المقالات

09 فبراير 2019

لاهُوتُ الوَقْتِ للوَقْتِ عَلاَمَةٌ

في أي امتحان يكون للوقت علامة، بحيث تكون الإجابة الصحيحة بعد انقضاء الموعد المحدد بلا معنى، لأنها أتت في الوقت الضائع، وبالتالي يكون للوقت الحاسم في تحديد العلامة المؤشر الدقيق للمستوى الذي يؤهل الممتحن للوصول إلى أعلى مستوى. لذلك بكل الجهد نفتدي الوقت، كما نصلي قائلين: (تُوبي يا نفسي ما دُمتِ في الأرض ساكنة) لأن هذا العمر ليس ثابتًا وهذا العالم ليس مؤبدًا. علامة وقتنا هي أعمال الملكوت؛ من دون التعريج بين محبة الله ومحبة العالم؛ إذ لا يمكن أن تنظر إلى السماء بعين وتكون العين الأخري ناظرة إلى الأرض في نفس الوقت؛ حتى تبلغ الشرارة مكان زيت النعمة، وتخرج قوة عظيمة من أيادينا، ولا نسلم إناءنا ليد عدونا الشرير، الذي يزأَر ليُلهينا حتى يختطف إناءنا، التي هي أشواقنا الصالحة التي يجب أن تخدم الله نهارًا وليلاً وكل الأوقات. فعلامة وقتنا هو امتحاننا وسلوكنا على طريق الملك، محروسين بعناية الملائكة القديسين ليلاً ونهارًا، مع كل السالكين بالنهار وبالليل، الذين يجتهدون من أجل حفظ نفوسهم من عثرة المهالك، فيكون تعب جهادنا حلوًا وشهيًا بلا ملل ... لأن الطوبىَ لمن يبقى في تعبه فرح القلب؛ ويدوم فيه بلا تكلف حتى باب الفردوس المفتوح. وكل واحد عمله محسوب له، إن كانت خدمة أو صلاة أو ميطانيات أو عمل خير أو ليتورجيا، فحتى الكلمة الواحدة التي يقولها الإنسان بالمحبة المسيحية في شأن الله للتعزية ... هذا كله محسوب؛ لأن مخلصنا لا يظلمنا بشيء، وكل شيء سوف يُستعلن لنا وقت خروج النفس من الجسد . الإنسان مدعو في حياته الأرضية أن يجعل من الزمن الحاضر وسيلة لتذوق الأبديات، على مسار تصاعد الزمن، لملاحظة علامة الوقت بحرص والالتفات لتحويل بصره في انتباه نحو الوقت المقبول، لأن اليوم يوم خلاص، ويوم غرس وزرع وجمع للحصاد وتخزين، فيكون خلاصنا دائمًا موضع سعي وإكمال، ولا سطوة للزمن علينا، بل يكون الزمن خاضعًا لنا، نقر ونختار مصيرنا، متحررين من المفهوم الدائري للزمن، متجهين إلى أبديتنا في اليوم الثامن الجديد. نملأ آنيتنا زيتًا دون أن نهمل فيها ثقبًا، حتى نصل إلى نهاية سعينا التي هي (علامة للوقت)؛ لئلا يصير الإناء فارغًا مما فيه، بل نحيا أمناء للوصية؛ لأن الله مخفي فى وصاياه، حتى يقبل تعبنا منا ولا يضيع ... حريصين على حالنا مميزين أعمالنا، ولا يلحقنا تفريط. عالمين أن التوبة قائمة الآن ومستعدة، وكل الفضائل تلحقها مثل السلسلة لكل من يجاهد فيها. وشأن التوبة جليل وعظيم، وهي حسنة العاقبة إلى الأبد، كسُلّم خيرات الحياة الدائمة. فنحيا ونجتاز وقتنا دون غفلة ولا استرخاء ولا دفن للوزنات ولا انعدام للنعمة بترك العلل والمطامع في نفوسنا، حتى نمضي إلى الرب بدالة، ووجوهنا مكشوفة وأعمالنا نيّرة؛ كي نستحق الدخول إلى أورشليم السمائية . لكننا لن نقوي على اجتياز الوقت، إلا بقوة ونعمة الله المقدسة، لا نميل يمنة ولا يسرة؛ بل نسلك في الطريق المستقيم كأولاد للنور، بذبيحة الروح المنسحق الخاضع لترتيب الروح القدس، والارتماء على الله والثقة به؛ لأن عنده طعام الفرح وخبز الخلود؛ ومَصل عدم الموت ونبع الخلاص وماء الحياة وحلاوة كل الحلاوة . إيماننا هو منبع التقوي، لذلك منذ الآن ينبغي أن يكون كل واحد منا كنيسة لله، لكي نرسل إلى فوق المجد والإكرام للثالوث الاقدس، باعترافنا بالإيمان الأرثوذكسي. مهتمين بكرمنا في أوان الإثمار؛ حتى لا ندع الثعالب المفسدة تُتلفه، وبشجرة حياتنا لئلا يبدد طرحها طيور السماء، وبكنزنا حتى لا ينقبه السارقون، وبمركبنا التي وسقت الخيرات الملكية لئلا يفسد العدو خطتها ... متمنطقين كجنود بأس في ميدان الركض، حتى يأتي وقتنا لنقول عند علامة النهاية يا ربي يسوع المسيح في يديك أستودع روحي .. القمص أثناسيوس چورچ كاهن كنيسة مارمينا – فلمنج - الاسكندرية
المزيد
08 فبراير 2019

"تلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك "

الاسبوع الماضي تاملنا فى مزمور ٣٧ وهو يصلح لفترة الصوم وبه نفحص ذاتنا نتامل فى ايه " تلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك " فى الأسبوع الماضي ذكرنا ثلاث وسائل للتلذذ بالرب وهى ١- الصلاة و التسبيح ٢- الكتاب المقدس ٣-القداس الالهى واليوم ناخذ امثله لشخصيات من الكتاب المقدس عاشوا هذا التلذذ ليكونوا لنا قدوة . ١- ابراهيم ابو الآباء ( تك١٢) نجد فى حياته أن كل الدلائل تشير إلى استحاله تحقيق شيء ...كان شيخا ليس لديه أبناء لم يكن يعلم المكان الذى سيذهب إليه ولكن كان عنده وعد بان نسله سيصير مثل رمل البحر ومثل نجوم السماء فرغم ذلك كان كل اتكاله على الله .. " ليس الله انسانا فيكذب هل يقول ولا يفعل أو يتكلم ولا يفى " (عدد١٣) " توكل على الرب بكل قلبك وعلى فهمك لا تعتمد "(امثال) ٢- ايوب كان رجلا شيخا وقور مشهور جدا وتعرض لتجربه قاسيه فقد فيها كل شيء وكان كلام الآخرين محبطا له ولكن التجربه التى دخل فيها كانت هى الوسيله التى رفعه بها الله فعندما تتعرض لصعوبات يجب أن تتلذذ بالرب وتقول له أنا أثق أن هذا لأجل خيري .. ايوب عندما بدأ يتلذذ بالرب قال " قد علمت انك تستطيع كل شيء ولا يعثر عليك امر " وعندما تحسنت الظروف قال " بسمع الاذن سمعت عنك والان رأتك عيناى " ٣- سليمان قال له الرب ماذا اعطيك ؟ فهل طلب مالا أو صحه أو سلطان .. طلب الحكمه والمعرفة فأعطاه حكمه واموال وسلطان وكل شيء يكفى أن اسمه فى كل التاريخ سليمان الحكيم ...الله عطاياه كثيرة تنتظر من يطلبها .. +ايه فى نشيد الانشاد نأخذها بمعناها الروحى " ليقبلنى بقبلات فمه لان حبه اطيب من الخمر " كأن الشخص الذى يتلذذ بالله يتلقى منه قبلات روحيه من خلال الخلوة والصلاة والصوم ...والخمر هنا معناها الفرح .. + فى أشياء ٥٨ ( اصحاح الصوم ) " أن رددت عن السبت رجلك عن عمل مسرتك يوم قدسي ودعوت السبت لذة ومقدس الرب مكرما واكرمته عن عمل طرقك وع ايجاد مسرتك والتكلم بكلامك حينئذ تتلذذ بالرب " اى إذا جعلت يوم السبت ( يوم الأحد فى العهد الجديد ) يوم للرب وفضلته عن مسرتك تتلذذ بالرب .. ناخذ ثلاث مفاتيح اخرى للتلذذ بالرب : ١- الوقت يجب أن تحرص على أن تعطى وقتا للرب تتلذذ فيه بالله ...كل البشر يأخذون مثل بعض تماما كل يوم ٢٤ ساعه ولكن الحكمه فى كيف تستخدم هذا الوقت ٢- التوبه هى مفتاح وجود اللذة مع الله فالخطيه تاتى بالكأبه أما التوبه تفتح الابواب لكى تتلذذ بالرب ..مثل الابن الضال عندما عاد وتلذذ بحضن إببه فقال عنه " كان ميتا فعاش " ٣- المحبة يجب ممارسه المحبة مع الكل..افتح قلبك لتمتلئ من محبه الله فتستطيع ان تحب الكل ...الإنسان بدون محبة الله فى قلبه لن يستطيع أن يتلذذ بالله قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
06 فبراير 2019

تدريبات على الهدوء

إذا أردت أن تدرب نفسك على الهدوء -وبخاصة هدوء القلب وهدوء الأعصاب وهدوء الحياة- فعليك بالنصائح الآتية: 1- لا تسمح لأي شيء أن يثيرك. بل تقبّل كافة الأمور بنفس هادئة، لا تنفعل كثيرًا بالأسباب الخارجية مهما كانت تبدو متعبة، ولا تقلق وتضطرب. وإن انفعلت، حاول أن تضع هدوءا لانفعالك، وأن تهدئ نفسك. ولا تتصور أو تتخيل نتائج خطيرة سوف تحدث، فهذا التخيل سوف يزعجك. وقل لنفسك: إن كل مشكلة لها حل أو بضعة حلول. فكرّ إذن في الحلول، حينئذ يدخل الهدوء إلى قلبك. وإن عجزت عن إيجاد حلّ، استشر غيرك. وإن عجز الغير أيضًا، فأعطِ المشاكل مدى زمنيا تحل فيه. واطلب معونة الله وتدخله وستره. وباستمرار اجعل المشاكل تدور حولك من الخارج، دون أن تدخل إلى قلبك فتؤذيك. إن الأمواج الهائجة إذا صدمت السفينة من الخارج لا تضرها. ولكن إن وُجد ثقب في السفينة تدخل منه المياه، حينئذ تكون السفينة في خطر. احرص إذن على عدم وجود ثقوب في نفسك تدخل منها المشكلة إلى أعصابك لتحطمها. 2- كن دائمًا قوى القلب قوى الإيمان، واسع الصدر في مقابلة المتاعب، بحيث لا تتضايق بسرعة. واعلم أن الضيقة قد سميت هكذا، لأن القلب قد ضاق عن أن يتسع لها. أما القلب الواسع فإنه لا يتضيق بشيء. إن قطعة من الطين إذا ألقيت في كوب من الماء فإنها تعكره. أما إذا ما ألقيت في المحيط فإنها لا تعكره. بل يفرشها في أعماقه ويقدم لك ماءً رائقًا... اعرف يا أخي أنه إذا وقع حجر على جبل، فأنه لا يهزه. ولكن إن وقع هذا الحجر على زجاج فإنه يهشمه ويفتته. لهذا كن جبلًا لا زجاجًا. 3- مما يفيدك في حياتك، أن تكون لك روح المرح وبالبشاشة. فإنها تجلب للإنسان هدوءًا في النفس، واسترخاءً في الأعصاب، وتبعد عنه الكآبة والاضطراب. ومهما كان الجو مكهربًا وصاخبًا، فإن الإنسان المرح، يستطيع بفكاهة لطيفة أن يزيل جو التوتر.. وعمومًا فإن المتصفين بالمرح، تكون أعصابهم هادئة. بل إنهم بالأكثر يمكنهم أن يهدئوا غيرهم أيضًا. كما أن الوجوه البشوشة تشيع الهدوء في الآخرين. لهذا درّب نفسك على البشاشة والمرح، وتقبّل كثيرًا من الأمور بهذه الروح... 4- كذلك أن أردت أن تكسب الهدوء، يمكنك ذلك بمعاشرة الأشخاص الهادئين، بعكس الذين يختلط دائمًا بالمضطربين والثائرين، فإنهم ينقلون إليه عدوى مشاعرهم. فالخائفون ينقلون إليه خوفهم، والمتشائمون ينقلون إليه تشائمهم. وكذلك فالذين يحاربهم الشك والضيق ينقلون إلى غيرهم الشكوك والضيقات. أما معاشرة الهادئين فإنها تمنح الثقة والطمأنينة والسلام. قد تقرأ خبرًا مزعجًا فتتعلق. ثم تقابل شخصًا هادئًا فتجده قد تقبّل الخبر بمنتهى الثقة وهو مطمئن تمامًا أنه سوف لا يحدث شيء متعب على الإطلاق. ويشرح لك، فيبدأ الاطمئنان يزحف من نفسه إلى نفسك فتهدأ. ألست ترى إذن أنك بمعاشرة الهادئين يمكنك أن تمتص إيمانهم وهدوءهم، وتأخذ من سلامهم الداخلي سلامًا لنفسك... وتأخذ أيضًا نموذجًا وقدوة من طباعهم الهادئة، وتحاول أن تحاكيها إذ تعجبك وتريحك. وتتعود على طريقة تفكيرهم في مقابلة المشاكل والضيقات، وتتعلم من ذكائهم كيف يستوعب العقل المشكلة ويهضمها، وكيف يمكنه إن يفهم الأمور ويحل المشاكل ويستنتج الطرق الصالحة لعلاجها، كما تتعلم أيضًا من إيمانهم ومن طول بالهم واحتمالهم وصبرهم. إن معاشرة الهادئين هي من أفضل أنواع المهدئات. 5- كذلك درّب نفسك على عدم الاندفاع وعدم التسرع. واعرف أن قلة الصبر تدل على عدم هدوء الإنسان في الداخل. فالإنسان الهادئ يكون دائمًا طويل البال. فإن اضطرب يفقد القدرة على الصبر. ولا يستطيع أن ينتظر حتى تحُلّ الأمور. إنما يريد أن يعمل الآن أي عمل، أو يتكلم أي كلام، أو يتخذ أي قرار!! وفي ذلك ما يضره. 6- ما دمت لم تصل بعد إلى فضيلة الهدوء، أبعد إذن بقدر إمكانك عن أسباب الإثارة وكل مصادرها. ابحث ما هي الأسباب التي تجعلك تفقد هدوءك، سواء كانت منك أو من الخارج. وتحاشى هذه الأسباب وبخاصة في المعاملات. وكما قال أحد الحكماء "لا تأخذ وتعطى مع إنسان يقاتلك به العدو". وابعد عن المناقشات الحادة. ولا تستصحب غضوبًا. وابعد أيضًا عن القراءات التي تفقدك الهدوء، وعن سماع الأخبار التي تزعجك. 7- وفى معاملاتك مع الآخرين لا تفترض المثالية في جميع الناس. فإن قوبلت بتصرف خاطئ من البعض، لا تتضايق. فالناس هكذا: فيهم الطيب والرديء. ولا تتوقع أنك ستتعامل مع ملائكة أو قديسين، إنما مع بشر عاديين، لا نسمح لأخطائهم من نحونا أن تقلقنا..! وأيضًا لا ترد على أحد وأنت غضبان. إنما انتظر إلى أن تهدئ نفسك، ثم أكمل الحديث معه، أو على الأقل اصمت. فليس من صالحك ولا من صالحه أن تناقشه وأنت في حالة توتر. واحذر من أن ترد على الإساءة بإساءة، وإلا تكون قد شابهت المسيء في أخلاقه... 8- ابعد عن استخدام العنف بكل أنواعه، ولا تواجه العنف بالعنف. فليس هذا هو أسلوب الروحيين. فالإنسان الروحي لا يغلبنّه الشر، بل يغلب الشر بالخير. وإذا تملكتك الحيرة في التصرف، فشاور أحد الحكماء واعمل بمشورته. فإنك بهذا تضيف إلى فكرك فكرًا أكثر خبرة. وتتعلم الحياة عمليًا... 9- لا تلجأ إلى العقاقير لكي تحصل على الهدوء. واعلم أن استخدام المسكنات والمهدئات والمنومات لها ردود فعلها واحذر من أن تتعودها إنها كلها تتيهك عن نفسك، دون أن تحل مشاكلك أو تزيل متاعبك. إنما اعمل على حلّ إشكالاتك داخل نفسك، وبحلول عملية وطرق روحية. واعرف أن الذي يتعود تعاطي المسكنات، قد تصبح إدمانًا ولا تفيده بل قد يضطر إلى إزادة كمياتها. وما أن يفيق منها حتى يجد نفسه كم هي بنفس متاعبها وبدون حلّ... 10- كذلك لا تلتمس الهدوء بالانطواء والهرب. ولا تظن أنك في انطوائك على نفسك قد صرت هادئًا! كلا، فهذا مرض آخر وليس هدوءًا.. فإن كانت لك مشكلة في بيتك، لا تظن أن حل المشكلة هو في هروبك إلى النادي أو المقهى أو إحدى السهرات، بينما تظل المشكلة قائمة كما هي. لا تصلح إلا بمواجهتها، ومعرفة أسبابها وحلها عمليًا.. 11- تعوّد الهدوء في دخولك وخروجك، وفي طريقة كلامك بحيث تكون ألفاظك هادئة ليست فيها كلمة عنيفة أو جارحه. وقبل أن تلفظ كلمة فكرّ في نتائجها وفي تأثيرها على غيرك... وإذا كتبت خطابًا غير هادئ، فلا ترسله بسرعة. بل اتركه يومًا أو يومين، وأعد قراءته، وغيرّ ما يلزم تغييره فيه. وكل فكر يلحّ عليك، لا تسرع في تنفيذه ولا تطاوعه. بل أنتظر حتى تفحصه في هدوء... 12- أخيرًا، أنصحك بأن تعطى جسدك ما يحتاجه من الراحة ولا ترهقه. فإن الإنسان في حالة الإرهاق، تكون أعصابه عرضة لعدم الاحتمال، وربما يفقد هدوءه ويتصرف بغضب أو عصبية لأتفه الأسباب مما يندم عليه فيما بعد. لذلك لا تدخل في مناقشة حادة وأنت مرهق. ولا تأخذ قرارًا مصيريًا وأنت مرهق. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
05 فبراير 2019

عصر ما بعد داود وسليمان

+ إنْ حَفِظَ بَنوكَ عَهدي.. رأينا فيما سبق كيف أعد الله داود النبي، ومن بعده ابنه سليمان الحكيم، لإدخال خدمة ذبيحة التسبيح إلى خدمة العبادة الرسمية في الهيكل. وكيف صار التسبيح الكنسي ذا شأن عال جدًّا، وعلى أعلى مستوى من التنظيم والمهارة والخبرة والفن. وكان الملك داود ومن بعده سليمان يهتمان بهذا النشاط الروحي بنفسيهما. الآن وبعد أن "اضطَجَعَ سُلَيمانُ مع آبائهِ فدَفَنوهُ في مدينةِ داوُدَ أبيهِ. ومَلكَ رَحُبعامُ ابنُهُ عِوَضًا عنهُ" (2أخ31:9).. ماذا حدث لخدمة التسبيح؟ ماذا حدث لهؤلاء المغنين والعازفين الذين كان الملك نفسه يهتم بهم وباحتياجاتهم، ويتابع بنفسه نشاطهم وخدمتهم، ويصرف على خدمتهم وحياتهم وبيوتهم من خزينة الملك؟ (1) رحبعام والانقسام.. وتدهور خدمة التسبيح لقد انقسمت المملكة بسبب سوء تصرف رحبعام، وصارت المملكة مملكتين (يهوذا وإسرائيل)، وفي الغالب كانت مملكة يهوذا أكثر تدينًا من مملكة إسرائيل، "وكانَتْ حَربٌ بَينَ رَحُبعامَ (ملك يهوذا)، ويَرُبعامَ (ملك إسرائيل) كُلَّ أيّامِ حَياتِهِ" (1مل6:15). انصرف الملك والجيش والناس إلى الحرب، ولم يعد أحد ينتبه إلى هؤلاء المرنمين والموسيقيين الموهوبين ليرعاهم.. فبدأت خدمة التسبيح في الانحدار والانحطاط. وحافظ سبطا يهوذا وبنيامين بالكاد على خدمة الذبائح فقط، في مقابل انسياق كل باقي أسباط إسرائيل وراء الأوثان. هذا ما عيَّر به "أبِيَّا" ملك يهوذا شعب إسرائيل المنحرفين وراء يربعام الملك عابدين الأوثان قائلاً: "وأنتُمْ جُمهورٌ كثيرٌ ومَعَكُمْ عُجولُ ذَهَبٍ قد عَمِلها يَرُبعامُ لكُمْ آلِهَةً. أما طَرَدتُمْ كهنةَ الرَّب بَني هارونَ واللاويينَ، وعَمِلتُمْ لأنفُسِكُمْ كهنةً كشُعوبِ الأراضي (الأمم)... للذينَ ليسوا آلِهَةً؟ وأمّا نَحنُ فالرَّبُّ هو إلهنا، ولم نَترُكهُ. والكهنةُ الخادِمونَ الرَّبَّ هُم بَنو هارونَ واللاويّونَ في العَمَلِ، ويوقِدونَ للرَّب مُحرَقاتٍ كُلَّ صباحٍ ومساءٍ" (2أخ8:13-11). في هذا الكلام ذكر "أبيّا" خدمات الهيكل التي نظمها موسى، ولم يتطرق إلى ذكر فرق التسبيح التي نظمها داود، ومن بعده سليمان. ومن ذلك يبدو أن هذه الفرق كانت قد ضعفت أو توقفت.. أي أن أسباط مملكة إسرائيل (الشمالية) انساقت إلى الأوثان، وتركت عبادة الله الحي.. ومملكة يهوذا (الجنوبية) أيضًا قد انشغلت، وتركت عنها خدمة التسبيح. فقد كانت البلاد في حالة حرب وفوضى وانشغالات كثيرة "وفي تِلكَ الأزمانِ لم يَكُنْ أمانٌ للخارِجِ ولا للدّاخِلِ، لأنَّ اضطِراباتٍ كثيرَةً كانَتْ علَى كُل سُكّانِ الأراضي" (2أخ5:15). لم يدُم الأمر هكذا كثيرًا، بل كانت ذبيحة التسبيح تتأرجح في قوتها بحسب زمان الملك الذي يملِك، وظروف المملكة.. فإن كان الملك بارًا تقيًا والمملكة في حالة سلام كان التسبيح يأخذ مكانته في الاهتمام والاعتبار، وإذا كان الملك شريرًا معوجًا والمملكة في حالة حرب وفوضى كان يضعف الاهتمام بالتسبيح، ويتفرق المُسبِّحون والعازفون، ويتوقف التسبيح من هيكل الرب أو يضعف مستواه الروحي والفني. (2) نهضات روحية متعاقبة كانت من أهم علامات النهضة الروحية التي يقوم بها أي ملك يملك على يهوذا، أو (إسرائيل) أن يعيد إلى الهيكل بهاءه، بتنظيم خدمة التسبيح. + نهضة في عهد آسا الملك.. في عهد "آسا" الملك.. وبَّخ النبي "عزريا بن عوبيد" الشعب، فتنبهوا ونزعوا الرجاسات من كل أرض يهوذا وبنيامين، وعادوا إلى الرب "ودَخَلوا في عَهدٍ أنْ يَطلُبوا الرَّبَّ إلهَ آبائهِمْ بكُل قُلوبِهِمْ وكُل أنفُسِهِمْ" (2أخ12:15). كانت علامة هذا العهد أنهم "حَلَفوا للرَّب بصوتٍ عظيمٍ وهُتافٍ وبأبواقٍ وقُرونٍ. وفَرِحَ كُلُّ يَهوذا..." (2أخ14:15-15). كذلك كانت عودة هتاف التسبيح، هي العلامة المميزة لعودة الروح إلى الشعب، بعد عصور من التمزق والتمرد وعبادة الأوثان والحروب العنيفة. + نهضة في عهد يهوشافاط.. في عهد "يهوشافاط" الملك تعرضت الدولة لهجوم من الأعداء.. فرجعوا إلى الرب، وكان أحد المُسبِّحين هو الذي قاد الشعب للتوبة وهو "يَحزَئيلَ بنَ زَكَريّا... مِنْ بَني آسافَ، كانَ علَيهِ روحُ الرَّب في وسطِ الجَماعَةِ" (2أخ14:20). وكانت عودتهم للرب مرتبطة بالتسبيح "فخَرَّ يَهوشافاطُ لوَجهِهِ علَى الأرضِ، وكُلُّ يَهوذا وسُكّانُ أورُشَليمَ سقَطوا أمامَ الرَّب سُجودًا للرَّب. فقامَ اللاويّونَ مِنْ بَني القَهاتيينَ ومِنْ بَني القورَحيينَ ليُسَبحوا الرَّبَّ إلهَ إسرائيلَ بصوتٍ عظيمٍ جِدًّا" (2أخ18:20-19). في الغد وقف "يهوشافاط" لتحفيز الشعب على العودة للرب، و"أقامَ مُغَنينَ للرَّب ومُسَبحينَ في زينَةٍ مُقَدَّسَةٍ... وقائلينَ: "احمَدوا الرَّبَّ لأنَّ إلَى الأبدِ رَحمَتَه"ُ. ولَمّا ابتَدأوا في الغِناءِ والتَّسبيحِ جَعَلَ الرَّبُّ أكمِنَةً علَى بَني عَمّونَ وموآبَ وجَبَلِ ساعيرَ الآتينَ علَى يَهوذا، فانكَسَروا" (2أخ21:20-22). فكان الفضل في نصرتهم يرجع إلى التسبيح. وعاد الشعب من الحرب "ليَرجِعوا إلَى أورُشَليمَ بفَرَحٍ، لأنَّ الرَّبَّ فرَّحَهُمْ علَى أعدائهِمْ. ودَخَلوا أورُشَليمَ بالرَّبابِ والعيدانِ والأبواقِ إلَى بَيتِ الرَّب" (2أخ27:20-28). يا لفرحة إسرائيل بنصرته على الأعداء، بل بالأحرى بعودة المجد لإسرائيل؛ إذ عادوا يُسبِّحون الله بحسب ترتيب داود وسليمان. نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
04 فبراير 2019

تقديس الفكر

هناك حرب فكرية يحيا فيها الإنسان تسير على شقين: شق سلبى: هو الفكر الردىء فأسره وأجعله يخضع لطاعة المسيح وفكر المسيح الشق الثانى: أو المستوى الأعلى أن يكون لنا فكر المسيح. 1- أهمية الفكر فى الحياة الإنسانية : فى البدء كان الكلمة أذن فكر الله اللوغوس ازلى فالكلمة دائماً هى المحرك والقائد للكون لأن خلقة الأرض بكلمة من فيه، لآن الله عاقل وعقله غير محدود، حكيم وحكمته غير محدودة أزلية، أبدية، لانهائية خلق الإنسان مفكر وعاقل، وهذا هو الفرق بينه وبين الكائنات الأخرى وإذا كنا نسمى: ? الآب: الحكيم. ? الإبن: الحكمة. ? الروح: هو روح الحكمة. الحكمة بنت بيتها... الرب قنانى أول طريقه وأول طريق الاب هو الأزلية وفى سفر الأمثال يقول منذ الأزل. الله خلق الإنسان على مثاله فى الحكمة. إذن الفكر له دور كبير فى الحياة يتلخص فى 4 نقاط: الفكر هو بداية الفعل والعادة : أى شئ افكر فيه هو ما سأنفذه والإنسان يفكر فى الشىء فينفعل به فينفذها ويتحرك وهذه الحركة هى آخر شئ والفكر هو أساس الفعل وأساس تكوين العادات. الفكر هو واضع خطوط الحياة : أن الإنسان يفكر ويرسم الخط ثم يسير عليه ليس فقط فعل مؤقت أو متكرر لكن هذا تخطيط العمر، إنسان مثلا وضع فى فكره أن يعيش مع الله، فتصبح هذه إستراتيجية حياته وهذا ما يسموه فى علم النفس اتجاه. فمن أخطر الأمور هو الفكر لأنه يخطط للحياة كلها والحياة تمتد إلى الأبدية. الفكر تعبير عن القلب : ليس فقط فكر أنفذه لكن أيضاً تعبير عن المشاعر من القلب تخرج أفكار شريرة، فينبوع الفكر من القلب وفى اللغة القبطية كلمة هيك تعنى قلب وفكر فى وقت واحد إذن هناك رابطة وثيقة بين الفكر والشعور فالقلب المملوء بمحبة ربنا يفكر فى الناس بطريقة جديدة. الفكر يضبط العلاقات : طالما أن فكرى ضبط شعورى فشعورى يضبط علاقاتى فالتفكير الإنسانى خطير جداً فى حياة البشر. 2- أنواع الأفكار : هناك أفكار سلبية وأخرى إيجابية: 1- الشهوة. 2- الإدانة: أصبح يدين الناس وليس نفسه وهو حيلة دفاعية تدل على وجود تعب نفسى وروحى ومنطقى. 3- التميز: الشعور انى افضل وهو طريق الى الكبرياء والكبرياء يعقبها السقوط. 4- الفردية: وهو فكر غير كنسى وغير كتابى وغير مسيحى وغير حكيم وغير ناجح عملياً الإنسان الفرد الذى لا يعيش إحساس الفريق وإحساس الكنيسة الجماعى. الفردية ثقة فى النفس زائدة تدل على كبرياء ضحالة روحية بينما الجماعية معناها أنى غير واثق فى نفسى بل واثق فى الله وروح الله العامل فى الجماعة. 5- الحسد: وهو عمق الذاتية انا منحصر داخل نفسى ولا أحتمل نجاح غيرى ويوجد شوق لزوال النعمة عن المحسود وأتمنى ان يفشل. 6- الغيرة: لماذا غيرى عنده شئ غير موجود عندى وهذا ذاتية خاصة أننى عندى أشياء أخرى وعطايا أخرى أستفيد منها واستثمرها فالغيرة طالما لمجد ربنا حسنة هى الغيرة فى الحسنى. هذه كلها أفكار سلبية ممكن أن تملا الفكر، تظهر فى الفعل، تغمر المشاعر، توتر العلاقات. شهوة: أعطينى حياة الطهارة. إدانة: أعطينى أن أدين نفسى. تميز: كلها عطاياك. فردية: علمنى أن أكون جماعى. حسد: احمينى من السقوط فى هذه الخطية. غيرة: أجعلها تكون غيرة فى الحسنى وليس غيرة للذات. الأفكار الإيجابية : أما نحن فلنا فكر المسيح: 1- فكر التوبة: فالتوبة فكرة وليست مشاعر لأن التوبة القائمة على التفكير أفضل من المشاعر مثل الإبن الضال الذى درس وقارن واقتنع، وكلمة تاب تعنى ثاب أى شخص استيقظ وفكر. التوبة هى رجعة قلب لربنا كل لحظة سواء تاب بعد ما أخطأ أو أثناء الخطأ يعنى رجع لربنا نادم أو قبل الخطأ فعندما تصبح التوبة خط أو اتجاه للحياة تحكم كل علاقاتى بربنا ويصبح الإنسان تواب ويأخذ كل كسرة نفس من ربنا وليس من إنسان فيفرح بها، (الرب قال له سب داود). 2- فكر أهمية الشبع: علينا أن نرسم خطة للشبع لو وضعنا فكر الشبع أمامنا حتى لا أعيش فى تفريغ مستمر وأبحث عن طرق لأشبع من ربنا. 3- فكر القداسة: فرق بين فكر عدم عمل الخطايا وبين القداسة فعندما أضع أمامى فكر القداسة أستكبر فعل الشر وشبه الشر الإنسان الأرثوذكسى دائماً حزين لأنه ليس قديساً. 4- فكر العطاء: الإنسان سمع السيد المسيح يقول مغبوط هو العطاء فبدأ يضع فى فكره أن يعطى لا يأخذ وهذه تغير وتصنع انقلاب فى حياة الإنسان فعندما يكون الإنسان عنده فكر العطاء يكون دائم عدم الرضا عن النفس وهو بمعنى أنه غير راض عن نفسه. 5- فكر الموت والأبدية: مثل الأم سارة التى كانت تضع فكرة الموت فى كل لحظة. هذه كلها أفكار إيجابية لو أن الإنسان ملا بها ذهنه تغير حياته. 3- الأفكار لها رئيس : أحسن طريقة تكشف لى أفكارى هى السرحان يختبر أفكاره فى أى اتجاه فى الشهوة الإدانة. 4- كيف يكون لى فكر المسيح : 1- إسقاطات النعمة: من خلال الصلاة فالإنسان الذى عيني فى عين المسيح ودائما فى شركة معه يأخذ فكر المسيح (هؤلاء الذين أشرقت عليهم بشعاع من حبك لم يحتملوا السكنى بين الناس بل ألقوا عنهم كل حب جسدانى). الخطر ان أعيش وحدى ولكن أن يجب أن يكون بينى وبين المسيح ال hot lin أى الخط الساخن وهذا يكون من خلال الصلاة وهذه تجعل المسيح سريع الحضور وسريع الاستكشاف وسريع الاستشعار، هذه أول وسيلة لاقتناء فكر المسيح. 2- الكتاب المقدس: فتح كلامك ينير الجهال لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى أى مصادقة الكتاب وشخصياته ووعوده. 3- القراءات الروحية: كثرة القراءة تقوم العقل الطواف. 4- المحاسبة اليومية: أن يضع الإنسان نفسه تحت أضواء الفحص الإلهى أن رأيت فى ميلاً باطلاً أهدنى طريقاً أبدياً. إذن المحاسبة اليومية فى حضرة المسيح. 5- الاعتراف: أعطى فرصة لأب الاعتراف أن يقول لى بعض الأخطاء الموجودة فى وأنا لا ألاحظها. نيافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف الشباب
المزيد
03 فبراير 2019

التكامل بين الخادم وإخوته الخدام

سبق وتكلمنا عن ضرورة وجود محبة روحانية بين الخدام ليكونوا سفراء لإله المحبة، ولكن بالتأكيد سيكون بين الخدام اهتمامات مختلفة وتباين في المواهب والطباع والشخصيات، ولكن في نضوج الحب تصبح هذه الاختلافات بمثابة أوتار القيثارة التي تعزف أجمل الألحان، فنردّد: "هوذا ما أحلى وما أحسن أن يسكن الإخوة معًا"... فهؤلاء هم الذين ألّفهم الروح مثل قيثارة. فليس علينا أن نقبل الفروق بيننا فحسب، بل أن تكون لنا سبب فرح وابتهاج، لأن الاختلاف تنوع، والتنوع ثراء. وندرك أن كلًّا منا خليقة فريدة خرجت من يد الله، سبق وأوجدها الله لتتمم أعماله، وليس أحد يشبه الآخر تمامًا، لذا أرسل السيد المسيح رسله للخدمة، اثنين اثنين أمام وجهه (لو10: 1)، يعمل الاثنان معًا في الرب الواحد، ويسرّا قلبه، ويصنعا مشيئته...فيجد كل منهما كمال حياته وخدمته ونجاحه وشهوة قلبه في كمال أخيه، لأننا جميعًا مشتركين في غنى عمل نعمة الله الفائقة، ولنا رب واحد وإيمان واحد ومعمودية واحدة. الخادم الحقيقي هو الذي يجد كماله في كمال كل إنسان، ويدرك أننا نسعى لهدف واحد. فكيف لا تفرح نفسه وتتهلّل عندما يجد زميله الخادم يسلك طريق الكمال، وكل ما يعمله ينجح فيه؟! الخادم الذي لا تتهلّل نفسه بنجاح زميله وكماله في حياته وخدمته، حتمًا هو خارج المسيح الذي يريد خلاص العالم كله ومجد كل نفس بشرية، ومخلصنا اشتهى أن يموت لنحيا نحن، فكيف لا نشتهي أن ننقص نحن ويزيد هو فينا كما في زملائنا الخدام. سر نجاح خدمة القديس يوحنا المعمدان هو إدراكه لحقيقة رسالته، أن يعد الطريق للعريس السماوي. إدراكنا لحقيقة رسالتنا يوجّه علاقتنا مع إخوتنا الخدام لنعمل جميعا بروح واحدة، إذ يدرك الخادم رسالته كصديق للعريس، ويفرح ويتهلّل بنجاح رسالته بطريق أو آخر، لا ينشغل بتصرفات زملائه، بل أن يزيد الرب في حياته كما في حياة من حوله، بقدر ما يختفي هو! على جبل التجلي اجتمع حول العريس أصدقاؤه من العهد القديم مُمثَّلين في موسى وإيليا، وأصدقاؤه من العهد الجديد مُمثَّلين في بطرس ويعقوب ويوحنا، وكأن الشيخ موسى قد تهلل إذ سلم مسيرة العروس من البرية لترى بالرجاء أورشليم العليا (سفر الرؤيا) على يد الشاب يوحنا. هذه هي علامة الكنيسة الحية، حين يفرح الشيوخ لنجاح الخدام الشبان الذين يحقّقون بروح الرب ما لم يقدروا هم على عمله! وهكذا يرى كل خادم إخوته الخدام على أنهم ليسو مجرد أشخاص بل أعضاء مكملين له... القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس – محرم بك - الأسكندرية
المزيد
02 فبراير 2019

التَّعَصُّبُ

التعصب أساسه وسببه يكمن في الآراء المسبقة المشوَّهة عن الآخر المختلف دينيًا... فالجهل دائمًا يقود إلى التعصب، والمقصود هنا هو الجهل بالآخر وعدم الإلمام الصحيح بكينونته وقد سُمي التعصب بالمَقيت؛ لأنه يدفع إلى إلغاء العقل؛ وخوض جدالات وتصورات ينعدم فيها الاحترام؛ ويجعل التربة خصبة للإتهام والتعدي والخوض في أمور لا يفقه فيها المتعامل ألفها من يائها... وانتشار طريقة التجهيل بالآخر المختلف والتحريض عليه؛ هو الذي كرس الازدراء والافتراء وانتقل به من التفكير إلى التكفير، ومن التعايش وقبول الآخر كما هو يدرك نفسه؛ لا بناء على تصورات مغرضة ووهمية مسبقة؛ إلى النفور والتباعد... وجميعها قد صعبت المعاملات والجوار، وفتحت الأبواب على مصراعيها للاعتداءات والمشاحنات التي أودت بحياة البشر وبمقدَّراتهم. لقد جعل التعصب الجو خانقًا وهشًا متوترًا وسريع الاشتعال... قسّم الناس وفرض العُزلة الاجتماعية، وصنف البشر، وتسبب في رفض الإنسان الآخر بحجج دينية تفشّت على نطاق واسع، وللأسف الظروف السيئة تنتج تشريعات سيئة، غير أن الظروف السيئة مرحلية ومؤقتة؛ أما التشريعات فهي مستمرة ودائمة... لكن إدارة الظهر للمواطنة ولتحقيق العدالة والتعايش يسيء إلى الدين نفسه ويؤخر الوطن كله؛ ويجعله مرتعًا للتعصب... لأن الحاضر يصنع المستقبل؛ وما عرف وطن مستقبلاً من دون المواطنين جميعًا؛ ومن دون وحدتهم في المساهمة لبناء هذا الوطن الذي يجمعهم على أرضه. علاج التعصب لا يكون مؤقتًا مثل مخدر أشبه ما يكون بحبة الأسبرين؛ لكنه إعادة صياغة تطال التعليم والإعلام والقوانين ودور العبادة والمؤسسات كلها.... هذا العلاج المخلص هو الذي يحفظ صيغ المواطنة حتى لا تنقلب طريقة التعايش رأسًا على عقب... وقد أوصى السيد المسيح كل مسيحي أن يحب الكل كقريبه؛ وصولاً إلى محبة الأعداء واللاعنين والمبغضين... وأي تعصب يأتي على المسيحي بسبب إيمانه فهو لأجل امتحانه... لذلك لا يستغربه إذن وكأن أمرًا غريبًا قد أصابه (۱ بط ۱۲:٤)... وكل من يُعيَّر بسبب اسم المسيح فالطوبى له وروح المجد والله يحل عليه... وداعة المسيحي تعني المسالمة ولا تعني الخنوع؛ كما أن شجاعته تعني مطالبته بحقه وإلتزامه بواجباته؛ لكنها لا تعني التطاول والتخريب... المسيحي الحقيقي على قدر طاقته يسالم جميع الناس؛ ويسلك بالسلام والمحبة والعطاء بأمانة كما سلك السيد المسيح وأوصى "على الأرض السلام" (لو ۱٤:۲). عكس التعصب (الغيريَّة) التي هي قبول الآخر؛ وهي ثمرة تلاقح الأفكار والمعاملات؛ وهي أيضًا ثمرة جدلية التعددية بين كل البشر الذين خلقهم الله على صورته ومثاله من كل لون وعِرق ودين وقومية... فالغيرية عكس الميكافيلية التي فيها الغاية تبرر الوسيلة... لأن الإله الحق لا يُعبد بالقهر؛ وهو لا يحتاج أن ينصره البشر؛ بل هو الذي ينصرهم ويعينهم... إنه إله الرحمة والعدل الذي لا يرضى بالظلم والقهر وكل صور الإكراه والترهيب... وعلى أساس كلمة الله تأسست الحقوق الإنسانية بدساتيرها وأدبياتها؛ وصارت سبب تقدم الأمم وأثمرت إبداعات إنسانية وتطورات الحضارات؛ والتي نتمنى لبلادنا أن تكون من بينها؛ بل وفي مقدمتها. إن كل المتعصبين على سطح الكرة الأرضية هم ليسوا أصحاب تكوين معرفي متوازن؛ وهم لم يتعرفوا بعد على حقيقة طبيعة الله وكلمته ووصاياه؛ إذ لا يمكن أن يرضى الله بالتعصب المقيت الذي يتسبب في هدر دماء الذين جبلهم؛ ولا يمكن أن يرضى بالحرق والسلب أو بقمع الذين خلقهم ليكونوا أحرارًا... وهو لا يرضى بالعصبيات التي تعصف بجمال خلقته مهما كانت دوافعها ومسمياتها. حوادث كثيرة تأتي في سلسلة بداياتها شرارة معروفة؛ لكن نهاياتها متحولة مجهولة بسبب التعصب ضد الآخر؛ إلى حد اشتهاء إلغائه وإبادته وحرقه، بعد نزع ملكيته وإنسانيته؛ فمن كثرة الاعتياد صار التعصب إدمانًا عند البعض، وتأسيسًا على ذلك كله يمكن القول بأن هذه الأحداث المتكررة هي في سياق واحد تعبر عن غياب التسامح والصدق والمواطنة والتنوير... من له أذنان للسمع فليسمع!!! القمص أثناسيوس چورچ كاهن كنيسة مارمينا – فلمنج - الاسكندرية
المزيد
01 فبراير 2019

” وَتَلَذَّذْ بِالرَّبِّ فَيُعْطِيَكَ سُؤْلَ قَلْبِكَ.”

مزمور 37 كتبه داود النبي يتكون من 40 آيه يحكي حياة الأنسان … الأنسان المستقيم والأنسان الشرير. أحب ان تأخذوا هذا المزمور للتأمل طوال فترة الصوم هو مزمور للحياة فيه خبرات تستطيع ان تقيس عليه نفسك ويحتاج أن تقرأه بعناية وتمهل كل يوم لكيما تدخل إلى أعماقه.يصلح كتدريب خلال فترة الصوم. لاَ تَغَرْ مِنَ الأَشْرَارِ، وَلاَ تَحْسِدْ عُمَّالَ الإِثْمِ،فَإِنَّهُمْ مِثْلَ الْحَشِيشِ سَرِيعًا يُقْطَعُونَ، وَمِثْلَ الْعُشْبِ الأَخْضَرِ يَذْبُلُونَ. اتَّكِلْ عَلَى الرَّبِّ وَافْعَلِ الْخَيْرَ. اسْكُنِ الأَرْضَ وَارْعَ الأَمَانَةَ.وَتَلَذَّذْ بِالرَّبِّ فَيُعْطِيَكَ سُؤْلَ قَلْبِكَ. سَلِّمْ لِلرَّبِّ طَرِيقَكَ وَاتَّكِلْ عَلَيْهِ وَهُوَ يُجْرِي، وَيُخْرِجُ مِثْلَ النُّورِ بِرَّكَ، وَحَقَّكَ مِثْلَ الظَّهِيرَةِ.انْتَظِرِ الرَّبَّ وَاصْبِرْ لَهُ، وَلاَ تَغَرْ مِنَ الَّذِي يَنْجَحُ فِي طَرِيقِهِ، مِنَ الرَّجُلِ الْمُجْرِي مَكَايِدَ. كُفَّ عَنِ الْغَضَبِ، وَاتْرُكِ السَّخَطَ، وَلاَ تَغَرْ لِفِعْلِ الشَّرِّ، لأَنَّ عَامِلِي الشَّرِّ يُقْطَعُونَ، وَالَّذِينَ يَنْتَظِرُونَ الرَّبَّ هُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ. بَعْدَ قَلِيلٍلاَ يَكُونُ الشِّرِّيرُ. تَطَّلِعُ فِي مَكَانِهِ فَلاَ يَكُونُ. أَمَّا الْوُدَعَاءُ فَيَرِثُونَ الأَرْضَ، وَيَتَلَذَّذُونَ فِي كَثْرَةِ السَّلاَمَةِ.الشِّرِّيرُ يَتَفَكَّرُ ضِدَّ الصِّدِّيقِ وَيُحَرِّقُ عَلَيْهِ أَسْنَانَهُ. الرَّبُّ يَضْحَكُ بِهِ لأَنَّهُ رَأَى أَنَّ يَوْمَهُ آتٍ! الأَشْرَارُ قَدْ سَلُّوا السَّيْفَ وَمَدُّوا قَوْسَهُمْ لِرَمْيِ الْمِسْكِينِ وَالْفَقِيرِ، لِقَتْلِ الْمُسْتَقِيمِ طَرِيقُهُمْ. سَيْفُهُمْ يَدْخُلُ فِي قَلْبِهِمْ، وَقِسِيُّهُمْ تَنْكَسِرُ. اَلْقَلِيلُ الَّذِي لِلصِّدِّيقِ خَيْرٌ مِنْ ثَرْوَةِ أَشْرَارٍ كَثِيرِينَ. لأَنَّ سَوَاعِدَ الأَشْرَارِ تَنْكَسِرُ، وَعَاضِدُ الصِّدِّيقِينَ الرَّبُّ. الرَّبُّ عَارِفٌ أَيَّامَ الْكَمَلَةِ، وَمِيرَاثُهُمْ إِلَى الأَبَدِ يَكُونُ. لاَ يُخْزَوْنَ فِي زَمَنِ السُّوءِ، وَفِي أَيَّامِ الْجُوعِ يَشْبَعُونَ.لأَنَّ الأَشْرَارَ يَهْلِكُونَ، وَأَعْدَاءُ الرَّبِّ كَبَهَاءِ الْمَرَاعِي. فَنُوا. كَالدُّخَانِ فَنُوا.الشِّرِّيرُ يَسْتَقْرِضُ وَلاَ يَفِي، أَمَّا الصِّدِّيقُ فَيَتَرَأَّفُ وَيُعْطِي. لأَنَّ الْمُبَارَكِينَ مِنْهُ يَرِثُونَ الأَرْضَ، وَالْمَلْعُونِينَ مِنْهُ يُقْطَعُونَ.مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ تَثَبَّتُ خَطَوَاتُ الإِنْسَانِ وَفِي طَرِيقِهِ يُسَرُّ. إِذَا سَقَطَ لاَ يَنْطَرِحُ، لأَنَّ الرَّبَّ مُسْنِدٌ يَدَهُ. أَيْضًا كُنْتُ فَتىً وَقَدْ شِخْتُ، وَلَمْ أَرَ صِدِّيقًا تُخُلِّيَ عَنْهُ، وَلاَ ذُرِّيَّةً لَهُ تَلْتَمِسُ خُبْزًا. الْيَوْمَ كُلَّهُ يَتَرَأَّفُ وَيُقْرِضُ، وَنَسْلُهُ لِلْبَرَكَةِ. تأمل في مزمور 37 : 4 ” وَتَلَذَّذْ بِالرَّبِّ فَيُعْطِيَكَ سُؤْلَ قَلْبِكَ.:” وكلمة رقيقة تتكلم عن الأنسان وحضور إرادته ليتلذذ بالرب. هناك إنسان يأكل الطعام طعام لكن لا يتلذذ به وهنا المرتل داود النبي يقول لنا هذا الأختبار الروحي بالتلذذ بالرب وهي كلمة جامعة لكثير من المعاني أي أفرح عش تذوق. الأنسان البعيدعن الله يجد لذته في أمور كثيرة ففي مثل الزارع يقول عن البذار التي وقعت في أرض ملآنه شوك وحال نمت أختنقت من هموم الحياة ولذاتها. فمن الممكن أن يجد أحد لذته في ماله وأقرب مثل الغني الغبي الذي قدمه لنا السيد المسيح حين قال الغني أهدم مخازني وأبني أعظم ولم يكن يعلم ان في هذه الليلة تؤخد حياته منه …وجد لذاته في هذا وأنتهى الى التراب. وهناك من يجد لذته في القتال والعنف والحرب وهذا إنحراف نفسي ومرض وهناك من يجد لذته في مضايقة الآخرين وهناك من يجد لذته في أن يبعدعن الله وسفر أيوب نجد “يقولون لله أبعد عنا وبمعرفتك لا نسر” وهؤلاء أصبحوا بالملايين في العالم تحت مسميات كثيرة مثال الزواج المثلي والألحاد وعبادة الشيطان … في بعده عن الله أوجد لنفسه آله آخرى. بعض الناس تجد لذتها في الانحراف الأخلاقي كالخلاعة بصفة عامة ومن يسقط في هذه الهوة لا يشعر براحة أو سكينة في قلبه حتى لو كان هناك لذة في وقتها لكن بعدها يشعر بفراغ كبير وكأنه تائه وهذا يؤدي به الى لذات آخرى فمثلا لذة إدمان المخدرات بكل أشكالها فالنفس الشعبانة تدوس العسل وللنفس الجائعة كل مر حلو. كل من يجد لذته بعيدا عن الله لا تدوم لذته إلا لوقت قليل. لنتذكر سليمان الحكيم الذي كان له كل شئ كل ما نتخيله لديه حتى وقف يوما وقدم لنا هذا الأختبار الرائع “مهما أشتهته عيناي لم أمسكه عنها، لم أمنع قلبي عن كل فرح ثم إلتفت أنا إلى كل أعمالي إذ الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس” هذه إختبارات حقيقية سجلت في الكتاب المقدس لنستفيد بها أما إنسان الله يتلذذ به وما أبهجه فمن يعيش مع الله كل ما في يده يستمتع به مهما كان قليل بسيط لكن يشعر أن بركة الرب هي تغني والقديس بولس الرسول عاش نصف حياته بعيدا عن الله يضطهد كنيسة الله بإفراط لكن عندما أكتشف موضه اللذة الحقيقية والأصيل في شخص الله قال ” مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضِيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟…. فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.” (رو 😎 وفي رسالة فيلبي يقول ” أَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ” ألهذا المقدار لذتك في الوجود والحضور لدى الله على الدوام؟! حتى قال ” بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ،” قد وزن كل الأشياء في كقة والمسيح في كفة فوجد كفة المسيح هي الرابحة فكل هذا ليس له قيمة أمام عيناي. الأنسان يتلذذ مع الله في كل الأحوال وليس وقت الفرج حتي في التجارب فيعقوب الرسول يقول ” احسبوه كل فرح يا أخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة ” يتلذذ مع الله في وقت الخسارة ووقت المكسب في غنى أو فقر . ولذا نسأل أنفسنا هل لدي هذا الشعور؟ أم وقتي ؟ أم في الكنيسة وسط العبادة ؟ الشعور الروحي هذا حاضر وموجود أشخاص كثيرة وجدوا لذتهم لدى الله كمريم أخت مرثا أخوات لعازر فمريم عند أرجل السيد المسيح تتلذذ بالرب شبعانه وفرحانه بيه أما مرثا وعملها مهم المسيح قال لها إنتي تهتمين وتضطربين من أجل أمور كثيرة ولكن الحاجة إلى واحد. كثيرا ما نهتم بأمور كثيرة فنتشتت ولكن الحادة إلى واحد. الإنسان يمارس مسئوليته وعمله ويكون نافع لآخرين لكن شعورك الداخلي تجد لذتك في يد الله الذي تعطي وليس في العطية. كيف لنا أن نتلذذ ؟ :أضع أمامك بعض الوسائط الروحية في بداية الصوم لأن الصوم يساعدك على ذلك وأيضا في نهاية العام وتعلمنا كنيستنا ان ننهي السنة في صوم ونستقبل السنة الجديدة أيضا بصوم وخلاله شهر كيهك المليان بالتسبيح وفرصة أن حرارتنا الروحيىة ترتفع 1 – الصلاة والتسبيح : هي الفترة والوقت الذي تأخذه في حياتك وتحوله لحساب الله0 فالمسيح علمنا أن نصلي كل حين فإعمالنا ومسئوليتنا صلاة أمام الله وأيضا الوقت الخاص الذي تمنحه لنفسك أمام الله . العالم يشغلنا جدا بامور كثيرة لكن الوقت الخاص للصلاة وقت المقابلة الشخصية بينك وبين المسيح. الصلاة هي شكل من اشكال اللذه فداد النبي يقول ” يَا اَللهُ، إِلهِي أَنْتَ. إِلَيْكَ أُبَكِّرُ. عَطِشَتْ إِلَيْكَ نَفْسِي، يَشْتَاقُ إِلَيْكَ جَسَدِي فِي أَرْضٍ نَاشِفَةٍ وَيَابِسَةٍ بِلاَ مَاءٍ،” هذا العطش يتحول إلى لذة الوجود مع الله. ولهذا كنيستنا بها صلوات الأجبية إي ساعة وندعيها صلوات السواعي حتي يكون اليوم كله به حياة المسيح مع حياة الأنسان فيصير اليوم كله شهوة تلذذ بحضور الله فيه. الأجبية وسيلة للتلذذ بالحضور أمام الله0 القديس إسحق السرياني يقول من عملات التلذذ : “أحيانا تصير الجمل حلوة ي فم الأنسان أثناء الصلاة ولذلك يأخد الأنسان في ترديد الجملة الواحدة مرات عديدة جدا ولا تسمح للإنسان أن ينتقل منها لأنه لا يشبع إطلاقا” ومن هنا كانت الصلاة السهمية ويكرر الأنسان العبارة لأنها حلوة في فمه ومشاعرها. وكما أن كل شئ يحتاج وقتا لينمو الإنسان ليصل إلى حالة التلذذ بالله يحتاج وقتا. والقديس مار إسحق يقول عن الإنبا إنطونيوس ” كان يصلي طوال الليل حتى إذا بدأت الشمس في الظهور يقول لها لماذا تعويقيني؟ أتشرقين لكيما تأخذيني من اشواق النور الحقيقي ” . في شهر كيهك من الشهور المحبوبة لها طابع شعبي جميل وفرصة وانت تحضر التسبحة أن تركز وتصطاد عبرات تجعلك في حالة تلذذ مع الله. 2 – الجلوس مع الله والإستماع إليه كما نستمع لمرشدينا ومن يعلمنا أي تجلس وتستمع إلى كلمة الله في الأنجيل المقدس فآرميا النبي يقول ” وُجِدَ كَلاَمُكَ فَأَكَلْتُهُ، فَكَانَ كَلاَمُكَ لِي لِلْفَرَحِ وَلِبَهْجَةِ قَلْبِي، لأَنِّي دُعِيتُ بِاسْمِكَ يَا رَبُّ إِلهَ الْجُنُودِ ” وداود النبي يقول ” شريعتك هي لذتي” تأملوا في عبارة تلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك أي مالم تنطقه بعد. الله يشعر بما في قلبك قبل أن يخرج بكلمات مسموعة. وأهم ما في سؤل القلب السلام الداخلي ما حولنا يجعلنا نعبش في عاصفة من الضوضاء. عمل مهم أن تأخد وقتا تخصصه لقراءة الأنجيل بنفس صافية. وأرجو أن تكون فترة الصوم والأستعداد لسنة جديدة إلا تترك حياتك تسير على نفس الوتيرة فبعض الفلاسفة يقولون “لا يصح أن نقول أن الوقت يمضي لكن الأصح أن نقول أننا نمضي “. الكتاب المقدس هو أنفاس الله وعندما تجلس مع الكتاب المقدس تجلس مع المؤلف ذاته كتدريب عام لنقرأ هذا المزمور كل يوم لنستفيد به 3- الأسرار وبالأخص سر الأفخارستيا : فرحت بالقائلين لي إلى بيت الرب نذهب. واحده سألت من الرب وأياها ألتمس ان أسكن في بيت الرب كل أيام حياتي القداس عيش في كل كلمة مشاركا فيه كليا. الأنسان عندما يتمتع بصلوات القداس وتفهم المعنى الداخلي لكل كلمة. في القداس نصير في طريق القداسة وهو وسيلة الثبات في المسيح لناخذ هذا المزمور تدريب يومي ومنه يكون إعترافك آخر السنة وتقول أغسلني فأبيض أكثر من الثلج. هذا المزمور يحتاج الكثير من التأملات إن شاء الرب وعشنا نقضي الأسابيع القادمة في هذا الصوم في هذا التأمل لألهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
31 يناير 2019

الشهداء المعاصرون والسنكسار

حافظت كنيستنا على سيرة شهدائنا بوضع سيرتهم في السنكسار لتكريمهم كتيجان مجد وقلائد بطولة لجهاد ُمظَفَّر، وكدَرْب مُوصِّل للمدينة التي لها الأساسات في الوطن السماوي الأفضل. ويُعتبر السنكسار دليلاً وكتالوجًا لمعالم رحلة تسير نحو الله والملكوت السماوي.. وهو يحتوي على خريطة تحفظ جهادهم وانتصارهم حتى غلبتهم وعبورهم. وإنْ كُنَّا بعد مذبحة عيد الميلاد في غاية الأسَى والكَمَد بسبب القتل والإبادة المتواصلة وذلك الاستشهاد الجماعي, إلا أن الله يُنهضنا للتذكرة ويُنير أمامنا طريق الحياة والخلود, ويجعل الرجاء يُشرق فينا كمصباح منير في موضع مظلم, كي لا نقف عند البكاء والحزن بل لنجتاز ونفهم أن الآتي سيأتي ولن يبطئ, وهو وشيك أن يختم هذا الزمان ويُنهي مصارعة قوات الحجيم والظلمة. لقد عاصرنا في هذه السنين القليلة استشهاد شهداء كثيرين في التوفيقية وكفر دميان والقوصية والكشح والفكرية والعياط وسمالوط وديروط والأسكندرية والزيتون ونجع حمادي، وسالت دماء غزيرة وعزيزة خَضَّبت كل أرجاء مصر لشهداء أبرار وبررة, لُكِموا وسُلِبوا وأُهْدِروا ونُهِبوا وقُتِلوا وعُذِّبوا, لا لسبب إلا لكونهم مسيحيين. تعمدوا بدمائهم واصطبغوا بها لأجل الشهادة التي كانت عندهم, ثم ذهبوا إلى البيت الأبدي الغير مصنوع بيد. وورثوا ملكوتًا وعرشًا وقُدْسًا وعُرْسًا لا يَفْنىَ ولا يضمحل, فما أتْفَهُ الزمن عندما تقيس به أعمال الروح وما أعظم أيقونات هؤلاء الشهداء اللابسين الثياب البيض اللامعة وفي أيديهم الشبع والسرور وكل مشتهيات الاتقياء, بعد أن ذُبِحُوا بلا ذنب اقترفوه سِوىَ أنهم لا يدينون بما يدين به غيرهم. أليس من يُسْفَك دمُه من أجل الاعتراف العلني يستحق التقنين الكنسي كشهيد وكمعترف, فالتاريخ الكنسي يذكر أنه حتى الموعوظون قبل معموديتهم يُحْسَب لهم استشهادهم ما داموا قد نالوا (الصبغة) معمودية الدم فكم بالحري هؤلاء الشهداء المؤمنون المعمدون المستنيرون. إنني أذكر أن القمص غبريال عبد المتجلي تم تهشيم رأسه بالبلطة لرفضه النطق بالشهادتين, وعند استلام رفاته من المشرحة لم تكن له جمجة, وهناك شهداء آخرون قُطِعتْ ألسنتهم وطُعنوا في صدورهم لأنهم أصَرّوا على نفس الرفض. لقد قال قداسة البابا شنودة الثالث عن شهداء نجع حمادي (إنهم شهداء بالحقيقة وأن دمهم يصرخ عند الله وأن الله اتخذ موقفًا لدمائهم البريئة) وها عشرات الآلاف التي خرجت لتشهد لمذبحتهم ولأجل تكريمهم في كاليفورنيا وسياتل ونيويورك وملبورن وسيدني وإنجلترا وفرنسا وألمانيا واليونان وهولندا وقبرص والنمسا وفي كل مدن العالم، وكذلك وقفة الشموع المضيئة التي وقفتها الآلاف أمام المقر البابوي, إنما تساهم جميعها في الإجماع الشعبي بل والعالمي لتقنين هؤلاء الشهداء في سنكسار الكنيسة المقدسة خاصة بعد هذا الإجماع الموضِّح لليقين الخاص من قِبَل هذه الجموع حول استشهادهم. فعلى المتخصصين في الأدب الاستشهادي وفي أعمال التاريخ أن يحفظوا هذه السير في وديعة خزانة الكنيسة وذاكرتها, لأن شهادة دمهم حفرت على جَبين الكنيسة المعاصرة لَحْنًا حزينًا مجيدًا صادقًا, وصار جزءًا حيًا من تراث وواقع زماننا, وستبقى سيرتهم مُخَلَّدة كما خُلِّدت أرواحهم, إذ بعد أن عاشوا الاستشهاد البطيء (الطويل الأمد) مع بني جنسهم بلغوا حتى سفك الدم بالرصاص وتمزقت أجسادهم فَمَوْهُوم كل من يظن أن أعمال النعمة في أزمنة الاستشهاد هي من أعمال الماضي فقط, لأن الله سيظل يتمم ما وعد به, وهو حي ووعده حق, وهو أمس واليوم وإلى الأبد. وكما كتب الأولون من أمثال القديسين يوليوس الأقفهصي ويوحنا البرلسي وبطرس الجميل لسير الشهداء ينبغي أن تُدَوَّن سير هؤلاء المعاصرين ليستمر ذكرهم حتى تكتمل دورات التاريخ, فيُسَجَّل أنه في سنة 1727 ش وفي عصر الخليفة محمد بن حسني والي مصر قد أطلَقَ يد الغوغاء والسفهاء والرعاع لحرق وسلب ونهب وقتل الأقباط وتصفيتهم بالبطيء.... وقد سجل الأقباط وبطريركهم مَلْحَمَةً من الصمود والثبات والتمسك بالوصايا الإلهية منقطع النظير. إن الظهورات الروحية السابقة لهذه المذبحة كانت تعزية وثباتًا ورسالة تقوية لما هو آتٍ, ولما هو عتيد أن يكون, حتى لا نرتاع إذ ليس المنتهى بعد, وحتى لا تُسرق أكاليلنا, بعد أن صار ذبحنا على الهوية أي بالأسماء التي نحملها, حقًا إننا نواجه قوات ظلامية, لكن ها هي غلبتنا وذبيحة إيماننا. القمص أثناسيوس فهمي جورج كاهن كنيسة مارمينا – فلمنج - الاسكندرية
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل