إنجيل عشية الأحد الثالث من شهر أبيب ( لو ١٤ : ٧ - ١٥ )

27 يوليو 2024

" وقال للمدعوين مثلاً، وهو يُلاحظ كيف اختاروا المتكاتِ الأولى قائلاً لهُمْ: مَتَى دُعيتَ مِنْ أَحَدٍ إِلَى عرس فلا تَتَّكِي فِي المُتَّكَ الأَوَّلِ، لَعَلَّ أَكْرَمَ مِنكَ يكون قد دعي منه. فيأتي الذي دعاك وإِيَّاه ويقول لك: أعط مكانًا لهذا. فحينئذ تبتَدِى بِحَجَلٍ تَأخُذُ المَوْضِعَ الأخير. بل متی دعيت فاذهَبْ واتَّكِي فِي المَوْضِعِ الأخير، حتى إذا جاء الذي دعاك يقول لك : يا صديق، ارتفع إلى فوق. حينئذ يكون لك مجد أمامَ المُتَّكِئِينَ معكَ. الأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ ومَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ. وقال أيضًا للذي دَعاهُ : " إذا صَنَعَتَ غَدَاءً أَو عَشَاءً فلا تدع أصدقاءك ولا إخوتك ولا أقرباءك ولا الجيران الأغنياء، لئلا يَدعوكَ هُم أيضًا، فتكون لك مكافاة. " بل إذا صنعت ضيافَةً فادع المساكين، الجدع، العُرج، العمي، فيكون لك الطوبى إذ ليس لهم حتى يُكافوك لأنَّكَ تُكافى في قيامَةِ الأبرار. فَلَمَّا سَمِعَ ذلكَ وَاحِدٌ مِنَ المُتَّكِئِينَ قَالَ لَهُ: طُوبَى لمَنْ يَأْكُلُ خُبزًا في ملكوت الله ".
إنجيل القداس: معجزة إشباع الجموع.
إنجيل العشية المتكأ الأخير طوبى لمن يأكل خبزا
في ملكوت السموات". قال مثلاً وهو يلاحظ كيف اختاروا المتكات الأولى. الرب يلاحظ طرق البشر وعيناه تخترقان أستار الظلام فإن أدركت هذه الحقيقة يجب أن تسلك بخوف وحكمة واتضاع عارفًا أن الله ينظر ويلاحظ كان المتكئون يسرعون لكي يأخذوا مكان الصدارة والمتكات الأولى وعينا يسوع تلاحظهم... ليس كما يلاحظ الناس مظاهر الأعمال، ولكن كان يلاحظ حركة قلوبهم وفكرهم ونياتهم الداخلية، علة الكبرياء والأنا كانت هي الدافع والمحرك - وهي دائمًا كذلك - ولكن الرب لا يترك موقفًا إلا ويعلم لكي يخلص سامعيه بكلمة الحياة حينما يتبعون منهجه الإلهي كيف يخلص الإنسان من الكبرياء وتزكية الذات؟. بالمسيح - بالاتضاع - بالمتكأ الأخير ... وليس ثمة علاج آخر الذي يختار المتكأ الأول يزكي نفسه ويضع غيره منهج المسيح أن يضع الإنسان نفسه ويقدم غيره في الكرامة.وإن ركزنا بصرنا نحو إنجيل القداس حيث اتكأ الجميع ضيوفا على مائدة المسيح بشبه مائدة ذبيحة جسده الذي
كسره خبزًا للحياة الأبدية ... نقول كيف نختار المتكات في هذا الملكوت حيث الملك جالس على الجبل الذي أسس عليه كنيسته ورسله الأطهار هم الموكلون بتجليس الناس. يا للخجل الذي ينالنا حينما نفكر في المتكات الأولى وأنه لا يوجد أكرم منا في كنيسة المسيح وملكوته!!. يا للخجل حينما يزكي الإنسان ذاته ويشتهي كرامة الكهنوت مثلاً !!.
أين يذهب من ملاحظة المسيح له ومن عينيه التي
تنظران إلى القلب !!.
اتكئ في الموضع الأخير هناك تجد المسيح الذي أخلى ذاته وأخذ شكل العبد ووضع نفسه حتى الموت موت
الصليب. لذلك رفعه الله وأعطاه اسما فوق كل اسم".
اتكئ في الموضع الأخير ... إن كنت تشعر أنك خاطئ
شعورًا حقيقيًا من القلب، فليس للخاطئ أن يتكئ في
المتكات الأولى.كل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع هكذا يقول الرب. وحتى عندما أذهب إلى المتكأ الأخير، أشعر في نفسي أنه فضل من الله مجرد وجودي بين المتكئين وأنا لا أستحق حتى المتكأ الأخير ، فأوجد شاكرًا فرحًا أنني حسبت أهلاً أن أوجد في مجمع القديسين الذي هو كنيسة الله ولو في المتكأ الأخير. الآباء القديسون ضربوا أروع الأمثلة في اختيار المتكأ الأخير ... لما اختار الرب البابا كيرلس السادس ليجلسه في المتكأ الأول ظل يبكي متمسكا بالمتكأ الأخير وكان يقول كنت أتمنى أن أموت مجهولاً.
كانوا يأتون بالآباء المختارين من الله للبطريركية في التاريخ القديم وهم مربوطون بسلاسل حديد ويحضرونهم قسرًا وكانوا يهربون من كرامة المتكات الأولى ويتعللون بعلل حتى يفلتوا ... أحدهم قطع لسانه لكي يعفي نفسه!!
شيء يفوق الوصف ولكن لأنه كان مختارًا من الله أمر أحد الأساقفة أن يفتحوا فمه ووضع الجزء المقطوع في
مكانه وابرأه فخضع للآباء وسار معهم. مار إسحق يقول : من يطلب الكرامة تهرب منه ومن يهرب منها بمعرفة فإنها تتبعه وترشد إليه الكثيرين". فإن كان لا يليق أن نتصرف هكذا في متكات العالم،فلا نختار المتكات الأولى ثم يلحقنا الخزي إذ يطردوننا منها ويعطوها لآخرين ... فبالأولى يكون سلوك أولاد الله الروحيين في الكنيسة. يكون سلوك إنكار الذات والهروب
من الكرامة هو أساس حياتهم ومبدأهم.
متى صنعت وليمة":
ادع المساكين إلى مائدتك ولا تتأفف من عاداتهم ولا من وسخ ملابسهم ... فهم جسدك، أعضاء في جسد المسيح، بل أخوته، وهم إذ ليس لهم ما يكافئونك به سيدفع المسيح عنهم، ويكافئك مكافأة سماوية لا تخطر على بال البشر.طوباك يا أنبا أبرام أسقف الفيوم لأنك عشت كلمات سيدك في حياتك كلها فحسبت نفسك أحد هؤلاء المساكين وسعدت بصحبتهم ولم تتأفف منهم بل احتضنتهم برفق المسيح أكلاً معهم فهم كانوا مدعوين إلى مائدتك كل يوم ترى أي مكافأة عظيمة نلتها في السموات !؟.
الأم تريزا الراهبة المعاصرة التي عاشت في الهند تعتني بالمرضى بالأمراض الخطيرة والمعدمين والمعوقين وكانت تحنو عليهم كأم ارتفع رصيدها في المجد من الله والناس ومن المسيحيين وغير المسيحيين والبوذيين والذين ليس لهم دين. ما أجمل وصايا المسيح حين تخرج إلى حيز التنفيذ في حياة الذين يؤمنون ويصدقون قول الرب ويتبعونه بكل قلوبهم.
طوبى لمن يأكل خبزا في ملكوت الله:
يبدو أن كلام المسيح وإن كان بحسب الظاهر يدعو إلى اتباع آداب الأفراح والمآدب، فالمدعوين يجب ألا يختاروا لأنفسهم المتكات الأولى. والذين يصنعون الولائم يجب أن
يهتموا بالمساكين وهكذا فهم الذين كانوا يسمعون الرب.
ولكن واحدًا وحيدًا فيما بينهم صرخ بهذا القول: "طوبي لمن يأكل خبزًا في ملكوت الله". لقد اتجه فكره نحو المائدة السمائية وعشاء عرس الخروف وخبز الحياة الأبدية.... فطوب أصحاب النصيب الفاخر الذين سيحسبون أهلاً لهذه الكرامة السماوية.
المتنيح القمص لوقا سيداروس
عن كتاب تأملات في أناجيل عشية الآحاد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل