المقالات
20 أبريل 2023
شخصيات الكتاب المقدس يوحنا الرسول
يوحنا الإنجيلى اللاهوتي الحبيب
هو ان زبدي الصيّاد وصالومة وأخو يعقوب الرسول. هما من بيت صيدا. دعاه الرب يسوع وأخاه يعقوب "ابن الرعد". بعد رقاد العذراء ذهب للتبشير في آسيا الصغرى وعاش في أفسس. عذّبه الإمبراطور دوميتيانوس فلم يتأثّر، فخاف الإمبراطور ونفاه إلى جزيرة بطمس. رقد في الرب بعمر متقدم. تُعزى إليه عدة أسفار من العهد الجديد وهي إنجيل يوحنا، رسائل يوحنا الثلاث ورؤيا يوحنا.
نشأته:
كلمة يوحنا معناه يهوه حنان أو الله يتحنن والقديس يوحنا اخو القديس يعقوب بن زبدي وسالومه امه كانت سيده فاضله تقيه تتبع السيد المسيح علي الدوام (لو 8: 3).كان ابوه من الاغنياء والاثرياء وكان معروفا لدي رئيس الكهنة (يو 18: 16) وكان قد أتخذ مهنه الصيد (صيد السمك) حرفه وكان هو واخوه وشريكه سمعان في الصيد (لو 5).قد اطلق عليه واخوه يعقوب بونرجس أي ابن الرعد (مر 3: 7) وذلك لشده غيرتهما، ولقب القديس يوحنا الحبيب برسول الحب.
كرازته (دعوته للكرازة)
انفراد مع السيد المسيح في كثير من المواقف مثل التجلي (مت 17) واقامه ابنه يايرس (مر5).وفي بستان جثسيماني (مت 26) وهو الذي امره الرب يسوع هو وبطرس ان يعد الفصح له وتلاميذه (يو 22). وهو الذي تسلم من الرب يسوع السيده العذراء والدة الرب هذه هي أمك.وهو الذي اشترك مع القديس بطرس في اقامة الاعرج الذي كان عند باب الهيكل الملقب باب الجميل.
بشر في اسيا الصغري ولا سيما فهى افسس وعذب فى أيام دومتيانوس ونفى الى جزيرة بطمس.
نياحته
قد تنيح بسلام حوالى سنة 100م فى عهد تراجان قيصر ويذكر لنا المؤرخ يوسابيوس القيصرى فى كتابه " تاريخ الكنيسة ".
نشأته
شقيق يعقوب بن زبدي المعروف بيعقوب الكبير. كان أبوه يحترف مهنة الصيد، ويبدو أنه كان في سعةٍ من العيش، لأنه كان له أُجَراء (مر 1: 20)، وكانت أمه سالومي بين النساء اللاتي كُنَّ يخدمن الرب يسوع من أموالهن (مت 27: 55-56؛ مر 10: 40-41). ويغلب على الظن أن أسرة يوحنا كانت تقيم في بيت صيدا القريبة من بحر الجليل.
أحد التلاميذ الأخصاء
يبدو أنه قد تتلمذ بعض الوقت للقديس يوحنا المعمدان وكان يتردد عليه (يو 1: 35-41). دعاه السيد المسيح للتلمذة مع أخيه يعقوب فتبعه، وبناءً على رواية القديس جيروم فإن يوحنا في ذلك الوقت كان في الخامسة والعشرين من عمره. وهو التلميذ الذي كان يسوع يحبه (يو 19: 36)، اتكأ على صدره في العشاء الأخير. وهو التلميذ والرسول واللاهوتي والرائي، جمع في شخصه بين حب البتولية والعظمة الحقيقية، والبساطة القلبية مع المحبة الفائقة العجيبة.كان يوحنا واحدًا من التلاميذ المقربين إلى الرب يسوع مع يعقوب أخيه وبطرس، الذين صحبوا السيد المسيح في معجزة إقامة ابنة يايروس من الموت (مر5: 37)، وفي حادث التجلي (مت 17: 1)، وفي جثسيماني ليلة آلامه (مت 26: 37)، وبَكَّر مع بطرس وذهب إلى قبر المخلص فجر أحد القيامة (يو 20: 2-5)، وكان حماسه وحبه ظاهرين، حتى أنه سبق بطرس ووصل أولاً إلى القبر. وهو الوحيد بين التلاميذ الذي استطاع أن يتعرف على الرب يسوع حينما أظهر ذاته على بحر طبرية عقب قيامته المجيدة، وقال لبطرس: "هو الرب" (يو 21: 7). ويذكر القديس أغسطينوس أن عفة يوحنا وبتوليته دون بقية التلاميذ كانت هي سرّ محبة المسيح له.وكان هو، مع أندراوس، أول من تبعه في بشارته (يو 1: 40)، وآخِر من تركه عشية آلامه من بعد موته. انفرد من بين التلاميذ في سيْره بدون خوف وراء المُخَلِّص في الوقت العصيب الذي تركه الجميع وانفضوا من حوله.وكان واسطة لإدخال بطرس حيث كان الرب يسوع يُحَاكَم، نظرًا لأنه كان معروفًا عند رئيس الكهنة (يو 15: 16-18). رافق الرب إلى الصليب، فسلَّمه أمه العذراء مريم، ومن تلك الساعة عاشت معه (يو 19: 25-28).انفرد بين الإنجيليين بتسجيل حديث الرب يسوع الرائع عن الإفخارستيا (يو 6)، ولقائه مع السامرية (يو4)، وموقفه من المرأة الزانية التي أُمسِكَت في ذات الفعل (يو8)، وشفاء المولود أعمى (يو9)، وإقامة لعازر من الموت (يو11)، وصلاة الرب يسوع الوداعية (يو17). وكان يوحنا أحد الأربعة الذين سمعوا نبوة المُخلِّص عن خراب أورشليم والهيكل وانقضاء العالم (مر 13: 3)، وأحد الاثنين اللذين أعدا له الفصح الأخير.
خدمته الكرازية
كان للقديس يوحنا وضع بارز في الكنيسة الأولى. نقرأ عنه في الإصحاحات الأولى من سفر الأعمال، ونراه جنبًا إلى جنب مع بطرس أكبر الرسل سنًا. نراهما متلازمين في معجزة شفاء المقعد عند باب الهيكل (أع3)، وأمام محكمة اليهود العليا (السنهدرين) يشهدان للمسيح (أع4)، وفي السامرة يضعان أياديهما على أهلها ليقبلوا الروح القدس (أع8).يبدو أن خدمته الكرازية في الفترة الأولى من تأسيس الكنيسة كانت في أورشليم والمناطق القريبة منها، فالتقاليد القديمة كلها تجمع على بقائه في أورشليم حتى نياحة العذراء مريم التي تسلمها من الرب كأمٍ له ليرعاها. ومهما يكن من أمر، فإن يوحنا الرسول، بعد نياحة العذراء مريم، انطلق إلى آسيا الصغرى ومدنها الشهيرة، وجعل إقامته في مدينة أفسس العظيمة مكملاً عمل بولس الرسول الكرازي في آسيا الصغرى (أع 18: 24-28، 19: 1-12).أخذ يشرف من تلك العاصمة القديمة الشهيرة على بلاد آسيا الصغرى ومدنها المعروفة وقتذاك من أمثال ساردس وفيلادلفيا واللاذقية وأزمير وبرغامس وثياتيرا وغيرها، وهي البلاد التي وردت إشارات عنها في سفر الرؤيا.
نفيه إلى جزيرة بطمس
بسبب نشاطه الكرازي قُبِض عليه في حكم الإمبراطور دومتيان (81-96م) وأُرسل مقيدًا إلى روما، وهناك أُلقي في خلقين (مرجل) زيت مغلي، فلم يؤثر عليه بل خرج منه أكثر نضرة، مما أثار ثائرة الإمبراطور فأمر بنفيه إلى جزيرة بطمس، وهي إحدى جزر بحر إيجه وتقع إلى الجنوب الغربي من مدينة أفسس وتعرف الآن باسم باتوما Patoma أو بالموسا Palmosa، ومازال بالجزيرة بعض معالم أثرية عن سكنى القديس يوحنا بها. وقد مكث بالجزيرة حوالي سنة ونصف كتب أثناءها رؤياه حوالي سنة 95م. ثم أُفرِج عنه في زمن الإمبراطور نرفا (96-98م) الذي خلف دومتيان، فقد أصدر مجلس الشيوخ الروماني قرارًا بعودة جميع المنفيين إلى أوطانهم. وبالإفراج عنه عاد إلى أفسس ليمارس نشاطه التبشيري.
رسول الحب
من الألقاب اللاصقة بيوحنا لقب "الحبيب"، فقد ذكر نفسه أنه "التلميذ الذي يحبه يسوع"، وقد ظل يوحنا رسول المحبة في كرازته ووعظه ورسائله وإنجيله، وكتاباته كلها مفعمة بهذه الروح.روى عنه القديس جيروم هذه القصة أنه لما شاخ ولم يعد قادرًا على الوعظ، كان يُحمَل إلى الكنيسة ويقف بين المؤمنين مرددًا العبارة: "يا أولادي حبوا بعضكم بعضًا"، فلما سأم البعض تكرار هذه العبارة وتساءلوا لماذا يعيد هذه الكلمات ويكررها، كان جوابه لأنها هي وحدها كافية لخلاصنا لو أتممناها.
حبه الشديد لخلاص الخطاة
قاد إلى الإيمان شابًا، وسلَّمه إلى أسقف المكان كوديعة وأوصاه به كثيرًا. لكن ذلك الشاب ما لبث أن عاد إلى حياته الأولى قبل إيمانه، بل تمادى في طريق الشر حتى صار رئيسًا لعصابة قطاع طرق.عاد يوحنا بعد مدة إلى الأسقف وسأله عن الوديعة واستخبره عن ذلك الشاب. تنهد الأسقف وقال: "لقد مات!" ولما استفسر عن كيفية موته، روى له خبر ارتداده. حزن يوحنا حزنًا شديدًا واستحضر دابة ركبها رغم كبر سنه، وأخذ يجوب الجبل الذي قيل إن هذا الشاب كان يتخذه مسرحًا لسرقاته. أمسكه اللصوص وقادوه إلى زعيمهم الذي لم يكن سوى ذلك الشاب!تعرَّف عليه الشاب وللحال فرَّ من أمامه، وأسرع يوحنا خلفه وهو يناشده الوقوف رحمة بشيخوخته، فوقف الشاب وجاء وسجد بين يديه، فأقامه ووعظه فتاب عن إثمه ورجع إلى الله.
حرصه على استقامة الإيمان
كان يمقت الهرطقة جدًا، ويظهر هذا الأمر واضحًا في كتاباته المليئة بالتحذير من الهراطقة. ذُكِر عنه أنه دخل يومًا حمامًا فلما وجد فيه كيرنثوس الهرطوقي الغنوسي الذي أنكر تجسد الرب، صاح في المؤمنين: "لا تدخلوا حيث عدو المسيح لئلا يهبط عليكم الحمام!" قال ذلك وخرج يعدو أمامهم فخرجوا وراءه مذعورين! وقد روى هذه القصة إيريناوس على أنه سمعها من بوليكاربوس تلميذ يوحنا الرسول نفسه.
يشير بولس الرسول إلى وضع يوحنا المتميز في الكنيسة الأولى، فيذكره على أنه أحد أعمدة الكنيسة وأنه من رسل الختان (غل2: 9).
يذكر بوليكاربوس Polycarp أسقف أفسس أواخر القرن الثاني أن يوحنا كان يضع على جبهته صفيحة من الذهب كالتي كان يحملها رئيس أحبار اليهود، ليدل بذلك على أن الكهنوت قد انتقل من الهيكل القديم إلى الكنيسة.بعد أن دوَّن لنا هذا الرسول إنجيلاً ورؤيا وثلاث رسائل تحمل اسمه، رقد في الرب في شيخوخة وقورة حوالي سنة 100م، ودفن في مدينة أفسس.
باقات عطرة من سير الأبرار والقديسين، صفحة 60.
نياحة القديس يوحنا الإنجيلى سنة 100 ميلادية (4 طوبة)
في مثل هذا اليوم من سنة 100 م تنيح القديس يوحنا البتول الإنجيلي الرسول وهو ابن زبدي ويقول ذهبي الفم انه تتلمذ أولا ليوحنا المعمدان وهو أخو القديس يعقوب الكبير الذي قتله هيرودس بالسيف وقد دعاه المخلص مع أخيه (بوانرجس) أي ابني الرعد، لشدة غيرتهما وعظيم إيمانهما. وهو التلميذ الذي كان يسوع يحبه. وقد خرجت قرعة هذا الرسول ان يمضي إلى بلاد أسيا. ولان سكان تلك الجهة كانوا غلاظ الرقاب فقد صلي إلى السيد المسيح ان يشمله بعنايته، وخرج قاصدا أفسس مستصحبا معه تلميذه بروخورس واتخذ لسفره سفينة وحدث في الطريق ان السفينة انكسرت وتعلق كل واحد من الركاب بأحد ألواحها وقذفت الأمواج بروخورس إلى إحدى الجزر. أما القديس يوحنا فلبث في البحر عدة ايام تتقاذفه الأمواج حتى طرحته بعناية الرب وتدبيره إلى الجزيرة التي بها تلميذه. فلما التقيا شكرا الله كثيرا علي عنايته بهما. ومن هناك مضي القديس يوحنا إلى مدينة أفسس ونادي فيها بكلمة الخلاص. فلم يتقبل أهلها بشارته في أول الأمر إلى ان حدث ذات يوم ان سقط ابن وحيد لامه في مستوقد حمام كانت تديره فأسرعوا لإخراجه ولكنه كان قد مات. فعلا العويل من والدته وعندئذ تقدم الرسول من الصبي وصلي إلى الله بحرارة ثم رشمه بعلامة الصليب ونفخ في وجهه فعادت إليه الحياة في الحال. فابتهجت أمه وقبلت قدمي الرسول ودموع الفرح تفيض من عينيها. ومنذ تلك اللحظة اخذ أهل المدينة يتقاطرون إليه ليسمعوا تعليمه. وآمن منهم عدد كبير فعمدهم. وأثار هذا الأمر حقد كهنة الأوثان فحاولوا الفتك به مرارا كثيرة ولم يتمكنوا لان الرب حافظ لأصفيائه وأخيرا بعد جهاد شديد ومشقة عظيمة ردهم إلى معرفة الله ورسم لهم أساقفة وكهنة، ومن هناك ذهب إلى نواحي آسيا ورد كثيرين من أهلها إلى الإيمان. وعاش هذا القديس تسعين سنة وكانوا يأتون به محمولا إلى مجتمعات المؤمنين ولكبر سنه كان يقتصر في تعليمه علي قول (يا أولادي احبوا بعضكم بعضا) وقد كتب الإنجيل الموسوم باسمه وسفر الرؤيا التي رآها في جزيرة بطمس المملوءة بالأسرار الإلهية وكتب الثلاث رسائل الموسومة باسمه ايضا. وهو الذي كان مع السيد المسيح عند التجلي والذي اتكأ علي صدر الرب وقت العشاء وقال له من الذي يسلمك.. وهو الذي كان واقفا عند الصليب مع العذراء مريم وقد قال لها السيد المسيح وهو علي الصليب: هو ذا ابنك وقال ليوحنا: هو ذا أمك. وهو الذي قال عنه بطرس يارب وهذا ما له فقال له يسوع ان كنت أشاء انه يبقي حتى أجئ ماذا لك.و لما شعر بقرب انتقاله من هذا العالم دعا إليه الشعب وناوله من جسد الرب ودمه الأقدسين، ثم وعظهم وأوصاهم ان يثبتوا علي الإيمان ثم خرج قليلا من مدينة أفسس وأمر تلميذه وآخرين معه فحفروا له حفرة هناك. فنزل ورفع يديه وصلي ثم ودعهم وأمرهم ان يعودوا إلى المدينة ويثبتوا الاخوة غلي الإيمان بالسيد المسيح قائلا لهم: إنني برئ الآن من دمكم، لأني لم اترك وصية من وصايا الرب إلا وقد أعلمتكم بها. والآن اعلموا أنكم لا ترون وجهي بعد. وان الله سيجازي كل واحد حسب أعماله. ولما قال هذا قبلوا يديه ورجليه ثم تركوه ومضوا. فلما علم الشعب بذلك خرجوا جميعهم إلى حيث القديس فوجدوه قد تنيح فبكوه بحزن عميق وكانوا يتحدثون بعجائبه ووداعته وانه وان لم يكن قد مات بالسيف كبقية الرسل إلا انه قد تساوي معهم في الأمجاد السماوية لبتوليته وقداسته.صلاته تكون معنا. ولربنا المجد دائما ابديا امين.
المزيد
19 أبريل 2023
تأملات فى القيامة
أول ما نلاحظه هو تواضع الرب ، الذي سمح بأن يكون صلبه و اهانته أمام الكل ، بينما جعل قيامته الممجدة في الخفاء ، سراً لم يره أحد ...! لم يقم في مجد أمام جميع الناس ، لكي يعوض الإهانات و التعييرات التي لحقت به في وقت الصلب .. و إنما قام سراً . و اختار للقيامة وقت الفجر ، حين كان جميع الناس نائمين ، حتي لا يراه أحد في مجد قيامته ... إنه كان بعيداً عن المظاهر المبهرة في قيامته ، كما كان أيضاً بعيداً عن المظاهر المبهرة في ميلاده ... ثم ظهر بعد ذلك لمريم المجدلية ولمريم الأخري ، و لبطرس و للنسوة ، و لتلميذي عمواس و للأحد عشر ، ثم لشاول الطرسوسي و لبعض الأخوة ... للأحباء ، للخاصة ... و لم يظهر للذين شمتوا به قبلاً ... و مع كل ذلك فإن هذه القيامة التي حدثت في الخفاء ، كانت تزعج اليهود إلي أبعد حد ، و قد حاولوا بكل طاقاتهم أن يمنعوها ، أو علي الأقل يمنعوا الناس من الإيمان بها و لما وجدوا أنهم فشلوا في منع القيامة بالجند و الحراس و الحجر و الأختام ، أرادوا أن يمنعوا وصولها إلي الناس بطريقة أخري : بالكذب ، و الرشوة ، و الاشاعات . و لما فشلت هذه الحيلة ، و لم يستطيعوا أن يمنعوا خبر القيامة بالكذب و الرشوة ، و انتشر خبر القيامة في الأرض كلها بكرازة التلاميذ ، لجأوا إلي طريقة أخري . فحاولوا منع الكرازة بالقيامة بواسطة القبض علي التلاميذ ، و جلدهم و سجنهم ، و تقديم شكاوي ضدهم للحكام .. و فشلت الطرق البشرية في منع الإيمان بالقيامة ... و صدق قول الكتاب " كل اَلة صورت ضدك لا تنجح " . فما سر هذه القيامة العظيمة ؟ سرها أنه لأول مرة في التاريخ و لآخر مرة ، قام شخص من الموت بذاته ن لم يقمه أحد ...! حادث أرعبهم ... لقد حقق السيد المسيح ما قاله عن نفسه ... إنه لا يستطيع أحد أن يأخذها منه " لي سلطان أن أضعها ، و لي سلطان أن اَخذها " ... لقد غلبهم الناصري الجبار ، الذي لم يقو الموت عليه ، الذي داس الموت ، و قام حينما شاء ، و حسبما شاء ، و حسبما أنبأ من قبل . و لم يستطع أحد أن يمنع قيامته ...
***
و لكن لماذا لم يظهر لهم المسيح بعد القيامة ؟ ألم يكن ذلك مناسباً لكي يقنعهم فيؤمنوا ؟! لم يظهر لهم ، لأنهم لم يكونوا مستحقين ... و لأنه حتي لو ظهر لهم ما كانوا سيؤمنون ... تذكرنا هذه النقطة بقول ابراهيم أبي الآباء للغني الذي عاصر لعازر المسكين " و لا لو قام واحد من الموتي يصدقون " ... ثم أن السيد المسيح قد فعل بينهم معجزات أخري كثيرة ،و لم يؤمنوا ... و عندما شفي المولود أعمي ، قالوا للمولود أعمي ، قالوا للمولود أعمي : ألا تعلم أن الذي شفاك رجل خاطئ ؟!!! و أثناء الصلب أظلمت الشمس ، و تشققت الصخور ، و حجاب الهيكل انشق ، و قام بعض الموتي ... و مع ذلك لم يؤمنوا ...!! لم يظهر لهم لأنهم غير مستحقين ، و لأنهم لن يؤمنوا ، فلماذا إذن لم يظهر لباقي الناس ... إن السيد المسيح ترك بذلك مجالاً للإيمان ، و الإيمان كما قال بولس الرسول " هو الثقة بما يرجي ، و الإيقان بأمور لا تري " ... لو كانت القيامة مرئية ، لا نضمت إلي دائرة العيان و ليس الإيمان هو " الإيقان بأمور لا تري " . يكفي أنه ظهر للقادة ، فاَمن الكل بواسطتهم ... و بالإضافة إلي عنصر الإيمان ، ليس الجميع يحتملون هذا الأمر ، لذلك عندما ظهر المسيح في قيامته ، حتي لخاصته ، لم يظهر في مجده ، لأنهم لا يحتملون ... مع تلميذي عمواس تدرج ، فلم يعرفاه أولاً ... و مع مريم المجدلية ، أخفي ذاته حتي ظنته البستاني ، ثم أعلن نفسه لها بعد أن تدرج معها قليلاً . و شاول الطرسوسي عندما ظهر له في شئ بسيط من مجده ، عميت عيناه من النور ، ثم شفاه بعد ذلك . و يوحنا الحبيب لما ظهر له في شئ من المجد ، وقع عند قدميه كميت ن فأقامه و قال له لا تخف ... حقاً من يحتمل رؤية المسيح في مجده ؟! أما في تواضعه ، فكفي ما أظهره من اخلاء ذاته ... سيظهر لهم فيما بعد في مجده ، في المجئ الثاني فيقولون للجبال غطينا ، و للتلال أسقطي علينا ... و تنوح عليه جميع قبائل الرض . بروح القيامة و قوتها ، بدأت المسيحية تاريخها المجيد ... إن عصر جديد من القوة ، سار فيه التلاميذ ... " و بقبوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع ، و نعمة عظيمة كانت علي جميعهم " ( أع 4 : 33 ) . كل ما فعلوه لمحاولة تحطيم المسيح ، حطمه هو بقيامته ... بل الشيطان نفسه حطمته هذه القيامة ... المسيح الذي غلب الموت ، و الذي قال " ثقوا أنا قد غلبت العالم " هو أيضاً يقدر علي كل شئ ، و يستطيع باستمرار أن يقودنا في موكب نصرته . و هذا الغالب القائم من بين الأموات يمكن أن يقود مجموعة من الغالبين ، يعطيهم من نعمته و من قوته . و هكذا استطاعت المسيحية العزلاء ، أن تقف أمام اليهودية و أمام الديانات القديمة الأخري ، و أمام الفلسفات الوثنية ، و أمام سطوة الرومان ، و أمام المؤامرات و المحاكمات والاضطهادات ، و ظلت صامدة ، تتقدم في قوة المسيح القائم من الأموات ، حتي صارت الدولة الرومانية كلها دولة مسيحية ، و اختفت الوثنية من العالم ، و صارت الأرض كلها للرب و لمسيحه . كذلك كانت قيامة الجسد رمزاً للقيامة من الخطية . و في هذا قال الرسول " و إذ كنتم أمواتاً بالذنوب و الخطايا ... أقامنا معه و أجلسنا معه في السماويات " ( أف 2 : 1 ، 6 ) . ليتنا نعيش جميعاً في قوة القيامة ، القيامة التي غيرت التلاميذ ، و التي جعلت القبر الفارغ رمزاً للانتصار الدائم ... القيامة التي كانت بدء القوة في حياة الكنيسة الأولي .
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
18 أبريل 2023
براهين القيامة
التحول الرسولي
"نحن لا يمكننا أن لا نتكلم بما رأينا وسمعنا" (أع ٤: ٢٠)
من أقوى براهين القيامة، ذلك التحول الفذ، الذي حدث في حياة الرسل، إنه حقا أمر عجيب! كيف أن الذين قبعوا خلف أبواب مغلقة، في خوف ورعب من اليهود، انطلقوا فجأة يعلنون بشرى الخلاص لكل الأمم. كيف تحولوا في لحظات من الحزن إلى الفرح، ومن الضعف إلى القوة، ومن الخوف إلى الشجاعة، ومن اليأس إلى الثقة؟! كيف استطاع هذا النفر من البسطاء أن يفتنوا المسكونة" بأسرها دون سند بشری، ودون حرب ضروس، ودون مادة أو علم؟!
إنه يقين القيامة، ورؤية الرب الظافر! فهم أمام معجزة المعجزات، يسوع قال لهم إنه سيقوم، ولكن هل حقا سيقوم؟! لقد انتظر الرسل في رعب شديد أخبار القبر الفارغ، والكفن المنظم. والملائكة، والزلزلة، والحجر المدحرج، والحراس المرتعبين من هول المفاجأة وقوة الأسد الظافر... وحالما تأكدوا من الأنباء وحل الرب في وسطهم بنفسه، ولمسوه، وأكل قدامهم وشرب، تفجرت فيهم طاقات مذهلة، فانطلقوا في قوة لم يحدث لها مثيل في تاريخ البشرية، يبشرون بالمصلوب القائم، وبالرب الذي أحبنا إلى المنتهى. انطلقوا في قوة هزأت بالموت، وبسيفه المسلط على رقابهم كل يوم، لأنهم وثقوا في القائم من الأموات ، القادر أن يقيمهم أيضا. انسكب في قلوبهم إيمان أبيهم إبراهيم، الذي على خلاف الرجاء، أمن على الرجاء، آمن به، الذي يحيي الموتى ويدعو الأشياء غير الموجودة كأنها موجودة (رو ٤: ١٧-١٨). نعم، انسكب فيهم نفس إيمان أبيهم، الذي أخذ إسحق إبنه من الموت مرتين: مرة من جسده الممات مع جسد سارة، ومرة أخرى من فوق المذبح، بعد أن افتداه بذبيحة أخرى. هكذا انطلق الرسل في يقين القيامة، يقدمون البشارة، ويستهينون بالموت، ويواجهون الحكام في قسوتهم والفلاسفة الوثنيين في مكرهم وينتصرون بالرب الظافر فيهم.وهكذا انتشرت المسيحية بسرعة في كل العالم المعروف آنذاك، وسرت فيه سريان النار في الهشيم، وتبدلت الوثنية الضاربة في أعماقه إلى مسيحية تنشر الحب والحق والنور.الحقيقة إذن ليست أن "المسيح قام" وحسب، بل أن "المسيح حي" إلى الأبد. فلقد ترك المسيح القبر فارغا لا ليصعد إلى السموات وينفصل عنا، بل ليسكن في أحشائنا ويحيي موتها. المسيح الآن حي، حاضر، وفعال. إنه رفيق الطريق، وزميل الموقف، وأنيس النفس ومخلصها. إنه يسير معنا في دروب الحياة، حتى في انحدارنا من أورشليم المرتفعة، مدينة الأحداث، إلى عمواس المنخفضة، مدينة الاهتمامات العالمية. يسوع يأتي إلينا، ويرافقنا في الطريق، وإذ يرانا في عبوسة وشك، يفتح أذهاننا لنفهم الكتب، ويلهب قلوبنا بأقواله الإلهية، وأخيرا يعطينا جسده ودمه لنأكل، ثم يختفي من أمامنا لأنه صار فينا، وهكذا تصعد من جديد إلى أورشليم الجديدة، حيث الجماعة الشاهدة، والكنيسة الحية.إنه يسوع الحي... رفيق موائدنا اليومية... الذي ينادينا في كل وجبة غذاء ويقول: "هلموا تغدوا" (يو ٢٠: ١٢). وقبل أن نأتي نحن بما اصطدناه من خير بنعمته، نجده وقد أعد لنا سمكا مشويا وخبزا، ويدعونا إلى مشاركته وهو الغني عنا. إنه يسوع المحب الذي لا يطرح من أنكره خارجا، بل يعاتبه في نظرة حب، فيذيب قلبه في داخله، وإذ يبكي بكاء مرا، يعيده في رفق إلى رسوليته وخدمته. يسوع الحنان... الذي تراف بتلميذه حين شك، فداوي شكه في ظهور خاص، وداوى كل الشكاكين معه. إنه يسوع العطوف... الذي كفكف دموع المجدلية، بصوته الحاني وهو يناديها "يا مريم"، ليؤكد لي أنه يعرفني باسمي، ويحبني كما أنا، مع أني أول الخطاة". يسوع الذي لا يكف عن التجول بين المنازل والقرى، وفي الطريق إلى دمشق يلتقي بشاول القاسي، فيحوله إلى بولس الحنون.وما أكثر من قابلت يا رب، بعد قيامتك، فحولت آثامهم إلى فضائل، وضعفاتهم إلى انتصارات! وهل هناك دليل أقوى من هذا: أن يتحول نفر قليل من الصيادين إلى جيش قادر قهار، يقتحم القلوب والأذهان في حب سخي، يصل إلى حد الموت؟!
نعم فيسوع هو الحب! والحب لا يقهر! الحب لا يقبر! الحب لا يموت! وهل حدث يوما أن مات حب؟!" المحبة قوية كالموت"، إذن فالموت لا يستطيع أن يقهرها. "لهيبها لهيب نار، لظى الرب. مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفيء المحبة، والسيول لا تغمرها. وإن أعطي الإنسان كل ثروة بيته، عوض المحبة. تحتقراحتقارا" (نش ٨: ٦-٧).هل كان من المعقول أن يضحي الرسل بأنفسهم، أرضيا وأبديا، من أجل أكذوبة اختلقوها؟! وهل للكذب أن يبقى؟! لقد رأوا الرب مرات كثيرة، وفي أماكن كثيرة، وبأعداد كبيرة، وفي يقظة روحية وبدنية، لمسوه، وحاوروه، وأكلوا معه، واستمعوا إلى خطابات مستفيضة عن ملكوت الله، ولذلك وثقوا بالقيامة وبربها، وانطلقوا يكرزون في قوة وجبروت. ومضى بطرس الذي أنكر السيد أمام جارية قبل حلول الروح القدس عليه، مضى يوبخ رؤساء الكهنة ويعلن حقيقة القيامة، فقال: "يسوع الناصري... الذي بأيدي أثمة صلبتموه وقتلتموه... أقامه الله ناقضا أوجاع الموت، إذ لم يكن ممكنا أن يمسك منه... يسوع هذا أقامه الله، ونحن جميعا شهود لذلك" (أع ٢: ٢٢-٣٢). وفي خطابه الثاني كرر القول: "رئيس الحياة قتلتموه... الذي أقامه الله من الأموات، ونحن شهود لذلك" (أع ٣: ١٥).هكذا يبقى أن نختبر نحن هذا السر "سر حضور المسيح فينا"، أو "سر المسيح رفيق الحياة اليومية". فيسوع الآن على استعداد تام أن يحيا فينا، وأن يرافقنا في ظروفنا اليومية: حين ننام وحين نقوم، حين نغتسل وحين نخرج إلى العمل، حين نلتقي بالناس وحين ننعزل عنهم، في البيت والشارع ومعهد العلم. وإذا كان داود قد اختبر حضور الرب فقال: "جعلت الرب أمامي في كل حين، لأنه عن يميني فلا أتزعزع... لذلك فرح قلبي..." (مز ١٥: ٨-٩)، يمكننا أن نقول نحن "جعلت الرب حيا في أعماقي، ذهنا ومشاعر وإرادة، فهو سرفرحي ونصرتي .فليملأ الرب حياتنا من سر حضوره الدائم، وليبقي لنا نعم الرفيق، كل الطريق!
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
17 أبريل 2023
تثير التشكيك في قصة القيامة
سؤال: كيف يثبت القبر الفارغ بأن يسوع قد صلب؟ أليس الله بقادر على رفع رجل آخر من القبر وبعثه أيضاً؟
الإجابة:
هذا السؤال لا يقدم تشكيكاً لكنه يرد على إثبات. فمن ضمن الدفاعات التي تثبت قيامة السيد المسيح أنه لو لم يكن المسيح قد قام لما وجد القبر فارغاً. إن قضية القبر الفارغ لا ينكرها أحد كدليل على قيامة السيد المسيح.
إن القصة التي طلب من الحراس أن يقولوها يوم الأحد صباحاً وهي أن التلاميذ أتوا ليلاً وسرقوا جسد الرب بعدما دحرج الحجر من على فم القبر، تجعلنا نطرح السؤال التالي: هل لم يكن لليهود القدرة في ذلك الحين على ملاحقة سارقو الجسد؟
لقد قام السيد المسيح في فجر الأحد بدليل أن الحراس لم يدخلوا المدينة سوى يوم الأحد صباحاً، ولم يدحرج الحجر من على فم القبر سوى يوم الأحد صباحاً، فهل لم يكن لليهود القدرة على ملاحقة الجسد بتمشيط المنطقة كلها بحثاً عن جسد يسوع في ذلك الوقت. إن عملية إخفاء جسد -إذا افترضنا جدلاً أن هذا الجسد لم يقم من الأموات أو لم يفسد- هي عملية صعبة جداً وتحتاج إلى مجهود كبير. كان من الممكن أن يطلب اليهود من الحاكم الروماني أن يخصص لهم فرقاً من فرسان الجيش الروماني لملاحقة من أخذ تلك الغنيمة. لكن سكوت اليهود عن ملاحقة الجثمان هو دليل على معرفتهم بقيامة السيد المسيح.لم يحدث إطلاقاً أن طلب شخص من الوالي الروماني أن يأمر بخروج قوة من الجيش لملاحقة هذه السرقة التي يدعونها. مع العلم بأن القانون الروماني يحكم بإعدام الجندي الذي يسرق شئ موضوع تحت حراسته. وقد ذكر هذا الأمر في قصة بطرس الرسول عندما أخرجه الملاك من السجن فأمر هيرودس الملك بإعدام جميع الحراس وعددهم ستة عشر (أربعة أرابع يتناوبون أربع ورديات الليل لكل نوبة أربعة حراس). "وأما هيرودس فلما طلبه ولم يجده فحص الحراس وأمر أن ينقادوا إلى القتل" (أع١٢ : ١٩). وأيضاً في سجن فيلبي عندما فتح الملاك باب السجن فأضاء السجن وسقطت السلاسل، هم مأمور السجن بقتل نفسه، لأنه يعلم أن القانون الروماني يحكم بإعدام الحارس الذي يفقد حراسته "ولما استيقظ حافظ السجن ورأى أبواب السجن مفتوحة استل سيفه وكان مزمعاً أن يقتل نفسه ظاناً أن المسجونين قد هربوا" (أع١٦: ٢٧).عند قيامة السيد المسيح واكتشاف القبر الفارغ قال رؤساء الكهنة للجنود "إذا سمع ذلك عند الوالي فنحنُ نستعطفه ونجعلكم مطمئنين" (مت ٢٨: ١٤) وهذا يعنى أنهم تنازلوا عن قضية الحراسة. ولأنهم أصحاب الحق في حراسة القبر، كان يحق لهم استبدال الحراسة بملاحقة السارقين. لكن هذا لم يحدث.. كما أن القانون الروماني يحتم أن عملية ختم القبر بأختام الدولة الرومانية لابد أن يعمل بها محضر ختم يسجل في سجلات الدولة الرومانية. عندما كتب القديس متى إنجيله في الفترة ما بين عام ٦٠-٧٠ ميلادية، كان من الممكن جداً أن يعترض عليه اليهود ويقولوا كل الأمور التي لا تتفق مع الرواية التي أوردها في إنجيله بما في ذلك ختم القبر، وكان من الممكن أن يعترض على روايته المعترضون من المعاصرين للأحداث. لكن كل هذا لم يحدث.. فالسجلات موجودة ولا يوجد بها إصدار أمر بخروج جماعة من الحراس لتعقب السارقين والبحث عنهم.القبر الفارغ هو، في حقيقة الأمر، دليل قوى.. ولذلك يحاول المشككون طمس هذا الدليل بقولهم إن القبر الفارغ ليس دليلاً على القيامة.. إن صلب السيد المسيح وقبره هو حقيقة مؤكدة. فقد صلب اليهود السيد المسيح لكي تثبت عليه عبارة أن "المعلق ملعون من الله" كما ورد في سفر التثنية (تث ٢١: ٢٣) وفي رسائل بولس الرسول (انظر غل٣: ١٣). لكن حيث إنه قام من الأموات، فاللعنة الخاصة بالصليب قد محيت لأنه حمل لعنة خطيتنا. وبموته تصور اليهود أنهم قد تخلصوا من حياته لكنه قام حياً من بين الأموات.. وقد أصر اليهود على صلب السيد المسيح، وليس قتله بأية وسيلة أخرى، لأنهم وجدوا أن له شعبية كبيرة جداً فأرادوا أن يثبتوا من التوراة أنه ملعون من الله. لأن سفر التثنية يقول: "فلا تبت جثته على الخشبة بل تدفنه في ذلك اليوم لأن المعلق ملعون من الله. فلا تنجس أرضك التي يعطيك الرب إلهك نصيباً" (تث٢١: ٢٣). هذه هي الأوامر التي وردت في التوراة. لذلك قال اليهود لبيلاطس "اصلبه اصلبه!" (لو٢٣: ٢٢) لأنهم غير متنازلين عن أن يموت مصلوباً. "قال لهم بيلاطس خذوه أنتم واصلبوه لأني لست أجد فيه علة" (يو ١٩: ٦). "خذوه أنتم واحكموا عليه حسب ناموسكم. فقال له اليهود لا يجوز لنا أن نقتل أحداً" (يو٣١:١٨) لقد رفض اليهود أن يحكموا عليه حسب الشريعة لأن حكم الشريعة اليهودية على المجدف -وهي التهمة التي اتهموا بها السيد المسيح- هي الرجم، وهم لا يريدون أن يرجموه لأنهم أرادوا أن تلحق به اللعنة بالصلب.
نيافة مثلث الرحمات الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن كتاب القيامة والرد علي الشكوك
المزيد
16 أبريل 2023
كيف نبصر القيامة؟
مِنْ إِنجِيل يُوحنا أصْحَاح 20 : 1 – 16 [ وَفِي أوَّلِ الأُسبُوعِ جاءت مريمُ المجدلِيَّةُ إِلَى القبرِ باكِراً وَالظَّلاَمُ باقٍ فنظرت الحجر مرفُوعاً عَنِ القبرِ0فركضت وَجاءت إِلَى سِمعانَ بُطرُسَ وَإِلَى التِّلمِيذِ الآخرِ الَّذِي كَانَ يسُوعُ يُحِبُّه قَالَ لها يسُوعُ يا مريمُ0فالتفتت تِلْكَ وَقَالتْ لَهُ رَبُّونِي الَّذِي تفسِيرُهُ يا مُعلِّمُ ] إِشتياق لِقاء القِيامة عِند التَّلاَمِيذ وَالمريمات كَانَ قوِى جِدّاً حَتَّى إِنِّنا لَوْ حسبنا عدد زِيارِتهُمْ لِلقبر نجِده حوالِى 10 مرَّات رغم أنَّ القبر كَانَ بعِيد جِدّاً وَخارِج البلدهكذا لابُد لِكُلّ نَفْسَ أنْ يكُون لها إِشتياق لِرؤيِة القِيامة كإِشتياق التَّلاَمِيذ وَالمريمات كما قَالَ بُولُس الرَّسُول [ لأِعرِفهُ وَقُوَّة قِيامتِهِ وَشرِكة آلامِهِ مُتشبِّهاً بِموتِهِ ]( فى 3 : 10) علشان كِده فرحِة لِقاءنا بِالقِيامة مُهِمَّة وَشئ مُبهِر لِلنَّفْسَ أنْ تلتقِى بِالقِيامة وَالكنِيسة فِى أسبُوع البصخة تختِم صلواتها فِى كُلّ يوم بِقُول الكاهِن [ يسُوع المسِيح إِلهنا الحقِيقِى الَّذِى قَبِلَ الآلام بِإِرادتِهِ وَصُلِب عَلَى الصَّلِيب مِنْ أجلِنا يُبارِكنا بِكُلّ بركة رُوحِيَّة وَيُعِيننا وَيُكمِّل لنا البصخة المُقدَّسة وَيُرِينا بهجة وَفرح وَقُوَّة قيامتِهِ المُقدَّسة ] لازِم يكُون عِندِى هذا الشغف لِرؤيِة القِيامة0
كيف نتلاَمس مَعْ المسِيح القائِم ؟
1- الظَّلاَم باقِى :-
مُهِمْ أنْ تغلِب الظُلمة وَأنَّ إِشتياقكَ لاَ يُعطِله شئ وَأنْ تغلِب ظُلمِة حياتكَ أى ظُلمِة الخطِيَّة [ فَسِيرُوا مادام لَكُمُ النُّورُ لِئلاَّ يُدرِككُمُ الظَّلاَمُ ] ( يو 12 : 35 )وَأيضاً [ أنتُمْ نُورُ العالمِ ] ( مت 5 : 14)وَأيضاً فِى صَلاَة نصف الليل نقُول [ قُوموا يا بنِي النّور ]لابُد أنْ تُحوِّلوا الظُلمة إِلَى نوركما قَالَ بُولُس الرَّسُول[ لاَ تشترِكُوا فِي أعمالِ الظُّلمةِ غيرِ المُثمِرةِ بَلْ بِالحرِيِّ وَبِّخُوها ] ( أف 5 : 11) ربِّنا وضع فِينا إِشتياق لِلنّور وَرُوح إِستنارة تجعلنا نُبدِّد الظُلمة الظلام باقِى أى إِشتياق نَفْسَ تغلِب الظُرُوف المُحِيطة ياما حولِنا ظلام إِنْ كَانَ كُلّ الَّلِى حولِى ظُلمة لابُد أنْ أغلِبها لاَ أجعل الظُلمة تعُوقنِى لِذا يُقال أنَّ الأشرار يُطرحُون فِى الظُلمة الخارِجِيَّة أيضاً يقُول [ لِيُشرِقَ لنا نورُ وجهكَ ، وَلِيُضِئ علينا نورُ عِلمكَ الإِلهِي ]( تحليل صَلاَة باكِر )وَنقُول فِى صَلاَة باكِر [ أيُّها النّور الحقِيقِي ] ( القطعة الأولى ) فِى الأديُرة يستيقِظوا باكِر جِدّاً لِعمل التسبِحة يعنِى ياخدوا مِنْ وقت غفلِة وَظُلمِة النَّاس لحظات يقظة وَسهر وَإِستنارة أكِيد مريم لَمْ تنام الليل كُلّه وَلَمْ تنتظِر شرُوق الشمس فخرجِت وَالظلام باقِى إيه رأيكُمْ فِى إِنْ إِشتياقكُمْ لِلرَّبَّ يسُوع يجعلكُمْ لاَ تناموا ؟ مُمكِنْ ؟ أيوه مُمكِنْ ياريت تنتزِعوا مِنْ الظلام نور وَتجعلوا مِنْ وقت نوم النَّاس وقت يقظة وَصَلاَة العساكِر زمان فِى الدولة الرومانِيَّة لمَّا كانوا يأخُذوا نوبات سهر إِذا ناموا فِيها يعاقبُوهُمْ بِأنْ يجعلُوهُمْ يخلعوا ثِيابهُمْ وَيمشوا عرايا وَإِمَّا يبِيعوا ثِيابهُمْ أوْ يحرقُوه لِذا يقُول فِى سِفر الرؤيا [ طُوبى لِمَنْ يسهرُ وَيحفظُ ثِيابهُ لِئلاَّ يمشِي عُرياناً فيروا عُريتهُ ] ( رؤ 16 : 15)هذا تشبِيه مأخُوذ مِنْ العصر الرومانِى أيضاً الثوب فِى العصر اليهُودِى يُشِير لِلكرامة لِذا يقُول إِنسان عليهِ ثِياب العُرس لأِنَّ الثِياب كانت غالِية وَيدوِيَّة لِذا قَالَ مَنْ لَهُ ثوبان فليُعطِى ثوبهُ لِلآخر ( لو 3 : 11 )0
2- الرُكُوض وَالإِسراع :-
الموقِف الَّذِى تتلهفِى عليه يستدعِى الرُكوض وَالجرى أى أنَّ الدَّافِع قوِى علشان ندخُل فِى عِشرة مَعْ ربِّنا مِش مُمكِنْ نحصُل علِيها وَإِحنا قاعدِين مكاننا وَ لاَّ ماشيين بِبُطء لابُد أنْ نركُض وَنجرِىعرُوس النشِيد تقول [ اجذُبنِي وراءكَ فنجرِي ] ( نش 1 : 4 ) وَإِشعياء النبِى يقول [ يمشُونَ وَ لاَ يُعيُونَ ] ( اش 40 : 31 ) ما يتعبوش مِنْ الجرى أصلهُمْ بِيحِبَّوه الحياة الرُّوحِيَّة لاَ تعرِف التوَّقُف وَ لاَ الرُّجوع لِلوراء بُولُس الرَّسُول يقُول[ الَّذِينَ يركُضُونَ فِي المِيدانِ جمِيعُهُمْ يركُضُونَ وَلكِنَّ واحِداً يأخُذُ الجِعالةَ ]( 1كو 9 : 24 ) زمان فِى السِباق كَانَ المُتسابِقُون يجرُون فِى مِيدان فِى آخره راية وَالمُتسابِق الأوَّل هُوَ الَّذِى يصِل لِلرَّاية أوَّلاً بُطرُس جرى وَيُوحنا جرى وَلكِنْ يُوحنا شاب وَإِشتياقه أعلى لِذا جرى أسرع مِنْ بُطرُس وَلكِنَّه مؤدب وَمُتواضِع لِذا إِنتظر بُطرُس رغم أنَّهُ معرُوف أنَّهُ مُتقدِّم عَنْ باقِى الرُسُل وَأنَّ يسُوع كَانَ يُحِبَّه وَأنَّهُ فِى العشاء الأخِير كَانَ مُتكِئ عَلَى صدر يسُوع وَأشار إِليهِ باقِى الرُسُل كى يسأل يسُوع عَنْ الَّذِى يُسلِّمه لأِنَّهُمْ حاسِّين إِنَّه الوحِيد الَّذِى يتمتَّع بِدالَّة قوِيَّة عِند يسُوع وَرغم كُلّ هذا إِنتظر بُطرُس لأِنَّ بُطرُس كانت معنوياته فِى الحضِيض لأِنَّ إِنكاره كَانَ لِسَّه مِنْ قُريب وَيُوحنا هُوَ الوحِيد الَّلِى مِشى مَعْ المسِيح حَتَّى الصَّلِيب وَهُوَ الَّذِى أخذ الكرامة بِأنْ أخذ العذراء بيته جيِّد جِدّاً أنْ يكُون عِندِى إِتضاع وَأراعِى مشاعِر الآخرِين حَتَّى وَإِنْ كُنت شاطِر فِى الجرى حَتَّى وَإِنْ كَانَ ربِّنا مُعطِى لِى نِعمة لكِنْ لمَّا أتضِع بين إِخوتِى آخُذ بركة أنا وَهُمَّ كُلّ الَّلِى عمله يُوحنا إِنَّه إِنحنى وَنظر الأكفان وَلكِنْ لَمْ يدخُل حَتَّى جاء بُطرُس الرُكوض فِى الحياة الرُّوحِيَّة مُهِمْ لأخذ فضِيلة أوْ قِيامة مِنْ خطِيَّة أوْ التمتُّع بِالمسِيح القائِم السَّابِق ( يُوحنا ) وَالَّلِى بعده ( بُطرُس ) الإِثنان شاهدوا نَفْسَ الأمرالمُهِمْ أنْ يكُون لِى عزم ثابِت لأِدخُل فِى سِباق وَركُوض وَكُلّ يوم علِينا أنْ نقطع مسافة فِى رِحلِتنا لِننال قِيامة أفضل ليتنا نسأل نفسِنا كُلّ لِيلة أى مسافة قطعناها اليوم هل ركضنا لِلأمام أم رجعنا لِلوراء ؟ الجرى محسُوب مِنْ عُمرِنا وَعُمرِنا كُلّه جرى وَركُوض0
3- آمِنْ بِهِ :-
يُوحنا لمَّا شاف آمَنْ بِهِ الحُب يولِّد إِيمان وَالإِيمان يزوِّد الحُب مِش مُمكِنْ أفرح بِلِقاء يسُوع أوْ آخُذ نِعمِة لِقاءه وَأنا إِيمانِى مهزُوزالإِيمان هُوَ الثِقة بِما يُرجى وَالإِيقان بِأمور لاَ تُرى ( عب 11 : 1 ) الَّذِى رآه بُطرُس وَمريم المجدلِيَّة رآه يُوحنا وَلكِنْ لِماذا قِيل عَنْ يُوحنا إِنَّه شاف وَآمِنْ ؟ لأِنَّ إِيمانه قوِى ياما رُوح العالم يدخُل الإِنسان وَيضيَّع إِيمانه بِالمسِيح وَيضع مُعطِلات لِلإِيمان ياما الإِنسان يشوف وَيلمِس وَلكِنْ الإِيمان داخِله مُعطَّل لاَ يعمل ياما عدو الخِير يزرع فِينا يأس وَضجرمُعلِّمنا بُولُس يقُول [ عالِمِين أنَّ الَّذِي أقامَ الرَّبَّ يسُوعَ سيُقِيمُنا نحنُ أيضاً بِيسُوعَ ]( 2كو 4 : 14 ) قُمنا فِيهِ وَسنبقى فِيهِ لِلأبد وَهُوَ الَّذِى سيشفع فِينا وَيدافِع عنَّا فِى الدينُونة فنحنُ نُدان بِهِ وَبِما أنَّهُ مُتحِد بِنا لِذا فَهُوَ سيُبرِأنا لِذا لنا ثِقة بِالقيامة لابُد أنْ أثِق فِى أنَّهُ سيُنِير الظُلمة وَسيُحوِّل العقُوبة خَلاَصَ الَّلِى غيَّر مريم المجدلِيَّة وَمريم المصريَّة وَمُوسى الأسود قادِر أنْ يُقِيمنا هُوَ نقض أوجاع الموت أى نقض أوجاع الخطِيَّة داخِلنا وَجعلنا نُحارِب عدو مهزُوم مُقيَّد وَأعطانا رُوح الغلبة رُوح القِيامة لَوْ لَمْ يكُنْ لنا إِيمان تُصبِح القِيامة بِالنسبة لنا قِصَّة وَليست حياة0
4- معرِفة الكُتُب :-
[ لَمْ يكُونُوا بعدُ يعرِفُونَ الكِتابَ ] ( يو 20 : 9 ) لِذا نُلاَحِظ فِى حدِيث يسُوع مَعْ تلمِيذى عمواس وبَّخهُمْ بِإِنتهار [ أيُّها الغبِيَّانِ ] ( لو 24 : 25 ) لِماذا ؟ لأِنَّهُ مِشِى معاهُمْ وَهُمْ لَمْ يشعروا قَالَ لَهُمْ أنتُمْ لاَ تعرِفون شئ عدم معرِفِة الكُتب تجعلنا لاَ نعرِف شئ نحنُ بِداخِلنا جهل بِالكِتاب ده الكِتاب المُقدَّس مليان رموز وَنُبُّوات عَنْ القِيامة فمثلاً تقدِمة إِسحق ما هِى قِيامة يُونان فِى بطن الحوت قِيامة عدم معرِفة الكُتب تجعل الحقِيقة بِالنسبة لِى غير مفهومة[ هَلَكَ شعبِي مِنْ عدمِ المعرِفةِ ] ( هو 4 : 6 ) العهد القدِيم يُرِينا مُعاملات الله مَعْ الإِنسان وَما هُوَ صَلاَحه وَكيف يُؤدِب وَكيف يُصالِح لِذا عدم معرِفِة الكُتب جعلت التَّلاَمِيذ لاَ يُصدِّقوا رغم أنَّهُ قالها لَهُمْ قبل أنْ يموت إِنَّه سيتألَّم وَيموت وَيُدفن وَيقُوم ياما واحِد يدوَّر عَلَى أمور تافهه وَيترُك الكِتاب كيف نُضيِّع وقتِنا فِى كَلاَم باطِل وَالإِنجِيل لَمْ يُفتح خِسارة إِنِّنا ما ندخُلش فِى عِشرة مَعْ المسِيح لِيه الإِنجِيل بِالنسبة لىَّ غير شيِّق ؟ لِيه ما أقدسش فِكرِى وَكيانِى كُلّه بِالإِنجِيل وَآخُذ الأنبياء وَالتَّلاَمِيذ أصدِقاء لِى ؟
5- أبكِى كى أجِده :-
إِذا لَمْ أجِده فليس لِى سِوى البُكاء مريم كانت واقفة تبكِى لَوْ لَمْ أتمتَّع بِفرحة مَعْ المسِيح أبكِى وَأكثر شئ يُظهِر صِدق الإِنفعال هُوَ البُكاء داوُد النبِى يقُول[ صَارَت لِي دُمُوعِي خُبزاً ] ( مز42 : 3 ) مريم كانت واقفة تبكِى لِماذا ؟ لأِنَّ الإِنسان لمَّا يكُون فاقِد التعزية فليس لَهُ سِوى البُكاء مريم لمَّا بكِت رأت ملاكين يقولاَ لها [ يَا امرأةُ لِماذا تبكِينَ0مَنْ تطلُبِينَ ]( يو 20 : 15) ثُمَّ جاء لها يسُوع بِنَفْسَه وَقَالَ لها يا مريم وَهِى قالت لَهُ يا مُعلِّم إِفرِضِى إِنْ أنا ساقطة فِى خطايا كتِير وَرُوح الفشل مسيطره عَلَىَّ أجمل إِحساس أقف بِهِ أمام ربِّنا إِنِّى أقِف مكسُوره وَأترجِم ضعفِى إِلَى بُكاء [ يارب أُنظُر إِلَى ضعفِى وَمسكنتِي وَغُربتِي ] وَداوُد النبِى يقُول [ أُذكُر ياربُّ داودَ وَكُلَّ دِعته ]( مز 131 مِنْ مزامِير النوم ) " الدِعة " تأتِى مِنْ إِنسان مذلُول مريم المجدلِيَّة راحِت مرَّة وَإِتنين وَلمَّا لقيِت إِنَّه مافِيش شئ جدِيد فِى كُلّ مرَّة القبر فارِغ بكِت واحِد مِنْ القِدِيسِين يقُول [ إِنْ حزنت فِى طَلَبه فإِنَّكَ ستفرح بِلِقاءِهِ ][ الَّذِينَ يررعُون بِالدّمُوعِ يحصدُون بِالإِبتهاجِ ] ( مز 125 مِنْ مزامِير الغرُوب )أحلى صَلاَة وَإِنتِ تعبانة وَأحلى صَلاَة وَإِنتِ بِتجاهدِى وَتجمَّعِى فِكرِكَ المُشتَّت مريم لَمْ تجِد أى مُشجِّعات تجعلها تراه فإِستخدمِت سِلاَح البُكاء لَوْ أنا شعرت إِنِّى بعِيدة عَنْ القِيامة أتزيَّن بِالبُكاء البُكاء أكثر شئ يغلِب تحنُّنات الله[ حوِّلِي عنِّي عينيكِ فَإِنَّهُما قَدْ غلبتانِي ] ( نش 6 : 5 ) ربِّنا ظهر لِمريم لمَّا وجدها بِتبكِى لأِنَّهُ لَمْ يحتمِل بُكاها لازِم نشرب كأس دموع وَنصطبِغ بِصبغة الرَّبَّ يسُوع أنَّ عرقه صَارَ كقطرات دم عِندئِذٍ أتى مَلاَكَ لِيُعزِّيه ( لو 22 : 44 ) عِينِى زى الحجر لأِنَّ قلبِى مُتصلِّب مِنْ كُتر ما إِتعوِّد عَلَى الشَّر وَالخطايا لِذا جفِّت الدمُوع إِذا ذهبت وَلَمْ أجِده أنتظِر مرَّة وَإِتنين وَأبكِى حَتَّى أراه وَأجِده لِكُلّ شئ تحت السما وقت وَلِكُلّ إِنسان زمان إِفتِقاد ليتنا نطلُب مِنْ الله كى يكُون زمان إِفتقادنا الآنَ وَ لاَ نصِير كأُورُشلِيم الَّتِى لَمْ تعرِف زمان إِفتقادها0
6- أنْ آخُذه :-
لازِم يكُون إِصرار لِكى آخُذه مريم قالت [ قُل لِي أينَ وضعتهُ وَأنَا آخُذُهُ ]( يو 20 : 15) وَكَانَ قصدها إِنَّها ستأخُذه ميت جُثَّة عِندكَ إِستعداد تأخُذِيه ؟ أيوه تأخُذِيه جُثَّة ؟ نعم رغم إِنْ معرِفِة يسُوع فِى ذلِكَ الزمان شئ غير مُشرِّف لأِنَّهُ مصلُوب وَالمصلُوب كَانَ ملعُون وَعار وَرغم كِده كَانَ عِندها إِستعداد تأخُذه وَهِى إِمرأة لاَ تعلم كيف تحمِله وَ لاَ إِلَى أين تذهب بِهِ لكِنْ المُهِمْ عِندها إِنَّها تأخُذه أنا أيضاً لازِم أشعُر إِنِّى لازِم أحمِل عاره وَأشِيله وَأخُذهُ إِلَى أين ؟ مِش مُهِمْ المُهِمْ أنْ آخُذه وَأحمِل عاره أيوه أحمِل عاره [ فَلنخرُج إِذاً إِليهِ خارِجَ المحلَّةِ حامِلِينَ عارهُ ]( عب 13 : 13) يستحِق أنْ أتحمَّل عاره واحِد مِنْ القِدِيسِين يقُول [ لابُد أنْ تُخلِى مكان لِيسُوع ] لازِم يكُون لَهُ مكان فِى قلبِكَ وَتُضايفِيه ما أجمل ما قِيل عَنْ عُلِّيَّة مارِمرقُس أنَّها كانت مُعدَّة وَمفرُوشة مُعدَّة لِيسُوع لازِم قُلُوبنا تكُون مُعدَّة لَهُ وَهذا الإِعداد يجعلنا نفرح بِقيامتِهِ0
7- أُبشِّر بِهِ :-
لاَ يطِيق إِنسان أنْ يتمتَّع بِالمسِيح القائِم وحده لازِم يمتَّع مَنْ حوله أيضاً لازِم أبشَّر إِخواتِى مريم صَرَتَ أوِل مُبشِّرة بِالقِيامة وَالتَّلاَمِيذ أيضاً00مِش مُمكِنْ أتحمَّل أنْ أراه قائِم وَ لاَ أُبشِّر بِهِ بُطرُس تكلَّم عَنْ قِيامة المسِيح مَعْ اليهُود بِكُلّ قُوَّة وَجُرءة متى حدث ذلِكَ ؟لمَّا تلامس مَعْ المسِيح القائِم أخذ قُوَّة وَإِنتهى الضعف رغم أنَّهُ أنكر أمام جارية إِلاَّ أنَّهُ واجه اليهُود عِندما تلامس مَعْ المسِيح القائِم وَوجَّه لَهُمْ تُهمِة صلب المسِيح رغم أنَّ بِيلاَطُس وَهِيرودِس أرادوا أنْ يُطلِقوه لكِنْ أنتُمْ صلبتموه الَّذِى يتلامس مَعْ المسِيح القائِم يأخُذ قُوَّة وَشجاعة وَفرحة تجعلهُ يُواجِه أى ظلام جوَّاه وَأى قُوَّة تُضادَّه ربِّنا يفرَّحنا بِقِيامتِهِ وَيسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنِعمِته لَهُ المجد دائِماً أبدِيَّاً آمِين0
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
15 أبريل 2023
ما معنى سبت النور
لماذا اسمه سبت النور ، السبت الذي يسبق احد القيامة ؟؟
أهم ملاحظة يخطئ بها معظم المسيحيين هي أن سبت النور ليس أحد القيامة ، فالسيد المسيح النور الازلي، ما زال في قبره ولم يقم من الموت حتى صباح الاحد .السيد المسيح له المجد منذ أن مات على الصليب يوم الجمعة عصراً نزل إلى الهاوية أي الجحيم لِيَطرَح الشيطان خارجاً ويُقيِّده ، ويُحرِّر أرواح الأبرار الذين رقدوا على رجائه ويُدخِلهم الى الفردوس، فيسمّى سبت النور لأن السيد المسيح أنار على الذين كانوا في الظلمة أي الهاوية بدليل أن الكتاب المقدّس يعلن ( ١٦الشعب الجالس في ظلمة أبصر نورا عظيما ، والجالسون في كورة الموت وظلاله أشرق عليهم نور". ) متى 4: 16 وكذلك يقول الرسول بولس ( وأما أنه صعِدَ فما هو إلاّ أنه نزَلَ أيضاً إلى أقسام الأرض السُّفلى) أفسس 4: 9.
والرسول بطرس يؤيد ذلك قائلاً (الذي فيه أيضاً ذهبَ فكَرزَ للأرواح التي في السجن)1بطرس 3: 19.
لنتذكر أن يوم الخميس حدث العشاء الأخير و هو آخر عشاء للسيد المسيح مع تلاميذه و بعد ألقي القبض عليه و تمت محاكمته من قبل محكمة السنهدريم اليهودية و حكموا عليه بالموت و يوم الجمعة العظئمة أو الحزينة حصلت حادثة الصلب و يوم الاحد باكراً قام السيد المسيح من بين الأموات فلماذا يسمى يوم السبت سبت النور ؟؟؟
لا يمكن بحث أي مفهوم بالعهد الجدد العهد الذي ابتدأ مع ولادة السيد المسيح أو شرح أي شيء من الانجيل ما لم يكن بالاستناد الى أساس موجود و كتابي بالعهد القديم ..
لنبدأ مع أنوار السبت اليهودية يوم السبت هو يوم العبادة في اليهودية ، فعند غروب الشمس من يوم الجمعة تبدأ ربّة البيت في إشعال شموع السبت، وتسمى نور السبت أو أضواء السبت.
The Sabbath light
و هي مصابيح خاصة أو أضواء زائدة عما هو معتاد. وأثناء هذه الإضاءة تدعو في صلاتها أن يبارك الله عملها وأسرتها. والصيغة المألوفة لديهم هي : « يا الله يا ربنا ، يا ملك الكون، يا من قدستنا بوصاياك ، وأوصيتنا أن نضيء يوم السبت» وكلمة سبت معناها الراحة و لكنه ليس يوم كآبة، بل هو وقت سرور وبهجة، ويستمر هذا اليوم حتى غروب شمسه، وإذا كانوا في المعبد فإنهم يعودون ليجدوا مائدتهم معدة. ويبدأ الزوج يرتل دعاءه لزوجته، ثم يقرأ بعض فقرات من سفر التكوين مما يتعلق ببدء الخليقة والراحة يوم السبت ثم يتناول رغيفاً فيقرأ عليه أيضاً ويباركها. ثم يقدمها لزوجته ولأولاده، ثم يتناول رغيفاً فيقرأ عليه أيضاً ويباركه ثم يقسمه بين أفراد الأسرة، ثم يتلو ذلك طعام العشاء سبت النور في المسيحية و هو السبت الذي يسبق احد القيامة الاحد الذي شهد قيامة السيد المسيح من بين الأموات بشهادة جميع الديانات ..
"إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ"
«تَعْلَمُونَ أَنَّهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ يَكُونُ الْفِصْحُ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ لِيُصْلَبَ» فالسيد المسيح سبق و أنبأ عن صلبه و قيامته لرسله و لهذا حرص اليهود على ان يحرس الجنود الرومان القبر ، فهم خافوا أن يسرق تلاميذه الجثمان الطاهر و يدعوا أن نبوءته تحققت و لكن رغم هذا الاحتياط فإن كلام الرب تم و حدثت القيامة المزلزلة التي كانت ميلاد للصلحة الكبيرة بين الله و البشر بعد طردهم من جنة عدن فصلب السيد المسيح و قيامته هو الذي سمح للانسان بالعودة الى حضن الله الآب نعود لموضوع سبت النور أو سبت الفرح و هو كلمة اصطلاحية أخذت أبعادها من شعلة مقدسة تنطلق من كنيسة القيامة و المكان الذي وضع فيه الجسد لثلاثة أيام قبل القيامة ، حيث يظهر النور في قبر السيد المسيح في كنيسة القيامة، وينطلق هذا النور ويشعل الشموع التي توزع على كل الموجودين ولا يكون النور المقدّس مُحرِقًا لبضع دقائق و يقوم الشعب الحاضر بتمرير أيديهم في النور ومسح وجوههم به كما ليغتسلوا . وكثيرون يتحدّثون عن مشاعر فائقة الوصف تنتابهم من جرّاء هذا الفعل، سلامًا عميقًا مفرحًا يفوق الإدراك. ثمّ بعد فترة من الوقت تتحول شعلة النور إلى شعلة من النار عادية.
المزيد
14 أبريل 2023
ما هي المحاكمات التي إجتازها المسيح قبل صلبه؟
لقد تمت محاكمة المسيح ست مرات:
اولا: المحاكمات الدينية الثلاث
الأولى: فى بيت حَنَّان حما قيَاَفا ورئيس الكهنة السابق
الثانية: فى بيت قيَاَفا رئيس الكهنة الحالى، حيث اجتمع الكهنة والكتبة وشيوخ الشعب، ليحاكموه ويمسكوا أخطاء عليه بحسب ناموسهم، فتكون لهم حجة فى قتله.
وحوكم المحاكمة الثالثة فى صباح يوم الجمعة أمام مجمع السنهدريم، لأنه لا يصح بحسب الشريعة إصدار الحكم ليلا، فاعتمدوا حكم قيَاَفا فى صباح الجمعة.
ثانيا: المحاكمات المدنية
ثم تمت محاكمته مدنيا ثلاث مرات أخرى، اثنتين أمام بيلاطس
ففي الليلة التي تم القبض فيها على المسيح أحضروه أمام حنانيا وقيافا ومجلس القادة الدينيين المعروف بإسم السنهدريم (يوحنا 18: 19-24؛ متى 26: 57). وبعد ذلك أخذ أمام بيلاطس الحاكم الروماني (يوحنا 18: 23)، وأرسل ليمثل أمام هيرودس (لوقا 23: 7) ثم رجع إلى بيلاطس (لوقا 23: 11-12)، والذي حكم عليه بالموت في النهاية.
تمت محاكمة المسيح في ستة أجزاء: ثلاث مراحل في محكمة دينية وثلاث مراحل أمام المحكمة الرومانية. تمت محاكمة المسيح أمام حنانيا رئيس الكهنة السابق؛ وقيافا رئيس الكهنة الحالي؛ ومجلس السنهدريم. وجهت إليه تهمة التجديف في هذه المحاكم "الدينية" من أجل إدعاءه أنه إبن الله، المسيا المنتظر.
أظهرت المحاكمات الدينية أمام القادة اليهود مدى كراهية قادة اليهود للمسيح لأنهم أهملوا الكثير من قوانين الناموس. فقد شابت هذه المحاكمات العديد من الإجراءات الغير قانونية بالنسبة لليهود:-
(1) لم يكن يسمح بالمحاكمات أثناء فترات الأعياد، أما يسوع فقد تمت محاكمته أثناء عيد الفصح.
(2) كان يجب أن يصوت كل فرد من المجلس منفرداً فيما يخص الإدانة أو البراءة أما في حالة يسوع فقد تمت إدانته بالإجماع.
(3) في حالة الحكم بالموت كان يجب أن تمر ليلة كاملة قبل تنفيذ الحكم؛ ولكن لم تمر ساعات معدودة قبل صلب المسيح.
(4) لم يكن لليهود السلطة لتنفيذ حكم الإعدام إلا أنهم أشرفوا على صلب المسيح.
(5) لم تكن المحاكمات تنعقد ليلاً، ولكن محاكمة المسيح تمت قبل الفجر.
(6) كان يجب تقديم المشورة أو توفير الدفاع للمتهم، ولكن لم يقدم أي منها للمسيح.
(7) لم يكن يجب توجيه أسئلة إدانة للمتهم ولكن يسوع سئل عما إذا كان هو المسيح.
كانت المحاكمة أمام بيلاطس هي أول محاكمة أمام السلطات الرومانية (يوحنا 18: 23) بعد جلد المسيح. كانت التهم الموجهة ضده هنا مختلفة تماما عنها أمام المحكمة الدينية. فقد وجه إليه الإتهام بأنه يثير غضب الجماهير ويمنعهم من دفع الجزية ويدعي أنه ملك. لم يجد بيلاطس سبباً ليقتل يسوع فأرسله إلى هيرودس (لوقا 23: 7). سخر هيرودس من يسوع ولكن لأنه أراد أن يتجنب المسئولية القانونية أعاده إلى بيلاطس (لوقا 23: 11-12). كانت هذه آخر محاكمة حيث أراد بيلاطس تهدئة عداء اليهود فقد أمر بتعذيبه. كان التعذيب الروماني عبارة عن الجلد 39 جلدة قاسية. وفي محاولة أخيرة لإطلاق سراح يسوع قدم بيلاطس لليهود الخيار بين صلب باراباس المجرم مقابل إطلاق سراح يسوع، ولكن دون فائدة. فقد طالبت الجماهير بإطلاق سراح باراباس وصلب المسيح. أعطاهم بيلاطس ما طلبوه وسلمهم يسوع ليفعلوا ما يريدون به (لوقا 23: 25).
إن محاكمات المسيح تمثل أقصى إستهانه بالعدالة. يسوع أكثر الناس براءة في تاريخ البشرية تمت إدانته وحكم عليه بالموت صلباً.
المزيد
13 أبريل 2023
خميس البصخة
فى هذا اليوم تمم السيد المسيح له المجد آخر فصح له فى حياته على الأرض حسب الجسد.. وقد كان مخضعا ذاته منذ ولادته لجميع أنواع الفرائض والشرائع والطقوس اليهودية مع إنه غير محتاج إلى ممارستها، وفى هذا اليوم أتم الفصح الذى كان يرمز إليه وإلى ذبيحته على الصليب.. هذا الفصح كما كان هو الفصح الأخير فى حياة السيد المسيح على الأرض.. كان كذلك الفصح الأخير الذى يجب على اليهود أن يتمموه، إذ جاء الفصح الحقيقى الرب يسوع ذبيحتنا الكاملة، وبعدما تمم الفصح خرج يهوذا لينفذ الشر الذى أنتواه فى قلبه، وقد غسل الرب أرجل تلاميذه.. وأسس سر التناول..، قدم جسده ودمه الأقدسين للتلاميذ وأوصاهم بأن يكون صنع هذا السر وممارسته هو محور حياتهم الروحية ومحور اجتماعاتهم إلى أن يجىء ثانية فى مجيئه الثانى للدينونة، وخاطبهم فى حديث روحى طويل بدأه فى العلية واستمر فى الطريق إلى بستان جثسيمانى.. واستمر أيضا فى البستان، ثم صلى صلاته المؤثرة فى البستان، وفى نهاية اليوم عند منتصف الليل تقريبا أسلم ذاته إلى أيدى الذين أتوا ليقبضوا عليه.
الأعداد للفصح:-
خرج السيد المسيح ومعه تلاميذه من قرية بيت عنيا قاصدا أورشليم ليصنع الفصح فيها.. وعبر مع تلاميذه وادى قدرون.. وكانت أورشليم مكتظة باليهود القادمين إليها من جهات متفرقة ليعيدوا فيها، وكان الزحام فى هذه السنة شديدا لأن الجميع كانوا يتوقعون أن يعلن لهم (يسوع الناصرى) ذاته معلنا أنه المسيح المنتظر، وكذلك لأن هذه السنة كانت سنة اليوبيل، عبر السيد المسيح وادى قدرون الذى الذى كان مضروبا فيه الآف الخيام لكى تستوعب من لم تستوعبهم المدينة، مر فى طرقات المدينة التى كانت قد غسلت هى ومبانى المدينة غسيلها السنوى، كما أن القبور خارج المدينة كان قد أعيد طلاؤها باللون الأبيض، أما الهيكل فقد كان يتم تنظيفه بإستمرار ولدى دخول السيد المسيح المدينة سأله التلاميذ أين يريد أن يأكل الفصح؟
لم يفصح لهم السيد المسيح عن المكان ولكنه أعطاهم علامة الرجل حامل الجرة، وهى علامة تعتبر علامة مميزة وكافية، لأن حمل الجرار كانت تقوم به السيدات، لم يرد ان يعرف يهوذا المكان حتى يستطيع ان يتمم الفصح فى هدوء، وكذلك يؤسس سر الأفخارستيا، وكان يريد أن يتم القبض عليه فى البستان بعيدا عن المدينة فى هدوء لكى لا يحدث شغب فى المدينة، وكذلك لأن سقوط الأنسان كان فى بستان أراد الرب أن يبدأ خلاص الأنسان من البستان، وأيضا لكى يقدم ليهوذا الأسخريوطى محاولة أخرى لخلاص نفسه إذ قد يذكره المكان (حين يأتى للقبض على السيد المسيح) بليالى الصلاة التى كان يسهرها مع السيد المسيح والتلاميذ كم كان مؤلما على نفس السيد المسيح وهو يمر فى شوارع المدينة الحبيبة إلى قلبه.. مدينة الملك العظيم التى توشك أن تتنكر لمن جاء لإفتقادها وتسلمه إلى الموت.. موت الصليب ذهب بطرس ويوحنا ووجدا كما قال لهما السيد المسيح وأعدا الفصح.. وقد كان الرجل حامل الجرة هو مارمرقس كاروز ديارنا المصرية، والمكان الذى أعد فيه الفصح هو بيته الذى صار أول كنيسة يقام فيها سر الأفخارستيا (مت 26: 17- 19)، (مر 14: 12- 16)، (لو 22: 7- 13) يلاحظ أن اليهود قد أكلوا الفصح فى مساء يوم الجمعة، وكان يوم السبت هو أول أيام الفطير، وهذا واضح مما كتب فى البشائر الأربعة حول أحداث محاكمة السيد المسيح وصلبه.. مع ملاحظة أن اليوم اليهودى بحسب الشرع يبدأ من الغروب وينتهى قبل الغروب التالى، ولهذه التوقيتات أهمية كبيرة عند دراسة أحداث الفصح والمحاكمة والصلب.. ألخ ففى انجيل معلمنا لوقا البشير يقول: وجاء يوم الفطير الذى كان ينبغى أن يذبح فيه الفصح. (لو 22: 7).. وواضح من مضمون هذا الكلام أن يوم الفطير عند اليهود قد تأجل، لماذا؟
وفى يوحنا 18: 28 يقول البشير (ثم جاءوا بيسوع من عند قيافا إلى دار الولاية وكان صبح (أى صبح يوم الجمعة الذى تمت فيه المحاكمة..الخ) ولم يدخلوا هم إلى دار الولاية لكى لا يتنجسوا فيأكلون الفصح).. وذلك لأن من يأكل الفصح يجب أن يكون طاهرا عد 8: 6 – 11 ومعنى ذلك أنه حتى صباح الجمعة لم يكونوا أكلوا الفصح بل كانوا يستعدون له محترسين لكى لا يتنجسوا بالدخول إلى دار الولاية الوثنية ليمكنهم أكل الفصح طاهرين فى غروب اليوم نفسه وفى يوحنا 19: 13، 14 يقول (فلما سمع بيلاطس هذا القول أخرج يسوع وجلس على كرسى الولاية.. وكان استعداد للفصح، ونحو الساعة السادسة (أى الظهر) فقال لليهود.. ألخ) ومن النصوص الواردة فى متى 26: 3 – 5، مر 14: 1، 2.. نفهم أن رؤساء الكهنة والكتبة وشيوخ الشعب تآمروا على أن تكون محاكمة السيد وصلبه ليس فى يوم عيد الفصح، وعليه لا يكون يوم الجمعة الذى تمموا فيه مؤامرتهم هو عيد للفصح بل هو استعداد كما ذكر يوحنا وفى يو 19: 31 يقول (ثم إذ كان استعداد فلكى لا تبقى الأجساد على الصليب فى السبت لأن يوم ذلك السبت كان عظيما سأل اليهود بيلاطس ان تكسر سيقانهم ويرفعوا) ومن هذا نفهم أن الفصح كان يوم السبت الذى يبدأ من مساء الجمعة نفهم أيضا من مسألة مشترى حقل الفخارى متى 27: 3 – 7، ومشترى الكتان مر 15: 26، ولو 23: 53، وتسخير سمعان لحمل الصليب بعد رجوعه من عمله بالحقل متى 27: 32 ومر 15: 21، ولو 23: 26 وذلك لأنه لوكان يوم الجمعة هو عيد الفصح لما جاز فيه العمل والبيع والشراء..الخ. أما إذا قيل كيف جاز للسيد المسيح أن يصنع الفصح اليهودى قبل ميعاده الذى عينته الشريعة؟ فنجيب عليه: حاشا للسيد أن يخلف مواعيد الشريعة التى هو ربها. وإنما رؤساء اليهود هم الذين اتفقوا فيما بينهم على تأخير الفصح عن ميعاده القانونى حتى يتمكنوا من محاكمة السيد وقتله قبل حلول العيد لئلا يكون هناك شغب فى الشعب متى 26: 3 – 5 إن يوسيفوس المؤرخ اليهودى يقول أن سيدنا أكل الفصح فى تلك السنة ليلة الجمعة فى الميعاد. أما اليهود فأخروه إلى ليلة السبت بسبب إئتمارهم على صلبه والخلاصة من كل هذا أن السيد اكل الفصح اليهودى فى ميعاده القانونى حسب الشريعة واليهود هم الذين أخروه لثانى يوم لسبب فى أنفسهم والآن نقول ما أحكم وأدق صنع ربنا له المجد فى سائر تصرفاته ومواعيده فإن خروف الفصح اليهودى وهو يرمز لسر جسده ودمه وسر صلبه المجيد. كانت تقضى الشريعة أن يشتريه اليهود فى اليوم العاشر من الشهر ويحفظونه حتى اليوم الرابع عشر منه ويذبحونه فى مساء ذلك اليوم بين العشائين أى بين المغرب والعتمة خر 12: 3، 6 هكذا ربنا جاء إلى أورشليم فى العاشر من الشهر يوم أحد الشعانين وقبله أهلها مخلصا لهم، وبقى فيها وفيما جاورها من القرى إلى يوم الخميس الرابع عشر من الشهر. وفى الميعاد الناموسى أى بعد غروب الخميس قدم خروف الفصح هو وتلاميذه وحدهم كأنما ذلك بحالة سرية وخفية عن مجموع الأمة اليهودية. وبتقديمه إياه ختم لشريعة اليهودية شريعة الظل والرمز الآخذة فى الأختفاء عب 8: 13 وشرع حالا فى شريعة النور والحق الآخذه فى الأستقرار والظهور عب 9: 8 – 23 فضحى بجسده ودمه بوجه سرى وغيرمنطوق بعظمته مسلما إياه لتلاميذه الأطهار تحت شكل الخبز المختمر والخمر الممزوج بالماء فى سر الأفخارستيا المجيد، حيث كان لا بد للضحية التى أشارت إليها الطقوس اليهودية الأحقاب الطويلة أى جسده ودمه من أن تقدم وتضحى فى ميعادها الشرعى تماما. لأنه مهما كان شر البشر وتلاعبهم بمواعيده فإن ذلك لا يعيقه عن إتمام إرادته المقدسة فى ميعادها بكل إحكام. فما أدق وأرهب هذا التوافق العجيب؟! بل لنتأمل أيضا كيف أنه فى الميعاد الذى كان اليهود يستعدون فيه لذبح خروف الفصح علنا وجهرا، كانوا هم أيضا يقتلون المرموز إليه بذلك الخروف.. معلقا على الصليب جهرا وعلنا. وكما لم يكسروا عظم ذاك لم يكسروا عظم هذا أيضا وفى نهاية ذلك النهار عينه..(الجمعة) كما ذبحوا الخروف كذلك يسوع أسلم الروح فى يدى الآب وبعدها طعنوه بالحربة فخرج منه دم وماء ودفنوه فى قبر جديد فى نفس المساء مت 27: 57 حينما كانوا يدفنون خروف الفصح فى بطونهم.
الفصح الأخير:-
ذهب السيد المسيح إلى بيت مارمرقس حيث كان الفصح معدا، وقد كان خروف الفصح يأكلونه سابقا وهم واقفين.. ولكن فى هذا الوقت كانت قد أدخلت عليه بعض التعديلات ومنها أنهم كانوا يأكلونه متكئين، ونجد هنا السيد المسيح قد إتكأ وعلى يمينه يوحنا الحبيب.. وعن يساره يهوذا الأسخريوطى، ربما رتب السيد المسيح إتكاءهم بهذا الترتيب ليكون السيد المسيح وهو فى وضع الأتكاء قريبا من يهوذا، لكى يستطيع السيد المسيح أن يحادث يهوذا همسا ولا يدينه علانية أمام باقى التلاميذ، وأيضا لكى يتم المكتوب " آكل خبزى رفع على عقبه " (لمزمور 41: 9) إذ كان يأكل من نفس الطبق مع السيد المسيح دعا السيد المسيح هذا الفصح فصحه وأنبأ التلاميذ أن هذا هو الفصح الأخير الذى يأكله معهم وأنه بتمامه يصير وفاؤه وانقضاؤه، ثم يدخل معهم فى عهد جديد بدمه وهذا هو ملكوت الله.. ثم أخذ الكأس الأولى (من أربعة كئوس كانت تشرب مع الفصح) بإعتباره رب الأسرة وقال إن هذه هى آخر مرة يشرب فيها الخمر الأرضية كجزء من ممارسات العهد القديم..
تحذيرات ليهوذا:-
صرح السيد المسيح لتلاميذه أن أحدهم سيسلمه.. فابتدأ كل واحد منهم يحزن فى داخله ويشك فى نفسه، وتحول هذا الشك إلى سؤال للرب: هل أنا هو يارب؟.. فأشار إلسيد المسيح مرة أخرى لما جاء فى المزامير: " إن الذى يغمس يده معى فى الصحفة هو الذى سيسلمنى " ولكى يكمل تحذيره ليهوذا أكمل السيد المسيح " إن ابن الأنسان ذاهب كما هو مكتوب عنه، ولكن الويل لذلك الرجل الذى بواسطته يسلم ابن الأنسان. كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد ". هنا السيد المسيح يستعمل لقبا لاهوتيا وهو لقب " ابن الأنسان " سبق أن استعمله من قبل، وورد أيضا فى نبوات دانيال النبى: " كنت أرى فى رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن انسان أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه، فأعطى سلطانا ومجدا وملكوتا لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض " (دانيال 7: 13، 14) بل وحذر يهوذا فى كلام صريح من النهاية المحتمة التى تنتظره إن ظل مصرا على شره وللعجب أن يهوذا يسأل السيد المسيح مثلما سأله باقى التلاميذ " هل أنا هو يا معلم " مما جعل السيد المسيح يجيبه بصراحة وقال له: " نعم أنت هو "السيد المسيح استخدم نفس الكلمات التى تحدث بها داود النبى عن أخيتوفل الجيلونى الذى كان مشيرا له وكان يأكل على مائدته، ثم خانه وانضم إلى ابشالوم فى تمرده على أبيه داود، وكانت نهايته بأن مضى وخنق نفسه ومات (2- صموئيل 15، 16، 17) وكان التحذير واضحا.. ولكن يهوذا كان قد أغلق قلبه وفى محاولة أخرى للسيد المسيح مع يهوذا بعدما رد على سؤاله أخذ لقمة وغمسها فى الصحفة التى أمامهم، وقدم اللقمة إلى يهوذا وقال مكملا حديثه معه فى تأكيد واضح " إنه هو الذى سأعطيه اللقمة التى أغمسها "يقول الأنجيل للقديس يوحنا أنه بعد اللقمة إذ لم تجد معه كل تحذيرات الرب، وترك قلبه (وهو بكامل إرادته) مفتوحا للشيطان.. إمتلكه الشيطان إمتلاكا. ثم يذكر الأنجيل: " أما يهوذا فبعد أن أخذ اللقمة خرج على الفور، وكان الوقت ليلا " مشيرا فى ذلك ليس إلى التوقيت الزمنى فقط، (إذ أنه من المعروف أن خروف الفصح يؤكل مساءا) ولكن أيضا إلى حالة الأظلام الروحى التى كان عليها يهوذا " لأن الذى يمشى فى الظلام لا يدرى إلى أين يذهب " (يوحنا 12: 35) – هؤلاء ينابيع لا ماء فيها وغيوم تسوقها الزوبعة ولهم حفظ ضباب الظلمة " (2- بط 2: 17) ذهب يهوذا إلى بيت قيافا مخبرا إياه بوجود السيد المسيح مع تلاميذه فى بيت (مرقس) وأنه فى الأمكان القبض عليه فى هدوء هناك (متى 26: 21- 25)، (مر 14: 18 – 21)، (لو 22: 21 – 23)، (يو 13: 18، 21- 30).
غسل الأرجل:-
تقوم الكنيسة المقدسة فى إحتفالها بيوم خميس العهد بإتمام ثلاثة طقوس هى على الترتيب:
1. صلوات الساعات النهارية للبصخة.
2. اللقان وغسل الأرجل.
3. القداس الإلهى (تتميم سر الأفخارستيا).
وهذا الترتيب هو نفس الترتيب الذى راعاه الرب فى هذا اليوم، إذ أنه بعد ما تمم الفصح، قام عن العشاء وغسل أرجل تلاميذه.. ثم قدم لهم جسده ودمه الأقدسين تحت أعراض الخبز والخمر.
خدمة غسل الأرجل:-
هذه الخدمة هى إعلان حب إلهى.. يسوع وهو عالم أن ساعته قد جاءت لينتقل من هذا العالم إلى الآب، أحس بذلك الإحساس الذى يجيش فى قلب كل انسان عندما يشعر أن وقت انحلاله قد حضر، يحاول أن يعبر بكل وضوح عما يجيش بصدره وقلبه لأحبابه، حين يذكر القديس يوحنا غسل السيد المسيح لأرجل تلاميذه فإنه يسبقها بعبارة جميلة ومؤثرة عن حب السيد المسيح اللانهائى لخاصته.. إنه وهو الله لم يستنكف أن يقوم عن العشاء ويغسل أرجل تلاميذه فى درس عملى عن المفهوم الحقيقى للعظمة.. السيد المسيح أحب خاصته، وأظهر لهم حبه اللانهائى، إن حب السيد المسيح لخاصته لم ينقص فى أى فترة وفى أى ظرف، ولكن الرب اتخذ من هذه المناسبة فرصة لإظهار أقصى حدود محبته فقد أحبهم إلى غاية الحب لم يكن اتضاع الرب منافيا مع شعوره بعظمته وقدرته وسلطانه وأن كل هذه الأمور لم تكن عقبة فى إعلان حبه واتضاعه إلى المنتهى بل زادته اتضاعا وحبا لخاصته أراد الرب بحبه واتضاعه أن ينزع الكبرياء من نفوس تلاميذه، ونحن أيضا:
كانت بين التلاميذ مشاجرة من منهم يكون الأكبر؟ فقال لهم يسوع ملوك الأمم يسودونهم والمتسلطون عليهم يدعون محسنين، وأما أنتم فليس هكذا بل الكبير فيكم ليكن الأصغر والمتقدم كالخادم لأن من هو أكبر الذى يتكىء أم الذى يخدم أليس الذى يتكىء ولكنى أنا بينكم كالذى يخدم..!
فقام عن العشاء: ولا شك أن التلاميذ تفرسوا فيه عندما قام عن العشاء ماذا يفعل، وإذ به (يخلع ملابسه) الخارجية وفيها ذلك الثوب المنسوج كله بغير خياطة وغالبا هذه هى الثياب عينها التى اقتسمها الجنود عند الصليب.
وأخذ منشفة: هذا هو المنديل الذى كان يلبسه العبيد والخدم والحشم عند قيامهم بخدمة أسيادهم.. فياله من منظر رائع بهر التلاميذ ويوحنا الذى يصفه لنا بكل دقة ووضوح، وإتزر بها كما يتمنطق العبد الواقف عند خدمة سيده، هل خزى التلاميذ بعدما ألقوا على بعضهم هذا السؤال من هو العظيم بينهم لأن الرب أراد أن يقوم بهذه الخدمة الجليلة لتلاميذه القديسين فقام بها على أكمل وجه وصورة.
المسيح يغسل أرجلهم:-
ثم صب ماء وأبتدأ يغسل أرجلهم ويمسحها بالمنشفة، كان ممكن للرب أن يغسل الأرجل ويكلف أحدهم بمسحها أو يعاونه فى هذه الخدمة أو فى بعضها إلا أنه رضى أن يقوم هو وحده بكل أركانها حتى متى جاء الوقت المبارك على الصليب يقول لله الآب كل ما أمرتنى به عملته فلا يدعى إنسان ولا يبقى لأى أحد مجال أن يدعى أنه كانت له يد فيما عمل السيد المسيح فقال على الصليب " قد أكمل " إن الماء يرمز إلى النقاوة والتطهير، ويرمز إلى الحياة، ويرمز إلى عمل الروح القدس أو إلى الروح القدس نفسه قام السيد المسيح عن المائدة وخلع رداءه وأتزر بمنشفة، وصب ماء فى المغسل وإبتدأ يغسل أرجل تلاميذه، إن هذا المنظر لا شك أنه يدهش الأنبياء والملائكة والقديسين فى السماء، إنه يدهش أبونا ابراهيم لأنه حينما رأى قديما ثلاثة رجال فطلب منهم بحب وكرم جزيل إن كنت قد وجدت نعمة فى عينك فلا تتجاوز عبدك ليؤخذ قليل ماء واغسلوا أرجلكم واتكئوا تحت الشجرة (تك 18: 3) أما اليوم فالرب بنفسه يتكىء على الأرض ويتزر بالمأزرة ويغسل أرجل تلاميذه القديسين وأدهش لوط الذى استقبل الملاكان فى سدوم وقال ميلا إلى بيت عبدكما وبيتا واغسلا أرجلكما ثم تبكران وتذهبان (تك 19: 2) وعندما جاء إلى بطرس الرسول الذى وجد فى هذا العمل إهانة لمعلمه، ولكن حين قال له السيد المسيح: " إن لم أغسل رجليك فليس لك معى نصيب " طلب بطرس أن يغسل السيد المسيح ليس رجليه فقط بل أيضا يديه ورأسه، رد عليه السيد المسيح " إن الذى استحم لا يحتاج إلا إلى أن يغسل قدميه فإنه طاهر كله " أى أن المؤمن الذى اغتسل فى المعمودية وصار طاهرا ولكن بحكم حياته فى العالم فإنه يحتاج فقط إلى التوبة عن الخطايا والسهوات قام السيد المسيح عن العشاء، خلع ثيابه، أخذ منشفة إتزر بها، ثم صب ماء فى مغسل وابتدأ يغسل أرجل التلاميذ، ويمسحها بالمنشفة هذه الخطوات السبع التى خطاها الرب يسوع فى غسل أرجل تلاميذه القديسين إنما تحمل بين طياتها وثناياها رمزا ضمنيا إلى الخطوات الخالدة التى اتخذها الفادى فى تنفيذه تدبير الفداء العجيب للبشرية كلها:
فقيامه عن العشاء يرمز إلى تركه أمجاد السماء،وخلع ملابسه يشير إلى إخلاء نفسه،وأخذه المنشفة يشير إلى تجسده فى جسم بشريتنا،وإتزاره بالمنشفة يرمز إلى أخذه صورة العبد،وصبه الماء فى المغسل يرمز إلى بذل دمه الثمين لأجلنا،وغسله أرجل تلاميذه يكنى به عن تطهيره للعالم بالمعمودية،ومسحه أرجلهم كناية عن تقديس العالم بسر الميرون المقدس بركات عجيبة فى سر غسل أرجل التلاميذ إنما يشير إلى كل هذه البركات العجيبة التى تمت نحو الفداء المبارك الذى قدمه الرب للبشرية مما جعل أبونا القديس بولس الرسول فى رسالته إلى فيلبى يقول" فليكن فيكم هذا الفكر الذى فى المسيح يسوع أيضا الذى إذ كان فى صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله لكنه أخلى نفسه آخذا صورة العبد صائرا فى شبه الناس وإذ وجد فى الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب " (فى 2: 5)وبعد أن أتم غسل الأرجل شرح لهم معنى عمله هذا وأوصاهم بالأقتداء به، وأيضا ذكرهم بأن ليس كلهم طاهرون، إشارة إلى يهوذا الذى أسلمه من المؤكد أن يهوذا الإسخريوطى لم يحضر غسل الأرجل، لأنه كما اتضح أنه غادر بيت القديس مرقس الرسول بعدما غمس السيد المسيح اللقمة وأعطاه. وكان هذا أثناء أكل الفصح.
تأسيس سر الأفخارستيا:-
بعد أن أكل السيد المسيح الفصح الأخير مع تلاميذه وغسل أرجلهم بعد خروج يهوذا الأسخريوطى، أخذ خبزا وبارك وشكر وكسر وقدمه إلى تلاميذه قائلا لهم: أن هذا هو جسده الذى يقدم فداء وكفارة عن خطايانا وأمسك كأسا ممزوجة من خمر وماء وقال لهم بفمه الإلهى الطاهر: أن هذا هو دمه المسفوك عن خطايا العالم وهذه الكأس هى غير الأربعة كئوس التى كانت تشرب أثناء أكل الفصح.. لأن الفصح كان قد تم أكله ورفع من على المائدة من قبل غسل الأرجل يقول البعض أن السيد المسيح قد أسس سر الأفخارستيا فى حضور يهوذا الأسخريوطى.. وأن يهوذا قد اشترك فى التناول قبل خروجه، إلا أن هذا القول مردود عليه من قول السيد المسيح: " إنه هو الذى سأعطيه اللقمة التى أغمسها ". ثم غمس اللقمة وقدمها ليهوذا بن سمعان الأسخريوطى " (يو 13: 26)، وواضح أن النص هنا لا يتكلم عن التناول، فالتناول ليس فيه غمس.
سر الأفخارستيا:-
إن تأسيس سر الأفخارستيا فى الليلة الأخيرة للسيد المسيح، له دلالة هامة، وترتيب بحكمة إلهية فائقة، لقد تحدث السيد المسيح عن الخبز الحى، وعن أكل جسده، فى أكثر من مناسبة، مرة للتلاميذ ومرات للجمهور، وهناك من تقبل هذا الكلام، وآخرون لم يفهموه بل وتركوه ومضوا، ولم يتراجع السيد المسيح عن أى كلمة أو حرف، مما قاله بل ترك لمن يرجعون للخلف أن يمضوا.. لقد اعترض اليهود على كلام السيد المسيح، هذا الأعتراض المبنى على حكم العقل والحواس الجسدية قائلين (كيف يقدر هذا أن يعطينا جسده لنأكل؟ يو 6: 51، 52). وأيضا أعترض الكثيرون من تلاميذه نفس الأعتراض الحسى والعقلى قائلين " إن هذا الكلام صعب من يقدر أن يسمعه؟ " فماذا كان جوابه لهم؟
كان جوابه لهم مبنيا على إباحة استعمال العقل، ولكن فى حدود سلطانه فقط. قال (أهذا يعثركم فإن رأيتم ابن الأنسان صاعدا إلى حيث كان أولا).. أى أنكم لو عملتم مقارنة عقلية بسيطة بين ماصنعته أمامكم من المعجزات الحسية وما سترونه من آية صعودى بالجسد إلى السماء مستقبلا، وبين ما أقوله لكم اليوم من أن الخبز الذى أنا أعطيه لكم هو جسدى، لعرفتم قدرتى وصدقتم قولى، ولم تجدوا شيئا يعثركم، ثم كمل جوابه قائلا (الروح هو الذى يحى. أما الجسد فلا يفيد شيئا لأن كلامى هو روح وحياة). أى لا تأخذوا السر تحت حواسكم الجسدية. ويكفيكم من جهة هذه الحواس ما صنعته أمامكم من المعجزات وما سترونه بعيونكم من صعودى إلى السماء فتؤمنون بالمقارنة إلى ذلك بكل أقوالى وأسرارى إن السيد المسيح لم يلغ استعمال العقل البشرى لأنه موهوب منه، إنما أباح استعماله فى حدود السلطان الممنوح له من الله. التلاميذ الأثنى عشر استعملوا عقولهم فى حدود هذا السلطان فآمنوا بأن الخبز الذى سيعطيه المسيح لهم هو جسده ولو لم تتحقق عقولهم وحواسهم من ذلك تحققا ماديا واليوم نجد من الطوائف ما يرفض أن قرره السيد المسيح، فليمضوا مع من مضوا، فمن لا يأكل من جسد السيد المسيح ويشرب من دمه فهو لم يستفد من ذبيحة الصليب أو من عملية الخلاص التى أتمها السيد المسيح له المجد. لأن السيد المسيح صلب ومات عن البشرية كلها.. ولكن الذى يأكل من جسده ويشرب من دمه هو فقط الذى أستفاد من عملية الفداء..، عندما أشبع السيد المسيح الشعب من الخبز والسمك، ثم تبعوه ليأكلوا من هذا الخبز، وجه أنظارهم إلى الخبز الحى.. ولهذا فلابد فى هذا المجال أن نتحدث بإيجاز عن سر الأفخارستيا.
(أسماء السر ورموزه):-
لهذا السر أسماء كثيرة، وكل منها يدل على معنى مخصوص من مفاهيمه ومقاصده السامية ومنافعه الفائقة للطبيعة. وكلها مأخوذة من نصوص وروح الكتاب المقدس، وهذه بعضها:
الأفخارستيا وهى كلمة يونانية معناها الشكر، سر الشكر، مائدة الرب، المائدة الربانية، العشاء السرى، العشاء الربانى، سر التناول، الأسرار الألهية، المائدة الرهيبة، الذبيحة المقدسة، الجسد والدم، الذبيحة غير الدموية، خبز الحياة، المائدة المقدسة، الخبز السماوى، طعام الحياة، سر الأسرار، الوليمة الألهية، الوليمة السماوية، السر المجيد،.. إلى غير ذلك من الأسماء الدالة على سموه وعظمته.
سمو السر:-
أسرار الكنيسة السبعة هى نعم فائقة جليلة سماوية، ينالها المؤمن بمواد يقدسها الروح القدس باستحقاقات سر الفداء العظيم الذى أكمله ربنا يسوع المسيح على الصليب، وهى سرية باطنية ينالها المؤمن تحت العلامات والمواد المنظورة التى تتقدس كما رسم لها الله تعالى وما هى إلا بمثابة قنوات ومجارى تتدفق فيها النعم من نهر الفداء العظيم، لذلك من طقسها رسم الصليب وذكر الفداء وأنه وإن كانت جميعها سامية جليلة لخلاص المؤمنين وتقويتهم فى الحياة الروحية والجسدية..الخ إلا أن العشاء الربانى أسماها مقاما، وأغزرها فيضا وأعمها شمولا، وأكثرها إظهاراللحب الفائق فى سر الفداء العجيب للأسباب الآتية:-
أولا: سموه عن الأدراك حيث أن المادة المنظورة فى كل سر غيره تلبث كما هى غير متغيرة ولا مستحيلة، ولكن فى سر التناول لا تلبث المادة أى الخبز والخمر على حالها بل تستحيل أو تتغير، أما الخبز فإلى ذات جسد المسيح وأما الخبر فالى دمه، وذلك بوجه سرى يفوق الفهم كما شاءت سلطته وقدرته العلوية.
ثانيا: عظم الموهبة والنعمة التى ينالها المتقدم لهذا السر فان ربنا له المجد يهب المؤمنين بعضا من مواهب الخلاص بواسطة الأسرار الأخرى كل بحسب غايته وطبيعته، إلا أنه فى هذا السر يقدم لنا ذاته المقدسة غذاء وشرابا فتجرى إلينا وفينا حياته وتصير حياتنا كما أنه بذلك يجعل المؤمنين جميعا جسدا واحدا أو روحا واحدا.
ثالثا: أن الرب يقدس بروحه الأقدس سائر الأسرار ولكنه فى هذا السر يحضر بلاهوته وناسوته معا، فيلهب قلوبنا بالأشواق المقدسة والعبادة الحارة لشخصه المبارك.
رابعا: أن الأسرار الأخرى من بركات ذبيحة الفداء أما هذا السر فهو الذبيحة نفسها.
ظروف اقامة السر كالوعد ونصوصها الصريحة:-
لماذا أسس رب المجد سر الأفخارستيا فى الليلة الأخيرة؟؟
ما الفرق بين سر الأفخارستيا، وذبيحة الصليب؟؟
إن الظروف التى أسس فيها هذا السر تعطينا دليلا واضحا على صدق العقيدة الأرثوذكسية.
(أولا) نجد السيد المسيح مارس أولا الفصح اليهودى الذى كان يرمز لهذا السر وبعد اتمامه وختمه شرع فى تأسيس الفصح الجديد أى أنه خرج من الظل إلى الحقيقة ومن الصورة والمثال إلى الواقع وكما كان العهد القديم مثبتا بدم الحيوانات، هكذا نجده ثبت العهد الجديد بدمه الثمين ولو كان ثبته بالخمر فقط كما تزعم بعض الطوائف لكان العهد القديم أشرف من العهد الجديد وهذا لم يقل به أحد.
(ثانيا) إن السيد سلم السر لتلاميذه فى آخر ليلة من حياته على الأرض والانسان عادة فى مثل هذه الساعة يتوخى الأيضاح والأفصاح لا الأبهام والتأويل، مهما عاش كل حياته يتكلم بالمجاز والألغاز، فهل السيد المسيح الذى كان يفسر لسامعيه كل اقواله يصدر منه إبهام وألغاز وقت الإيضاح والإفصاح؟ حاشا..
(ثالثا) إذا رجعنا إلى نصوص الأناجيل الثلاثة التى وردت فيها حادثة تأسيس السر وهى فى متى 26 ومرقس 14 ولوقا 22 نجدها تصف وليمة حدثت فعلا، وليس هناك فى وصفها مجال للأبهام بل هى غاية فى الصراحة والأفصاح. لأن جميعها تنص أن السيد أخذ خبزا وبارك وشكر وكسر وأعطى تلاميذه قائلا: خذوا كلوا هذا هو جسدى والخمر قائلا اشربوا هذا هو دمى.. أليست هذه الألفاظ تصف أفعالا حدثت بالتمام (أخذ – وبارك – وشكر – وكسر – وأعطى – وقال -..الخ) وقد فهم الرسل أقواله وأفعاله كما تفهمها الكنيسة الآن وسلموها لها فى مفترق أنحاء المعمورة سالمة كاملة كما هى. وآمنت بها الأمم الكثيرة المختلفة الأجناس والمجامع المقدسة لمدة أجيال عديدة وأزمنة مديدة فهل خدع السيد المسيح تلاميذه وهم أيضا خدعوا الكنيسة والأمم والمجامع وبقيت هذه الضلالة راسخة بالكنيسة حتى القرون المتأخرة؟ هل هذا منطق معقول؟ ومن يتجاسر أن يقول ذلك أو يؤمن بغير ما سلمه المسيح لتلاميذه وسلمه هؤلاء للكنيسة وباق فيها إلى اليوم.
بعض افتراءات الطوائف ضد الكنيسة الأرثوذكسية والرد عليها:-
دحض استعمال الفطير:-
سارت الكنيسة بأسرها شرقا وغربا من فجر المسيحية حتى القرن ال 11 على أن تقدم مادة الجسد فى هذا السر المبارك من الخبز المختمر وقد استمرت الكنائس الأرثوذكسية وستستمر على ذلك إلى أن يجىء الرب فى مجيئه الثانى. إلا أن الكنيسة البابوية منذ ذلك القرن أجازت تقديم المادة فطيرا عوض الخبز المختمر وأصل هذه البدعة يرجع إلى أبو ليناريوس المبتدع الذى ظهر فى القرن الرابع وجدف قائلا: إن المسيح فى تجسده من البتول صار جسدا بلا نفس بشرية ولا عقل بشرى، زاعما أن لاهوت السيد قد ناب فيه عنهما وبناءا على هذا الزعم الفاسد صار يقدس سر الشكر بالفطير خلوا من الخمير والملح مشيرا بذلك إلى عقيدته فى ناسوت المسيح، وقد حرم هذا التعليم فى المجمع المسكونى الثانى سنة 381 م ومن الغريب أن الكنيسة البابوية تنكر تعليم أبو ليناريوس بخصوص ناسوت مخلصنا، ولكنها تجيز تقديم مادة السر من الفطير مع أن هذا مبنى على ما تنكره كما ذكرأما الأدلة التى تقدمها الكنيسة الأرثوذكسية على مخالفة الكنيسة الرومانية فى ذلك للطقس الذى وضعه ربنا له المجد فهى كما يلى:
أولا: الأنجيليون الثلاثة الذين تكلموا عن تأسيس السر قالوا بصريح العبارة (خبزا) مع العلم بأن كلا من الكلمتين (الخبز) و (الفطير) كانت تستعمل لغرض لا تستعمل له الأخرى، وقد فرق الكتاب بينهما بصريح اللفظ والمعنى. فالفطير له أسمه الخاص، ولا يمكن أن يطلق عليه اسم الخبز عد 6: 9.
ثانيا: عندما تكلم بولس الرسول وقال سلمتكم ما تسلمت من الرب أنه فى الليلة التى أسلم فيها ذاته.. الخ ذكر مادة السر وسماها (خبزا) 1 كو 11: 23، وهذا يطابق ما أوضحه سفر الأعمال عن الكنيسة فى فجر عصورها حيث يقول فى ص 2: 42 وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات (أع 2: 46، 20: 7، 1 كو 10: 16، 17).
ثالثا: كلمة (آرطوس) اليونانية التى تكلم بها الوحى تعنى حبزا مختمرا مرتفعا لا هابطا، أما الكلمة الأخرى التى تعنى (فطيرا) فهى (آزيموس) ولم ترد مطلقا فى أثناء الكلام عن السر، وعليه فمن يقولون أن المسيح أخذ خبزا فطيرا كأنهم يجعلون العبارة متناقضة هكذا (آرطوس آزيموس) أى خبزا مرتفعا (يعنى مختمرا) بلا خمير وكيف يكون الخبز الواحد مختمرا وبلا خمير؟.
رابعا: قد سارت الكنيسة بأسرها على تقديم السر بمادة الخبز حتى القرن ال11 حيث انشقت الكنيسة الرومانية فى ذلك، فهل كانت سائرة على خطأ كل هذه القرون؟ ومما يؤيد ذلك أننا لو رجعنا إلى أقوال الآباء الأقدمين كيوستينوس فى احتجاجه الأول، وإيريناوس ضد الهرطقة، والذهبى الفم، وكيرلس الأورشليمى تجدهم لم يذكروا مادة السر إلا بلفظه الخبز الأعتيادى أو الخبز المختمر والقديس أبيفانوس رئيس أساقفة قبرص المتنيح سنة 403 م عندما تكلم عن هرطقة الأبيونيين قال: (أنهم كانوا يتمسكون بالشريعة الموسوية وأنهم كانوا يتممون سر الأفخارستيا بفطير وماء فقط) موضحا أن ذلك مخالف لعادة الكنيسة لقد حرصت كنيستنا الرشيدة المؤيدة بالروح القدس على تقديم الذبيحة الإلهية من خبز مختمر لا كفطير، لأن الفطير يشير إلى حياة السيد المسيح له المجد قبل الصلب فقط وأعماله كانت خالية من الخمير الذى هو رمز الشر، أما وقد حمل خطايانا فى جسده على الصليب وقدم ذاته ذبيحة خطية عنا.. لذلك لزم جدا أن يضاف الخمير فى الخبز المقدم فى القداس إشارة إلى الخطية التى حملها فى جسده لأن ذبيحة القداس الألهى تشمل الصليب وما قبل الصليب ولكن الكنيسة لم تكتف بوضع الخمير فقط، بل لزم أن يدخل النار حتى تموت هذه الخميرة ثانيا كما ماتت الخطية فى جسد المسيح المقام من الأموات، فالخميرة موجودة فى قربان القداس ولكنها ميتة بفعل النار، وكما أبطلت النار فعل الخميرة كذلك أبطل المسيح الخطية يقول البعض من أين جىء بالخبز المختمر للسيد المسيح فى وقت كان محظورا على بنى إسرائيل تواجد للخمير فى بيوتهم أثناء أكل الفصح؟
وللأجابة على ذلك نشير إلى أن السيد المسيح أتم طقس الفصح قبل اليهود بيوم كامل، وفى موعده حسب شريعة موسى النبى، بسبب ما ذكرناه سابقا.. وهذا معناه أن الأستعداد عند اليهود كان يوم الجمعة.. وهذا يعنى وجود خبز مختمر فى بيوت اليهود يوم الخميس مساءا حيث أتم السيد المسيح الفصح، إذا يتبين من كل ما ذكر أن وجود الخمير مساء يوم الخميس ليلة الجمعة حيث صنع السيد الفصحين معا أمر ميسور جدا وبهذا يسقط الأعتراض من أساسه.
دحض من ينكرون أن سر الأفخارستيا هو رمز فقط:-
لا يوجد حديث أكثر قوة من حديث مخلصنا الذى تكلم بشكل واضح لا غموض فيه أو لبث، وعندما تشكك البعض من كلامه لم يلتفت إليهم، فالله عندما أوصى العبرانيين بنظام الذبائح بواسطة موسى وهارون والكهنة، هل كان يمكن أن يعترض أحدا من اليهود على هذه الطقوس، برغم عدم فهمهم فى ذلك الحين الغرض (الجوهرى)، الذى ترمز إليه تلك الذبائح؟ كذلك بالنسبة لسر الأفخارستيا الذى ثبته لنا السيد المسيح له المجد، هل يجوز لنا نحن البشر بعقولنا وتفكيرنا المحدود أن نناقش رب المجد فى هذا الأمر لقد ورد فى انجيل القديس لوقا 22: 19، 20 (وأخذ خبزا وشكر وكسر وأعطاهم قائلا هذا هو جسدى الذى يبذل عنكم..وكذلك الكأس، قائلا هذه الكأس هى العهد الجديد بدمى الذى يسفك عنكم) فما دام هناك جسد يبذل ودم يسفك فهذا هو الذبيحة الحقيقية ثم لنلاحظ قوله العهد الجديد، ونحن نعلم أن العهد القديم تثبت بذبائح ودم الحيوانات (خر 24) فلا بد إذا لثبات العهد الجديد من ذبيحة أسمى ودم أعلى بمقدار ما سما العهد الجديد عن العهد القديم، إذا من نفس النصوص الإلهية والمقارنة بين العهدين نعرف يقينا بأن هذا السر ذبيحة مقدسة إن الذين يجردون العهد الجديد من الذبيحة الحسية ويكتفون بالقول أن ذبيحته هى الصلوات والصدقات ليس إلا، يجعلون العهد القديم أشرف من العهد الجديد، لأن الصلوات والصدقات كانت موجودة أيضا ومحتمة فى العهد القديم، وفوق هذا فإن ذبائح العهد القديم مع أنها كانت يصور شيئا مزمعا كيانه فى المستقبل أعنى به صلب المسيح، فانها كانت تقدم بصورة حسية مادية من ثيران وخرفان..الخ، فإذا من باب أولى ذبيحة العهد الجديد التى تصور موت المسيح الذى سبق حدوثه وتم فعلا. بل أحرى أن يقال أنها ذات ذبيحة الصليب يجب أن تكون حسية مادية لا معنوية فقط كالصلوات ولو عرف المكتفون بالصلوات والصدقات معنى الذبيحة الحقيقية وما يتعلق بها لأدركوا مقدار شططهم فيما يتمسكون به، لأن الذبيحة الحقيقية لها شرطان ضروريان (الأول): أن تكون غايتها الأساسية التعبد والمذلة لله، فكل التقدمات والذبائح الموسوية أمر الرب بتقديمها بحال حسية منظورة تعبدا له واعترافا بربويته، ولكى تتجسم العبادة الباطنية الغير المنظورة، تبعا لتركيب الأنسان الطبيعى من روح مقترن بجسد، فكل انفعالات الروح الباطنية تتم وتظهر جسديا، ولا يمكن أن تكون عبادتنا الباطنية كاملة إلا إذا اقترنت بالذبائح الحسية لأننا لسنا أرواحا مجردة كالملائكة أما الشرط (الثانى) فهو ضرورة تقديم الذبيحة لله ذاته كما كان يفعل بمحرقات العهد القديم ةإلا فأنها تفقد الغرض الأساسى المقصود من تقديمها وهو التعبد لله تعالى. وعليه فكل ما يعطى ويقدم للناس من صدقات وحسنات لا يعتبر ذبيحة لله ذاته، (لأن معظم البشر من أديان وعقائد مختلفة) يفعلون ذلك من باب التعاطف بين البشر ومساعدة الأنسان والنتيجة من كل هذا أنه لا يمكن أن تخلو ديانة العهد الجديد من ذبيحة حسية مادية، كما لا يمكن اعتبار الصدقات ذبائح حقيقية لأن الذبيحة الحقيقية هى التى تقدم لله ذاته وبها نعترف بألوهيته ونقر بربوبيته لنا وتعبدنا له نضيف على ذلك أن السيد المسيح له المجد أعطى للجموع خبزا عاديا ليأكلوا (مع سمكا)، ولم يقل لهم وقتئذ أنه جسده.. وأكل الناس وشبعوا وكانت هناك بركة كبيرة بزيادة الفائض من الكسر والخبز حوالى أثنا عشر قفة مملوءة، وفى هذه المعجزة لم يقل لهم السيد المسيح أن هذا الخبز هو جسده، فلماذا يخلط دعاة (الرمز) الأمور ببعضها؟.
الأعتراض على مزج الخمر بالماء:-
يعترضون قائلين كيف تمزجون الخمر بالماء فى ممارسة السر مع أن الأنجيل لم ينص بهذا؟
الجواب عليه: اننا أخذنا ذلك من التقليد بالتسليم من الرسل أنفسهم الذين تسلموه من السيد له المجد. وإذا كان الأنجيل لم يذكر عن السيد أنه مزج الخمر بالماء فإنه لم يقل أيضا أن ما أعطاه لتلاميذه هو خمر صرف غير ممزوج يردون بالأعتراض على التقليد، فنوضح لهم أهمية التقليد فى كنيستنا الأرثوذكسية، وضرورة التمسك به وهنا نذكر بعض أقوال الآباء عنه: فالقديس أبيفانيوس أسقف قبرص المتنيح سنة 403 م قال: " إن التقليد لا بد منه، لأن الكتاب المقدس لا يتضمن كل شىء، على أن الرسل الأطهار تركوا أشياء فى الكتاب وأشياء فى التقليد – وأسابيوس المؤرخ يقول فى محاماته عن الأنجيل (إن رسل المسيح قد ألفوا أمورا بعضها مكتوب وبعضها غير مكتوب لتحفظ كأنها ناموس غير مكتتب) جاء فى أوامر الرسل هكذا (وقد أخذ الكأس ممزوجة خمرا وماء وقدسه، وأعطاهم قائلا اشربوا منه) – أما عن الآباء القديسين، فقد ذكره القديس ايريناوس فى كتابه ضد الهراطقة ويوستينوس فى احتجاجاته، والقديس كبريانوس بالقرن الثالث يقول (من التقليد تعلمنا مزج الخمر بالماء فى القداس) رسالة 63.وعلاوة على أن هذا التقليد غير مناقض للوحى كما ذكرنا فى مستهل الكلام، فإننا نجد فى الأنجيل إشارة عن مزج الخمر بالماء حيث يقول عن صلب السيد المسيح: (ولكن واحدا من العسكر طعن جنبه بحربة وللوقت خرج دم وماء) يو 19: 34، 1 يو 5: 6، 8 وهناك إشارة أوضح فى أقوال سليمان الحكيم عندما تكلم عن السيد المسيح وبناء كنيسته بالسبعة الأسرار، قال وهو يشير عن هذا السر (الحكمة " أى المسيح " ذبحت ذبحها مزجت خمرها) أم 9: 2 وفى ع 5 يقول السيد المسيح اشربوا من الخمر التى مزجتها. فمن قوله عن الخمر أنها مزجت وهو يشير إلى هذا السر نفهم بوضوح مزج الخمر بالماء. لذا نجد الكنيسة تسلمت هذا الأمر منذ ابتدائها.
هل هناك فرق بين ذبيحة الصليب وذبيحة القداس؟:-
لا فرق بين ذبيحة الصليب وذبيحة القداس من حيث الضحية نفسها. إذ يقول الكاهن معترفا بالقداس (أؤمن أؤمن أؤمن وأعترف إلى النفس الأخير أن هذا هو الجسد المحيى. الذى لإبنك الوحيد ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح. أخذه من سيدتنا وملكتنا كلنا والدة الإله القديسة الطاهرة مريم. وجعله واحدا مع لاهوته بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير. واعترف الأعتراف الحسن أمام بيلاطس البنطى وأسلمه عنا على خشبة الصليب المقدسة بإرادته وحده عنا كلنا، بالحقيقة أؤمن أن لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين، يعطى عنا خلاصا وغفرانا للخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه. أؤمن أؤمن أؤمن أن هذا هو بالحقيقة آمين) وذلك تبعا لقول السيد (والخبز الذى أنا أعطى هو جسدى الذى أبذله من أجل حياة العالم) وقوله (إن لم تأكلواجسد ابن الأنسان.. الخ) يو 6: 51، 53 وعندما نرجع إلى النصوص المتعلقة بتسليم السر من السيد له المجد إلى تلاميذه الأطهار ليلة صلبه نجده فوق تأكيده لهم أن ما يسلمه إليهم هو جسده ودمه بالذات، حيث قال جسدى ودمى فإنه قد جعل (مزية غفران الخطايا) التى لذبيحة الصليب هى بذاتها الهبة أو المزية التى لذبيحة العشاء السرى حيث جاء فى متى 21: 26 – 28 (وفيما هم يأكلون أخذ يسوع الخبز وبارك وكسر وأعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا هذا هو جسدى وأخذ الكأس وشكر واعطاهم قائلا اشربوا منها كلكم لأن هذا هو دمى الذى للعهد الجديد الذى يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا) وفى مرقس 14: 22 – 24 يقول (خذوا كلوا هذا هو جسدى ثم أخذ الكأس وشكر واعطاهم فشربوا منها كلهم وقال لهم هذا هو دمى الذى للعهد الجديد الذى يسفك من أجل كثيرين) وجاء فى رسالة بولس الرسول الأولى لكورنثوس 12: 27 – 29 (إذا أى من أكل هذا الخبز أو شرب كأس الرب بدون استحقاق يكون مجرما فى جسد الرب ودمه. ولكن ليمتحن الأنسان نفسه وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس لأن الذى يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب) والخلاصة مما سبق أن ذبيحة الصليب وذبيحة القداس هما ذبيحة واحدة أشرقت مرة على الصليب ؛ وتشرق كل يوم على مذابحنا.. وهى هى واحدة لا تكرار ولا فرق بينهما لا فى الضحية نفسها ولا فى مزاياها ولا فى مقدمها، لأن مقدمها فى الحالتين هو السيد المسيح بصفته رئيس كهنة (فالأولى قدمها بنفسه والثانية أسسها وأعطى لوكلائه العاملين بأسمه وتفويضه أن يقدموها) الذبيحة الأولى كانت على الصليب، كانت منظورة أمام العين البشرية جسدا ودما. أما الثانية فهى غير منظورة بالعين الجسدية، هى جسد ودم فى شكل الخبز وعصير الكرمة الذبيحة الأولى الصليبية قوتها واستحقاقاتها عامة، أما الثانية فقوتها واستحقاقاتها خاصة مستمدة من الأولى.. ويستفيد منها من يتناولها فقط ولعلنا ندرك الآن لماذا رتب السيد المسيح له المجد أن يؤسس سر الأفخارستيا فى اليوم السابق مباشرة لصلبه.. للعلاقة الوثيقة والواحدة بين الذبيحتين.
تحذيرات الرب لبطرس وللتلاميذ:-
السيد المسيح كان يعلم أن الشيطان سينتهز فرصة صلبه لكى يهز إيمان التلاميذ كما فى غربال لكى يسقطهم، وأعلم الرب بطرس أنه سينكره ثلاث مرات قبل صياح الديك، ثم حادث الرب تلاميذه منبها إياهم إلى ضرورة الأستعداد الروحى التام.. وتحدث عن سيف الروح، وكلمة الله (أفسس 6: 7) إلا أن التلاميذ لم يفهموا قصده وأشاروا إلى وجود سيفين.. فطلب منهم السيد المسيح الكف عن هذا الفهم الخاطىء، وكذلك حادثهم عن مجده. وقال قد تمجد أبن الأنسان معتبرا أن صلبه هو أعظم أمجاده حيث سيغلب قوى الشر، وبهذا يتمجد الله فيه مستوفيا عدله، وسيمجده الله سريعا بالظواهر التى صاحبت صلبه ثم قيامته.. وكذلك عندما يجلس عن يمين العظمة ويأخذ اسما فوق كل اسم كذلك أوصى السيد المسيح تلاميذه بأن يحبوا بعضهم بعضا، والحب وصية قديمة، إلا أنه أعطاها مفهوما جديدا، إذ قال إن درجة هذا الحب المطلوب هى أن يكون هذا الحب كحب السيد المسيح لنا إذ أسلم نفسه فداء عنا..! هذا الحب هو علامتنا كمسيحيين.
التسبيح بالمزامير:-
ثم سبح السيد المسيح مع تلاميذه حسب طقوس الفصح.
حديث الرب الوداعى للتلاميذ:-
وقبل أن يخرج السيد المسيح مع تلاميذه من بيت مارمرقس بدأ معهم حديثه الوداعى الطويل والذى سجله لنا القديس يوحنا فى أربعة اصحاحات هى الأصحاح الرابع عشر، والخامس عشر، والسادس عشر، والسابع عشر، بدأ حديثه فى العلية فى بيت مارمرقس واستمر طوال الطريق وكذلك فى بستان جثسيمانى المكان الذى أختاره ليتم القبض عليه فيه حدثهم وهم فى العلية عن السماء موضع راحتهم، وعن أنه هو الطريق ولا يوجد طريق سواه، وحدثهم عن إستجابة الله لصلواتهم وعن الروح القدس المعزى الآخر الذى سيرسله إليهم، والذى سوف يمكث معهم إلى الأبد، وعن الشركة الدائمة بينه وبينهم بعد إنطلاقه.. وحدثهم أيضا عن إرشادات الروح القدس لهم، وترك سلامه الذى يفوق كل عقل، وكذلك حدثهم عن إغتباطه بإنطلاقه ثم قال لهم: " لكن لكى يعرف العالم أنى أحب أبى وأنى أعمل ما أوصانى به أبى. قوموا ننطلق من هنا " (يو 14: 31). وطبعا الأنطلاق ليس للهرب ولكن إلى البستان المكان الذى اختاره ليتم القبض عليه فيه، والذى يعلم يهوذا أنه سيجد فيه السيد المسيح إذ لم يجده فى بيت مارمرقس إذ لم يجده فى بيت مارمرقس إذ كان قد قضى الليالى الكثيرة مع السيد المسيح والتلاميذ فى الصلاة فى هذا البستان وفى الطريق حادثهم السيد المسيح عن الثمار المطلوبة منهم وعن المحبة التى فى قلوبهم تجاه كل الناس وتجاه بعضهم البعض.. وحدثهم عن بغضة العالم وأهل العالم لهم.. وحدثهم ثانية عن المعزى روح الحق الذى يشهد للسيد المسيح (يو 15) وكذلك حدثهم فى الطريق عن المتاعب التى تنتظرهم ولكنه سيرسل لهم المعزى الذى سيبكت الأشرار على خطاياهم، ومن يفتح ذهنه لعمل روح الله يقبله الله، وحدثهم عن لقائه بهم بعد قيامته وأنه سوف يستجيب طلباتهم، وأنه سيترك حالة التواضع هذه ويعود إلى مجده.. (يو 16)..ولكن يبدو أن التلاميذ حتى هذة اللحظة كانوا غير مدركين تماما لموضوع الفداء ودور السيد المسيح وهو مقبل على الصلب..، ومثلهم مثل بقية الشعب اليهودى كانوا يتطلعون إلى المسيا الذى يخلص الشعب من نير الحكم الرومانى.. وإلى إعادة مجد الدولة العبرية وفى البستان قدم فى حديثه صلاة من أجل أن يمجده الله كما مجد هو الله الآب (شهد له يهوذا بأنه أسلم دما بريئا، شهدت له زوجة بيلاطس، وشهدت له عناصر الطبيعة، شهد له بيلاطس، شهد له هيرودس، شهد له لونجينوس " قائد الكتيبة "، اللافتة التى علقوها على الصليب لم تدنه بشىء)، وكذلك صلى من أجل تلاميذه لكى يحفظوا ويتقدسوا ويتمجدوا. (يو 17).
الآم الرب فى البستان:-
طلب السيد المسيح من تلاميذه البقاء فى البستان، وأخذ معه بطرس ويعقوب ويوحنا، وطلب منهم السهر والصلاة، ثم انتحى جانبا فى صلاة حارة، صلى ثلاث مرات وكان يعود كل مرة ليجد بطرس ويعقوب ويوحنا نائمين كان حزنه واكتئابه ليس آلاما جسدية وإنما صراع روحى رهيب، هو كذبيحة محرقة موضع سرور أمام الأب، وموضع سرور لنفسه، ولكن أن يكون ذبيحة خطيئة وإثم وتقع عليه جميع خطايا العالم منذ خلقته وحتى يوم القيامة.. لا يكون هذا موضع سرور لنفسه ولا للأب، ولم يذكر العهد القديم أن ذبيحة الخطيئة والأثم رائحة سرور أمام الله، من هنا نفهم كيف أن الأب اشتم ذبيحة السيد المسيح كرائحة سرور وهو يمثل ذبيحة المحرقة، وكيف أن الآب حجب وجهه عن السيد المسيح وهو يمثل ذبيحة الخطية وهو يرفع جميع خطايا العالم فى جميع العصور وهو البار الذى " لم يعمل ظلما ولم يكن فى فمه غش " (إشعياء 53: 9)، ومن هنا نفهم لماذا صرخ السيد المسيح نحو الآب قائلا: " إلهى..إلهى..لماذا تركتنى.. " (وهو يمثل ذبيحة الخطيئة).إن الذين حاولوا رسم صورة السيد المسيح وهو على الصليب، (وبرغم إجتهاداتهم الفنية)،.. لم يتوصلوا بعد لرسم الصورة الحقيقية التى تعبر عن الآم السيد المسيح وهو على الصليب.. وجهه ملطخ بالدماء.. والطين من تكرار سقوطه على الأرض.. الآلام النفسية من استهزاء الرعاع به، وهو الخالق القادر على إبادتهم بنفخة من فمه، وحزنا على البشرية الساقطة.. تقلصات جسمه وعضلاته من الآم الجلد بالسياط، ودق المسامير، وحمل خشبة الصليب..، نريد فنانا روحيا يتفاعل مع أحداث الصليب.. يرينا مع صورة المسيح فى خلفية الصورة ذبيحة المحرقة.. وذبيحة الخطية.. إنها دعوة لكل فنان مجتهد..!.
هذه الآلام النفسية والجسدية كانت مهولة.. صرخ السيد المسيح من شدة الألم معبرا عن رغبته الطبيعية فى تجنب الألم ولكنه جاء خصيصا من أجل هذا، لذلك قال: " يا أبتاه إن شئت فجنبنى هذه الكأس " ثم قال بعدها: " لتكن لا مشيئتى بل مشيئتك " خضعت مشيئته الناسوتية كما هى خاضعة دائما لمشيئته اللاهوتية، ليس له مشيئة منقسمة بل مشيئة واحدة هى مشيئة الآب التى هى مشيئة الأبن بإستمرار ظهر له الملاك يمجد لاهوته ليتقوى ناسوته. وتقول كتب الكنيسة أن هذا الملاك هو رئيس الملائكة جبرائيل وأنه جاء يسبح الله قائلا: " لك القوة " (لوقا 22: 43)
ظاهرة العرق الدموى هى ظاهرة نادرة، لأنه فى الأحوال العادية حين يزداد الألم بالإنسان حتى لا يستطيع أن يتحمل، ففى هذه الحالة غالبا ما يفقد الإنسان وعيه، ولكن إذا لم يحدث هذا فإن الشعيرات الدموية المحيطة بالغدد العرقية يزداد الضغط عليها فتنفجر وينضح الدم من البشرة مختلطا بالعرق، وهذا لا يحدث من جبهة الأنسان فقط بل من الجسم كله. ويكون نتيجة إختلاط الدم بالعرق أن يحدث نسمم فى جسم الأنسان وهذا ما أبرزه القديس لوقا الأنجيلى والطبيب
القمص تادرس يعقوب ملطى كاهن كنيسة مارجرجس أسبورتنج
عن كتاب أحداث الأسبوع الأخير
المزيد
12 أبريل 2023
أربعاء البصخة
اعتكف السيد المسيح طوال هذا اليوم فى قرية بيت عنيا، بعد أن ترك الهيكل مساء يوم الثلاثاء، وفى نيته عدم العودة إليه البتة، وذلك بعد أن قال لليهود " هوذا بيتكم يترك لكم خرابا لأنى أقول لكم أنكم لا تروننى من الآن حتى تقولوا مبارك الآتى باسم الرب.. (مت 23: 38 - 39) ونلاحظ هنا أن يسوع قال لليهود: " بيتكم ".. ولم يقل " بيت أبى ".. للدلالة على بدء تخلى رب المجد عن الأمة اليهودية التى رفضته من خلال مطالعتنا للبشائر الأربعة نستخلص حوادث هذا اليوم:-
انجيلا معلمنا متى (26: 6 – 13). ومعلمنا مرقس (14: 3 – 9)، يذكران لنا حادثة سكب قارورة الطيب على رأس مخلصنا فى بيت سمعان الأبرص.. وهى غير مريم أخت لعازر التى سكبت الطيب يوم السبت على قدمى الرب ومسحتهما بشعر رأسها، فى بيت لعازر.
الحادثة الثانية فتشترك الأناجيل الأربعة فى ذكرها وهى خيانة يهوذا الأسخريوطى واتفاقه مع رؤساء الكهنة وقواد الجند على الثمن ليسلمهم المخلص (مت 16: 14)، (مر 14: 10 – 11)، (لو 12: 3 – 6)، (يو 13: 1 – 3).
القمص تادرس يعقوب ملطى
عن كتاب أحداث الأسبوع الأخير
المزيد