المتنيح البابا شنوده الثالث

Large image

البابا شنودة الثالث (وُلِد باسم نظير جيد روفائيل) (3 أغسطس 1923 - 17 مارس 2012)[1]، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وسائر بلاد المهجر، وهو البابا رقم 117. كان أول أسقف للتعليم المسيحي قبل أن يصبح البابا، وهو رابع أسقف أو مطران يصبح البابا بعد البابا يوحنا التاسع عشر (1928 - 1942) ومكاريوس الثالث (1942 - 1944) ويوساب الثاني (1946 - 1956).[2]. وهو من الكتاب أيضا إلى جانب الوظيفة الدينية العظمى التي يشغلها، وهو ينشر في جريدة الأهرام الحكومية المصرية بصورة منتظمة.

دراسته
التحق بجامعة فؤاد الأول، في قسم التاريخ، وبدأ بدراسة التاريخ الفرعوني والإسلامي والتاريخ الحديث، وحصل على الليسانس بتقدير (ممتاز) عام 1947. وفي السنة النهائية بكلية الآداب التحق بالكلية الإكليركية. وبعد حصوله على الليسانس بثلاث سنوات تخرج من الكلية الإكليركية عمل مدرساً للتاريخ. حضر فصولا مسائية في كلية اللاهوت القبطي وكان تلميذاً واستاذاُ في نفس الكلية في نفس الوقت.

كان يحب الكتابة وخاصة كتابة القصائد الشعرية ولقد كان ولعدة سنوات محررا ثم رئيسا للتحرير في مجلة مدارس الآحد وفي الوقت نفسه كان يتابع دراساته العليا في علم الآثار القديمة. كان من الأشخاص النشيطين في الكنيسة وكان خادما في مدارس الآحد. ثم ضباطاً برتبة ملازم بالجيش. [بحاجة لمصدر]

انخراطه في العمل الديني
كان نظير جيد (اسمه الحقيقى) كان خادما بجمعية النهضة الروحية التابعة لكنيسة العذراء مريم بمسرة وطالباً بمدارس الأحد ثم خادماً بكنيسة الانبا انطونيوس بشبرا في منتصف الأربعينات.[3]

رسم راهباً باسم (انطونيوس السرياني) في يوم السبت 18 يوليو 1954، وقد قال أنه وجد في الرهبنة حياة مليئة بالحرية والنقاء. ومن عام 1956 إلى عام 1962 عاش حياة الوحدة في مغارة تبعد حوالي 7 أميال عن مبنى الدير مكرسا فيها كل وقته للتأمل والصلاة.

وبعد سنة من رهبنته تمت سيامته قساً. أمضى 10 سنوات في الدير دون أن يغادره. عمل سكرتيراً خاصاً للبابا كيرلس السادس في عام 1959. رُسِمَ أسقفاً للمعاهد الدينية والتربية الكنسية، وكان أول أسقف للتعليم المسيحي وعميد الكلية الاكليريكية، وذلك في 30 سبتمبر 1962.

باباويته
وعندما مات البابا كيرلس في الثلاثاء 9 مارس 1971 أجريت انتخابات البابا الجديد في الأربعاء 13 أكتوبر. ثم جاء حفل تتويج البابا (شنودة) للجلوس على كرسي البابوية في الكاتدرائية المرقسية الكبرى بالقاهرة في 14 نوفمبر 1971 وبذلك أصبح البابا رقم (117) في تاريخ البطاركة.

في عهده تمت سيامة أكثر من 100 أسقف وأسقف عام؛ بما في ذلك أول أسقف للشباب، أكثر من 400 كاهن وعدد غير محدود من الشمامسة في القاهرة والإسكندرية وكنائس المهجر. أولى اهتماما خاصا لخدمة المرأة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. يحاول دائما قضاء ثلاثة أيام أسبوعيا في الدير، وحبه لحياة الرهبنة أدى إلى انتعاشها في الكنيسة القبطية حيث تم في عهده سيامة المئات من الرهبان والراهبات. وكان أول بطريرك يقوم بإنشاء العديد من الأديرة القبطية خارج جمهورية مصر العربية وأعاد تعمير عدد كبير من الأديرة التي اندثرت.

في عهده زادت الابارشيات كما تم إنشاء عدد كبير من الكنائس سواء داخل أو خارج جمهورية مصر. في عهده تمت سيامة أكثر من 100 أسقفاً؛ بما في ذلك أول أسقف للشباب، ومئات من الكهنة وعدد غير محدود من الشمامسة في القاهرة والإسكندرية وكنائس المهجر. في عهده زادت إلايبارشيات كما تم إنشاء عدد كبير من الكنائس سواء داخل أو خارج جمهورية مصر العربية.

المقالات (274)

28 أغسطس 2024

الطريق الروحي

حياة التوبة هى بداية الطريق الروحي، لأنها انتقال من مقاومة الله ومعاداته إلى السير في طريقه ولكن الطريق طويل يهدف فيه الإنسان إلى أن يحيا حياة القداسة التي "بدونها لا يعاين أحد الرب". وقد قال الرب "كونوا قديسين كما أن أباكم الذي في السموات هو قدوس" والقداسة درجات، ينمو فيها الإنسان واضعًا أمامه مثال الرب نفسه لكي يقترب إلى صورته ومثاله وهكذا يتطور المؤمن من مجرد حياة القداسة، ساعيا نحو الكمال الذي يطالبه الرب به فقد أمرنا الرب بهذا الكمال في قوله "كونوا كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل" إن بولس الرسول الذي صعد إلى السماء الثالثة ورأى أشياء لا ينطق بها، الذي منحه الرب مواهب كثيرة واستعلانات، واختاره ليحمل اسمه بين الأمم، فتعب أكثر من جميع الرسل.. بولس هذا يقول عن كل القمم الروحية التي وصل إليها "ليس أني قد أدركت وصرت كاملًا، ولكني أسعى لعلي أدرك.. أفعل شيئًا واحدًا، إذ أنا أنسى ما هو وراء وامتد إلى ما هو قدام، أسعى نحو الغرض "ويختم نصيحته بقوله "فليفتكر هذا جميع الكاملين منا" (فى3: 12 -15). ما هو هذا (القُدَّام) الذي يسعى إليه بولس؟ إنه يقول لأهل أفسس "حتى تستطيعوا أن تدركوا مع جميع القديسين ما هو العرض والطول والعمق، وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة، لكي تمتلئوا إلى كل ملء الله" (اف3: 19). ما أعجب عبارة "تمتلئوا إلى كل ملء الله".. الكمال في الطريق الروحي، ليس له حدود.. كلما تجتاز مرحلة منه، تشعر أن أمامك مراحل أخرى طويلة.. كأنك لم تتقدم شيئًا، فتزداد انسحاقًا تكون كمن يطارد الأفق. كلما تصل إلى المكان الذي تظن فيه السماء منطبقة على الأرض، تجد هذا المكان قد امتد أمامك إلى غير حدود مادام الأمر هكذا، فلتتقدم إذن إلى أمام فإن كنا لم نصل بعد إلى توبة، أي إلى بداية الطريق..! فهل نقول إننا خارج طريق الله؟! قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
21 أغسطس 2024

ما معنى الغيرة؟

الغيرة هى اشتعال القلب والإرادة كما بنار، لعمل ما يعتقد الإنسان أنه الخير.. وقد يتحمس الإنسان وتملكه الغيرة بسبب شيء خاطئ، كما قال بولس الرسول عن ماضيه "من جهة الغيرة، مضطهد للكنيسة" (فى3: 6) بينما نجد غيرة مقدسة كالتي قال عنها المرتل "غيرة بيتك أكلتني" (مز69: 9). نجد غيرة أخرى خاطئة (غل5: 20)، وغيرة "قاسية كالهاوية" (نش8: 6). ولهذا قال الرسول "جيدة هي الغيرة في الحُسْنَى" (غل4: 18) ذلك لأنه توجد غيرة غير سليمة، كالتي قال عنها الرسول لأهل رومية "أشهد أن لهم غيرة الله ولكن ليس حسب المعرفة" (رو10: 2). ما هي إذن هذه الغيرة التي ليس حسب المعرفة؟ قد يغار الإنسان بجهل متحمسًا لمحاربة شيء، دون معرفة، دون تحقيق، دون تدقيق، لمجرد السماع، كما قال المسيح " تأتى ساعة.. يظن فيها كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله "! إنها غيرة ليست حسب المعرفة كغيرة شاول الطرسوسي التي قال عنها "ولكني رُحِمْت لأنني فعلت ذلك بجهل" لذلك لا تتحمس بسرعة بل اخلط حماسك بالمعرفة ولا تصدق كل ما يقوله لك أي أحد عن أخطاء الآخرين وعن مطالب الإصلاح إنما تعقل وادرس، وافحصوا كل الأشياء، وتمسكوا بالحسنى"وقد تكون الغيرة مخطئة في وسائلها وطرق التعبير مثل بطرس الذي غار للرب ورفع سيفه وقطع أذن العبد ومثل يوحنا ويعقوب اللذين قالا للرب عن إحدى مدن السامرة التي رفضت الرب "هل تشاء يا رب أن تنزل نار من السماء وتحرق هذه المدينة"..؟ وإنسان قد تملكه الغيرة، فيقع في الشتيمة والتشهير والإيذاء والضرب والثورة والتخريب، ويتحول إلى آلة هدم يحطم كل ما يقابله بطريقة غير روحية إنها أيضًا غيرة ليست حسب المعرفة، لأنه لا يعرف الطريقة الروحية السليمة التي يعبر بها عن غيرته. هناك أربعون شخصًا من اليهود نذروا أنهم لا يأكلون ولا يشربون شيئًا حتى يقتلوا بولس وهناك غيرة خاطئة لأنها مخلوطة بالأنانية والتحزب مثل غيرة يشوع لأجل موسى النبي لما رأى اثنين يتنبآن.. هل تغار لي؟ يا ليت كل شعب الله كانوا أنبياء: "هَلْ تَغَارُ أَنْتَ لِي؟ يَا لَيْتَ كُلَّ شَعْبِ الرَّبِّ كَانُوا أَنْبِيَاءَ" (عد11: 29). قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
19 أغسطس 2024

التجلى

وكان تجلي السيد المسيح، وتجلى موسى وإيليا معه، عربونًا لتجلي الطبيعة البشرية كلها بوجه عام.هذا التجلي هو فداء طبيعتنا من المادة وثقلته وهو وعد من الرب بأن ينقذ طبيعتنا من عبودية الفساد، عبودية المادة، لكي نصير روحانيين ونورانيين، وبهذا نصبح أهلًا للحياة في الملكوت المعد لنا ففي الأبدية سنعتق من عبودية اللحم والدم ومطالبهما، ونكون هناك كملائكة الله في السماء ولكن سينال هذا التجلي، من لم يخضع للمادة في حياته على الأرض، هذا سيصير نورانيًا في الأبدية وسيصير نورانيًا في الأبدية، من سلك ههنا على الأرض كأحد أبناء النور، ولم يسلك في أعمال الظلمة غير المثمرة، بل على العكس كان يبكتها (أف 5: 11) ذلك لأن الذين سلكوا في أعمال الظلمة، سيطرحون في الظلمة الخارجية في الأبدية، بعيدًا عن مدينة النور وعشرة النورانيين في أورشليم السمائية إن التجلي في الأبدية، لا يكون تجليًا للجسد فقط، وإنما للروح أيضًا، وهكذا تتخلص من دنس الجسد والروح. وتجلى الروح معناه أن تلبس إكليل البر، فلا يعود للخطأ والخطيئة سلطان على الإنسان فيما بعد هذا التجلي هو رجوعنا إلى الصورة الإلهية كان آدم وحواء على صورة الله في النقاوة والبراءة والبساطة ولكن التجلي في الأبدية سيكون بطريقة أسمى من طبيعة آدم وحواء، إذ سيتخلص البشر من مادية الجسد، ويصبحون روحانيين ويقتربون بالأكثر إلى صورة الله، كما على جبل طابور ليتنا نعد أنفسنا من الآن لنكون مستحقين لهذا التجلي بأن نسلك حسب الروح، حتى نستحق أن نلبس أجسادًا روحانية في الأبدية، كملائكة الله في السماء إن عيد التجلي يدعونا إلى الحياة الروحانية. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الرابع
المزيد
14 أغسطس 2024

تعظم نفسى الرب

بمناسبة صوم العذراء ، كنا في الأسبوع الماضي قد تكلمنا عن زيارة العذراء لاليصابات ، وأخذنا منها درساً عن لقاءات القديسين وفي هذه الليلة نتابع حديثنا عن زيارة العذراء لأليصابات، فنتأمل في تسبحة العذراء ، وبخاصة في عباراتها الأولى تعظم نفسى الرب ، وتبتهج روحي بالله مخلصي » ( لو ١ : ٤٦ ) تعظم نفسى الرب لما رأت العذراء أن اليصابات ، مدحتها بقولها "مباركة أنت في النساء ، طوبى للتي آمنت بما قيل لها من الرب ، من أين لى هذا أن تأتى أم ربى إلى " لم تشأ أن تجعلها تسترسل في مديحها بل حولت موضوع اللقاء من مديح لها الى مديح للرب . وأنشدت تسبحتها المشهورة " تعظم نفسى الرب " وهكذا قطعت على اليصابات مديحها لها ، وحولت أفكارها إلى الرب في الواقع اننا نجد فارقا كبيرا جدا بين العذراء التي تأملت عظائم الرب ، وبين أيوب الصديق في حديثه عن عظمته الشخصية : أيوب الصديق وقف يمدح نفسه فقال " رآني الغلمان فاختبأوا،الشيوخ قاموا ووقفوا - العظماء أمسكوا عن الكلام ، ووضعوا أيديهم على أفواههم . صوت الشرفاء اختفى ، ولصقت ألسنتهم بأحناكهم . لان الأذن سمعت فطوبتي ، والعين رأت فشهدت لي . لأني أنقذت المسكين المستغيث اليتيم ولا معين له . ليست البر فكساني ، كجبة وعمامة كان عدلى كنت عيوناً للعمى ، وأرجلا للعرج " أما السيدة العذراء ، فلم تعظم نفسها ، انما عظمت الرب كلامها كله كان عن الله ، الذي صنع قوة بذراعه " واسمه القدوس ، ورحمته التي من جيل إلى جيل ، الذي شتت المتكبرين ، وأنزل الاعزاء ورفع المتضمين ، وأشبع الجياع " كل كلامها كان عن الله ، وليس عن ذاتها . لم تقل انها صنعت شيئا عظيماً ، وانما « القدير صنع بي عظائم » . أرادت العذراء أن تختفى ، لكى يظهر الله . قطعت مديح اليصابات لها ، لكي تمدح الله كان الله يملأ قلبها وفكرها ووقتها وفمها ، ويشغل اهتمامها .إن العذراء مشغولة بالله ، وبتأمل أعماله ورحمته واسمه القدوس.. لم تحدث اليصابات عن ظروفها . ولم تسرح معها في أحاديث اجتماعية أو عائلية ، إنما حدثتها عن الله ، وكانت مقابلة روحية ليتنا ناخذه تدريباً لنا في حياتنا ، ان ننشغل بالله ، وأن يكون الله هو موضوع احاديثنا ومركز تفكيرنا " تعظم نفسى الرب "تذكرنا هذه العبارة بقول السيد المسيح "أنا مجدتك على الأرض " ( تك ۱۷ ) ، وبقولنا في الصلاة الربية" ليتقدس اسمك " تذكرنا أن يكون الله هو الكل في الكل في حياتنا "ليس لنا يا رب ليس لنا ، لكن لاسمك القدوس اعط مجداً " تذكرنا أيضاً بانشغال القديسين بالله باستمرار . صار الله لهم طعاماً نهاراً وليلا ، صار أنشودتهم ، وأغنيتهم ، وحديثهم ، وهذيذهم اسأل نفسك في أي شيء تشغل وقتك ؟ في الله أم غيره ؟ " تعظم نفسى الرب " ان أردت أن تعظم الرب ، فابعد عن تعظيمك لذاتك ،ولكل ما يمت اليك بصلة الشعب عظم هيرودس الملك ، وقالوا عن صوته " هذا صوت إله" فضربه ملاك الرب بالدود فمات ، لأنه لم يعط مجداً للرب . وشعب أفسس عظموا أرطاميس . والشاعر عظم أباه بقوله : وأبي كسرى علا ايوانه أين في الناس أب مثل أبي التامل في عظمة الله : هناك مجالات كثيرة للتأمل في عظمة الله : الله غير محدود في عظمته ، غير محدود في قوته ، غير محدود من جهة المكان والزمان ، هو الألف والياء ، البداية والنهاية الكون كله لا يسعه ، والزمن لا يحده . هو موجود قبل الزمن ، هو أزلى قبل الدهور . هو غير محدود فى كماله في قدسيته ، في صلاحه ، في جماله موسى رأى شيئاً من جماله ، فأضاء وجهه حتى أن الناس لم يحتملوا رؤيته ، فلبس برقعاً الله غير محدود في علمه ، في معرفته ، في فهمه ، في حكمته شتان بين علمه وعلم البشر كل علوم البشر جهالة عند الله الناس تعرف بعض أشياء عن بعض أشياء ، أما الله فيعرف كل شيء عن كل شيء وعن كل أحد ويعرف بلا واسطة ولا أجهزة ، وبلا تدرج ، وبكل يقينية ، ويعرف الخفيات، يعرف الغيب ، والمستقبل ،ويقرأ القلوب والأفكار امامه نقول كما قال أيوب " نطقت بما لم افهم ، بعجائب فوقى لم أدركها " حقا "تعظم نفسى الرب" كل صفة من صفات الله : إن تأملتها تتوه وتقول " تعظم نفسى الرب " وتشعر بتفاهة الكون كله وبتفاهة ذاتك أمامه . ليتنا نتأمل في جوانب العظمة الإلهية ، وما فيها من كمالات . ونحن نعظم الله ، لا لأنه محتاج لتعظيمنا ، انما لأن أرواحنا وأفكارنا والسنتنا تتقدس باسم الله وذكره وصفاته ، وتعلو أرواحنا الى مجال الهى يرفعنا معه الى علو اسمى منا إن الله ليس محتاجاً إلى تمجيدنا ، ولا إلى تمجيد الطبيعة التي تحدث بمجد الله ، وتخبر بعمل يديه ولا إلى تمجيد الملائكة إنما تمجده صفاته وطبيعته ولاهوته . هو ممجد بذاته وان كان التأمل في صفات الله وفى لاهوته أعلى منك ، يمكنك ان تعظم نفسك الرب في خليقته ، في الطبيعة وفي ذاتك مجرد التأمل في زنبقة من زنابق الحقل التي لم يستطع سليمان أن يلبس كواحدة منها ، أو التأمل فى الأفلاك والكواكب والقوانين التي تحكمها وهي معلقة في الأجواء ، أو التأمل في أجهزة الجسد التي تعمل في حكمة عجيبة وفق قوانين رائعة ، كل ذلك وغيره ، نقف أمامه ونقول و تعظم نفسى الرب وان كنا تعظم الرب على الأشياء الحاضرة ، فبالأكثر تعظمه على الأشياء المستقبلة ، على ما لم تره عين ، وما لم تسطع به اذن وما لم يخطر على قلب بشر مجرد إقامة الموتى ، أمر عجيب ، نقف أمامه ونقول" تعظم نفسى الرب " حقاً كيف يقيم التراب ، ويمنحه حياة ..!! أما العظمة التي تراها في الانسان الذي وصل الى القمر والمريخ فهي أيضاً منحة من الله ، الذي وهب الانسان الذكاء والمعرفة فأمام هذه العظمة تقول « تعظم نفسى الرب » . أمام عظمة الله ينسحق الانسان ، ويتضع قلبه من أنا ؟ مجرد إنسان بسيط في هذا الكون الضخم ، اعيش في فترة زمنية ضئيلة تقع وسط الدهور ما كياني ؟ وما معرفتي ، وما قدرتي ، أمام الله غير المحدود ، القادر على كل شيء ؟! امام عظمة الله تشعر بالضآلة ، وبأننا لاشيء وان نظر الينا الله نقول « لأنه نظر إلى اتضاع أمته » وعندما تنسحق نفسك ، ننال من الرب المواهب الله لا يزيد شيئاً بتمجيدك فهو لا يزيد ولا ينقص ولكنك تزداد حباً ، وتزداد خشوعاً ، وتزداد اتضاعاً ، وتزداد عمقاً ، كلما تتأمل عظمة الله ، وتعظم نفسك الرب فتبتهج روحك بالله مخلصك عجيب أن كل هذه التأملات التي تزخر بها تسبحة العذراء تصدر عن فتاة في حوالي الرابعة عشرة من عمرها ، ولكنه عمر مملوء بالروح ، عميق في خبرته ، عمر تربى في الهيكل "تعظم نفسى الرب وتبتهج روحى بالله مخلصي" إن حياة البهجة بالروح موضوع طويل ، نتركه إلى فرصة أخرى . قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن مجلة الكرازة العدد الرابع والثلاثون عام 1976
المزيد
07 أغسطس 2024

لقاءات القديسين

بمناسبة صوم العذراء ،أود أن نتأمل معاً في درس روحي نتعلمه من حياتها من الأحداث الهامة فى حياة العذراء زيارتها لاليصابات نريد أن نأخذ من هذا اللقاء الروحي العجيب بين القديسة العذراء والقديسة اليصابات درساً عن لقاءات القديسين . لقاءات القديسين دروس من مقابلة العذراء الأليصابات : 1- اول ما يتميز به هذا اللقاء ، ما ظهر فيه من روح الخدمة: حالما سمعت العذراء بأن اليصابات حبلى في شيخوختها ، أسرعت لتخدمها ، لأنها شعرت أن هذه العجوز القديسة في حاجة إلى من يقف إلى جوارها وهكذا ظلت معها حتى ولدت وبذلت العذراء ما تستطيعه لتخدمها ، وبقيت إلى جوارها ثلاثة أشهر . ٢- نرى في هذا اللقاء أيضاً روح الاتضاع ، من الجانبين : اتضاع من أم المخلص ، التي لم يرتفع قلبها بظهور الملاك لها ، و ببشرى ميلاد المسيح منها ، وما وصلت اليه من مركز أكبر من أن تحتمله امرأة ، ومع كل ذلك ذهبت لتخدم دون أن يكبر قلبها . لهذا قالت اليصابات أيضاً في اتضاع ، من أين لى هذا ، أن تأتى أم ربي إلى ، ؟! ٣- كان هذا اللقاء أيضاً مملوءاً من عمل الروح القدس . يقول الكتاب : فلما سمعت اليصابات سلام مريم ، ارتكض الجنين في بطنها ، وامتلات اليصابات من الروح القدس . ( لو ٤١:١ ) مجرد كلمة السلام ، سمعتها اليصابات من مريم ، جعلتها تمتلىء من الروح القدس ما أعجب هذا التأثير الروحي في لقاءات القديسين . كثيراً ما نسمع عنه في الكتاب : بطرس يدخل بيت كرنيليوس ويتكلم ، فيمتلىء الجميع من الروح القدس وهنا لم تمتلىء أليصابات فقط من الروح ، بل أيضاً جنينها كان هناك لقاءان : أحدهما بين مريم واليصابات ، والثاني بين يوحنا الجنين ، وبين المسيح الجنين وكما امتلات اليصابات من الروح . كذلك قيل عن جنينها "ومن بطن أمه يمتلىء من الروح القدس ، ( لو ١ : ١٥ )وهكذا بالروح عرف الرب ، وارتكض بابتهاج في بطن أمه للقاء ربه ، الذي من أجله سيولد ، ليعد الطريق قدامه لقاء مريم بأليصابات : كان فيه روح الخدمة ، وروح الإتضاع ،وعمل الروح القدس وماذا كان فيه أيضاً ؟ ٤- انه لقاء كان يتسم بكلام البركة والتطويب : صرخت اليصابات بصوت عظيم ، وقالت لمريم و مباركة أنت في النساء ، ومباركة هي ثمرة بطنك فطوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب . ه - وكان لقاءا فيه أيضاً روح النبوة والكشف والاعلان الالهى.من أين علمت اليصابات بأن العذراء قد صارت أم الرب ، حتى تقول لها و من أين لى هذا ، أن تأتى أم ربي إلى ؟! كذلك كيف عرفت أنه قيل لها شيء من قبل الرب وأنها آمنت بما قيل لها ؟ لا شك أنه نوع من الكشف الإلهى، ومعرفة الخفيات إنه روح النبوة تمتعت به هذه التي امتلات من الروح القدس . ٦ - وفي هذا اللقاء أيضاً ترى روح التسبيح وروح الصلاة : وقفت مريم تسبح الرب بتسبحتها الشهيرة ، وتصلى صلاة طويلة ،وتقول : تعظم نفسى الرب ، وتبتهج روحي بالله مخلصي ، لأن القدير صنع بي عجائب ، واسمه قدوس. ٧- انه لقاء روحی بین امراتين قديستين ، يعطينا فكرة عما يجب ان تكون عليه اجتماعات النساء وأحاديثهن . امرأة تقابل أخرى ، فى امتلاء من الروح القدس، بلقاء فيه روح الخدمة ، وروح الاتضاع ، وروح النبوة، وفيه البركة والتطويب وفيه الصلاة والتسبيح هكذا يكون لقاء القديسين. لقاءات القديسين وصفاتها : قد يجتمع اثنان خاطئان . فكل منهما يجذب الآخر إلى اسفل ويملا سمعه وفكره وقلبه بما لا يفيد على رأى قديس قال : إذا سرت مع إنسان قديس من قلايتك إلى الكنيسة ، يقدمك في الحياة الروحية عشر سنوات ، وإن سرت مع إنسان منحل ، يؤخرك خمسين سنة لهذا ينبغى أن تحسن اختيار الأشخاص الذين تلتقى بهم نتخير نوع الشخص ، ونوع الجلسة، ونوع الحديث، حتى لا نخسر أرواحنا من مشورة الأشرار ومن مجالس المستهزئين ( مز١) نقرأ في بستان الرهبان أن كثيرين كانوا يتكبدون الاسفار ، ويعبرون البحار ، والبرارى والقفار ، لمجرد سماع كلمة منفعة من راهب فلقاءات القديسين فيها كلام المنفعة ، وفيها أيضا المنظر الروحي قابل البعض القديس الأنبا أنطونيوس ، وسألوه في أمور . وشخص آخر لم يسأل، وإنما قال للقديس و يكفيني مجرد النظر إلى وجهك يا أبى مجرد نظر وجه القديسين كانت فيه منفعة روحية لذلك كان قديسون يتقابلون ، ويجلسون صامتين ،ويستفيدون روحيا مثال ذلك اللقاء بين البابا ثاوفيلس والأنبا بفتوتيوس قال الأنبا بفنوتيوس، إن لم يستفد من سكوتى ، فمن كلامي أيضاً سوف لا يستفيد. لان الذي يريد أن يستفيد ، ممكن أن يستفيد من السكوت لقاءات القديسين مملوءة من النفع الروحي فيها كلمة المنفعة وفيها القدوة الصالحة ، والروح الطيبة التي يمتصها الشخص من الآخر. وفيها أيضا البركة . يكفى أن تقابل قديسا لمجرد اخذ بركة. لقاءات القديسين في الكتاب من هذه اللقاءات التاريخية : مقابلة ابراهيم أبي الآباء لمشيصادق( تك ٤ ) ملشيصادق ملك ساليم ، وملك البر ، وكاهن الله العلى .لقاء قدم ابراهيم فى هذا اللقاء العشور، وقدم خبزاً وخمراً . ومن العجيب أنه لقاء كان يحمل أيضاً رموزاً روحية ، ونبوءات. كذلك من المقابلات التاريخية ، لقاء ابراهيم بضيوفه الثلاثة ( تك ۱۸ ) لقاء ظهرت فيه روح البساطة ، إذ ركض ابرام لاستقبالهم وهو شيخ ، وروح الاتضاع ، إذ سجد لهم إلى الأرض وقال : يا سيد. إن وجدت نعمة في عينيك فلا تتجاوز عبدك . وروح الخدمة والكرم إذ غسل أرجلهم وذبح لهم وأحضر طعاماً كثيراً . كما ظهرت في هذا اللقاء مواعيد الله ، وظهرت محبة ابراهيم وتشفعه في أهل سادوم لاشك أنه ما كان يعلم أن ضيوفه هم الرب وملا كان معه ، وإلا ما كان يذبح لهم ويقدم زبداً ولبناً وخبزاً. ومن لقاءات المحبة المشهورة في الكتاب : لقاء داود ويوناثان إنه لقاء الحب، والإخلاص، والعهود . وقف فيه يوناثان ضد أبيه من أجل محبته لداود مسيح الرب . وقف ضد الملك وتعرض لايذائه ، وضحى بنفسه لينقذ صديقه . وبكى الاثنان ، وظل داود زماناً طويلا يذكر محبة يوناثان . وقال بعد وفاته و قد تضايقت عليك يا أخي يوناثان كنت حلواً لى جداً . محبتك لي أعجب من محبة للنساء ( ٢ صم ١ : ٢٦ ) . ولما صار ملكاً ، ظل يبحث : هل بقى هناك أحد من بيت شاول ، لأقدم له معروفاً ، لأجل يوناثان. هناك أيضا لقاءات للقديسين خاصة بالخدمة كلقاء بولس بتيموثاوس ، كاجتماع الرسل في مجمع اورشليم قال له : بادر ان تجيء إلى قبل الشتاء خذ مرقس وأحضره معك، لأنه نافع لى للخدمة" ( ٢ تى ٤ : ۹ - ۱۱ ) وتقابل الثلاثة لأجل الخدمة. هناك لقاءات أخرى للتصافى ، كلقاء يوسف الصديق بأخوته بكى وبكوا ، وغفر لهم ، وتصافوا ، وأعطاهم من حبه ، وأعطاهم أرضاً ورزقاً وصفحاً ، وأراح قلوبهم ، وكفكف دموعهم. ولعل من أعظم اللقاءت في التاريخ لقاء السيد المسيح بالمعمدان منذ زمان كان يوحنا يشتاق إلى هذا اللقاء وهو لقاء ظهر فيه تواضع الرب العجيب ، وظهر فيه الروح القدس كحمامة ، وسمع فيه صوت الآب إنه يوم الظهور الإلهي. من اللقاءات الجميلة أيضاً لقاء موسى وايليا على جبل التجلى ، مع الرب في وسطهم كذلك لقاء فيلبس بالخصى الحبشى ، حيث شرح له سفر أشعياء ،وقاده إلى الإيمان وإلى العماد أيضاً. حدثه عن الأمور المختصه بالملكوت كما حدث المسيح تلاميذه ، وكما شرح لتلميذى عمواس جميل في لقاءات القديسين ، التقاؤهم حول كلمة الله . لقاءات للقديسين ، في التاريخ : من أشهر هذه اللقاءات ، لقاء الأنبا انطونيوس بالأنبا بولا بهذا اللقاء عرفنا سيرة الأنبا بولا ، وعرفنا السياحة ، وجلس القديسان يتحدثان عن عظائم الله ، وعن عمله في الكنيسة شعر به الأنبا أنطونيوس العظيم بضآلة شأنه ، وأن هناك من هو أعظم منه في حياة الرهبنة. وكما أخذ القديس انطونيوس درساً في الاتضاع من لقائة بالأنبا بولا ، كذلك اتضع القديس مقاريوس عندما التقى بالسائحين رجع مكاريوس العظيم الأب الروحي لبرية شيهيت وقال لتلاميذه . و إني لست راهباً ، ولكني رأيت رهباناً . من اللقاءات المشهورة أيضاً لقاء الأنبا أنطونيوس بالقديس مقاريوس ، وقوله عنه : إن قوة عجيبة تخرج من هاتين اليدين . لقاءات القديسين لقاءات عجيبة ، حياة في جو روحي ، لقاء للناس مع الله ، لقاء يجذب الى فوق ، فيه بركة ، وقدوة ، ومنفعة وعمق - لقاء حول كلمة الله ، أو حول الصلاة ومن لقاءات الصلاة هذه ، لقاء الانبا غاليون السائح بالسواح الثلاثة الذين ترهبوا في دير القديس الانبا شنوده راهم من بعيد ،وهم يرتلون المزامير ، فأخذ يصليها معهم بلحنها واقتربوا وهم يصلون ،وهو يصلى معهم ووقفوا معه يكملون ترتيل المزامير ووهو يصلى معهم وهكذا التقوا في الرب . قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن مجلة الكرازة العدد الثانى والثلاثون عام 1976
المزيد
31 يوليو 2024

السلام القلبي

السلام القلبي هو ثمرة من ثمار الروح القدس في القلب الروح القدس إذا سكن قلب إنسان يعطيه سلامًا قلبيًا "يفوق كل عقل" كما يقول الرسول وكان السلام هو عطية السيد المسيح للناس، فقال"سلامي أترك لكم، سلامي أنا أعطيكم" الشخص المملوء بالسلام لا يقلق ولا يضطرب ولا ينزعج مهما كانت الأمور ضاغطة من الخارج إن سلامه لا يعتمد على الظروف الخارجية، وإنما يعتمد على ثقته بحفظ الله ورعايته وثقته بوعود الله مادام الله موجودًا، ومادام يعمل ويحفظ، إذن لا داعي للخوف لهذا قال داود النبي "أَيْضًا إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي. عَصَاكَ وَعُكَّازُكَ هُمَا يُعَزِّيَانِنِي" (سفر المزامير 23: 4) إن مصدر سلامه هو شعوره أن الله معه تعب التلاميذ حينما كانوا في السفينة وظنوا أن الرب نائم بينما البحر هائج لهذا فقدوا سلامهم. كان العامِل المُسَيطِر هو الظروف الخارجية، والإحساس بعدم عمل الرب، فقام وانتهر الريح وأعاد إليهم سلامهم كونوا ثابتين من الداخل راسخين في إيمانكم، حينئذ لا تهزكم الظروف الخارجية مثل البيت المبنى على الصخر تعصف به الريح والإمطار فلا تقدر عليه لأنه ثابت من الداخل السفينة السليمة تحيط بها الأمواج الشديدة وتلطمها فلا تؤذيها، ولكن متى تتعب السفينة؟ تتعب حينما يوجد بها ثقب يوصل الماء إلى داخلها فهل يوجد ثقب داخل نفسك يجعل المياه تتسرب إلى نفسك فتغرقها القديس الأنبا انطونيوس كان مِثلاً للسلام القلبي، قال عنه القديس أثناسيوس الرسولي "مَنْ مِنْ الناس كان مُرّ النفس ومضطرب الخاطر ويرى وجه الأنبا انطونيوس إلا ويمتلئ قلبه بالسلام"! إن الإنسان المملوء بالسلام، يستطيع أن يفيض بالسلام على الآخرين، ويربح غيره عيشوا إذن في سلام حينئذ تستريحون وتعيشون في طمأنينة وهدوء، في صحة روحية وجسدية قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل