتِهِ لِليَهُود يَقُول ﴿ أَنْتُمْ أَنْكَرْتُمُ الْقُدُّوسَ الْبَارَّ ﴾ ( أع 3 : 14) . وَإِسْتِفَانُوس فِي خِطَابِهِ الأخِير يَقُول ﴿ أَنْبَأُوا بِمَجِيء الْبَارِّ ﴾ ( أع 7 : 52 ) أمَام كُلَّ هذِهِ الشِّهَادَات عَنْ بِر رَئِيسُ كَهَنَتْنَا نَثِقٌ أنَّ لَنَا شَرِكَة فِي بِرِّهِ وَلاَ يُوْجَدٌ بِر حَقِيقِي إِلاَّ مَصْدَرَهُ البَارَّ الحَقِيقِي . قَمِيص :- كَلِمَة " قَمِيص " هِيَ الَّتِي نَجِدْهَا فِي ( تك 3 : 21 ) حَيْثُ نَقْرأ ﴿ وَصَنَعَ الرَّبُّ الإِلهُ لآِدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا ﴾ وَكَلِمَة " جِلْدٌ " تَرِدُ بِصِيغِة المُفْرَدٌ أي أنَّ جِلْدٌ ذَبِيحَة وَاحِدَة قَدْ كَسَاهُمَا كِلَيْهِمَا أخَذَ الجِلْدٌ عَنْ الذَّبِيحَة وَوَضَعَهُ عَلَيْهِمَا بِيَدِهِ المُبَارَكَة إِنَّهُ رَمْز لِلَّذِي كَسَانَا بِبِرِّهِ الَّذِي قَدَّم نَفْسُه ذَبِيحَة لأِجْلِنَا الَّذِي إِحْتَمَلَ الخِزْي وَالعَار لاَ لِكَيْ يُبَرِّرْنَا فَقَطْ بَلْ لِنَصِير نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ( 2كو 5 : 21 ) كَمَا نُصَلِّي فِي صَلاَة القِسْمَة ﴿ صَعَدَ إِلَى الصَّلِيب عُرْيَاناً لِيَكْسُونَا بِثَوبِ بِرِّهِ ﴾ وَفِي هذَا يَقُول العَلاَّمَة أُورِيچانُوس ﴿ أوِدٌ مُقَارَنَة المَأسَاة الَّتِي لَبَسَهَا الإِنْسَان الأوَّل عِنْدَمَا أخْطَأ بِتِلْكَ الَّتِي لِلقَدَاسَة وَالإِيمَان فَقَدْ قِيلَ أنَّ الرَّبَّ الإِله صَنَعَ لآِدَم وَإِمْرَأتُه أقْمِصَة مِنْ جِلْد وَألْبَسْهُمَا هذِهِ الأقْمِصَة الجِلْدِيَّة المَأخُوذَةٌ مِنْ حَيَوَانَات تَتَفِقٌ مَعَ الخَاطِئ إِذْ كَانَتْ رَمْزاً لِلمَوْت النَّاجِمْ عَنْ الخَطِيَّة وَعَنْ سُقُوطِهِ وَفَنَاء جَسَدِهِ وَلكِنْ فِي مَلاَبِس رَئِيسُ الْكَهَنَة تَجِدٌ فِيهَا الجَمَال وَالسَتْر وَعَدَمٌ الفَنَاء { فَلاَ يَظْهَر خِزْيَك } وَهكَذَا إِذْ نَلْبِس الْمَسِيح يُبْتَلَعْ المَائِتْ مِنْ الحَيَاة ( 2كو 5 : 4 ) . القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب مَلاَبِس رَئِيس الكَهَنَة
المزيد
16 نوفمبر 2019

إبنة يفتاح

«فقالت له يا أبي هل فتحت فاك إلى الرب فافعل بي كما خرج من فيك» مقدمة يقول وليم جيمس الفيلسوف الأمريكي وعالم النفس الكبير إن العهود شيء هام ولازم للنفس البشرية لأن الإنسان بطبعه ملول كسول في حاجة إلى ما يحفزه وينهضه ويمنعه من التقهقر والتراجع والنكوص ونحن لا نعرف عظيمًا من عظماء التاريخ أو بطلا من أبطال الإنسانية إلا وارتبط بعهد ما أيا كان هذا العهد ونوعه... والعهود تهدف إلى غايات ثلاث: فأولها وأبسطها العهد الذي يقيمه الإنسان بينه وبين نفسه ليعلو بهذه النفس وينشط بها في أية صورة يتصور هذا العلو والنشاط كالعهد الذي فاه به بتهوفن في صباه أن يكون آية الموسيقى في الدنيا، والعهد الذي نظمه شللي ولما يزل صبيًا يافعاً ألا يخضع للظلم والقيود وأن يعيش حرًا في أوسع ما تشمل كلمة الحرية من معنى. على أن هناك ضربًا من العهود أعلى وأنبل يتقيد به الإنسان لا من أجل نفسه بل من أجل الآخرين كذلك العهد الذي قطعه هانيبال قديمًا من أجل قرطاجنة بأن يعيش لها ويكافح روما ويمقتها إلى الأبد وذلك العهد الذي أخذه أبراهام لنكولن على نفسه من أجل تحرير العبيد حين رأى مرة في سوق النخاسة فتاة صغيرة تعرض للبيع وتركل كما تركل الكلاب فرأى فيها الإنسانية كلها تباع وتشتري فتألم وثار وآلى على نفسه أنه إن واتته الفرصة لابد يحرر بلاده من هذه الوصمة البشعة المهينة وذلك العهد الذي تقيد به كليمنصو بطل فرنسا في الحرب العالمية الأولى حين قال لأبيه الذي عانى ظلمًا واضطهاداً شديدين «سأثار لك يا أبت» فأجابه الأب: «اذا أردت أن تثأر لي فاعمل لأجل فرنسا».. في نطاق هذه العهود تدخل كل العهود الأدبية والاجتماعية والخلقية وما أشبه. على أن أعلى العهود وأسماها وأقواها وأرهبها هو ذلك العهد الذي يتوجه به الإنسان إلى ربه فيربط نفسه بالرب بهذا العهد ولئن جاز للإنسان أن يتحرر من عهود إزاء نفسه أو إزاء الآخرين رغم ما في هذا من الضعة والنقص والفشل، فالعهد الذي لا يفصم والذي لا يستطيع أن يتحايل عليه أو يتخلص منه أو يكسره دون أن يتحايل على نفسه أو يتخلص منها أو يكسرها.. هو العهد الذي يقطعه الإنسان لمجد الله. في الكتاب عهود كثيرة من هذا القبيل حدثت بين الإنسان وربه في ظروف متفاوتة ولأسباب متعددة كمثل عهد يعقوب الذي قطعه في بيت إيل وهو يضرب في الأرض وحيداً طريدًا غريبًا أفاقاً في طريقه إلى حاران وعهد موسى في حوريب بعد أن تسلم بنو إسرائيل الناموس وقدم فتيانهم ذبائحهم للرب ورش كتاب العهد بالدم وعهد يشوع حين جاءه الجبعونيون يطلبون استئمانهم وتحالفهم مع شعب الله وعهد عزرا في أورشليم يوم قضى بفرز النساء الغريبات اللواتي اختلطن بالزرع المقدس.. هذه وأمثالها عهود قوية بينها جميعًا سيبقى مدى التاريخ صورة حية مرهبة مروعة لقوة العهد وسطوته وسلطانه كذلك العهد الذي قطعه يفتاح الجلعادي والذي كان ثمنه المفزع المخيف ابنته الوحيدة... ولقد آثرت أن أتحدث اليكم الآن عن هذه الابنة وأن أضعها أمامكم في وضعين يشملانهما في الحياة والموت لأريكم كيف كانت هذه الفتاة عظيمة في حياتها وعظيمة في موتها أو أن شئتم فقولوا معى في تعبير أدق أنها كانت عظيمة في موتها لأنها كانت عظيمة في حياتها.. في ساعة النهاية والموت قال أوغسطس قيصر للمحيطين به: «ايتوني بمرآة». فلما أتوه بها نظر إلى وجهه بنشوة وجذل وابتهاج وصفف شعره ثم صاح «أيها السادة لقد عملت حسنًا فصفقوا لي».. وصفق السادة للرجل العظيم والإمبراطور الأول للإمبراطورية الرومانية القديمة ولكن حياة أوغسطس قيصر امتلأت بالمخازي التي روعته هو وأثارت ضميره وجعلته مراراً كثيرة يجلس على قارعة الطريق في ثياب ممزقة يستعطي لعله يخفف شيئًا من عذابات نفسه وذكرياته الأليمة الصارخة، مثل هذه المخازي تجعلنا نتردد كثيرًا في مشاركة السادة تصفيقهم وتهليلهم للإمبراطور الوثني القديم ولكن من منا يتردد أن يحني رأسه ويصفق مع التاريخ أعجابًا بابنه يفتاح التي كانت في الحياة والموت على السواء آية في النبل والعظمة والجلال؟ إذن نتأمل هذه الفتاة في كلمتين: الفتاة وحياتها العظيمة: الفتاة وموتها العظيم. الفتاة وحياتها العظيمة ما اسم هذه الفتاة؟ لا نعلم وكل ما نعرفه أنها كانت تكني بابنه الرجل العظيم يفتاح، ما اسم أمها؟ لا ندري! وكم كنا نود أن نعرف شيئًا عن هذه الأم التي يؤكد الكسندر هوايت أنها ولابد أم عظيمة فمثل هذه الفتاة الرائعة لا يمكن إلا أن تكون وليدة أم ممتازة واذا كان مندل في قانونه عن الوراثة يؤكد لنا بتجاربه العديدة الخاصة أن الصفة التي يشترك فيها الأب والأم تترك أثرها العميق في النسل، أفيكون غريبًا أذن أن نرى هذه الفتاة تتشابه أباها في كثير من الصفات بل ربما تسمو عليه وترقى وخاصة في استمساكها بوعده الرهيب الذي فاه به أمام الرب. كانت هذه الفتاة وحيدة أبويها ويخيل إلى أن العناية أثرتها بأفضل ما في الأبوين وركزته فيها تركيزًا رتيبًا بديعًا قويًا... دقق النظر فيها خلال السطور القليلة التي وضعها الوحي عنها ألست ترى نفسك أزاء فتاة دفاقة الحيوية ملتهبة الاحساس؟ تخرج بالدفوف والرقص لتلقى بأبيها يوم النصرة وتبكي مع أترابها من الفتيات والعذاري يوم النهاية والموت ومثل هذا لا ينبعث إلا عن ربات العواطف المتوقدة والأحاسيس المشتعلة.. وهي تعد طرازًا ساميًا للشعور الوطني العميق، ألم تكن أولى الساعيات وقائدتهن في استقبال أبيها يوم رجوعه من كسرة الأعداء والانتقام للوطن؟ على أن هذا لا ينبغي أن يجعلنا نغفل إلى أي حد كانت تجل هذه الفتاة أباها وتعتز به.. في الحقيقة أنها تصلح نموذجًا بديعًا يجدر بكل فتاة أن تحتذيه في الخضوع للأباء والولاء لهم. لقد رافقت أباها في كل ظروفه، وتمشت معه في كل ظروفه، وتمشت معه في كل عواطفه، وكان كلاهما مثلين حيين للوفاء الأبوي البنوي.. لقد ساءلت نفسي مرارًا: لم لم يتزوج يفتاح كأغلب القضاة بنساء عديدات فينجب بنين وبنات كثيرين، ويحيي لنفسه ذكرًا ممتدًا طويلاً، في وقت كان يعتقد فيه الرجل أن أقسى ما يصاب به ألا ينجب نسلاً من الأولاد يحفظون اسمه من التلاشي والانقراض؟ أغلب الظن أن يفتاح قصر حبه على زوجة واحدة، وابنه واحدة، وأن هذه الفتاة، كأمها بادلته حبًا بحب وإعجابًا بإعجاب، أيها الآباء، والأمهات!! إلى أي حد تمتد الصلة بينكم وبين أبنائكم وبناتكم فيرون فيكم ما يسترعي الإعجاب والولاء والتقدير!؟.. بعد أن نفى نابليون في جزيرة سانت هيلانة ذهب ولده الصغير إلى النمسا مع أمه، وكان اهتمام النمساويين الأكبر أن ينسوا الولد كل صلة بأبيه.. وحدث مرة أن اجتمع أكابر القواد النسماويين مع الولد حول مائدة، وابتدأوا يتسامرون ويتجادلون حول أفضل قائد في أوروبا، فذكر هذا ذاك وآخر غيره، وانتظر الولد أن يفوه أحدهم باسم أبيه فلم يسمع!! وأخيرًا ضرب بقبضته الصغيرة المائدة وقال: أيها السادة! أظن فاتكم جميعًا سيدهم!؟ فسألوه: من هو؟ فأجاب أنه أبي!!.. وقف الشاب العربي بين ضيوف أبيه حائرًا، وهو يوزع أنصبه الطعام، بأيهم يبدأ وكلهم شيخ جليل وقور مهيب؟ ولاحظت الجماعة حيرته فقالت له: وهبناك الحرية فاختر من تظنه الأفضل وابدأ به، فما كان منه إلا أن توجه بين تهليل القوم وإعجابهم نحو أبيه وبدأ به. عندما نذكر الوصية المقترنة بوعد «أكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك على الأرض التي يعطيك الرب إلهك» وعندما تتأمل اسحق في استسلامه الوديع لأبيه فوق جبل المريا، وابنه يفتاح في ولائها الرائع لأبيها، والركابيين في حفظهم العجيب لوصية يوناداب بن ركاب أبيهم. بل عندما نتأمل أول الكل وقبل الكل ذلك الذي وهو السيد والحر والملك قيل عنه أنه عاش في الناصرة خاضعًا لأبويه، سنجد أسبابًا عديدة صالحة للولاء للأبوين والخضوع لهما، حتى ولو أدى الأمر بنا نحن البنين إلى الاحتراق. كانت ابنه يفتاح أيضًا فتاة شجاعة، فذة في شجاعتها، قابلت مصيرها بحزم وصبر وبسالة، كان يمكن للضعف النسوي أن يتسرب إليها فيسوقها إلى التردد والتهرب والنكوص، خاصة وهي في قوة الشباب ووفرة الحيوية وميعة الصبا، ولكنها لم تفعل، بل ما أسرع ماردت على أبيها الباكي بإجابتها المنتصرة القوية.. هل كانت الوراثة فقط سر الجمال في حياة ابنة يفتاح وعظمتها!؟ كلا بل هناك أمر آخر لعله كان أقوى أثرا وأبلغ نتيجة وأعنف توجيهًا. أتدري ما هو!؟ الحزن! الألم! الحياة المعذبة التي عاشتها هذه الفتاة طوال حياتها!! إن ابنة يفتاح تعد من أتعس من عرفت هذه الأرض، لقد كانت حياتها بؤسا وشقاء وعذاباً متصلاً، ولما جاءها اليوم الذي خيل إليها أنه يومها السعيد جاءها يحمل في طياته كلمة الفزع والموت والنهاية الرهيبة. كانت هذه الفتاة تحمل بين جنبيها ذلة الماضي البعيد، لم يكن أبوها ابنًا شرعيًا لأبيه، أخطأ جدها فجاء أبوها نسيجًا ذليلاً مهينًا للخطيئة القاسية الكبيرة، ونظر المجتمع نظراته المفزعة الرهيبة إلى الوليد، ولم يقل إنه لا ذنب له فيما جناه أبوه، بل عاقبه كمتهم ولم يبصره كضحية، وحين أرادت ابنته أن ترفع رأسها وتسير، رأت هذا الماضي التعس يترقبها، فسارت على الأرض خفيضة الرأس كسيرة الطرف معذبة الذكرى، وطرد يفتاح من بيته ووطنه وسار يضرب في المنفى على غير هدى، وولدت ابنته في أرض طوب بعيدة عن بلادها، وعن الحياة الهادئة المستقرة المريحة.. ويوم جاءها الهدوء والأمن والاستقرار، ويوم قدر لها أن تعود إلى أرض بلادها، وقدر لأبيها أن يرد إليه مجده واعتباره ويوم أمسكت بكأس فجأة، واستبدلت بأخرى قاسية شديدة مريرة، ما أشقاها من فتاة، وأتعسها من حياة! هكذا نقول وهكذا نردد! ولكن كلا! بل ما أجمله من حزن! وأبدعها من مأساة! تلك التي تسلمتها يد الله، فصاغت منها الفتاة العظيمة الخالدة.. عرف أبوها الحياة المعذبة فعرف البطولة والكفاح والجهاد والثقة بالله والانتصار به، وسارت هي وراء أبيها في أرض الدموع والآلام لتشتعل وتتوهج وتضيء ببريق سني عظيم، ترى لو عاشت ابنه يفتاح في بيت وادع هادي آمن مستريح!؟ ترى لو عاشت ومعلقة الذهب في فمها، ولم تعرف من الحياة سوى السعة والتدليل والترويح والترضية! ترى لو عاشت وفي متناول يدها كل ما تشتهي وترغب وتطلب!؟ أكان يمكن أن تكون على ما رأينا من السمووالنبل والعظمة والتكريس ومعرفة الله!؟ أغلب الظن أن هذا كان يكون بعيدًا بل محالاً وألف محال.... وكم من القديسين - كما يقول وليم لاو - لولا الحياة المعذبة لما عرفوا طريقهم إلى السماء، فما أكثر من هوت بهم الرفاهية إلى العذاب الأبدي، وما أكثر من صعد بهم الشقاء إلى معرفة الله والشركة معه، قد نحسد فتاة على جمالها، ولكن هذا الجمال قد يكون مفتاح بؤسها وشقائها، ونأسف لدمامة أخرى، ولكن هذه الدمامة قد تكون طريقها إلى المسيح» أيها الإنسان الذي لا يعرف في حياته سوى العذاب المتواصل اذكر كلمة فرانسس بيكون: إنه إذا كانت الرفاهية بركة العهد القديم فالألم بركة العهد الجديد، وقل مع بولس: «لذلك لا نفشل بل وإن كان إنساننا الخارج يفنى فالداخل يتجدد يوماً فيومًا»... «أسر بالضعفات والشتائم والضرورات والاضهطادات والضيقات لأجل المسيح لأني حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوي». الفتاة وعظمة موتها كان نذر يفتاح «إن دفعت بني عمون ليدي فالخارج الذي يخرج من بيتي للقائي عند رجوعي بالسلامة من عند بني عمون يكون للرب وأصعده محرقة» ورجع القائد وقد انتصر انتصارًا عظيمًا، وكانت ابنته أول من استقبله من بيته، فمزق ثيابه وصرخ: «آه يا بنتي قد أحزنتني وصرت بين مكدري لأنني قد فتحت فمي إلى الرب ولا يمكنني الرجوع» فهل تفهم من هذا أنه تمم نذره حرفيًا فيها بأن قدمها محرقة!؟ يعتقد كثير من المفسرين أنه تمم نذره، ولكن بصورة غير حرفية، بأنه عزل ابنته، وقدسها للرب، فظلت عذراء طوال حياتها لم تتزوج، ولما كانت الحياة العذراوية عارًا وقتئذ، فان الفتاة سعت إلى الجبال لتبكي عذراويتها، وحجة الآخذين بهذا الفكر، أن الذبيحة البشرية أمر وثني حرمه الله على إسرائيل تحريمًا باتا، وأن يفتاح رجل حل عليه روح الرب، وعده الوحي من أبطال الإيمان الذين ذكروا في الرسالة إلى العبرانيين، فمن المحال أن يصنع هذا، كما أنهم قالوا أن العبارة: «فالخارج الذي يخرج» يحتمل في الأصل أن تكون ذبيحة غير بشرية، ولكن هذا رغم صحته ومعقوليته وجوازه مردود ومنقوض، وأنا من أشد الناس اعتقادًا بأن يفتاح أتم نذره حرفيًا، قد يكون هذا خطأ منه، وقد يكون في هذا شيء من الوثنية التي تسربت إليه لطول بعده عن شعب الله والتصاقه بالوثنيين وقد يكون فاته أيضًا أن الذبيحة البشرية يمكن أن تفتدي كما فعل إسرائيل فيما بعد حين أنقذ يوناثان من يد أبيه، ولكنه مع ذلك أقدم على عمله بكل إخلاص وحمية وروية وتدبر، لأنه من غير المعقول أن الرجل كان يقصد في نذره إلى مجرد ذبيحة حيوانية كشاة أو ثور أو ما أشبه، لأن هذه الذبيحة من الضآلة بكيفية لا تتفق مع من يريد أن يعبر عن شكره العميق لله، واعترافه بإحسان الله الذي رد سبيه ليقوده في طريق النصرة والمجد، كان يفتاح في المصفاة إنسانًا مأخوذ الشعور متوقد العاطفة سليب الإحساس، سكب نفسه أمام الرب سكيبًا، ولأجل هذا كان يمضي علي ورقة بيضاء ليملأها صاحبها كما يود أو يرغب أو يشتهي، إنه بدون تحفظ أو توقف أو تمهل يريد أن يقول للرب: لست أملك يارب شيئًا يمكن أن يكون ثمينًا عليك، فاختر من عندي أعز ما أملك «الذي يخرج من بيتي للقائي.. وهذه الروح هي التي تستولى عادة على أصحاب النذور والعهود، إنهم عادة يتعهدون بشعورهم، أكثر مما يتعهدون بأفكارهم، ويتقيدون بعواطفهم أكثر مما يتقيدون بتأملاتهم، وذلك لأنهم على الأغلب يكونون في تلك اللحظة في أوقات حرجة دقيقة بائسة تقتضيهم الارتماء عند قدمي الله واستدرار حبه وعطفه وحنانه ورحمته.. وليس المهم في نظر الله أأخطأ الإنسان أم أصاب، بقدر الروح التي أملت هذا الصواب أو الخطأ، فمن صواب الإنسان ما قد يكون خطأ، ومن خطأ- إذا جاز هذا التعبير - ما قد يكون صواباً.. ألم يقل الرسول بولس مثلاً في سياق حديثه عن الطعام: «إني عالم ومتيقن في الرب يسوع أن ليس شيء نجسًا بذاته إلا من يحسب شيئًا نجسًا فله هو نجس... كل الأشياء طاهرة لكنه شر للذي يأكل بعثرة». قد تفعل شيئًا وتحس - بحسب ما لديك من النور والمعرفة والضمير - أنه سليم مستقيم أمام الله وهو في الواقع - أمام نور أكمل ومعرفة أوفر وضمير أكثر قوة وتدربًا - غير ذلك، ولكن الله سيحاسبك على قدر ما لك وما أخذت، وسيطالبك قبل كل شيء بالنية العميقة المستترة وراء عملك، ولذا فالعهود المتعجلة ينظر الله فيها إلى النية أكثر مما ينظر إلى العهد في حد ذاته، وليس أدل على ذلك من أن الوحي أظهر ارتياحًا على عمل يفتاح أكثر منه إلى الاستياء بذكره العذاري اللاتي كنا يذهبن كل سنة في شيء من الوفاء والتقدير والذكرى للبكاء على الفتاة العظيمة، هناك عهد شبيه في الكتاب المقدس حدث في شيء من العجلة والخطأ، ولكن الرب اعتبره وأقامه وعاقب على كسره... جاء الجبعونيون وهم سلالة من بقايا الأموريين إلى يشوع وبني إسرائيل، وهم داخلون إلى أرض كنعان، وخدعوهم بتظاهرهم أنهم جاءوا من مكان بعيد، حالة كونهم من إحدى المدن التي أمر الرب بالقضاء عليها، وطلبوا