الأعذار و التبريرات

25 نوفمبر 2020
Large image

إن كنت يا أخي تريد أن تحيا في حياة التوبة الحقيقية, فلا تحاول أن تقدم أعذارًا وتبريرات عن كل خطية تقع فيها. فالتبريرات تعنى أن الإنسان يخطئ, ولا يريد أن يتحمل مسئولية أخطائه. ويعتبر كأنما كان الخطأ شيئًا طبيعيًا هناك أسباب دعت إليه, أو كأن لا خطأ في الأمر! فإن كان يجد لخطيئته ما يبررها, فكيف يتوب إذن عنها؟!التبريرات هي محاولة لتغطية الأخطاء, بإيجاد مبرر لها! وهكذا ما أسهل أن يستمر المخطئ فيها, وعذره معه ويظن بهذا أنه يخرج بلا لوم ولا عيب أمام الناس, وربما أمام نفسه أيضًا, لكي يريح ضميره إذا احتج عليه... ولكن حتى لو قبل الناس منه ما يقدمه من أعذار, وحتى لو استطاع هذا المخطئ أن يخدع نفسه ويخدّر ضميره ليقبل منه تلك التبريرات, فإن الله لا يقبلها, لأنه عالم بكل شيء وفاحص القلوب والنيات.حقًا ما أصدق الذي قال إن طريق جهنم مفروش بالأعذار والحجج والتبريرات إن الإنسان المتواضع- إذا أخطأ- يعترف بما ارتكبه من خطأ. أما غير المتواضع وغير التائب, فإنه يحاول أن يجد تبريرًا عند ارتكاب الخطيئة, وبعد ارتكابها أيضًا, وكلما دام الحديث عنها بصفة عامة ويؤسفني أن أقول إن توالى الأعذار والتبريرات عند مثل هذا الشخص تجعل القيم والمبادئ عنده تهتز... ومادام كل خطأ يمكن له تغطيته. فلا توجد إذن مثل يسير على مناهجها أو روحيات يتمسك بها وسنحاول هنا أن نذكر بعض الأعذار التي يعتذر بها البعض ممن لا يسلكون حسنًا في حياتهم.
1- يقولون كل الناس هكذا (الكل كده), فهل نشذ عن المجتمع؟وكأنهم بهذا يعتبرون أن الخطأ إذا صار عامًا, لا يلام عليه الفرد! أي صار الخطأ العام مبررًا لخطأ الفرد. وكأن نقائص المجتمع كله لم تعد تناقص! كلا, فالخطأ هو خطأ, عامًا كان أو خاصًا. ومن أجل هذا, يقوم المصلحون الاجتماعيون بإصلاح أخطاء مجتمعاتهم. وكذلك يهاجم تلك الأخطاء: أصحاب المبادئ من رجال القلم ومن الوعاظ.إن أبانا نوحًا البار لم يندمج مطلقًا في أخطاء وفساد المجتمع في أيامه, وهكذا نجا في الفلك مع أسرته. ويوسف الصديق كان يعبد الله, بينما كانت كل العبادات التي حوله فرعونية. والأبرار باستمرار يحتفظون بمبادئهم السامية مهما كان الخطأ عامًا. وعلى العكس- يمكن أن يقال- إن الخطأ إذا كان منتشرًا, فهذا يحتاج إلى حرص أكبر لتفاديه.وهكذا أنت, عش بروحياتك السليمة, حتى لو عشت بها وحدك وإن لم تستطع أن تؤثر على المجتمع وترفعه إلى مستوى أعلى فعلى الأقل لا تندمج في الأخطاء المنتشرة, ولا تجعلها تؤثر عليك.والمفروض في الإنسان البار أن يطيع ضميره ولا ينجرف مع التيار الخاطئ.
2- البعض يعتذر بالعوائق, بينما يليق بالأقوياء أن ينتصروا على العوائق إن القلب القوى يمكنه أن يجد وسائل عديدة لتنفيذ الغرض النبيل الذي يهدف إليه, مهما صادفته عقبات وعوائق.. يقول الآباء الروحيون "إن الفضيلة تريدك أن تريدها لا غير". نعم, يكفى أن تريد, وحينئذ تجد النعمة تفتح أمامك أبوابًا كانت مغلقة إذن لا تعتذر بالعوائق, إنما ضع أمامك أن تنتصر عليها.. ولا تكن دوافعك الداخلية إلى عمل الخير ضعيفة بحيث تمنعها العوائق.
3- يعتذر البعض بشدة الضغوط الخارجية, أو بعنف الإغراء الخارجي.ولكن القلب الثابت من الداخل, لا يقبل أن يخضع لأي ضغوط خارجية, ولا يسقط بسببها, ولا يتخذها تبريرًا لسقوطه. إنما يبرر سقطته بسبب الضغوط الخارجية, ذلك الشخص الذي ليست محبته للفضيلة قوية.وخذوا يوسف الصديق كمثال رائع للانتصار على الضغط الخارجي الذي وقع عليه من امرأة سيده. فهي التي كانت تطلب منه الخطيئة, وتلح عليه, وهو تحت سلطانها تسئ إلى سمعته في حالة رفضه لها. ولكنه كان أقوى من الأغراء, وانتصر ولم يبالِ بما يحدث له...
4- قد يعتذر البعض بأنه ضعيف, والوصية صعبة!ربما تقول بأنك ضعيف, إم لم تضع معونة الله في اعتبارك. فأنت لست وحدك, إنما معك النعمة الإلهية التي تسند الضعفاء. ثم لا تقل عن وصية الله إنها صعبة لأنها لو كانت صعبة, ما كان الله أمر بها. كيف يأمر بما لا يمكن تنفيذه؟! إنه لا يأمرنا بالمستحيل. بل عندما يعطى الله وصية, إنما يمنح في نفس الوقت القدرة على تنفيذها طوباهم أولئك الجبابرة الذين انتصروا على قلوبهم من الداخل, ولم يعتذروا بصعوبة الوصية كما نفعل نحن في تبرير أنفسنا..!
5- هناك من يقصّر في أمور العبادة من صلاة وتسبيح وصوم وقراءات مقدسة, معتذرًا بأن نقاوة القلب تكفى, والله هو أله قلوب!فمن الذي قال إن نقاوة القلب تغنى عن هذه الممارسات الروحية؟!إن الإنسان البار يجمع بين الأمرين معًا: نقاوة القلب وكل الممارسات الروحية التي هي ثمرة طبيعية لنقاوة القلب.وما أعمق عبارة "افعلوا هذه, ولا تتركوا تلك".
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث

عدد الزيارات 619

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل