الرهبنة القبطية في عصر القديس أنبا مقار

تمهید
إن شغفنا الشديد بالتقليد الكنسي والتراث الأبوي الروحي هو الذي دفعنا للإتجاه الرهباني نستعرض من خلاله الحياة المسيحية كما عرفتها الكنيسة القبطية في عصورها الأولى، لا في صورة أبحاث لاهوتية أو تأملات في مواضيع كتابية، ولكن في اختبارات حية وعهود محبة عاشها القديسون تطبيقاً مباشراً لتعليم المسيح والرسل والأنبياء ، فكانت حياتهم آيات من الإنجيل تعيش
وتتكلم ونحن هنا في هذا الكتاب إزاء نماذج إنجيلية حية تخصصت في طاعة الكلمة طاعة مطلقة فتقدست وتخلدت في سجل التاريخ الكنسي . أما غرضنا الوحيد في عرض هذا التاريخ الإنجيلي الحي فهو رفع الإنجيل من مستوى الوعظ الكلامي، الذي أصبح سمة هذا العصر، إلى مستوى المعيشة الحرة الواعية المنطلقة من قيود المدنية الكاذبة التي كادت تخنق الكلمة ، ظانين أننا بتقديم هذا الكتاب لشعبنا القبطي في هذا الوقت إنما ننبه فيه حاسة تقديس النفس الله والتبتل للكلمة الحية، بمعنى أن يستطيع القارىء أن يعطي حياته كلها لله وللإنجيل في أي صورة من صور العطاء تطبيقاً لدعوة الرسول كي يعيش الأحياء فيا بعد لا لأنفسهم بل للذي مات لأجلهم وقام .» (۲کوه : ١٥)