منهم عهدًا بمسألمتهم واستحيائهم وأخطأ الشعب فلم يسألوا الرب عن هؤلاء وقطعوا معهم عهدًا، ولما اكتشفوا بعدها أنهم قريبون إليهم وفي وسطهم ثار الشعب وأراد أن يقضي عليهم، ولكن العهد وقف حائلاً ضدهم، وبعد أكثر من أربعمائه وخمسين عاماً كسر شاول هذا العهد في غيرة عمياء، فعاقب الله إسرائيل حتى كفر داود عن خطية الكسر بصلب سبعة من أبناء شاول، وفي شريعة النذور والعهود نرى الله لا يعفي صاحب النذر والعهد من وفاء نذره وعهده، وهب أن فتاة في بيت أبيها أو زوجة في بيت زوجها تعجلت وذكرت عهدا أمام الرب دون تقدير أو مسئولية، ففي اليوم الذي يسمع الآب أو الزوج هذا العهد يمكن أن يبطله أو يثبته، فان انتهرها ونهاها في الحال يبطل العهد، وإلا فقد ثبت والتزم به، وصار وصيًا على اقامته وتنفيذه. نفذ يفتاح نذره حرفياً، وإلا فما الداعي لأن تذهب ابنته على الجبال لتبكي عذراويتها شهرين؟ وإذا كان الأمر قد اقتصر على تكريس حياتها للرب فلم البكاء، وكان أولى بها أن تغني وتفرح؟ وإذا كان بكاؤها يرجع لأنها ستحرم من الحياة الزوجية التي كانت تعد نعمة كبيرة للفتاة وقتئذ، فلماذا تبكي شهرين ولا تبكي أكثر؟ وما معنى القول إنها عند نهاية الشهرين رجعت إلى أبيها ففعل بها نذره الذي نذر؟ وكيف يمكن تفسير العادة الرتيبة المنظمة التي ألفتها بنات إسرائيل أن يذهبن من سنة إلى سنة لينحن عليها أربعة أيام في السنة؟ ولو سلمنا جدلاً مع ذلك أن أباها أبقاها عذراء طوال حياتها مقدسة للرب! فهل يكون نذره بأكمله قد تم... كلا إنه يكون فقط قد تمم الشطر الأول فيه «فالخارج الذي يخرج من بيتي... يكون للرب..» أما الشطر الثاني «وأقدمه محرقة» فلا يستقيم مع بقائها على قيد الحياة... إن كل المفسرين اليهود والمسيحيين حتى القرن العاشر الميلادي بما فيهم أوريجانوس والذهبي الفم وثيودور وجيروم وأغسطينوس أجمعوا على أن يفتاح نفذ نذره في ابنته تنفيذًا حرفيًا، والقرون الطويلة لم تعرف شيئًا عن التفسير الثاني حتى جاء الربي كيمتشي في القرن الحادي عشر وابتدعه، وسار في أعقابه من المفسرين من هالتهم هذه التقدمة البشرية المرهبة، ولكننا فيما أعتقد نتفق مع لوثر حين قال: «يؤكد بعضهم أن هذه التقدمة لم تتم، ولكني أظن أن بالنص الكتابي من الوضوح مالا نحتاج معه إلى تساؤل أو جدال أو تفسير». أجل ماتت ابنه يفتاح!! ورأى الله لها مالم يره لاسحق يوم المريا، أو للثلاثة فتية في أتون النار، لكنه على أي حال، رأى لها شيئًا عظيمًا مجيدًا هائلاً، لقد أضحت الشهيدة الأولى التي احترقت من أجله وفي سبيل مجده، فإن ابنة يفتاح ستبقى مدى الأجيال جذوة هائلة مشتعلة هيهات أن تضعف أو تخمد أو تطفيء.. أن السؤال الذي ما تزال تلقيه علينا هذه الفتاة العظيمة من وراء القرون هو: لمن أنا! ولمن حياتي ونفسي وذاتي؟ وهل أنا لشخصي أم لأبي وأهلي وبلدي ووطني وعشيرتي أو ما أشبه؟ كلا.. أنا لم أعد لواحد من هؤلاء جميعًا! لقد أضحيت له وحده، ذاك الذي مات من أجلي وقام، وقد اشتراني بدمه، وعلمني أن أغني وأرنم: فأنا لست لذاتي ليس لي شيء هنا كل ما عندي لفادي ال خلق وهاب المنى إذ فداني ذاك بالدم الكريم إنني أقضي زماني خادم الفادي الأمين باذلا جسمي وروحي وقوي عقلي الثمين إذ فداني ذاك بالدم الكريم ماتت ابنه يفتاح!! ونظرت إلى جمالها الرائع الحزين يدلف نحو الغروب، وقد انعكست عليه شعاعات سرمدية خالدة من النور، فرفعت يدي محييا، وصحت في لغة الحب والحزن والوفاء والإعجاب: وداعا أيتها الفتاة العظيمة!! وداعا أيتها النفس الحرة المنطوية على ذاتها في مطلع الحياة وبكور الأيام!! وداعا إلى حيث نلتقي! لاهنا في هذا الوادي التعس الخفيض، حيث ألفنا افتراش الثرى وتوسد الرغام، بل هناك فوق قمم الجبال العاليا حيث ارتقيت تأهبا للموت من أجل الله. ليتنا مثلك لا يتحدث سفرنا الحديث العظيم الخالد الا عن عظمة في الحياة، وعظمة في الموت.. «لأن ليس أحد منا يعيش لذاته ولا أحد يموت لذاته، لأننا أن عشنا فللرب نعيش، وأن متنا فللرب نموت، فان عشنا وأن متنا فللرب نحن، لأنه لهذا مات المسيح وقام وعاش لكي يسود على الأحياء والأموات»
المزيد
15 نوفمبر 2019

علاقة الكاهن الشخصية بالله وأدوات البناء الروحي

من سفر أخبار الأيام الأول إصحاح 28 عدد 9 و10 داود النبى فكر إنه يبنى الهيكل لكن بسبب بعض خطاياه ، الله قاله تجهز إنت الحاجة لكن اللي هيبنى الهيكل ابنك سليمان ، وفي يوم جمع كل الشعب ورؤساء الشعب ، وسليمان الحكيم موجود قدامه ، وابتدا ينبهه ويعطيه هذه الوصية ، وأرجوكم تلتفتوا معايا لهذه الوصية لأنها موجهة لكل واحد فينا بعد ماكلم الشعب وحكى لهم على كل حاجة ابتدأ يوجه الكلمة مخصصة إلى إبنه سليمان: ” وَقَالَ لِي: إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنَكَ هُوَ يَبْنِي بَيْتِي وَدِيَارِي، لأَنِّي اخْتَرْتُهُ لِي ابْنًا، وَأَنَا أَكُونُ لَهُ أَبًا وَأُثَبِّتُ مَمْلَكَتَهُ إِلَى الأَبَدِ إِذَا تَشَدَّدَ لِلْعَمَلِ حَسَبَ وَصَايَايَ وَأَحْكَامِي كَهذَا الْيَوْمِ. وَأُثَبِّتُ مَمْلَكَتَهُ إِلَى الأَبَدِ إِذَا تَشَدَّدَ لِلْعَمَل ” الآية بقى اللى عايزك تاخد بالك منها عدد 9 و 10 “وَأَنْتَ يَا سُلَيْمَانُ ابْنِي، اعْرِفْ إِلهَ أَبِيكَ وَاعْبُدْهُ بِقَلْبٍ كَامِل وَنَفْسٍ رَاغِبَةٍ، لأَنَّ الرَّبَّ يَفْحَصُ جَمِيعَ الْقُلُوبِ، وَيَفْهَمُ كُلَّ تَصَوُّرَاتِ الأَفْكَارِ. فَإِذَا طَلَبْتَهُ يُوجَدُ مِنْكَ، وَإِذَا تَرَكته يَرْفُضُكَ إِلَى الأَبَدِ. اُنْظُرِ الآنَ لأَنَّ الرَّبَّ قَدِ اخْتَارَكَ لِتَبْنِيَ بَيْتًا لِلْمَقْدِسِ، فَتَشَدَّدْ وَاعْمَلْ” نعمة الله الآب فلتكن مع جميعا آمين. أنت فى يوم من الأيام ربنا اختارك علشان تصير كاهن لله العلى ، واختارك علشان تخدمه بأمانة وبحق ، والنهارده هو بعتلك الرسالة ديه اللى هتكون تأملنا النهارده هاحاول أتأمل وياكم فى فقرة فقرة من هذه الوصية الجميلة اللى ممكن تناسبنا باعتبارنا آباء كهنة وباعتبارنا فى فترة الصوم اللى هى فترة التوبة. .. وأنت يا سليمان ابنى .. المقصود أنت شخصك ، وشخصك معروف بالاسم أمام المسيح يعنى ممكن تشيل كلمة سليمان وتحط اسمك ..!!.. ويدعوك الله بابنى ، فأنت مقرب له ، وده حديث خاص فى الكتاب المقدس ، نلاقى بعض الفقرات عامة يعنى مثلا طوبى للمساكين .. للمساكين عامة ، طوبى للرحماء بصورة عامة ، لكن هنا الكلام موجه لشخصك ، وفترة الصوم الكبير هى الفترة اللى يفوق فيها الإنسان لأن ممكن يكون طول السنة تايه فى حاجات كتيرة حتى فى الخدمة ، لكن الفترة دية هى الفترة اللى الإنسان ينتبه فيها إلى ذاته وانت يا سليمان ابنى .. حديث خاص ليك أنت .. أنت يا فلان باسمك .. إعرف إله أبيك .. تقولي ربنا ده أنا عارفه كويس خالص ، لكن إعرف إله أبيك .. تعنى المعرفة الشخصية ، ولك علاقة شخصيه بربنا يسوع المسيح ، فيه ود ، ويمكن الجزئية ديه فى الآيه بتفكرنا باختبار القديس بولس الرسول لما قال “لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبها بموته ” (في 3 : 10) .. .. لأعرفه .. شوف الثقة ..!.. إيه حدود معرفتك بشخص المسيح ؟! ، إيه حدود علاقتك بيه ؟! ، تقولى ده أنا باعمل قداسات وعشيات ، ده وقتى كله فى كده ، أقولك برافو عليك ..!! .. ممكن تكون بتؤديها طقسية لأن أنت أبونا بتاع المكان اللى أنت فيه ، ولكن المعرفة الشخصية ، والعلاقة الشخصية ، وإنجيلك الشخصى ، وصلواتك الشخصية ، وتوبتك الشخصية ، وعلاقتك الشخصية: فى التأمل ، فى الصمت ، فى العمل العام ، احنا كلنا لنا أعمال عامة ، لكن الحاجة الشخصيه بتاعتك أنت ده شيء مهم ، إنك تلتفت إليه ، أوعى تكون بتخدم كل الناس ألا نفسك ..!!.. طب أستفيد إيه إعرف إله أبيك ، وهنا فى تلميح للحياة المستقيمة ، إعرف إله أبيك الذى تسلمته ، فكنيستنا من جيل إلى جيل عايشة فى الفكر المستقيم تسليم الآباء للأبناء زى ما الآباء الكبار اللى سبقونا عرفوا ، احنا بنعرف ونعيش ونسلم ولادنا وهكذا من جيل إلى جيل ، .. وأعبده بقلب مستقيم .. القلب المستقيم يعنى القلب غير المنقسم عايز أفكرك بحاجة .. فى يوم من الأيام الكنيسة دعتك علشان تبقى كاهن ، ويمكن فيكم عدد كبير كانت دعوتهم للكهنوت فى فترة الصوم الكبير ، والله شاف من خلال الكنيسة أن تمنح كرامة الكهنوت وصرت كاهن بهذه الكرامة وبين يوم وليلة بدل ماكنت الأستاذ فلان بقيت أبونا وحملت لقب من أغلى الألقاب الموجودة على الأرض “الابوة” ، لكن ياترى روح الأبوة حاضرة فيك واضحة الناس ؟! تشتم فيك كرامة الكهنوت وكرامة الأبوة ؟! .. أى إنسان فينا يحتاج إلى أب بس الإحساس بالأبوة ، هل شعبك ورعيتك يشعر بهذه الأبوة ؟! ولا حضرتك مدير ؟! ولا حضرتك رئيس ؟! ولا حضرتك بس بتزعق ؟! ولا حضرتك بتؤدي صلوات فقط ؟! روح الأبوة البعض يحمل اللقب ولا يحمل فاعليته ..!! هنا بيقول له إعبدوا بقلب كامل .. أصل أحيانا القلب ينقسم ينحرف شوية.. كان هدفك يوم تكريسك إنك تكرس كل حياتك لخدمة شخص المسيح وكنيسته المقدسة .. يا ترى الهدف ده مازال موجود ؟! ولا انحرف شوية يمين ولا شمال ولا الهدف ده مبقاش مستقيم كل يوم بتصلى وبتقول قلبا نقيا إخلق في يا الله وروحا مستقيما جدده فى أحشائى ، ده كل يوم أحسن أكون النهاردة انحرفت بالفكر ولا بالتصرف ولا بالكلام ولا حتى بالتلميح بكل صوره ، بأقوله يارب روحا مستقيما جدد فى أحشائى وأقولها من قلبى أرجع لصواب الطريق أعبده بقلب كامل ويا إخوتى الآباء الأحباء إذا انقسم القلب بطلت الخدمة إذا كان قلبك بقى مقسوم أو بقى فيه حاجات تانية كتير ، طب خدمتك بقى بتعمل فيها إيه ؟! .. هيقبلها المسيح ازاى ؟! قلب كامل ، قلب غير منقسم ، قلب يوم تكريسك ، قلب يوم أن أخذت هذا القرار وباركته الكنيسة ونلت نعمة الكهنوت فى السر المقدس وصرت أمام شعبك كاهنا مباركا تحمل جسد المسيح وربنا يديك العمر بقالك سنة بقالك 10 بقالك 50 بقالك 100 ربنا يديك العمر ويدى الجميع والصحة وأعبده بقلب كامل ، ونفس راغبة ، يعنى النفس المشتاقة ، الكاهن إنسان يشتاق دائما إلى الممارسات الروحية إلى صلواته ، إلى القداس ، إلى التسبحة ، مشتاق يعنى الواحد بيعمل الحاجة برغبته بنفسه ، ياترى خدمتك ، وياترى حياتك الشخصية فيها النفس الراغبة ، فى واحد خدمته كده ملهاش طعم أو سامحوني اللى بنخدمهم مبيفهمش منها حاجة.
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل