أبائيات

كلمه باترولوجيا patrologia مأخوذة من الكلمة اللاتينية pater أي "أب"، فعلم الأبائيات هو العلم الذي يبحث في حياة أباء الكنيسة الأولى وكتاباتهم وأعمالهم وأفكارهم اللاهوتية والروحية.ولابد من دراسة تعاليم كل أب وشروحاته في ضوء صوت الكنيسة الجامعة بكونه عضوا في الجسد الواحد.
الكتب (134)

مقالات الأنبا بولس البوشي أسقف مصر وأعمالها من علماء القرن الثالث عشر أبائيات

دراسات في اباء الكنيسة أبائيات

ماذا يقول الاباء عن الصداقه أبائيات

إسحق أو النفس للقديس أمبروسيوس أبائيات

أقوال الآباء وكتاباتهم الباترولوجى أبائيات

نظرة شاملة بعلم الباترولوجى أبائيات

قوانين الاباء الرسل وقوانين اكليمينضس وابوليدس وعلاقتهما بقوانين الاباء الرسل أبائيات

التعليقات اللامعة جلافيرا فى سفر التكوين أبائيات
المقالات (12)
30 أغسطس 2025
القديسة مريم في صلوات السواعي
إننا نكرم القديسة مريم في كل ساعةٍ من صلوات السواعي، نسألها الصلاة عنا، والشفاعة لأجل تَقَدُّمنا الروحي.
1. ففي صلاة باكر، قبل ترديد قانون الإيمان، نقول: "السلام لكِ، نسألكِ أيتها القديسة الممتلئة مجدًا، العذراء كل حينٍ، والدة الإله، أم المسيح... اصعدي صلواتنا إلى ابنكِ الحبيب، ليغفر لنا خطايانا.
السلام للتي ولدت لنا النور الحقيقي، المسيح إلهنا، العذراء القديسة، اسألي الرب عنا ليصنع رحمة مع نفوسنا، ويغفر لنا خطايانا.
أيتها العذراء مريم والدة الإله، القديسة الشفيعة الأمينة لجنس البشرية، اشفعي فينا أمام المسيح الذي ولدتيه، لكي ينعم لنا بغفران خطايانا.
السلام لكِ أيتها العذراء الملكة الحقيقية. السلام لفخر جنسنا، ولدتِ لنا عمانوئيل، نسألكِ اذكرينا، أيتها الشفيعة المؤتمنة، أمام ربنا يسوع المسيح، ليغفر لنا خطايانا".
2. غالبًا قبل ترديد قانون الإيمان نبدأ بمقدمة له،جاء فيها: "نعظمكِ يا أم النور الحقيقي، ونمجدكِ أيتها العذراء القديسة والدة الإله، لأنكِ ولدت لنا مُخَلِّص العالم... المجد لك يا سيدنا وملكنا..."
3. في كل صلاة من صلوات السواعي، نُرَدِّد بعد الإنجيل بعض الصلوات القصيرة تتناسب مع المناسبة الخاصة بالصلاة، ونختمها بسؤال من القديسة مريم أن تطلب عنا.
أ. ففي صلاة باكر نقول: "أنتِ هي أم النور المُكَرَّمة، من مشارق الشمس إلى مغاربها، يُقَدِّمون لكِ تمجيدات يا والدة، السماء الثانية، لأنكِ أنتِ هي الزهرة النيرة غير المتغيرة، والأم الباقية عذراء، لأن الآب اختاركِ، والروح القدس ظللكِ، والابن تنازل وتجسد منكِ. فاسأليه أن يعطي الخلاص للعالم الذي خلقه، وأن يُنَجِّيه من التجارب. ولنُسَبِّحه تسبيحًا جديدًا، ونباركه الآن وكل أوان وإلى الأبد، آمين".
ب. وفي صلاة الساعة الثالثة، نقول: "يا والدة الإله، أنت هي الكرمة الحقيقية الحاملة عنقود الحياة، نسألكِ أيتها الممتلئة نعمة، مع الرسل، من أجل خلاص نفوسنا. مبارك الرب إلهنا. مبارك الرب يومًا بيومٍ. يهيئ طريقنا لأنه إله خلاصنا".
"إذا ما وقفنا في هيكلك المقدس نُحسَب كالقيام في السماء. يا والدة الإله، أنتِ هي باب السماء، افتحي لنا باب الرحمة".
ج. وفي صلاة الساعة السادسة، نقول: "إذ ليس لنا دالة ولا حجة ولا معذرة، من أجل كثرة خطايانا، فنحن بكِ نتوسَّل إلى الذي ولد منكِ، يا والدة الإله العذراء، لأن كثيرة هي شفاعتكِ، ومقبولة عند مخلصنا. أيتها الأم الطاهرة، لا ترفضي الخطاة من شفاعتكِ عند الذي ولدته، لأنه رحيم وقادر على خلاصنا، لأنه تألم من أجلنا لكي ينقذنا..."
"أنت هي الممتلئة نعمة يا والدة الإله العذراء. نعظمكِ لأن من قِبَل صليب ابنك انهبط الجحيم وبطل الموت. أمواتا كنا فنهضنا، واستحققنا الحياة الأبدية، ونلنا نعيم الفردوس الأول. من أجل هذا نمجد بشكر غيرَ المائت المسيح إلهنا."
د. وفي الساعة التاسعة: "عندما نظرَت الوالدة الحمل والراعي مُخَلِّص العالم على الصليب معلقًا، قالت وهي باكية: أما العالم فيفرح لقبوله الخلاص، وأما أحشائي فتلتهب عند نظري إلى صلبوتك الذي أنت صابر عليه، من أجل الكل يا ابني وإلهي.
عندما نظرت الوالدة الحمل والراعي مُخَلِّص العالم على الصليب معلقًا قالت وهي باكية: أما العالم فيفرح لقبوله الخلاص، وأما أحشائي فتلتهب عند نظري إلى صلبوتك الذي أنت صابر عليه من أجل الكل، يا ابني والهي."
ه. وفي صلاة الغروب: "لكل إثمٍ بحرصٍ ونشاطٍ فعلت، ولكل خطيةٍ بشوقٍ واجتهادٍ ارتكبتُ، ولكل عذابٍ وحكمٍ استوجبتُ. فهيئي لي أسبابَ التوبة أيتها السيدة العذراء. فإليكِ أتضرع وبكِ أستشفع، وإياكِ أدعو أن تساعديني لئلا أخزى. وعند مفارقة نفسي من جسدي احضري عندي، ولمؤامرة الأعداء اهزمي، ولأبواب الجحيم أغلقي. لئلا يبتلعوا نفسي يا عروس بلا عيب للختن الحقيقي."
و. وفي صلاة النوم: "أيتها العذراء الطاهرة، اسبلي ظلكِ السريع المعونة على عبدكِ، وابعدي أمواج الأفكار الرديئة عني، وانهضي نفسي المريضة للصلاة والسهر، لأنها استغرقت في سُبات عميق. فإنك أم قادرة، رحيمة، معينة، والدة ينبوع الحياة، ملكي وإلهي، يسوع المسيح رجائي".
ز. وفي صلاة الستار: "يا والدة الإله إذ قد وثقنا بكِ فلا نخزى بل نخلص. وإذ قد اقتنينا معونتك ووساطتك أيتها الطاهرة الكاملة، فلا نخاف بل نطرد أعداءنا فنُبَدِّدهم، ونتخذ لنا ستر معونتك القوية في كل شيءٍ نظير التُرس. ونسأل ونتضرع إليك هاتفين يا والدة الإله لكي تُخَلِّصينا بشفاعتك وتنهضينا من النوم المُظلِم إلى التمجيد بقوة الإله المتجسد منك."
ح. وفي صلاة الخدمة الأولى من نصف الليل: "أنتِ هي سور خلاصنا يا والدة الإله العذراء الحصن المنيع غير المنثلم أبطلي مشورة المعاندين، وحزن عبيدك رديه إلى فرح وحصني مدينتنا (ديرنا) وعن ملوكنا (رؤسائنا) حاربي، وتشفعي عن سلام العالم، لأنك أنت هي رجاؤنا يا والدة الإله".
ط. وفي صلاة الخدمة الثانية من نصف الليل: "السماوات تُطَوِّبك أيتها الممتلئة نعمة، العروس التي بلا زواج. ونحن أيضا نُمَجِّد ميلادك غير المُدرَك. يا والدة الإله يا أم الرحمة والخلاص، تشفعي من أجل خلاص نفوسنا.
ي. وفي صلاة الخدمة الثالثة من نصف الليل: "يا باب الحياة العقلي، يا والدة الإله المُكَرَّمة، خَلِّصي الذين التجأوا إليك بإيمان من الشدائد، لكي نُمَجِّد ميلادك الطاهر في كل شيء من أجل خلاص نفوسنا."
القمص تادرس يعقوب ملطى كاهن كنيسة مار جرجس سبورتنج
عن كتاب القديسة مريم في المفهوم الأرثوذكسي
المزيد
24 يناير 2025
مائة درس وعظة (٦٢)
الوعود الكتابية
كيف نثق في وعود الله؟
"لا انقض عهدى، ولا أغير ما خرج من شفتي"(مز ٣٤:٨٩)
. الوعود الإلهية كثيرة والله صادق فيها "لا أنقض عهدى، ولا أغير ما خرج من شفتي"(مز ٣٤:٨٩)
أعطى وعداً لنوح "لا أعود العن الأرض" وأعطى وعدا لإبراهيم "اجعلك امة عظيمة" وأعطى وعدا لداود "اثبت کرسی مملكتك"
. نبوات العهد القديم كانت كلها عن مجئ المخلص ولكن اليهود أساءوا فهمها واعتقدوا انه سياتي مخلص عسكري ليخلصهم من الاستعمار لذلك كانوا يخاطبونه "رب الجنود". أعطانا وعداً يخصنا كلنا "ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" ( مت ٢٠:٢٨) وأخشى أن نأخذ كلام المسيح على أنه كلمات جميلة ولكن كلمات المسيح تحمل قوتها، لأنها من فم قائلها وهذا وعد بالحماية والرعاية.
. وعود الكتاب المقدس للخير "احفظ واسمع جميع هذه الكلمات التي أنا أوصيك بها لكي يكون لك ولأولادك من بعدك خير إلى الأبد، إذا عملت الصالح والحق في عينى الرب إلهك" (تت ۱۳ : ۲۸)
. في كل مناسبات الكنيسة" القداسات والأفراح الخ) نستمع إلى وعود.
. عندما نقرأ الكتاب قل للرب "اين وعدات لى اليوم"
. كلمة وعد كلمة جميلة حتى الاطفال عندما يقولون "أذاكر أنجح، وأحصل على مجموع جيد، بماذا تعدني "
وعود الله تتحقق في وقتها "صنع الكل حسناً في وقته" (جا ١١:٣) ما خرج من شفتيك احفظ واعمل، كما نذرت للرب إلهك تبرعاً، كما تكلم فمك (تث ٢٣:٢٣)
كيف نثق في وعود الله؟
يوجد ثلاث وسائل تساعدك على الثقة بوعود الله
١- الإيمان
. إيمانك الداخلي في شخص المسيح أنه حاضر وقادر على كل شيء وعامل معنا فنقول "استطيع كل شيء في المسيح الذي يقوينى" (في ٤: ١٣)، ونؤمن أنه بدونه لا نقدر أن نفعل شيئاً "لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئا" (يو ه١ :٥) بالمفاهيم البشرية تحقيق الوعود غير ممکن اما بالمفاهيم الإلهية لا يوجد شيء غير ممكن عند الله الإنسان هو الذي يجعل الممكن غير ممكن ولكن عندما يتدخل الله فكل شيء يكون ممكنا. ويقول الكتاب عن إبراهيم وسارة "ولا بعدم إيمان ارتاب في وعدالله" (رو٤ : ٢٠)
٢- الطاعة
في الرهبنة يقولون "على ابن الطاعة تحل البركة" الأنبا انطونيوس مؤسس حياة الرهبنة عندما سمع قول الكتاب " إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء، وتعال اتبعني" (مت ۲۱:۱۹) فأطاع الوعد وخرج للبرية. وكان لا يعلم أنه ستوجد أديرة كثيرة والاف الرهبان ستتبعه ويتمثلون به وذلك لان البركة حلت عليه بسبب طاعته طاعة إبراهيم لوعد الله وكيف تباركت فيه قبائل الأرض يقول الكتاب عنه "من اجل أن إبراهيم سمع لقولى وحفظ ما يحفظ لى أوامری" (تك٥:٢٦) احيانا الوعد لا يكون صريحاً لكن نطيعه فمثلا في عرس قانا الجليل لما نفذ الخمر، قالت له العذراء فى هدوء، شدید ليس لهم خمر قال لها يسوع "ما لي ولك يا امرأة لم تأت ساعتي بعد" (يو ٤:٢) وإذا دققت ستجد انه اجاب بإجابة مختلفة تماماً عن السؤال لكن يبدو أن قسمات وجهه اعطات وعداً للعذراء قالت امه للخدام "مهما قال لكم فافعلوه (يو ٥:٢) لأنها أخذت منه وعدا، رغم عدم وضوح الرب في إجابته لها.
٣- الصلاة
عندما استقر داود في مملكته أراد بناء مسكن للرب ولكن لأنه دخل في حروب كثيرة ذهب إلى ناثان النبي ليقول له إنه يريد أن يبنى مسكنا للرب فقال الرب لناثان إن ابن داود هو الذي سيبني بيت الرب فيقول الكتاب عن داود إنه جلس أمام الرب وصلى صلاة عظيمة قال له فيها "والآن أيها الرب الإله أقم إلى الأبد الكلام الذي تكلمت به عن عبدك وعن بيته وافعل كما نطقت" (۲ صم ٢٥:٧)
نصلي ابانا الذي ونقول "لتكن مشيئتك" .. قلها بقلبك وليس بلسانك "ما خرج من شفتيك احفظ وأعمل، كما نذرت الرب إلهك تبرعاً، كما تكلم فمك" (تث ٢٣:٢٣).
قداسة البابا تواضروس الثاني
عن كتاب صفحات كتابية
المزيد
06 مايو 2024
فانفتحت أعينهما
في عشية قيامة ربنا يسوع من بين الأموات، انطلق اثنان من تلاميذه عائدين إلى بلدتهما عمواس ، ولأنهما كانا منشغلين طوال الطريق بالحديث حول صلب الرب يسوع وخبر قيامته، لذلك صارا مهيئين لظهور الرب لهما والسير معهما (لوقا ٢٤ : ١٣-٣٥) وفي الطريق تواصل الحوار حول رجاء إسرائيل، المسيا (أعمال ٢٦: ٦-٧) الذي طالما انتظرته الأجيال التقية (لوقا (۲: ۳۸)، ليخلص الشعب الذي اختاره الرب، من تحت وطأة عبودية جسدية وروحية. وعندما وصلا إلى مشارف قريتهم، ألزما الرب بأن يقضي الليل عندهما، لأن النهار أوشك على الانتهاء، فلما اتكاً معهما، أخذ خبزاً وبارك وكسر وناولهما ، فانفتحت أعينهما وعرفاه» (لوقا ٢٤ : ٣٠-٣١) لحظة كسر الخبز والتناول من جسد الرب ودمه الأقدسين هي أقدس لحظة في حياتنا على الأرض، إن كانت تُحسب هذه اللحظة من أيامنا الأرضية؛ لأنها لحظة الثبوت المتبادل بين رب المجد يسوع وبيننا : «من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه» (يوحنا ١: ٥٦) ؛ كما أنها اللحظة التي فيها نحيا بحياة الله: «فمن يأكلني فهو يحيا بي» (يوحنا ٦: ٥٧). الأن الخبز الذي نأكله ليس خبزاً ساذجا، بل إفخارستيا مكونة من شقيف: الواحد أرضي والآخر سماوي، كما يقول القديس إيرينيئوس، أو بحسب تعليم القديس يوحنا ذهبي الفم : الشيء الذي ترتعد الملائكة من مجرد رؤياه، ولا تجسر أن تنظر إليه بدون رعدة، بسبب شدة البريق المنبعث منه، هذا بعينه هو الذي نأكله لذلك يصرخ الكاهن في القداس الإلهي قائلاً: «القدسات للقديسين»؛ لنا نحن المؤمنين، الذين نشعر بعدم استحقاقنا للاقتراب من المذبح المقدس؛ معترفين بفم الكاهن: «أن لاهوته لم يفارق ناسوته، لحظة واحدة ولا طرفة عين، يُعطى عنا خلاصاً، وغفراناً للخطايا، وحياة أبدية لمن يتناول منه إن أفضل وسيلة نعبر بها عن إيماننا بربنا يسوع المسيح هي التناول من جسده ودمه الأقدسين ، لأنه كلما أكلتم من هذا الخبز، وشربتم من هذه الكأس، تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء» (كورنثوس الأولى ١١: ٢٦)؛ أو حسب منطوق القداس الإلهي: «تبشرون بموتي وتعترفون بقيامتي وتذكرونني إلى أن أجيء». لأن أي طعام مادي نأكله يتحول فينا إلى عناصر طبيعتنا البشرية، أما خبز الحياة فإنه هو الذي يحولنا إلى طبيعته الخاصة، حسب قول القديس غريغوريوس النيسي؛ لأن «من يأكل هذا الخبز فإنه يحيا إلى الأبد» (يوحنا ٦: ٥٨) .
نيافة المتنيح الانبا أبيفانيوس اسقف دير ابو مقار ببرية شهيت
المزيد
29 أبريل 2023
انجيل عشية يوم الأحد الثاني من الخمسين
تتضمن الحث على سماع التعاليم الإلهيـة . مرتبـة على فصل انجيل مشى السيد علـى البحـر وقولـه لتلاميذه : " انا هو لا تخافوا " ( يو ٦ : ١٦-٢٣ ).
يجب علينا ايها الأحباء أن نتمسك بالايمان الوثيق والأعمال الفاضلة وننتبـه من سنتنا . ونسارع إلى طاعة إلهنا . لنقدر على تسكين رياح المحن وتلاطم أمـواج المعاندين . لاننا اذا تركنا الاهتمام بالأشياء الحاضرة واللذات الزمنية . ووقفنا امـام ربنا كل حين فإنه حينئذ يجود علينا بالممالك السمائية والكنوز الأبدية . ويسمح بالخلود في النعيم . وكما أن الأباء الجسدانيين إذا أحدق بهم الأولاد من كـل جـانب وتركوا لعبهم وانعطفوا إلى طاعتهم بكل قلوبهم . يقبل عليـهم الأبـاء أتـم قبـول ويمنحونهم الأموال والهدايا والعطايا الجزيلة . هكذا يكون الأباء الروحيون . وكذلـك أكون أيضاً اليوم إذا رأيتكم مجتمعين اجتماعاً روحياً . مسرعين إلى سماع التعــــاليم الألهية بمحبة ونشاط . محافظين على العمل به مسرورين . معرضين عن الاهتمـام بالأمور الجسمانية . متهافتين للجلوس على المائدة الروحانية . فأنى اسر أن امنحكـم التعاليم المنقذة للنفوس وكما أن الفلاح إذا نظر إلـى جـودة الأرض ونقاهـا مـن الأشواك والأوساخ والحشائش الردية يروم إن يزرع الحبوب بكثرة . هكـذا يـكـون حالي أنا الأن فأني إذا رايت أراضي نفوسكم قد تنقت من الاهتمام بالسكر والبـذخ وطيشان الأذهان وهيمان الأفكار الشريرة وتكون عقولكم ناظرة إلى السماء وممتـدة نحو الباقيات ومستولية على قهر الطبيعة الجسمية . فأني اسارع إلى وضع البـذاربكثرة . حيث لا اشواك تخنقه . ولا طيور تلقطه . ولا عابر طريق يقلعه . أين هذا ايها الأحباء إذ كنا لا نسمع كلام الله ولا نعمل به ؟ الا نعلم كما أن الإيمان بدون عمـلى لا يجدي نفعا . كذلك سماع كلمة الله بدون فهمها والعمل بها لا يفيدنا شيئا فالذي يسـمع ولا يعمل يشبه ذلك الجاهل الذي بنى بيته على الرمل . لهذا أتضرع اليكم ايها الأحباء . ان يكون سماعكم للأقوال الألهيـة كسـمع الفاهمين لها والباحثين عن معانيها المسارعين إلى العمل بأوامرها . الحذريـن مـن مخالفتها . الخائفين من العقاب عن اهمالها . لنشابهوا الذي حفـر الأسـاس وأجـاد . ووضع الحجر على الصخرة مقدما النظر نحو ملاقاة الرياح ومصادمـة الأمواج وإلا يكون سماعكم كسمع المهملين الذين يضيعون أتعابهم باطلا . حيث يتعبون فـى جمع الحجارة وأبتياع الآلات وصرف نفقات الفعلة والبنائين ثم يضعـون الأسـاس على الرمل أسمعوا ربنا له المجد حيث يقول : " من يسمع أقوالي ويعمل بها أشـــبه برجل عاقل بنى بيته على الصخر فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبـت الريـاح ووضعت على ذلك البيت فلم يسقط . لأنه كان مؤسسا على الصخرة " مت٢٤:٧-٢٥ وقال ايضـا " وكل من يسمع أقوالي هذا ولا يعمل بها يشبه برجل جاهل بنى بيته علـى الرمـل . فنزل المطر وجاءت النهار وهبت الرياح وصدمت ذلك البيت فسقط وكان سـقوطه عظیما مت٢٦:٧-٢٧ فسبيلنا إذن أن نقلع عن التلاهي بـــــــالزائلات وأعمالـها النجسـة كالـهزء والضحك وسماع الاصوات الخبيثة وما شبه ذلك . ولنتمسك بأعمال المحبة والرحمـة والرأفة والاتضاع والصدقة على المحتاجين والأفراج عـن المتضـايقين وأفتقـاد المسجونين.والأنشغال بالأمور العقلية المثمرة لهذا . كالصلوات والقـراءات وغـير ذلك . ونقف قدام ربنا بوجوه مشرقة وأعمال مضيئة . فنأخذ أكليـل الظفـر ونفـوز بنعمة ربنا والهنا يسوع المسيح الذي له المجد إلى الأبد أمين .
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
29 نوفمبر 2022
الوزنات
عندما وزع السيد الوزنات على عبيده، راعى أن يعطي لكل واحد على قدر طاقته (متى 25)، فليس المطلوب من الإنسان أن يحقق نجاحاً بعينه، بل أن يتعب ويجاهد قدر استطاعته، كما أنه ليست هناك مقارنة بين شخص وآخر ولكن المقارنة الحقيقية هي بين ما يستطيعه الإنسان من جهة، وما يقدمه الفعل من جهة ُاخرى. ويلاحظ في مثل الزارع (متى 13) أن الأرض الجيدة قد أعطت في بعض مساحات منها ثلاثين ومساحات ُاخرى ستين وُاخرى مئة، ومع ذلك لا يجوز لنا أن نقارن بين مساحة وُاخرى، وانّما كل مساحة قد أعطت بما يتناسب مع البذور التي ُالقيت فيها وما نالته من حصة في الماء مع بعض عوامل ُاخرى. كذلك الجندي في المعركة، فهو ليس ُمطالباً بتحقيق النصر، بقدر ما هو مطالب بالجهاد إلى آخر لحظة من حياته، بغضّ النظر عما إذا كان جيشه منتصراً أم لا. وليست هناك مقارنة بين شخص وآخر، كما أن الله يضع في الاعتبار الظروف المحيطة، وهل كانت هناك عوامل مساعدة أم عوامل معاكسة وهكذا.. حقاً يقول الكتاب " الفرس معد ليوم الحرب أما النصرة فمن الرب (أمثال21: 31).
نيافه الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف المنيا وتوابعها
المزيد
22 يونيو 2022
التواضع في التعليم
صدقوني أكثر ما يتعب كنيستنا حاليًا هو عدم التواضع في التعليم.كل خادم يأتي له فكر جديد في تأملاته أو من قراءاته يحاول يجعله عقيدة ويُدَرِسَه للناس، وهناك نوع من الكُتّاب، ويروق لهم إلغاء المفهوم السائد ليُقَدِّموا بدلًا منه مفهومًا جديدًا وكأنَّ الواحد منهم قد اكتشف ما لا تعرفه الكنيسة كلها والناس جميعًا وكأنَّه يعلم ما لا يعلمون.المشكلة هي تقديم المفاهيم الشخصية وليس تعليم الكنيسة وعقيدتها.
ومحاولة للجدل وللإثبات ولإقناع الناس بخطأ المفهوم السائد والبعض قد ينتقد الكنيسة. والبعض يُغَيّر ألفاظ القداس والبعض يُصَرِّحْ بزيجات بعكس قوانين الكنيسة والبعض يُصَلِّى بقداسات غير مألوفة في كنيستنا.وكل واحد من هؤلاء يعتبر نفسه مصدرًا للتعليم.وكأنَّه جبهة مستقلة في تعليمه أو جزيرة قائمة بمفردها في المحيط وإنْ تدخلت الكنيسة لإصلاح الوضع، يقيم الدنيا ويقعدها، ويُحيط نفسه بمجموعة خاصة من تلاميذه لتسانده، ويقف ضد الكنيسة وينادى بأنَّ تعليمه هو السَّليم والكل مخطئ!
وقد تجد لكل فرع من التربية الكنسية منهجًا خاصًا.أمين الفرع لا يعجبه المنهج العام، فيُعَدِّل فيه ويُبَدِّل، أو يضع منهجًا خاصًا يرى أنه الأفضل والأصوب.وإن شاء الله سنضع منهجًا موحدًا ونأخذ فيه رأى الآباء وقادة الخدمة فنرجو بعد وضعه أنْ يتواضع الخدام ويعملوا به.. ولا يقف لنا أحد ليقول من حقي أنْ أعترض.. ومن حقي أنْ أرفض، ومن حقي أنْ أسير حسب فكرى وإلاَّ فأين هي الديمقراطية في الكنيسة ولا يقول له أحد أين هو التواضع؟!
الكنيسة الأولى تميزت بالفكر الواحد.لأنَّها كانت كنيسة متضعة تخضع لفكر قادتها.أمَّا البروتستانتية التي نادت بالحرية في التفسير والتعليم، فقد تكونت فيه مواهب متعددة زادت فيها مذاهب على المائة، أمَّا الكنيسة المحافظة التقليدية فإنها تحفظ الإيمان سليمًا، ولا تسمح بالمفاهيم الفردية التي تتحول إلى عقائد بل تنصح أصحابها بالاتضاع.
الخادم المتواضع أيضًا لا يستعرض معلوماته!!
إنَّما يقدم التعليم في أسلوب روحي هادئ. لا يحاول أن يفلسف المعلومات ولا يمسك ببعض الكلمات ويضع أمامها النص العبري أو اليوناني، أو بعض الترجمات الإنجليزية. وقد لا يكون الشعب على علم بشيء من كل هذا. وقد لا يكون كل هذا لازمًا لإثبات الفكرة التي يُقَدِّمْها. وقد لا تكون المراجع التي يستخدمها سليمة وقد يتبع في ذلك بعض المذاهب التي تسير بالمنهج العقلاني لا بالمنهج الروحي الخادم المتواضع ينزل إلى مستوى الخدومين ولا يبهرهم بمعلومات فوق مستواهم لا تفيدهم بشيء.
إنَّه لا يُفكر في ذاته والمستوى الذي يريد أنْ يأخذه الناس عنه. إنَّما ينشغل بفائدة الناس الروحية، بينما تختفي ذاته تمامًا.لذلك هو يُحَضِّر درسه أو عظته أو محاضرته ولا مانع عنده أنْ تكون ورقة تحضيره ظاهرة فهو لا يُضَيِّع فائدة السامعين من أجل أنْ يأخذوا عنه فكرة أنَّه يتكلم من الذاكرة..
الخادم المتواضع يهتم بتحضير درسه.
ولا يعتمد على معلوماته السابقة ولا على ذاكرته، كما يفعل بعض الخدام الكبار، ولا يُحَضِّرون ما يقولون فتبدو كلماتهم أحيانًا ضعيفة لأنَّهم لم يتواضعوا بل وثقوا بأنفسهم وبقدراتهم أزيد مما يجب.
الخادم المتواضع يحترم عقليات السامعين مهما صغروا.ويبذل كل جهده لكي يقدم لهم كلامًا دسمًا يشبعهم.
التواضع والذات
الخادم المتواضع ينكر ذاته. يختفي لكي يظهر الرب، كما قال القديس المعمدان "ينبغي أنَّ ذلك يزيد وأنِّى أنا أنقص" (يو30:3).أمَّا غير المتواضع فيتخذ الخدمة ليبنى بها ذاته بطريقة خاطئة فهو يفكر كيف يرتقى في الخدمة، وليس كيف يرتقى بالخدمة، ويفكر في مستوى المجالات التي يتكلم فيها، وربما يسعى إلى المناصب وقد يصطدم بقيادات الكنيسة. ويتعوَّد كيف يأمر وينهى وينتقد وربما يفتخر بخدمته ومدتها ومستواها.يقول أنا لي 20 سنة في الخدمة. أنا خرَّجت أجيالًا.. ويكبر في عينيّ نفسه ويريد أنْ يُطاع، لا أنْ يطيع ويصطدم بالأنظمة الموضوعة. ويحكى قصصًا عن ماضيه ويدخله روح العظمة.
الخادم المتواضع يكون كالنسيم الهادئ.
في دخوله وخروجه لا يشعر به أحد، يكون رقيقًا دمثًا وديعًا، لطيفًا في معاملاته، لا يخدش شعور أحد، لا يجرح إنسانًا، لا يهتم بتولي مناصب في الخدمة، يطيع في كل ما يوكل إليه، "لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته" (مت19:12) "ولا يرتئي فوق ما ينبغي" (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 12: 3).
احذر أنْ تُفقدك الخدمة تواضعك.لأنَّ كثيرين كانوا متواضعين قبل الخدمة ثم تغيروا. أمَّا أنت فلا تكن كذلك لأنَّه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟! (مت26:16).
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي الجزء الأول
المزيد