عُمق قراءات الأحد الثاني من شهر كيهك

20 ديسمبر 2020
Large image

بشارة الملاك جبرائيل للسيدة العذراء
مزمور عشية (مز144: 5، 7)
يتحدث مزمور إنجيل العشية عن طلب نزول السيد المسيح من السماء "يا رَبُّ، طأطِئْ سماواتِكَ وانزِلِ. المِسِ الجِبالَ فتُدَخنَ أرسِلْ يَدَكَ مِنَ العَلاءِ. أنقِذني ونَجني مِنَ المياهِ الكَثيرَةِ، مِنْ أيدي الغُرَباءِ". وكأن البشر يستغيثون بالمُخلص.. بسرعة النزول حتى لو اضطر الأمر أن تدخن الجبال عندما ينزل!! فحلول لاهوت السيد المسيح في أحشاء السيدة العذراء.. سوف يحدث عن قريب عندما يبشرها الملاك بحلول ابن الله في أحشائها.
إنجيل العشية (لو7: 36-50)
"وسألهُ واحِدٌ مِنَ الفَريسيينَ أنْ يأكُلَ معهُ، فدَخَلَ بَيتَ الفَريسي واتَّكأَ. وإذا امرأةٌ في المدينةِ كانَتْ خاطِئَةً، إذ عَلِمَتْ أنَّهُ مُتَّكِئٌ في بَيتِ الفَريسي، جاءَتْ بقارورَةِ طيبٍ، ووَقَفَتْ عِندَ قَدَمَيهِ مِنْ ورائهِ باكيَةً، وابتَدأتْ تبُلُّ قَدَمَيهِ بالدُّموعِ، وكانَتْ تمسَحُهُما بشَعرِ رأسِها، وتُقَبلُ قَدَمَيهِ وتدهَنُهُما بالطيبِ. فلَمّا رأَى الفَريسيُّ الذي دَعاهُ ذلكَ، تكلَّمَ في نَفسِهِ قائلًا: "لو كانَ هذا نَبيًّا، لَعَلِمَ مَنْ هذِهِ الاِمرأةُ التي تلمِسُهُ وما هي! إنَّها خاطِئَةٌ". فأجابَ يَسوعُ وقالَ لهُ: "يا سِمعانُ، عِندي شَيءٌ أقولُهُ لكَ". فقالَ: "قُلْ، يا مُعَلمُ". "كانَ لمُدايِنٍ مَديونانِ. علَى الواحِدِ خَمسُمِئَةِ دينارٍ وعلَى الآخَرِ خَمسونَ. وإذ لم يَكُنْ لهُما ما يوفيانِ سامَحَهُما جميعًا. فقُلْ: أيُّهُما يكونُ أكثَرَ حُبًّا لهُ؟". فأجابَ سِمعانُ وقالَ: "أظُنُّ الذي سامَحَهُ بالأكثَرِ". فقالَ لهُ: "بالصَّوابِ حَكَمتَ". ثُمَّ التفَتَ إلَى المَرأةِ وقالَ لسِمعانَ: "أتَنظُرُ هذِهِ المَرأةَ؟ إني دَخَلتُ بَيتَكَ، وماءً لأجلِ رِجلَيَّ لم تُعطِ. وأمّا هي فقد غَسَلَتْ رِجلَيَّ بالدُّموعِ ومَسَحَتهُما بشَعرِ رأسِها. قُبلَةً لم تُقَبلني، وأمّا هي فمنذُ دَخَلتُ لم تكُفَّ عن تقبيلِ رِجلَيَّ. بزَيتٍ لم تدهُنْ رأسي، وأمّا هي فقد دَهَنَتْ بالطيبِ رِجلَيَّ. مِنْ أجلِ ذلكَ أقولُ لكَ: قد غُفِرَتْ خطاياها الكثيرَةُ، لأنَّها أحَبَّتْ كثيرًا. والذي يُغفَرُ لهُ قَليلٌ يُحِبُّ قَليلًا". ثُمَّ قالَ لها: "مَغفورَةٌ لكِ خطاياكِ". فابتَدأَ المُتَّكِئونَ معهُ يقولونَ في أنفُسِهِمْ: "مَنْ هذا الذي يَغفِرُ خطايا أيضًا؟". فقالَ للمَرأةِ: "إيمانُكِ قد خَلَّصَكِ، اِذهَبي بسَلامٍ".
يتحدث إنجيل العشية عن المرأة الخاطئة التي دخلت بيت الفريسي، ودهنت قدمي مخلصنا الصالح بالطيب، واقفة من ورائه باكية، وأخذت تقبل قدميه وتدهنهما بالطيب، وتمسحهما بشعر رأسها.

وفي هذا البيت أعلن السيد المسيح الخلاص للمرأة الخاطئة قائلًا لها: "مَغفورَةٌ لكِ خطاياكِ" فإعلان المخلص للمرأة بالخلاص هو إشارة اليوم لنا بإعلانه لنا بالخلاص، وذلك عن طريق بشارة الملاك جبرائيل للسيدة العذراء.. فكما أعلن للمرأة خلاصها بمغفرة خطاياها.. هكذا أعلن لنا كلنا الخلاص ببشارة والدته بميلاده منها.
مزمور باكر (مز72: 6-7)
"يَنزِلُ مِثلَ المَطَرِ علَى الجُزازِ، ومِثلَ الغُيوثِ الذّارِفَةِ علَى الأرضِ. يُشرِقُ في أيّامِهِ الصديقُ، وكثرَةُ السَّلامِ إلَى أنْ يَضمَحِلَّ القَمَرُ".يوضح لنا مزمور باكر حلول مخلصنا الصالح في بطن السيدة العذراء.. بنزوله المملوء سلامًا، وليس كالدخان الذي يصدر من الجبال، عندما يحل عليها.. كما في مزمور العشية، ولكنه يحل بهدوء وسلام.. "يَنزِلُ مِثلَ المَطَرِ علَى الجُزازِ، ومِثلَ الغُيوثِ الذّارِفَةِ علَى الأرضِ. يُشرِقُ في أيّامِهِ الصديقُ، وكثرَةُ السَّلامِ إلَى أنْ يَضمَحِلَّ القَمَرُ" فهو ملك السلام الذي حل السلام على الأرض بواسطته، كما ترنمت الملائكة عند ميلاده: "المَجدُ للهِ في الأعالي، وعلَى الأرضِ السَّلامُ، وبالناسِ المَسَرَّةُ" (لو2: 14).. فهو الذي يعطى السلام لكل نفس متعبة كما سنرى في إنجيل باكر.
إنجيل باكر (لو11: 20-28)
"ولكن إنْ كُنتُ بأصبِعِ اللهِ أُخرِجُ الشَّياطينَ، فقد أقبَلَ علَيكُمْ ملكوتُ اللهِ. حينَما يَحفَظُ القَويُّ دارَهُ مُتَسَلحًا،تَكونُ أموالُهُ في أمانٍ. ولكن مَتَى جاءَ مَنْ هو أقوَى مِنهُ فإنَّهُ يَغلِبُهُ، ويَنزِعُ سِلاحَهُ الكامِلَ الذي اتَّكلَ علَيهِ، ويوَزعُ غَنائمَهُ. مَنْ ليس مَعي فهو علَيَّ، ومَنْ لا يَجمَعُ مَعي فهو يُفَرقُ. مَتَى خرجَ الرّوحُ النَّجِسُ مِنَ الإنسانِ، يَجتازُ في أماكِنَ ليس فيها ماءٌ يَطلُبُ راحَةً، وإذ لا يَجِدُ يقولُ: أرجِعُ إلَى بَيتي الذي خرجتُ مِنهُ. فيأتي ويَجِدُهُ مَكنوسًا مُزَيَّنًا. ثُمَّ يَذهَبُ ويأخُذُ سبعَةَ أرواحٍ أُخَرَ أشَرَّ مِنهُ، فتدخُلُ وتسكُنُ هناكَ، فتصيرُ أواخِرُ ذلكَ الإنسانِ أشَرَّ مِنْ أوائلِهِ!". وفيما هو يتكلَّمُ بهذا، رَفَعَتِ امرأةٌ صوتها مِنَ الجَمعِ وقالَتْ لهُ: "طوبَى للبَطنِ الذي حَمَلكَ والثَّديَينِ اللذَينِ رَضِعتَهُما". أمّا هو فقالَ: "بل طوبَى للذينَ يَسمَعونَ كلامَ اللهِ ويَحفَظونَهُ"يتحدث إنجيل باكر عن شفاء السيد المسيح للإنسان الأخرس الذي كان يسكنه الشيطان.. فعندما أخرج السيد المسيح الشيطان.. تكلم الأخرس. فالسيد المسيح ملك السلام جاء ليعطي السلام لكل نفس متعبة.. جاء يشفي كل مَنْ تسلط عليهم إبليس.. فحلول ونزول الإله المتجسد سوف يكون مثل المطر على الجزة ومثل قطرات تقطر على الأرض.. فهو الذي يشرق في أيامه العدل وكثرة السلامة ففي إنجيل العشية أعلن خلاص المسيح للكل. وفي إنجيل باكر أعلن سلام المُخلِّص.وفي إنجيل القداس أعلنت البشارة بمولده من السيدة العذراء.
البولس (رو3: 1 - 4: 1-3)
"إذًا ما هو فضلُ اليَهودي، أو ما هو نَفعُ الخِتانِ؟ كثيرٌ علَى كُل وجهٍ! أمّا أوَّلًا فلأنَّهُمُ استؤمِنوا علَى أقوالِ اللهِ. فماذا إنْ كانَ قَوْمٌ لم يكونوا أُمَناءَ؟ أفَلَعَلَّ عَدَمَ أمانَتِهِمْ يُبطِلُ أمانَةَ اللهِ؟ حاشا! بل ليَكُنِ اللهُ صادِقًا وكُلُّ إنسانٍ كاذِبًا. كما هو مَكتوبٌ: "لكَيْ تتبَرَّرَ في كلامِكَ، وتغلِبَ مَتَى حوكِمتَ". ولكن إنْ كانَ إثمُنا يُبَينُ برَّ اللهِ، فماذا نَقولُ؟ ألَعَلَّ اللهَ الذي يَجلِبُ الغَضَبَ ظالِمٌ؟ أتكلَّمُ بحَسَبِ الإنسانِ. حاشا! فكيفَ يَدينُ اللهُ العالَمَ إذ ذاكَ؟ فإنَّهُ إنْ كانَ صِدقُ اللهِ قد ازدادَ بكَذِبي لمَجدِهِ، فلماذا أُدانُ أنا بَعدُ كخاطِئٍ؟ أما كما يُفتَرَى علَينا، وكما يَزعُمُ قَوْمٌ أنَّنا نَقولُ: "لنَفعَلِ السَّيآتِ لكَيْ تأتيَ الخَيراتُ"؟ الذينَ دَينونَتُهُمْ عادِلَةٌ. فماذا إذًا؟ أنَحنُ أفضَلُ؟ كلاَّ البَتَّةَ! لأنَّنا قد شَكَوْنا أنَّ اليَهودَ واليونانيينَ أجمَعينَ تحتَ الخَطيَّةِ، كما هو مَكتوبٌ: "أنَّهُ ليس بارٌّ ولا واحِدٌ. ليس مَنْ يَفهَمُ. ليس مَنْ يَطلُبُ اللهَ. الجميعُ زاغوا وفَسَدوا مَعًا. ليس مَنْ يَعمَلُ صَلاحًا ليس ولا واحِدٌ. حَنجَرَتُهُمْ قَبرٌ مَفتوحٌ. بألسِنَتِهِمْ قد مَكَروا. سِمُّ الأصلالِ تحتَ شِفاهِهِمْ. وفَمُهُمْ مَملوءٌ لَعنَةً ومَرارَةً. أرجُلُهُمْ سريعَةٌ إلَى سفكِ الدَّمِ. في طُرُقِهِمِ اغتِصابٌ وسُحقٌ. وطَريقُ السَّلامِ لم يَعرِفوهُ. ليس خَوْفُ اللهِ قُدّامَ عُيونِهِمْ". ونَحنُ نَعلَمُ أنَّ كُلَّ ما يقولُهُ النّاموسُ فهو يُكلمُ بهِ الذينَ في النّاموسِ، لكَيْ يَستَدَّ كُلُّ فمٍ، ويَصيرَ كُلُّ العالَمِ تحتَ قِصاصٍ مِنَ اللهِ. لأنَّهُ بأعمالِ النّاموسِ كُلُّ ذي جَسَدٍ لا يتبَرَّرُ أمامَهُ. لأنَّ بالنّاموسِ مَعرِفَةَ الخَطيَّةِ. وأمّا الآنَ فقد ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بدونِ النّاموسِ، مَشهودًا لهُ مِنَ النّاموسِ والأنبياءِ، بِرُّ اللهِ بالإيمانِ بيَسوعَ المَسيحِ، إلَى كُل وعلَى كُل الذينَ يؤمِنونَ. لأنَّهُ لا فرقَ. إذ الجميعُ أخطأوا وأعوَزَهُمْ مَجدُ اللهِ، مُتَبَررينَ مَجّانًا بنِعمَتِهِ بالفِداءِ الذي بيَسوعَ المَسيحِ، الذي قَدَّمَهُ اللهُ كفّارَةً بالإيمانِ بدَمِهِ، لإظهارِ بِرهِ، مِنْ أجلِ الصَّفحِ عن الخطايا السّالِفَةِ بإمهالِ اللهِ، لإظهارِ بِرهِ في الزَّمانِ الحاضِرِ، ليكونَ بارًّا ويُبَررَ مَنْ هو مِنَ الإيمانِ بيَسوعَ. فأينَ الافتِخارُ؟ قد انتَفَى. بأي ناموسٍ؟ أبناموسِ الأعمالِ؟ كلاَّ. بل بناموسِ الإيمانِ. إذًا نَحسِبُ أنَّ الإنسانَ يتبَرَّرُ بالإيمانِ بدونِ أعمالِ النّاموسِ. أمِ اللهُ لليَهودِ فقط؟ أليس للأُمَمِ أيضًا؟ بَلَى، للأُمَمِ أيضًا لأنَّ اللهَ واحِدٌ، هو الذي سيُبَررُ الخِتانَ بالإيمانِ والغُرلَةَ بالإيمانِ. أفَنُبطِلُ النّاموسَ بالإيمانِ؟ حاشا! بل نُثَبتُ النّاموسَ. فماذا نَقولُ إنَّ أبانا إبراهيمَ قد وجَدَ حَسَبَ الجَسَدِ؟ لأنَّهُ إنْ كانَ إبراهيمُ قد تبَرَّرَ بالأعمالِ فلهُ فخرٌ، ولكن ليس لَدَى اللهِ. لأنَّهُ ماذا يقولُ الكِتابُ؟ "فآمَنَ إبراهيمُ باللهِ فحُسِبَ لهُ بِرًّا" يتكلم مُعلمنا بولس الرسول في هذا الفصل أنه بأعمال الناموس لا يتبرر أحد أمام الله.. بل الكل يتبررون بالإيمان بيسوع المسيح، وذلك يبطل الإفخارستيا، ويثبت الناموس.. "لأنَّهُ بأعمالِ النّاموسِ كُلُّ ذي جَسَدٍ لا يتبَرَّرُ أمامَهُ. لأنَّ بالنّاموسِ مَعرِفَةَ الخَطيَّةِ. وأمّا الآنَ فقد ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بدونِ النّاموسِ، مَشهودًا لهُ مِنَ النّاموسِ والأنبياءِ، بِرُّ اللهِ بالإيمانِ بيَسوعَ المَسيحِ" (رو3: 20-22) "مُتَبَررينَ مَجّانًا بنِعمَتِهِ بالفِداءِ الذي بيَسوعَ المَسيحِ، الذي قَدَّمَهُ اللهُ كفّارَةً بالإيمانِ بدَمِهِ، لإظهارِ بِرهِ، مِنْ أجلِ الصَّفحِ عن الخطايا السّالِفَةِ بإمهالِ اللهِ، لإظهارِ بِرهِ في الزَّمانِ الحاضِرِ، ليكونَ بارًّا ويُبَررَ مَنْ هو مِنَ الإيمانِ بيَسوعَ" (رو3: 24-26).ويظهر هذا الفصل.. إيمان السيدة العذراء ببشارة الملاك لها، عندما قال: "وأمّا الآنَ فقد ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بدونِ النّاموسِ، مَشهودًا لهُ مِنَ النّاموسِ والأنبياءِ، بِرُّ اللهِ بالإيمانِ بيَسوعَ المَسيحِ، إلَى كُل وعلَى كُل الذينَ يؤمِنونَ".
الكاثوليكون (1يو1: 1-10 ، 2: 2)
"الذي كانَ مِنَ البَدءِ، الذي سمِعناهُ، الذي رأيناهُ بعُيونِنا، الذي شاهَدناهُ، ولَمَسَتهُ أيدينا، مِنْ جِهَةِ كلِمَةِ الحياةِ. فإنَّ الحياةَ أُظهِرَتْ، وقد رأينا ونَشهَدُ ونُخبِرُكُمْ بالحياةِ الأبديَّةِ التي كانَتْ عِندَ الآبِ وأُظهِرَتْ لنا. الذي رأيناهُ وسمِعناهُ نُخبِرُكُمْ بهِ، لكَيْ يكونَ لكُمْ أيضًا شَرِكَةٌ معنا. وأمّا شَرِكَتُنا نَحنُ فهي مع الآبِ ومع ابنِهِ يَسوعَ المَسيحِ. ونَكتُبُ إلَيكُمْ هذا لكَيْ يكونَ فرَحُكُمْ كامِلًا. وهذا هو الخَبَرُ الذي سمِعناهُ مِنهُ ونُخبِرُكُمْ بهِ: إنَّ اللهَ نورٌ وليس فيهِ ظُلمَةٌ البَتَّةَ. إنْ قُلنا: إنَّ لنا شَرِكَةً معهُ وسلكنا في الظُّلمَةِ، نَكذِبُ ولسنا نَعمَلُ الحَقَّ. ولكن إنْ سلكنا في النّورِ كما هو في النّورِ، فلنا شَرِكَةٌ بَعضِنا مع بَعضٍ، ودَمُ يَسوعَ المَسيحِ ابنِهِ يُطَهرُنا مِنْ كُل خَطيَّةٍ. إنْ قُلنا: إنَّهُ ليس لنا خَطيَّةٌ نُضِلُّ أنفُسَنا وليس الحَقُّ فينا. إنِ اعتَرَفنا بخطايانا فهو أمينٌ وعادِلٌ، حتَّى يَغفِرَ لنا خطايانا ويُطَهرَنا مِنْ كُل إثمٍ. إنْ قُلنا: إنَّنا لم نُخطِئْ نَجعَلهُ كاذِبًا، وكلِمَتُهُ ليستْ فينا".. "وهو كفّارَةٌ لخطايانا. ليس لخطايانا فقط، بل لخطايا كُل العالَمِ أيضًا".يتحدث هنا يوحنا الرسول عن ظهور السيد المسيح "الذي كانَ مِنَ البَدءِ، الذي سمِعناهُ، الذي رأيناهُ بعُيونِنا، الذي شاهَدناهُ، ولَمَسَتهُ أيدينا، مِنْ جِهَةِ كلِمَةِ الحياةِ. فإنَّ الحياةَ أُظهِرَتْ" فهو هنا يعلن ظهور المخلص بدءًا بالبشارة بميلاده العجيب، الذي بشر به اليوم الملاك جبرائيل والدة الإله، وفهو يعلن أن "اللهَ نورٌ وليس فيهِ ظُلمَةٌ البَتَّةَ" (1يو1: 5).. وأنه يجب أن تكون شركتنا معه في النور فإن كانت "لنا شَرِكَةً معهُ وسلكنا في الظُّلمَةِ، نَكذِبُ ولسنا نَعمَلُ الحَقَّ. ولكن إنْ سلكنا في النّورِ كما هو في النّورِ، فلنا شَرِكَةٌ بَعضِنا مع بَعضٍ" (1يو1: 6-7).وأخيرًا.. يعلن لنا أن الذي بُشر به اليوم هو شفيعنا عند الآب الذي هو المُخلص يسوع المسيح، وهو أيضًا كفارة لخطايانا وليس لخطايانا نحن فقط بل لخطايا كل العالم.
الإبركسيس``Pra[ic (أع7: 30-34)
"ولَمّا كمِلَتْ أربَعونَ سنَةً، ظَهَرَ لهُ مَلاكُ الرَّب في بَريَّةِ جَبَلِ سيناءَ في لهيبِ نارِ عُلَّيقَةٍ. فلَمّا رأَى موسَى ذلكَ تعَجَّبَ مِنَ المَنظَرِ. وفيما هو يتقَدَّمُ ليَتَطَلَّعَ، صارَ إليهِ صوتُ الرَّب: أنا إلهُ آبائكَ، إلهُ إبراهيمَ وإلهُ إسحاقَ وإلهُ يعقوبَ. فارتَعَدَ موسَى ولم يَجسُرْ أنْ يتطَلَّعَ. فقالَ لهُ الرَّبُّ: اخلَعْ نَعلَ رِجلَيكَ، لأنَّ المَوْضِعَ الذي أنتَ واقِفٌ علَيهِ أرضٌ مُقَدَّسَةٌ. إني لقد رأيتُ مَشَقَّةَ شَعبي الذينَ في مِصرَ، وسمِعتُ أنينَهُمْ ونَزَلتُ لأُنقِذَهُمْ. فهَلُمَّ الآنَ أُرسِلُكَ إلَى مِصرَ" يتحدث هنا سفر الأعمال.. عن ظهور الرب لموسى النبي في برية سيناء، في لهيب النار، في العليقة المضطرمة بالنار.. "ولَمّا كمِلَتْ أربَعونَ سنَةً، ظَهَرَ لهُ مَلاكُ الرَّب في بَريَّةِ جَبَلِ سيناءَ في لهيبِ نارِ عُلَّيقَةٍ. فلَمّا رأَى موسَى ذلكَ تعَجَّبَ مِنَ المَنظَرِ. وفيما هو يتقَدَّمُ ليَتَطَلَّعَ، صارَ إليهِ صوتُ الرَّب: أنا إلهُ آبائكَ، إلهُ إبراهيمَ وإلهُ إسحاقَ وإلهُ يعقوبَ. فارتَعَدَ موسَى ولم يَجسُرْ أنْ يتطَلَّعَ. فقالَ لهُ الرَّبُّ: اخلَعْ نَعلَ رِجلَيكَ، لأنَّ المَوْضِعَ الذي أنتَ واقِفٌ علَيهِ أرضٌ مُقَدَّسَةٌ" (أع7: 30-33) وظهور الرب لموسى النبي في برية جبل سيناء في لهيب نار والعليقة يرمز إلى حَبَل السيدة العذراء بالسيد المسيح بدون رجل، أي بدون زرع بشر.. وهو إشارة واضحة لحلول اللاهوت في أحشاء السيدة العذراء، وخروج الإله المتجسد من بطنها الطاهرة، واتخاذ السيد المسيح جسدًا من جسدها الطاهر.. ثم يختم الفصل بقول الرب: "إني لقد رأيتُ مَشَقَّةَ شَعبي الذينَ في مِصرَ، وسمِعتُ أنينَهُمْ ونَزَلتُ لأُنقِذَهُمْ. فهَلُمَّ الآنَ أُرسِلُكَ إلَى مِصرَ" (أع7: 34).
فنزول الرب إلى مصر أرض العبودية لشعب الله هي مثلما نزل السيد المسيح إلى أرض الشقاء لكي يخلص البشر من سلطان الخطية وقبضة الشيطان.. ومصر هنا تشير إلى العبودية لشعب إسرائيل كما الأرض كلها تشير إلى عبودية الجنس البشري.فنزل السيد المسيح إلى الأرض لكي يخلص كل من يؤمن به. فالفصل كله يحكى لنا مغزى روحي وهو نزول السيد المسيح إلى الأرض في بطن السيدة العذراء واتخاذه جسدًا منها يولد به لكي يخلص جنس البشر من عبودية العدو الشيطان.
مزمور إنجيل القداس (مز45: 10-11)
"اِسمَعي يا بنتُ وانظُري، وأميلي أُذُنَكِ، وانسَيْ شَعبَكِ وبَيتَ أبيكِ، فيَشتَهيَ المَلِكُ حُسنَكِ، لأنَّهُ هو سيدُكِ فاسجُدي لهُ".. فهو هنا يخاطب السيدة العذراء.. لمَنْ تسمع قول الملاك بالبشارة المفرحة لها ولكل البشرية "بتجسده منها".. أي أن يأخذ جسدًا منها، وأن تنصت لقول الرب.. وبالفعل فعلت السيدة العذراء هذا.. عندما قالت: "هوذا أنا أمة للرب ليكن لي كقولك". ويقول لها أن الملك بل ملك الملوك قد اشتهى حُسنِك، لأنه هو سيدك وربك.. وبالفعل اشتهى الملك حُسن السيدة العذراء، فنقول: "تطلع الآب من السماء.. فلم يجد مَنْ يُشبهك.. أرسل وحيده.. أتى وتجسد منكِ".
إنجيل القداس (لو1: 26-38)
"وفي الشَّهرِ السّادِسِ أُرسِلَ جِبرائيلُ المَلاكُ مِنَ اللهِ إلَى مدينةٍ مِنَ الجليلِ اسمُها ناصِرَةُ، إلَى عَذراءَ مَخطوبَةٍ لرَجُلٍ مِنْ بَيتِ داوُدَ اسمُهُ يوسُفُ. واسمُ العَذراءِ مَريَمُ. فدَخَلَ إليها المَلاكُ وقالَ: سلامٌ لكِ أيَّتُها الممتلئة نعمة! الرَّبُّ معكِ. مُبارَكَةٌ أنتِ في النساءِ". فلَمّا رأتهُ اضطَرَبَتْ مِنْ كلامِهِ، وفَكَّرَتْ: "ما عَسَى أنْ تكونَ هذِهِ التَّحيَّةُ!". فقالَ لها المَلاكُ:"لا تخافي يا مَريَمُ، لأنَّكِ قد وجَدتِ نِعمَةً عِندَ اللهِ. وها أنتِ ستَحبَلينَ وتلِدينَ ابنًا وتُسَمينَهُ يَسوعَ. هذا يكونُ عظيمًا، وابنَ العَلي يُدعَى، ويُعطيهِ الرَّبُّ الإلهُ كُرسيَّ داوُدَ أبيهِ، ويَملِكُ علَى بَيتِ يعقوبَ إلَى الأبدِ، ولا يكونُ لمُلكِهِ نِهايَةٌ". فقالَتْ مَريَمُ للمَلاكِ: "كيفَ يكونُ هذا وأنا لستُ أعرِفُ رَجُلًا؟". فأجابَ المَلاكُ وقالَ لها: "الرّوحُ القُدُسُ يَحِلُّ علَيكِ، وقوَّةُ العَلي تُظَللُكِ، فلذلكَ أيضًا القُدّوسُ المَوْلودُ مِنكِ يُدعَى ابنَ اللهِ. وهوذا أليصاباتُ نَسيبَتُكِ هي أيضًا حُبلَى بابنٍ في شَيخوخَتِها، وهذا هو الشَّهرُ السّادِسُ لتِلكَ المَدعوَّةِ عاقِرًا، لأنَّهُ ليس شَيءٌ غَيرَ مُمكِنٍ لَدَى اللهِ". فقالَتْ مَريَمُ: "هوذا أنا أَمَةُ الرَّب. ليَكُنْ لي كقَوْلِكَ". فمَضَى مِنْ عِندِها المَلاكُ" عندما نرجع بخاطرنا إلى إنجيل الأحد الماضي الأحد الأول.. فنجده كان يتكلم عن رحمة الله للأمم التي تجلت في البشارة بميلاد يوحنا المعمدان السابق للسيد المسيح.أما إنجيل اليوم فهو يتكلم عن البشارة بميلاد المُخلص نفسه.. فقد أرسل الله ملاكه المبشر جبرائيل للسيدة العذراء في الشهر السادس لحبل القديسة أليصابات بيوحنا المعمدان ليزف لها البشرى المفرحة بميلاد مخلص العالم منها وهذا ما اتضح في قوله: "وهذا هو الشَّهرُ السّادِسُ لتِلكَ المَدعوَّةِ عاقِرًا" (لو1: 36).والحكمة في اختيار العدد السادس (الشهر السادس) دون غيره هو أن في اليوم السادس تمت الخليقة بخلقة الإنسان وسقوطه في الخطية. فوجب أن يوجد فيه مجددًا فائزًا بالغفران وبالصفح عن خطاياه.وتبشيره بالخلاص الآتي وخروجه من تحت قبضة الشيطان.وأراد الله أن يبشر السيدة العذراء بالحبل حتى إذا رأت نفسها حبلى لا تستغرب ولا تضطرب، فمن الممكن أن تفكر في التخلص من الجنين أو الانتحار لكي تخفى عارها فدخل إليها الملاك وقال لها: "سلامٌ لكِ أيَّتُها الممتلئة نعمة! الرَّبُّ معكِ" (لو1: 28).وقد ابتدأ الملاك كلامه بالسلام لمريم لينزع منها الخوف، وأيضًا لأنه سوف يبشرها بمولد ملك السلام الذي ستتهلل الملائكة بميلاده، وهو الذي سيقيم الصلح والسلام بين السمائيين والأرضيين وبين النفس والجسد، وقد وصفها بعد ذلك بـ "الممتلئة نعمة" وذلك لتجسد كلمة الله منها.واستكمل الملاك كلامه معها قائلًا: "مباركة أنتِ في النساء" أي أنها اختصت بركة خاصة تنفرد بها دون سائر النساء لأنها ستدعى والدة الإله. وأن اللعنة التي حلت بالعالم بسبب حواء الأولى سوف ترفع عن الجنس البشرى بسبب حواء الثانية لأن المولود منها قدوس وسوف تتبارك به جميع شعوب الأرض.اضطربت السيدة العذراء عندما رأت الملاك وخافت من هيبته ومن كلامه الغريب الذي تسمعه لأول مرة وهى غير مدركة ماذا يحدث.. فاستغربت وخاصة أنها كانت تحيا حياة عادية وسط بنات فقيرات من عشيرتها.. فكيف يدعوها الملاك "مباركة أنتِ في النساء" وهى أحقرهن وأقلهن!! فهدأ الملاك من روعها بقوله لها: "لا تخافي ولا تضطربي"، فدخل السرور في قلبها وتشجعت.ومضى بعد ذلك الملاك مسترسلًا الكلام معها قائلًا: "وها أنتِ ستَحبَلينَ وتلِدينَ ابنًا وتُسَمينَهُ يَسوعَ" (لو1: 31). وبهذا تمت نبوة إشعياء النبي القائلة: "ها العَذراءُ تحبَلُ وتلِدُ ابنًا وتدعو اسمَهُ عِمّانوئيلَ" (إش7: 14) واستكمل الملاك كلامه مع السيدة العذراء موضحًا لها مَنْ هو الذي سيولد منها قائلًا لها: "ويُعطيهِ الرَّبُّ الإلهُ كُرسيَّ داوُدَ أبيهِ" (لو1: 32). وكان ذلك إتمامًا للوعد الصادر لداود قديمًا والمذكور في المزمور القائل: "أقسَمَ الرَّبُّ لداوُدَ بالحَق لا يَرجِعُ عنهُ:"مِنْ ثَمَرَةِ بَطنِكَ أجعَلُ علَى كُرسيكَ" (مز131: 11).وكذلك ما ذكر في سفر صموئيل النبي حيث قال: "مَتَى كمُلَتْ أيّامُكَ واضطَجَعتَ مع آبائكَ، أُقيمُ بَعدَكَ نَسلكَ الذي يَخرُجُ مِنْ أحشائكَ وأُثَبتُ مَملكَتَهُ" (2صم7: 12) وأما عن قول الملاك: "ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد": فالمقصود به هو جميع الذين يؤمنون به أي أولاد إبراهيم بالإيمان وهو اليهود والأمم. وأما عن تخصيصه بيت يعقوب بالذات هو لأن بداية ملك المسيح سوف يكون من بيت يعقوب وهذا الملك لا انقضاء له لأنه روحاني وليس حسب التسلسل الجسدي الذي ينقضي بمرور الزمن، فالسيد المسيح يملك على المؤمنين بالنعمة وعلى القديسين في السماء بالمجد وذلك تحقيقًا لنبوءة دانيال النبي: "وفي أيّامِ هؤُلاءِ المُلوكِ، يُقيمُ إلهُ السماواتِ مَملكَةً لن تنقَرِضَ أبدًا، ومَلِكُها لا يُترَكُ لشَعبٍ آخَرَ، وتسحَقُ وتُفني كُلَّ هذِهِ المَمالِكِ، وهي تثبُتُ إلَى الأبدِ" (دا2: 44) تساءلت السيدة العذراء: "كيفَ يكونُ هذا وأنا لستُ أعرِفُ رَجُلًا؟" (لو1: 34). وهذا التساؤل كان طبيعيًا لأن مَن مِن البشر يعقل هذا الكلام ولأول مرة في تاريخ البشرية يسمع مثل هذا وهذه البشرى؟ ولمَنْ؟ لعذراء حقيرة لا تتوقع هذا.ولم يكن سؤالها هذا نابع عن شك في صحة الوعد كما فعل قبل ذلك زكريا ولم يصدق لذلك أخذ عقوبة أنه يبقى صامتًا حتى يرى بعينيه ما سوف يحدث.ولكن سؤالها كان بسبب أنها تريد معرفة الكيفية التي سوف يتم بها هذا الكلام وهنا أوضح لها الملاك كيف يتم ذلك بأنه: "الرّوحُ القُدُسُ يَحِلُّ علَيكِ، وقوَّةُ العَلي تُظَللُكِ". فحلول الروح القدس عليك سوف يطهرك ويقدسك من الخطية الجدية ثم يأخذ من جسمك جسدًا يتحد به ويخرج منك الإله المتحد بالجسد الإله المتجسد. ثم تحول الملاك بعد ذلك إلى المولود فكلمها عنه لكي تعرف قدر وشرف المولود "فلذلك المولود منك يدعى ابن الله" وكلمة قدوس تدل على لاهوت السيد المسيح وهى من الأدلة القاطعة على لاهوته.ولكي يؤكد الملاك بشارته للسيدة العذراء ذكر لها خبر حبل أليصابات نسيبتها وهى متقدمة في الأيام ليثبت لها أنه ليس شيء صعب وعسير عند الله فما كان من السيدة العذراء إلا أن قالت للملاك: "هوذا أنا أَمَةُ الرَّب. ليَكُنْ لي كقَوْلِكَ. فمَضَى مِنْ عِندِها المَلاكُ".أخيرًا اقتنعت السيدة العذراء بكلام الملاك وببشارته المفرحة فسلمت نفسها لإرادة الله بإيمان وليس بشك كما فعل زكريا فدل ذلك على منتهى التواضع الذي تعيش به السيدة العذراء وفى تلك اللحظة عندما أسلمت إرادتها لله قائلة: "هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك".. حملت السيدة العذراء بالسيد المسيح من الروح القدس عندما حل عليها وعندما نتأمل الخط الروحي الموجود في قراءات الأحد الثاني نجد أناجيل عشية وباكر تعلن الخلاص والسلام الذي سيحل على البشر بتجسد الابن الوحيد وفى الرسائل نجد إعلانًا واضحًا لإيمان السيدة العذراء وظهور السيد المسيح كما ظهر في العليقة.وفى إنجيل القداس نجد الملاك يزف هذه البشارة المفرحة للسيدة العذراء بل للبشر جميعًا ولسان حاله يقول: "افرحوا وتهللوا يا جنس البشر لأنه هكذا أحب الله العالم فأرسل ابنه الوحيد مولود من امرأة لكي يخلصكم من عبودية العدو"نسأل إلهنا الصالح أن يجعلنا مستحقين أن ننال وننعم بخلاصه الذي قدمه لنا بتجسده من السيدة العذراء ولإلهنا المجد في كنيسته المقدسة من الآن وإلى الأبد آمين.
الراهب القمص بطرس البراموسي

عدد الزيارات 485

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل