المتنيح البابا شنوده الثالث

Large image

البابا شنودة الثالث (وُلِد باسم نظير جيد روفائيل) (3 أغسطس 1923 - 17 مارس 2012)[1]، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وسائر بلاد المهجر، وهو البابا رقم 117. كان أول أسقف للتعليم المسيحي قبل أن يصبح البابا، وهو رابع أسقف أو مطران يصبح البابا بعد البابا يوحنا التاسع عشر (1928 - 1942) ومكاريوس الثالث (1942 - 1944) ويوساب الثاني (1946 - 1956).[2]. وهو من الكتاب أيضا إلى جانب الوظيفة الدينية العظمى التي يشغلها، وهو ينشر في جريدة الأهرام الحكومية المصرية بصورة منتظمة.

دراسته
التحق بجامعة فؤاد الأول، في قسم التاريخ، وبدأ بدراسة التاريخ الفرعوني والإسلامي والتاريخ الحديث، وحصل على الليسانس بتقدير (ممتاز) عام 1947. وفي السنة النهائية بكلية الآداب التحق بالكلية الإكليركية. وبعد حصوله على الليسانس بثلاث سنوات تخرج من الكلية الإكليركية عمل مدرساً للتاريخ. حضر فصولا مسائية في كلية اللاهوت القبطي وكان تلميذاً واستاذاُ في نفس الكلية في نفس الوقت.

كان يحب الكتابة وخاصة كتابة القصائد الشعرية ولقد كان ولعدة سنوات محررا ثم رئيسا للتحرير في مجلة مدارس الآحد وفي الوقت نفسه كان يتابع دراساته العليا في علم الآثار القديمة. كان من الأشخاص النشيطين في الكنيسة وكان خادما في مدارس الآحد. ثم ضباطاً برتبة ملازم بالجيش. [بحاجة لمصدر]

انخراطه في العمل الديني
كان نظير جيد (اسمه الحقيقى) كان خادما بجمعية النهضة الروحية التابعة لكنيسة العذراء مريم بمسرة وطالباً بمدارس الأحد ثم خادماً بكنيسة الانبا انطونيوس بشبرا في منتصف الأربعينات.[3]

رسم راهباً باسم (انطونيوس السرياني) في يوم السبت 18 يوليو 1954، وقد قال أنه وجد في الرهبنة حياة مليئة بالحرية والنقاء. ومن عام 1956 إلى عام 1962 عاش حياة الوحدة في مغارة تبعد حوالي 7 أميال عن مبنى الدير مكرسا فيها كل وقته للتأمل والصلاة.

وبعد سنة من رهبنته تمت سيامته قساً. أمضى 10 سنوات في الدير دون أن يغادره. عمل سكرتيراً خاصاً للبابا كيرلس السادس في عام 1959. رُسِمَ أسقفاً للمعاهد الدينية والتربية الكنسية، وكان أول أسقف للتعليم المسيحي وعميد الكلية الاكليريكية، وذلك في 30 سبتمبر 1962.

باباويته
وعندما مات البابا كيرلس في الثلاثاء 9 مارس 1971 أجريت انتخابات البابا الجديد في الأربعاء 13 أكتوبر. ثم جاء حفل تتويج البابا (شنودة) للجلوس على كرسي البابوية في الكاتدرائية المرقسية الكبرى بالقاهرة في 14 نوفمبر 1971 وبذلك أصبح البابا رقم (117) في تاريخ البطاركة.

في عهده تمت سيامة أكثر من 100 أسقف وأسقف عام؛ بما في ذلك أول أسقف للشباب، أكثر من 400 كاهن وعدد غير محدود من الشمامسة في القاهرة والإسكندرية وكنائس المهجر. أولى اهتماما خاصا لخدمة المرأة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. يحاول دائما قضاء ثلاثة أيام أسبوعيا في الدير، وحبه لحياة الرهبنة أدى إلى انتعاشها في الكنيسة القبطية حيث تم في عهده سيامة المئات من الرهبان والراهبات. وكان أول بطريرك يقوم بإنشاء العديد من الأديرة القبطية خارج جمهورية مصر العربية وأعاد تعمير عدد كبير من الأديرة التي اندثرت.

في عهده زادت الابارشيات كما تم إنشاء عدد كبير من الكنائس سواء داخل أو خارج جمهورية مصر. في عهده تمت سيامة أكثر من 100 أسقفاً؛ بما في ذلك أول أسقف للشباب، ومئات من الكهنة وعدد غير محدود من الشمامسة في القاهرة والإسكندرية وكنائس المهجر. في عهده زادت إلايبارشيات كما تم إنشاء عدد كبير من الكنائس سواء داخل أو خارج جمهورية مصر العربية.

المقالات (264)

19 يونيو 2024

من هو الروح القدس

لابد أن تكون لكم معرفة بالروح القدس من هو ؟ وما عمله فيكم ولاجلكم لكى تكون علاقة به ، ولتعرفوا عمق احتاجكم إليه الروح القدس هو " روح الله القدوس " ( أف4 : 30 ) ، ( 2كو3 : 3 ) بل الروح القدس هو الله ، لأن " الله روح " ( يو4 : 24 ) . لاهوته قال القديس بطرس " إن الكذب على الروح القدس معناه الكذب على الله " ( أع5 : 23 ) ومادام هو روح الله ن ( أي 33 : 3 ) ( 2كو3 : 3 ) ، وهو روح السيد الرب ( اش61 : 1 ) ، إذن هو الله . هذا المعزي ، روح الله ، حل على التلاميذ في يوم الخمسين ( أع2 : 1 ـ 4 ) . وهو الذى وعد به الله في سفر يوئيل النبى قائلاً " ويكون بعد ذلك أنى اسكب روحى على كل بشر ، فيتنبأ بنوكم وبناتكم ، ويحلهم شيوخكم أحلاماً ، ويري شبابكم رؤي " ( يؤ2 : 28 ) . وقد ذكر القديس بطرسس أن هذه النبوءة تحققت في يوم الخمسين ( أع2 : 16 ، 17 ) هو روح الله ، وهو " روح إبنه " ( غل4 : 6 ) " روح المسيح " ( 1بط1 : 11 ) هو " روح الرب " ( اش11 : 2 ) " روح السيد الرب " ( اش61 : 1 ) . قيل في سفر ايوب الصديق " روح الرب صنعى " ( أي33 : 4 ) . وقال حزقيال النبى " وحل على روح الرب وقال لي ... " ( خر11 : 5 ) . وقال القديس بطرس في توبيخ ما فعله حنانيا وسفيرا " ما بالكما قد اتفقتما على تجربة روح الرب " ( أع5 : 9 ) . وهو " روح الحق " ( يو14 : 17 ) . وقال عنه السيد المسيح " روح الحق الذي من عند الآب ينبثق " ( يو15 : 26 ) . وقال أيضاً " متى جاء ذاك ، روح الحق ، فهو يرشدكم إلى جميع الحق " ( يو16 : 13 ) ويثبت لاهوت الروح القدس أنه في الثلوث القدوس إنه واحد مع الآب والأبن . وفي ذلك يقول السيد المسيح الرب أرسله القديسين " تلمذوا جميع الأمم ، وعمدوهم باسم الآب والآبن والروح القدس " ( أع28 : 19 ) ولاحظوا هنا أنه يقول " باسم " وليس باسماء ... وهذا يوافقه أيضاً ما ورد في رسالة القديس يوحنا الأولي ، إذ يقول " فإن الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة : الآب والكلمة ( اللوجوس ) والروح القدس . وهؤلاء الثلاثة هم واحد " ( 1يو5 : 7 ) ويثبت لاهوته أيضاً أنه الحيى ومعطي الحياة ولذلك يسمى " روح الحياة " ( رو8 : 2 ) . وقد ورد في سفر حزقيال النبى ، أنه هو الذي يحيى الموتى ( حز37 : 9 ، 10 ) . ومن الذي يستطيع أن يحيى الموتي ويقيهم ، إلا الله وحده . الروح القدس هو أقنوم الحياة . هو مصدر الحياة في العالم كله ، سواء الحياة بمعني الوجود أو البقاء ، أو الحياة مع الله . وبصفه قانون الإيمان بأنه " الرب المحيى " ويثبت لاهوت الروح القدس ، أنه مصدر الوحى وقانون الإيمان يصف لروح القدس بأنه " الناطق في الأنبياء " ولعل هذا يوافق ما ورد في الرسالة الثانية للقديس بطرس الرسول عن الوحي الإلهى إذ قال " لأنه لم تأت نبوءة قط بمشيئة إنسان ، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس " ( 2بط1 : 21 ) . ومادام الوحى من الروح القدس ، إذن هو من الله ، لأنه من روح الله . لذلك قال القديس بولس الرسول " كل الكتاب موحي به من الله ، ونافع للتعليم " ( 2تى3 : 16 ) . يقول الرسول أيضاً " حسناً كلم الروح القدس آباءنا بأشعياء النبى قائلاً .. " ( أع28 : 25 -27 ) . وكمثال لهذا الوحي قال حزقيال النبى " ... وحل على روح الرب وقال لي ك قل هكذا قال الرب ... " ( حز11 : 5 ) . ويقول الوحي الإلهى في سفر اشعياء النبى " أما أنا فعهدي معهم قال الرب روحى الذي عليك وكلامى الذى وضعته في فمك لا يزول من فمك ، ولا من فم نسلك ... من الآن وإلى الأبد " ( اش59 : 21 ) . صفات الروح القدس اللاهوتية:- نضيف إلى كل هذا ، أن الروح القدس اشترك مع الآب والإبن في عملية الخلق فكما قيل عن الآب إنه بالإبن قد عمل العالمين ( عب1 : 2 ) " فإنه فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض الكل به وله قد خلق " ( كو1 : 16 ) " كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئ مما كان " ( يو1 : 3 )هكذا يقول الكتاب عن الروح القدس :" ترسل روحك فتخلق وتجدد وجه الأرض " ( مز104 : 30 ) وقيل في سفر أيوب الصديق " روح الرب صنعنى " ( أى 33 : 4 ) وهذا يدل على لاهوت الروح القدس ، لأن القدرة على الخلق خاصة بالله وحده وقد ذكر الكتاب صفات إلهية له ، منها الأزلية : كما قيل عن السيد المسيح " فكم بالحرى دم المسيح ، الذي بروح أزلى قدم نفسه لله بلا عيب " ( عب9 : 14 ) . ومن الصفات الإلهية للروح القدس ، وجوده في كل مكان وفي ذلك قال داود النبى للسيد الإله " أين أذهب من روحك ؟! ومن وجهك أين أهرب ؟! إن صعدت إلى السموات فأنت هناك وإن فرشت في الهاوية فها أنت " ( مز139 : 7 ) . وطبعاً الواحد الموجود في مكان هو الله . ومن الدلاله على وجوده في مكان ، عمله فينا يقول بولس الرسول " أما تعلمون أنكم هيكل الله ، وروح الله يسكن فيكم " ( 1كو3 : 16 ) وأيضاً " أم لستم تعلمون ان جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم " ( 1كو6 : 19 ) . وسكنى الروح في كل المؤمنين ، في كل أقطار الأرض ، يدل على وجوده في مكان ، وبالتالي على لاهوته إذن روح الله في كل مكان ، يعمل في المؤمنين ويحل فيهم . ومما يثبت لاهوته أيضاً ، أنه عالم بكل شئ كما يقول القديس بولس الرسول " لأن الروح يفحص كل شئ حتى أعماق الله " ( 1كو2 : 10 ) " وهكذا أيضاً أمور الله ، لا يعرفها أحد إلا روح الله " ( 1كو2 : 11 ) ويقول لنا الرب عن الروح القدس " يرشدكم إلى جميع الحق " ( يو16 : 13 ) " يعلمكم كل شئ ، ويذكركم بكل ما قلته لكم " ( يو14 : 26 ) . الروح القدس قادر على كل شئ ومن صفات الروح في نبوءة اشعياء إنه " روح القوة " ( اش11 : 2 ) وهكذا يتحدث القديس بولس الرسول عن كرازته إنها كانت بقوة آيات وعجائب ، بقوة روح الله " ( رو15 : 19 ) ويقول أيضاً " برهان الروح والقوة ... بقوة الله " ( 1كو2 : 4 ) والسيد الرب يقول هذا ، كما ورد في سفر زكريا النبى " لا بالقدرة ولا بالقوة ، بل بروحي قال رب الجنود " ( زك4 : 6 ) . ومما يثبت لاهوته أيضاً، أنه مانح المواهب الفائقة يقول الكتاب " كل عطية صالحة ، وكل موهبة تامة ، هي فوق ، نازلة من عند أبي الأنوار " ( يع1 : 17 ) . ومع ذلك فإن كل المواهب ينسبها الكتاب إلى الروح القدس كما ورد في إصحاح المواهب ( 1كو12 ) ، إذ يقول الرسول : " فأنواع مواهب موجودة ، ولكن الروح واحد " .. ( 1كو12 : 4 ) . وبعد أن ذكر انواع المواهب ومنها الحكمة ، والإيمان ، ومواهب الشفاء ، وعمل القوات ، والنبوة وتميز الأرواح ، والألسنة وترجمتها ، وقال " ولكن هذه كلها يعمل الروح الواح بعينه ، اسماً لكل واحد بمفرده كما يشاء " ( 1كو12 : 11 ) . وطبيعى لا يمكن أنت يمنح كل هذه المواهب ، إلا الله . والسيد المسيح وصف الروح القدس لتلاميذه بأنه " المعزى البارقليط " ( يو16 : 7 ) . ووصف هذا المعزى بصفات إلهية ، فقال : أ ـ إنه " يمكث معكم إلى الأبد " ( يو14 ك 16 ) . إذن فهو ليس إنساناً يمكث معهم فترة ويموت ، إنما هو روح الله الذي يمكث معهم إلى الأبد ، بل قال عنه أكثر من ذلك إنه : ب ـ " ماكث معكم ويكون فيكم " ( يو14 : 17 ) وعبارة " يكون فيكم " لا ينطبق على إنسان وقال عنه أيضاً : ج ـ " لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه " ( يو14 : 17 ) وهذه العبارة أيضاً لا تنطبق على إنسان يراه الناس ويعرفونه وفي رسالة إلى العبرانين يصفه الرسول بأنه " روح النعمة " ( عب10 : 29 ) وفي نبؤة زكريا يقول الوحي الإلهى " وأفيض على بين داود وعلى سكان أورشليم روح النعمة والتضرعات ، فينظرون إلى الذي طعنوه ، وينوحون عليه كنائح على وحيد له في مرارة " ( زك12 : 10 ) . والكتاب يسمى الروح القدس أيضاً " روح القداسة " (رو1 : 4 ) ويقول عنه المرتل في المزمور " وبروح رئاسي أعضدنى " ( مز50 ) . ونقول عنه في صلوات الأجبية " روحاً مستقيماً ومحيياً ، روح النبوة والعفة ، روح القداسة والعدالة والسلطة " ونقول عنه أيضاً " الملك المعزى ، الحاضر في كل مكان والمالئ الكل ، كنز الصالحات ومعطى الحياة " ونطلب إليه قائلين " هلم تفضل وحل فينا ، وطهرما من كل ذنس أيها الصالح ، وخلص نفوسنا " وفي سفر اشعياء النبى ، ما أكثر الأوصاف التى بها روح الله إذ يقول : " ويحل عليه روح الرب ، روح الحكمة والفهم ، روح المشورة والقوة ، روح المعرفة ومخافة الرب " ( اش11 : 2 ) وقد قال السيد المسيح الرب عن بصالئيل الذي قام بصناعة ما يلزم خيمة الإجتماع " وملآته من روح الله بالحكمة والفهم والمعرفة وكل صنعه الاختراع " ( خر31 : 3 ـ 6 ) ولعل بصالئيل هذا أول مثل لموسي " وتلكم جميع حكماء القلوب الذين ملأتهم روح حكمة أن يصنعوا ثياب هرون لتقديسه ليكهن لي " ( خر28 : 3 ) وعن روح الحكمة يصلي بولس الرسول من أجل أهل أفسس لكي يعطيهم الله " روح الحكمة والإعلان في معرفته " ( اف 1 : 17 )وذلك لكى " تستنير اذهانكم ليعملوا ما هو رجاء دعوته " . أقنومه:- شهود يهوه لا يعتقدون أن الروح القدس أقنوم ( شخص ) ، بل يرونه مجرد قوة !! وللرد على ذلك نقول إن ما ورد عن الروح القدس في الكتاب المقدس ، يدل أنه شخص فهو يتكلم : ويقول الرب في ذلك لتلاميذه القديسين " لأن لستم أنتم المتكلمين ، بل روح ابيكم الذي يتكلم فيكم " ( مت10 : 20 ) ويقول الرسول أيضاً عنه " إن سمعتم صوته ، فلا تقسوا قلوبكم " ( عب3 : 7 ـ 9 ) وهو الذي قال " افرزوا لي برنابا وشاول ، للعمل الذى دعوتهما إليه " ( أع13 : 3 ) فهو هنا يتكلم ، و أيضاً يدعو وهو يعلم ، ويذكر ، ويرشد ، ويخبر ، ويبكت وفي ذلك يقول الرب لتلاميذه عن الروح القدس " يعلمكم كل شئ ، يذكركم بكل ما قلته لكم " ( يو14 : 26 ) وأيضاً "متى جاء ذاك روح الحق ، فهو يرشدكم إلى جميع الحق ويخبركم بأمرو آتية " ( يو16 : 12 ، 13 ) وهو أيضاً الذي يبكت على خطية ( يو16 : 8 ) وهو يقود المؤمنين جماعات وأفراداً يقول الرسول " لأن الذين ينقادون بروح الله ، فأولئك هم أبناء الله " ( رو8 : 14 ) وهو يقيم الرعاة : وعن ذلك قال القديس بولس لأساقفة أفسس " احترزوا إذن لأنفسكم ولجميع الرعية التى أقامكم الروح القدس عليها أساقفة " ( أع20 : 28 ) وهو الذي يحدد تحكات الخدام فيقول القديس لوقا الإنجيلى عن القديس بولس الرسول وأصحابه " وبعد ما اجتازوا في فريجية وكورة غلاطية ، منعهم الروح القدس أن يتكلموت بالكلمة في آسيا فلما أتوا إلى ميسيا ، حاولوا أن يذهبوا إلى بيثينية ، فلم يدعهم الروح " ( أع16 : 6 ، 7 ) والروح القدس يعزى المؤمنين ويشفع فيهم يقول السيد المسيح " وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد " ( يو15 : 26 ) ويقول الرسول " الروح نفسه فينا بأنات لا ينطق بها " ( رو8 : 26 ) إذن هذا الذي يتكلم ويعلم ويذكر ، ويرشد ويخبر ، ويبكت ، ويقود المؤمنين ويقيم الرعاة ، ويحدد تحركاتهم ، ويعزى ويشفع أليس هو شخصاً ؟! أما القوة فهي إحدي نتائج حلوله على المؤمنين ( أع1 : 8 ) كما نقول أيضاً إن حلوله يمنح غيره وحرارة ، ويمنح حكمة ومعرفة إلخ . إنبثاقه:- نحن نؤمن بأن الروح القدس ينبثق من الآب وهذا واضح من تعليم السيد المسيح نفسه في الأنجيل المقدس ، إذ قال لتلاميذه القديسين عن الروح القدس " روح الحق الذي من عند الآب ينبثق " (يو15 : 26 ) وهذا هو نفس ما يقوله قانون الإيمان المسيحى " نعم نؤمن بالروح القدس ، بالرب الحميى المنبثق من الآب "وهذا ما قرره مجمع القسطنطينة المسكونى المقدس المنعقد سنة 381 م ولكن الكاثوليك يقولون " المنبثق من الآب والآبن " فيضيفون عبارة " والآبن " Filioque وهي إضافة لم تكن موجودة إطلاقا في أصل قانون الإيمان ولم تكن معروفة في القرون الأولى للمسيحية ومبدأ ظهورها – كما يقولون – كان في أسبانيا في القرن السادس ، وانتقل منها إلى رومة وقد لاقت هذه الإضافة معارضة من الكاثوليك في القرن الأولى ويقال أن البابا ليو الثالث في أوائل القرن التاسع ، علق لوحتين إحداهما باللاتينية والأخرى باليونانية ، لقانون الإيمان بغير هذه الإضافة وقال " لا أريد أن أغير إيمان آبائي " والكاثوليك الذين يستخدمون اليونانية لا يقبلون هذه الإضافة ولم تستقر إضافة " والابن " عند الكاثوليك اللاتيني إلا في القرن الحادي عشر وقد سببت انقسامات كثيرة بلا داع وهي أيضاً ضد للثالوث القدوس وكما قال البعض إنها تجعل في الثالوث ابنين وأبوين ، إن كان الروح القدس يعتبر ابناً للابن ، إن كان منبثقاً منه ويكون الابن أباً له أيضاً !! ويحاول الكاثوليك أن يثبتوا هذه العقيدة عندهم ببعض آيات تدور حول ارسال الأبن للروح القدس كما في ( يو15 : 26 ) التى هي صريحة في انبثاق الروح القدس من الآب على الرغم من ارسال الأبن له وهناك فرق كبير بين الإرسال والانبثاق الانبثاق أزلي ، والإرسال في حدود الزمان الروح القدس منبثق من الآب منذ الأزل ، بحكم فهمنا للثالوث ولكن الابن أرسله لتلاميذه في يوم الخمسين. يشبه هذا قولنا أن الأبن مولود من الأب منذ الأزل ,وأرسله الأب إلى العالم مولوداً من امرأة فى ملْ الزمان. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب الروح القدس وعمله فينا
المزيد
13 يونيو 2024

دروس‏ ‏روحية‏ ‏من عيد‏ ‏الصعود‏ ‏المجيد

عيد‏ ‏الصعود‏ ‏عيد‏ ‏سيدي‏ ‏خاص‏ ‏في‏ ‏معجزته‏ ‏بالسيد‏ ‏المسيح‏ ‏وحده‏.‏ أي‏ ‏أنه‏ ‏يشمل‏ ‏معجزة‏ ‏لم‏ ‏تحدث‏ ‏مع‏ ‏أحد‏ ‏من‏ ‏البشر‏, ‏وإنما‏ ‏كانت‏ ‏للسيد‏ ‏الرب‏ ‏وحده‏: ‏مثل‏ ‏الميلاد‏ ‏العذراوي‏, ‏ومثل‏ ‏قيامته‏ ‏بقوة‏ ‏لاهوته‏ ‏وخروجه‏ ‏من‏ ‏القبر‏ ‏المغلق‏, ‏ومثل‏ ‏التجلي‏ ‏علي‏ ‏جبل‏ ‏طابور‏, ‏كذلك‏ ‏صعوده‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏ ‏وجلوسه‏ ‏عن‏ ‏يمين‏ ‏الآب‏ لقد‏ ‏صعد‏ ‏بذاته‏, ‏وليس‏ ‏مثل‏ ‏إيليا‏ ‏النبي‏ ‏الذي‏ ‏أخذته‏ ‏مركبة‏ ‏نارية‏ ‏فصعد‏ ‏فيها‏ (2 ‏مل‏ 2: 10 ‏و‏11), ‏ولا‏ ‏مثل‏ ‏أخنوخ‏ ‏الذي‏ ‏لم‏ ‏يوجد‏ ‏لأن‏ ‏الله‏ ‏أخذه‏ (‏تك‏ 5: 24), ‏أما‏ ‏السيد‏ ‏المسيح‏ ‏فصعد‏ ‏بقوته‏, ‏دون‏ ‏أية‏ ‏قوة‏ ‏خارجية‏.‏ ‏‏وكان‏ ‏صعوده‏ ‏صعودا‏ ‏بالناسوت‏.‏ ذلك‏ ‏لأن‏ ‏اللاهوت‏ ‏موجود‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏مكان‏, ‏في‏ ‏الأرض‏ ‏وفي‏ ‏السماء‏ ‏وما‏ ‏بينهما‏, ‏لذلك‏ ‏فاللاهوت‏ ‏لا‏ ‏يصعد‏ ‏ولا‏ ‏ينزل‏. ‏وفي‏ ‏القداس‏ ‏الغريغوري‏ ‏نقول‏ ‏له‏ ‏وعند‏ ‏صعودك‏ ‏إلي‏ ‏السموات‏ ‏جسديا‏, ‏وقد‏ ‏شرحنا‏ ‏هذه‏ ‏النقطة‏ ‏من‏ ‏قبل‏.‏ ‏صعود‏ ‏المسيح‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏, ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏مفارقة‏ ‏لكنيسته‏ ‏علي‏ ‏الأرض ما‏ ‏كان‏ ‏انفصالا‏ ‏عن‏ ‏الكنيسة‏, ‏ولا‏ ‏تركا‏ ‏لها‏, ‏ولا‏ ‏تخليا‏ ‏عنها‏, ‏لأنه‏ ‏قال‏ ‏ها‏ ‏أنا‏ ‏معكم‏ ‏كل‏ ‏الأيام‏ ‏وإلي‏ ‏انقضاء‏ ‏الدهر‏ (‏مت‏ 28: 20) ‏وقال‏ ‏أيضا‏ ‏حينما‏ ‏اجتمع‏ ‏اثنان‏ ‏أو‏ ‏ثلاثة‏ ‏باسمي‏, ‏فهناك‏ ‏أكون‏ ‏في‏ ‏وسطهم‏ (‏مت‏ 18: 20), ‏إذن‏ ‏هو‏ ‏معنا‏ ‏في‏ ‏الكنيسة‏, ‏وفي‏ ‏كل‏ ‏اجتماع‏ ‏روحي‏, ‏وهو‏ ‏كائن‏ ‏معنا‏ ‏علي‏ ‏المائدة‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏قداس‏, ‏هو‏ ‏عمانوئيل‏ ‏الذي‏ ‏تفسيره‏ ‏الله‏ ‏معنا‏ (‏مت‏ 1: 23).‏ ‏صعوده‏ ‏إذن‏ ‏هو‏ ‏مجرد‏ ‏اختفاء‏ ‏عن‏ ‏الحواس‏ ‏المادية‏, ‏مع‏ ‏وجوده‏ ‏فعليا‏ كان‏ ‏مع‏ ‏تلاميذه‏ ‏وهم‏ ‏يرونه‏ ‏بالحواس‏, ‏وبعد‏ ‏صعوده‏ ‏ظل‏ ‏أيضا‏ ‏معهم‏ ‏ولكنهم‏ ‏لا‏ ‏يرونه‏ ‏بالحواس‏, ‏هو‏ ‏معهم‏ ‏بالإيمان‏ ‏لا‏ ‏بالعيان‏ ‏والإيمان‏ ‏هو‏ ‏الإيقان‏ ‏بأمور‏ ‏لا‏ ‏تري‏ (‏عب‏ 11: 1), ‏وكما‏ ‏قال‏ ‏لتلميذه‏ ‏توما‏ ‏طوبي‏ ‏لمن‏ ‏آمن‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏يري‏ (‏يو‏ 20: 29), ‏إذن‏ ‏هو‏ ‏صعد‏ ‏عن‏ ‏الأرض‏ ‏بالجسد‏, ‏وظل‏ ‏باقيا‏ ‏عليها‏ ‏باللاهوت‏, ‏يدركون‏ ‏وجوده‏ ‏معهم‏ ‏بالإيمان‏, ‏وإن‏ ‏كانوا‏ ‏لا‏ ‏يرونه‏ ‏بالحواس‏ ‏المادية‏, ‏أي‏ ‏بالعين‏ ‏الجسدية‏.‏ ‏كان‏ ‏صعوده‏ ‏رفعا‏ ‏لمستوي‏ ‏التلاميذ‏, ‏ودليلا‏ ‏علي‏ ‏نضوجهم‏ ‏الروحي‏ لقد‏ ‏رفعهم‏ ‏من‏ ‏مستوي‏ ‏الحواس‏ ‏إلي‏ ‏مستوي‏ ‏الإيمان‏, ‏في‏ ‏بدء‏ ‏علاقتهم‏ ‏معه‏ ‏وهو‏ ‏علي‏ ‏الأرض‏, ‏كانوا‏ ‏محتاجين‏ ‏أن‏ ‏يروا‏ ‏وأن‏ ‏يلمسوا‏ ‏وأن‏ ‏يحسوا‏ ‏وجوده‏ ‏بالجسد‏, ‏فلما‏ ‏وصلوا‏ ‏إلي‏ ‏درجة‏ ‏من‏ ‏الإيمان‏, ‏فارقهم‏ ‏بالجسد‏, ‏لأنهم‏ ‏صاروا‏ ‏قادرين‏ ‏أن‏ ‏يروه‏ ‏بالروح‏, ‏وأن‏ ‏يحسوا‏ ‏وجوده‏ ‏بالإيمان‏, ‏ويقينا‏ ‏أنهم‏ ‏بعد‏ ‏صعوده‏, ‏لم‏ ‏يشعروا‏ ‏في‏ ‏يوم‏ ‏من‏ ‏الأيام‏ ‏أنه‏ ‏فارقهم‏ هو‏ ‏معنا‏ ‏أبصرناه‏ ‏بعيوننا‏ ‏أم‏ ‏لم‏ ‏نبصره‏ إن‏ ‏النظر‏ ‏الجسدي‏ ‏ليس‏ ‏هو‏ ‏الحكم‏ ‏في‏ ‏الأمور‏ ‏الإيمانية‏. ‏نحن‏ ‏نؤمن‏ ‏بوجود‏ ‏الله‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏نبصره‏, ‏ونؤمن‏ ‏بوجود‏ ‏الملائكة‏ ‏حولنا‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏نبصرهم‏, ‏ونؤمن‏ ‏بوجود‏ ‏الروح‏ ‏وبخروج‏ ‏الروح‏ ‏من‏ ‏الجسد‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏نبصر‏ ‏ذلك‏ ‏إذن‏ ‏وجود‏ ‏السيد‏ ‏المسيح‏ ‏معنا‏ ‏بعد‏ ‏صعوده‏, ‏لا‏ ‏تحكمه‏ ‏الرؤية‏ ‏الجسدية‏, ‏وإيماننا‏ ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏ارتفاع‏ ‏لمستوانا‏ ‏الروحي‏ ‏في‏ ‏موضوع‏ ‏صعود‏ ‏المسيح‏ ‏وبقائه‏ ‏معنا‏ معجزة‏ ‏صعوده‏ ‏لم‏ ‏تكن‏ ‏ضد‏ ‏قوانين‏ ‏الطبيعة‏ ‏بل‏ ‏سموا‏ ‏عليها‏ بداءة‏ ‏نقول‏ ‏إن‏ ‏الرب‏ ‏لما‏ ‏وضع‏ ‏قوانين‏ ‏الطبيعة‏, ‏وضعها‏ ‏لتخضع‏ ‏لها‏ ‏الطبيعة‏, ‏لا‏ ‏ليخضع‏ ‏هو‏ ‏لها‏, ‏بل‏ ‏تبقي‏ ‏هي‏ ‏خاضعة‏ ‏له‏, ‏لواضعها‏ ومع‏ ‏ذلك‏, ‏فإنه‏ ‏في‏ ‏صعوده‏, ‏صعد‏ ‏بالجسد‏ ‏الممجد‏, ‏الجسد‏ ‏الروحاني‏ ‏السماوي‏, ‏الذي‏ ‏سنقوم‏ ‏نحن‏ ‏بمثله‏ (1 ‏كو‏ 15: 44 ‏و‏49) ‏علي‏ ‏شبه‏ ‏جسد‏ ‏مجده‏ (‏في‏ 3: 21) إذن‏ ‏معجزة‏ ‏الصعود‏ ‏لم‏ ‏تكن‏ ‏في‏ ‏الانتصار‏ ‏علي‏ ‏قوانين‏ ‏الجاذبية‏ ‏الأرضية‏, ‏إنما‏ ‏كانت‏ ‏المعجزة‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏الجسد‏ ‏الروحاني‏ ‏السماوي‏, ‏الذي‏ ‏يستطيع‏ ‏أن‏ ‏يصعد‏ ‏إلي‏ ‏فوق‏, ‏إنه‏ ‏إذن‏ ‏سمو‏ ‏للطبيعة‏ ‏وليس‏ ‏تعارضا‏ ‏معها‏, ‏إنه‏ ‏نوع‏ ‏من‏ ‏التجلي‏ ‏لطبيعة‏ ‏الجسد‏.‏ ‏‏معجزة‏ ‏الصعود‏ ‏تعطينا‏ ‏لونا‏ ‏من‏ ‏الرجاء‏ ‏من‏ ‏ناحيتين‏:‏ الأولي‏ ‏أن‏ ‏الذين‏ ‏أعثروا‏ ‏بصليب‏ ‏الرب‏ ‏وما‏ ‏صاحبته‏ ‏من‏ ‏إهانات‏ ‏ومن‏ ‏آلام‏, ‏كان‏ ‏الرد‏ ‏عليها‏ ‏في‏ ‏مجد‏ ‏القيامة‏, ‏ثم‏ ‏في‏ ‏مجد‏ ‏الصعود‏, ‏وهكذا‏ ‏عاد‏ ‏الإيمان‏ ‏إلي‏ ‏الناس‏ ‏الذين‏ ‏ظنوا‏ ‏أن‏ ‏كل‏ ‏شيء‏ ‏قد‏ ‏انتهي‏ ‏بالصليب‏, ‏وصار‏ ‏لنا‏ ‏رجاء‏ ‏أنه‏ ‏بعد‏ ‏كل‏ ‏صليب‏ ‏توجد‏ ‏قيامة‏ ‏وصعود‏, ‏وهذا‏ ‏الرجاء‏ ‏صاحب‏ ‏الشهداء‏ ‏والمعترفين‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏جيل‏.‏ ‏‏الناحية‏ ‏الثانية‏ ‏من‏ ‏الرجاء‏ ‏أنه‏ ‏سيكون‏ ‏لنا‏ ‏المثل‏ فكما‏ ‏صعد‏ ‏المسيح‏ ‏بجسد‏ ‏ممجد‏, ‏سيكون‏ ‏لنا‏ ‏أيضا‏ ‏جسد‏ ‏ممجد‏ (‏في‏ 3: 21), ‏وكما‏ ‏أخذته‏ ‏سحابة‏ ‏عن‏ ‏أعين‏ ‏التلاميذ‏ ‏في‏ ‏صعوده‏, ‏هكذا‏ ‏في‏ ‏اليوم‏ ‏الأخير‏ ‏سنأتي‏ ‏معه‏ ‏علي‏ ‏السحاب‏, ‏في‏ ‏مجئ‏ ‏ربنا‏ ‏يسوع‏ ‏المسيح‏ ‏مع‏ ‏جميع‏ ‏قديسيه‏ (1 ‏تس‏ 3: 13), ‏متي‏ ‏جاء‏ ‏الرب‏ ‏في‏ ‏ربوات‏ ‏قديسيه‏ ‏ليصنع‏ ‏دينونة‏ ‏علي‏ ‏الجميع‏ (‏يه‏ 14, 15), ‏حين‏ ‏يأتي‏ ‏علي‏ ‏السحاب‏ ‏وتنظره‏ ‏كل‏ ‏عين‏ (‏رؤ‏ 1: 7), ‏ونحن‏ ‏الأحياء‏ ‏الباقين‏ ‏علي‏ ‏الأرض‏ ‏سنخطف‏ ‏جميعا‏ ‏معهم‏ ‏في‏ ‏السحب‏ ‏لملاقاة‏ ‏الرب‏ ‏في‏ ‏الهواء‏, ‏وهكذا‏ ‏نكون‏ ‏كل‏ ‏حين‏ ‏مع‏ ‏الرب‏ (1 ‏تس‏ 4: 17).. ‏حقا‏ ‏ما‏ ‏أعظم‏ ‏هذا‏ ‏الرجاء‏.‏ ‏‏وهذا‏ ‏الرجاء‏ ‏يعلمنا‏ ‏الصبر‏ ‏وانتظار‏ ‏الرب‏:‏ الصبر‏ ‏أولا‏ ‏في‏ ‏تحقيق‏ ‏مواعيد‏ ‏الرب‏, ‏الصبر‏ ‏علي‏ ‏آلام‏ ‏الصليب‏, ‏حتي‏ ‏تتحقق‏ ‏أمجاد‏ ‏القيامة‏ ‏وأمجاد‏ ‏الصعود‏, ‏والصبر‏ ‏علي‏ ‏الصعود‏ ‏وترك‏ ‏الرب‏ ‏لنا‏ ‏بالجسد‏, ‏حتي‏ ‏يتحقق‏ ‏قول‏ ‏الملاكين‏ ‏للرسل‏ ‏يوم‏ ‏الصعود‏ ‏إن‏ ‏يسوع‏ ‏هذا‏ ‏الذي‏ ‏ارتفع‏ ‏عنكم‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏, ‏سيأتي‏ ‏هكذا‏ ‏كما‏ ‏رأيتموه‏ ‏منطلقا‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏ (‏أع‏ 1: 11) كذلك‏ ‏الصبر‏ ‏أيضا‏ ‏الذي‏ ‏صبره‏ ‏الآباء‏ ‏الرسل‏ ‏في‏ ‏انتظار‏ ‏وعد‏ ‏الرب‏ ‏لهم‏ ‏بإرسال‏ ‏الروح‏ ‏القدس‏ إنه‏ ‏صبر‏ ‏في‏ ‏رجاء‏, ‏وهو‏ ‏رجاء‏ ‏مملوء‏ ‏بالفرح‏ ‏في‏ ‏إيمان‏ ‏بتحقيق‏ ‏مواعيد‏ ‏الرب‏, ‏وكما‏ ‏قال‏ ‏الرسول‏ ‏فرحين‏ ‏في‏ ‏الرجاء‏ (‏رو‏ 12: 12).‏ ‏‏كان‏ ‏صعود‏ ‏الرب‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏ ‏عملية‏ ‏فطام‏ ‏للتلاميذ‏:‏ لقد‏ ‏تعودوا‏ ‏خلال‏ ‏فترة‏ ‏تلمذتهم‏ ‏له‏ ‏وهو‏ ‏موجود‏ ‏بينهم‏ ‏بالجسد‏, ‏أن‏ ‏يتكلوا‏ ‏عليه‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏شيء‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏يعملوا‏ ‏شيئا‏. ‏كان‏ ‏هو‏ ‏الذي‏ ‏يعمل‏ ‏المعجزات‏ ‏وهو‏ ‏الذي‏ ‏يرد‏ ‏علي‏ ‏المعارضين‏, ‏بينما‏ ‏يقف‏ ‏التلاميذ‏ ‏متفرجين‏, ‏ويتأملون‏ ‏ويتعلمون‏ ‏أما‏ ‏الآن‏, ‏بعد‏ ‏الصعود‏, ‏فقد‏ ‏آن‏ ‏لهم‏ ‏أن‏ ‏يفطموا‏, ‏ويقوموا‏ ‏هم‏ ‏أنفسهم‏ ‏بكل‏ ‏المسئوليات‏ ‏الروحية‏ يتلمذون‏ ‏جميع‏ ‏الأمم‏, ‏ويعلمونهم‏ ‏جميع‏ ‏ما‏ ‏أوصاهم‏ ‏الرب‏ ‏به‏ (‏مت‏ 28), ‏ويردون‏ ‏علي‏ ‏معارضيهم‏, ‏ويحتملون‏ ‏الألم‏ ‏في‏ ‏عمل‏ ‏الكرازة‏.‏ ‏كان‏ ‏الرب‏ ‏كالنسر‏ ‏الذي‏ ‏يعلم‏ ‏فراخه‏ ‏الطيران‏:‏ حينما‏ ‏يكبرون‏ ‏أو‏ ‏ينضجون‏, ‏يحملهم‏ ‏علي‏ ‏جناحيه‏, ‏ثم‏ ‏يلقي‏ ‏بهم‏ ‏في‏ ‏الجو‏ ‏ويصعد‏ ‏عنهم‏, ‏كي‏ ‏يحركوا‏ ‏أجنحتهم‏ ‏ويتعلموا‏ ‏الطيران‏, ‏وفي‏ ‏كل‏ ‏ذلك‏ ‏لا‏ ‏يتخلي‏ ‏عنهم‏, ‏بل‏ ‏يرقبهم‏ ‏ويأتي‏ ‏لحمايتهم‏ ‏إن‏ ‏تعرضوا‏ ‏لخطر‏ أو‏ ‏مثل‏ ‏أب‏ ‏يعلم‏ ‏ابنه‏ ‏العوم‏, ‏ويحمله‏ ‏علي‏ ‏يديه‏, ‏ثم‏ ‏يتركه‏ ‏في‏ ‏الماء‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏يعلمه‏ ‏العوم‏, ‏كي‏ ‏يعوم‏ ‏وحده‏ ‏ويجرب‏ ‏الماء‏, ‏ومع‏ ‏ذلك‏ ‏لا‏ ‏يتركه‏, ‏بل‏ ‏يبقي‏ ‏قريبا‏ ‏معه‏, ‏يساعده‏ ‏كلما‏ ‏احتاج‏ هكذا‏ ‏الرب‏, ‏درب‏ ‏تلاميذه‏ ‏خلال‏ ‏ثلاث‏ ‏سنوات‏ ‏أو‏ ‏أكثر‏, ‏وأرسلهم‏ ‏أيضا‏ ‏في‏ ‏تدريب‏ ‏عملي‏ (‏مت‏ 10), ‏ثم‏ ‏انتهت‏ ‏فترة‏ ‏التدريب‏, ‏فصعد‏ ‏عنهم‏ ‏لكي‏ ‏يعملوا‏ ‏بأنفسهم‏ ‏ويؤدوا‏ ‏رسالتهم‏, ‏وهو‏ ‏معهم‏ ‏كل‏ ‏الأيام‏ ‏وإلي‏ ‏انقضاء‏ ‏الدهر‏.‏ ‏وكان‏ ‏صعود‏ ‏الرب‏ ‏محفوفا‏ ‏بوعدين‏, ‏بل‏ ‏بثلاثة‏:‏ أما‏ ‏الوعد‏ ‏الأول‏ ‏فهو‏ ‏إرسال‏ ‏الروح‏ ‏القدس‏ ‏ليكون‏ ‏معنا‏ ‏إلي‏ ‏الأبد‏ ‏وهكذا‏ ‏سبق‏ ‏فقال‏ ‏لهم‏ ‏الحق‏ ‏أنه‏ ‏خير‏ ‏لكم‏ ‏أن‏ ‏انطلق‏. ‏لأنه‏ ‏إن‏ ‏لم‏ ‏انطلق‏ ‏لا‏ ‏يأتيكم‏ ‏المعزي‏ ‏ولكن‏ ‏إن‏ ‏ذهبت‏, ‏أرسله‏ ‏إليكم‏ (‏يو‏16: 7) ‏وقد‏ ‏كان‏, ‏وأرسل‏ ‏لهم‏ ‏الورح‏ ‏القدس‏ ‏بعد‏ ‏صعوده‏ ‏بعشرة‏ ‏أيام‏.‏ أما‏ ‏الوعد‏ ‏الثاني‏ ‏فهو‏ ‏قوله‏ ‏لهم‏ ‏لا‏ ‏أترككم‏ ‏يتامي‏, ‏إني‏ ‏آتي‏ ‏إليكم‏ (‏يو‏ 14: 18), ‏وقوله‏ ‏أيضا‏ ‏ها‏ ‏أنا‏ ‏معكم‏ ‏كل‏ ‏الأيام‏ ‏وإلي‏ ‏انقضاء‏ ‏الدهر‏ (‏مت‏ 28: 20), ‏وقد‏ ‏حقق‏ ‏هذا‏ ‏الوعد‏ ‏أيضا‏ ‏ولايزال‏ ‏يحققه‏, ‏وقد‏ ‏رآه‏ ‏القديس‏ ‏يوحنا‏ ‏الحبيب‏ ‏وسط‏ ‏الكنائس‏ ‏السبع‏ (‏رؤ‏ 1: 13, 20) ‏وقد‏ ‏أمسك‏ ‏ملائكة‏ ‏الكنائس‏ ‏السبع‏ – ‏أي‏ ‏رعاتهم‏ – ‏في‏ ‏يمينه‏ (‏رؤ‏ 2: 1).‏ أما‏ ‏الوعد‏ ‏الثالث‏, ‏فهو‏ ‏قوله‏ ‏لتلاميذه‏:‏ ‏وأنا‏ ‏إن‏ ‏ارتفعت‏ ‏عن‏ ‏الأرض‏, ‏أجذب‏ ‏إلي‏ ‏الجميع‏ (‏يو‏ 12: 32)‏يجذبنا‏ ‏إليه‏ ‏لنرتفع‏ ‏معه‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏ ‏كما‏ ‏قال‏ ‏أنا‏ ‏ماض‏ ‏لأعد‏ ‏لكم‏ ‏مكانا‏, ‏وإن‏ ‏مضيت‏ ‏وأعددت‏ ‏لكم‏ ‏مكانا‏, ‏آتي‏ ‏أيضا‏ ‏وآخذكم‏ ‏إلي‏, ‏حتي‏ ‏حيث‏ ‏أكون‏ ‏أنا‏, ‏تكونون‏ ‏أنتم‏ ‏أيضا‏ (‏يو‏ 14: 2, 3) إذن‏ ‏هو‏ ‏وعد‏ ‏بأن‏ ‏يكون‏ ‏معنا‏, ‏ونكون‏ ‏معه‏, ‏علي‏ ‏الأرض‏ ‏وفي‏ ‏السماء‏, ‏علي‏ ‏الأرض‏ ‏ها‏ ‏أنا‏ ‏معكم‏ ‏كل‏ ‏الأيام‏ ‏وحيثما‏ ‏اجتمع‏ ‏اثنان‏ ‏أو‏ ‏ثلاثة‏ ‏باسمي‏, ‏هناك‏ ‏أكون‏ ‏في‏ ‏وسطهم‏ (‏مت‏ 18: 20), ‏وفي‏ ‏السماء‏ ‏حيث‏ ‏أكون‏ ‏أنا‏, ‏تكونون‏ ‏أنتم‏ ‏أيضا‏ ‏وكما‏ ‏قال‏ ‏بولس‏ ‏الرسول‏ ‏سنخطف‏ ‏جميعا‏ ‏معهم‏ ‏في‏ ‏السحب‏, ‏لملاقاة‏ ‏الرب‏ ‏في‏ ‏الهواء‏, ‏وهكذا‏ ‏نكون‏ ‏كل‏ ‏حين‏ ‏مع‏ ‏الرب‏ (1 ‏تس‏ 4: 17) ‏ما‏ ‏أعظمه‏ ‏من‏ ‏مجد‏.‏ ‏‏إذن‏ ‏صعود‏ ‏الرب‏ ‏هو‏ ‏عربون‏ ‏لصعودنا‏:‏ كما‏ ‏كانت‏ ‏قيامة‏ ‏الرب‏ ‏عربونا‏ ‏لقيامتنا‏, ‏إذ‏ ‏هو‏ ‏باكورة‏ ‏للراقدين‏ (1 ‏كو‏ 15: 20), ‏وكما‏ ‏في‏ ‏آدم‏ ‏يموت‏ ‏الجميع‏, ‏هكذا‏ ‏في‏ ‏المسيح‏ ‏سيحيا‏ ‏الجميع‏ ( 1‏كو‏ 15: 22) كذلك‏ ‏أيضا‏ ‏في‏ ‏الصعود‏, ‏نسمعه‏ ‏يقول‏ ‏وأنا‏ ‏إن‏ ‏ارتفعت‏, ‏أجذب‏ ‏إلي‏ ‏الجميع‏ (‏يو‏ 12: 32)علي‏ ‏السحاب‏, ‏وفي‏ ‏السماء‏, ‏وبجسد‏ ‏ممجد‏, ‏ونكون‏ ‏كل‏ ‏حين‏ ‏مع‏ ‏الرب‏, ‏في‏ ‏أورشليم‏ ‏السمائية‏ ‏مسكن‏ ‏الله‏ ‏مع‏ ‏الناس‏ (‏رؤ‏ 21: 2, 3), ‏في‏ ‏مستوي‏ ‏أعلي‏ ‏من‏ ‏المادة‏ ‏ومن‏ ‏الحواس‏, ‏علي‏ ‏شبه‏ ‏جسد‏ ‏مجده‏, ‏في‏ ‏ربوات‏ ‏قديسيه‏ ‏حيث‏ ‏نتمجد‏ ‏أيضا‏ ‏معه‏ (‏رو‏ 8: 17), ‏حيث‏ ‏نقام‏ ‏في‏ ‏مجد‏ (1 ‏كو‏ 15: 43) ‏وبالتالي‏ ‏نصعد‏ ‏إليه‏ ‏في‏ ‏مجد‏ لذلك‏ ‏قيل‏ ‏في‏ ‏صعود‏ ‏الرب‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏, ‏كان‏ ‏تلاميذه‏ شاخصين‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏, ‏وهو‏ ‏منطلق‏ (‏أع‏ 1: 10):‏ إنه‏ ‏درس‏ ‏لنا‏ ‏من‏ ‏دروس‏ ‏السماء‏, ‏أن‏ ‏نكون‏ ‏شاخصين‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏, ‏حيث‏ ‏صعد‏ ‏الرب‏, ‏وإلي‏ ‏السماء‏ ‏من‏ ‏حيث‏ ‏يأتي‏ ‏إلينا‏ ‏في‏ ‏مجيئه‏ ‏الثاني‏, ‏وأيضا‏ ‏شاخصين‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏ ‏حيث‏ ‏تتركز‏ ‏كل‏ ‏عواطفنا‏ ‏وآمالنا‏, ‏وكما‏ ‏قال‏ ‏الرب‏ ‏حيث‏ ‏يكون‏ ‏كنزك‏, ‏هناك‏ ‏يكون‏ ‏قلبك‏ ‏أيضا‏ (‏مت‏ 6: 21) مساكين‏ ‏الذين‏ ‏كل‏ ‏كنوزهم‏ ‏في‏ ‏الأرض‏, ‏ولذلك‏ ‏تكون‏ ‏كل‏ ‏رغباتهم‏ ‏وآمالهم‏ ‏فيها‏, ‏وحينما‏ ‏يتركون‏ ‏الأرض‏, ‏لا‏ ‏يجدون‏ ‏شيئا‏ أما‏ ‏أولاد‏ ‏الله‏, ‏فيعيشون‏ ‏دائما‏ ‏شاخصين‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏, ‏التي‏ ‏تلتصق‏ ‏بها‏ ‏قلقوبهم‏ ‏وكل‏ ‏رغباتهم‏.‏ ‏‏ليت‏ ‏أفكارنا‏ ‏إذن‏ ‏ترتفع‏ ‏دائما‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏:‏ تصعد‏ ‏كلها‏ ‏هناك‏ ‏لتكون‏ ‏مع‏ ‏الرب‏, ‏وهي‏ ‏وكل‏ ‏شهوات‏ ‏قلوبنا‏ ‏وكل‏ ‏حواسنا‏ ‏الروحية‏, ‏وكما‏ ‏قال‏ ‏القديس‏ ‏بولس‏ ‏الرسول‏ ‏ونحن‏ ‏غير‏ ‏ناظرين‏ ‏إلي‏ ‏الأشياء‏ ‏التي‏ ‏تري‏ ‏بل‏ ‏إلي‏ ‏التي‏ ‏لا‏ ‏تري‏ ‏لأن‏ ‏التي‏ ‏تري‏ ‏وقتيه‏, ‏أما‏ ‏التي‏ ‏لا‏ ‏تري‏ ‏فأبدية‏ 2 ‏كو‏ 4:18وأن‏ ‏بقينا‏ ‏شاخصين‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏, ‏ناظرين‏ ‏إلي‏ ‏غير‏ ‏المرئيات‏, ‏وقد‏ ‏صار‏ ‏كل‏ ‏كنزنا‏ ‏في‏ ‏السماء‏, ‏حينئذ‏ ‏سنقول‏ ‏مع‏ ‏الرسول‏: ‏لي‏ ‏اشتهاء‏ ‏أن‏ ‏أنطلق‏ ‏وأكون‏ ‏مع‏ ‏المسيح‏ ‏ذلك‏ ‏أفضل‏ ‏جدا‏ ‏في‏ 1 : 23.‏ ‏‏في‏ ‏صعود‏ ‏الرب‏ ‏أيضا‏, ‏يمكننا‏ ‏أن‏ ‏نتأمل‏ ‏في‏ ‏عظمته‏ ‏ومجده‏ وهذا‏ ‏التأمل‏ ‏يغرس‏ ‏في‏ ‏قلوبنا‏ ‏مشاعر‏ ‏عميقة‏ ‏منها‏:‏ ‏1 – ‏نشعر‏ ‏براحة‏ ‏واطمئنان‏, ‏إذ‏ ‏أننا‏ ‏في‏ ‏رعاية‏ ‏إله‏ ‏عظيم‏ ‏هكذا‏, ‏كل‏ ‏عظمة‏ ‏ضده‏ ‏لا‏ ‏قيمة‏ ‏لها‏, ‏وهكذا‏ ‏نثق‏ ‏بوعده‏ ‏للكنيسة‏ ‏أن‏ ‏أبواب‏ ‏الجحيم‏ ‏لن‏ ‏تقوي‏ ‏عليها‏ ‏مت‏ 16 : 18 ‏وقوله‏ ‏لها‏ ‏كل‏ ‏آلة‏ ‏صورت‏ ‏ضدك‏ ‏لا‏ ‏تنجح‏ 1 ‏ش‏ 54 : 17, ‏وقوله‏ ‏للقديس‏ ‏بولس‏ ‏لا‏ ‏تخف‏.. ‏لأني‏ ‏أنا‏ ‏معك‏ ‏ولا‏ ‏يقع‏ ‏بك‏ ‏أحد‏ ‏ليؤذيك‏ 1 ‏ع‏ 18 : 10,9. ‏وهكذا‏ ‏نتعزي‏ ‏بعظمة‏ ‏الرب‏, ‏ونتكل‏ ‏عليها‏, ‏ونحتمي‏ ‏بها‏.‏ ‏2 – ‏تذكر‏ ‏عظمة‏ ‏الرب‏, ‏منحنا‏ ‏مشاعر‏ ‏الخشوع‏ ‏والخشية‏ ‏وعدم‏ ‏الاستهانة‏, ‏وعظمة‏ ‏الرب‏ ‏تدفعنا‏ ‏إلي‏ ‏الحياة‏ ‏والطاعة‏ ‏وإلي‏ ‏حياة‏ ‏التدقيق‏, ‏وإلي‏ ‏مخافة‏ ‏الرب‏ ‏التي‏ ‏هي‏ ‏بدء‏ ‏الحكمة‏ ‏أم‏ 9 : 10 ‏ورأس‏ ‏الحكمة‏ ‏مز‏ 111 : 10 ‏وكل‏ ‏هذا‏ ‏يقودنا‏ ‏إلي‏ ‏الحرص‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏تصرفاتنا‏, ‏لتكون‏ ‏نقية‏ ‏قدامه‏.‏ ‏3 – ‏والتأمل‏ ‏في‏ ‏عظمة‏ ‏الرب‏ ‏يقودنا‏ ‏إلي‏ ‏حياة‏ ‏الاتضاع‏ ‏وإلي‏ ‏تمجيد‏ ‏الرب‏, ‏فمن‏ ‏نحن‏ ‏أمام‏ ‏هذا‏ ‏الصاعد‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏, ‏الجالس‏ ‏عن‏ ‏يمين‏ ‏الآب‏ ‏مز‏ 110 : 1 1 ‏ع‏ 7 : 56 ‏عب‏ 1 : 3 ‏الذي‏ ‏ليست‏ ‏السموات‏ ‏طاهرة‏ ‏قدامه‏, ‏وإلي‏ ‏ملائكته‏ ‏ينسب‏ ‏حماقة‏ ‏أي‏ 4 : 18 وحينما‏ ‏نري‏ ‏أن‏ ‏الرب‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏عظمته‏ ‏كان‏ ‏وديعا‏ ‏ومتواضع‏ ‏القلب‏ ‏مت‏ 11 : 29, ‏حينئذ‏ ‏تنسحق‏ ‏أنفسنا‏ ‏ونتعلم‏ ‏التواضع‏ ‏وحينما‏ ‏نتأمل‏ ‏عظمة‏ ‏الرب‏ ‏في‏ ‏صعوده‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏ ‏وجلوسه‏ ‏عن‏ ‏يمين‏ ‏الآب‏, ‏نقول‏ ‏له‏ ‏في‏ ‏اتضاع‏ ‏ليست‏ ‏الأرض‏ ‏يا‏ ‏رب‏ ‏مكانك‏. ‏أنها‏ ‏موطئ‏ ‏قدميك‏ ‏مت‏ 5 : 35 أما‏ ‏السماء‏ ‏يارب‏ ‏فهي‏ ‏عرشك‏ ‏الذي‏ ‏صعدت‏ ‏إليه‏ ‏مت‏ 5 : 34 ‏كرسيك‏ ‏يا‏ ‏الله‏ ‏إلي‏ ‏دهر‏ ‏الدهور‏ ‏قضيب‏ ‏الاستقامة‏ ‏هو‏ ‏قضيب‏ ‏ملكك‏ ‏عب‏ 1 : 8 ‏أما‏ ‏نحن‏, ‏فاننا‏ ‏تراب‏ ‏حب‏ ‏عظيم‏ ‏منك‏ ‏أن‏ ‏تجذبنا‏ ‏إليك‏, ‏ونكون‏ ‏معك‏ ‏ومع‏ ‏ملائكتك‏ ‏حقا‏ ‏أنك‏ ‏أنت‏ ‏المقيم‏ ‏المسكين‏ ‏من‏ ‏التراب‏, ‏والرافع‏ ‏البائس‏ ‏من‏ ‏المزبلة‏ ‏ليجلس‏ ‏مع‏ ‏رؤساء‏ ‏شعبك‏ ‏مز‏ 113 : 7.‏ ‏إن‏ ‏صعود‏ ‏الرب‏ ‏كان‏ ‏خاتمة‏ ‏عبارة‏ ‏أخلي‏ ‏ذاته‏..‏ قيلت‏ ‏هذه‏ ‏العبارة‏ ‏في‏ ‏تسجده‏ ‏لأجل‏ ‏فدائنا‏ ‏أخلي‏ ‏ذاته‏, ‏وأخذ‏ ‏صورة‏ ‏العبد‏, ‏صائرا‏ ‏في‏ ‏شبه‏ ‏الناس‏, ‏وإذ‏ ‏وجد‏ ‏في‏ ‏الهيئة‏ ‏كأنسان‏ ‏وضع‏ ‏نفسه‏ ‏وأطاع‏ ‏حتي‏ ‏الموت‏, ‏موت‏ ‏الصليب‏ ‏في‏ 2 : 8,7 أما‏ ‏الآن‏, ‏وقد‏ ‏قام‏ ‏بعمل‏ ‏الفداء‏, ‏وقال‏ ‏قد‏ ‏أكمل‏, ‏وداس‏ ‏الموت‏, ‏وقام‏, ‏ثم‏ ‏صعد‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏ ‏وجلس‏ ‏علي‏ ‏يمين‏ ‏العظمة‏ ‏في‏ ‏الأعالي‏ ‏عب‏ 1 : 3. ‏فقد‏ ‏انتهت‏ ‏عبارة‏ ‏أخلي‏ ‏ذاته‏ لذلك‏ ‏حينما‏ ‏يأتي‏ ‏في‏ ‏مجيئه‏ ‏الثاني‏ ‏سيأتي‏ ‏بمجده‏ ‏ومجد‏ ‏الآب‏ ‏لو‏ 9 : 26. ‏نعم‏ ‏سيأتي‏ ‏في‏ ‏مجد‏ ‏أبيه‏ ‏مع‏ ‏ملائكته‏ ‏مت‏ 16 : 27 ‏له‏ ‏المجد‏ ‏الدائم‏ ‏إلي‏ ‏الأبد‏, ‏آمين‏.‏ قداسة مثلث الرحمات المتنيح ‏البابا شنودة‏ ‏الثالث
المزيد
12 يونيو 2024

تأملات فى عيد الصعود

تحتفل الكنيسة بعيد الصعود يوم الخميس في اليوم الأربعين لقيامة الرب، ونود أن نتأمل معاً ما في هذا العيد من معان روحية حتى نحتفل به في عمق، وفى فهم لما يحويه من أيحاءات قضى المسيح مع تلاميذه أربعين يوماً بعد القيامة، وفي يوم الأربعين ودعهم، ووعدهم بأنهم سينالون قوة متى حل الروح القدس عليهم (أع١: ٨) ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون وأخذته سحابة عن أعينهم، وفيما كانوا يشخصون إلى السماء وهو منطلق - وقف بهم ملاكان وقالا لهم "ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء، سيأتي هكذا كما رأيتموه (أع١: ٩- ١١) فما هو تأملنا في هذا الصعود ؟ عيد الصعود عيد سيدى معجزته خاصة بالسيد المسيح وحده أى أنه يشمل معجزة لم تحدث مع أحد من البشر، وإنما كانت للسيد الرب وحده مثل الميلاد العذراوى، ومثل قيامته بقوة لاهوته وخروجه من القبر المغلق، ومثل التجلى على جبل طابور كذلك صعوده إلى السماء وجلوسه عن يمين الأب لقد صعد بذاته، وليس مثل ايليا النبى الذى أخذته مركبة نارية فصعد فيها (۲مل ۲ :۱۰ ،۱۱) ولا مثل أخنوخ الذي لم يوجد لأن الله أخذه" (تك ٥: ٢٤) أما السيد المسيح فصعد بقوته، دون أية قوة خارجية فكما قام بقوته وحده ، دون أن يقيمه أحد، هكذا صعد بقوته كانت فيه قوة الصعود ، كما كانت فيه قوة القيامة وفي كلتيهما ظهر مجده . كيف كان الصعود لقد كان صعوداً بالجسد ، بالناسوت : فاللاهوت لا يصعد ولا ينزل. إنه مالئ الكل موجود في السماء وفي الأرض، وفى ما بينهما فكيف يصعد إلى السماء وهو فيها؟! وكيف يترك الأرض إلى السماء، وهو باق في الأرض أثناء صعوده؟! إذن لابد أن نقول إن السيد المسيح قد صعد بالجسد المتحد باللاهوت) وهذا ما نقوله له في صلاة القداس الغريغورى وعند صعودك إلى السماء جسديا.." . كان صعود الرب في السحاب : ارتفع وهم ينظرون، واخذته سحابة عن أعينهم (أع١ : ۹) صعد على سحابة في مجد، كما سيأتي ايضاً في مجيئه الثاني على السحاب في مجد وهكذا قال لرؤساء الكهنة أثناء محاكمته قبل الصلب من الآن تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتياً على سحاب السماء (مت ٢٦: ٦٤) وهذه العبارة تضيف أنه كان من أمجاد الصعود الجلوس عن يمين الآب والسحاب في الكتاب المقدس كان يرمز إلى مجد الرب وحلوله. ففي قصة مباركة السبعين شيخاً كمساعدين لموسى النبي، يقول الرب عن "موسى" فنزل الرب في سحابة وتكلم معه وفي الإنتهاء من إقامة خيمة الاجتماع، قال الوحي الإلهى ثم غطت السحابة خيمة الإجتماع، وملأ بهاء الرب المسكن فلم يقدر موسى أن يدخل خيمة الاجتماع، لأن السحابة حلت عليها، وبهاء الرب ملا المسكن (خر ٤٠: ٣٤ ، ٣٥) وفي العهد الجديد قيل بعد معجزة التجلى وإذا سحابة قد ظللتهم، وصار صوت من السحابة : هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا (لو ۹: ٣٥) (مر ۹ :۷) . قداسة مثلث الرحمات المتنيح ‏البابا شنودة‏ ‏الثالث عن كتاب تأملات فى عيد الصعود
المزيد
29 مايو 2024

روحياتك في الخماسين

حقا إن أيام الخماسين أيام فرح، وليس فيها صوم ولا مطانيات حتى في يومي الأربعاء والجمعة ولكن في الفرح أيضًا، يمكن أن نكون روحيين وإلا كيف سنكون روحيين في الفردوس وفي ملكوت السموات حيث النعيم الدائم..؟!ما تفقده من الصوم والمطانيات يمكن أن تعوضه بمزيد من الصلاة ومزيد من القراءات الروحية ومن التأمل ومن الألحان والتراتيل عملا بقول الكتاب "أمسرور أحد بينكم فليرتل" ويمكن أن تتغذى بالتأمل في محبة الله التي صنعت كل هذا الخلاص محبة الرب الذي شاء أن يقضى مع تلاميذه أربعين يوما بعد القيامة، يلتقي بهم ويحدثهم عن "الأمور المختصة بملكوت الله" (اع1: 3) تدرب في هذه الفترة على الحديث مع الرب والتواجد في حضرة الله بالمزامير والصلوات الخاصة وصلوات الشكر على خلاص الله العجيب مع البعد عن أي شيء يعوق وجودك في الحضرة الإلهية عش في حياة الفرح بالرب ولكن لا تجعل فرحك فرحا جسدانيًا بالتسيب الزائد في الأكل فالإفطار ليس معناه التمادي في شهوة الطعام استخدم ضبط النفس أيضًا في حالة عدم الصيام . قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
22 مايو 2024

القيامة تعزية ورمز

1- إن كلمة القيامة كلمة جميلة ، فيها تعزية للقلوب . ولا شك أن قيامة المسيح كانت معزية لتلاميذه، وكانت لازمة لهم ، لتثبيت إيمانهم ولبناء الكنيسة وأتذكر أنني في هذا المعنى، كنت منذ أكثر من أربعين سنة، قد كتبت قصيدة قلت في مطلعها : قم حطم الشيطان لا تبقى لدولته بقية قم أنقذ الأرواح من قبر الضلالة والخطية قـــــــم روّع الحـراس وابـهرهم بطلـــعتك البـــهية قم قو إيمان الرعا ة ولم أشتات الرعية واكشف جراحك مقنعاً توما فريبته قوية واغفر لبطرس ضعفه وامسح دموع المجدلية وقد كان هذا ، وفى قيامة السيد المسيح ، عزى تلاميذه،وفرحوا بقيامته، وآمنوا بالقيامة، وبأنها ممكنة . وآمنوا أنهم أيضاً سيقومون بعد الموت، فمنحهم كل هذا عزاء في حياتهم وعدم خوف من الموت على أني أريد اليوم أن أطرق موضوع القيامة من ناحية أخرى ، وهي: القيامة كرمز 2- القيامة هي رمز للتوبة : أو التوبة تشبه بالقيامة : فنحن نعتبر أن الخطية هي حالة من الموت، وأقصد الموت الروحي وكما قال القديس أوغسطينوس "إن موت الجسد، هو انفصال الجسد عن الروح أما موت الروح ، فهو أنفصال الروح عن الله " فالله هو ينبوع الحياة ، أو هو الحياة الكلية كما قال في الإنجيل «أنا هو الطريق والحق والحياة» (يو ١٤ : ٦ ) « أنا هو القيامة والحياة » ( يو١١ : ٢٥ ) من يثبت في الله يكون بالحقيقة حياً. ومن ينفصل عن الله يعتبر ميتاً والخطيئة هي أنفصال عن الله، لأنه لا شركة بين النور والظلمة ( ٢ كو٦ :١٤) فالخاطيء إذن هو ميت روحياً، مهما كانت له أنفاس تتحرك وقلب ينبض قد يكون جسده حياً ولكن روحه ميته وهكذا في مثل الابن الضال، الذي شرد بعيداً عن أبيه ثم عاد إلى ، قال عنه أبوه في هذه التوبة : ابنى هذا كان ميتا فعاش. وكان ضالاً فوجد ( لو ١٥ : ٢٤) وقيل في الكتاب عن الأرملة المتنعمة إنها ماتت وهي حية » ( اتى ٥ : ٦) وقال القديس بولس الرسول لأهل أفسس « إذ كنتم بالذنوب والخطايا التي سلكتم فيها قبلاً » (أف ۲ : ۱) وقال أيضاً ونحن أموات بالخطايا ، أحياناً مع المسيح وأقامنا معه، وأجلسنا معه فى السماويات » ( أف ٢ : ٥) وقال السيد المسيح موبخاً راعي كنيسة ساردس : إن لك إسماً أنك حى، وأنت ميت » (رؤ۳ : ۱) فحياته الظاهرية حياة حقيقية، لأن الحياة الحقيقية هي الحياة مع الله ، أو الحياة في الله ، هي الحياة في الحق، وفي النور والبرأما ذلك الخاطيء، فإن له إسماً أنه حي، وهو ميت لذلك كنت أقول في معنى الحياة الحقيقية :"أحقاً نحن أحياء ؟ " إن الحياة لا تقاس بالسنين والأيام، وإنما بالفترات الروحية الحلوة التي نقضيها مع الله هي وحدها التي تحسب لنا، والتي يقاس بها عمرنا الروحى، وبها يكون تقرير مصيرنا في يوم القيامة لذلك أيها الأخ بماذا تجيب حينما يسألك الملائكة كم هي أيام عمرك على الأرض ؟ هل ستحسبها بالجسد أم بالروح ؟ ومع ذلك ، فإن الخاطيء المعتبر ميتاً : إذا تاب تعتبر توبته قيامة وعن هذا المعنى يقول القديس بولس الرسول للخاطيء الغافل عن نفسه « استيقظ أيها النائم، وقم من الأموات، فيضيء لك المسيح» (أف٥: ١٤) مشبهاً التوبة هنا، بأنها يقظة روحية،وأنها قيامة من الأموات وقد ذكر الإنجيل للسيد المسيح ثلاث معجزات أقام فيها أمواتاً ويمكن إعتبار كل منها رمزاً لحالة من التوبة :أقام إبنة يايرس وهي ميتة في بيت أبيها (مر:٥)وأقام إبن أرملة نايين من نعشه في الطريق (لو٧) وأقام لعازر وهو مدفون في القبر من أربعة أيام وكانت كل إقامة من هذه الأحداث الثلاثة تحمل رمزاً خاصاً في حالات التوبة :- أ - إبنة بايرس وهى فى البيت، ترمز إلى الذي يخطىء وهولا يزال في بيت الله ، فى الكنيسة، لم يخرج منها ولم يخرج عنها ولذلك قال السيد عن إبنة يايرس إنها لم تمت ، ولكنها نائمة » (مره :۳۹). ولما أقامها أوصاهم أن يعطوها لتأكل( مره : ٤٣ ) لأن هذه النفس تحتاج إلى غذاء روحي يقويها ، حتى لا تعود فتنام مرة أخرى . ب - أما ابن أرملة نايين وهو ميت محمول في نعش فهذا ميت خرج من البيت ترك بيت الله، وأمه تبكى عليه ، أي تبكى عليه الكنيسة أو جماعة المؤمنين هذا أقامه المسيح، ثم دفعه إلى أمه» (لو٧: ۱٥). أرجعه إلى جماعة المؤمنين مرة أخرى. ج - لعازر المدفون في القبر ، يرمز إلى الحالات الميئوس منها حتى أن أخته مرثا لم تكن تتخيل مطلقاً أنه سيقوم. وقالت للسيد قد أنتن، لأن له أربعة أيام » (يو١١: ۳۹). إنه يرمز للذين ماتوا بالخطية، وتركوا بيت الله ، بل تركوا الطريق كله ، ومرت عليهم مدة طويلة فى الضياع، ويئس من رجوعهم حتى أقرب الناس إليهم. ومع ذلك أقامه المسيح، وأمر أن يحلوه من الرباطات التي حوله (يو ١١ : ٤٤). فمثل هذا الإنسان يحتاج أن يتخلص من رباطاته التي كانت له في القبر كل هذه أمثلة تدعونا إلى عدم اليأس من عودة الخاطيء ،فلابد أن له قيامة إنني في مناسبة قيامة السيد المسيح ، أقول لكل خاطيء يسعى إلى التوبة : قام المسيح الحى هل. مثل المسيح تراك قمت أم لا تزال موسداً. في القبر ترقد حيث أنت والحديث عن القيامة من الخطية، هو نفس الحديث عن القيامة من أية سقطة وقد يحتاج الأمر إلى دعوة للقيامة ، أي إلى حافز خارجي مثال ذلك كرة تدحرجت من على جبل تظل هذه الكرة تهوى من أسفل إلى أسفل، دون أن تملك ذاتها ، أو تفكر في مصيرها . وتظل تهوى وتهوى تباعاً ، إلى أن يعترض طريقها حجر كبير، فيوقفها ، وكأنه يقول لها إلى أين أنت تتدحرجين ؟! وماذا بعد ؟! »فتقف إنها يقظة أو صحوة بعد موت وضياع تشبه بالقيامة أو مثال ذلك أيضاً فكر يسرح فيما لا يليق كإنسان يسرح في فكر غضب أو أنتقام، أو في خطة يدبرها ، أو في شهوة يريد تحقيقها ، أو فى حلم من أحلام اليقظة ويظل ساهماً في سرحانه، إلى أن يوقفه غيره، فيستيقظ إلى نفسه،و يتوقف عن الفكر. إنها يقظة أو صحوة ، أو قيامة من سقطة . 3- هناك أيضاً القيامة من ورطة، أو من ضيقة : قد يقع إنسان فى مشكلة عائلية أو اجتماعية يرزخ تحتها زمناً ، أو في مشكلة مالية أو اقتصادية لا يجد لها حلاً أو تضغط عليه عادة معينة لا يملك الفكاك من سيطرتها أو تملك عليه جماعة معينة أو ضغوط خارجية، لا يشعر معها بحريته ولا بشخصيته ، ولا بأنه يملك إرادة أو رأياً وفي كل تلك الحالات يشعر بالضياع، وكأنه في موت ، يريد أن يلتقط أنفاسه ولا يستطيع إلى أن تفتقده عناية الله وترسل له من ينقذه، فيتخلص من الضيقة التي كان فيها ولسان حاله يقول : "كأنه قد كتب لى عمر جديد ". أليست هذه قيامة ؟ إنها حقاً كذلك . 4- القيامة هي حياة من جديد . ما يسمونه بالإنجليزية Revival حياة جديدة يحياها إنسان، أو تحياها أمة أو دولة ، أو أية هيئة من الهيئات أو يحياها شعب بعد ثورة من الثورات التي تغير مصيره إلى أفضل، وتحوله إلى حياة ثانية، حياة من نوع جديد فيشعر أن حياته السابقة كانت موتاً ، وأنه عاد يبدأ الحياة من جديد و يود أن حياته السابقة لا تحسب عليه إنما تحسب من الآن هذه القيامة رأيناها في حياة الأفراد، ورأيناها في حياة الأمم رأيناها في أوروبا بعد عصر النهضة والانقلاب الصناعي، ورأيناها في فرنسا بعد الثورة الفرنسية المعروفة ورأيناها في روسيا بعد اعلان البروستوريكا ورأيناها أيضاً في الهند على يد غاندي، وأيضاً في كل دولة تخلصت من الاستعمار أو الاحتلال أوالانتداب ورأيناها في مصر ، مرة بعد التخلص من حكم المماليك، ومرة أخرى بعد ثورة ۱۹۱۹م، ومرة ثالثة بعد سنة ١٩٥٢ كما رأيناها كذلك في الثورة الاقتصادية أو فى النهضة الاقتصادية التي قادها طلعت حرب إن القيامة يا اخوتى ، ليست هى مجرد قيامة الجسد إنما هناك حالات أخرى كثيرة توحى بها القيامة، أو تكون القيامة رمزاً لها وتبدو فيها سمات حياة أخرى . ٥- ونحن نرجو من الله أن يجعل سمات القيامة في حياتنا باستمرار عمليات تجديد وحياة أخرى تسرى في دمائنا أفراداً أو هيئات كما قيل عن عمل الله في الإنسان إنه « يجدد مثل النسر شبابه» (مز ۱۰۳) . وأيضاً كما قيل في نبوءة اشعياء « وأما منتظرو الرب، فيجددون قوة يرفعون أجنحة كالنسور. يركضون ولا يتعبون يمشون ولا يعيون » (أش ٤٠ : ٣١ ) . قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
15 مايو 2024

كان لابد أن يقوم المسيح

١- كان لا بد أن يقوم المسيح، لأن فيه كانت الحياة هكذا قال القديس يوحنا الإنجيلي: « فيه كانت الحياة» (يو١ : ٤ ) والذي فيه الحياة، لا يمكن أن يبقى ميتا ، بل إنه قال لمرثا « أنا هو القيامة والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا « (يو ۱۱ :۲۵)، مادام هو الحياة، فكيف إذا لا يقوم ؟ هذا الذي قال عن نفسه ليوحنا الرائي: «أنا هو الأول والآخر، والحي وكنت ميتا ، وها أنا حي إلى أبد الآبدين! أمين» (رؤ ۱: ۱۷ ، ۱۸) لهذا كله وبخ ملاك القيامة النسوة قائلا: «لماذا تطلبن الحي بين الأموات؟» (لو ٢٤: ٥) ٢- نعم، كان لا بد أن يقوم من الموت، لأنه هو نفسه قد أقام غيره من الموت بمجرد أمره لقد أقام إيليا ميتا، ولكن بسبع صلوات وأقام أليشع ميتا بصلوات أيضًا أما السيد المسيح، فقد أقام ابنة يايرس، وابن أرملة نايين ولعازر، بمجرد كلمة الأمر، إنه معطي الحياة في إقامته إبنة يايرس ، أمسك بيدها وقال لها: «طليثا قومي الذي تفسيره: يا صبية لك أقول قومي وللوقت قامت الصبية ومشت» (مر ٥: ٤١ ،٤٢). ٣- وفي إقامته ابن أرملة نايين، تقدم ولمس النعش فوقف الحاملون فقال: «أيها الشاب، لك أقول : قم ! فجلس الميت وابتدأ يتكلم ، فَدَفَعَهُ إِلَى أمه» (لو٧ : ١٤ ، ۱۵) وفي إقامته لعازر «صرخ بصوت عظيم لعازر ، هلم خارجا فخرج الميت » (يو ٤٣:١١، ٤٤) هذا الذي أمر الموتي فقاموا ، أكان صعبا عليه أن يقوم ؟! كلا ، بل كان لا بد أن يقوم ، لأنه مقيم الموتى بأمره ٤- كان لا بد أن يقوم المسيح، لأن قيامته كانت في سلطانه هو لقد مات بإراد ته هو قدم نفسه للموت، ولم يكن مضغوطا عليه في ذلك وقد قال موضحًا هذا الأمر في عبارته الخالدة «أني أضع نفسي لأخذها أيضًا. ليس أحد يأخذها مني ، بل أضعها أنا من ذاتي لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن أخذها أيضًا» (يو ۱۷:۱۰ ، ۱۸) حقا ما أعجب هذه العبارة «ولي سلطان أن أخذها أيضًا» أي أن استرجع هذه الحياة التي وضعتها من ذاتي، ولم يكن لأحد سلطان أن يأخذها مني إذا كان لا بد أن يقوم، ويقوم بإرادته . ٥- كان لا بد أن يقوم، لأن موته كان مجرد وضع مؤقت، لأداء رسالة مزدوجة كان ممكنا أنه لا يموت بحسب طبيعته، ولأن الموت هو أجرة الخطية (رو ٦: ٢٣). وهو لم تكن له خطيئة تستحق الموت ولكنه قبل أن يموت عوضا عنا، لكي يفدينا بموته، كما قال الرسول مُتَبَرِّرين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح، الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله ، » (رو ٢٤:٣ ، ٢٥)كانت هذه هي الرسالة الأساسية للموت، أي الفداء وماذا أيضا ؟ وكان لا بد بعد الفداء ، أن يذهب ويبشر الراقدين على الرجاء، ويفتح باب الفردوس، وينقل هؤلاء الراقدين من الجحيم إلى الفردوس وفى هذا يقول القديس بطرس الرسول: «فإن المسيح أيضًا تألم مرة واحدة من أجل الخطايا البار من أجل الأئمة، لكي يُقربنا إلى الله، مماتًا في الجسد ولكن محيى في الروح ، الذي فيه أيضًا ذَهَب فكرز للأرواح التي في السجن (۱ بط ۳: ۱۸ ، ۱۹) نعم كرز لتلك الأرواح بالخلاص، ونقلها إلى الفردوس، كما نقل اللص اليمين ٦- وكان لا بد أن يقوم المسيح، لأن لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين حتى عندما مات تقول القسمة السريانية: «انفصلت روحه عن جسده ولكن لاهوته لم ينفصل قط لا عن روحه ولا عن جسده روحه المتحدة باللاهوت نزلت إلى أقسام الأرض السفلى، وكرزت للأرواح التي في السجن، وأصعدتها إلى الفردوس أما جسده فبقي في القبر متحدا بلاهوته أيضًا فهو قد مات بشريًا من جهة انفصال الروح عن الجسد، ولكنه كان محيى في الروح كانت له الحياة الثابتة في اللاهوت، والتي من أجلها صرخ نيقوديموس وهو يكفنه: «قدوس الله قدوس القوى قدوس الذي لا يموت» نعم كان لا بد أن يقوم هذا الجسد المتحد باللاهوت وما كان ممكنا أن يستمر في الموت إن الموت لم ينتصر عليه مطلقا، وما كان ممكنا أن ينتصر عليه بل أنه بموته داس الموت، أي داس على هذا الموت الذي انتصر على كافة البشر، فنجاهم السيد من هذا الموت بموته عنهم، ودفع ثمن خطاياهم وهكذا قضى على سلطان الموت. ٧- وهذا الذي قضى على سلطان الموت بموته، كان لا بد أن يقوم كان لا بد أن يقوم، ليعلن انتصاره على الموت بقيامته، وليعلن للناس جميعا أنه لا شوكة للموت، حسب تسبحة بولس الرسول «أين شَوْكَتُك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟» (١ كو ٥٥:١٥). ٨- وكان لا بد للمسيح أن يقوم، لكي يعزي التلاميذ ويقويهم . ٩- كان لا بد أن يقوم، لكي يزيل النتائج المرعبة التي نتجت عن صلبه ، حيث خاف التلاميذ واختفوا في العلية، وتشتت باقي المؤمنين به خائفين من اليهود وبطشهم وأنكر من أنكر ، وشك من شك وكان لا بد أن يقوم المسيح لكي يقوم بعملية ترميم لإيمان الناس، ويشجعهم لكي يستمروا في إيمانهم، ويصمدوا أمام اضطهادات اليهود وهكذا كانت قيامته أكبر دافع لهم على الكرازة. ١٠- وكان لا بد أن يقوم المسيح، ليكون الباكورة التي على شبهها يقوم الكل وهكذا قال القديس بولس "ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين فإنه إذ الموت بإنسان، بإنسان أيضًا قيامة الأموات لأنه كما في آدم يموت الجميع، هكذا في المسيح سيحيا الجميع» (۱کو ۱۵ : ۲۰-۲۲) قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل